• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : هل يجوز شرعاً زرع الشعر على الرأس، أم أنَّه حرامٌ.. وما الدليل على الحرمة..؟ .

هل يجوز شرعاً زرع الشعر على الرأس، أم أنَّه حرامٌ.. وما الدليل على الحرمة..؟

بسم الله الرَّحمان الرَّحيم

  السلام عليكم سماحة العلامةالجليل، حفظكم الله وأدام ظلكم الوارف.نسألكم الدعاء والاجابة،إن سمحتم،عن    السؤال الآتي: هل زراعة الشعر، لرجل فوق الخمسين،فعل محرم أم مكروه، وما وجه الحرمة أو الكراهة؟ فإن لم يكن محرما في ذاته، فما حكم عدم الوضوء والاكتفاء بالتيمم لمدة ثلاثة أيام(أكثر أو أقل) بعد اجراء الزرع؟ هل هو مجزئ في اعتبار صحة الصلاة،أم تجب الاعادة؟
ــــــــــــــــ
  الموضوع الفقهي:(هل يجوز شرعاً زرع الشعر على الرأس، أم أنَّه حرامٌ.. وما الدليل على الحرمة..؟ )
المحتويات
1 - مقدمة وجيزة حول ندرة البحث في موضوع زراعة الشعر في كلمات الفقهاء في العصر الحاضر..!
2 - هل زراعة الشعر حلالٌ بحدّ ذاته أم أنَّه حرام ذاتاً أو عرضاً..؟
3- الإجابة على السؤال ضمن أربعة نقاط تفصيليّة:
النقطة الأولى:ما هي الخلفية أو الغاية من وراء زرع الشعر ؟
النقطة الثانية:ما هي أصناف زرع الشعر؟
النقطة الثالثة:الإحتمالات في الحكم الشرعي حيال زرع الشعر؟
النقطة الرابعة:ما هو نظر الطبّ التجميلي حول زرع الشعر؟
4 - الجواب على النقطة الأولى:الغاية من زرع الشعر لا تخلو من ثلاث.
5 - الجواب على النقطة الثانية:ثمة أصناف متعددة في تكوينة الشعر المزروع.
6 - ما حكم زرع الشعر من إنسانٍ إلى إنسانٍ آخر سواءٌ أكان شعر الآخر ذكراً أم أُنثى ؟
7 - الجواب على النقطة الثالثة بأربعة وجوهٍ:
8 - (الوجه الأول):لا يجوز للمكلَّف العمل بالعناوين الثانوية ما دام قادراً على ترك مقدماتها.
9 - (الوجه الثاني):ثمة بدائل لرفع الحرج المزعوم الداعي إلى زرع الشعر.
10 - (الوجه الثالث):الحرج لا يبرر الزرع العبثي..!
11 - (الوجه الرابع):الزرع يعتبر تشويهاً للرأس في بعض تقنياته التجميلية.
12 - الجواب على النقطة الرابعة:نظر أطباء التجميل والتشريح حول زرع الشعر.
13 – الخاتمة..
بسم الله جلَّت عظمتُه
   وعليكم السلام والرحمة والبركات..
   مقدمة وجيزة لا بُدَّ منها:إنَّ مسألة زرع الشعر في الرأس من المسائل النادرة التي لم تُبحَث بشكلٍ تفصيليٍّ في البحوث الفقهية الإستدلالية المعاصرة، بل حتى على صعيد الفتوى لم يتطرق إلى حكمها إلَّا أفرادٌ قليلون من علماء الإمامية في وقتنا المعاصر، وأجوبتهم عليها مختزلة في سطرٍ أو سطرين، يمرون على المسألة كمرور السحاب وكضباب فوقه ضباب لشدة اختصاره وإجماله بما لا يشفي العليل ولا يروي ظمأ الغليل..! 
  هذا بالإضافة إلى أنَّهم أجابوا عليها من حيثيةٍ واحدة، وغفلوا عن الحيثيات الأُخرى المترتبة على زراعة الشعر في الرأس..! ولكننا كعادتنا العلميَّة المشهورة - والمشهود لها في الوسط العلمي - نجيب على المسائل الفقهية التي تردنا من العوام بشكلٍ تفصيليٍّ تارةً، ومجمل ولكنَّه مطعَّم بالإستدلال تارة أُخرى، بحسب نوع المسألة المختلف فيها بين الفقهاء، ولا نقتصر على حيثيةٍ دون أخرى، بل نبحثها من جميع جهاتها وحيثياتها ليكون السائل المستفهم على دراية بكيفية إستنباط الفقيه للحكم الشرعي من مصادره المقررة في الأدلة الأربعة المعروفة في عالم الإستنباط..حتى أن بعض العلماء في الحوزات العلمية الثلاث: قم والنجف وكربلاء أرسلوا لنا رسائلَ متفرقة مضمونها واحد قالوا لنا فيها:(إن طريقتكم في الإجابة على الفتاوى مميزة وفريدة لم يسبقكم إليها أحدٌ من فقهاء الإمامية قديماً وحديثاً، وأنَّنا نتعلَّم منكم طرقَ الإستدلال من خلال إجاباتكم على المسائل الفقهية والعقدية..)؛ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، ولله تعالى الشكر والحمد والمجد، ولأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام الإمتنان والشكر..
