الموضوع الفقهي الشعائري: الرد المختصر على أتباع السيِّد الخميني المناهضين للتطبير
كلُّ عام في أيام عاشوراء المقدَّسة تدور الدوائر على شعيرة التطبير، فيبثُّ المناهضون لها السمومَ القتَّالة لتحطيمها والقضاء عليها..فنسوا كلَّ السلبيات الفقهية والمسلكية التي يرتكبونها في حياتهم وطرق عيشهم واعتقاداتهم المتزلزلة، وتفرَّغوا للشعيرة التطبيريَّة المطهرة التي تُذكِّر بالدماء الطاهرة لآل محمَّد (صلوات ربي عليهم أجمعين) التي سُفِكَت على أرض الطف من كربلاء، وكأن المنكَر كلّه تجمع في شعيرة التطبير..! لماذا كلُّ هذا الضجيج حول شعيرة التطبير يا تُرى..؟
والجواب واضحٌ ليس بحاجةٍ إلى تحليل عميقٍ، فصاروا يبتدعون سلبية من هنا وسلبية من هناك لتكون لهم عذراً أمام الناس بأن التطبير يوهن التشيُّعَ، ويضرّ بالأبدان، ويؤدي إلى إستهزاء الآخرين بنا، وأنَّه لم يكن معهوداً في عصور الأئمة المطهرين (صلَّى الله عليهم أجمعين) إلى آخر ما هناك من شبهات أثاروها حول شعيرة التطبير، معتمدين على بعض الفتاوى التي صدَّرها علماء هم أساس الداء في هذه المسألة لا سيَّما من ينتمي بالتقليد إلى السيّدين الخميني والخامنئي حيث يبالغون في توهين شعيرة التطبير وكأنَّها من أعظم المنكرات..بل عدَّوها أعظم من منكرات زنا العاهرات..!
ولا مشكلة عند هؤلاء المتهكمين على إقامة شعيرة التطبير بدعارة الفاسقات وفحشهنَّ.. فتركوا الداعرات وتسلّطوا على طقوس عاشوراء..! ونحن قد فنَّدنا بالتفاصيل الرودود على تلك الشبهات في كتابنا الجليل (ردّ الهجوم عن شعائر الإمام الحسين المظلوم عليه السلام) الذي نال رضا إمامنا المعظَّم سيّد الشهداء فديته بنفسي في بشرى بمنام رأته إحدى المؤمنات العلويات قد أوصاها جدُّها الإمام سيّد الشهداء أبو عبد الله الحسين عليه السلام بالإنكباب على قراءة كتابنا المتقدّم الذكر والتذود منه وأنه راضٍ عنه..إلخ.
وقد ذكرنا فيه الأدلة حول حلية التطبير واستحبابه بالعنوان الأولي - ووجوبه بالعنوان الثانوي - من المدارك الفقهية المعتبرة عندنا نحن الإمامية؛ ولكنَّنا هنا نريد أن نسجِّلَ على المناهضين لشعيرة التطبير موقفاً من نفس المصدر الذي يعتمدون عليه وهو قائدهم الخميني حيث يعتبرونه المصدر الملهم لهم وهنا نسجِّل موقفين له حول حلية التطبير:
(الموقف الاول): جريه العملي نحو حلية التطبير حيث لم يُعهد منه التحريم المكتوب بفتوى؛ بل صدر منه موقفٌ عمليٌّ صريحٌ بالحلية وهو أنه منع التطبير في قم وطهران ولم يمنعه في إصفهان، بل إنَّ منعه للتطبير في قم وطهران كان مبنياً على عدم التطبير العلني في الشوارع والمجاميع العامة دون التطبير السري في البيوت والحسينيات المغلقة؛ والمنع لا يلازم الحرمة، بل كان منعه عن التطبير لأسباب سياسيَّة ووحدوية محضة لينال رضا المخالفين وأنَّى له ذلك..!(هيهات هيهات لما توعَدون) المؤمنون 36؛ وهذا المنع دون التحريم يستلزم اعتقاده بحلية التطبير؛ وإلا فإن مقتضى الحرمة - لو كان يعتقدها - أن يمنع التطبير حتى في أصفهان، بل عليه أن يصدّر فتوى بالحرمة المطلقة الشاملة للتطبير في البيوت والأماكن الخاصة غير المكشوفة على الناس والإعلام.
(الموقف الثاني): صدور فتوى صريحة في شعره الفارسي الصادر منه؛ ولو كان يعتقد بحرمة التطبير لكان صرح بحرمته علناً؛ وهو لم يصرح بالحرمة بل ما صدر منه هو القول بالحلية، وقد صرَّح بأن مولاتنا الصديقة المطهرة زينب صلَّى الله عليها قد كسرت جبينها وهو أمر أعظم من خروج الدم من جبينها، وبهذا تميز السيد الخميني عن غيره في حلية التطبير المشروط بعدم الأذية وترتب الضرر، فتخطاه إلى حليته ولو بترتب الضرر على المطبّر بدليل أنه في شعره صرَّح بأنها عليها السلام كسرت جبينَها.. وإليكم ما قاله:
كان الرمح يمتص الدم من نحر الحسين ** وكانت زينب تشق الجَيب عند الرمح
عندما رأت فوق الرمح رأسَ عابدِ الحق ** ضربت رأسَها بالمحمل فكسرت جبينها.
