سلام عليكم، هل من يقول عن فلان أنه وليُّ الأمر في هذا العصر يكون ضالاً... ؟
لي حسيني.
القسم العقائدي:ليس في الغيبة الكبرى وليٌّ للأمر غير إمامنا الحُجَّة القائم صلى الله عليه وآبائه الطاهرين عليهم السلام.
العناوين المجملة:الإيراد على الدعوى بثلاثة وجوه/المعنى العقائدي لوليّ الأمر/ مصطلح وليّ الأمر خاص بالمعصومين عليهم السلام/ يشترط في وليّ الأمر العصمة بدليل الإطلاق في آية الإطاعة الدالة على عصمة الله تعالى والرسول وأولي الأمر/ المدَّعي ليس كالأصيل من جميع الحيثيات/ إشكال وحلّ.
بسمه تعالى
وعليكم السلام ورحمته وبركاته
الجواب: الحقُّ يعلو ولا يُعلى عليه، وأداءً لحق مولاي الإمام القائم وآبائه الأطهار عليهم السلام يجب عليّ كخادمٍ له روحي فداه وللحجج الأطهار عليهم السلام أن أجيب بثلاثة وجوه هي الآتي:
(الوجه الأول): إن معنى (وليّ الأمر) هو أن صاحب اللقب الشريف له ولاية تكوينية وتشريعية من قبل الله تعالى باعتباره واسطة الفيض الإلهي على عوالم التكوين، كما أنَّه المخصوص بليلة القدر، وهو العالم بتفاصيل الأمور والملهم والموحى إليه من لدن ربّ العالمين وفيه مئة وتسعة وعشرين صفة بيّنها لنا إمامنا المعظم الرضا عليه السلام في كتاب الحجة في الجزء الأول من أصول الكافي/ باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته، فراجع.
(والحاصل):إنَّ لقب وليّ الأمر هو خاصٌ بالحجج الأطهار عليهم السلام، وكُلُّ مَنْ ألصقه بنفسه أو سحبه إلى غيرهم فهو ضالٌ ن السبيل ومضلٌ للآخرين، ذلك لأنّه قد جعل نفسَهُ مكانَ الحجج الأطهار عليهم السلام وساواهم بنفسه العاجزة عن القيام بالأمور الظاهرية فضلاً عن القيام بمهام الإمامة العظمى التي عجز عن حملها أكثر الأنبياء، فكيف بمَنْ هو عاجزٌ عن تدبير نفسه المحتاجة الى التقويم والتهذيب..فهذا العاجز الفقير هو بحاجةٍ إلى الحجج الأطهار عليهم السلام في كلّ حالاته وشؤون حياته في آناء ليله وأطراف نهاره..!!
(الوجه الثاني):يُشترط العصمة في وليّ الأمر الواقعي (لا الظاهري المدَّعي فحسب)، ذلك لأن القيام بوظائف التدبير التكويني والتشريعي لا يقوم بحملها إلا المعصوم المسدَّد من ربّ العالمين، وأين الثرى من الثريا يا أولي الألباب..!!.
(الوجه الثالث): إن الإمامة وولاية الأمر لا يقومان بالإختيار والشورى وهو ما أشارت إليه الأخبار الشريفة المؤيدة للآيات المباركة كآية التطهير والمباهلة وإطاعة أولي الأمر المنصوص عليهم، وبالتالي هي تعيين من الله تعالى لمن انتجبهم وانتخبهم واصطفاهم من عامة خلق الله تعالى في عالم الميثاق، فشتان ما بين المدَّعي والأصيل..!!!.وقد دلت النصوص الصادرة منهم عليهم السلام على أن آل محمد هم المقصودون بأولي الأمر، ففي أصول الكافي بسندٍ صحيح عن بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل:( إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهْلِها وإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) قال: إيانا عنى أن يؤدى الأول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعلم والسلاح وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم ، ثمَّ قال للناس: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ إيانا عنى خاصة، أمر جميع المؤمنين بطاعتنا ). راجع تفسير نور الثقلين ج 1 ص 497 ح 328.
فقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " فأوجب سبحانه طاعة أولي الأمر على الوجه الذي أوجب طاعته تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله على كل مكلَّف حاضر لنزول الآية وناشئ إلى انقضاء التكليف وفي كل أمر، فيجب عموم طاعة أولي الأمر المعصومين كذلك، لوجوب إلحاق المعطوف بحكم المعطوف عليه، وذلك مقتضٍ لإمامتهم، إذ لا أحد وجبت طاعته على هذا الوجه إلا من ثبتت إمامته بعد الرسول، ولا أحد قال بذلك في الآية إلا خصَّ بها علياً وفاطمة والحسن والحسين والتسعة المعصومين من ولد الإمام الحسين عليهم السلام، ولأن عموم طاعتهم مقتضٍ لعصمتهم، لأنه لو جاز عليهم القبيح مع إطلاق الأمر بطاعتهم في كل شئ لكان ذلك أمراً بالقبيح المتعذر منه تعالى، وإذا ثبتت عصمة أولي الأمر ( وهي ثابتة بحكم التعيين في الآية والأخبار) ثبت توجه الآية إلى من عيّنه الله تعالى، لأنه لم تثبت هذه الصفة لأحد ولا ادعيت له عدا المنصوص عليهم في الأخبار الشريفة، وقد أسهبنا في تفسير آية إطاعة أولي الأمر المصومين في كتابنا الجليل(أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد/ الجزء الأول ص 564) .
والحاصل:يبدو لي أن مَنْ ألصق على نفسه لقب " وليّ الأمر" لا يعرف ماهية هذا اللقب بكلّ تفاصيله وتفريعاته..! وما هذه الدعوى سوى دعوى للإمامة الخاصة بإمامة أهل البيت عليهم السلام، ولا يدّعيها إلا جاهل بالمقامات والمنازل ومقصّر في تأدية الحق لأهله وهو على حدّ الشرك بالله تعالى.. بالإضافة إلى أن الأخبار الشريفة نهت عن سحب ألقابهم الشريفة إلى غيرهم من عامة خلق الله تعالى، ومن فعل ذلك فهو ظالم ملعون، ومن وضع الإمامة الإلهية في غير أهلها فهو كافر وظالم ملعون..راجع بحار الأنوار ج 27 صفحة 60 ح 21. وأصول الكافي ج 1 صفحة 372.
إنْ قيل لنا: إن مَن أصبغ لى نفسه الإمامة أو أصبغها عليه الأتباع لا يقصد أنه الإمام المعصوم، فينحل المحذور من الأساس..!!
والجواب: التوجيه المتقدّم يبقى على حاله ما لم ينصب صارفة تمنع من أن يكون له نفس المنزلة التي للإمام المنصوص عليه في الآيات والأخبار، وبما أن المدّعي للإمامة يتبنى الولاية العامة والمطلقة التي هي حقٌ خاص بالإمام عليه السلام فلا مفر من بقاء المحذور باقياً على ما هو عليه حتى يُسْقِطَ عن نفسِهِ كلَّ المقامات الخاصة بأئمة الهدى من آل محمد (صلى الله عليهم أجمعين) التي تلبَّسها أو لبَّسها غيره عليه..فتأمل.
عبد الإمام القائم صلى الله عليه/ محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 1 ربيع الثاني 1443 هجري.
|