• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : التقليد واجب بحكم عمومات الكتاب والسنَّة المطهرين .

التقليد واجب بحكم عمومات الكتاب والسنَّة المطهرين

الإسم:  *****

النص: 
بسم الله الرحمن الرحيم 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
 
هل هذا الحديث صحيح ؟! حيث بعض الفقهاء والمحققين قالوا بأنها ليست صحيحة وهي :
قال الامام العسكري عليه السلام: «فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم، فإن من ركب من القبايح والفواحش مراكب علماء العامة، فلا تقبلوا منهم عنا شيئاً ولا كرامة، وإنما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك، لأن الفسقة يتحملون عنا، فيحرفونه بأسره لجهلهم، ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم، وآخرون يتعمدون الكذب علينا ليجرّوا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم.ومنهم قوم نصّاب لا يقدرون على القدح فينا، فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة، فيتوجهون به عند شيعتنا، وينتقصون بنا عند نصّابنا، ثمّ يضيفون اليه أضعافه، واضعاف أضعافه من الاَكاذيب علينا التي نحن براء منها، فيتقبله المستسلمون من شيعتنا على انّه من علومنا، فضلّوا وأضلّوا، وهم أضرّ على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد على الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه». (وسائل الشيعة ج27 ص131 عن تفسير الإمام العسكري عليه السلام).

الذين قالوا بذلك .. 
الحرّ العاملي في كتابه (وسائل الشيعة ج18 ص94 - 95)، قال بعد نقله للرواية: ((أقول: التقليد المرخّص فيه هنا إنّما هو قبول الرواية لا قبول الرأي والاجتهاد والظنّ، وهذا واضح، وذلك لا خلاف فيه... على أنّ هذا الحديث لا يجوز عند الأُصوليين الاعتماد عليه في الأُصول ولا في الفروع؛ لأنّه خبر واحد مرسل، ظنّي السند والمتن ضعيفاً عندهم، ومعارضه متواتر قطعي السند والدلالة، ومع ذلك يحتمل الحمل على التقية)).
2- السيّد الخميني (رحمه الله) في كتابه (الاجتهاد والتقليد ص97)، قال بعد كلام طويل في إثبات ونفي حجّية هذه الرواية: ((...كما ترى، فالرواية مع ضعفها سنداً، واغتشاشها متناً، لا تصلح للحجّية...)).
((فكان (عليه السلام) يدرّس الطالب بحسب ما يراه مناسباً مع فهمه، وكان الطالب يتلقّى عنه ويكتب ما يفهمه منه. ومن هنا جاء مستوى التفسير منخفضاً عن مستوى الإمام بكثير. على أن روايته ضعيفة, ولا تصلح للإثبات التاريخي))، انتهى.(تاريخ الغيبة الصغرى للسيّد محمّد الصدر: 197
لمحقّق السيد الخوئي(رحمه الله) في كتابه (الاجتهاد والتقليد ص81)، قال بعد كلام طويل: ((...ثمّ إنّ التكلّم في مفهوم التقليد لا يكاد أن يترتّب عليه ثمرة فقهية، اللّهمّ إلاّ في النذر؛ وذلك لعدم وروده في شيء من الروايات. نعم ورد في رواية الاحتجاج: (فأمّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه)، إلاّ أنّها رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد عليها)).
وقال في ص221: ((إنّ الرواية ضعيفة السند؛ لأنّ التفسير المنسوب إلى العسكري(عليه السلام) لم يثبت بطريق قابل للاعتماد عليه، فإنّ في طريقه جملة من المجاهيل، كمحمّد بن القاسم الاسترآبادي، ويوسف بن محمّد بن زياد، وعلي بن محمّد بن سيار؛ فليلاحظ!)).
4- السيّد محمّد سعيد الحكيم في كتابه (مصباح المنهاج - التقليد - ص13)، قال بعد كلام طويل: ((نعم قد يستفاد العموم من التوقيع الشريف: (وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأَنا حجّة اللّه عليهم). ومثله ما عن الاحتجاج من قوله (عليه السلام): (فأمّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه). وما عن أبي الحسن(عليه السلام): (اعتمدوا في دينكم على كلّ مسنّ في حبّنا، كثير القدم في أمرنا
مضافاً إلى الإشكال في الجميع بضعف السند، خصوصاً الأخيرين، وعدم وضوح الانجبار بعمل الأصحاب، ومفروغيّتهم عن الحكم؛ لقرب احتمال اعتمادهم على الأدلّة الأُخرى، فلا مجال للتعويل عليها في استفادة العموم))، انتهى.
وقد تعمّدت نقل رأي الحرّ العاملي - صاحب وسائل الشيعة - بهذه الرواية؛ لأنّه من الشيعة الأخبارية، ونقل رأي السيّد الخميني والسيد الصدر ؛ لأنّهما من الشيعة الأُصولية القائلين بالولاية العامّة، ورأي السيّد الخوئي والسيّد محمّد سعيد الحكيم؛ لأنّهما من الشيعة الأُصولية القائلين بالولاية الخاصّة لا العامّة، ليتبيّن للقارئ المنصف أنّ الشيعة بكلّ فرقهم تقريباً لا يعتمدون على هذه الرواية في الاستدلال على وجوب التقليد؛ لأنّها غير تامّة السند والدلالة
 