    وسؤال الأخ العزيز الكريم يتضمن فرعين فقهيينِ، ثانيهما يتوقف على الأول هما: هل زراعة الشعر، فعل محرَّمٌ أم مكروه، وما وجه الحرمة أو الكراهة؟ فإن لم يكن محرَّماً في ذاته، فما حكم عدم الوضوء والاكتفاء بالتيمم لمدة ثلاثة أيام..؟ 
  وبعبارة مختصرة:هل أن زراعة الشعر حلالٌ بحدّ ذاته ؟ أم أنَّ حرمته ذاتية، أو أنَّها ثانوية عرضية بحسب الطوارئ المستجدة على زراعة الشعر..؟
 نجيب على ذلك بالنقاط التالية:
 (النقطة الأولى):ما هي الخلفية أو الغاية من وراء زرع الشعر..؟.
 (النقطة الثانية):ما هي أصناف زرع الشعر..؟ .
 (النقطة الثالثة):الإحتمالات في الحكم الشرعي حيال زرع الشعر..وانتخاب النظر الصحيح فيه.
 (النقطة الرابعة): ما هو نظر الطِّب التجميلي حول زرع الشعر..؟ .
 الجواب على النقطة الأولى:أكثر الرجال الذين يجرون عمليات زرع الشعر، إنَّما يجرونها لثلاث غايات لا رابع لها بحدود إطلاعنا وهي التالي: الظهور بمظهرٍ حسنٍ أمام الناس ليكون مقبولاً عندهم / الحرج من الصلع باعتباره نقصاً في الرأس/ حبُّ الشعر على الرأس لإغواء النساء.
 ولسوف نبيّن لاحقاً عدم صلاحية هذه الإحتمالات في جواز زرع الشعر في النقطتين الثانية والرابعة.
 الجواب على النقطة الثانية:هناك أصناف متعددة في تكوينة الشعر المزروع، ونقصد بالصنف الشعر الذي يتم اختياره على الرأس، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:أحدهما بشري من نفس الشخص الأصلع أو من غيره من البشر؛ وثانيهما:حيواني مقتطع من شعر الحيوان المحلل الأكل نظير البقر والغنم والماعز والحمير والجمال، ومحرَّم الأكل نظير الكلب والخنزير والأسد والدب والثعلب والهررة وغيرها من الحيوانات المحرَّمة الأكل؛ وثالثهما:جماديٌ مصنوع من البلاستيك أو الصمغ وغيرهما من المواد الصناعية المتطورة في عصرنا الحاضر.
  الثاني والثالث مفروغ من حرمتهما القطعية باعتبارهما جسمين غريبينِ عن رأس الإنسان؛ فشعر الحيوان المحلل الأكل نظير البقر والغنم والماعز والحمير والجمال..فهو وإنْ كان طاهراً إلَّا أنَّه يعتبر حاجباً عن وصول الماء إلى البشرة في مسح الوضوء والغسل الواجب كالجنابة وما شاكله، فالشعر الحيواني المحلل هو شيء زائد على الرأس فهو بمثابة لاصق على جلدة رأسه حتى لو كانت بُصَيلاته مغروزةً في داخل جلدة رأس الأصلع أو الأمرد..والعجيب الغريب من فتوى التبريزي القائل في تعليقة صراط النجاة للخوئي صراط النجاة (ج 1 ص 350: سؤال 962 ) حينما سُئِل عن حكم زرع الشعر للأمرد والأصلع؟ فأجاب الخوئي:" لا بأس به في نفسه" من دون أن يُفصِّل، فعلَّق الميرزا التبريزي موافقاً لأستاذه ولكن بشرط:" أن لا تكون البشرة مستورة بذلك بحيث يصل الماء إليها في الوضوء والغسل فلا بأس"، إذ كيف لا تكون مستورة وقد غُرزَت بصيلات شعر إنسان آخر في جلدة رأس المزروع..؟ اللهم إلَّا إذا كان يقصد بالشرط هو شعر وبصيلات نفس الشخص المزروع في جلدة رأس بصيلاته هو، وليس بصيلات شخصٍ آخر..ولكنَّ إستدلاله مخدوش فيه بنظرنا لما سوف يأتيكم إن شاء الله تعالى.
  وأمَّا شعر الحيوان المحرَّم الأكل فهو على صنفين: أحدهما طاهر الشعر والظفر؛ وثانيهما نجس العين كالكلب والخنزير البريين؛ وكلاهما مانعان من الوضوء والغسل، بل إن نجس العين مما لا جدال في حرمته بسبب نجاسته العينية المبطلة للصلاة والوضوء والأغسال بسبب النجاسة الذاتية في الكلب والخنزير، مضافاً لما فيه من اللوازم غير الشرعية المستلزمة لتنجيس الشراب والطعام.. !!.
