• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : تشكيك نايف كريم بالشعائر الحسينية .

تشكيك نايف كريم بالشعائر الحسينية

الموضوع:الردّ على تشكيك نايف كريّم بالشّعائر الحسينية
                                                  
 

بسم الله الرحمان الرحيم
 

والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين وحجج الله تعالى على الخلق أجمعين رسول الله محمّد وآله الغر الميامين واللعنة الدائمة والسرمديَّة على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري ظلاماتهم ومعاجزهم إلى قيام يوم الدين...وبعد...
صدر بتاريخ 5 آذار 2003م العدد 9438 من جريدة السفير المأجورة مقالة لنايف كريّم المدير السابق لتلفزيون المنار التابع للحزب في لبنان يشكّك فيها بالشعائر الحسينية المقدَّسة بل طعن عليها (ويحث على الطعن عليها) مستشهداً ببعض الروايات الضعيفة التي وإن روى واحدة منها العلاَّمة المجلسي – أعلى الله مقامه الشريف – لكنه لم يعتقد بها هو نفسه ولا أحد من محققي الشيعة الإمامية، وكتبنا رداً على دعواه فلم تنشره لنا جريدة السفير مع أنه من حقنا الرد على من جرَّح بشعائرنا في تلك الجريدة النحوسة والمنكوسة طمعاً بما عند فضل الله والحزب،لأن نايف كريّم كان يومذاك مدير قناة المنار وهو من أتباع المشكّك الأكبر بعقيدة التشيع...فنايف المذكور أحد دعاة الساحر الأكبر ،فكان همُّه ومن يلوذ به هو التشكيك بل نسف كل ما يمُت إلى هذه الشعائر بصلة ليسهل النيل من الشيعة وحرفهم عن مسارهم إلى الجهة التي يبغيها نايف كرّيم وأسياده الذين يتمسك بأذيالهم. وأود هنا أن أحذره وكل من يلعب بالنار بأن قدسية آل البيت عليهم السلام لا يمكن أن تزعزعها أراجيفهم وأباطيلهم وإن إستمروا على هذا فإن الشيعة المخلصين للمولى الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام سوف يتخذون إسلوباً آخر في التعاطي مع كل من يتطاول على شعائره المنسوبة إليه أي سوف يجرِّحون بفتاوى ترخيصيَّة يخجل القلم عن كشفها أفتاها لهم اولئك المرجفون المجرِّحون بشعائر الإمام الحسين المظلوم عليه السلام، كما على الشيعة أن يقفوا بوجه هذه الحملات المستعرة إن كانوا مخلصين بدموعهم للإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام الذي ناداهم ولا يزال: ((أما من مغيث يغيثنا لوجه الله، أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله)). ولم ينفرد الكاتب (المدعوم بتيار سلفي يُحسن الظن بأعداء آل البيت عليهم السلام، هذا التيار المتأرجح بين الإخوان المسلمين وحزب الدعوة، ولا أُقحم نفسي في معمعة هذا الخط الذي طالما شكك بالشعائر الحسينية منذ إنبثق في العراق وإمتدت جذوره إلى لبنان وإيران والبحرين بشكلٍ خاص) بل اتبعه صاحب جريدة السفير طلال سلمان المشبوه بعقيدته ومسلكه السياسي والإجتماعي والذي لم تخلُ صحيفته يوماً ما إلاَّ وكان فيها الضلال والتشكيك في القضية الحسينية وشعائرها، فها هو يزيد الطينَ بلةً، ويؤجج النار ويعبئ النفوس كلَّ عامٍ في موسم عاشوراء على الشعائر، محتجاً بما أملاه عليه القيّمون عليه ممن يدَّعون التشيع وتحديث الشريعة، إن هذا وأمثاله لم يخفَ أمرُه على العلماء حرَّاس العقيدة والفقه والتاريخ من عشاق المولى الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام، ولا أحسبه ذا بالٍ حتى أردَّ عليه بل يكفي تذكيره بأنَّ العبد كَلٌّ على مولاه ،وجريدة   السفيرعميلة لليبيا ولمن يدفع لها أجراً أكثر كغيرها من صحف اليوم ، وأما نايف كرّيم وإن كان لا يستحقُ الردَّ، إلا أنني سأردُّ على المطهري أصالةً وعليه تبعاً وعرضاً إتماماً للحجة عليه:
قال: كثيراً ما أجد ضالتي في أثر من آثار العلامة الشهيد المطهري وبما أن السيِّد  الخميني أوصانا أن لا ندع كتب الشهيد في مطاوي النسيان... وتنفيذاً لوصية السيد الخميني إخترت بعض المقاطع الهامة المتفرقة مما ورد في كتاب الملحمة الحسينية...