ننتظر ردكم .. 
 
 
الموضوع الفقهي: التقليد واجب بحكم عمومات الكتاب والسنَّة المطهرين.
بسمه تعالى
 
الجواب
السلام عليكم
     عدم اعتماد بعض أعلام الإمامية  على التوقيع الشريف الوارد عن مولانا الإمام الحجة المنتظر أرواحنا فداه  وعلى رواية الإحتجاج عن مولانا الإمام الحسن العسكري عليه السلام لا يعني بالضرورة عدم حجية دلالتيهما على وجوب التقليد عند الأعلام الآخرين  لا سيّما أن الخبرين المذكورين لهما ما يدعمهما من الأخبار الأخرى الدالة على وجوب رجوع الجاهل إلى العالم الفقيه، فإستدلال الفقهاء على وجوب التقليد لا يعتمد بالدرجة الأولى على هذين الخبرين بل ثمة عمومات وإطلاقات في الآيات الكريمة والأخبار النبوية والولوية تفيد وجب تقليد الجاهل للعالم الفقيه الورع الجامع للشرائط، وما تريد أنت إثباته لنا إنما هو رأي الإخباريين الذين يحرِّمون التقليد مطلقاً إلا للمعصوم عليه السلام، ونحن نسألكم كيف تقلدون المعصوم عليه السلام في مسائل كثيرة جداً حصلت بعد عصر غياب الحجة المعظم المهدي المنتظر أرواحنا فداه في حين وجود أخبار متعارضة في مئات الأخبار الواردة عنهم صلوات الله عليهم؟!  ولا يجوز لكم كعوام لا تقلدون أحداً أن تعملوا بالأخبار المتعارضة التي توقعكم ــ كمكلّفين ــ بالجهل ومخالفة الحكم الواقعي قطعاً  والظاهري أيضاً، بل لا يمكنكم ذلك بسبب إستحالة الجمع بين الأخبار المتعارضة في موضوع واحد، فإذا عمل بالخبر المثبت لحكم معيَّن فإنه سيؤدي إلى ترك الخبر المعارض له، وفي ذلك طرح لخبرٍ واردٍ عنهم، من هنا وقع الأخباريون بالتناقض في نتائج الحكم ما أوجب بعضهم ــ كالبحراني في كتابه الحدائق ــ سلوك طريق الأصوليين فقام بطرح بعض الأخبار المتعارضة مع ما يعتقد بصحته والإطمئنان إليه، بل اضطر بعضهم كالحر العاملي أن يحمل الكثير من الأخبار المتعارضة على التقية، وهو عين ما يفعله الأصوليون، فصار الأخباري كالحر العاملي والبحراني في نتائجهم الفقهية متوافقة مع النتائج الأصولية، فعلام الإختلاف يا تُرى..؟!  بالإضافة إلى أن العمل بالأخبار المتعارضة بالجمع بينها كما يفعل كثير من الأخباريين يوجب الوقوع في الحيرة والريب والشك بصدور الأخبار المتناقضة منهم عليهم السلام حاشاهم من ذلك فتنتفي الغاية من الانصياع إليهم والأخذ منهم وهو خلف ما أمر تعالى باتباعهم ووجوب الأخذ منهم..؟! كما أن إستدلالك بأقوال علماء أصوليين لكي تثبتوا بطلان التقليد لا يبطل بقية الأخبار التي استدل هؤلاء العلماء بها لإثبات صحة التقليد، فصحة التقليد لا تدور مدار الروايتين الشريفتين( رواية الإحتجاج ورواية التفسير المنسوب لمولانا الإمام العسكري عليه السلام) اللتين اعتبرهما بعض العلماء ضعيفتين ولا تنجبران بعمل الأصحاب كما عن بعض السادة وهو أمر عجيب صدوره منه مع كون تسالمها عند الأصحاب وعملهم بمضمونها واضحة كوضوح الشمس في رائعة النهار..!! ومجرد كون الرواية ضعيفة سنداً لا يبرر طرحها، إذ لا يجوز طرح الخبر الضعيف لمجرد ضعف