• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : لو رجع الزوج إلى الحياة فهل يجدد العقد على زوجته أم لا..؟ .

لو رجع الزوج إلى الحياة فهل يجدد العقد على زوجته أم لا..؟

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال / من باب فرض المحال ليس بمحال... 
اذا زوج مات ورجع للحياة فهل يلزم عليه إذا أراد الاقترب من زوجته ان يعقد عقداً شرعياً جديداً، والعكس إذا زوجة ماتت ورجعت للحياة وأرادت من زوجها أن يقترب منها فهل يلزمها عقد شرعي جديد؟.
____
الموضوع الفقهي:(لو رجع الزوج إلى الحياة فهل يجدد العقد على زوجته أم لا..؟).
بسم الله جلّت عظمته
وعليكم السلام ورحمته وبركاته
الجواب: رجوع الزوج إلى الحياة إمّا بالإعجاز؛ وإمّا بالأمور العادية الطبيعية كما لو كان مصاباً بالقولنج فظنوا موته فدفنوه ثم استيقظ في قبره..ولا جدال في هذا الصنف من الأموات فهو زوج لزوجته الحيّة، فيرجع إليها من دون عقد جديد فهو نظير الزوج المغمى عليه أياماً أو شهوراً فلا يخرج عن كونه زوجاً لزوجته عرفاً وحقيقةً..ولكن الجدال بنظرنا في هذه المسألة المفروضة في سؤالكم - والتي لم أعثر على أحدٍ من فقهاء الإمامية بحث فيها غيري - نعم أسهبوا في الجدال بمسألة من غاب عنها زوجها ولم تعرف عنه شيئاً فتصبر أربع سنين ثم يطلقها الحاكم الشرعي فتعتد عدة الوفاة ثم تتزوج..ولم يتطرقوا إلى من مات زوجها وعاد بالإعجاز أو عاد الى الحياة يوم الرجعة أو عاد الزوج والزوجة معاً؛ فهل يجددان العقد أم لا..؟
لا ريب في أن الحل موجود إذا عادا معاً أيام ظهور الإمام المعظم القائم صلوات ربي عليه وآله، ولكن المشكلة فيما لو عادا معاً - أو عاد أحدهما من الموت بينما الثاني بقي حيّاً - قبل ظهور الإمام القائم صلوات الله عليه وآله..فالظاهر عندي هو التالي: لو عاد الزوج من الموت؛ فإذا كانت عودته قبل إنتهاء زوجته من العدة الرجعية أو عدة الوفاة؛ فلا ريب في أنه يرجع إليها من دون عقد جديد..وأمّا لو رجع الى الحياة بعد الانتهاء من العدة الرجعية أو البائنة أو عدة الوفاة، فلا بد للزوج العائد من تجديد العقد على زوجته الحيّةأصالةً - أي بحسب الأصول والقواعد - وإحتياطاً بحسب قاعدة الإحتياط في الفروج.
أمّا الأصول والقواعد فهو نظير عدم جريان إستصحاب الزوجية وعدم البناء على أصالة الزوجية بينهما بعد الإنتهاء من العدة؛ والسر أو الحكمة في ذلك هو أن الزوجة حال عدة الوفاة لا تعتبر زوجة ذات بعل بل هي إمرأة معتدة فلا بد للزوج العائد من الموت من تجديد العقد عليها حتى تحلّ لزوجها الذي عاد الى الحياة.
وأمّا لو ماتت الزوجة وبقي الزوج حيّاً ثم عادت الزوجة الى الحياة فلا إشكال في أنها باقية على الزوجية لأن الزوج ليس عليه عدة لو توفت الزوجة، فله الرجوع إليها من دون عقد لو عادت من الموت..ومما يؤكد ما أشرنا إليه آنفاً هو ما عثرنا عليه خلال تنقيبنا في الأخبار لعلّنا نعثر على حكم المسألة من النصوص الخاصة بالرجعة فوجدنا خبراً في كتاب (الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) للمحدّث الجليل الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي رحمه الله في الباب ٧ ص ١٩٩ ح ٢٧ بأسناده الى داود بن كثير الرقي قال: حجّ رجل من أصحابنا فدخل على الإمام أبي عبد الله عليه السلام فقال: فداك أبي وأمي إن أهلي توفيت وبقيت وحيداً ! فقال أبو عبد الله عليه السلام: أكنتَ تحبها ؟ قال: نعم؛ قال عليه السلام: إرجع إلى منزلك فإنك تراها وهي تأكل.
وقد نقله الحر العاملي من بصائر الدرحات للصفار ج٥ ص ٢٩٤. وفي ذيله زيادة:" فلما رجعت من حجتي ودخلت منزلي رأيتها قاعدة وهي تأكل". فأمر الإمام عليه السلام برجوع الزوج الى أهله - أي إلى زوجته التي عادت من الموت - دليل واضح على عدم إنشاء عقد جديد على الزوجة التي كانت ميتة فلا حاجة الى إنشاء عقد جديد عليها وذلك لأمرين هما:
الأول:إن الإمام عليه السلام أمره بالذهاب الى زوجته العائدة من الموت من دون أن يأمره بعقدٍ جديدٍ عليها؛ بل أطلق بجوابه؛ ولو أراد التقييد لكان قيَّد؛ ولكنه لم يفعل فدلَّ ذلك على صحة رجوع الزوج إلى زوجته العائدة من الموت من دون إنشاء عقد جديد.
وروي مثلها بحق النبي أيوب لما أعاد الله تعالى عليه النعمة بالصحة والأموال وزوجته التي ماتت..راجعوا ( الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة ) للحُرِّ العاملي باب ٥ ص ١٥٢ ح ٤١  وص ١٤٦ ح ٣٦.
الثاني: إن الزوج لا عدة عليه كما هو الحال عند الزوجة إذا توفى زوجها..وهذا هو القدر المتيقن من الرواية الخاصة بموت الزوجة وبقاء الزوج؛ ومن المظنون به التعميم العكسي وهو موت الزوج وبقاء المرأة الى ما بعد عدة الوفاة؛ وذلك لوجود بعض الأخبار الدالة على ذلك كما في قصةالنبي عزير عليه السلام حيث ردَّ الله على أيوب زوجتَه التي توفت قبله ورجوع النبيّ عزير من الموت فاستقبلته زوجته وإبنه الذي كان أكبر من أبيه بمئة سنة..راجعوا( الإيقاظ من الهجعةبالبرهان على الرجعة) للحر العاملي صفحة ١٥٢ باب ٥ ح ٥١ نقلاً عن مختصر البصائر عن إمامنا امير المؤمنين عليّ صلّى الله عليه وآله في قصة أن رجلاً اكبر سنّاً من أبيه أي إبن عزير أكبر من أبيه عزير الذي كان عمره خمسين سنة بينما إبنه كان عمره مئة سنة فاستقبلته زوجته وإبنه.
  يستفاد من هذه الرواية تعميم الحكم بعدم إنشاء عقد جديد على زوجة النبي عزير لما رجع الى الحياة..ولكننا نتوقف عن إعطاء حكم عام بها إذ لعلّها من الأحكام الخاصة في   شريعة الانبياء السابقين..
وبالجملة:لا يمنع الشرع في كلتا الحالتين من تجديد العقد بين الزوجين( الحي والعائد من الموت) سواء كان الزوج هو العائد الى الحياة أم كانت الزوجة..والإحتياط طريق النجاة.
والله العالم
العبد الفقير محمّد جميل حمُّود العاملي/ بيروت/ بتاريخ ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٥ هجري قمري.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=2251
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 01 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6