• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : آية التطهير خاصة بأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام .

آية التطهير خاصة بأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام

الإسم: *****

النص:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال الأول: قال الله تعالى:وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
سؤالنا في هذه الجزء: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
سمعنا ان العثمان أدخل هذه الجزء الى هذا الجزء في مصحفه حتى لا تُعلم الحقيقة: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَ
هل هذا القول صحيح و ما هو الدليل؟ هل هذه الآية كاملة مثل هذا؟ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا.
 
 
الموضوع العقدي: آية التطهير خاصة بأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام / الخلاف الشيعي ـــ الأشعري حول نزول آية التطهير / أدلة المخالفين حول نزول الآية في نساء النبي الأعظم صلى الله عليه وآله والإيراد عليها/ أدلتنا نحن الشيعة على استقلالية الآية عن غيرها من الآيات المحيطة بها / لا تعارض بين النزول الدفعي والتدريجي لآيات الكتاب الكريم / أسماء السور القرآنية توقيفية بأمر من النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وليس بأمر الصحابة المنافقين / لا ترابط بين الآيات ولا ترابط بين السور في الترتيب الحالي في المصحف / البسملة جزءٌ من كلّ سورة / في القرآن الكريم حروف زائدة دسها فيه أعمدة السقيفة لعنهم الله تعالى .
 
الجواب:
 
