• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : علَّة خلق الله تعالى للمخلوقات من الجنّ والإنس هي العبادة والمعرفة والإمتحان .

علَّة خلق الله تعالى للمخلوقات من الجنّ والإنس هي العبادة والمعرفة والإمتحان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى فقيه العلم والتقى مرجعنا العاملي حفظه أمير المؤمنين علي عليه السلام عندي سؤال وهو كالتالي:
إذا كان الله يعلم بنهاية خلقه من هو المؤمن ومن هو الكافر والفاسق ووووالخ، 
ويعلم ان إبليس لعنه الله سوف يكفر إذن ماهي الفائدة من هذا الخلق وماذا يريد الله لنفسه من هذا الخلق؟. 
وماهي مدخلية وعلاقة الخلق بخروج نبي الله آدم عليه السلام من الجنة، وماهي مدخلية هذا الخلق بهذا العصيان الذي سوف يتسبب بدخول بعض الخلق في النار والبعض الآخر في الجنة؟.
وماهو الفرق بين كلمة الإنسان وبين كلمة البشر؟ 
نحتاج توضيح للرد على بعض المؤمنين الذين يبحثون عن المعارف النورانية والأسرار الربانية الإلهية المودعه في الهياكل المحمدية العلوية الفاطمية الحسنية الحسينية، وللرد أيضاً على الماديين وبعض الجهال الذين يريدون جواباً مادياً علمياً يصل إلى عقولهم الظلمانية لكي يتم افحامهم وإسكاتهم..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

الموضوع العقائدي: ( علَّة خلق الله تعالى للمخلوقات من الجنّ والإنس هي العبادة والمعرفة والإمتحان ).
بسم الله جلَّت عظمتُه


السلام عليكم ورحمته وبركاته
   الجواب: إن الله عزَّ وجلَّ لم يخلق العباد لكي يعرفَ - أي اللهُ تعالى - المؤمنَ من الكافر، والتقي من غير التقي..والمعتقد بهذا يكون قد وقع في ورطة عقائدية عظيمة وهي نسبة الجهل إلى الله تعالى وهو خُلْفُ (أي عكس) كونه عالماً بذاته وبمخلوقاته، ولو كان جاهلاً لما استحق أن يكون إلهاً، ذلك لأن نسبة الجهل إلى ذاته المقدَّسة تجعله في مصافِّ العدم، فيستلزم عدم معرفة ذاته وفراغ ذاته من العلم بتفاصيل أفعال مخلوقاته، وإفتقاره إلى العباد ليحصل على العلم منهم، والحاجة إلى تحصيل العلم من الآخرين وهم العباد الذين خلقهم، فيؤدي ذلك  -كما قلنا آنفاً - إلى الحاجة والإفتقار إليهم وهو خُلْفُ كونه غنيَّاً بذاته، وجميع المخلوقات بحاجة إليه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }فاطر15 . فالعباد فقراءٌ إليه عزَّ وجلَّ باعتبارهم مخلوقين ومعلولين للعلَّة الخالقية الأولى التي لا تحتاج إلى علَّة تعطيه العلم أو تمدُّه به، ولو كان كذلك لصار معلولاً للعلَّة التي أعطته العلم، فيصير فقيراً إلى العلَّة التي وهبته العلمَ..فتأمل.
  وقد أسهبنا في موضوع علم الله تعالى الأزلي الأبدي في الجزء الأول من كتابنا القيِّم( الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية ) فليراجع.
   وبناءً عليه: فإنَّ الله تعالى كان وما يزال عالماً بما سيؤول إليه أمر الشيطان، فهو عالم بكلِّ تفاصيله وجزئياته، فمن خلق الخلق من العدم فهو قطعاً عالم بكلِّ تفاصيل حياتهم وأفعالهم وأقوالهم وخواتيم أعمالهم {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الملك14. فقد خلق الله تعالى إبليس لعنه الله تعالى لإمتحان العباد به والفوز بمخالفته بعد أن أعطاهم العقول وأرسل لهم الأنبياء والأوصياء والأولياء العظام من آل محمَّد صلَّى الله عليهم أجمعين..فعندما خلق اللهُ تعالى الشيطانَ وخلق الجنَّ والإنس لم يكن خلقه لهم لينتفع بهم..كلا وألف كلا..بل خلقهم ليدلَّهم على ذاته المقدَّسة ليعرفوا بأنه قادر عظيم؛ قال أمير المؤمنين الإمام الأعظم وليُّ الله الأكبر عليّ بن أبي طالب صلَّى الله عليه وآله في دعاء الصباح: (..يا من دلَّ على ذاته بذاته، وتنزَّهَ عن مجانسة مخلوقاته وجلَّ عن ملائمة كيفياته، يا من قَرُبَ من خطرات الظنون، وبعُد عن لحظات العيون، وعلم بما كان قبل أن يكون ..) وقال الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام في دعاء أبى حمزة الثّمالى: ( بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك..). 
