• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : الحلف برسول الله وأهل بيته الأطهار صلّى الله عليهم أجمعين جائز ومرغوب فيه .

الحلف برسول الله وأهل بيته الأطهار صلّى الله عليهم أجمعين جائز ومرغوب فيه

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
إلى الفقيه والمرجع العاملي دام ظله الشريف... 
سؤال:
  هل يجوز القسم بالقرآن؟ وإذا جاز الحلف بالقرآن..فماذا نفعل برواية شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الإمام الصادق (عليهالسلام) عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله) - في حديث المناهي - أنه نهى أن يحلف الرجل بغير الله، وقال: من حلف بغير الله فليسمن الله في شئ، ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب الله عز وجل وقال: من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها كفارة يمين فمنشاء برّ ومن شاء فجر، ونهى أن يقول الرجل للرجل: لا وحياتك وحياة فلان.(وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٢٣ - الصفحة٢٥٩).
وللرد على النواصبِ واضرابهم، هل يجوز القسم بأهل البيت عليهم السلام ومالدليل على ذلك؟.
وشكراً..
 
الموضوع الفقهي: (الحلف برسول الله وأهل بيته الأطهار صلّى الله عليهم أجمعين جائز ومرغوب فيه..).
بسمه تعالى
وعليكم السلام ورحمته وبركاته
الجواب: إن حديث المناهي يخالف الأخبار الأخرى الكاشفة عن عدم ترتب كفارة على من حلف بغير الله تعالى لا سيّما خبر بن ابي يعفورعن إمامنا الصادق عليه السلام قال:(اليمين التي تكفّر أن يقول الرجل: لا والله ونحو ذلك)،  وخبر محمّدٌ بنُ محمّدٍ بنِ النّعمانِ المُفيدِ في(العيونِ والمحاسنِ) عَن عليٍّ بنِ عاصمٍ عَن عطّاءٍ بنِ السّائبِ عَن ميسرةَ قالَ: إنَّ أميرَ المؤمنين (عليه السّلام) مرَّ برحبةِ القصّابينَ بالكوفةِفسمعَ رجُلاً يقولُ: لا والذي احتجبَ بسبعِ طباقٍ، قال: فعلّاهُ بالدّرّةِ وقالَ له: ويحكَ إنَّ اللهَ لا يحجبُه شيءٌ ولا يحتجبُ عَن شيءٍ، قالَ الرّجلُ: أنا أُكفّرُ عَن يميني يا أميرَ المؤمنينَ؟ قالَ: لا، لأنّكَ حلفتَ بغيرِ الله.
  إن خبر المناهي المروي بطريق شعيب بن واقد  يوجب الكفارة على مَن حلف بالقرآن في حين لم يوجب الكفارة على من حلف بغيرالقرآن..كالحلف بالنبي والتين والزيتون..أليس ذلك مستغرباً..؟!
 هذا بالإضافة إلى أن حديث المناهي مبنيٌّ على ظهور مادة النهي في الحرمة بعامة فقراته، وهو قابل للمناقشة من جهة إشتمال الخبر علىحرمةِ ما هو معروفٌ بالكراهة في أكثر فقراته مما يستلزم مساواة الكراهة بالحرمة وهو مشكلٌ شرعاً، مما أدّى الى القول بأن حديث المناهيلم يكن صادراً عن النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله في مجلس واحد بل من المحتمل صدوره في مجالس متعددة ومن ثم جُمعَت في مقامالحكاية..فالفقرة الموجودة في الخبر - المشار إليه في سؤالكم - توجب الكفارة فيما لو حلف الحالف بسورة من القرآن..وهذا مخالف للأخبارالأخرى التي نفت الكفارة عمّن فعل ذلك..فضلاً عن أن الفقرة - موضوع البحث - مخالفة لظواهر القرآن الكريم الكاشف عن قسم الله تعالىبنبيه الكريم وبما دونه من الكائنات الشريفة...فتأمل.
 والنهي عن الحلف بغير الذات الإلهية محمول على النهي الوضعي المراد منه نفي الأثر المترتب على اليمين فلا يكون يميناً شرعياً وبالتالي لايترتب عليه كفارة لو حنث، ولا يحمل على النهي التكليفي ، وهو نظير يمين المناشدة كما لو قال أحدُهم للآخر( أسألك باللهِ أن تعطيني كذا) ويمين الإخبار عما وقع في الماضي او سيقع في المستقبل..وكذلك يمين اللغو التي تدور على ألسنة الناس التي اعتادوا عليها فيمخاطباتهم ومحاوراتهم فلا أثر وضعي لها على الإطلاق.
