الموضوع:ما هو حكم الخروج على حكام الجور في غيبة مولانا القائم المهدي عليه السلام؟وما هو الموقف الشرعي إتجاه الدخول في الأحزاب؟..
بسمه تعالى
السؤال: ما حكم الخروج على حكّام الجور قبل ظهور الإمام الحجّة عليه السَّلام؟
الجواب
بسم الله الرحمان الرحيم
لأقوى عندنا حرمة الخروج على حكّام الجور لأنّ التقيّة في دار التقيّة واجبة كما جاء في الاخبار الشريفة،فالخروج خلاف التقيّة ، ولأن في ذلك زيادة في كرب الشيعة، ولما جاءفي الأخبار النّاهية عن الخروج بالسلاح،ويراد من النهي عن الخروج هو من أجل إقامة الدّولة،ويشهد لما قلنا ما جرى في العراق،فإنّ الشيعة حاربوا النّظام البعثي وتكبّدوا الخسائر الهائلة فزاد ذلك في مكروبهم وإبادتهم،حتّى سخّر الله لهم تبارك وتعالى أقوى قوّة في العالم فأزالته بطرفة عين دون أن يكون للشيعة دورٌ عسكريٌّ في ذلك...أليس هذا أجمل وأحسن من قيامهم السابق بالسيف ولم يرتّبوا أي أثر في زعزعة النّظام البعثي!!؟.والخروج بالسيف على الحكومات الجائرة داخلٌ في مفهوم الجهاد الإبتدائي الذي لا يجوز إلاّ بإذن الإمام المهدي (عليه السلام) او نائبه الخاص،وحيث أنّه ليس للإمام المنتظر فديته بنفسي نائبٌ خاص في زمن الغيبة الكبرى،فلا ريب يكون الخروج بالسيف حينئذٍ غيرُ جائزٍ لعدم الوصول إليه لمعرفة نظره الشريف، والأصل في حال الشكّ بالحرمة هو الحرمة وليس أصل الإباحة أو الحليّة وذلك لإستصحاب الحرمة الواردة في اخبارهم الشريفة البالغة حدَّ التواتر المعنوي وقد روى الحرُّ العاملي الجمَّ الوفير في كتابه وسائل الشيعة/باب إشتراط وجوب الجهاد بأمر الإمام وإذنه، وإليكم بعضاً منها:
(1). وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن مسكين عن عبد الملك بن عمرو قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عبد الملك مالي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك؟ قال: قلت: وأين؟ قال: جدة وعبادان والمصيصة وقزوين، فقلت: انتظارا لامركم والاقتداء بكم، فقال: إي والله لو كان خيرا ما سبقونا إليه، قال: قلت: له: فان الزيدية يقولون ليس بيننا وبين جعفر خلاف إلا أنه لا يرى الجهاد، فقال: أنا لا أراه؟ ! بلى والله إني لأراه ولكني أكره أن أدع علمي إلى " على خ ل " جهلهم. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وكذا الذي قبله. (ح2).
(2). وعن محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن العباس بن الجريش، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام في حديث طويل في شأن انا أنزلناه، قال: ولا أعلم في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار. (ح4).
(3). وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن عبد الله، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن المغيرة قال: قال محمد بن عبد الله للرضا عليه السلام وأنا أسمع: حدثني أبي عن أهل بيته، عن آبائه أنه قال له بعضهم: ان في بلادنا موضع رباط يقال له: قزوين، وعدوا يقال له: الديلم فهل من جهاد أو هل من رباط؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه، فأعاد عليه الحديث فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا، فان أدركه كان كمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدرا، فان مات ينتظر أمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه هكذا في فسطاطه، وجمع بين السبابتين، ولا أقول: هكذا، وجمع بين السبابة والوسطى، فان هذه أطول من هذه، فقال: أبو الحسن عليه السلام صدق. (ح5)
(4)ـ محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له وانظروا لأنفسكم، فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي، فإذا وجد رجلا هو أعلم بغنيمه من الذي هو فيها يخرجه ويجئ بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها ثم كانت الأخرى باقية يعمل على ما قد استبان لها، ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم، إن أتاكم آت منا فانظروا على أي شئ تخرجون، ولا تقولوا خرج زيد، فان زيدا كان عالما وكان صدوقا ولم يدعكم إلى نفسه، وإنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه، فالخارج منا اليوم إلى اي شئ يدعوكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فنحن نشهدكم انا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد، وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لا يسمع منا إلا من اجتمعت بنو فاطمة معه، فوالله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه إذا كان رجب فاقبلوا على اسم الله، وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وإن أحببتم أن تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك يكون أقوى لكم، وكفاكم بالسفياني علامة.