يَرِدُ عليه:
ليته ذكر لنا المصدر الذي نقل منه وصية السيد الخميني بقراءة كتب المطهري، وعلى فرض صحتها، فلا يستلزم ذلك صحة بعض ما ورد في كتبه من أخطاء عقائدية وتاريخية واضحة للعلماء الحقيقيين، وإلا لكانت العصمة ملصقة بكتبه مع أن صاحبها لا يدعيها لها، فكيف يدعيها السيد الخميني له؟! مضافاً إلى أن وصية السيد الخميني ليست نصاً قرآنياً أو خبراً نبوياً يحرم مخالفته؛ بل تجب مخالفته فيما إذا ترتب على ذكر بعض المعايب المنسوبة إلى السيرة الحسينية التشهير وإضعاف الشعائر الحسينية بل وكرامات الأئمة الأطهار، مضافاً إلى أن وصيته بالأصل ليست واجبة الإتباع لكونها لا تتعلق بإرثه الشخصي أو بماله الخاص، وأيّ ملازمة بين ما ذكره المطهري من أخطاء في بعض كتب السيرة وبين التشكيك بمبدأ المعجزة والكرامة والتي دأب عليها نايف كرّيم، وطلال سلمان، وأحمد زين الدين، وأمثالهم من الموتورين!.

قال المشكِّك: قد حرّفنا حادثة عاشوراء ألف ألف مرة أثناء عرضنا لها ونقل وقائعها... إن التحريفات التي أصابت هذه القضية على أيدينا كانت بإتجاه التقليل من قيمة الحادثة ومسخها... والمسؤولية هنا تقع على عاتق الرواة والعلماء كما تقع على عامة من الناس. إن المادة المزوّرة والمدسوسة كثيرة للغاية ولا يمكن حصرها بسهولة، وإذا ما أردنا جمع كل المآثم الكاذبة فإننا سنحتاج إلى عدة مجلدات ضخمة، ثم قال معتمداً على قول المحدث النوري ومادحاً له بأنه محدثٌ نادر ومتبحر في الحديث....: "إن علينا أن نبكي على الحسين بسبب الأكاذيب التي أُلصقت بالواقعة".