بسم اللهِ الرَّحمان الرَّحيم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
  يقوم سؤالكم الكريم حول آية التطهير هل هي آية مستقلة أو أنها جزءٌ آية من الآية 33 في سورة الأحزاب التي مطلعها: (وقَرْن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً....).
 والجواب هو التالي: آية التطهير ليست جزءاً من الآية 33 في سورة الأحزاب بل هي آية مستقلة عن غيرها مما تقدَّمها وتأخر عنها، نزل بها الروح الأمين على قلب سيِّد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله ودلت على استقلالها الأخبار الكثيرة التي تجاوزت حدَّ التواتر عشرات المرات بل بلغ رقم الأخبار الواردة بنزولها في أهل الكساء الخمسة مئة وخمساً وسبعين رواية أثبتها المفسر الفذ الحاكم الحسكاني في كتابه المرموق (شواهد التنزيل) وهذا الكم الهائل من الأخبار دليل واضح وساطع على نزولها في أهل البيت عليهم السلام فقط دون غيرهم من العالمين، بل هي آية مستقلة عن غيرها من الآيات المحتفَّة بها والحاكية عن نساء النبي الأعظم صلَّى الله عليه وآله وتقريعهنَّ بأفظع العبارات المخوِّفة بأليم العقاب في حال خرجن عن طاعتة نبيِّه الأعظم وآله الطاهرين سلام الله عليهم ... بدءاً من الآية 29 بقوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها...) وإنتهاءاً بقوله تعالى (واذكرن ما يُتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة...) وقوله تعالى بعدها (إن المسلمين والمسلمات..)، ونحن هنا في هذه العجالة سنقيم الأدلة على نزولها مستقلة عن غيرها وأنها خاصة بأهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم ...وفي المقابل سنستعرض الدعوى الأخرى للمخالفين القائلة بأن الآية جزءٌ من الآية المذكورة وأنها نزلت في أزواج النبي الأكرم صلَّى الله عليه وآله) ... .
  إذن : الخلاف بين المخالفين والشيعة الإماميَّة إنما يدور حول: هل إن الآية خاصة بأهل البيت عليهم السلام أم أنها تشمل نساء النبي؟
   العامة العمياء ذهبوا إلى أنها ليست خاصة بل هي عامة تشمل نساء النبي الأعظم واستدلوا على ذلك بدليلين هما التالي:
  الدليل الأول:
   دعوى المخالفين بوجود روايات تدل على أن الآية نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وآله ، ونقلوا روايات نقلها أربعة من الرواة هم: عبد الله بن عباس / عكرمة / عروة بن الزبير / مقاتل بن سلمان .
  أمَّا ابن عباس: فقد نقلوا عنه تارة عن طريق سعيد بن جبير وأخرى عن طريق عكرمة، قال السيوطي في الدر المنشور: "وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس عن قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس...) إنها نزلت في نساء النبي".
  وقال أيضاً: أخرج ابن مردويه عن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "نزلت في نساء النبي..."  .
  وأمَّا عكرمة: فقد نقل عن الطبري عن طريق علقمة وأن عكرمة كان ينادي في السوق "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس..." نزلت في نساء النبي ... .
  ونقل السيوطي في الدر المنشور قال: أخرج ابن جرير وابن مردويه عن عكرمة في قوله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) أنه قال: "ليس بالذي تذهبون إليه إنما هو نساء النبي..." .
  وأما عروة بن الزبير، فقد روى عنه السيوطي عن طريق ابن سعد عن عروة أنه قال: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس.... : نزلت في بيت عائشة" .
  وأما مقاتل بن سلمان، فقد نقل عنه في أسباب النزول نفس ما تقدم عن غيره ... هذا غاية ما استدل به المخالفون بالروايات ... .
  الإيراد على هذا الدليل بالوجوه التالية:
  (الوجه الأول): تحليل النقولات الواردة عن ابن عباس وعكرمة وابن الزبير ومقاتل.
 تحليل ما ورد عن ابن عباس:
  ما ورد عن ابن عباس قوله بأن الآية نزلت في نساء النبي غير ثابت صحة النقل عنه، لا لأن ابن عباس آية في الولاء والتقوى بل لأن هناك أخباراً تاريخية تشير إلى أن ابن عباس كان يعتقد بنزول الآية في أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم وهي أكثر اشتهاراً من تلك التي رواها سعيد بن جبير وعكرمة المعروف بتدليسه على ابن عباس وغيره من البيت الهاشمي، لذا يقتضى الحال أن نصرف ما نسبه إليه عكرمة إلى أمرين لا ثالث لهما: إمَّا أن تكون النسبة ملفقة ومكذوبة عليه؛ وإمَّا أن تكون قد صدرت منه تقية، وحيث إن التقية ليس ثمة ما يؤيدها بسبب عدم وجود ما يبرر وقوعه في التقية يومذاك، ذلك لأن عامة المسلمين ومنهم أعمدة السقيفة كانوا يعتقدون بنزول الآية في أهل الكساء الخمسة، فلا مبرر لموضوع التقية في حقه... فالأصل عدم صحة دعوى التقية، فيبقى الإحتمال الأول ــــ أي أن الكلامَ مدلس عليه ـــــ بقرينة ما ورد خلاف ذلك كما أشرنا أعلاه، ويؤيده ما نقله السيوطي في الدر المنثور قال: وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: شهدنا رسول الله تسعة أشهر يأتي كل يوم باب[ أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب عليه السلام عند وقت كل صلاة فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً..." .
  وليس السيوطي فريداً في هذا النقل، بل نقل ذلك أيضاً الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل بسند ينتهي إلى أبي صالح عن ابن عباس قال: إن قوله (إنما يريد الله) نزلت في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين، والرجس هو الشك.
  تحليل ما ورد عن عكرمة :
  إن ما تفرد به عكرمة لا يكون حجةً شرعية لا سيَّما أن عكرمة معروفٌ بالكذب والتدليس، ونصبه وعداوته لأمير المؤمنين علي وأهل بيته الطيبين الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين معروف لا حاجة لاستقصاء الآراء حوله وقد أفضنا في كتابنا (أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد) في بيان خبث عكرمة وكذبه.
   بالإضافة إلى أن نداءه في السوق بنزول آية التطهير في نساء النبي يدل على أن المسلمين عامة كانوا على دراية تامة بأن الآية نزلت في أهل البيت عليهم السلام فأراد عكرمة أن يصرفهم عن معرفتهم بذلك إلى ما يريده أعمدة السقيفة لعنهم الله تعالى... .
  تحليل ما ورد عن عروة بن الزبير:
  ويكفي في عدم حجية قوله عداؤه لأمير المؤمنين علي عليه السلام وانحرافه عنه، وها هو ابن أبي الحديد ينقل لنا عن جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال: شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران علياً عليه السلام فنالا منه، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهما السلام، فجاء حتى وقف عليهما فقال: أمّا أنت يا عروة فإن أبي حاكمَ أباك إلى الله، فحكم لأبي على أبيك، وأمّا أنت يا زهري فلو كنت بمكة لأريتك (كذا وكذا ...) .
  وقد روى من طرق كثيرة: أن عروة بن الزبير كان يقول: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله يزهو إلا عليٌّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد . ومعنى الزهو: التكبر والكذب(والعياذ بالله تعالى).
  وروى عاصم بن أبي عامر البجلي عن يحيى بن عروة قال: كان أبي إذا ذكر عليَّاً عليه السلام نال منه، وقال لي مرة: يا بني والله ما أحجم الناس عنه إلا طلباً للدنيا، لقد بعث إليه أسامة بن زيد أن أبعث إليَّ بعطائي فوالله إنك لتعلم أنك لو كنت في فم أسد لدخلت معك، فكتب إليه: إن هذا المال لمن جاهد عليه ولكن لي مالاً بالمدينة فأصب منه ما شئت . قال يحيى: فكنت أعجب من وصفه إياه بما وصفه به ومِن عيبه له وانحرافه عنه .
  تحليل ما ورد عن مقاتل بن سلمان:
  هو رابع النقلة لنزول الآية في نساء النبي صلى الله عليه وآله ويكفي في عدم حجية قوله ما نقله الذهبي في حقه في سير أعلام النبلاء قال: قال عينية قلت لمقاتل: زعموا أنك لم تسمع من الضحاك؟ قال: يغلق عليّ وعليه باب، فقلت في نفسي: أجل باب المدينة .
وقيل إنه قال: سلوني عما دون العرش، فقالوا له: أين امعاء النملة؟ فسكت، وسألوه لمّا حجّ آدم من حلق رأسه؟ فقال: لا أدري . قال وكيع: مقاتل كان كذاباً .
  وعن أبي حنيفة قال: أتانا من المشرق رأيان خبيثان: جهم معطل، ومقاتل مشبّه ... وقال البخاري: مقاتل لا شيء البتة، قلت: أجمعوا على تركه .
  الحاصل: لقد أجمع المتكلمون من الاشاعرة والمعتزلة على أن القول بالتشبيه إنما تسرب إلى الأوساط الإسلامية من مقاتل، فهو الزعيم الركن بالقول في أن لله تعالى سبحانه أعضاءً مثل ما للإنسان من اليد والرجل والوجه وغير ذلك، وقال الذهبي في ميزان الإعتدال ج4 ص172-175 ما هذا ملخصه: "قال النسائي: كان مقاتل يكذب، وعن يحيى: حديثه ليس بشيء، وقال الجوزجاني: كان دجالاً جسوراً، وقال ابن حيان: كان يأخذ من اليهود والنصارى ومن علم القرآن الذي يوافق كتبهم، وكان يشبه الربّ بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث ... إلخ من الكلمات القادحة بمقاتل ومَنْ سبقه كعروة وعكرمة...! فكيف يجوز والحال هذه الإعتماد على نقولاتهم مع ما كانوا عليه من الكذب والإفتراء ! فليحكم العقلاء بإنصاف وإلا فعليهم لعنة الله..!.