  فهو عزَّ وجلَّ دلَّنا على ذاته حينما خلقنا من العدم، ويستحيل عقلاً أن نكون في هذا العالم من دون صنعِ قديرٍ عظيم، فالمعلول لا يوجَد بنفسه بل هو معلول لغيره مرتبط به، ذلك لأن المعلول دائماً فقير إلى العلَّة التي أوجدته، ومن دون العلَّة لا يتحقق المعلول، إذ إنَّ فاقد الشيء لا يعطيه أي إن الفاقد للوجود كيف يوجد نفسَه بنفسه بالرغم من أنَّه كان في طي العدم..! فلا بُدَّ للموجود - وهو نحن وبقية الماديات والجواهر والأعراض - من موجِد وهو الله الكبير المتعال، فخلقنا ليدلنا على أنَّه هو الله العظيم الذي يستحق أن نعبده ولا نعبد مخلوقاً بحاجة إلى من أعطاه الحياة وأخرجه من طي الفناء والعدم، فهو أحبَّ أن يُعْرَف ثم يُعبَد..فخلقنا لكي يعرّفنا أنَّه الله العظيم وعندما نعرفه نعبده، قال الله عزَّ وجلَّ:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56 . والعبادة متفرعة عن المعرفة به وبصفاته وأنَّه يستحق أن يُعْبَد دون سواه من مخلوقاته..فإذا عرفوه ثم عبدوه إستحقوا دخول النعيم الأبدي وهو الجنَّة، ولا يصح دخول الجنَّة من دون تكليف وتمحيص، وإلَّا لما كان خلقهم وركَّب فيهم الشهوات والغرائز؛ بل لكان خلقهم من دون غرائز يعبدونه في الجنّة وهو عملٌ إجباريٌّ لا يثاب عليه المخلوق المضطر بطبعه للعبادة والطاعة، ولما كان خلق إبليس ليغويهم ويضلّ من شاء الضلالة بفعل عدم إنقيادهم للشرائع والرسل والأوصياء عليهم السلام..!
 وبالجملة: إن الله عزَّ وجلَّ خلقهم مع ما هم عليه من الغرائز والشهوات وفي المقابل وهبهم العقول ونصب لهم السفراء والرسل ليكونوا عارفين بالله تعالى فيعبدوه بإختيارٍ من أنفسهم وبملء حريتهم وإرادتهم، وبالتالي يستحقون نعيم الأبد.. وهو ما تواترت به الأخبار الشريفة مفسّرةً للآية المتقدِّمة؛ وقد عقد الشيخ الصدوق باباً خاصاً في الجزء الأول من كتابه "علل الشرائع" الباب التاسع ص 19 وفيه ثلاثة عشر حديثاً يشير إلى العلَّة التي من أجلها خلق الله تعالى الخلقَ..منها التالي:
1 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن عبد الكريم بن عبد الله عن سلمة ابن عطا عن أبي عبد الله عليه السلام  قال: خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال: أيها الناس ان الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه ، فقال له رجل : يا بن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله ؟ قال معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته .
     قال الشيخ الصدوق مفسّراً وجه الحاجة إلى الإمام عليه السلام: يعني ذلك ؛ أن يعلم أهل كل زمان أن الله هو الذي لا يخليهم في كل زمان عن إمام معصوم ، فمن عبد رباً لم يقم لهم الحجة فإنما عبد غير الله عز وجل .
   نضيف إليه: بأن معرفة الله تعالى بحقٍّ منحصرةٌ بتعليم أهل البيت عليهم السلام لنا حيث علَّمونا كيف نوحّدُ الله تعالى بتنزيهه عن المادة والماديات، فهم أسماؤه وصفاتُه التي يجب أن يتوجه إليها الناس بشكلٍ عام، فالتمسك بهم يعني التمسك بالله تعالى وهم السمت والجهة التي توصل إلى الله تعالى..فبهم عُرِفَ الله وبهم وحِّدَ الله، ولولاهم ما عُرِفَ الله ولا وحّدَ الله تعالى {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة115) .
