• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : ما هو الدليل على عصمة المولى المعظم وليّ الله أبي الفضل العباس وأمّه الصدّيقة الطاهرة فاطمة الكلابية..؟ .

ما هو الدليل على عصمة المولى المعظم وليّ الله أبي الفضل العباس وأمّه الصدّيقة الطاهرة فاطمة الكلابية..؟

 

عصمة أُمهات المعصومين عليهم السلام
السلام عليكم ورحمة الله
  عندنا إشكالان محتملان حول عصمة أمهات المعصومين عليهم السلام.. بالنسبة للإحتمال الأول، ففيه شقان:
  الشق الاول:ما هو الدليل على ملازمة العصمة بين أُمّ المعصوم والمعصوم؟
  الشق الثاني:ما هو الدليل على عصمة قمر الهواشم مولانا ابا الفضل العباس صلوات الله وسلامه عليه..؟
 أمّا بالنسبة للاحتمال الثاني:فهل يصحُ الاستدلال على العدم..؟
ودّي واحترامي
_______
الموضوع العقائدي: ما هو الدليل على عصمة المولى المعظم وليّ الله أبي الفضل العباس وأمّه الصدّيقة الطاهرة فاطمة الكلابية..؟
بسم الله جلَّت عظمته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
  الجواب على الشق الأول بما يلي: 
  نستدل على ملازمة العصمة بين أُمّ المعصوم وإبنها المعصوم عليهما السَّلام بوجهين: أحدهما عقليٌّ؛ وآخر شرعيٌّ.
  أمّا العقلي: فهو على نحوين هما:
    (النحو الاول):وهو مبنيٌّ على وجوب التجانس والمشابهة بين الأم وإبنها المعصوم عليهما السَّلام، ومن دون الترابط بين الأصل والفرع لا يمكن أن تتحققَ المجانسة والمشاكلة، فالأصل هو الأم كوعاءٍ يتربى فيه الإبن الفرع؛ فإذا كان الوعاءُ المحمول في بدن الأصل غيرَ معصومٍ ومُطهَّر؛ فمن الواجب العقلي والتلازم الطبيعي الحكم بعدم الإنفكاك بين الأصل والفرع في السنخية الطبيعية المرتكزة بين العلّة الطبيعية ومعلولها، فهما متلازمان من حيث السنخية الطبيعيَّة؛ فجميع الكائنات الطبيعية تتشابه فيما بينها ولا تغاير بينها على الإطلاق، فالنحلة تفقص بيضها الذي تكوّنت فيه وترعرعت في داخله بما يشبهها، فتلد نحلةً مطابقةً بأوصافها لصاحبة البيضة، فتحمل جميع جيناتها وخلاياها ولا تغاير بين النحلة وفرخها..وهكذا الثمرة تحمل في باطنها نواة هي تصغير للثمرة الأم ولا اختلاف ولا تغاير بين الثمرة ونواتها سوى بالشكل الظاهري لا الواقعي..وهكذا في بقية الكائنات الأخرى لا تغاير بين الأُمّ والمولود..سواء كان جماداً أو نباتاً أو حيواناً أو إنساناً..فلماذا يريد البعض الفصل بين المعصوم وأمّه (عليهما السَّلام) بالرغم من أن الله تعالى قادرٌ على أن يجعلَ المعصوم (عليه السَّلام) في رحم معصومة وإلَّا فهو عاجزٌ وضعيفٌ - والعياذ بالله - وهو منزّه عن العجز والنقص...!
     ونوجه للمشككين سؤالنا الآتي: ما دليلكم على عدم عصمة أُمّ المعصوم عليهما السَّلام..؟ وهل أنَّ الله تعالى عاجزٌ عن تهيئة أمٍّ معصومةٍ لتحمل في أحشائها معصوماً مثلها، أو مسانخة له في العصمة..؟ وهل تظنون أنَّ الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها قد حملت بأولادها الثلاثة الصدّيقين: الحوراء زينب وأم كلثوم المسماة "برقية" ومحسن (سلام الله عليهم) وليسوا بمعصومين..؟ أو أن سيّدتنا أُمّ المؤمنين الصدّيقة خديجة (عليها السَّلام) غير المعصومة - بنظر صاحب الإشكال - حملت سيّدتنا المعصومة فاطمة (سلام الله عليها)..؟! وهل يتصور عقلٌ أن تحمل سيّدة الطهر والقداسة وهي المعصومة - بنصّ آية التطهير - بأولاد غير معصومين...؟! أنا شخصياً لا أتصور ذلك عقلاً ولا دليل على نفيه نقلاً....!! لأن المعصوم لا يلد إلَّا من معصوم شرافةً له وكرامة ورفعة وتنزيهاً للمعصوم المحمول في بطن أُمّه حتى لا يتلوث بدم يجري فيه إبليس كما هو صريح بعض الأخبار...فالنور لا يحملة إلَّا نورٌ مثله...ولله في خلقه شؤون...وهو ما سيوضحه الدليل النقلي الشرعي.