فمن فم قائدكم ندينكم لا من أفواهنا وفتاوينا ولله الحُجَّة البالغة ولو شاء لهداكم أجمعين، فعندما تستنكرون على التطبير وتؤذون المطبرين، فإنَّكم تسخرون من فتوى الخميني نفسه وتؤذونه، وعندما تمنعون المطبرين وتعاقبونهم في بعض الأماكن كما حصل بجوار مولاتنا الصدّيقة الحوراء زينب عليها السلام من هذا العام 1445 هجري 2024 ميلادي عندما قام مسلحون شيعة متحزبون بإطلاق الرصاص من رشاشاتهم إتجاه المطبرين فأوقعوا فيهم الذعر والرعب بجوار مرقد مولاتنا المطهرة زينب الحوراء صلوات ربي عليها حيث كان المطبرون يلوذون بها ويواسون أخويها الحبيبين:الإمام الأعظم سيّد الشهداء والمولى المعظم أبي الفضل العباس عليهما السلام..فأذيتكم لهؤلاء الشرفاء هي أذية لأهل البيت عليهم السلام من جهة، ومن جهة ثانية يعتبر منعكم عن أداء شعيرة التطبير جرياً عملياً بمنع إنتشار فتواه..ولم يتفرد الخميني في فتواه بجواز حلية التطبير بل مشهور فقهاء إيران - لا سيَّما المحسوبين على ولاية الفقيه العامة - يفتون بالحلية ومن أبرزهم الشيخ يوسف الصانعي فقد كان أحد أبرز القادة في إيران والشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني الذي كان عضواً في مجلس خبراء القيادة وعضواً في مجلس صيانة الدستور وأمينه بمرسوم تنصيبي له من السيّد الخميني، وفتوى الشيخ لطف الله الصافي منتشرة على المواقع الإلكترونية لا سيَّما على صفتحه في الإنستغرام..فقد أجاز لطم الصدور وضرب السلاسل ولطم الوجه وإخراج الدم من الرؤوس والظهور لمصاب الإمام سيّد الشهداء صلوا الله عليه وآله، وظهر فيديو له في مجلس عزاء يلطم على جبهته خلال تلاوة القارئ جملة" وضربت مولاتنا زينب رأسها بمقدم المحمل ونبع الدم من جبينها الشريف" فعلام التشويش والتهديد وأذية المؤمنين المطبرين في إيران وسوريا..؟!!
وها نحن ننقل عبارة السيد الخمیني في ديوانه الشعري حيث ينقل رواية ضرب السيّدة الصدّيقة المطهرة زينب عليها السلام رأسها بمقدم المحمل، فيقول في مقام ردّه على الشاعر جلال الدين الرومي بالفارسية في تسعة عشر بيتاً :
دید بر نی چون سر آن حق پرست سر به محمل زد جبین خود شکست
الترجمة :
لما رأت على الرمح رأس عابد الحق (الحسين) ** ضربت رأسها بالمحمل فكسّرت جبينها (أي سيّدتنا المطهرة زينب).
وها هي قصيدته بالفارسية:
مشنو از نی چون حکایت می کند بشنو از دل چون روایت می کند
مشنو از نی، نی نوای بینواست بشنو از دل، دل حریم کبریاست
نی چو سوزد تلّ خاکستر شود دل چو سوزد خانـۀ دلـبر شود
نی زِ خود هرگز ندارد شور و حال دل بـود مـرآت نــور لایــزال
نی اگر پروردۀ آب وگِل است دست پـروده خـداونـدی، دل است
نی اگر بشکست بی قدر و بهاست بشکند گر دل، خریدارش خداست
نی به هر دست و به هر لب آشناست دل مکان و خانۀ خاص خداست
نی تهی دست است و بی قدر و بها دل بود گنجینۀ عشق و صفا
نی تهی مغز و درونش پر هواست دل تـجلـّی گاه عـرفان و ولاست
نـی تـو را از یاد حق غافل کند دل تو را بر قُرب حق نائل کند
نی چو بینم یادم آید نینوا دل شــود نـالان بـه یـاد کـربـلا
از جفای نی دلم آتش گرفت کاش نی از ریشه آتش می گرفت
رفت بر نی رأس پر خـون حسین بود زینب پای نی در شور و شین
نی زِ حلقوم حسین خون می مکید پـای نی زیـنب گریـبان می دریـد
دیـد بر نی چـون سر آن حق پرست سر به محمل زد جبین خود شکست
رفت نی در شام و در طشت طلا می خـورد نـی بر لـب آن مـقـتدا
مـی زنـد نـی بـوسه بر دست یـزید لـیـک آزرده لـب شـاه شهــید
نی خورد چون بر لب و دندان او دل بسوزد بر لب عطشان او
ذره بس کن ماجرای نی نوا سوخت از این غم، دل خیر النساء .
بالله عليكم يا أيها الأتباع.. أيهما أعظم ضرراً: التطبير على الرأس أم كسر الجبين..؟! أجيبوني إن كنتم من أتباعه حقاً وكنتم من الصادقين وللحق منقادين..!!
والحمد لله ربّ العالمين، وصلِّ اللهم على محمد وآلِ محمَّد وعجّل فرج وليّك القائم من آل محمد صلواتك عليه وعلى آبائه الطاهرين، وانصره على أعدائك يا ربّ العالمين. .
حررها عبد الإمام الحجة القائم سلام الله عليه
محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ ٧ محرم الحرام ١٤٣٩ هجري
الموافق للعام ٢٠١٨ م.
منقحة ومزيدة بتاريخ 12 محرم الحرام 1445 هجري
|