  ما حكم زرع الشعر من إنسان آخر سواء أكان شعر الآخر ذكراً أم أُنثى..؟
 والجواب: الظاهر لنا أن حكمه نظير حكم شعر المحلل الأكل فلا يجوز المسح على الشعر المزروع من ناقل متبرع أو غيره باعتباره حاجباً بسبب كونه من شعر إنسان آخر، فلا يصح غسله ولا وضوؤه، وهو ما ذهب إليه الميرزا التبريزي في تعليقته على فتوى أستاذه الخوئي؛ فهما نظرا إلى الحكم من ناحية معينة وهي اللوازم الشرعية المترتبة على زرع الشعر من شخصٍ آخر للمتبرع إليه وهو الأصلع أو الأمرد..ولم ينظرا إلى النواحي السلبية المترتبة على عملية الزرع التي سنذكر بعضاً منها في مطاوي بحثنا هذا.
 هذا كلّه فيما لو كان الشعر المزروع شعر ذكر لذكرٍ مثله، وأمَّا لو كان بالعكس أي زرع شعر إمرأة في رأس رجل، أو زرع شعر رجل في رأس إمرأة فالحكم متغيّر من أصله وهو الحرمة القطعية وبطلان الوضوء والغسل ما دامت البوصيلات ناتئة - أي رؤوسها ظاهرةٌ إلى الخارج - وأمَّا لو كانت البصيلات مخبأة تحت الجلد فالوضوء والغسل صحيحان بشرط حلق الجهة التي يراد غسلها والمسح عليها حال الوضوء..وذلك لأن شعر الشخص الآخر بمثابة شيء خارجي طرأ على رأس المزروع فيه الشعر، فهو حاجب عن وصول ماء الغسل إلى الجلد فيبطل غسله، وأيضاً هو حاجب عن وصول ماء الوضوء الذي يشترط في صحته أن يكون على الشعر الأصلي للمتوضئ وليس على شعر غيره..وله نظير في الفقه الإمامي وهو عدم جواز الإكتفاء بالغسل والوضوء على شعر المرأة الموصول بشعر إمرأة أُخرى أو بشعر الماعز أو بشعرٍ مستعار كما يمثلون له في باب الغسل والوضوء وباب حكم تدليس الماشطة في الفقه الإستدلالي، بل يجب على المرأة التي تصل شعرها بشعر غيرها أن تنحي الشعر المستعار أو الموصول بشعر غيرها عن رأسها ليتم الغسل، وكذلك حال الوضوء فلا يجوز لها أن تمسح على الشعر الموصول حتى لو كان من شعر إمرأة أخرى..فيرجى التأمل.
    هذا بالإضافة إلى أن شعر المرأة المزروع على رأس رجلٍ أجنبيٍّ عنها، فلا يجوز للرجل النظر إليه ومسّه باعتباره شعر امرأة أجنبية عنه، وهكذا بالنسبة إلى شعر الرجل المزروع على رأس إمرأة أجنبية عنه، فلا يجوز مسُّه وإن جاز النظر إليه من دون ريبة وتلذذ...ولا تلتفتوا إلى بعض الفتاوى القائلة بجواز نظر الرجل إلى الأعضاء المنفصلة من المرأة كالسن والشعر مستدلين بالملازمات العامة المبنية على القياس تحت ذريعة أن العظم والظفر والشعر هي أشياء لا تحل فيها الحياة الحيوانية..ولكن نورد عليهم بأنَّه عند الشك في حلية النظر واللمس نعمل بالإستصحاب ونتمسك بالإطلاقات الدالة على حرمة لمس الرجل لمتعلقات المرأة الأجنبية المنفصلة عنها..وما استدلوا به على المطلوب كخبر ثابت بن أبي سعيد الذي سأل الإمام الصادق عليه السلام عن النساء يجعلنَ في رؤوسهنَّ القرامل ؟ .[والقرامل هي: ما تشده المرأة في شعرها من ضفائر الشعر أو الصوف] قال عليه السلام:( يَصْلُحُ الصُّوفُ ومَا كَانَ مِنْ شَعْرِ امْرَأَةٍ نَفْسِهَا وكَرِه لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَجْعَلَ الْقَرَامِلَ مِنْ شَعْرِ غَيْرِهَا فَإِنْ وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِصُوْفٍ أَوْ بِشَعْرِ نَفْسِهَا فَلَا يَضُرُّهَا )(1).
 ملاحظة: الموجود في نسخة الكافي للكليني ج 5 ص 520 ح 3 هكذا:"..وما كان من شعر امرأة نفسها.." وبقية الشراح بدلوها بكلمة:" لنفسها"، والصحيح هو ما في نسخة الكليني بقرينة تجويز الإمام عليه السلام بقوله عليه السلام:" فَإِنْ وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِصُوْفٍ أَوْ بِشَعْرِ نَفْسِهَا فَلَا يَضُرُّهَا"، أي فلا يضرها لو وصلت شعرها المقصوص بشعرها المجدول، وكأن المرأة كانت تحتفظ بشعرها المقصوص للذكرى أو لوقت الحاجة، فأجاز الوصل بشعرها من شعرها، وكره القرامل الصنف الثاني أي وصل شعرها بشعر غيرها..فتأمل.
  هذا مضافاً إلى أن الخبر المتقدّم يجيز الإمام عليه السلام وصل الشعر لتزيين المرأة لزوجها فيما لو كان شعرها خفيفاً، كما يشير إليه خبر عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :سئل عن القرامل التي تصنعها النساء في رؤوسهن يصلنه بشعورهن ؟ فقال:لا بأس على المرأة بما تزينت به لزوجها، قال: فقلت: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن الواصلة والموصولة فقال: ليس هناك إنما لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الواصلة والموصولة التي تزني في شبابها، فلما كبرت قادت النساء إلى الرجال، فتلك الواصلة والموصولة(2).