(5) ـ وعنه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي رفعه، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: والله لا يخرج أحد منا قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به.
(6) ـ وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن بكر بن محمد، عن سدير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا سدير ألزم بيتك، وكن حلسا من أحلاسه، واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك.
(7) ـ وعنهم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن حفص بن عاصم عن سيف التمار، عن أبي المرهف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الغبرة على من أثارها هلك المحاصير، قلت: جعلت فداك وما المحاصير؟ قال: المستعجلون، أما إنهم لن يردوا الامر يعرض لهم " إلى أن قال: " يا أبا المرهف أترى قوما حبسوا أنفسهم على الله لا يجعل لهم فرجا؟ بلى والله ليجعلن الله لهم فرجا.
(8)ـ وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن الفضل الكاتب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه كتاب أبي مسلم فقال: ليس لكتابك جواب اخرج عنا " إلى أن قال: " ان الله لا يعجل لعجلة العباد، ولإزالة جبل عن موضعه أهون من إزالة ملك لم ينقض أجله " إلى أن قال: " قلت فما العلامة فيما بيننا وبينك جعلت فداك؟ قال: لا تبرح الأرض يا فضيل حتى يخرج السفياني فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا يقولها ثلاثا وهو من المحتوم.
(9) ـ وعنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل.
(10) ـ وعنه، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكية، واليماني، فقلت: جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال: لا الحديث.
(11)-محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام ( في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام ) قال: يا علي إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك لم تنقض أيامه.
(12 ) وفي ( العلل ) عن محمد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن عمران الهمداني، ومحمد بن إسماعيل بن بزيع جميعا عن يونس ابن عبد الرحمان، عن العيص بن القاسم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اتقوا الله وانظروا لأنفسكم، فان أحق من نظر لها أنتم، لو كان لأحدكم نفسان فقدم إحداهما وجرب بها استقبل التوبة بالأخرى كان، ولكنها نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة إن اتاكم منا آت ليدعوكم إلى الرضا منا فنحن نشهدكم انا لا نرضى إنه لا يطيعنا اليوم وهو وحده وكيف يطيعنا إذا ارتفعت الرايات والاعلام.
(13) الحسن بن محمد الطوسي في ( مجالسه ) عن أبيه، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب ابن سالم، عن أبي الحسن العبيدي، عن الصادق عليه السلام قال: ما كان عبد ليحبس نفسه على الله إلا أدخله الله الجنة. (ح 14) وعن أبيه، عن المفيد، عن أحمد بن محمد العلوي، عن حيدر بن محمد بن نعيم، عن محمد بن عمر الكشي، عن حمدويه عن محمد بن عيسى عن الحسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إن عبد الله بن بكير كان يروى حديثا وأنا أحب أن أعرضه عليك، فقال: ما ذلك الحديث؟ قلت: قال ابن بكير: حدثني عبيد بن زرارة قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام أيام خرج محمد " إبراهيم " بن عبد الله بن الحسن إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك إن محمد بن عبد الله قد خرج فما تقول في الخروج معه؟ فقال: اسكنوا ما سكنت السماء والأرض فقال عبد الله بن بكير: فإن كان الامر هكذا أو لم يكن خروج ما سكنت السماء والأرض فما من قائم وما من خروج، فقال أبو الحسن عليه السلام: صدق أبو عبد الله عليه السلام وليس الامر على ما تأوله ابن بكير، إنما عنى أبو عبد الله عليه السلام اسكنوا ما سكنت السماء من النداء، والأرض من الخسف بالجيش، ورواه الشيخ في ( المجالس والاخبار ) بهذا السند، ورواه الصدوق في ( عيون الأخبار وفي معاني الأخبار ) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن سهل بن زياد، عن علي بن الريان، عن عبيد الله الدهقان، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام نحوه.
