• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : هل مات أهل البيت عليهم السلام كلّهم بالسمّ والسيف أم أن بعضهم مات بالسيف والسم والبعض الآخر مات ميتةً طبيعية..؟. .

هل مات أهل البيت عليهم السلام كلّهم بالسمّ والسيف أم أن بعضهم مات بالسيف والسم والبعض الآخر مات ميتةً طبيعية..؟.

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
مولانا العزيز 
جاء في رواية طويلة في موسوعة بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٦ - الصفحة ٢١٩
نأخذ منها محل الشاهد " يدفن في أرض طيبة في الموضع المعروف بالبقيع. ثم يكون الإمام القائم بعده المحمود فعاله محمد، باقر العلم ومعدنه وناشره ومفسره يموت موتاً يدفن بالبقيع من أرض طيبة ثم يكون بعده الإمام جعفر وهو الصادق بالحكمة ناطق، مظهر كل معجزة، وسراج الأمة، يموت موتاً بأرض طيبة، موضع قبره البقيع ".
ما معنى يموت موتاً هل الإمامان الباقر والصادق ماتا موتاً دون قتل أو سم؟!
وهذا مخالف للمشهور فهل تهمل مثل هذه الروايات أم فيها تأويل ممكن أن تفيضوا علينا بالإجابة مع الشكر والتقدير..
عبدهم الهاشمي الزينبي الطيار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  الموضوع العقائدي: هل مات أهل البيت عليهم السلام كلّهم بالسمّ والسيف أم أن بعضهم مات بالسيف والسم والبعض الآخر مات ميتةً طبيعية..؟.
بسم الله الرَّحمان الرَّحيم
وعليكم السلام ورحمته وبركاته
   الجواب:لا بأس بإثبات سند ومتن الرواية التي رواها العلامة المجلسي رحمه الله في بحاره حتى يتضح حالها والمراد منها، قال العلامة المجلسي في بحاره (ج 36 ص 192 ح 19 باب 40 ) تحت عنوان: (نصوص الله تعالى عليهم من خبر اللوح والخواتيم، وما نص به عليهم في الكتب السالفة وغيرها ):روي عن محمد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي قال: أخبرني به بسر من رأى سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة ، قال : حدثني عم أبي موسى بن عيسى، عن الزبير بن بكار، عن عتيق بن يعقوب، عن عبد الله بن ربيعة رجل من أهل مكة قال: قال لي أبي: إني محدثك الحديث فاحفظه عني واكتمه علي ما دمت حيا أو يأذن الله فيه بما يشاء ، كنت مع من عمل ابن الزبير في الكعبة حدثني أن ابن الزبير أمر العمال أن يبلغوا في الأرض، قال : فبلغنا صخراً أمثال الإبل، فوجدت على تلك الصخور كتاباً موضوعاً فتناولته وسترت أمره، فلما صرت إلى منزلي تأملته فرأيت كتابا لا أدري من أي شئ هو، ولا أدري الذي كتب به ما هو ؟ إلا أنه ينطوي كما ينطوي الكتب، فقرأت فيه : باسم الأول لا شئ قبله ، لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم، ولا تعطوها غير مستحقها فتظلموها ، إن الله يصيب بنوره من يشاء ، والله يهدي من يشاء ، والله فعال لما يريد ، باسم الأول لا نهاية له ، القائم على كل نفس بما كسبت ، كان عرشه على الماء ، ثم خلق الخلق بقدرته وصورهم بحكمته وميزهم بمشيئته كيف شاء ، وجعلهم شعوبا وقبائل و بيوتا ، لعلمه السابق فيهم ، ثم جعل من تلك القبائل قبيلة مكرمة سماها قريشا وهي أهل الأمانة. ثم جعل من تلك القبيلة بيتا خصه الله بالنبأ والرفعة ، وهم ولد عبد المطلب،حفظة هذا البيت وعماره وولاته وسكانه، ثم اختار من ذلك البيت نبيا يقال له " محمد " ويدعى في السماء " أحمد " يبعثه الله تعالى في آخر الزمان نبيا ولرسالته مبلغا ، وللعباد إلى دينه داعيا ، منعوتا في الكتب ، تبشر به الأنبياء ويرث علمه خير الأوصياء ، يبعثه الله وهو ابن أربعين عند ظهور الشرك وانقطاع الوحي وظهور الفتن ، ليظهر الله به دين الاسلام ويدحر به الشيطان ويعبد به الرحمان ، قوله فصل وحكمه عدل ، يعطيه الله النبوة بمكة والسلطان بطيبة ، له مهاجرة من مكة إلى طيبة ، وبها موضع قبره ، يشهر سيفه ويقاتل من خالفه ، ويقيم الحدود فيمن اتبعه ، هو على الأمة شهيد ، ولهم يوم القيامة شفيع يؤيده بنصره ويعضده بأخيه وابن عمه وصهره وزوج ابنته ووصيه في أمته من بعده وحجة الله على خلقه ، ينصبه لهم علما عند اقتراب أجله ، هو باب الله ، فمن أتى الله من غير الباب ضل ، يقبضه الله وقد خلف في أمته عمودا بعد أن يبين لهم ، يقول بقوله فيهم ويبينه لهم ، هو القائم من بعده والامام والخليفة في أمته ، فلا يزال مبغضا محسودا مخذولا ومن حقه ممنوعا ، لأحقاد في القلوب وضغائن في الصدور ، لعلو مرتبته عظم منزلته وعلمه وحلمه ، وهو وارث العلم ومفسره ، مسؤول غير سائل ، عالم غير جاهل ، كريم غير لئيم ، كرار غير فرار ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، يقبضه الله عز وجل شهيدا ، بالسيف مقتولا ، هو يتولى قبض روحه ، ويدفن في الموضع المعروف بالغري ، يجمع الله بينه وبين النبي .