• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : تفسير ما ورد في خبرٍ عن الإمام المعظم الصادق عليه السلام بقوله للرجل السائل:" أنك أنت المشتري" / الأخبار المتعارضة بشأن علم النجوم / وجه الجمع بين الأخبار/ الأسباب الداعية إلى ذم علم النجوم .

تفسير ما ورد في خبرٍ عن الإمام المعظم الصادق عليه السلام بقوله للرجل السائل:" أنك أنت المشتري" / الأخبار المتعارضة بشأن علم النجوم / وجه الجمع بين الأخبار/ الأسباب الداعية إلى ذم علم النجوم

الإسم:  *****

النص: 
بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم 
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرحهم 
سماحة المرجع الديني الكبير اية الله العلامة المحقق الفقيه الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام ظله العالي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
دمتم بالعز والهنا 
ارفع الى مقامكم العالي السؤال والاستفسار الاتي ونامل من جنابكم الاجابة والتوضيح والتوجيه في الفهم
 
سؤالي عن الحديث الوارد في كتاب الكافي في الروضة ج8 - حديث الفقهاء والعلماء ص272-273 - عن معلى بن خنيس قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النجوم أحق هي فقال : نعم إن الله عز وجل بعث المشتري إلى الارض في صورة رجل فأخذ رجلا من العجم فعلمه النجوم حتى ظن انه قد بلغ ثم قال له انظر أين المشتري فقال : ما أراه في الفلك وما أدري أين هو قال فنحاه وأخذ بيد رجل من الهند فعلمه حتى ظن أنه قد بلغ وقال انظر إلى المشتري أين هو فقال إن حسابي ليدل على أنك أنت المشتري قال وشهق شهقة فمات وورث علمه أهله فالعلم هناك 
سماحة المرجع الديني مامفهوم الحديث وما معنى ان المشتري كان رجل 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
 
الموضوع العقائدي: تفسير ما ورد في خبرٍ عن الإمام المعظم الصادق عليه السلام بقوله للرجل السائل:" أنك أنت المشتري" / الأخبار المتعارضة بشأن علم النجوم / وجه الجمع بين الأخبار/ الأسباب الداعية إلى ذم علم النجوم
بسمه تعالى
 
