• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : تكليفنا في زمن الغيبة .

تكليفنا في زمن الغيبة

الموضوع :ما هو تكليفنا في زمن الغيبة ؟وما حكم التظاهر بالمسيرات والإنتخابات؟
 

بسم الله الرحمن الرحيم
 

و صلى الله على محمد و آله الطاهرين و اللعن الدائم و العذاب الأليم على من عاداهم من الأولين و الأخرين
السلام عليكم يا خدمة أهل البيت عليهم السلام و رحمة الله و بركاته

لي أسئلة تتعلق بما يجب ان نعمله في زمن غيبة إمامنا عليه السلام. هذا و أرجوا من سماحتكم إجابتها و أكون لكم من الشاكرين.
1- هل يجوز التدخل في السياسة في زمن الغيبة : ( إنتخابات ، المظاهرات و المسيرات ضد الحكومة ، القيام في وجه الظالمين ، إلخ )  ؟ مع ذكر أدلة إذا سمحتم رحم الله والديكم لأني محتاج إليها.
 

بسمه تعالى
 

والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله الطاهرين المطهرين...
والسلام عليكم ورحمته وبركاته..وبعد.
لا يجوز العمل بالسياسة المبتنية على الكذب والدجل وتلفيق الحقائق ،كما لا يجوز الإنضواء تحت أيّ حزبٍ أو تنظيم لكونهم يعملون لزعاماتهم وكراسيهم،ولا تغرنَّكم اللحى المسترسلة والسُبَح الطويلة فإنَّها عدة العمل في هذا الزمن الذي كثُر فيه المدّعون،فالعمل بالسياسة على ضوء التقوى والورع وعلى منهاج عليّ بن يقطين تلميذ الإمام المعظَّم موسى بن جعفر عليهما السلام لا بأس بها إذا كانت بالشروط التي ذكرنا آنفاً وإلاَّ فلا يجوز الدخول في أي عمل سياسي بحجة رفع الضيم عن المحتاجين ثم أنَّه نفسه بعد الدخول في السياسة يغرق ببحور المستكبرين والفاسدين..هذا كلّه إذا كان مرادك من العمل بالسياسة الدخول في البرلمان لخدمة المؤمنين فجوابه ما ذكرنا،وأما إذا كان مرادك من السياسة هو التظاهر في المسيرات بالشوارع وما شابه ذلك فإنَّه عملٌ محرَّمٌ ومن الكبائر لكونه من أظهر مصاديق الفتنة والإلقاء في التهلكة وإضرار المؤمنين للآيات والأحاديث الناهية عن الفتنة والتهلكة والإضرار نظير ( الفتنة أشدّ من القتل )(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وكقول أمير المؤمنين عليّ عليه السلام "كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهرٌ فيركب ولا ضرعٌ فيحلب " وقول رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام"...مضافاً إلى عنصر التقيّة الواجبة على المؤمنين لدفع غائلة الخوف والضرر عنهم ،ولنا بإمامنا المعظَّم الحجة بن الحسن عليهما السلام أُسوةٌ حسنةٌ لمن أراد الآخرة وسعى لها سعيها أولئك كان سعيهم مشكوراً...فالتظاهر بالمسيرات وحرق الدواليب وووكما يفعل الغوغائيون من شيعة الاحزاب في لبنان حيث ادخلوا على أهل البيت عليهم السلام العار والشنار بفعل أوامر الفقيه الولايتي الذي حرّم التطبير لكونه يؤدي إلى هتك التشيع- كما يتوهم-ولم يحرّم تلك الافعال الشنيعة التي سلطت الأعداء على الشيعة بل العكس هو الصحيح إذ أوجب على زمرته الشغب و المظاهرات لأنَّ ذلك يؤدي إلى إنتصار إيران على أعدائها في لبنان....كلُّ ذلك خلاف ما أمرنا به أئمتنا عليهم السلام من المداراة للأعداء وإستعمال التقيّة  معهم لدفع غائلة الضرر الشخصي والنوعي  عن الشيعة في غيبة قائمنا عجّل الله تعالى فرجه الشريف من قِبَل العامة وحكامهم...بالإضافة إلى أنَّ الحراك السياسي- بالمعنى الذي ذكرتَ من  الأمثلة  كالتظاهرات والمسيرات والوقوف بوجه الظالمين-يتوقف على نوعيّة هذا الحراك والخلفيّة التي يبتني عليها..فإن كانت ذات خلفيّة سياسية حزبيّة فلا يجوز ،وإن كانت مطلبية حقوقيّة وانحصر إستنقاذ الحقّ عبر التظاهر السلمي فجائزٌ وهو أمرٌ مشروع عند جميع الأُمم المعاصرة والمتمدنة ومنصوص عليها في شرعة الأمم المتحدة...
 

