• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : علم أهل بيت العصمة والنبوة بوقت الساعة .

علم أهل بيت العصمة والنبوة بوقت الساعة

الإسم:  *****
النص: باسمه تعالى، السلام عليكم رحمة الله وبركاته ، السلام على العلامة المجاهد والاسد الذائد المرجع الديني الكبير اية الله الشيخ محمد جميل حمود العاملي -دام ظله-
نلتمس من سماحتكم الاجابة على هذا السؤال :
هل اقطاب العوالم الامكانية وانوار الذات الربانية أفيض عليهم بعلم الساعة ومتى تقوم القيامة من الحضرة الاحدية كما افيض عليهم دقائق الغيوب الخفية من بلايا ورزايا وما يتقلب في الارحام وما نفخ فيه روحا فصار بشريا سويا وما يسبح بحمد الله مما يرى وما لا يرى وما كان وما يكون وما هو كائن من الالطاف الصمدانية او ان علم الساعة قد هو علم بخل به الله واختصه لنفسه كما يزعم البعض، نرجو من سماحتكم تطعيم الجواب بالادلة الدامغة الرافعة الناصبة التي يخضع لها جبابرة الحوزات العلمية وكما هي عادتكم شيخنا العزيز ..

 

الموضوع: علم أهل بيت العصمة والنبوة بوقت الساعة

بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمته وبركاته
 

سيّدنا الفاضل ***** دامت توفيقاته
     ما تفضلتم به في سؤالكم الكريم عن علم أهل بيت العصمة والنبوة بوقت الساعة هو من المسائل التي غرق في بحرها كثيرٌ من العلماء الظاهريين من دون دراية منهم لحقائق علوم سادة الورى وسفن النجاة عليهم السلام فنسبوا إليهم الجهل بعلم الساعة ظناً منهم بأن ذلك هو مقتضى حال الأدلة، معتمدين على ظواهر بعض الآيات الآيات والأخبار المتشابهة، من دون أن يلتفتوا إلى المحكمات الأخرى المقابلة لتلكم المتشابهات، وماذا نفعل بمرضى القلوب حيث ينظرون دائماً إلى الرديء ولا ينظرون إلى الجيد والسليم، فصدق عليهم قوله تعالى في مطلع سورة آل عمران﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنَّ أُمّ الكتاب وأُخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله...﴾.
  لقد اعتمد هؤلاء على ما أشرنا إليكم ولكنَّ الحال هو خلاف ما ذهبوا لأن المتشابه يقابله محكم، والأخبار في مقابلها أخبار أخرى تناهضها ما يجعل الباحث واقفاً متأملاً بكيفية الجمع بين الأخبار والآيات، فالضعيف بفقهه وعلمه العقدي يقع في حيرة بل وفي شكٍّ أيضاً، فلا بدَّ من التسليم بأن ثمة تقصير عند هؤلاء بفهمهم للآيات والاخبار الدالة على حصر علم الغيب بالله تعالى، وقد أجبنا عن الشبهة في سؤالكم في كتابنا الموسوم بــ" شبهة إلقاء المعصوم في التهلكة ودحضها" ولكننا نجيبكم بالإجمال هاهنا لان الإسهاب في عرض دعاوى القوم وردها تؤدي بنا إلى التطويل وهو ليس مرادنا في هذه العجالة، لذا نقول:
      إن الله تعالى حصر علم الغيب به لكونه نابعاً من ذاته المقدَّسة، فعلمه عين ذاته، فلا إثنينية بين العلم والذات الإلهية المقدَّسة، مضافاً إلى ذلك فإن علم الغيب داخلٌ ضمن قدرته تعالى عليه، وقدرته مطلقة لا يحدها شيء، ولا يعني حصره المذكور أنه لا يعطيه لمن له القابلية للتلقي والقبول وإلا لاعتبر بخيلاً وهو منزّه عنه لأن البخل نقص كمالي لا يتصف به المولى تبارك ذكره، فالجود الإلهيّ تام، والقابلية متوفرة، فلا بخل في ساحته الشريفة، وهذا ما يعبَّر عنه بالقاعدة المشهورة في علم الكلام:" المقتضي موجود والمانع مفقود"  وحيث إن أهل البيت عليهم السلام عندهم القابليات الكاملة فلا يبخل عليهم بجود علمه، فهم عالمون بكلّ شيء، سواء ما كان له صلة بواقع تكليفهم وهدايتهم للناس أو ما لم يكن كذلك، ولا يشترط في هبة العلم بأن يكون مشروطاً بواقع التكليف بل قد تكون الهبة على نحو المكافأة لهم فيعطيهم من علومه ليزلفهم بها وليباهي بهم ملائكته ورسله واولياءه، وهذا نظير تعليم الله تبارك شأنه لنبيّه آدم عليه السلام الأسماء كلّها ثم أمره أن يعرضها على الملائكة ليظهر لهم عجزهم العلمي أمام الذات الآدمية الطيبة، فكان تعليمه تعالى لآدم عليه السلام في عوالم الأنوار وهو عالم لا تكليف فيه كما هو في الأرض، ولكنَّه كان على سبيل التفضل والجود على قابلية طيبة تحمل أسمى معاني الحب والوفاء لله تعالى، وهكذا بالنسبة إلى الحجج المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين فإن الله تعالى أعطاهم من علمه العظيم فوق ما أعطاه لأحدٍ من العالمين تشريفاً لهم على عامة خلقه ليبيّن لهم مدى حبّه لهم وقربه منهم، ولا يقتصر عطاؤه العلمي