  (الوجه الثاني): لو   افترضنا ـــ وفرض المحال ليس محالاً ــــ أنهم ثقات إلا أن نقولاتهم لا تعدو كونها أخبارَ آحادٍ شاذة تعارضها أخبارٌ كثيرة فاقت التواتر بعشرات المرات، ولا يجوز في حال تعارضت الأخبارُ الشاذة مع الأخبار المتعارضة تقديمُ الشاذة على المتواترة وهو موضع وفاق بين علماء الرجال من الشيعة والأشاعرة والمعتزلة .
  (الوجه الثالث): لا يجوز لنا شرعاً وعقلاً تقديم أخبار رواها أفرادٌ كانوا معروفين بالنصب والعداوة لأهل البيت عليهم السلام على الأخبار القطعية الصدور التي رواها المخالفون والشيعة معاً وتسالمت على انحصار نزول آية التطهير بأهل الكساء الخمسة، وقد نهى الله تعالى عن الأخذ بأخبار المسلمين الفاسقين فضلاً عن النواصب المارقين ... قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات6.
 فقد كشفت الآية الشريفة عن أن الفاسقين يتعمدون الكذب على الله وعلى المؤمنين فلا يجوز تصديقهم فيما رووه إلا بعد التبيّن والفحص عن أحوالهم وعما قالوا ...قال تعالى (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ) النساء46، وقال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ) يونس59.
  (الوجه الرابع): إن دعوى اختصاص الآية في نساء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله تخالف دلالة الآية على عصمة وطهارة المخاطبين بها وأنهم في أعلى مراتب الطهارة والقداسة لا سيّما بخطابه لهم بأنه عزَّ وجلَّ أذهب عنهم الرجس أي دفعه من أصله لا أنه كان موجوداً فيهم ثم رفعه ...فالآية في مقام بيان دفع الرجس عن ساحتهم لا الرفع المستلزم لوجوده فيهم(حاشاهم)، وكذلك قوله تعالى (ويطهركم تطهيراً) الدال على الطهارة المطلقة التي تعني العصمة المطلقة ... وأين هذا من نساء النبي محمد صلى الله عليه وآله ؟! إلى غير ذلك من النكات العلمية المستكشفة من الآية بحيث نقطع باختصاصها بأهل البيت وهم عترة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله لا سواهم كما سوف نبيّن لاحقاً ... وبهذا يتضح أن الآية لا تقصد بالطهارة المطلقة نساء النبي بل المقصود بها هم العترة الطاهرة سلام الله عليها، وهل سلم بعض نساء النبي من المحرمات والمخالفات القطعية التي ارتكبنها مع النبي  وأهل بيته الطاهرين.؟! بل لم تسلم مارية القبطية من قذف عائشة لها حتى نزلت آيات في تبرأة مارية من الفاحشة التي ألصقتها عائشة بها... ثم جيَّر أعمدة السقيفة آيات الإفك إلى صالح عائشة بنت عتيق بن أبي قحافة ليثبتوا طهارتها من الإفك(وهو الفاحشة) بصرفهم الفاحشة عنها وأن الله تعالى قد طهرها منه...وما دفاع الخط البتري في الوسط الشيعي عن عائشة دون مارية القبطية إلا محاولة تلميع صورة عائشة على حساب مارية القبطية سلام الله عليها...وما ذلك التلميع إلا لأنهم من طينتها والداعين إلى طهارتها دون طهارة غيرها من نساء النبي الأعظم صلى الله عليه وآله..ونحن نتحداهم بأن يتعرضوا لعائشة التي قذفت سيدتنا مارية القبطية سلام الله عليها مع قيام النصوص القطعية المفسرة لآيات الإفك بطهارة مارية وخبث التي قذفتها...وينبري اليوم ثلة من العمائم البترية الشيعية بتفسيق كلّ عالم شيعي يعتقد بفاحشة عائشة ولم ينبروا بتفسيق عائشة التي دلت نصوصنا القطعية على كفرها لمَّا حاربت أمير المؤمنين عليَّاً سلام الله عليه في حرب الجمل...كما لم ينبروا بتفسيقها لمَّا قذفت مارية بالفجور وأنها أنجبت إبراهيم من الفاحشة...بل كذبوا على الله ورسوله وأهل بيته سلام الله عليهم لما برأوا عائشة من كل عيب وحرفوا الأخبار الكاشفة عن خبث عائشة بقذفها لمارية بالفاحشة..ومنهم من أنكر تلكم الأخبار القطعية النازلة ببراءة مارية (والإنكار والتحريف هو الكفر بعينه)...لا لشيء سوى حبهم لعائشة ولكنهم يموهون بالكذب على العوام بأنهم غيارى على عرض النبي الأعظم، وإن كانوا صادقين بدعواهم فلماذا لا يغارون على مارية القبطية المقذوفة من عائشة ـــ لا من سواها ـــ بإجماع النصوص عند الشيعة الإمامية...وليظهروا للملأ بأن القاذفة هي عائشة كما دلت على ذلك النصوص القطعية الصدور... أليست مارية من أزواج النبي الأعظم صلى الله عليه وآله..؟! أم أن باء عائشة تجر وباء غيرها لا تجر..؟! نعم إنهم لا يبرؤون مارية المقذوفة من قبل عائشة لأنهم بتريون يحبون عائشة دون سواها، قاتلهم الله أنى يؤفكون...وقد فندنا دعاويهم في كتابنا(خيانة عائشة بين الإستحالة والواقع) وهو كتاب لم يسبقه سابق ولن يلحقه لاحق في أدلته الدامغة حول خيانة عائشة وهو لم يرق ذلك لدعاة عائشة من بترية الشيعة في لبنان فاقتحموا دارنا في الأيام الفاطمية(على صاحبها آلاف السلام والتحية) واغتصبوا كتابنا المذكور وروعوا عيالنا وهددونا بالويل والثبور وعظائم الأمور ولكن الله غالب على أمره ولن يثنينا تهديدهم أبداً لأننا على الحق سائرون وسنموت من أجله، ولنا أُسوة بسيدة نساء العالمين مولاتنا فاطمة عليها السلام التي اقتحم دارها عمر وهددها وعيالها بالموت وعظائم الأمور لعصيانها له ومجابهتها لباطله..وسأقف مع مولاتي المعظمة سيّدة نساء العالمين روحي فداها في صفها لتأخذ لي بظلامتي ممن ظلمني من اعدائها المحبين لعائشة، وهناك سيرون أنهم من أتباع عمر وعائشة...وسيحشرون معهما وأمَّا العبد الفقير فسيحشر مع المظلومة المضطهدة وشيعتها معها في جنة الخلود... وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين.
  الدليل الثاني:
  من الأدلة التي اعتمدها المخالفون لإثبات دعواهم على نزولها في نساء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله هو السياق ... أي أن وجود آية التطهير ضمن سياق الآيات الحاكية عن نساء النبي الأعظم صلى الله عليه وآله مما يستلزم كونها خاصة بهنَّ دون سواهنَّ ... لأن الآيات المتقدمة والمتأخرة عن آية التطهير راجعة إلى موضوع واحد وإرجاعها إلى غير نسائه يستلزم التفكيك بين أجزاء آية واحدة لأن آية التطهير جزء من الآية 33 من سورة الأحزاب !.
إيرادنا على هذا المدَّعى بالوجوه الآتية:
  (الوجه الأول): إن آية التطهير ليست جزءاً من الآية 33 بل هي آية مستقلة وقعت في ثنايا الآية المربوطة بأزواج النبي كما سوف نبيّن في الأدلة على استقلالها ....
  (الوجه الثاني): السياق إنما يكون حجةً شرعيةً فيما لوكان كاشفاً عن المراد بحيث يجعل صدر الكلام ووسطه وذيله قرينة واضحة على المراد ووسيلة لتعيين ما أُريد منه، فلو قام دليل أقوى على خلافه نرفع حينئذٍ اليد عن وحدة السياق ، وحيث إن هناك قرائن قطعية قوية دلت على أن آية التطهير لا تشمل نساء النبي الأعظم فلا يجوز ــــ والحال هذه ــــ إلصاق الآية بنساء النبيِّ الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وإخراجه وعترته الطاهرة من دائرة التطهير ....
  وبعبارة أخرى: إن الاعتماد على السياق إنما يتم لو لم يكن هناك نصٌّ على خلافه، وقد دلت النصوص التي فاقت التواتر بعشرات المرات على أن آية التطهير هي خاصة بالنبيِّ الأعظم صلى الله عليه وآله وعترته الطاهرة سلام الله عليهم ... .
  (الوجه الثالث): إن دعوى وحدة السياق لو تمت لما كانت أكثر من كونها اجتهاداً في مقابل النص، ذلك لأن النصوص التي فسّرت أهل البيت بالعترة الطاهرة تفوق التواتر بعشرات المرات ــــ كما أشرنا أعلاه ــــ وهي كافية برفع اليد عن كلِّ اجتهادٍ جاء على خلافها ... على أن وحدة السياق في نفسها غير تامة وذلك لما ذكرناه سابقاً إن من شرائط التمسك بوحدة السياق أنْ يعلم وحدة الكلام ليكون بعضه قرينة على المراد من البعض الآخر، ومع احتمال التعدد في الكلام لا مجال للتمسك بها بأي حالٍ من الأحوال ... وآيات الكتاب العزيز أيضاً كذلك لا يصح التمسك بها بوحدة السياق ليكون بعضها قرينة على المراد من البعض الآخر إلا بعد إثبات نزولها دفعةً واحدة وفي مناسبة واحدة؛ ومن الواضح أن نظم الآيات في القرآن الكريم لم يكن على أساس من التسلسل الزمني، فربَّ آية مدينة وضعت بين آيات مكية وبالعكس، فضلاً عن إثبات أن الآيات المتسلسلة كان نزولها دفعةً واحدة ... وعلى هذا الأساس لا يمكن قبول دعوى أن آية التطهير خاصة بنساء النبي لوقوعها ضمن الآيات النازلة في نسائه، إذ لا ملازمة بين وقوعها ضمن آيات نساء النبي وبين أن تكون خاصة بهن، ومن العسير جداً إثبات وحدة النزول لهذه الآيات الكريمة ومن ضمنها آية التطهير ... بل النصوص الكثيرة كافية لنفي هذا الاحتمال وهي صريحة بنزول آية التطهير مستقلةً عمَّا سبقها ولحقها من الآيات .
  (الوجه الرابع): إن تذكير الضمائر الواردة في آية التطهير مع الضمائر في بقية الآيات المرتبطة بآية التطهير مؤنثة ... وهذا يخل بوحدة السياق .... .