يرد عليه:
(1) – إننا نسأل هذا المشكك وأمثاله: هل يجوز له أن يشهر بنا في الصحف والمجلات وأمام الملأ؟!، وهل يجوز له أن يتهكَّمَ علينا مدَّعياً وجودَ مليون تحريف في حادثة  عاشوراء، مع أنه لا يوجد مئة رواية تكشف عن مضمون واقعة الطف؛ هذا مع أن المطهري نفسه ذكر حدود ثلاثين تحريفاً أغلبها قابل للنقد والرد، فمن أين جئت بالمليون يا نايف كريم؟! فالتضخيم بالرقم على سبيل المبالغة تستلزم نسف أكثر المواد والوقائع التاريخيَّة الدالة على واقعة الطف... إنه الكذب الصريح على الشيعة، وعلى فرض وجود تحريف في قضية أو قضيتين تماماً كما هو حاصل عند بقية الأديان والمذاهب ولا أحد يشهر بدينه وبمذهبه مع أن الكثير من الإنتقادات الباطلة موجودة في كتب الأديان كاليهودية والنصرانية وبقية الفرق الإسلامية، فهل يسوغ لنايف كريم  وطلال سلمان- تبعاً للسيد محمد حسين- التشهير بمذهبناً وديننا تحت عنوان الحداثة والحضارة ولا يحقُّ لأنصار سيِّد الشهداء عليه السلام ذلك!!؟، لا أظن مؤمناً يفعل كما تفعل تلك الشرذمة الضالة... هؤلاء الموتورون الذين لا يجدون ملجأً يأوون إليه، سوى مغارة التشكيك التي حفرها لهم زعيمهم السيد البيروتي.
(2) – لقد أطرى على المحدث النوري ووصفه بأنه متبحر لا لأنه عالم شيعي بل لأنه يتوافق معه بفساد الرأي، وإلا فلِمَ لا يعتقد بما إعتقده المحدِّثُ المذكور الذي جر إلينا الويلات من قبل العامة بسبب دعواه بأن القرآن محرَّفٌ مع أن الخميني سيِّد نايف كريم وقائده لا يعتقد بتحريف القرآن الكريم ...؟؟!!فكان ينبغي للمشكك أن يبدي رأي من يقلّده في عدم تحريف الكتاب لا أن يتعرَّض لمسالة عاشوراء..فوقوع التحريف في مراسم عاشوراء –كما يدّعي-ليست بأخطر من دعوى تحريف الكتاب حسب ما يذهب إليه المستنكرون للتحريف..؟؟!!

قال المشكك: الخطيب المسكين تراه أحياناً يقع في حيرة إذا ما تكلم الصدق وقال الحقائق دون زيادة أو نقصان على المنبر الحسيني إذ إن نتيجة ذلك ستكون نعت مجلسه بالمجلس البارد، وبالتالي عدم رغبة الناس بدعوة هذا الخطيب مجدداً مما يضطره إلى إختراع بعض القصص الخيالية..."

يرد عليه:
من أين حكم بأن الخطيب يخترع قصصاً خيالية حتى ينجح مجلسه؟ هل اختبر نفوسهم وفحص قلوبهم حتى اهتدى إلى ما لم يهتدِ إليه إلاَّ أصحاب الوحي والإلهام؟ أين التشدق بنصوص حمل المؤمن على الصحة بل حمله على واحد من سبعين محملاً فيما لو شكّ في سوء تصرفه، فكيف إذا لم يكن شيء من هذا القبيل موجوداً عند عامة خطباء المنبر الحسيني، ولو وُجِدَ فهو بحكم الشاذ والنادر ولا يقاص العام على النادر. وعلى فرض وجوده فهو كغيره من غير الخطباء الذين قد يسهون ويخطئون، فعلى الغيارى أمثال الشيخ المطهري  والسيدمحمد حسين وأخيراً الصحافييَن نايم كرّيم وطلال سلمان أن يمخضا النصيحة سراً لا علانية، وعلى فرض وجود هكذا أخطاء، فلستم علماء هذه الأمة حتى تفرضوا عليها آراءكم وتوجهاتكم، فهناك علماء فقهاء ومراجع في العقيدة والتاريخ هم أهل الحل والفصل في أمثال هذه القضايا، ولا علاقة لصحفي أو إعلامي بما يدور في أجوائنا الدينية، فهل يسمح لنا طلال سلمان ونايف كريم أن نتدخل في شؤونهما الصحفية والإعلامية؟ فلو قلنا لكرّيم أن تلفزيونك الذي تديره يغص بالحرام، هل يرضى منا بذلك؟ أو أنه ينعتنا بالفسق والفجور لأننا نسبناه إلى الحرام بالدليل والبرهان، لا أظن أنه سيسكت عنا كما يسكت عنه أكثر الشيعة اليوم.