الجواب
السلام عليكم
الخبر المتقدم ضعيف سنداً، وأما دلالته فلا تدل على حجية النجوم في القضايا الشرعية، بل غاية ما تدل عليه هي أن النجوم حق باعتبارها مخلوقة لغايات تكوينية لا تخلو على العلماء، ولكن لا يعني هذا أنها حجة شرعية في الأحكام الشرعية المبنية على الحسابات النجومية، وإن كانت بعض الأفلاك كالقمر والشمس حجة شرعية في تحديد بداية الليل ونصفه وأطراف النهار ووسطه طبقاً للأمارات المقررة في علم الفقه الإستدلالي، فلا يجوز الإعتماد على أقوال الفلكيين والنجوم اعتماداً على هذا الخبر الخارج حكماً وموضوعاً عن تحديد مبدأ رأس السنة وبدايات الشهور ونهاياتها لأن ذلك يتعارض مع الأخبار الأخرى الناهية عن الإعتماد على أخبار النجوم في قضايا الأحكام الشرعية.
* الشرح :
قوله : ( سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن النجوم ) أي عن علم النجوم وأحكامها ( أحق هي ؟ فقال : نعم إن الله عز وجل بعث المشتري إلى الأرض ) الظاهر أن هذا محمول على ظاهره ولا باعث للعدول عنه لأن الذي يقدر أن يجعل العصا حيّة ويخرج الناقة الجسيمة مع حملها من الجبل يقدر أن ينزل المشتري لتعليم بعض العلوم الغريبة والآثار السماوية ، ثم هذه الرواية دلت على حقيقة علم النجوم وحقيقة أهله وقد وقع في بعض الروايات ذمهما فوجه الجمع أن الله سبحانه جعل للأشياء أسباباً كما جعل الشمس سبباً لإضاءة العالم وجعل اتصال الكواكب بعضها ببعض سبباً لنزول المطر أو لغير ذلك من الأمور المعلومة في علم النجوم ، فمن جعل هذه الأمور أسباباً وعلامات لما يترتب عليها لا بالاستقلال بل بفعل الله تعالى شأنه فهو ليس بمذموم ، وأما من جعل هذه الأمور علة موجدة بالاستقلال سواء اعتقد ذلك أو لا لكن أتى بعبارة موهمة لذلك فهو مذموم بل كافر بالله تعالى وذلك كما كانت العرب ينسبون المطر إلى النجوم لأن ثمانية وعشرين كوكباً معروفة المطالع في السنة وهي المسماة بمنازل القمر الثمانية والعشرين يسقط منها في كل ليلة ثلاث عشرة كوكب عند طلوع الفجر ويظهر نظيره ، فكانت العرب إذا حدث عند ذلك مطر نسبه بعضهم إلى الغارب وبعضهم إلى الطالع نسبة إيجاد وتأثير كما يقول بعض الفلاسفة إن الله سبحانه لم يخلق إلاّ واحداً هو العقل الأول ثم كان عن هذا العقل غيره إلى أن ينتهى ذلك إلى الأمطار والعناصر والمعادن والنباتات والحوادث اليومية فنهى الشرع عن القول بذلك لأن ذلك إن كان عن اعتقاد فهو كفر وإن كان بمجرد قول كما إذا قال المؤمن بأن الفاعل هو الله تعالى أمطرنا السحاب أو أبرد الهواء طلوع الكوكب الفلاني أو نحو ذلك فهو شبيه بالكفر فنهى الشارع عنه أيضاً حسماً لمادة الكفر ومنعاً لترويجه وخوفاً لأن يعتقد أحد بظاهر هذا القول .
 والحاصل: أن العلم لا يذم من حيث إنه علم وإنما الذم متوجه عليه لأحد أسباب ثلاثة هي التالي:
  الأول : أن يكون مؤدياً إلى ضرر إما بصاحبه أو بغيره كما يذم علم السحر والطلسمات إذ به يتوسلون إلى ما يفرقون به بين المرء وزوجه .
 الثاني : غموض بعض العلوم ودقته فإن الخوض في علم لا يفهمه الخائض مذموم فيجب كف النفس عن الخوض فيه كعلم القدر لأنه سر من أسرار الله لا يعلمه إلاّ هو أو من أظهره الله عليه من خواصه .
 الثالث : أن يكون مؤدياً إلى ضرر يعود إلى صاحبه غالباً كعلم النجوم فإنه في نفسه ليس بمذموم إذ هو قسمان : قسم يتعلق بالحساب والهيئة وقد نطق القرآن بأن مسير الكواكب محسوب إذ قال ( والشمس والقمر بحسبان ) وقال ( والقمر قدرناه منازل - الآية ) وقال ( ولتعلموا عدد السنين والحساب ) والقسم الثاني : الأحكام وحاصله يرجع إلى الاستدلال بالأسباب على الحوادث وقد نهى الشارع عنه لثلاثة أوجه : 
الأول : أنه مضر بأكثر الخلق فإنه إذا ألقى إليهم أن هذه الآثار تحدث عقيب سير هذه الكواكب والأنظار وقع في نفوسهم أن هذه الكواكب هي المؤثرات والآلهة المدبرات لأنها جواهر شريفة سماوية فيعظم وقعها في القلوب فتلتفت إليها وترى الخير والشر من جهتها ويمحو ذكر الله عن القلب فإن الضعيف يقصر نظره على الوسائط كالأطفال فإنهم يظنون أن الرازق آباؤهم وأمهاتم ، والعالم الراسخ هو الذي يعلم أن الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره سبحانه .
 الثاني : أن أحكام النجوم تخمين محض ليس بعلم لا باليقين ولا بالظن المعتبر، فالحكم به حكم بجهل فيكون مذموماً من حيث إنه جهل ووهم من حيث التطبيق لا من حيث إنه علم وحق؛ وقد قيل إنه كان من معجزة إدريس النبي ( عليه السلام ) وقد اندرس وانمحى ولا يعرفه إلاّ الخواص وما يتفق أحياناً من إصابة المنجم فهو اتفاق .
 الثالث : أنه لا فائدة فيه فإن كل ما قدِّر فهو كائن والاحتراز عنه غير ممكن فالخوض فيه خوض فيما لا يعني وتضييع العمر الذي هو أنفس بضاعة الإنسان بغير فائدة وهو الخسران المبين والأنبياء لكونهم أطباء القلوب يحملون الضعفاء على ما يوجب ترقيهم إلى جوار الله والوصول إلى دار كرامته وما لم يصل إليه عقلك ولم تعرف وجه الحكمة فيه فأعزل عقلك عن الفكرة فيه والزم على نفسك اتباعهم والتسليم لهم فإن فيه السلامة والله ولي التوفيق .
 
حررها كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد
محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 26 جمادى الأولى 1436هـ

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1149
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28