  (الوجه الخامس): إن اختلاف لحن الخطاب في آية التطهير عن المقطع المرتبط بأهل البيت عليهم السلام، يستلزم كون الآية مستقلة عن غيرها من الآيات المتقدمة والمتأخرة عنها، فإن المقاطع الأولى تصرح بأن بلوغ نساء النبي لمرتبة الأجر المضاعف أو نيل العقوبة كذلك منوط بهنّ وبإرادتهنّ الخاصة كقوله تعالى: (إن كنتن تردن الحياة الدنيا ..... وإنْ كنتن تردن الله ورسوله .... مَنْ يأتِ منكن بفاحشة ...) يختلف بطبيعته عن المقطع الخاص بأهل البيت عليهم السلام فإنه يحكي تعلق الإرادة الإلهية (لا إرادتهنَّ) بإذهاب الرجس وتطهيرهم تطهيراً عظيماً.
وكيف يمكن لإرادة الله تعالى المحتومة أن تتعلق بنزاهة أزواج النبي وطهارتهن من الخبائث والأرجاس، والآيات السابقة يلوح منها احتمال انصرافهنّ إلى الدنيا وسقوطهنّ في حبائلها وزينتها؟! ومن الواضح عدم انسجامه مع الإرادة الحتمية بالطهارة المطلقة ... كلُّ هذا يقرّب ما قلنا من أن آية التطهير منفردة في النزول والموضوع، بل لو ثبت نزولها مع الآيات الأخرى فإنها تختلف عنها في شأن النزول، إذ إن وحدة السياق تقتضي الإتحاد في نوع الضمائر، ومقتضى التسلسل الطبيعي أن تكون الآية جارية على نسق وحدة السياق هكذا: "إنما يريد الله ليذهب عنكنّ الرجس أهل البيت ويطهركنّ تطهيراً" لا عنكم ولا تطهيركم .... وقد استفضنا بالبحث حول آية التطهير في كتابنا أبهى المداد ج1 ص 606 فليراجع .
  الأدلة على استقلال آية التطهير وأنها خاصة بالعترة الطاهرة عليهم السلام .
  ثمة أدلة قاطعة تثبت أن آية التطهير آية مستقلة نزلت كذلك أي نزلت مستقلة عن غيرها ثم وضعت في ثنايا الآية المربوطة بأزواج النبي صلى الله عليه وآله، وإليكم تلك الأدلة الدالة على استقلالها :
  (الدليل الأول): أطبقت الروايات من الطرفين (شيعة وأشاعرة) على أن آية التطهير نزلت مستقلة، سواء أقلنا بنزولها في حق العترة الطاهرة أو نزولها في أزواج النبي صلى الله عليه وآله ... فالكل ــــ مع قطع النظر عن الاختلاف في المنزول فيه ــــ اتفقوا على نزولها مستقلة عن الآيات المرتبطة بأزواج النبي، وقد أكدت الروايات بشأن هذا الأمر كما في المصادر الحديثية والتفسيرية حول آية التطهير بأن الآية نزلت في بيت أم سلمة وأرادت الدخول تحت الكساء فمنعها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ... مما يدل على خروج نساء النبي من موضوع الآية وأن أزواجه لسن من أهل البيت المقصودين في الآية المباركة.
  وبالجملة: إن السياق في الآيات المحيطة بآية التطهير مخالف لسياق آية التطهير، فتأمل .
  (الدليل الثاني): إن لسان الآيات الواردة حول نساء النبي الأعظم صلى الله عليه وآله هو لسان الإنذار والتهديد، ولسان الآية المربوطة بأهل بيته هو لسان المدح والثناء، فجعل الآيتين آيةً واحدةً وإرجاع الجميع إليهنَّ مما لا يقبله الذوق الأدبي السليم، فأين قوله تعالى (يا نساء النبي مَنْ يأتِ منكنّ بفاحشةٍ مبيّنة يضاعف لها العذاب) من قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) .
  بالإضافة إلى أن الإرادة في إذهاب الرجس عن أهل البيت عليهم السلام تكوينية في آية التطهير بخلاف الإرادة في بقية الآيات المحيطة بها فإنها تشريعية، وثمة فرق واضح بين الإرادتين يفهمه أهل الإختصاص.
  (الدليل الثالث): مما يدل على استقلال آية التطهير هو أن الآية في المصاحف جزء من الآية الثالثة والثلاثين، فلو رفعناها منها لم يتطرق أيُّ خلل في نظم الآية ومضمونها، ويتحصل من ضمّ الآية الرابعة والثلاثين (واذكرن ما يُتلى في بيوتكن ...) إلى بقية الآيات عدا آية التطهير...آية تامة واضحة المضمون، واضحة المرمى منسجمة الفاصلة مع فواصل الآيات المتقدمة عليها... فإذا رفعنا آية التطهير من بين الآيات المتقدمة عليها والمتأخرة عنها جاءت الآيات الآنفة الذكر تامة من دون حدوث خلل في المعنى والنظم، وهذا دليل على أن قوله تعالى "إنما يريد الله" آية مستقلة بذاتها لا علاقة لها بما تقدم عليها وما تأخر ... وحتى على فرض أن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله هو الآمر بوضعها في مكانها الحالي( وهو فرض غير صحيح) فتبقى الآية مستقلة عن بقية الآيات ولا علاقة لأزواج النبيِّ محمد صلى الله عليه وآله بها على الإطلاق لأن موضوعها هو الطهارة المطلقة للعترة الطاهرة، وأين هذا من أزواج النبي محمد صلى الله عليه وآله اللاتي صدر من بعضهن الكفر والفسوق والعصيان للنبي والوليّ عليهما السلام بالإجماع والنصوص القطعية من الطرفين...! .
  إشكال وحل:
  إذا كانت آية التطهير آية مستقلة، فلماذا جاءت في المصحف جزءٌ من الآية 33 من سورة الأحزاب ولم تكتب بصورة آية تامة في جنب الآيات الأخرى؟
  حلُّ الإشكالِ:
  مجيئها جزءُ آية من الآيات المتقدمة عليها والمتأخرة عنها دليل على وجود تحريف في وضع الآيات في المصحف على عهد أعمدة السقيفة الثلاثة لا سيَّما في عهد أبي بكر... حيث بدَّلوا أمكنة الآيات التي كانت في مكانها الأصلي إلى أماكن أخرى من المصحف ... من هنا عندما جاءهم أمير المؤمنين عليه السلام بالمصحف الذي جمعه بحسب ترتيب نزوله ردوه به قائلين له "لا حاجة لنا بقرآنك فعندنا قرآننا" ... وبتعبير الظالم الأكبر والمحرّف الأعظم محيي السقيفة عمر قال: "يا علي أردده فلا حاجة لنا فيه" فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام وانصرف القوم ... وها هو نصُّ بحار الأنوار نقلاً عن الإحتجاج عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال:"  لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم كما قد أوصاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله . فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم ، فوثب عمر وقال : يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه ، فأخذه علي عليه السلام وانصرف ثم أحضروا زيد بن ثابت وكان قاريا للقرآن ، فقال له عمر : إن عليا جاءنا بالقرآن ، وفيه فضائح المهاجرين والأنصار : وقد رأينا أن نؤلف القرآن ونسقط منه ما كان فيه فضيحة وهتك للمهاجرين والأنصار ، فأجابه زيد إلى ذلك ثم قال : فإنْ أنا فرغت من القرآن على ما سألتم وأظهر علي القرآن الذي ألفه أليس قد بطل ما قد عملتم ؟ قال عمر : فما الحيلة ؟ قال زيد أنتم أعلم بالحيلة ، فقال عمر : ما حيلة دون أن نقتله ونستريح منه ، فدبر في قتله على يد خالد بن الوليد ، فلم يقدر على ذلك وقد مضى شرح ذلك فلما استخلف عمر سأل عليا عليه السلام أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم ، فقال : يا أبا الحسن إن جئت بالقرآن الذي كنت جئت به إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه ، فقال علي عليه السلام : هيهات ليس إلى ذلك سبيل إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ولا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا ما جئتنا به ، إن القرآن الذي عندي لا يمسه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي ، فقال عمر : فهل وقت لا ظهاره معلوم ؟ قال علي عليه السلام : نعم إذا أقام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة عليه". البحار ج89 ص42 .
  ونحن نعتقد ــ طبقاً للأدلة والبراهين ـــ بأن آية التطهير قد وضعت في ضمن آيات أزواج النبي الأعظم لغاية لئيمة تستهدف طمس معالم أهل البيت عليهم السلام وحطهم عن مقاماتهم المقدسة وجعل غيرهم أفضل منهم ... هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى رفع مقام عائشة على سيدة نساء العالمين سلام الله عليها ...وأنَّى للظُلمة أن تُقاسَ بالنور والعظمة....! وأنى للجهل أن يُقاس بالعلم والفضيلة...!
وآية التطهير نظير آية الإكمال وآية البلاغ دسَّها أعداء آل محمد ضمن آيتي تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وحليتها عند الاضطرار ... ومحاولة بعض علماء الشيعة البتريين الوحدويين تبرير وضع الآيات الخاصة بأهل البيت كآية التطهير والولاية والبلاغ ضمن غيرها من الآيات المخالفة لها من ناحية السياق والقرائن الدالة على عدم صحة كونها في موضعها الحالي، هي محاولة موبوءة تصب في خانة مدرسة السقيفة من ناحية، ومن ناحيةٍ أُخرى تعارض الروايات الكاشفة عن أن أعمدة السقيفة حرّفوا مواضع الآيات عن مسارها الصحيح ورفضهم للقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين سلام الله عليه...! فمحاولة بعض علماء الشيعة تبرير الوضع الحالي للآيات تحت ذريعة إن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله هو من صنع ذلك.... ليست سوى محاولة ترقيعية تريد أن ترفع من قدر أعمدة السقيفة وما جاؤوا به من منكرات تستلزم الكفر والزندقة ... والله من وراء القصد وهو الموفق للسداد والصواب ... والسلام عليكم .
 
