• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : مفهوم الجبر عند الأشاعرة .

مفهوم الجبر عند الأشاعرة

 مفهوم الجبر عند الأشاعرة

من كتاب"أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد لآية الله الشيخ محمّد جميل حمّود:2/149 ـ 162

 

القول بالجبر هو عقيدة جمهور العامة، أخذوها من عمر بن الخطّاب، حيث روي عنه أنه أول من قال بالجبر الافعالي، يروون أن عمر خرج إلى الشام غازياً عام 17 للهجرة حتى إذا كان بسُرغ لقيه الأمراء، فأخبروه أن الأرض سقيمة، فارجع بالناس فإنه بلاء وفناء.
فقال: أيها الناس إني راجع فارجعوا.
فقال له أبو عبيدة الجرّاح: أفراراً من قدر اللَّه؟
قال: نعم، فراراً من قدر اللَّه إلى قدر اللَّه، أرأيت لو أن رجلاً هبط وادياً له عدوتان، إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس يرعى من رعى الجدبة بقدر اللَّه ويرعى من رعى الخصبة بقدر اللَّه، ثم قال: لو غيرك يقول هذا يا أبا عبيدة، فبينا الناس على ذلك إذ أتى عبد الرحمن‏فبن عوف، وقال: سمعت رسول اللَّه يقول إذا سمعتم بهذا الوباء ببلدٍ فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم به فلا تخرجوا فراراً منه ولا يخرجنّكم إلا ذلك ثم انصرف عمر وانصرفوا.
وروى الواقدي أيضاً عن أم الحارث الأنصارية أنها رأت عمرفبن الخطّاب في وقعة حُنين عندما انهزم المسلمون، فقالت له: ما هذا؟
قال عمر: أمر اللَّه.
ولم يقتصر القول بالجبر على عمر، بل تعدّاه إلى جماعة كمعاوية وبعض من أزواج النبي كعائشة، فيروى أن عائشة قالت عندما تعرّض الخوارج للإمام عليّ‏ (عليه السَّلام) في النهروان: «ما يمنعني ما بيني وبين عليّ أن أقول الحق، سمعتُ النبيّ يقول: تفترق أمتي على فرقتين، تمرق بينهما فرقة محلّقون رؤوسهم يحفون شواربهم، أُزرهم إلى أنصاف سوقهم، يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم، يقتلهم أحبُّهم إليّ وأحبُّهم إلى اللَّه، فقال لها قتادة: يا أمّ المؤمنين فأنت تعلمين هذا، فلِمَ كان الذي منك؟
قالت: يا قتادة (وكان أمر اللَّه قدراً مقدوراً) وللقدر أسباب...».
ولمّا اعترض عبد اللَّه بن عمر على معاوية عندما نصّب ولده يزيد خليفة من بعده قال له: «إني أحذّرك أن تشق عصا المسلمين وتسعى في تفريق ملئهم وأن تسفك دماءهم، وإنّ أمر يزيدٍ قد كان قضاء من القضاء، وليس للعباد خيرة من أمرهم».
فالقول بالجبر عند بعض الصحابة يعبّر عن المصلحة السلوكية والازدواجية الشخصية التي كان يسلكها بعض الصحابة لتبرير أفعالهم الشريرة، فابتدعوا نصوصاً حلّلوا من خلالها الحرام، وحرّموا الحلال تحقيقاً لأغراضهم وإشباعاً لرغباتهم، ويكفي في ذلك ما فعله ابن الخطّاب عمر وصاحبه من اجتهادات واستحسانات قلبت موازين الشرع المبين، وأسوأ شاهد على ما ذكرنا ما فعلاه يوم السقيفة وغصبهما للخلافة ولنحلة سيّدة نساء العالمين واتهامهما إياها بالكذب، وقد طهّرها اللَّه سبحانه في محكم آية التطهير، والدخول عليها عنوةً وجهرة أمام المسلمين، وتوهينهم لها بضربها وكسر ضلعها، وتسويد متنها إلى ما هنالك من مخازي يخجل القلم عن سردها.