قال المشكك: "هناك نموذج للتحريف في وقائع عاشوراء وهي القصة التي أصبحت معروفة جداً في القراءات الحسينية والمآتم وهي قصة ليلى وأم علي الأكبر، هذه القصة لا يوجد في الحقيقة دليل تاريخي واحد يؤكد وقوعها، ثم إستشهد بما إستشهد به المطهري مكذباً لوجودها بالشعر المعروف:
   

نذرٌ عليّ لإن عادوا وإن رجعوا   لأزرعنَّ طريقَ الطف ريحانا

 

يرد عليه:
(1) – نفي المطهري لليلى في كربلاء ليس بحجة على الشيعة، إذ إنَّه ليس معصوماً حتى يُدَّعى له صحة كل ما يقوله، ولا يلزمنا أحدٌ بصحة آرائه وإجتهاداته المعوجة التي صارت قبلة للمشككين وأصحاب المطامع. وعدم ذكرها كثيراً في نصوص كربلاء لا يدل على أنها لم تكن حيَّةً يومذاك، وإلا فمن يدّعي موتها عليه أن يأتي بدليل يثبت مقتضاه.
(2) إن الشعر المنسوب إلى سيدتنا ليلى والذي أنكره المطهري محمول على المبالغة أو المجاز، وهذا من أهم مظاهر الشعر عندالشعراء وميزاته الفضلى إنَّما هي في إستخدام إسلوب المبالغة فيه.
وأما إنتقاده على ما يُسمى بعرس القاسم فهو وإن لم يكن هناك عرسٌ في كربلاء للقاسم ولكن تمثيلهم لكونه في مقتبل العمر، الأجدر أن لا تُنسب إلى السيرة الحسينية، ولكنه لا يضر بمجمل الشعائر التي يريد المستشكل – تبعاً للمطهري – تحطيمها وتهشيمها.

قال المستشكل: "وصاروا يتصورون – أي الشيعة – بأن الإجتماع في تلك المجالس والبكاء على الحسين بحد ذاته دون التعرف على أهداف المدرسة الحسينية يكفي ويكفر عن الذنوب، وتماديناً كثيراً في هذا التجاوب عندما قلنا بأن الحسين قد أسس شركة للضمان وأي ضمان؟ ضمان ضد الذنوب، وصرنا ندعو الناس للتسجيل في هذه الشركة مقابل أقساطٍ من الدمع..."

يرد عليه:
إن هذا هو الكفر بعينه، إن كلامه ينم عن الإستهزاء بالبكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) وينم عن حالة إستخفاف بالبكاء ونفي ما جاء في الأخبار المتواترة الدالة على غفران ذنوب من بكى على الإمام ولو كانت عظيمة، وأنا أحيل هذا المشكك على كتاب كامل الزيارات الباب 32 و 33 ففيه الكثير من الأخبار الصحيحة والموثقة والعالية السند منها:

* ما ورد في صحيحة محمد بن مسلم عن مولانا الإمام أبي جعفر عليه السلام قال: "أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الإمام الحسين عليه السلام دمعة حتى تسيل على خده، بوأه الله غُرفاً في الجنة يسكنها أحقاباً".

ومن رد هذه الأخبار فهو كافرٌ بما نزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ويا ليت المشكك إعترض على ما يصدر من الفساق والنساء الداعرات بدلاً من أن يتهجم على شعائرنا ويتهكم عليها.

قال المشكك: وفي كتاب أسرار الشهادة يصبح رقم جيش عمر بن سعد مليوناً وستمائة ألف شخص، كما ورد في نفس الكتاب أن الإمام الحسين قتل ثلاثمائة ألف شخص بيده فقط، في هيروشيما كان عدد قتلى القنبلة الذرية ستين ألفاً.