السؤال الثاني: در تواريخ آمده است که حضرت رسول صلي الله عليه و اله در روز بيست و هفتم ماه رجب مبعوث شدند و اولين آيات قرآن در آن روز نازل شده، همچنين در سوره ي قدر خداوند مي فرمايد: (انا انزلناه في ليله القدر) که گفته شده دلالت بر نزول تمام قرآن در ماه رمضان و شب قدر دارد و نيز مسلم است که آيات قرآن در طي بيست و سه سال رسالت حضرت رسول صلي الله عليه و آله بر حضرتش نازل مي شد، پرسش اين است که بر اساس اين قرائن و دلايل قرآن دو بار نازل شده، يک بار تماماً و بار�ر ديگر تدريجاً يا با روش ديگري مي توان توجيه کرد؟
 
بسمه جلَّ جلاله
ما فهمناه من سؤالكم بالفارسية هو التالي: ورد في التاريخ بأن حضرة النبيّ محمد صلى الله عليه وآله قد بعثه الله تعالى في اليوم السابع والعشرين من رجب، وأول الآيات التي نزلت عليه هي سورة القدر، ما يدل على أن القرآن الكريم نزل دفعة واحدة على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وعلى وجه التحديد في ليلة القدر من شهر رمضان مع أنه من المسلَّم به بين المسلمين أن القرآن الكريم نزل في طي ثلاث وعشرين سنة وهي فترة نزول القرآن عليه صلوات الله عليه، وهذا يعني أن القرآن نزل على دفعتين، الأولى دفعية والأخرى تدريجية، فكيف نوجه هذين النزولين ؟
 