   وفرق بين الشعر الموصول وبين زرع الشعر، وبينهما فرق شاسع، فقياس بعض العلماء الشعر الموصول على المزروع لا وجه له، وهو نوعٌ من القياس الباطل لم تسمح شريعتنا بالتعاطي معه في استنباط الأحكام الشرعية. 
   فخبر ثابت بن أبي سعيد يجيز للمرأة وصل شعرها بالقرامل وهو شعر الصوف - وما يشابهه في زماننا المعاصر كالشعر الصناعي - أو من شعر نفسها فقط كما فصّلنا أعلاه، وأمَّا شعر غيرها من النساء فغير جائزٍ، وذلك لأن الإمام عليه السلام قال بكراهة القرامل للمرأة من شعر غيرها، ويراد بالكراهة ههنا هو الحرمة ككثير من الأخبار الوارد فيها مصطلح الكراهة ولا ينافي ذلك الحكم بالكراهة في وسط الحديث فإنها تُسْتَعمَل في الكتاب والسُّنَّة بمعنى التحريم والأعم منه ومن الكراهة بالمعنى الأخص.! وهو متفق عليه بين الفقهاء كما ألمح إليه الشيخ محمد حسن النجفي صاحب جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ج 22 ص 409 . ومثله ما ورد في شرح العروة الوثقى تقريرات الخوئي للخلخالي:" ج 27 ص 209 ". 
  ومهما يكن الأمر:فإن المحاذير المترتبة على زراعة الشعر بشتى أصنافه كثيرة، فلا تجوز الزراعة المذكورة بأيّ شكلٍ من الأشكال، لأنها ليست من اللوازم الضرورية للإنسان لا سيَّما المؤمن المكلَّف بتكاليف كثيرة تختلف بطبيعتها عن غير المؤمن، فلا بُدَّ للمؤمن من أن يختلف عن بقية الناس بتقواه وورعه وزهده عن زخارف الدنيا وزينتها وآمالها وشقائها..فالزرع طارئٌ ومُسْتحدَث ولم تتوقف حياة الناس - قديماً وحديثاً - على زراعة الشعر ولن تتوقف إلى يوم الدين..نعم يُستثنى من ذلك لبس الباروكة للمرأة أو وصل شعرها بشعر إصطناعي للتزيين لزوجها فقط مع مراعاتها لأحكام الغسل والوضوء، وأمَّا إلصاق الشعر الصناعي على جلدة رأسها فجائز في أيام حيضها وإن كان الأفضل تركه بسبب خروج إفرازات سامة من بدن الحائض لا سيَّما الرأس تؤدي إلى بعض الأمراض الخبيثة..فتأمل.
  وأمَّا بيان النقطة الثالثة وهي: الإحتمالات في الحكم الشرعي حيال زرع الشعر..وانتخاب النظر الصحيح فيه.
 والجواب عليها:إنَّ مسألة زرع الشعر هي من المسائل المستحدثة وليس لحكمها بيانٌ عند المتقدِّمين والمتأخرين قبل نشوء النهضة العلمية المتطورة في القرن العشرين والحادي والعشرين، فهي سالبة بإنتفاء الموضوع بحسب تعبير علماء المنطق والأصول.. كما أننا لم نعثر على جوابٍ لها في عصرنا الحاضر إلَّا عند علماء معدودين نقل اللاحقُ عن سابقه وكلُّهم معاصرون لبعضهم البعض، فالكلُّ مجمعون على جواز الزرع بحدّ ذاته - أي بالعنوان الأولي - بالغضّ عن الطوارئ المترتبة عليه؛ وهو كلام منطقيٌّ للوهلة الأولى ولكنَّه فاسدٌ بعد التدبر والتدقيق بلوازم الشعر المزروع وما ينجم عنه من سلبيات كثيرة غفل عنها هؤلاء العلماء بسبب عدم رجوعهم إلى أهل الخبرة من الأطباء والمتخصصين بزراعة الشعر..ولكنَّنا لا نتوافق معهم فيما ذهبوا إليه، لذا نميل إلى حرمة الزرع بشتى أصنافه التي أشرنا إليها في النقطة الثانية، حتى لو كان الزرع من نفس شعر الزارع  - كما لو أخذ الطبيبُ التجميلي بُصيلات من صدر الزارع أو من مؤخرة رأس الزارع - أو أُخِذَت البصيلاتُ مع الشعر من إنسان آخر يماثلة في الذكورية أو الأنوثية كما لو كانت الزارعة أنثى تأخذ شعراً من أنثى، فكلا القسمين: الرجل والأنثى يحرم عليهما الزرع المذكور..
  ونستدل على ذلك بالوجوه الآتية:
    (الوجه الأول):(العمل بالأحكام الثانوية مشروط بشرطٍ لازمٍ..)