سنده كما هو فحوى بعض الأخبار حتى على المسلك الفقهي المتشدد بالأسانيد، وأما على مبنانا الفقهي والرجالي ـــ المتوافق مع مسلك الأعلام المتقدمين وثلة من المتأخرين ـــ القائل بحجية الخبر الموثوق الصدور الذي قامت القرائن الداخلية والخارجية على صحته فالأمر ساعتئذٍ سهل فلا حاجة بنا للتشديد على السند ما دام الخبر متوافقاً مع الكتاب الكريم والسنّة المطهرة وقيام القرائن الدالة على توافق الخبر الضعيف سنداً مع القواعد والأسس التي أشرنا إليها، وما ذهبنا إليه من حجية الخبر الموثوق الصدور هو الحق الذي يجب العمل به في عملية الإستنباط الفقهي والعقدي وهو المتوافق مع أخبارهم الشريفة الآمرة بوجوب ردّ كلّ خبر منسوب إليهم إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله الثابتة....والصحيح صحة النسبة في التفسير إلى الإمام العسكري عليه السلام وقد رواه أساطين من الفقهاء المتقدمين والمتأخرين وهو كاف في صحته والركون إليه وغرساله ـــ على فرض ذلك ـــ منجبر بعمل الأصحاب. 
الإيراد على الإشكال الوارد على رواية تفسير الإمام العسكري عليه السلام :
    ثمة بعض العلماء ممن لا تحقيق في مطالبهم ضعفوا خبر الإمام العسكري عليه السلام بل ضعفوها تقليداً لأساتذتهم، ولكن الإنصاف عكس ما توهموه وذلك لأن الأخبار الدالة على جواز التقليد لا تتكئ على خبر التفسير المذكور فحسب بل هناك روايات كثيرة جداً تفيد صريحاً أو فحوى صحة التقليد( منها ) ما في الوسائل عن الاحتجاج للطبرسي وعن تفسير الإمام العسكري عليه السلام: « فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه » ؛  وقد يورد عليه ( أولا ) بأن مورد هذا الكلام هو أصول الدين وهو النظر في أمر رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله ) ومعجزاته ولا شك ان التقليد لا يجوز في ذلك ، فلا بد أن يكون مراد الإمام ( ع ) بالتقليد غير هذا المعنى ( ولا يخفي ما فيه ) فان موردها مطلق الأحكام وكان ذكر أمر رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله ) ومعجزاته من باب زيادة النقد على اليهود وانهم يتابعون فساق علمائهم حتى في هذا الأمر البين الواضح فراجع الاحتجاج ولولا ان الرواية طويلة لذكرتها لك ..و ( ثانيا) بما في الوسائل ناقلاً عن الأصوليين عدم جواز العمل به، ما حاصله من أنه لا يجوز الاعتماد عليها لضعف سندها بالإرسال إذ التفسير المذكور لم يثبت تواتره عن العسكري ( ع ) ولا نقله عنه على وجه يعتمد عليه واحتمل حملها على التقية وقال أيضا : انها معارضة بمتواتر قطعي السند..(ولا يخفى ما فيه) إن ضعف سندها مجبور بمصير معظم الأصحاب إلى جواز التقليد واستنادهم إليها ، وأما احتمال الحمل على التقية فمدفوع بالأصل ولولا الأصل لارتفع الوثوق بأكثر الأخبار . وأما دعوى كونها معارضة بالمتواتر فممنوعة ، فان المقطوع به عدم التواتر في منع التقليد في الفروع ، إلا أن يكون المراد به العمومات المانعة من التقليد أو العمل بغير العلم وهي لا تصلح للمعارضة لأن الرواية أخص منها .