الجواب: بسمه تعالى
     الجمع بين النزول الدفعي والنزول التدريجي إنَّما هو على قاعدة" البيان التفصيلي بعد البيان الدفعي" أو" التفصيل بعد الإجمال"، وقد أجبنا على سؤالكم الكريم ورد من جهتكم سابقاً، نزيد عليه بالتالي:
     إن القرآن الكريم نزل دفعةً واحدة على قلب النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله في ليلة القدر قبل البعثة من دون واسطة الملاك جبرائيل عليه السلام وهو ما نسميه بالنزول اللدني أو العلم اللدني الحضوري(فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً) فإذا جاز في الحكمة الإلهية أن يرزق الخضر عليه السلام علماً لدنياً وهو أدنى بالمرتبة من نبيّه الأعظم محمد صلى الله عليه وآله جاز أن يرزق ذلك العلم اللدني لأعظم خلق الله وأشرفهم أعني النبيَّ وآله المطهرين سلام الله عليهم بطريق أولى... وهكذا علمٌ موهوبيٌّ لا يُعطى لمستحقه إلَّا تشريفاً وتعظيماً لهؤلاء المطهرين سلام الله عليهم أجمعين...والحكمة من النزول الدفعي على قلب النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله هو بيان إبراز عظمته عند الله تعالى وتشريفه على الملائكة الموكَّلين بالتقديرات التكوينية والتشريعية، وذلك لأنه أفضل منهم وأنه علم بالكتاب قبل علم جبرائيل به( فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ).
 بالإضافة إلى أن نزوله الدفعي على قلب النبيّ صلى الله عليه وآله حتى لا يكون جبرائيل أعلم من النبي وآله، والنزول الدفعي هو تفضيل معرفي للخواص بخلاف النزول التدريجي فإنه تشريف للعوام....والحكمة من النزول التدريجي بواسطة الملاك جبرائيل مردّه أمران:
الأول: إن النزول التدريجي لأجل دفع توهم المنافقين والمشركين بأن القرآن جاء به النبي من عند نفسه، فكان نزوله على قلبه تدريجاً لكشف زيفهم وكفرهم لا سيّما الآيات التي كشفت عن الغيب المستور عنهم وما ستروه عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، فكان نزولها التدريجي دلالةً قطعية على أنه من عند الله تعالى وليس من عند النبي الأكرم صلى الله عليه وآله .
الثاني: إن النزول التدريجي لأجل ارتباط الآيات بأسباب نزولها والوقائع الخاصة بها، فإن لكلِّ آية مورداً خاصاً بنزولها في واقعة معيَّنة أو لتشريع أمرٍ ما، ولا يصح الإنزال التدريجي قبل حصول الواقعة، ذلك لأن الغاية من النزول التدريجي هو بيان التشريع، وإنْ كان بعضُ الآيات نزلت في غير مقام التشريع كالآيات المتعلقة بسيرة الأُمم الماضية والآيات الكاشفة عن نصر المؤمنين على الكافرين كما في سورة الروم والفتح... ومع كل هذا فقد قام عمر بتكذيب النبي محمد صلى الله عليه وآله قبل فتح مكة قائلاً له:"فلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذن ؟! ثم قال : أوليس كنتَ تحدثنا إنَّا سنأتي البيت ونطوف به ؟.!" فأجابه النبيُّ الكريم صلى الله عليه وآله فإنك آتيه ومطوِّفٌ به..."...وهكذا  كان حال الأنبياء السابقين على نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وآله حيث كانوا يبينون الأحكام النازلة عليهم بالوحي بعد حصول الحادثة لا قبلها....
 والحاصل: إن النزول الدفعي تكرمة من الله تعالى لنبيّه الأكرم صلى الله عليه وآله وهو من علم الغيب الذي أعطاه الله تعالى لخاصة عبيده وهو لا يتعارض مع النزول التدريجي الكاشف عن العلم المخزون الذي نزل على قلب النبي المبارك دفعةً واحدةً وهو ما أكدته الآيات الكاشفة عن النزول الدفعي والتدريجي، وهي آيات تنبع من العصمة والحكمة ولا تعارض في كلام الله تعالى، فكما أن الله تعالى يعلم بالحوادث قبل حدوثها فما المانع في أن يخبرها لنبيّه الكريم في آيات كريمة دفعة واحدة ما دامت في نطاق علم الغيب الذي أخبر به الله تعالى نبيَّه الأعظم وآله الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين...!؟ والسلام عليكم. 
 