   لا يجوز للمكلَّف العمل بالعناوين الثانوية - وهي التيمم بدلاً من الغسل والوضوء - ما دام قادراً على ترك مقدماتها، إذ إن العمل بالعنوان الثانوي مترشحٌ من العذر الشديد أو الحرج الصعب الحاصل على المكلَّف بغير اختياره وإلَّا فلا يجوز له إيقاع نفسه في الحرج مختاراً كمفروض المسألة التي نبحث فيها؛ وحيث إن المكلَّف قادر على عدم الزرع ولكنّه أصَّر عليه رغبةً في تزيين نفسه وتحسين رأسه لغايات رخيصة كما أشرنا إليه سابقاً، فلا مجال ساعتئذٍ للزرع ويكون عاصياً ومأثوماً بسبب تفوية الواقع عليه والعمل بالوظيفة الشرعية الأولى وهي الوضوء والإغتسال.
    (الوجه الثاني): (هناك بدائل عن زرع الشعر أفضل بكثير من الزرع..).
    ثمة بدائل متعددة لرفع الحرج المزعوم الداعي إلى الزرع، وهذه البدائل ترفع عنه الحرج من الأساس، وهي بدائل أفضل بكثير من عملية الزرع المحفوفة بمخاطر جمَّة سوف نتعرض لها في النقطة الرابعة بعون الله وفضله ومدد الإمام الحُجَّة القائم أرواحنا لشسع نعله الفداء..من أهم هذه البدائل هي التالي: لبس الباروكة/ الشعر الصناعي القابل للصق والفصل/ إعتمار القبعة/ لبس السلك أو الكوفية التي هي اللباس المشهور عند أهل الخليج وقرى العراق بل ومدنها الكبرى كالنجف وكربلاء وبغداد والحلة والموصل..هؤلاء يعتمرون الكوفية في الصيف والشتاء باعتباره زيّاً متداولاً منذ ما قبل عصور أهل البيت عليهم السلام إلى يومنا هذا..فإذا لم يمكن ذلك بحقّ شباب العصر المتمدن - بحسب زعمهم - فلتكن الباروكة أفضل الوسائل العصرية لمن يريد التزيي في لباس العصر وحضارته..فإن الملايين من النساء الجميلات في أوروبا وأميركا لا زلن يلبسن الباروكة المتنوعة الألوان والأشكال بالرغم من أنهنَّ من ذوات الشعور الطويلة والجميلة..وهكذا حال الرجال هناك يلبسون على رؤوسهم الباروكة بكلّ أريحية وهم يفتخرون بها..هذا مضافاً إلى أن حلق شعر الرأس صار موضةً عند شباب العصر يتفاخرون بحلق رؤوسهم ويعتبرونه علامة الرجولية كما هو حال العلويين في سوريا والدروز في لبنان وبقية البلدان..بل صار موضةً رائجة في بلاد الغرب ولا يعتبرون الحلق عاراً ولا شناراً ولا يستحيون منه ولا يتحرجون..!
    (الوجه الثالث):الحرج من الصلع لا يبرر الزرعَ العبثيَّ: وذلك لأن فصل بصيلات الشعر من الجهة التي فيها الشعر لأجل إصلاح الجهة الخالية من الشعر سيرتِّب ضرراً بالغاً على جهة الشعر في مؤخرة الرأس وهي الفراغات الحاصلة من فصل البُصيلات في المدى القريب حسبما يقول أطباء تجميل الرأس كما سوف تقرؤون في النقطة الرابعة، ولا يجوز شرعاً وعقلاً وعرفاً الإضرار بجهةٍ سليمة لأجل جهةٍ أخرى متضررة بفقدان الشعر، فبدلاً من إصلاح ضررٍ فقد أوقع نفسَه في ضررٍ آخر، فيجتمع على رأسه ضرران، وهو غير جائزٍ البتَّة، لأن ذلك من أبرز مصاديق قول الله تعالى (ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وهو نهيٌ صريح في التحريم مباشرةً أو تسبيباً بمعنى أنَّه لا يجوز للمؤمن أن يجلب إلى نفسه ما يؤدي إلى تهلكته ولو بجلب الضرر إلى نفسه وبدنه، ولا فرق في التهلكة بين أن تكون في موارد الخطر والموت، وبين أن تكون بجلب التعييب على نفسه بسبب التجميل المخرّب لعامة أجزاء الرأس..ويؤكد ذلك نهي النبيّ الأعظم صلَّى الله عليه وآله عن الإضرار بالنفس بقوله الشريف:( لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)، والنهي يساوق الحرمة، أي لا يجوز لك أيها المؤمن أن تلحق الضرر بنفسك ولا بغيرك، وحرمة إلحاق الضرر بالنفس ليست مقتصرة على جانبٍ واحدٍ أو حيثية واحدة، بل حرمته عامة تشمل جميع أنحاء بدنك من دون تمييز بجهةٍ على أُخرى..فلا يجوز للمؤمن أن يلحق الضرر على الجهة المتواجد فيها الشعر ليكسي الجهةَ الفارغة التي لن يستقيم الشعر فيها عند الإغتسال بسبب المياه المالحة والغسولات الكيماوية غير الصحية التي فتكت وما زالت تفتك بأجسامنا فضلاً عن رؤوسنا المسكينة..! فكما لا يجوز للإنسان أن يقطع إصبعه ليصلح إصبعاً آخر في قدمه الأخرى لأنه فعلٌ عبثيٌّ محرَّم شرعاً، فكذلك الحال بالنسبة إلى الزرع: فصل من جهة، وزرع في جهة أخرى، تخريبٌ من جهة، وإصلاحٌ من جهة أُخرى بالرغم من أن كلا الجهتين ستتضررا كاملاً عاجلاً أم آجلاً..!