ثم القائم من بعده ابنه الحسن سيد الشباب وزين الفتيان ، يقتل مسموماً يدفن بأرض طيبة في الموضع المعروف بالبقيع . ثم يكون بعده إمام عدل يضرب بالسيف ويقري الضيف ، يقتل بالسيف على شاطئ الفرات في الأيام الزاكيات ، يقتله بنو الطوامث والبغيات، يدفن بكربلاء ، قبره للناس نور وضياء وعلم .ثم يكون القائم من بعده ابنه علي سيد العابدين وسراج المؤمنين ، يموت موتاً، يدفن في أرض طيبة في الموضع المعروف بالبقيع، ثم يكون الإمام القائم بعده المحمود فعاله محمد، باقر العلم ومعدنه وناشره ومفسره يموت موتاً يدفن بالبقيع من أرض طيبة .ثم يكون بعده الإمام جعفر وهو الصادق بالحكمة ناطق، مظهر كل معجزة، وسراج الأمة ، يموت موتاً بأرض طيبة، موضع قبره البقيع . ثم الامام بعده المختلف في دفنه ، سمي المناجي ربه موسى بن جعفر، يقتل بالسم في محبسه ، يدفن في الأرض المعروفة بالزوراء .
ثم القائم بعده ابنه الإمام علي الرضا المرتضى لدين الله، إمام الحق، يقتل بالسم في أرض العجم . ثم القائم الامام بعده ابنه محمد ، يموت موتاً، يدفن في الأرض المعروفة بالزوراء .ثم القائم بعده ابنه عليّ ، لله ناصر ويموت موتاً ويدفن في المدينة المحدثة .ثم القائم بعده الحسن وارث علم النبوة ومعدن الحكمة ، يستنار به من الظلم يموت موتاً، يدفن في المدينة المحدثة .ثم المنتظر بعده ، اسمه اسم النبي ، يأمر بالعدل ويفعله ، وينهى عن المنكر ويجتنبه يكشف الله به الظلم ويجلو به الشك والعمى ، يرعى الذئب في أيامه مع الغنم ، ويرضى عنه ساكن السماء والطير في الجو والحيتان في البحار ، يا له من عبد ما أكرمه على الله ، طوبى لمن أطاعه وويل لمن عصاه ، طوبى لمن قاتل بين يديه فقتل أو قتل ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ، وأولئك هم المفلحون ، وأولئك هم الفائزون.
   إن هذه الرواية ليست صادرة عن المعصوم عليه السلام بحسب السند بل الراوي لها هو محمد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي قال: أخبرني به بسر من رأى سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، قال: حدثني عم أبي موسى بن عيسى ، عن الزبير بن بكار ، عن عتيق بن يعقوب، عن عبد الله بن ربيعة رجل من أهل مكة قال : قال لي أبي : إني محدثك الحديث فاحفظه عني واكتمه علي ما دمت حيا أو يأذن الله فيه بما يشاء.."، فالأصل الأولي يقضي - بحسب القاعدة الدرائية - أن نحكم عليها بالإرسال عن غير المعصوم بل هي في غاية الضعف السندي، ولكنَّ دلالتها متوافقة مع القرائن المنفصلة في الأخبار الأُخرى الدالة على التسلسل في إمامة الحجج الأطهار عليهم السلام وكيفية ارتحالهم من هذه الدنيا الدنية، فمنهم استشهد بالسُّم ومنهم بالسيف، ولكن ثمة مفارقة في هذا النصّ تثير التساؤل هو أنَّه ليس فيها ذكر لشهادة رسول الله وابنته سيّدة نساء العالمين والحجة على الخلاثق أجمعين الصديقة الكبرى فاطمة البتول عليها السلام، وهذا مريب..! وبالرغم من ذلك كلّه لا نطرحها من أساسها، بل نسلّم بمضمونها حرصاً منا على عدم التسرع في طرح النصوص وهو منهيٌّ عنه للوهلة الأولى بمقتضى ما جاء في صحيحة عبيد الله الحذاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: "والله إن أحبَّ أصحابي إليَّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا، وإن أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم للذي إذا سمع الحديث يُنسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله اشمأز منه وجحده وكفر من دان به وهو لا يدري لعلَّ الحديث من عندنا خرج وإلينا أُسند ، فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا ".