2- كيفية التعايش مع المخالفين للمذهب الحق من جوانب متعددة في زمن الغيبة: ( الدعاء لهم ، الاكل معهم ، التناكح ، المصاحفة ، التقبيل... إلخ)؟ مع ذكر أدلة إذا سمحتم رحم الله والديكم لأني محتاج إليها.

بسمه تعالى
 

نحن مأمورون بإبلاغ الأحكام والعقائد إلى عامة الفرق والمذاهب الإسلاميّة على نحو الإستحباب أو الوجوب في بعض الأحيان طبقاً للظروف الموضوعيَّة الداعية إلى ذلك لنصرة حق أهل البيت عليهم السلام، حتى لا نترك لهم حجةً علينا يوم القيامة وحتى لا يقولوا (ربنا لولا أرسلت لنا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين)(قل فلله الحجة البالغة)..كلُّ ذلك بحسب قدرة العبد المؤمن وبشرط الأمن من الهلاك أو الخوف الشديد الذي يترتب عليه الضرر العظيم وإلاَّ فهو ساقطٌ عن كاهله،والله تعالى عالمٌ بما في سريرته...وأما الدعاء للمخالفين فلا يجوز الدعاء للفاسق والتارك لولاية أهل البيت عليهم السلام،كما لا يجوز الأكل من طعامٍ صنعوه بأيديهم أو لامسوه برطوبة وما شابه ذلك..كما لا يجوز المزاوجة منهم لورود النهي عن ذلك في أخبارنا الشريفة..لأنَّ التارك للولاية تارك لأعظم أصلٍ عقائدي ترتكز عليه كلّ الأصول الأخرى فلا يؤمن عليه بعامة الفروع والأحكام ..بالإضافة إلى أنَّ أحكام النجاسات والطهارات عندهم معارضة لما هو موجود عندنا ،فلا يجوز حينئذٍ البناء على أحكامهم من حيث الأكل والشرب وبقية الأمور الأخرى....وحتى الشيعي الذي لا يحسن أحكام الطهارة والنجاسة طبقاً لأحكامنا الشرعية يشكل تناول الأطعمة والأشربة باشرها بيديه فكيف الحال بمن لا يعتقد بنا ولا يدين بملتنا..؟!
 
3- ما هو الشيء الذي يجب أن نشتغل به في زمن غيبة الإمام عليه السلام، حيث يكون شغلنا و ما يثير إهتمامنا بالإضافة إلى مشاغل الدنيا
 شاكرين لكم جهودكم
و السلام

 

الموضوع: ما هي أسباب السقوط في عصر الغيبة؟

والجواب:

بسمه تعالى
 

عصر غيبة قائمنا الإمام المعظَّم الحجة بن الحسن عليه وآبائه الميامين صلوات الله عليهم أجمعين هو عصر الفتن المظلمة والشبهات المكدّرة للأرواح والمنغصة للعيش والأمن والطمأنينة والهدوء ،لذا لا يسقط فيها إلاَّ كلُّ وليجةٍ ومستهتر بإمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف حتى لا يبقى إلاَّ المتقون ،وسنجمل لك الأسباب الداعيّة للفشل والسقوط في عصر الفتن والإمتحانات الإلهيَّة على الشيعة،فمن تجنبها يُرجى أن يكون من الفائزين بنصرة إمام المتقين المهدي الموعود عليه السلام، وهي التالي:
(الأول):الجهل بمعرفة إمام الزمان عليه السلام وبعقائد آبائه الطاهرين عليهم السلام التي هي في الواقع العقائد الصحيحة لرسالة الإسلام التي جاء بها جدهم الأعلى رسول الله محمَّد صلوات الله عليه وآله الطاهرين ،فالجهل يولّد الحيرة ،وهي تُدخل الفتنة التي تعني السقوط والفشل...
(الثاني):الجهل بكلمات الأئمة الميامين التي هي صمام الأمان من الفتن ..
(ثالثاً):فهم الشريعة بأصولها وفروعها على أساس القياس والإستحسانات الذوقيَّة المستوردة -عبر مرجعيات معلّبة- من قبل فقه العامة..
(رابعاً):التصورات الدينيّة الخاطئة والمفاهيم الحياتيّة المغلوطة التي روّجها علماء شيعة يميلون إلى غير أهل البيت عليهم السلام وهي ما يعبَّر عنها بثقافة الوحدة الإسلاميَّة،والتي هي في الواقع جمعٌ بين الحقّ والباطل بل جمعٌ بين النقيضين اللذين لا يمكن إجتماعهما على محلٍ واحدٍ ...وهي تصورات تسربت إلى فكر العامة من اليهود والنصارى ثمَّ تسربت إلينا بواسطة علماء السوء الذين ركبوا مراكب تحت شعار الوحدة كما قلنا وعناوين الحداثة والحضارة...
(خامساً):التعصب الأعمى للزعماء الدينيين والمرجعيات الروحيَّة تحت عنوان أنَّ القيادة الدينية لا تُخطىء لإعتقادهم بإستحالة إنحرافها نتيجة تعويدهم على تمجيد القيادة لكونها قيادة بما هي هي...وليس لكونها طريقاً لمعرفة أهل البيت عليهم السلام وطريقاً للإنصياع للحقّ وعدم الرضوخ للباطل حتى ولو صدر من فقيه أو قياديّ ...مضافاً إلى التعصب للأفكار الحزبيّة والاعراف والآداب الإجتماعيّة التي لا تنبع جذورها وأُصولها من تعاليم أهل بيت العصمة والطهارة وحكمتهم الربانيّة بل تنبعُ من الأعراف والتقاليد والنظم المادية الوضعيَّة....
(سادساً):عدم الإعتبار والتبصر بأحوال الماضين من الأُمم السالفة لا سيما ما جرى على أمّة الإسلام بعد شهادة نبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم،والتبصر والإعتبار بأحوال الماضين فرع الإطلاع عليها وبحثها ومدارستها للعمل بمضامينها ...
(سابعاً):أمراض القلوب التي تفتك بالناس فتكاً ذريعاً لا سيما المعممون من رجال الدين المبسوطة أيديهم في المجتمعات المتحزبة،هؤلاء لهم اليد الطولى في إنحراف الناس عن عقائدهم ودينهم،خصوصاً إذا كانوا جاهلين بأصول ديانتنا وفروع ديننا،وقد شاهدنا من بعضهم ما لا يمكن وصفه من الجهل بأبسط معالم الدين والأحكام الشرعيّة وهذه مصيبةٌ على الشريعة أن يكون بعض دعاتها إن لم يكن جلهم على جهلٍ بما هم أولى أن يكونوا عالمين به وعاملين..؟؟!!
(ثامناً):عدم توطين النفس والعقول والضمائر على معاني التسليم والخضوع والإخبات لإمام الزمان عليه أفضل الصلاة وأزكى التحيات،وهو روحي فداه فرعٌ من تلك الدوحة المحمدية والعترة الهاشمية العلوية....
(تاسعاً):عدم الإنقطاع القلبي والفكري عن أعداء الإمام صاحب الزمان عليه السلام،فخلو القلب من محبته صلوات الله تعالى عليه وعدم التوسل الواقعي الصادق والتذكر الدائم له وعدم الدعاء بتعجيل فرجه،وعدم البرائة العقائدية والسلوكية من أعدائه ومناوئيه يستلزم الوقوع في شرك الكفر والضلال والفتنة العمياء....
أجارنا الله تعالى وإياكم من شر الفتن والدواهى العظمى ،ونسأله أن يمنَّ علينا بالطلعة الرشيدة والغرة الحميدة وأن يكحّل أبصارنا برؤيته والفوز عنده ونيل رضاه...والسلام.
 

11رجب المرجب/1429
العبد الشيخ محمّد جميل حمّود
لبنان ــ بيروت
 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=104
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 03 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29