    (الوجه الرابع):(الزرع تشويه للرأس في بعض تقنياته..!).
   إنَّ الزرع في بعض تقنياته التشريحية التجميلية يعتبر تشويهاً خَلقياً للرأس؛ توضيح ذلك بما ذكره أطباء الترقيع والتشريح لا سيَّما الطبيب أتسار الإلماني حيث قال:" بأن هناك نوعين من تقنيات زراعة الشعر، الأولى: تقنية قطف وحدة البُصَيلَة، والتي يتم خلالها استخلاص الشعر بشكل فردي، والثانية: هي تقنية استخلاص شريحة من الجلد، والتي يقوم خلالها الطبيب بأخذ شريحة من الجلد من مؤخرة الرأس لدى المريض ويقوم بتجزئتها بعد ذلك إلى جذور منفصلة.."؛ فالطريقة الأولى تؤدي إلى حدوث فراغات بين الشعر بسبب قطف وحدات من البصيلات في منطقة الشعر؛ بينما الطريقة الثانية تؤدي إلى قطع شريحة من الجلد وزرعها في مكان الصلع، وكلتا الطريقتين تؤديان إلى تشويه المنطقة الأولى التي كان يتواجد فيها الشعر وبصيلاته بسبب قطف البصيلات من جهةٍ، وقطع شريحة من الجلد من جهةٍ أُخرى، وكلاهما يعدان من التشويه الخَلقي المحرَّم شرعاً وعقلاً وعرفاً وأخلاقاً باعتباره من الإلهام الشيطاني المحكي عنه في القرآن الكريم بقول الله تعالى الكاشف عن خطاب إبليس لله تعالى عندما أمهله الله بالعقاب:{لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }النساء118{وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً }النساء119.
    نفهم من هذه الآية أن تغيير خلق الله تعالى من عمل الشيطان الذي يخسر به الإنسان المتَّبع له؛ والتغيير بخلق الله تعالى مقرون بالتشويه الخَلقي؛ فقد كان مشركو الجزيرة العربية يقطعون آذان الأنعام بإيحاء من الشيطان، فكان قطعهم لآذانها تعذيباً لها وتعييباً على خلقتها بتشويه صورتها بحرفها عما خلقه الله تعالى في مكانه المخصوص له دون غيره، فلم يرتضوا بخلق الله تعالى لها بأُذنيها، لذا قاموا بقطع آذانها، ومثله حلق اللحية التي ورد فيه أنها من المثلة، ولا نعير أهميةً لبعض العلماء الكسالى الذين ردوا النصوص الدالة على أن حلق اللحية ليس من المثلة المنهي عنها، فإنهم حمرٌ مستنفرة فرَّت مِن قسورة، ويعتبر ردهم للنصوص هو إجتهادٌ في مقابل النصوص وهو كفر.. فإنّ الآية مطلقة في حرمة تغيير خلق الله على أنَّه من عمل الشيطان، وقد خرج ما خرج بمخصصٍ منفصل أو بمخصصٍ متصل أو إجماع أو ضرورة فقهية لازمة..وله نظائر في الفقه كتقصير اللحية والختان وقصّ الأظفار والشعر، فهذه الأشياء طرأ عليها تغيير ونقصان ولكنَّه ليس مشوّهاً للخلقة، بل هو تزيين للخلقة، لذا أمر الدليل بها، وبقي ما بقي على إطلاقه في الحرمة مثل حلق اللحية وإنقاص عضو في الإنسان من دون مجوّز شرعيّ أو إنقاص جزء عضوء مشروطاً بتشويه صورته كقطع الجلدة التي فيها البصيلات، نقلت من مكانها إلى مكان آخر لتكون فيه، فتلف مكانها الأول وأُدخل الضرر والعيب عليه بتشويهه - كما سوف ترون في النقطة الرابعة - لأجل إصلاح مكانٍ آخر بدلاً عن الأول، فلم يرتضِ أطباء التشريح أن تكون في مكانها الذي خلقه الله تعالى لها، فوضعوه في غير المكان الخاص بها وهو مكانها الأول...فلا ريب في أن هذا من إيحاءات وتشويهات إبليس الملعون..!!
  وأمَّا بيان النقطة الرابعة: ما هو نظر الطب التجميلي حول زرع الشعر..؟ .