يرد عليه:
ما وجه الإستحالة بأن يكون عدد الجيش مليوناً وستمائة ألف شخص؟ هل هناك مانع شرعي أيضاً أو محذور عقلي بأن يقف جيش العراق بكامله أو نصفه على أقل تقدير لمنع إنتشار حركة الإمام الحسين عليه السلام آنذاك؟ لا يوجد أي مانع على الإطلاق، بل تصف الأخبار أن العراق كلّه وبلاد الشام بل جميع المدن التي بسط يزيد نفوذه عليها تكاتفت على الإمام الحسين عليه السلام، فجنّد يزيد لعنه الله كل طاقاته لقتل الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة، مما يدل على خوفه الشديد من الإمام الحسين عليه السلام وحركته المباركة.
وأما دعواه بأن الإمام الحسين عليه السلام قتل ثلاثمائة ألف بيده فلعله تصحيف ثلاثة آلاف شخص أو ثلاثمائة شخص، فجاء المصحفون والمستنسخون فزادوا ألفاً بجانب العدد ثلاثماية، وهذا حاصل في عالم الطباعة في يومنا هذا، إذ إنك تطبع كتاباً وتشرِف على طبعه وتنقيحه ومع هذا تظهر فيه أخطاء مطبعية غير متعمدة، وفي بعض الأحيان تكون مقصودة من قبل أناسٍ لا يخافون الله يعملون على تحريف طبع كتاب ما لا يستهوون أفكاره.
وعلى فرض أن الدربندي – أعلى الله مقامه الشريف – ذكر هذا العدد من القتلى، فلا وجه لكي يعيب على السيرة الحسينية برمتها من أجل خطأٍ واحدٍ لم يعتمده كاتبه إفتراءاً على الإمام عليه السلام بل لعله وجده في بعض الكتب فذكره برجاء أن يكون صحيحاً، ويا ليت المشكك تناول سيّده الذي يرجع إليه في فتاواه لتزيين النساء المذيعات في تلفزيون المنار حيث أجاز لهن بأن يضعنَ المكياج على وجوههن لتزيينهن وليبدين بأحسن صورة ليستحسنها الرجال المحدقين بقناة المنار، أو يا ليته تناوله لمَّا أجاز للفتاة بأن تستمني أو لمَّا أجاز النظر الأفلام الجنسية (دنيا الشباب/99) أو لمَّا أجاز النظر إلى النساء العاريات، أو لمَّا أجاز نظر المرأة إلى عورة إمرأة أخرى والرجل إلى رجل آخر، أو لمَّا أجاز نظر المرأة إلى عورة الرجل الذي إعتاد كشفها (المسائل الفقهية ج1/245) أو لمَّا أجاز معاشرة الزوجتين في وقت واحد وعلى سرير واحد، أو لمَّا أجاز تغيير الجنس الكامل للرجل والمرأة (فقه الحياة/205) أو لمَّا أجاز الدخول إلى نادي العراة، أو لما أجاز للمرأة أن تخرج متعطرة حتى لو أدى إلى  إغراء الرجال بذلك، أو لما أجاز للمرأة الأناشيد أمام الرجال (فقه الحياة/55)، وغيرها من الفتاوى الترخيصية التي تناسب نايف كريم وطلال سلمان والموتورين من فساق الشيعة وإن كانوا يلتحون بذقون طويلة ويصومون ويصلون، إذ ليس الفاسق من ترك الصلاة فحسب بل الفاسق من خرج عن حدود الله إلى حدود الشيطان.

قال المشكك: "النموذج للتحريف هو يوم الأربعين (أربعين الإمام الحسين عليه السلام) عندما يحين موعد الأربعين نسمع جميعاً بالتعزية الخاصة بيوم الأربعين والناس جميعاً يعتقدون بأن الأسرى من آل بيت رسول الله قد ذهبوا في ذلك اليوم العاشر من الشام إلى كربلاء والتقوا هناك بجابر كما إلتقاه الإمام زين العابدين في حين أن المؤلف الوحيد الذي يذكر هذا الموضوع هو السيد إبن طاووس في كتابه اللهوف على قتلى الطفوف، وهذه القصة لا تذكر في الكتب المعتبرة إطلاقاً.