وكان الحافز لاعتقاد هؤلاء بالجبر  كما اعتقده مشركو الجزيرة العربية  هو تدعيم شرورهم بمنطق الدين والأمر الإلهي لهم، وليصبغوا الشرعية على سلطنتهم وملكهم، ولإخماد كل ثورة تطلُّ عليهم بين الحين والآخر.
ويرجع الفضل في تثبيت دعائم فكرة الجبر إلى معاوية بن أبي سفيان لتدعيم حكمهم  كما أسلفنا  فبالغوا في ترويجها حتى ألجأهم الأمر إلى قتل من يرفضها، فيروى أن معبد الجهني وغيلان الدمشقي اللذان رفضا فكرة الجبر قتلا على يد الحجّاج‏فبن يوسف الثقفي وهشام‏فبن عبد الملك.
ثم تسلسلت فكرة الجبر إلى أن تسلَّمها أبو الحسن الأشعري وقلّده فيها جمهور العامة، لذا يُنسبون إليه بالعقائد فيقال: إنهم أشعريون أصولاً وأحنافٌ أو مالكون أو حنبليون أو شافعيون فروعاً.
أمّا المنكرون منهم لمسألة الجبر فقليلون أمثال:
أبو المعالي الجويني الشافعي المتوفى عام 478ه، والشيخ الشعراني المتوفى عام 973ه، والشيخ محمد عبده المتوفى عام 1323ه.
والجبر: هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الربّ تعالى.
الفرق الجبرية:
الجبرية على أقسام:
الأولى: خالصة في الجبرية.
الثانية: متوسطة فيها.
الثالثة: كسبية.
 الخالصة: هي التي لا تثبت للعبد فعلاً ولا قدرة على الفعل أصلاً.
 والمتوسطة: هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلاً.
 والكسبية: هي التي أثبتت للقدرة الحادثة أثراً ما في الفعل (أي أن أعمال العباد مخلوقة له تعالى وهم فاعلون لها).
وأهم فرق الجبر ثلاث:
الفرقة الأولى: «الجهمية» أصحاب جهم بن صفوان  ظهرت بدعته بترمذ، وقتله مسلم‏فبن أحوز المازني بمرو في آخر ملك بني أمية، وكان المذكور يخرج بأصحابه فيوقفهم على المجذومين ويقول: انظروا أرحم الراحمين يفعل مثل هذا؟ إنكاراً منه لرحمة اللَّه تعالى كما أنكر حكمته، وقد وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية وزاد عليهم أشياء، من جملتها أنه لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه لأن ذلك يقضي تشبيهاً، فنفى كونه تعالى حياً عالماً، وأثبت كونه قادراً فاعلاً خالقاً لأنه لا يوصف شي‏ء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق.
ومن جملة ما زاد: قوله في القدرة الحادثة، حيث رأى أن الإنسان لا يقدر على شي‏ء ولا يوصف بالاستطاعة وإنّما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار، وإنما يخلق اللَّه تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وتنسب إليه الأفعال مجازاً كما تنسب إلى الجمادات.. والثواب والعقاب جبر كما أن الأفعال كلها جبر، وإذا ثبت الجبر فالتكليف كان أيضاً جبراً.
الفرقة الثانية: «النّجارية»  أصحاب حسين بن محمّد النّجّار  قال بخلق الأعمال خيرها وشرّها، حسنها وقبحها، والعبد مكتسبٌ لها، وأثبت تأثيراً للقدرة الحادثة، ويسمى ذلك كسباً، حسبما يثبته الأشعري.
الفرقة الثالثة: «الضّرارية»  أصحاب ضرار بن عمرو وحفص الفرد  قالا: «إن أفعال العباد مخلوقة للباري حقيقةً، والعبد مكتسبها حقيقة».
فالفرقتان الأخيرتان تقرّان بالكسب، وحقيقة الكسب ترجع إليهما، وتبعهما على ذلك أبو الحسن الأشعري، لتقدّمهما على الأخير المتوفى سنة 324ه، ثم تبعه من أتى بعده.
