• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : بيانات .
              • القسم الفرعي : بيانات وإعلانات .
                    • الموضوع : لماذا تُلصَق الإتهامات في كلِّ تحرك شعبي مطلبي؟ .

لماذا تُلصَق الإتهامات في كلِّ تحرك شعبي مطلبي؟

 

بسم الله الرّحمان الرّحيم
سؤال طالما ردّده المهرطقون اليوم وهو ما يلي:
لماذا تُلصَق الإتهامات في كلِّ تحرك شعبي مطلبي؟
   لا يخفى على كلّ مراقبٍ للإنتفاضات المطلبية في إيران والعراق ولبنان أنها تحركات ضد الأنظمة المستبّدة بشعوبها المحرومة من أبسط الحقوق التي يتوجب على الحكومات تأمينها وتوفيرها لرعاياها، فتقوم - أي هذه الحكومات- بتشويه صورة تلكم الإنتفاضات بإلصاق التُهم والهرطقات عليها ومن ثمَّ تصفيتها والقضاء عليها، وهو أمرٌ اعتاد عليه الأحرار الثائرون على الحكام الطواغيت، في عصرنا الحاضر وفي عامة العصور السابقة، بدءً بقيام الانبياء والأولياء عليهم السلام على الأنظمة الفاسدة والملحدة، وانتهاءً بقيام المستضعفين ضد الحكام الظالمين..وخير شاهد على ما نقول هو قيام أمير المؤمنين وزوجته سيّدة الطهر والقداسة فاطمة الزهراء -وبقية أبنائهما المطهرين سلام الله عليهم- ضد حكام عصورهم، فألصقوا بهم ما هو مستحيل صدوره منهم والتي منها حُبّ السلطة والزعامة...ولم تكن النية من هذه الإلصاقات الخبيثة إلا التشهير بأئمة الهدى وقادة العباد وساسة البلاد..فما بالكم بمن هم دونهم بالفضل كالقطرة بالقياس الى البحر المحيط فلا ريب في أنهم لن يسلموا من تهكمات الفراعنة والطواغيت الذين لم يرعوا قواعد التعقل والإدراك ولا قواعد الاخلاق ودساتير الأنبياء والأولياء العظام من آل محمد سلام الله عليهم..ومن هذه الهرطقات أن المحرّك للمنتفضين في إيران هم من منظمة مجاهدي خلق والسعودية واميركا والصهيونية العالمية..وأن المحرك للمنتفضين في العراق هي امريكا وأعداء الدين من اتباع النظام البعثي البائد...وأن المنتفضين في لبنان أكثرهم من النساء ذوات التنانير القصيرة والداعرات والراقصات من هنا وهناك ومعهم ثلة من الحشاشين والموتورين..الى غير ذلك من هرطقات لا يصدّقها إلا مخبولٌ في عقله أو احمقٌ لا يُحسن ما يقول...!!.
والواقع هو عكس ما يقولون، ولو فرضنا جدلاً ان فيهم ما ادّعاه المهرطقون فلا يستلزم ذلك سَحق مطالبهم كَبَشَر لهم حقوق في أعناق الحكام، وَهَلّا قرأوا ما قاله امير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه:( الناس صنفان : إمَّا أخٌ لك في الدين أو نظير لك في الخَلق) .
  وهل الحُكام وأبناؤهم وذووا قراباتهم وأنصارهم والمتحمسين لهم هم في قِمّة التقوى والورع والحياء..؟!
   ولو سلَّمنا جدلاً ان فيهم مومسات وداعرات وقطاع طرق يسرقون الناس.. فإن أكثر من يقوم بالانتفاضات هم اناس طيبون وشرفاء مُتّقون وأكثرهم من الطبقة المسحوقة من العمال والفقراء الذين لا يجدون ما يكفيهم من قوت يومهم ينامون جياعاً وهم يرون زعماءهم يكنزون الذهب والفضة في البنوك وبواطن الارض وخفايا المخابئ في الجحور...وَهَمُّهم الوحيد هو أنهم يريدون من الحكام أن ينصفوهم بالعطاء وتأمين فرص العمل وإعفائهم من ثقل الضرائب وتخفيف أسعار السلع والبضائع وتخفيض اسعار الوقود ومشتقاته وتأمين الطاقة الكهربائية وتوفير المياه وان يتعاطى الحكام معهم بعين العطف والرحمة ومد يد العون إليهم..وغير ذلك من حقوق مشروعة يجب على الحكام تأمينها للرعية...!!
  فهاك هو  كسرى ملك الفرس الذي كان نبينا الاعظم محمد صلى الله عليه وآله يفتخر بأنه ولِدَ في عهد الملك العادل كسرى في مقالته المشهورة" ولدت في زمن الملك العادل كسرى".
لقد كان الملك كسرى عادلاً مع رعيّته، ومُنصفاً لهم بالعطاء، فلم يستبِد بمقدّرات شعبه ولا انه طلب منهم أن يعبدوه أو ان يرضخوا لكلّ ما يؤمن به...لأنه كان يعلم أن الناس لا تريد دين الملوك بل جُلُّ همّهم هو تأمين لقمة العيش وان يعيشوا بهناء من دون ظلم الحكام واستبدادهم واغتصاب حقوقهم المشروعة والتي يجب على الحكام ان يوفروها للرعية..ونحن ننصح الحكام في إيران والعراق ولبنان أن يقرأوا عهد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه إلى قرة عينه تلميذه الوفي مالك الأشتر أعلى الله مقامه الشريف  حيث كان وكيله في مصر..هذا العهد الذي عملت به منظمة الأمم المتحدة وجعلته أهمَّ مصدر تشريعي لأنظمة الحكم وصفات الحاكم والمحكوم وحقوق كلّ واحد منهما على الآخر..وقد ترجَمَته عصبة الأمم المتحدة الى عامةاللغات العالمية...فأين هم حكام إيران والعراق ولبنان من عهد الأمير سلام الله عليه لمالك الأشتر..؟! هل قرأوه يوم تزعموا على الرعية، وإذا قرأوه في أوقات فراغهم، فهل يا تُرى تدبّروا في فصوله وفقراته..؟ لا اظن أنهم فعلوا ذلك، وذلك بسبب شقاوتهم الذاتية مِن جهةٍ، ولأن العمل به ثقيلٌ من جهة أُخرى..والسر في ذلك هو ما قاله أمير المؤمنين سيّدنا الإمام الأعظم علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله كاشفاً ماهية الظالمين والمستكبرين:( إن الحقَّ ثقيلٌ مريءٌ، وإن الباطلَ خفيفٌ وبيءٌ).
فيا أيها الحكام تأسّوا بمن تدَّعون أنه إمامُكم وإلا فأنتم منتحلون للتشيُّع تتخذونه ذريعةً للنيل من ضعفاء الشيعة والمناهضين لظلمكم وبِدَعِكم وانحرافكم عن جادة الشرع ومعالم الدين الحنيف..!!! وأني على دراية بهؤلاء الحكام في أنهم لن يعيروا اهتماماً لما أشرنا إليه، ولكنني أُبلغهم الحُجَّة حتى لا يقولوا يوم القيامة إنّا كنا عن هذا غافلين.. ولأني أتاسّى بقول الله تعالى لنبيه الكريم( ذكّر إنَّما أنت مذكّر لست عليهم بمصيطر).
والسلام على من اتبع الهدى.
خادم الحجج الأطهار سلام الله عليهم/ عبدهم محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ ٤ ربيع الثاني ١٤٤١ هجري قمري.
الموافق ١ كانون الاول ٢٠١٩ م.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1784
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 12 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29