(15) محمد بن الحسن الرضى الموسوي في ( نهج البلاغة ) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في خطبة له: الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجل الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيدا، ووقع اجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النية مقام اصلاته بسيفه، فان لكل شئ مدة واجلا ً.
(16)) إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي في ( كتاب الغارات ) عن إسماعيل بن أبان، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنصور بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى، عن أبيه، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش قال: خطب علي عليه السلام بالنهروان " إلى أن قال: " فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين حدثنا عن الفتن، فقال: إن الفتنة إذا أقبلت شبهت، ـ ثم ذكر الفتن بعده إلى أن قام ـ فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين ما يصنع في ذلك الزمان؟ قال: انظروا أهل بيت نبيكم فان لبدوا فالبدوا، وإن استصرخوكم فانصروهم تؤجروا، ولا تستبقوهم فتصرعكم البلية، ثم ذكر حصول الفرج بخروج صاحب الامر عليه السلام.
وزبدة المخض:
إنّ القيام المسلّح لتأسيس دولة إسلاميّة قبل الظهورخلاف التقيَّة الواجبة ولكونه من الجهاد الإبتدائي الذي ورد الدليل بالنهي عنه قبل الظهور الشريف،نعم الجهاد الدفاعي جائزٌ بل قد يكون واجباً في بعض الأحيان إذا تحققت شروطه،ولو سنحت الظروف الموضوعيّة للإستلاء على الحكم والسلطة دون إستعمال السلاح فيُعمل بقوانين العدل الذي نصّ عليه الكتاب الكريم والسنَّة الشريفة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبغي وإنصاف المظلوم ومساعدة الفقراء والمحتاجين ونشر الفضيلة والأخلاق والعقائد الحقة وغير ذلك مما لا بدَّ منه على الصعيد الديني والإجتماعي...وأما موقفنا الشرعي من الأحزاب فهو الشجب والإستنكار ،وذلك لما رتبته هذه الأحزاب من مذلة ومهانه وتشرزم وتمزق للطائفة المحقة بل وتفرد بالقرارات الدينيّة والسياسيّة وغيرها دون أن تسمح للآخرين من أبناء طائفتها بمشاركتها في المشاورة والنصيحة لخدمة أبناء الطائفة الواحدة،ودعوى السيد محمّد الشيرازي رحمه الله تعالى في كتابه "من أوليات الدولة الإسلاميّة"بضرورة إنشاء أحزاب إسلاميّة ترتبط بالمراجع باعتبار كون الحزب تجمعاً ثقافياً يقوم مقام التجمع العشائري لأنَّ الناس لا بدَّ لهم من تجمّع حتى ينتهي إلى الدولة...دونها خرط القتاد، وذلك للوجوه التالية:
(الوجه الأول):ما ذكرناه آنفاً من أنَّ وجود الأحزاب على الساحة الشيعيّة يؤدي إلى محاذير لم تعد تخفى على أحدٍ على الإطلاق،حتى بات أكثر السيعة اليوم يلعنون مؤسسيها والمروِّجين لها .
(الوجه الثاني):إنَّ وجود الأحزاب يؤدي إلى قضم أحكام الدين وعقائده،وقد لحظنا ذلك عند عامة الأحزاب الشيعيّة بلا إستثناء،فما حلَّ حزبٌ في بلدٍ شيعيٍ إلاَّ وحلَّ فيه الخراب الفقهي والعقائدي بل والسياسي والإجتماعي ايضاً،فانظر إلى شيعة العراق ولبنان والبحرين والكويت ،كيف بلبلت الأحزاب مجتمعاتهم وكيانهم حتى صاروا مهددين بما لا تُحمد عقباه،لكون هذه الأحزاب مرتبطة بجهاتٍ إقليميّة أو دوليّة تريد تحقيق الغايات التي من أجلها وجِدَت تلك الأحزاب والمنظمات التي اتخذت التشيع ذريعةً لها تتستر به وتتقمصه لأجل مآربها الرخيصة والتي منها شهوة الحكم والسلطة.