يرد عليه:
إن زيارة السبايا مع الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام لكربلاء لما رجعوا من الشام هي من المسلمات التاريخية ولم يشكك بها أحدٌ سوى المطهَّري مما يدل على عدم سعة إطلاعه أو أنه يحرّف الحقائق، فإذا لم يعجبه إبن طاووس فمن ذا يا ترى يعجبه؟! وإذا لم يكن إبن طاووس ثقة ونقله حجة، فمن ذا يا ترى يكون نقله حجة؟ أهو المطهري أم نايف كريم أم طلال سلمان أم ......؟ إن الطيور على أشكالها تقع، وكلُ إناءٍ بما فيه ينضح.
فإن إبن طاووس المتوفى عام 664 هـ من أجلاء الطائفة الشيعية وممن إلتقى مراراً مع الإمام الصاحب عجل الله تعالى فرجنا بظهوره، ولم يغمز به أحدٌ من الشيعة على الإطلاق، وقوله معتبر عند الفقهاء والمحدثين، فلماذا هذا التشكيك بأعظم رجل من رجالات الشيعة والغمز والطعن في نقولاته؟ فإذا لم يكن نقله حجة لنا وهو الثقة العادل، فمن ذا يا ترى يكون حجة في نقله؟ هل هو الشيخ المطهري أو السيد محمد حسين أو نايف وطلال؟ يظهر عند الفساق أن نقل هؤلاء حجة وهم بعيدون عن عصر النص، وليسوا بمستوى إبن طاووس حتى يؤخذ بقولهم ويُترك قول إبن طاووس الذي تصافقت الطائفة على الأخذ بأخباره، وإذا وصلت النوبة بالتشكيك إلى الرواة الأجلاء كإبن طاووس فبمن نثق إذن؟ وهل ديننا إلا ما وصلنا من الثقاة الخيرين؟ وها هو الإمام المهدي عليه السلام في توقيع خرج منه يقول: (لا عذر لأحدٍ من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا، قد عرفوا بأنا نفاوضهم سرنا ونحملهم إياه إليهم) "وسائل الشيعة ج18/109" وقال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: (الرواية – أي المحدث – لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد) "وسائل الشيعة ج/18ص53ح1باب8 باب صفات القاضي /وجوب العمل بأحاديث النبيّ والعترة عليهم السلام".
وبالغض عن كل هذا فليس ابن طاووس هو الوحيد الذي نقل رجوع السبايا إلى كربلاء من الشام بل سبقه المؤرخ الجليل والثقة أبو مخنف (لوط بن يحي بن سعيد بن مخنف بن سالم الأزدي القامدي شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجيههم روى عن الإمام عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام) وعليه؛ فكيف يدعي هذا المشكك تبعاً للمطهري بأن المتفرد بنقل حادثة رجوع السبايا إلى كربلاء هو إبن طاووس فقط؟ أللهم أشهد أنهم كاذبون مفترون وجاهلون مغفلون.

قال المشكّك: "الحكومة الأموية مارست أنواع التحريف المعنوي في هذه الواقعة، لكن التاريخ الإسلامي رغم ذلك كله لم يتأثر بتلك التحريفات، فالعدو لم يتمكن من تحريف واقعة كربلاء، وإنما التحريف حصل فيها من جهة الأصدقاء والمحبين.."