السؤال الثالث: هل أنّ أسماء السور القرآنيّة اجتهاديّة أم توقيفيّة ؟ ومَن الذي وضع أسماء السور القرآنيّة في المصحف الذي بين الدفّتين ؟
 
بسمه تعالى
 الجواب عن السؤال الثالث:
     المشهور شهرة عظيمة وكادت تكون مجمعاً عليها أن أسماء السور القرآنية توقيفية أي أن الواضع لها هو النبيُّ الأعظم صلَّى الله عليه وآله وليست اجتهادية من قبل أعمدة السقيفة لعنهم الله تعالى ... ولم نجد رواية صريحة في أخبارنا تدل على التوقيف بمعنى أنه لم نعثر على نصٍّ يدل بصراحة على أن النبي قال لهم: ضعوا الآية الفلانية في السورة الفلانية ... نعم ثمة روايات متعددة تشير بالملازمة العقلية والشرعية والعرفية بأن الواضع لها هو النبيُّ من خلال أمره بقراءة سورة الفاتحة أو البقرة أو غيرها من السور كما دلت عليه أخبارنا الشريفة عن الأئمة الطاهرين سلام الله عليهم ناقلين تارةً عن جدهم أمير المؤمنين سلام الله عليه ناقلاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وتارة ناقلين عنه مباشرةً، وقد طفح كتاب ثواب الأعمال للصدوق ما أشرنا إليه ... وهذا يستلزم بالملازمة الشرعية والعقلية أن أسماء السور كان بفعل تسمية النبي لكلِّ سورة باسمها الخاص بها، وهو دليل قطعيٌّ على توقيفية السور وأنها بأمر من النبي الأعظم صلى الله عليه وآله،  ومما يدل أيضاً على توقيفية السور هو ثلاثة أمور :
  الأول: إن التوقيف مطابق لحفظ القرآن من الاندثار لأن حفظ آياته إنَّما يكون تبعاً لحفظ سوره، فلا انفكاك بين حفظ الآيات وبين التسمية للسورة التي تجمع الآيات فيها ... .
  الثاني: سيرة الأئمة الطاهرين عليهم السلام منذ عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى نهاية الغيبة الصغرى لإمامنا المعظم الحجَّة عليه السلام شاهدة على توقيفية السور وذلك لما ورد عنهم الأمر بحفظ سوره مع تسميتهم لكل سورة باسمها الخاص ... ومن البعيد جداً أن يأمروا بحفظ السورة متفرقة أو مجموعةً من دون أن تكون باسمٍ خاص لها ... فإن ذلك يؤدي إلى عدم تمييز كلّ سورة عن غيرها ... فالتسمية تستلزم تعيين كل سورة باسمها الخاص بها ... كما أنه من البعيد جداً أن يهمل النبي الأعظم (وحاشاه من الإهمال) ذكر أسماء السور المعيّنة للآيات، بل العكس هو الصحيح حيث كان يأمر بوضع كل آية في السورة الفلانية المعروفة باسمها... كما أنه من البعيد بل المستحيل أن يتعبدنا الله بتعيين الصحابة بشكل عام لأسماء السور لا سيَّما المنافقين منهم حيث انقلبوا على النبي وأهل بيته المطهرين سلام الله عليهم أجمعين وحرَّفوا أحكامه والتشريعات التي نزل بها الوحي على قلب نبيه الكريم ... فدعوى اجتهادية أسماء السور من قبل جهات غير معصومة تستلزم عدم إكمال الدين من كلِّ الجهات ...! بل يبقى الدين ناقصاً بنقصان التسمية لسور القرآن الكريم.
  الثالث: سيرة المسلمين جميعاً القائمة على أن لكلِّ سورة اسمٍ خاص بها منذ عصر النص، وهي سيرة متصلة بسيرة المعصومين المطهرين عليهم السلام الكاشفين عن توقيفية السور... فهم سلام الله عليهم لا ينقلون عن الصحابة المنافقين ولا أنهم يشرّعون البدع التي استحدثها المنافقون من الصحابة كأعمدة السقيفة ... بل إن أئمتنا الطاهرين عليهم السلام لا ينقلون إلا عن جدهم رسول الله عن الله تعالى ذكره ... وقلنا سابقاً أنه من البعيد المستحيل أن يشرّعوا بدعاً استحدثها المنافقون عليهم اللعنة الأبدية ... .
  الرابع: عند الشكّ في  دوران الأمر بين الاجتهاد والتوقيف لا بدَّ من البناء على الأصل وهو التوقيف(أي الأصل هو البناء على توقيفية السور بإذن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله) باعتبار أن تعيين أسماء السور من مصاديق حفظ القرآن من الاندثار، فيجب على صاحب الشريعة أن لا يتركه هملاً (وحاشاه من الإهمال) لأنه خلاف العصمة والحكمة والتبليغ المأمور به ( بلِّغ ما أُنزل إليك من ربّك..) .
  ونعني بالأصل أصالة الحفاظ على القرآن بكلِّ مصاديقه وشؤونه ومن أهمها حفظ آياته بتعيين أسماء سوره ... ويترتب على هذا الأصل أصالة التعيين أي تعيين توقيفية أسماء السور باعتبارها أصلاً وجودياً بخلاف نظرية الاجتهاد فإنها عدمية ولا يصح تقديم العدم على الوجود ... . والله هو الموفق للصواب، والسلام.
 