    من وظيفة الفقيه أن يبحث وينقِّب في حيثيات الموضوع الذي سيجيب عليه من الناحية الشرعية ليقارن ويوازن بين المقدمات والنتيجة الفقهية التي يريد التوصل إليها، وليس من وظيفته أن يستعجل بجواب المسألة قبل الفحص عن خلفياتها والآثار المترتبة عليها لا سيَّما في الموضوعات المستحدثة..فالعجلة من الشيطان، والتأني من الرَّحمان..!! لذا فإننا نتريث قبل الإجابة فننقِّب تنقيباً بالغاً عن حيثيات أيِّ موضوعٍ نريد الإجابة عليه، لا سيَّما الموضوعات المستحدثة..وحيث إنَّ عملية زرع الشعر هي من المسائل التي قد يبدو من السهل الإجابة عليها للوهلة الأولى، ولكنَّ تصوراً  كهذا لا حقيقة له في منهج آل البيت عليهم السلام، لأننا مأمورون بالصبر على المقدمات حتى نحصل على نتيجة عند الإجابة، وقد وفقنا الله تعالى للإجابة على موضوع زرع الشعر بما له من سلبيات جمّة بالمنظورَينِ: القريب والبعيد..وبما أنَّ عملية الزرع لها أخصائيون في طبِّ التجميل والتشريح، فلا بدَّ للفقيه المُجّد أن يستطلع آراءَهم حول النتائج التي توصلوا إليها في عمليات زرع الشعر - باعتبارهم من أهل الخبرة في مجالاتهم الطبيَّة - فعثرنا على بعض البحوث والمقالات حول الموضوع، منها مقال تحت عنوان:" زراعة الشعر..هل هي حلٌّ سحريٌّ ؟ نشره مكتب الجزيرة في ألمانيا بتاريخ: 3/9/2013 م لأحد دكاترة طبّ التشريح، ولأهميته أحببنا نشره في بحثنا حول الحكم الشرعي في موضوع زرع الشعر، وها هو بين أيديكم، فقال التقرير:
[ تؤرق مشكلة الصلع الكثير من الرجال، ورغم أن زراعة الشعر تمثل أحد الحلول الفعالة لذلك، إلا أن جراح التجميل ريتسه أتسار يؤكد أنه ينبغي على الأشخاص الراغبين في زراعة شعرهم أن يعلموا جيداً أنها ليست عملية سحرية تزودهم بشعر جديد، وإنما هي مجرد إعادة توزيع للشعر القديم الموجود لديهم بالفعل.
ويضيف أتسار - وهو عضو مركز التقنيات الحديثة لزراعة الشعر بالعاصمة الألمانية برلين- أن كلَّ شعرة جديدة يكتسبها الشخص الأصلع فوق رأسه جراء هذه العملية تتمتع بقيمة كبيرة بالنسبة له، إذ غالباً ما تكون قد تركت فراغاً في مكان آخر بجسده، لافتاً إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون إخفاء هذه الأماكن ممكناً على الدوام.
ويشرح الجراح أن سقوط الشعر الناتج عن عوامل وراثية غالباً ما يظهر في قمة الرأس أو على جانبي الرأس، بينما لا يصبح الشعر في مؤخرة الرأس خفيفاً - غالباً - إلَّا في مراحل عمرية متقدمة، ولذلك يصف أتسار مؤخرة الرأس بأنها "منطقة آمنة"، ولهذا السبب يقوم الأطباء - في أغلب الحالات- بأخذ الشعر من هذه المنطقة، ثم يزرعونه في المناطق المصابة بالصلع.
ويوضح أتسار أن هناك نوعين من تقنيات زراعة الشعر، الأولى تقنية قطف وحدة البُصَيْلَة، والتي يتم خلالها استخلاص الشعر بشكل فردي، والثانية هي تقنية استخلاص شريحة من الجلد، والتي يقوم خلالها الطبيب بأخذ شريحة من الجلد من مؤخرة الرأس لدى المريض ويقوم بتجزئتها بعد ذلك إلى جذور منفصلة.
غالباً لا يصبح الشعر في مؤخرة الرأس خفيفا إلا في مراحل عمرية متقدمة.
الوقت يختلف:
ويردف الجراح أن تقنية قطف وحدة البصيلة تستغرق وقتاً طويلاً، موضحاً أنه إذا قام الطبيب مثلا باستخلاص 2500 وحدة ليقوم بزراعتها من جديد في مكان آخر، فغالباً ما يستغرق ذلك نحو ثلاثة أيام، بينما لا يحتاج نقل نفس العدد من البصيلات في التقنية الأخرى سوى يوم واحد فقط.
وبينما لا تتسبب تقنية قطف وحدة البُصيلَة إلَّا في ترك ندبة متناهية الصغر لا تمكن رؤيتها غالباً على فروة الرأس، يحذّر أتسار من أنه عادة ما تتسبب التقنية الأخرى في تكون ندوب كبيرة، إذ يتراوح طول شريحة الجلد التي تتم إزالتها بين 17 و20 سنتيمتراً ويصل عرضها إلى 2 سنتيمتر، وعندما يقوم الطبيب بخياطة الفجوة الناتجة عن ذلك تتكون ندبة يتراوح طولها بين 4 و5 سنتيمترات تقريباً. ونظراً لأن الجلد غالباً ما يتحرك في منطقة أسفل الرقبة، فربما يزداد حجم الندبة عن ذلك فيما بعد.
ويلفت بيتر فولك - عضو الرابطة الألمانية لاختصاصيي العناية بالشعر البديل- إلى أن التقنيتين تنطويان على عيب مشترك، ألا وهو أن الشعر المزروع لا يسقط بعد ذلك مطلقا. صحيح أن هذا الأمر يبدو جيداً في البداية، إلا أنه عادة ما يصبح لافتاً للنظر وغير طبيعي في مراحل عمرية لاحقة عندما يتساقط الشعر في منطقة مؤخرة الرأس مع التقدم في العمر وتظل هذه الخصلات موجودة في مقدمة الرأس.