    (النحو الثاني): إن الأصل الأولي على عصمة أُمهات المعصومين (عليهم وعليهنَّ السلام) هو البناء على عصمتهنَّ، أي إن الأصل يقتضى الإعتقاد بعصمتهنَّ، وهو القدر المتيقن من مجموع القرائن الحافة بسيرتهنَّ ونقاوة قلوبهنّ من الشرك والكفر والفسوق والرجس، ونحن نتحدى كلَّ مَن يدّعي عدم طهارتهنّ من الكفر والشرك والفسوق بأن يأتينا برواية ضعيفة، فضلاً عن كونها صحيحة يمكن التمسك بها، ولو فرضنا جدلاً وجود رواية تثبت عدم عصمتهنّ، فلا يمكن قبولها لأنها تصادم أدلة الشرع والعقل السليم الذي لم يتلوث بقذارة الحوزات العلمية في عصرنا الحاضر..
     وبناءً على ما تقدم: نعود ونكرر بأننا نتحدى الخصوم بأن يأتونا بخبر يثبت مدهاهم على عدم عصمة أُمَّهات الأئمة الأطهار(عليهم السلام)، بل نتحداهم بأن يأتونا بخبرٍ يشير ولو من بعيدٍ بأن واحدةً منهنّ إرتكبت مكروهاً، فضلاً عن حرامٍ.
       فالأصل فيهنَّ هو البناء على العصمة والطهارة، وليس العكس، ذلك لأن النافي لعصمتهنَّ بحاجةٍ إلى دليل يثبت نفيه، إذ إنَّ من ينفي العصمة يجب عليه أن يثبت نفيه بالدليل، وإلَّا سوف تخرج مفاهيمُ عقائدية وفقهية كثيرة نفاها بعض المشكّكين في الحوزات العلمية تحت ستار عدم وجود دليل يثبتها، فمدَّعي النفي يلزمه تقديم الدليل على نفيه، تماماً كما يحتاج المثبت لأي مطلب فقهي أو عقائدي لكي يثبت مدّعاه بالدليل والبرهان..
  والله لا تبرأ ذمة أيٍّ معممٍ يدّعي التحصيل يعتقد بعدم عصمة أمهات المعصومين من آل محمد عليهم السلام سواء أكانوا أئمةً منصوبين من قبل الله تعالى أم من غير الأئمة كمولانا محسن الشهيد والصدِّيقتين المطهَّرتَينِ زينب الكبرى ورقية المكنتين بأُمّ كلثوم ومعهم المولى المعظَّم وليّ الله أبي الفضل العباس والمولى المعظَّم عليّ الأكبر والقاسم وعبد الله الرضيع...إلخ..
     إنَّ آل محمد لا يُقاسُ بهم أحدٌ من الخلق..ولقد وضَّحنا هذا المفهوم في عدة بحوث منها الكتابان الجليلان: (العصمة الكبرى لوليّ الله العباس عليه السلام) و( الحقيقة الغراء في تفضيل الصدّيقة الكبرى زينب الحوراء على مريم العذراء عليهما السلام).
    إن العصمة ليست حكراً على الأنبياء لكونهم مبعوثين إلى هداية الخلق، بل هي عامة تشمل غير المبعوثين للهداية..ولو فرضنا جدلاً أن العصمة تدور مدار الهداية فقط، فهل أنَّ آل محمد خارجون من مفهوم الهداية للخلق..؟ قطعاً ليسوا كذلك بل هم المخصوصون بالهداية والتبليغ والإرشاد..فتأملوا مليّاً فإنه دقيق.
   (الدليل الشرعي): هلموا بنا لنتدبر في قول إمامنا المعظَّم جعفر الصادق المعصوم (عليه السَّلام) حينما نصَّ على تقلب المعصوم عليه السَّلام في أصلاب الطاهرين وأرحام المطهرات بقوله الشريف:" أشهد أنك كنت نوراً في الاصلاب الشامخة والأرحام المطهرة..."؛ فالأرحام المطهر تعني المبالغة في التطهير المادي والمعنوي...أي أنَّ أُمَّه طاهرة مطهرة من الدنس والرجس بكلّ مصاديقه المادية والمعنوية، وهذا بعينه موضوع بحثنا حول عصمة أمّ المعصوم..يرجى التأمل لدقته.