   وبناءً عليه: فإن الرواية عُثر عليها في جوف الأرض في مكة عام 339 للهجرة أي في بداية الغيبة الكبرى لمولانا المعظَّم الإمام الحُجَّة القائم صلَّى الله عليه وآله، ولعلها من الكنوز المدفونة تحت الأرض لتكون حجَّةً على الخلق عند العثور عليها لا سيّما على إبن الزبير عدو أهل البيت عليهم السلام..وظاهرها واضح بأن بعض الحجج الأطهار عليهم السلام يُقتلون بالسيف، وأغلبهم بالميتة الطبيعية، وهو خلاف المتسالم عليه في أخبارنا الشريفة بأنهم ماتوا كلّهم بالسيف والسُّم، ولعلَّ هذه الرواية هي التي أوجبت التشويش على الشيخ المفيد المائل إلى أن بعض الحجج الأطهار عليهم السلام ارتحلوا من الدنيا بالموت الطبيعي، وقد تابعه على ذلك السيّد محمد حسين فضل الله..لغايات وحدوية لا علاقة لها بمفاهيم التشيُّع لسنا بصدد بيانها ههنا لأننا أوضحناها بالتفاصيل في بحوثنا المكتوبة والمسموعة فلا نعيد.. وما ذهب إليه المفيد هو جنوح عن الصواب لمن تدبر في تواريخ نهايات حياة الحجج الأطهار عليهم السلام، ولو لم يكن إلا الخبر المشهور القائل" ما منا إلا مقتول أو مسموم" لكفى به حجةً قطعيةً على كلِّ من شكّك في نهايات الحجج الطاهرين بالموت القسري: إمَّا بالسيف وإمَّا بالسُّم..فالعجب من الشيخ المفيد رحمه الله كيف التزم بهذا الخبر أو بغيره من مجاهيل الأخبار، تاركاً وراءه الأخبار التي فاقت التواتر بعشرات المرات تفيد بأن أهل البيت عليهم السلام ماتوا قتلاً بالسيف والسُّم..هذا كلّه بناءً على صحة النسبة إلى الشيخ المفيد، وإلا فمن المحتمل جداً تلفيق النسبة إليه من قبل أعداء آل البيت ليشقوا وحدة الصف الشيعي القائم على أن أهل البيت عليهم السلام ماتوا بالسيوف والسموم...فابتدعوا أخباراً تشوّش على الشيعة تواريخ شهادات الحجج الأطهار صلوات ربي عليهم..فقد كان لبني أمية وبني العباس معاهد حديثية شغلها الشاعل تحريف الأحاديث وأقوال علماء الشيعة ليشككوا عوام الشيعة بأعمدة السقيفة وملوك بني أمية وبني العباس عليهم اللعنة جميعاً تحت ذريعة أن علماءكم يا شيعة قالوا كذا وكذا..!! 
  ومهما يكن الأمر، ومهما كانت النتائج من وراء الدس والتلفيق، فإننا نردُّ كلّ قولٍ يخالف الحقيقة والواقع مهما كان صاحبه عظيماً ووجيهاً في الطائفة الشيعية، فالحق لا يعرف الوجاهة والعظمة التي يتلبس بها بعض العلماء لينخروا في معالم الدين ويحرفوا عقائد المؤمنين..لذا فإن الخبر مورد بحثنا لا بدَّ من تأويل فقراته الظاهرة بلفظ" يموت موتاً " إلى الموت بالسُّم وذلك لقرينتين هما:
    (القرينة الأولى): لو أخذنا بظاهر الخبر المتقدم الدال على أن نهاية أكثر الحجج الأطهار عليهم السلام كانت بالميتة الطبيعية لاستلزم ذلك طرح الأخبار التي بلغت المئات بأن الحجج الأطهار عليهم السلام - بدءً برسول الله وابنته الصدّيقة الكبرى وابنها محسن..وانتهاءً بالإمام الحسن العكري عليهم السلام - قتلوا بالسُّم والسيف، فتقديم خبر واحد على أخبار كثيرة يخرج من الدين ويخرّب معالم الولاية والتوحيد.
   (القرينة الثانية):المراد بقوله: "يموت موتاً " أي موتاً بالسُّم لا بالسيف، ولو كان المراد بالموت هو الموت الطبيعي لما صح أن يضيف كلمة"موتاً ": إلى كلمة "يموت" كان بمقدوره الإكتفاء بالقول:" ثُمَّ يموت"، ولكنه أكدَّ  كلمة "يموت" بكلمة" موتاً " أي يموت موتاً قسرياً بالسُّم..
 وسيعلم الذين ظلموا آل محمَّد أيَّ منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين
والله تعالى يتولى الصالحين
عبد الإمام الحجَّة القائم المهدي صلَّى الله عليه وآله
غريب الديار محمد جميل حمُّود العاملي
بيروت/ بتاريخ 29 محرم 1446 هجري
الموافق للعام 2025 ميلادي
 

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=2394
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 15