يرد عليه:
ليت شعري: إذا وصل بالمشكك الحال إلى تنزيه الدولة الأموية وتبرئتها من نسبة التحريف، فإن ذلك يعني حُسن الظن بالأمويين وإسائة الظن بالشيعة الموالين، فبدلاً من أن يحمل الشيعة المحبين على محمل من سبعين محملاً فإنه قَلَبَ الدفة إلى الأمويين فحملهم على تسع وستين محملاً وليس محملاً واحداً، ولم يحمل الشيعة على محمل واحد، أليس هذا خلاف ما أوصى به أئمة آل البيت عليهم السلام؟! ألم يأمر أهل البيت عليهم السلام بعرض أخبارهم على كتاب الله وأخبار العامة فما كان موافقاً لأخبار العامة يضرب به عرض الجدار ولا حجية فيه؟! والسر في عرض أخبارهم عليهم السلام على أخبار العامة هو ما ذكره مولانا الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام حيث قال لأحد أصحابه: (أتدري لِمَ أُمرتم بخلاف ما تقول العامة؟)، فقلت: لا أدري، فقال عليه السلام: "إن علياً عليه السلام لم يكن يدين الله بدين إلا خالف  [خالفت] عليه الأمة إلى غيره إرادة لإبطال أمره، وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السلام عن الشيء الذي لا يعلمونه، فإذا أفتاهم جعلوا له ضداً من عندهم ليلتبسوا (وفي نسخة :ليلبسوا) على الناس" (وسائل الشيعة ج18/83)
فالمشكك خالف أئمة آل البيت وطريقتهم في التعامل مع الأعداء، ومن وافق أعداءهم ليس منهم حسبماً جاء عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال: (والله ما جعل الله لأحدٍ خيرة في إتباع غيرنا، وأنَّ من وافقنا خالف عدونا، ومن وافق عدونا في قولٍ أو عملٍ فليس منا ولا نحن منهم) "وسائل الشيعة ج18/85 ح33"

قال المشكك: "العامل الثاني للتحريف يكمن في حب البشر وميلهم لخلق الأساطير، فالبشر على العموم يمتلكون حِسّ عبادة الأبطال وتقديسهم، الأمر الذي يدفعهم إلى خلق الأسطورة من أبطالهم القوميين أو الدينيين، فإختلاف الأساطير أمرٌ لا ينحصر في واقعة عاشوراء، فما أكثر الأساطير التي إختلقناها نحن الشيعة عن أمير المؤمنين علي، ثم ذكر مثالاً على تلك الأساطير وذكر قصة ضربة أمير المؤمنين لمرحب ففلقه نصفين فأوحى الله إلى الملك جبرائيل بالنزول إلى الأرض ووضع جناحيه تحت السيف، الأمر الذي منع إنشقاق الأرض والأدهى من ذلك أن جبرائيل قد جرح بسبب تلك الضربة، الأمر الذي أخر صعوده إلى السماء كل تلك المدة... ثم قال: والتفنن في سرد الأساطير وتطويرها لم يقف عند حدٍ، حقاً إن بعض التحريفات التي حصلت في واقعة كربلاء سببها وجود حِس الأسطورة لدينا، يقول الأوروبيون أن تاريخ الشرق مليء بالمبالغات والأساطير، وهذا صحيح، إن حِسّ صناعة الأساطير يستطيع فعل الكثير، ولا يجوز لنا أن نسلم أمر مثل هذه القضية التاريخية الهامة لأيدي صناع الأساطير..."

يرد عليه:
عجباً لأحد دعاة محاربة أميركا الشيطان الأكبر -كما سماها السيد الخميني- وحلفائها من الأوروبيين كيف يستشهد بأقوالهم نايف كريم والمطهري! وهل يصح أن يأخذ بأقوال هؤلاءولا يأخذ بقول إبن طاووس الثقة الأمين؟! وا إسلاماه، وا محمداه، وا علياه، وا فاطمتاه، عجباً كيف يأخذون بأقوال الأوروبيين والله تعالى يقول: (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) أليس قول الأوروبيين هو قول الفساق الذين يحرُمُ على نايف كريم الأخذ به لا سيما وأنَّ السيد الخميني يشدد على حرمة الأخذ بأقوال الأوروبيين والأمريكيين..وهل يصح الأخذ بأقوال الشياطين كما نعتهم بذلك زعيم الثورة الإيرانيّة يومذاك ولا يزال شعاره يردده أنصاره ودعاته في الازقة والطرقات وصلوات الجماعات؟! مضافاً إلى أن وجود قصة في كتبنا من هذا القبيل لا يصلح أن يكون مبرراً للجرح والقدح في أخبار الكرامات والمعاجز المنسوبة لأئمة المسلمين وإلا تصل النوبة إلى عدم تصديق معجزة النبي بشق القمر، فهل يمكن للمشكك وأتباعه أن يستنكروا على معجزة شق القمر؟ لا يبعد ذلك خاصة وأن أهل الشرق حسبما قال الأوروبيون: يبالغون بسرد الأساطير.