حلاقة كاملة :
ولذلك يوصي الجراح أتسار الأشخاص الذين استخدموا تقنية قطف وحدة البصيلة لزراعة شعرهم، بحلاقة رأسهم بأكمله في الكبر، وذلك كي يتسنى لهم إخفاء عدم التساوي في توزيع الشعر الناتج عن وجود مناطق مغطاة تماماً بالشعر وأخرى خالية منه.
ولكن بالطبع سيتسبب اللجوء لهذا الحل عند زراعة الشعر بتقنية استخلاص شريحة من الجلد في إظهار الندوب الناتجة عنها، وهنا يشير أتسار إلى أنه ليس من الضروري أن يتم أخذ شريحة الجلد المحتوية على الشعر من مؤخرة الرأس، بل يمكن أخذها من شعر الصدر أو الذقن.
  ونظراً لأنه عادة ما يكون شعر الذقن قوياً وصلباً فمن الممكن أن يكون الشعر المزروع منه لافتاً للنظر إذا ما تمت زراعته في مقدمة الرأس. ومن هنا يوصي جراح التجميل الأشخاص الراغبين في زراعة شعرهم بألا يقوموا باستخدام شعر الذقن لزراعة الشعر في الأماكن الظاهرة للعيان جداً.].
   هذا بالإضافة إلى أن المتصفح للمقالات حول زرع الشعر يرى بوضوح تحذير الأطباء منها لما فيها من آثار سلبية ومخاطر كثيرة منها: الفشل في الزراعة، والتسبب في نشوء أمراض بكترية كارثية في الرأس كالإلتهاب الجرثومي في بصيلات الشعر وفشل الطعوم في النمو وبثور على فروة الرأس، فضلاً عن التشوه الخلقي في مؤخرة الرأس..وتُشكِّل ندبات في المنطقة المانحة ومنطقة الزرع، وتفيد التقارير بأن الندبات ستكون شديدة وبارزة وذات لون أحمر، ويجب تغطيتها بالشعر بعد العملية بسبب بروزها بشكلٍ فاضح..وتسبب العملية تورماً وانتفاخاً في الوجه والرأس وبالتالي الألم فيوصف للمريض المسكنات ..لذا ينصح الأطباء التشريحيين بتجنبها لما فيها من نتائج سلبية وتختلف نسب تقبلها من مريض لآخر، إذ قد تكون التوقعات غير واقعية وحالمة بصورة مبالغ فيها، فتختلف بالتالي عما اتفق عليه الطبيب مع المريض، لذلك يجب إستخدام رؤية موضوعية لقياس نتيجة زراعة الشعر عبر نقاش بين الطبيب والمريض قبل العملية والإتفاق على النتائج الممكن تقديمها ليتمكن المريض من تكوين تصور واقعي عما ينتظره..والمصيبة إذا تصور المريض بإيحاء من الطبيب بأن النتائج ستكون جيدة ومن ثمَّ يظهر العكس فيكون بذلك المريض قد خسر بصيلات الشعر المتواجدة في مؤخرة الرأس وشوهها، فيزداد ألمه وحزنه ويندم على ما فعله..وإلقاء نظرة على صور الزرع والقطف من الجهة النابت فيها الشعر والفجوة التي تركت بصماتها على مؤخرة رأس المريض ستجعل الرائي لا يفكر في زرعٍ على الإطلاق..! إنه التشويه المرعب والمقزز للنفس السوية..!!
 الخاتمة:
   الظاهر لنا أن زرع الشعر محرّمٌ شرعاً بالعنوان الأولي لا العرضي لما فيه من التشويه والمفاسد والأضرار البدنية الأخرى بشهادة الخبراء من الأطباء القائلين بأن أكثره سلبيات، إن لم يكن كلُّه سلبيات بحسب نظرنا، وما كان أكثره سلبياً لا يجوز شرعاً وعقلاً فعله والبناء عليه، فهو نظير الخمر أكثره مضر فيحرم شربه حتى لو فيه بعض النفع الموهوم..ومن زرع الشعر وعمل بالوظيفة الثانوية حيال التكاليف الشرعية كالصوم والوضوء والغسل، تجب عليه الإعادة للغسل والوضوء وقضاء الصلاة، وكذلك قضاء الصوم مع دفع الكفارة عن كلّ يوم أفطره أو صام بعد الإغتسال من الجنابة، ولكن صومه فاسد بسبب فساد غسله..والله العالم 
  وهو وليُّنا فنعم المولى ونعم الوكيل، والحمد لله ربّ العالمين، وصلِّ اللهم على رسولك الكريم محمَّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين، ولعن الله أعداءَهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين..والسلام عليكم ورحمته وبركاته
غريبهم واقفٌ على أبوابهم محمد جميل حمُّود العاملي
بيروت/ بتاريخ 29 شوال 1445 هجري قمري

 

 
الهوامش:
(1)أنظر فروع الكافي/ كتاب النكاح ج 5 ص 520 ح 3. 
(2) الكافي نفس المصدر ح 4.
 
 
 

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=2297
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6