      الجواب على الشق الثاني:
     إنَّ الأدلة التي ساقها علماء العقيدة لإثبات العصمة للمعصوم عليه السلام هي على قسمين: أدلة عقلية؛ وأُخرى نقليَّة شرعيَّة مأخوذة من الكتاب الكريم والأحاديث النبويَّة والولويّة؛ والقسم الثاني هو إرشاد إلى حكم العقل القاضي بوجوب عصمة المعصوم سواء كان نبيّاً أو إماماً أو وليّاً صدّيقاً؛ فالعقل يحكم جازماً بوجوب عصمة من أشرنا إليهم آنفاً..ومن ثمَّ تأتي الأدلة النقلية لتؤكد عصمة المعصوم بمصاديقه الثلاثة المتقدِّمة وترشده أكثر فأكثر إلى الإستقامة في التفكير بعصمة النبيّ والإمام والصدّيق..وحيث إنّ سيّدنا المعظَّم وليّ الله أبي الفضل العباس صلّى الله عليه من الصدّيقين بنصّ المعصومين من الأئمة الأطهار (صلّى الله عليهم أجمعين) المبثوثة في الأخبار الوَلَويَّة وفقرات الزيارات المقطوع بصدورها من الأئمة الميامين (صلّى الله عليهم أجمعين)، لذا فهو عليه السَّلام معصوم ولا يجوز عقلاً وشرعاً لأيٍّ كان أن يشكّك في عصمته التي هي القدر المتيقن من النصوص المستفيضة الكاشفة عن عصمة وليّ الله المعظَّم أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين عليهما السلام، ففي خبرٍ إبن قولويه القمي المتوفى عام ٣٦٨ هجري في كتابه النفيس( كامل الزيارات) بسندٍ صحيح لا غبار عليه رواه عدة من الأجلاء عن أبي حمزة الثمالي عن إمامنا المعظم جعفر الصادق عليه السلام قال لأبي حمزة: ( إذا اردت زيارة قبر العباس بن أمير المؤمنين عليهما السلام وهو على شط الفرات بحذاء الحائر فقف على باب السقيفة - أي الروضة - وقل:( سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وجميع الشهداء والصدّيقين، والزاكياتُ الطيباتُ فيما تغتدي وتروح عليك يا بن أمير المؤمنين، أشهد لك بالتسليم والتصديق...) فراجعوا الزيارة تستفيدون منها علماً جمّاً...
   فقد شهد مولانا الإمام المعظّم أبي عبد الله الصادق عليه السلام لعمّه وليّ الله المعظَّم أبي الفضل العباس (صلّى الله عليهما) بسلام الله وملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وجميع الشهداء والصدّيقين بأن وليّ الله العباس عليه السلام من جنس الأنبياء المرسلين في حيثية العصمة المطلقة التي لا يشك فيها إلَّا الكسالى من الفقهاء والمتكلمين..!
   إنَّ من يسلِّم عليه الأنبياء والمرسلون والملائكة المقربون لا ريب في عصمته، كما لا ريب في كونه صدّيق هذه الأُمَّة، وقد شهد له بذلك عمُّه الإمام الصادق عليه السلام في الفقرة المتقدِّمة، وأضاف عليها شيئاً من التأكيد والتوضيح كما جاء  في زيارته المروية في كتاب المزار للمشهدي ص ٤٢٥ وبحار الانوار ج ٩٨ ص ٢٦١ حيث قال عليه السلام:( السلام عليك أيها الوليّ الصالح الناصح الصدّيق)؛ وقد أسهبنا في كتابنا الجليل:(العصمة الكبرى لوليّ الله العبّاس بن أمير المؤمنين عليهما السلام) في شرح هاتين الفقرتين: معنى تسليم المرسلين والملائكة المقربين على وليّ الله العبد الصالح ومعنى الصدِّيق..في الفصل الثاني ص ٤٩ والفصل الثالث ص ٧٩ وما بعدها، فليُراجع فإنَّه نفيسٌ وقِبلَةٌ في التعريف بشخصية ذاك الهمام الصدِّيق الذي عقمت بطون الحوامل أن تلد مثله... كما أسهبنا في ذكر الأدلة على عصمته وبلغت العشرات ولكنَّ العمدة فيها ستة وجوه برهانية لإثبات عصمته، فلا نكرر الإعادة دفعاً للإطالة، فمن أراد معرفة عصمة الصدّيق وليّ الله العباس بن أمير المؤمنين عليهما السلام ينبغي له أن يقرأ كتابنا المتقدّم الذكر، فقد أثبتنا فيه الأدلة على عصمته وتفنيد الشبهات التي أثارها علماءٌ ليس لديهم الخبرة العقدية في الإستنباط والتحقيق؛ ولا تغرنّكم طنطناتُ مرجعيات هي بأمسِّ الحاجة إلى أن تتعلم كيفية الإستدلال على بيان معارف آل طه وياسين ممن حباهم الله تعالى بمعرفة طرق العصمة وبيان ماهيتها وكشف مصاديقها وتفنيد ما يخالفها وهو ما قمنا به في كتابنا المتقدّم الذكر(العصمة الكبرى لوليّ الله العباس بن أمير المؤمنين عليّ عليهما السَّلام) وكتابنا الثاني الموسوم بـ(خاتمة الخواتم حول مقامات المولى قمر بني هاشم عليه السَّلام) ففيه الفوائد والغنائم لا يعقلها إلَّا الكاملون...يا كميل إطفئ السراج فقد طلع الصبح...والحمد لله ربّ العالمين وصلواته وبركاته على رسوله الأمين محمّد وآله المطهرين...ولعن اللهُ تعالى ظالميهم والمرتابين في مناقبهم ومنازلهم وكراماتهم وظلاماتهم وعصمتهم العظمى..إلى قيام يوم الدين.
غريب الديار خادم الحجج الأطهار عليهم السَّلام
محمَّد جميل حمُّود العاملي/ بيروت
بتاريخ 12 جمادى الثانية 1445 هجري
 

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=2235
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 12 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6