(الثالث):إنَّ الأحزاب سوآءٌ أكانت واحدة في البلد التي هي فيه أم متعددة تكتسب صفة الإستبداد والديكتاتوريّة الفكرية والسياسيّة وغيرهما ،وهذا أمرٌ بات واضحاً على الساحة العراقيّة واللبنانيّة والإيرانيّة،والإستبداد والتفرد بالرأي يمنعان من قول الحقّ وإقامة صرح العدل والإنصاف.
(الرابع):نستفيد من بعض الأخبار الشريفة أنَّ الأحزاب مانعةٌ من التعلقّ بغصن الولاء لأهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)لأنّ المتحزب دائماً يظن أنّ زعيمه أو مرجعه على حقٍّ وصوابٍ،لأنَّه تربى على ذلك،فلا يمكنه مخالفة حزبه الذي لقنه هذه المفاهيم المغلوطة والمخالفة لصريح الحقّ والصواب،ففي خبرٍ عن المعصوم (عليه السلام)قال:"كذب من زعم أنّه يحبنا وهو متعلقٌّ بفرع غيرنا"والأحزاب داعية إلى شهوة الحكم وليس لرضا آل البيت(عليهم السلام)كما حصل لزيدٍ الشهيد صلوات الله عليه،فلا يغتر من يدعو إلى إنشاء الأحزاب لانّ الصراط يوم القيامة دقيقٌ والوقوف للحساب عسيرٌ.وكلُّ من أراد الحكم سيناله ،وذلك حتى لا يقول أحدٌ إذا خرج الإمام المهدي (عليه السلام) لو ولّينا لعدلنا حسبما جاء ذلك في خبر هشام بن سالم عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام)قال:ما يكون هذا الأمر حتى لا يبقى صنفٌ من الناس إلاّ ولّوا على الناس،حتى لا يقولوا إنّا لو ولّينا لعدلنا ثم يقوم القائم بالحقّ والعدل.
فقد دلّ الخبر على أنّ كلَّ صنفٍ يريد الحكم سوف يحكم،والمراد بكلّ صنفٍ هو كل فئةٍ أو حزبٍ أو تنظيم همه الوصول إلى السلطة ليحكم ،وليس همه الحكم ليمهّد لآل البيت (صلوات ربي عليهم) بنشر عقيدتهم وأحكامهم ومبادئهم وإحقاق حقهم ودفع الضيم عنهم كما فعل زيد الشهيد (رضي الله عنه)الذي عبَّر عنه مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) بانَّه :"كان عالماً وكان صدوقاً ولم يدعكم إلى نفسه وإنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمَّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)ولو ظهر لوفى بما دعاكم ،إنّما خرج إلى سلطانٍ مجتمعٍ لينقضه،فالخارج منا اليوم إلى أيّ شيءٍ يدعوكم؟إلى الرضا من آل محمَّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فنحن نشهدكم أنَّا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم وليس معه أحدٌ...".
يظهر من هذا النصّ الشريف جواز الخروج على السلطان الجائر بشرطين:
(الأول):أن يكون الخارج ملتزماً بخطهم المقدّس،معتقداً ولايتهم ومتبرءاً من اعدائهم ومتألماً لما أصابهم من الظلامات والكربات.
(الثاني):أن يكون خروجه لأجل نصرتهم والتمهيد إلى ولايتهم وسلطانهم وإسترداد حقوقهم ودفع الظلم عنهم وحمايتهم ونصرتهم ونشر فضائلهم وعلومهم ومعارفهم.