قال المشكك: يقول البعض بأن الهدف وراء ذلك كله مواساة سيدتنا فاطمة الزهراء أليس أمراً مثيراً للسخرية؟ فهل تحتاج الزهراء إلى المواساة بعد مرور 1400 عام على المأساة؟ وهل فاطمة الزهراء عندكم طفلة صغيرة حتى تظل تلطم وتبكي بعد 1400 عام حتى نأتي نحن بتعزيتها ونأخذ بخاطرها؟

يرد عليه:
إذا لم يكن البكاء على الإمام الحسين عليه السلام أسوة بالصديقة الزهراء عليها السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين علي عليه السلام وولديه الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام والإمام زين العابدين عليه السلام وبقية الأئمة الأطهار عليهم السلام لا سيما الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجنا بظهوره الذي يبكي على جده ليلاً ونهاراً، فمن ذا هو يا تُرى يكون إسوتنا بذلك؟ فإذا جاز للإمام المهدي عليه السلام أن يبكي جده بدل الدموع دماً ويندبه صباحاً ومساءاً جاز بطريق أولى لمولاتنا الصدِّيقة الكبرى الحوراء الزهراء البتول عليها السلام أن تندبه صباحاً ومساءاً وتبكيه بدل الدموع دماً لكونها أقرب إليه من الإمام المهدي عليه السلام.؟؟!!.
مضافاً إلى أن معنى الأسوة هي أن نتخذ المعصوم مثالاً لنا في أفعالنا، وأي إشكال في أن نتخذ الصدِّيقة الكبرى  أسوةً لنا في البكاء على إبنها؟ وإذا لم يجزِ للصدِّيقة عليها السلام أن تبكي على إبنها وقد شاهدت ما أصابه و هي حية عند الله تُرزق، فكيف جاز للأنبياء السابقين أن يبكوا عليه قبل أن يولد ويصيبه ما أصابه؟ ولعل المطهري ونايف كريم وفلان وفلان غير مقتنعين ببكاء هؤلاء الأنبياء لأن ذلك أساطير أهل الشرق بنظر الأوروبيين حسبماً إدعى المطهري وكريم؟ فلو وافق الأوروبيون على ذلك لأخذوا به، ولكنهم رفضوا معاجز أهل الشرق لأنها أسطورة، لذا فإن كرّيم لا يقبل بهذه الأسطورة لأن الأوروبيين قالوا له أن تاريخ أهل الشرق مليء بالأسطورة والخرافة.

وفي الختام أقول لكرّيم وأمثاله:
مهما تكاتفتم على إبطال أمر آل محمد عليهم السلام فلن يزدادوا إلا علواً وإرتقاءاً ونوراً، لأن من كان قبلكم من طواغيت الزمان حاولوا مراراً أن يطفئوا نور الله بأفواههم ولكن الله أبى إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون، ولو كره الكافرون. إعلم يا كرّيم أن كل لسان يجرِّح بالشعائر الحسينية سيطاله العذاب الإلهي في الدنيا قبل الآخرة،وسيقتص منه الإمام (ع) عاجلاً أو آجلاً. قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ). فعلى المؤمنين أن يقاتلوا هؤلاء بالفكر والعقيدة والفقه العترتي ويقاطعوهم قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ) (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً)، وسيعلم الذين ظلموا (آل محمدٍ) أيّ منقلبٍ ينقلبون، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله محمد وآله الميامين الأطهار المنتجبين.والحمد لله رب العالمين والسلام على من اتبع الهدى.


العبد  الشيخ محمد جميل حمود العاملي
صدرت بتاريخ 6 آذار 2003 م

مكتب  آية الله العلاّمة المحقِّق الشّيخ محمّد جميل حمّود العاملي لبنان ــ بيروت


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=102
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 03 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 19