لهم على ناحية دون أُخرى، فلا يقتصر على التشريع دون التكوين، ولا على التكليف دون الواقع والتنظير، بل هو عام يشمل جميع نواحي ومرافق عوالم الوجود بلا إستثناء أو تخصيصٍ، فيشمل علمهم بالمغيبات ما له علاقة مباشرة بواقع التكليف وما لا علاقة للتكليف به حسبما أشرنا قياساً لهم على نبيّ الله آدم عليه السلام، مع كونهم أفضل منه، بل لولاهم ما خلق الله تعالى آدم عليه السلام، فهم العلَّة الغائية لخلق العوالم الملكوتية والناسوتية، كما أن إطلاعهم على جنبة واحدة من العلم الغيبي العام إلا العلم بالساعة ــ حسبما يظن البعض ــ يقتضى التبعيض في جوده وعطائه المطلق على من له القابلية المطلقة، كما أن قابليتهم لا تبعَّض فلا يمكن القول بأن لديهم القابلية في كلّ شيء سوى العلم بيوم القيامة، فالملكة لا تبعّض ولا تجزّأ، فكما أنهم عالمون بما له علاقة بالتكليف فلماذا لا يعلمون بما لا علاقة للتكليف به ما دام على وجه الجائزة والتكريم؟!وبالغض عن كلّ ذلك فلا يبعد أن يكون العلم بالساعة من صلب مهام التكليف المنوط بهم باعتباره متعلقاً بالإيمان والكفر ولوازمهما من الإعتقادات الحقّة كالرجعة والكرات المتعددة لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام والتي منها كرته الأخيرة قبل يوم القيامة بأربعين يوماً حسبما جاء ذلك في الأخبار الكثيرة ما يعني بالضرورة علمهم بيوم الساعة على وجه التحديد والتفصيل.
   وثمة قاعدة أسسناها في كتابنا " شبهة إلقاء المعصوم في التهلكة.." تقول: أن أهل البيت معصومون بالعصمة المطلقة بمقتضى آية التطهير المطلق لهم من كلّ دنس ورجس وخطأ، وكلّ رواية أو خبر يلصق بهم النسيان أو الخطأ أو الجهل بكلا قسميه: الجهل بالتكليف أو الجهل بغير التكليف، يجب تنزيههم عنه وإلا لم يكونوا مطهرين ومنزهين، لأن إذهاب الرجس المؤكد بالتطهير المطلق يفيدان دفع كلّ جهلٍ عنهم من دون إستثناء سواء تعلق ببيان الأحكام أو بغيره من وجوه الموضوعات، ودعوى تخصيصها ببعض الآحاد من الأخبار التي لا توجب علماً ولا عملاً مردودة من حيث عدم صلاحيتها للتخصيص، ولأن التخصيص ــ على فرض التسليم به ــ يلغي الإطلاق في الآية كما يلغي الأخبار الأخرى الدالة على حضورية علومهم وفعليتها وعمومها، ولا يصح لأخبار آحاد أن تلغي عمومات الآيات والأخبار لأن الإلغاء يعني حاكمية أخبار الآحاد على عمومات الكتاب والأخبار الشريفة الأخرى مع أن ائمتنا الطاهرين عليهم السلام أمرونا بعرض الأخبار المخالفة للكتاب فما وافقه يؤخذ به وما خالفه يضرب به عرض الجدار، وحيث إن الأخبار الدالة على جهلهم ــ والعياذ بالله تعالى ــ بيوم الساعة هي أخبار آحاد ومعارِضة للكتاب والأخبار الأخرى، فلا بد حينئذٍ من طرح تلكم الأخبار المناهضة لعموم الكتاب والأخبار الأخرى الدالة على سعة علومهم وفعليتها من دون تخصيص، لأن من له حقُّ التقديم إنَّما هو الكتاب والأخبار الموافقة له،لا الأخبار الشاذة التي لها حقُّ التأخير في مقابل من لها حقُّ التقديم، وقد ذكرنا قسماً وافراً من تلكم الأخبار في كتابنا" شبهة إلقاء المعصوم في التهلكة ودحضها" فلتراجع.   
(وبالجملة): إن آية التطهير في الكتاب الكريم وضَّحت لنا ماهية العصمة التي اتصف بها أهل البيت عليهم السلام وهي العصمة المطلقة التي لا يحتمل تطرق الجهل إليهم صلوات الله عليهم، كما أن قوله تعالى في سورة الجن﴿ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسولٍ فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم واحصى كلّ شيء عدداً﴾ وهي واضحة الدلالة في بيان أن الله تعالى أظهر على غيبه المطلق بعض الناس وهم رسل الله تعالى، ولا ريب أن رسول الله وأئمتنا الطاهرين عليهم السلام أهم الرسل عند الله تعالى باعتبارهم مبعوثين من عند الله تعالى، فقد أطلعهم على غيبه المطلق ومن أهم مصاديق الغيب المطلق هو علم الساعة، فهذا الإطلاق لا يمكن أن يعارضه خبر واحد ولا يصح أن يكون مقيِّداً للآية لأمرين: أحدهما أن الخبر الواحد ليس بمنزلة الآية من حيث إحكامها وقوتها، فكيف يكون مخصصاً ؟ وثانيهما أن الأخبار المستدل بها على نفي علم الغيب عن غير الله تعالى مجملة، والمجمل لا يصلح للتقييد.
 

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وهو حسبنا ونعم الوكيل..والسلام عليكم.
 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=276
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19