وفي الواقع لا يختلف الكسب عن الجبر بشي‏ء سوى بالاسم، لأن حقيقة الجبر والكسب واحدة، وهي أن العبد أداة وظرف للفعل الإلهي ولا علاقة لفعل العبد بصدور الفعل منه، بل المصدر هو اللَّه، والمحل هو العبد. لذا عرّف القوشجي وهو أحد أعلام المذهب الأشعري:
«المراد بكسبه إياه، مقارنته لقدرته من غير أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلاً له».
يرد عليه:
أولاً: إن ما ادّعاه أصحاب الكسب من أن قدرة العبد مقارنة لقدرة الرب يستدعي أن يكون وجود القدرة عند العبد وعدم وجودها سيّان ما دامت غير صالحة للتأثير ومغلوبة بقدرة الرب، لذا قال ابن رشد:
لا فرق بين القول بالكسب وقول الجبرية إلاّ باللفظ، والاختلاف باللفظ لا يوجب الاختلاف في المعنى.
ثانياً: إن تحقق الفعل منه سبحانه وتعالى مقارناً لقدرة العبد لا يُصحّح نسبة الفعل إلى العبد، ومعه كيف يتحمّل مسؤوليته إن لم يكن لقدرة العبد تأثير في وقوعه، وعليه، تكون الحركات الاختيارية تماماً كالحركات الجبرية.
ثالثاً: دعوى الاعتقاد بكسب العبد لأفعاله يؤدي إلى الإشراك باللَّه تعالى وهو ظلم عظيم، لأن الاعتقاد بالمقارنة عين الشرك وخلاف التوحيد الأفعالي للَّه سبحانه وتعالى.
• استدلال الأشاعرة على صحة الجبر
استدلوا على ذلك بأدلة عقلية وأخرى نقلية، ومن العجيب استدلالهم بالعقل على صحة الجبر مع اعتقادهم بالحسن والقبح العقليين بل هما شرعيان عندهم، فما أمر به الشرع هو حسن، وما نهى عنه فهو قبيح ولا مدخل للعقل بذلك.
ونحن هنا سنتطرق إلى أدلتهم النقلية، لعدم الاعتداد بأدلتهم العقلية لأن من لا يؤمن بأدلة العقل على قبح الجبر كيف يستدل  بنفس الوقت  على صحته؟ أليس هذا عين التهافت والتناقض؟ ومع هذا فقد تعرّضنا لأدلتهم العقلية في غير هذا الكتاب وأبطلناها من أساسها ببركة مواليَّ الكرام عليهم السلام فراجع.
الأدلة النقلية:
استدل الأشاعرة على الجبر بظواهر الآيات والروايات مع معارضتها لأدلة العقل القاضي بنفي الجبر عن ساحة المولى، لاستلزامه الظلم الذي يجب أن ينزّه عنه عزّ وجلّ، إذ كيف يجبرنا على الأفعال ثم يعذّبنا عليها؟
وفي باب العقائد لا بدّ للمرء من حجة يستند إليها لتفيده القطع والاطمئنان، ولا اعتداد بظواهر الأدلة السمعية إمّا لكونها من المتشابهات التي لا بدّ فيها من الرجوع إلى المحكم العقلي والنقلي، وإمّا لعدم إفادتها القطع المذكور، أو معارضتها للدليل القطعي، فلا تخلو عن كونها ظنّاً وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً، فإذا كان كذلك فلا يمكن بل لا يجوز طرح الآيات المتشابهة التي اعتمدها القوم من أجل المصادقة المذكورة، بل لا بدّ حينئذٍ من تأويلها بما يوافق العقل السليم والآيات الأُخر في القرآن المجيد، بحيث تخرج تلك الطائفة من الآيات عمّا أراده الجبريون.
من الآيات المعتمدة عندهم:
الآية الأولى:
قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ.
ومفاد الآية  بنظرهم  أنّ «ما» مصدريّة وليست اسماً موصولاً فيكون المعنى: اللَّه خلقكم وأعمالكم أي «وخلق أعمالكم معكم» ومنها عبادة الأصنام وما شابهها.