 وأما الجواب عن سؤالكم فهو الآتي: إن الحلف برسول الله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام جائز ولا كفارة على الحالف بهم عليهم السلام اوالحانث بقسمه بهم - وإن كان دفع الكفارة على الاحوط لعلو قدرهم - ونستدل على جواز الحلف بهم عليهم السلام بثلاثة أمور هي:
١ - جريان السيرة القطعية على جوازه كما أفاد شيخنا الكبير  محمد حسن النجفي صاحب الجواهر أعلى الله مقامه.
٢ - الاصل الدال على صحة ذلك، إذ لا دليل على الحرمة.
٣ - وجوده في النصوص الصادرة عنهم عليهم السلام وقد روى الحُرّ العاملي العديد منها في عدة أبواب من كتابه وسائل الشيعة / كتابالإيمان.
 ويُضاف الى ذلك: إنّ الله تعالى قسم برسوله محمّد صلّى الله عليه وآله كما في قوله تعالى( يس ) و ( طه) و(لعمرك إنهم لفي سكرتهميعمهون) فنحن نتأسى بالله تعالى الذي قسم برسوله الكريم وآله الطاهرين لأنهم نفسه وروحه وقلبه...
وقسم الله تعالى بالحروف المقطَّعة في أوائل السور وبالقرآن العظيم.. وقسم ببعض مخلوقاته كالتين والزيتور وطور سينين ..فنحن نفعل كمافعل الله حيث قسم برسوله الكريم، وبما هو أدنى منه بملايين المرات كالتين والزيتون.. فلماذا يمنع العمريون السلفيون - قاتلهم الله أنّىيؤفكون - عن الحلف بالنبي وآله يا تُرى سوى شنشنة الكره لآل محمد عليهم السلام..؟!
 وهل تلد الحيّة إلا حيّة
   شنشنة أعرفها مِن أخزم
 وقد أفتى فقهاء العامة من بقية المذاهب المبتدعة بجواز الحلف بغير الله واستدلوا بروايات عن النبي والصحابة أنهم حلفوا بغير الله نظير مارواه مُسلمٌ في صحيحِه: أنّه جاءَ رجلٌ إلى النّبيّ، فقالَ: يا رسولَ اللّهِ أيُّ الصّدقةِ أعظمُ أجراً ؟ فقالَ: (أما ـ وأبيكَ ـ لتُنبئنَّه أن تصدَّق وأنتَصحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقرَ وتأملُ البقاءَ) . وأخرجَ مُسلمٌ أيضاً: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللّهِ ـ مِن نجدٍ ـ يسألُ عنِ الإسلامِ، فقالَ رسولُ اللّهِصلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّم: خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللّيل. فقالَ: هَل عليَّ غيرهنّ؟ قال: "لا...إلاّ أن تطوّع". وصيامُ شهرِ رمضانَ". فقالَ: هلعليَّ غيره؟ قال: "لا... إلاّ أن تطوّع، وذكرَ لهُ رسولُ اللّه الزّكاة. فقالَ الرّجلُ: هَل عليَّ غيرُه؟ قالَ: "لا... إلاّ أن تطوّع". فأدبرَ الرّجلُ وهو يقولُ: واللّهِ لا أزيدُ على هذا ولا أنقصُ منهُ. فقالَ رسولُ اللّهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم: أفلحَ ـ وأبيهِ ـ إن صدقَ. أو قالَ: دخلَ الجنّةَ ـ وأبيهِ ـ إنصدقَ) .
وقد حلفَ غيرُ واحدٍ منَ الصّحابةِ بغيرِه سُبحانَه، فهذا أبو بكرٍ بنُ أبي قُحافة على ما يرويهِ مالكٌ في موطّئه: أنَّ رجُلاً مِن أهلِ اليمنِ أقطعُاليدِ والرّجلِ قدمَ فنزلَ على أبي بكرٍ فشكا إليهِ أنّ عاملَ اليمنِ قد ظلمَه، فكانَ يُصلّي منَ اللّيلِ، فيقولُ أبو بكرٍ: وأبيكَ ما ليلُكَ بليلِ سارقٍ) . وعلى ذلكَ مضَت سيرةُ المُتشرّعةِ منذُ عهدِ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وإلى يوِمنا هذا، ولِذا لم يُفتِ الأحنافُ والشّافعيّةُ بحُرمةِ الحلفِبغيرِ اللهِ وحملوهُ على الكراهةِ، وكذلكَ أفتى بعضُ المالكيّةِ بالكراهةِ...!
والله وليُّ المتقين
غريب الديار محمّد جميل حمُّود العاملي/ بيروت/ بتاريخ ٢٧ جمادى الثانية ١٤٤٤ هجري قمري.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=2137
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 01 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28