  {..وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }البقرة144 . فهم صلَّى الله عليهم أجمعين الجهةُ والشطر الذي يوصل إلى الله تعالى..فشطر ُكلِّ شيءٍ هو نحوه وقصده..أي فولُّوا وجوهَكم وقلوبَكم إلى آل الله محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين صلَّى الله عليهم أجمعين...فغير الشيعة من فرق الضلالة كأتباع الشيخين عبدوا إلهاً كالإنسان له يدان ورجلان وعينان وعورة ويجلس على العرش وينزل إلى السماء الدنيا كلَّ ليلة جمعة على حمارٍ أعرج..ويُرى يوم القيامة كما يُرى القمر في ليلة كماله وتمامه فصاروا كاليهود والنصارى والمجوس والسيخ وغيرهم ممن عبدوا  - وما يزالون يعبدون - المجسمات كما فصَّلنا ذلك في الجزء الأول من كتابنا الجليل"الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية ".
2 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد  عليه السَّلام فقلت له: لم خلق الله الخلق ؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثاً ولم يتركهم سدى بل خلقهم لإظهار قدرته وليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم الأبد .
 - 3أخبرني أبو الحسن طاهر بن محمد بن يونس بن حياة الفقيه فيما أجازه لي ببلخ قال: حدثنا محمد بن عثمان الهروي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن مهاجر قال حدثنا هشام بن خالد قال: حدثنا الحسن بن يحيى قال : حدثنا صدقة بن عبد الله ، عن هشام ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبرئيل عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: من أهان وليَّاً فقد بارزني بالمحاربة، وما ترددت في شئ أنا فاعله مثل ترددي في قبض نفس المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدَّ له منه، وما يتقرب إليَّ عبدي بمثل أداء ما اقترضت عليه ولا يزال عبدي يبتهل إليَّ حتى أحبَّه ومَن أحببته كنت له سمعاً وبصراً ويداً وموئلاً، إن دعاني أجبته وأن سألني أعطيته ، وانَّ من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفه عنه لئلا يدخله عجبٌ فيفسده، وان من عبادي المؤمنين لمن لم يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه بالغني ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالسقم ولو صححت جسمه لأفسده ذلك ، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلَّا بالصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك ، أني أدبِّر عبادي بعلمي بقلوبهم فإني عليم خبير .
  4 حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال: حدثنا عبد الله موسى الحبال الطبري قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب قال: حدثنا محمد بن محسن عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر ابن محمد عليه السلام:إن الناس يعبدون الله عز وجل على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع ، وآخرون يعبدونه خوفاً من النار فتلك عبادة العبيد وهي رهبة، ولكني أعبده حباً له عزَّ وجلَّ فتلك عبادة الكرام وهو الأمن لقوله عزّ وجلّ: ( وهم من فزع يومئذ آمنون؛ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) فمن أحبَّ الله عزَّ وجلَّ أحبه الله ، ومن أحبه الله عز وجل كان من الآمنين .  
 5   حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمارة السكري السرياني قال : حدثنا إبراهيم ين عاصم بقزوين قال : حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبد الله بن عبد الله مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال : حدثني عبد الله ابن يزيد قال : حدثني أبي يزيد بن سلام عن أبيه سلام بن عبد الله أخي عبد الله ابن سلام عن عبد الله بن سلام مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: في صحف موسى بن عمران عليه السلام يا عبادي: إني لم أخلق لأستكثر بهم من قلة، ولا لأنسٍ بهم من وحشة ، ولا لأستعين بهم على شئ عجزت عنه ، ولا لجر منفعة ، ولا لدفع مضرة ، ولو أن جميع خلقي من أهل السماوات والأرض اجتمعوا على طاعتي وعبادتي لا يفترون عن ذلك ليلاً ولا نهاراً ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، سبحاني وتعاليت عن ذلك .
 - 6 حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله  عليه السلام عن قول الله عز وجل: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) قال: خلقهم ليأمرهم بالعبادة، قال : وسألته عن قوله الله عز وجل ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ) ولذلك خلقهم ؟ قال: ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم.
  7  حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن عبد الله بن أحمد النهيكي عن علي بن الحسن الطاطري قال: حدثنا درست بن أبي منصور عن جميل بن دراج قال : لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك ما معنى قول الله عز وجل : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فقال: خلقهم للعبادة .