السؤال الرابع: هل هناك علاقة بين آيات السورة القرآنيّة الواحدة؟ وهل هناك علاقة بين سور القرآن المختلفة، بأن تكون كلّ سورة سابقة ذات علاقة مع السورة اللاحقة بحسب الترتيب الموجود في المصحف؟ 
 
الجواب: تقدم منا الجواب على هذا السؤال في جوابنا على السؤال الأول، بالإضافة إلى ذلك ليس ثمة علاقة بين السورة السابقة واللاحقة لها، ذلك لأن الترتيب الحالي في المصحف الحالي ليس مرتباً بحسب النزول، بل وحتى على الترتيب الواقعي ليس هناك ملازمة بين السورة السابقة واللاحقة إلا بحسب الترتيب المكي والمدني فإن المكي مقدم على المدني، وهناك سور متقدمة على غيرها وهو أمر لا يمكن التغافل عنه، ولكن لا ملازمة بين آيات السورة الواحدة إلا بشكل ضئيل دلت القرائن الأخبارية عليه وليس السياق كما توهم المخالفون. 
 
السؤال الخامس: هل البسملة آية قرآنية؟ وهل تقرأ البسملة بعد سورة الفاتحة بنية هذه سورة -� �ثلا سورة الإخلاص- ؟
 
الجواب: دلت الأخبار القطعية عندنا نحن الشيعة على أن البسملة جزء من كلِّ سورة، وإذا قُرأت السورة بعد الفاتحة من دون بسملة عمداً بطلت الصلاة.
 
السؤال السادس: هل يوجد في القرآن والسنّة كلمات وحروف زائدة؟
 
الجواب: ليس في القرآن الكريم كلمات زائدة، نعم هناك حروف زائدة في القرآن الكريم والمنكر مكابر لا يفهم شيئاً من آداب اللغة العربية وعلوم القرآن، وقد أحصى العلامة محمد هادي معرفة في الجزء الأول من كتابه" التمهيد في علوم القرآن" تسعة آلاف وستمائة وتسع وستين مخالفة في رسم الخط، وقد وافق في إحصائه المتقدم ما أحصاه أعلام المخالفين كالزركشي في البرهان ج1 ص380 ــــ 431، وكذلك في المصحف الميسر تنظيم عبد الجليل عيسى شيخ كلية أصول الدين بالجامع الأزهر...كما يوجد في المصحف الحالي حروف ناقصة كالياء في آخر الكلمة، كتبوها بالألف المقصورة، وكذلك الألف بدلوها بالواو كالصلوة والزكوة، وضعوا عليها ألفاً للتصحيح، وقد أشرنا إلى ذلك في كتابنا(أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد).
ولا بدَّ من لفت النظر إلى شيءٍ مهم جداً هو: أن وجود أخطاء إملائية في رسم المصحف الحالي لا يمسّ من القراءة الصحيحة في القرآن الكريم، وذلك لأمور هي التالي:
( الوجه الأوّل ) : القرآن في واقعه ـ هو الذي يُقرأ بالقراءة الصحيحة المطابقة لقراءة أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم ، لا الذي يُكتب ، فلتكن الكتابة بأي أسلوب ، فإنها لا تضرّ شيئاً ما دامت القراءة باقية على سلامتها الأولى التي كانت تُقرأ على عهد رسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين سلام الله عليهم  والمؤمنين المخلصين من صحابتهم ، ولا شك في أن المسلمين احتفظوا على نص القرآن بلفظه المقروء الصحيح والسقيم منذ الصدر الأول فإلى الآن إلى أن يظهر إمامنا الحجة القائم أرواحنا فداه فنأتمر بأمره في قراءة القرآن لأنه أدرى بما فيه فهو قرينه والناطق به والمعبّر عنه.
( الوجه الثاني ) : تخطئة الكتابة هي استنكار على الكتبة الأوائل بسبب جهلهم أو تساهلهم ، وليست قدحاً في نفس الكتاب الكريم ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .
( الوجه الثالث ) : إنّ وجود أخطاء ظلّت باقية لم تتبدّل ، يفيد المسلمين الشيعة في ناحية احتجاجهم بها على عدم سلامة صدور من تزعموا الخلافة غصباً وجوراً حيث إنهم هم المسؤولون عن خط الكتاب، ما يعني فضحهم والتشهير بهم بسبب تلاعبهم به وتفريطهم بحفظه وصونه عن التلاعب به، إذ إنّ أخطاء إملائية لا شأن لها ، كان جديراً أنْ تمدَّ إليها يد الإصلاح بالرجوع إلى أئمة الهدى ومصابيح الدجى سلام الله عليهم الذين أُقصوا عن المشاورة والأخذ بما يقولون، فبقاؤها فضيحة للمسلمين الذين خالفوهم في كلّ شيء بسبب بغضهم لأولئك الطيبين المطهرين سلام الله عليهم ما هو سوى فتنة واختبار إلى أن يخرج حفيد حيدر الكرار إمامنا الحجة القائم أرواحنا فداه وسلام الله عليه فيرجع الكتاب إلى أصله كما أنزله الله تبارك شأنه.... والسلام
 
حررها العبد الفقير محمد جميل حمّثود العاملي
بيروت بتاريخ 12 ذي الحجة 1435هـ.
 

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1019
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28