فهذان القيدان معتبران في صحة الخروج على الجائر الغاصب لحقوق أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)،ويكون خروجه من باب الدفاع عنهم ويدخل في باب الجهاد الدفاعي ،وهو من أبرز مصاديقه وافضلها على الإطلاق نوهو الذي من أجله استشهد ثلة طاهرة من أعوانهم وخدامهم أمثال زيد وميثم التمار ورشيد الهجري وكميل وعمار بن ياسر ومالك الاشتر وأبي ذر الغفاري وأصحاب المولى المعظَّم سيّد الشهداء (روحي لتراب نعليه الفداء) وغيرهم مما لا يسعنا إحصاؤهم ،فإنَّهم خرجوا للنصرة ولم يخرجوا لطلب الكرسي والتزعم أو حماساً للمرجع الفلاني والقائد العلتاني كما هو ديدن شيعة اليوم إلاَّ من رحم ربي وقليلٌ ما هم:"وقليلٌ من عبادي الشكور"....
وهذا المعنى الذي استفدناه من هذا النصّ الشريف يتوافق مع النصوص الأخرى الدالة على صحة خروج اليماني على وجه الخصوص لأنَّه يدعو إلى القائم المنتظر (عجَّل الله فرجه الشريف) لذا عبَّرت عنه الأخبار المقدّسة بانَّه أهدى راية ،والسبب في ذلك هو أنّه يدعو للقائم المهدي (عليه السلام ولعن الله ظالميه)...وأين هذا ممن يخرج لأجل المرجعية والقيادة والسلطة؟؟؟؟!!!!هؤلاء المتحمسون لما ذكرنا تماماً كحماس عمر بن الحطَّاب لأبي بكر حينما إغتصبا الخلافة واعتديا على سيّدة نساء العالمين الزهراء البتول (عليها السلام) من هنا أفصح الإمام أمير المؤمنين عليٌّ(عليه السلام) عما يجول في خاطر عمر بن الحطّاب عن سرّ حماسه بقوله(صلوات ربي عليه وآله):" أحلب حلباً لك شطره ،وأشدد له اليوم يردده عليك غداً" فكان عمر الظالم يتحمَّس لنصرة أبي بكرٍ من أجل الزعامة التي سينالها بعد موت صاحبه،وهكذا شيعة الأحزاب في زماننا اليوم يتحمسون لأجل أن ينالهم شيءٌ من الحظوة عند زعيمهم وقائدهم الذي تجلبب بثوب الدين لينال ما عجز عنه بغير الدين....
والحاصل :
أنَّ الاحزاب لا خير فيها ولا يجوز الدخول في صفوفها والإنتظام بسلكها للوجوه الآنفة الذكر ،يضاف إليها أنَّها من السبل التي تفرّق عن سبيله عزَّ ذكره لقوله تعالى :" وانّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" الأنعام/153،فالدعوة إلى السلطة لقيادة الأمة -كما يسمُّون ويدّعون-والحماس لها وللمرجعية التي صارت تُعْبَد من دون الله تعالى ذكره دون أن يكون لهذه القيادة ولتلك المرجعية ذاك الحماس الذي كان لزيدٍ وغيره ممن ثاروا على طواغيت زمانهم،لذا لا يجوز الإنضواء تحت رايتهم ولا الدعوة إليهم ،لأنَّ في ذلك تكثير السواد على أهل البيت (عليهم السلام) لا سيّما على إمام زماننا الحجة ابن الحسن (عليهما السلام)،والله تعالى ذكره من وراء القصد ،والحمد لله ربّ العالمين وصلِّ اللهم على خاتم النبيين رسولك الكريم محمّد وآله الطاهرين المطهرين لا سيّما بقيّتك في ارضك وسمائك الإمام المنتظر إبن سيّدة الإماء مولاتنا نرجس (عليها وعلى بعلها آلاف التحية والسلام)..اللهم احرسه واحفظه وانصره واجعلنا من خدامه وأعوانه بحقّ الحقّ والقائل بالصدق رسولك الامين وآله المطهرين(عليهم السلام)..
والسلام عليكم ورحمته وبركاته...
|