ولا يبعد القول في حجية كتاب تفسير الإمام العسكري عليه السلام لاعتماد كثير من أساطين الحديث والفقه عليه والنقل عنه، ونسبته إلى الإمام عليه السلام قديماً وحديثاً من أمثال الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) الذي ضمن ما فيه، وقال(إنه حجة فيما بيني وبين ربي...وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع) وفي العلل والأمالي، وكذلك رواه عن الصدوق أساطين من الفقهاء كالمفيد والطوسي والطبرسي في الاحتجاج، وكذلك الراوندي في الخرايج وابن شهر اشوب في المناقب والمحقق الكركي والشهيد الثاني العامليين والمجلسين والمحقق البهبهاني والبحراني في الفوائد النجفية والحر العاملي في الوسائل والحويزاوي في نور الثقلين والنوري الطبرسي في المستدرك، ويظهر من الشهيد الثاني والمحقق الثاني كون التفسير  وراويه في غاية الإعتبار وكذلك حكم باعتباره ثلة من ممن عاصرناهم من العلماء كالسيدين الشيرازيين محمد وصادق... وهو الأقوى عندنا أيضاً،.ويجد الباحث الكثير من التفاصيل حول التفسير المذكور في خاتمة المستدرك وكذلك ثمة مقدمة تحقيقية في أول كتاب التفسير جدير بالباحثين الإطلاع عليهان وسيكون لنا بإذن الله تحقيق كامل في تثبيت صحة نسبة الكتاب إلى الإمام العسكري عليه السلام .
وخير رد مختصر في تفنيد دعوى ضعف الراوي لكتاب تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام هو ما ذكره المحدّث الحر العاملي أعلى الله مقامه الشريف وكل من جاء بعده ممن وثق التفسير  هم عيال على المحدث الحر العاملي أعلى الله مقامه وهو التالي:" ونروي تفسير الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام بالاسناد ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي ، عن المفيد ، عن الصدوق ، عن محمد بن القاسم المفسر الاسترآبادي عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار - قال الصدوق والطبرسي وكانا من الشيعة الإمامية عن أبويهما ، عن الإمام عليه السلام وهذا التفسير ليس هو الذي طعن فيه بعض علماء الرجال لان ذاك يروى عن أبي الحسن الثالث عليه السلام ، وهذا عن أبي محمد عليه السلام ، وذاك يرويه سهل الديباجي عن أبيه ، وهما غير مذكورين في سند هذا التفسير أصلا ، وذاك فيه أحاديث من المناكير وهذا خال من ذلك ، وقد اعتمد عليه رئيس المحدثين ابن بابويه فنقل منه أحاديث كثيرة في كتاب من لا يحضره الفقيه وفي سائر كتبه ، وكذلك الطبرسي وغيرهما من علمائنا ". انتهى.
والحاصل: إن التوقيع الشريف الوارد في تفسير الإمام العسكري عليه السلام حجة سنداً ودلالةً بما يقطع العذر عرفاً وشرعاً.ولا عبرة بتضعيف بعض المتأخرين في عصرنا الحاضر.
 والسلام عليكم.
 
 جدد تحريرها العبد الفقير محمد جميل حمود العاملي 
بيروت بتاريخ 26  جمادى الثانية 1436هـ.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1179
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28