  8  حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن الحسن بن علي بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) قال : خلقهم للعبادة قلت: خاصة أم عامة ؟ قال : لا ، بل عامة .
  9حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي عن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : لم خلق الله سبحانه وتعالى الخلق على أنواع شتى ولم يخلقهم نوعا واحدا ؟ فقال لئلا يقع في الأوهام انه عاجز ولا يقع صورة في وهم ملحد إلا وقد خلق الله عز وجل عليها خلقا لئلا يقول قائل : هل يقدر الله عز وجل على أن يخلق صورة كذا وكذا، لأنه لا يقول من ذلك شيئاً إلَّا وهو موجود في خلقه تبارك وتعالى فيعلم بالنظر إلى أنواع خلقه أنه على كلِّ شئ قدير .
   فهذه الأخبار الشريفة واضحة في تفسيرها لآية علَّة الخلق وهي العبادة المتفرعة عن المعرفة بالله تعالى، ونحن نسأل المشككين بعلّة الخلق: هل أنتم وجدتم في هذه الدنيا لتأكلوا وتشربوا.. فقط..؟! إذاً فما هو الفرق بينكم وبين البهائم..؟! فلا بدَّ أن يكون الإنسان مميَّزاً عن البهائم، والمائز بينهم وبين البهائم هو المعرفة بالله تعالى والخضوع له لأنه أوجدهم من العدم لكي يعرفوا عظيم قدرته وجبروته وكبريائه..بل الحيوانات تعرف الله تعالى فهي أفضل من المنكر لوجوده تعالى والمارق عن عبادته والعروج إليه بقدم العبودية التي هي حياة العقول والأرواح والنفوس..
   وأمَّا الفرق بين الإنسان والبشر: فقد جاء في كتب الأحاديث معنى الإنسان، ففي معاني الأخبار وعلل الشرائع والبحار ما يفسّر كلمة معنى إنسان، وهو بما يلي:
1 - العلل : عن علي بن أحمد بن محمد بن جعفر الأسدي ، عن معاوية بن حكيم عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمي الانسان إنساناً لأنه ينسى ، وقال الله عز وجل " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي .. " .
  بيان: الانسان فعلان عند البصريين لموافقته مع الانس لفظا ومعنى، وقال الكوفيون : هو افعان من " نسي " أصله إنسيان على إفعلان ، فحذفت الياء استخفافا لكثرة ما يجري على ألسنتهم فإذا صغروه ردوه إلى أصله لان التصغير لا يكثر ، و هذا الخبر يدل على مذهب الكوفيين ، ورواه العامة عن ابن عباس أيضا قال الخليل في كتاب العين : سمي الانسان من النسيان ، والانسان في الأصل: إنسيان، لأن جماعته أناسي ، وتصغيره أنيسيان، بترجيع المدة التي حذفت وهو الياء وكذلك انسان العين . وحكى الشيخ في التبيان عن ابن عباس أنه قال : إنما سمي إنسانا لأنه عهد إليه فنسي . قال الله تعالى " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ً" وقال الراغب في مفرداته: الانسان  قيل: سمي بذلك لأنه خلق خلقة لأقوام له إلا بأنس بعضهم ببعض ، ولهذا قيل : الانسان مدني بالطبع ، من حيث إنه لأقوام لبعضهم إلا ببعض ولا يمكنه أن يقوم بجميع أسبابه . وقيل: سمي بذلك لأنه يأنس بكل ما يألفه،  وقيل: هو إفعلان وأصله إنسيان سمي بذلك لأنه عهد إليه فنسي .
2 - العلل : عن علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء ، يعني خلقت حواء من آدم.
3 - معاني الأخبار : مرسلا : معنى الانسان أنه ينسى ، ومعنى النساء أنهن انس للرجال ، ومعنى المرأة أنها خلقت من المرء.
  بيان: كون النساء من الانس إما مبني على القلب، أو على الاشتقاق الكبير أو على أنه إذا أنسوا بهن نسوا غيرهن فاشتقاقه من النسيان .
 والبشر جمع بشرة وهي ظاهر الجلد، وتأتي بمعنى ظاهر قشرة الأرض التي خلق منها النبي آدم عليه السلام.
 

والحمد لله ربّ العالمين والسلام عليكم والرحمة..
المترقب المنتظر العبد محمّد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 27 ربيع الثاني 1445 هجري قمري.


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=2218
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 11 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 7