لكنّ الظاهر والصحيح أنّ «ما» تُعدّ اسماً موصولاً بلا إشكال، وبقرينة ما قبلها كقوله تعالى: أفتعبدون ما تنحتون فـ «ما» في هذه الآية موصولة، فالمعنى: أن اللَّه سبحانه استنكر على المشركين ووبّخهم لعبادتهم أصناماً هي من صنع أيديهم، وكذا في الآية المستشهد بها فالمعنىْ أنه سبحانه خلقكم أيُّها المشركون وخلق الأصنام التي صنعتموها بأيديكم ثم اتخذتموها أرباباً من دونه تعالى.
وما استدل به الأشاعرة مخدوش لأمور:
أولاً: إن قوله: وما تعملون مرتبط بقوله تعالى: ما تنحتون فحيث إنّ «ما» في تنحتون موصولة فكذلك «ما» في الآية المذكورة أيضاً موصولة، ف«ما» في الآيتين منتظمتان ولا يُصار إلى تفكيك النظم إلا بدليل قاطع وهو مفقود في البين.
ثانياً: الآية في صدد بيان تقريع صدر من النبيّ إبراهيم‏ (عليه السَّلام) لعبدة الأوثان لما صنعوه، فلو كان ذلك من فعله تعالى لما توجّه عليهم العيب والعتاب والتقريع، بل كان عليهم أنْ يقولوا: (لِمَ توبّخنا على عبادتنا الأصنام واللَّه الفاعل لذلك) فتكون الحجة لهم لا عليهم!.
ثالثاً: إنّ «الخلْق» في أصل اللغة هو التقدير للشي‏ء وترتيبه، فعلى هذا لا يمتنع أنْ نقول: إنّ اللَّه خالقُ أفعالنا بمعنى أنه قدّرها للثواب والعقاب فلا تعلق للقوم على حال.
الآية الثانية:
قوله تعالى: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
استدل أبو الحسن الأشعري (حفيد أبي موسى الأشعري) بهذه الآية على حصر خلْق الأفعال به تعالى، ونفيه عن غيره حتى على نحو الطولية أي أن الأشعري حصر الخلق والإيجاد على وجه الإطلاق به سبحانه ونفاه عن غيره بتاتاً بدعوى إنكار تأثير الظواهر الطبيعية بعضها ببعض ورفض مبدأ السببية والمسببيّة كما مرّ معنا سابقاً.
ولكن ما ادّعاه الأشعري مردودٌ:
أولاً: بما ورد من الآيات الأخرى التي تنسب الخلق إلى غيره بإذنه تعالى، كما في قوله تعالى: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي، أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ، وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً.
فدلالات الآيات واضحة على نوعين من الخلْق:
الأول: خلق الأجساد.
الثاني: خلق الأعمال.
فالإنسان قد يخلق الأجساد من العدم بإذنه تعالى وقدرته، وكذا يمكنه أن يخلق أفعالاً حسنة وشريرة بما أعطاه سبحانه من القدرة التي بها فعل القبيح ولكن ليس معنى ذلك أنه أمره بالقبيح، وإنما أساء استعمالها في موردها الصحيح.
كما ويمكن للإنسان أنْ تصدر منه أفعال هي من مختصات الباري إلاّ أنه أجازها لغيره تبعاً لقدرته عزّ وجلّ أمثال الرزق أو الزرع والغلبة والنصر، فإنه وإنْ وردت آيات في حصر هذه الأمور به تعالى لكن في مقابلها آيات تفيد إمكان أنْ يزرق الإنسانُ غيره بإذنه تعالى وأنْ يزرع وأن ينصر، كل ذلك بتوسط القدرة التي حباها اللَّه لعباده.
قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.
هنا حصر الرازقية به تعالى دون غيره. ولكنه في آية أخرى فوّضها إلى بعض العباد بإذنه وبطول إرادته كما في قوله عزّ اسمه: وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً، أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.
وكذا حصر الزراعة به تعالى بقوله: أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ، وفي نفس الوقت يعدّ الإنسان زارعاً كما في قوله تعالى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ.
ثانياً: إنّ ما استدل به الأشعري وأتباعه على صحة الجبر ونسبة إيجاد الأفعال إليه تعالى معارضة بغيرها من الآيات، فتُصرف التي ظاهرها الجبر عن ظاهرها.
وهناك أصناف من الآيات المعارضة لتلك الظاهرة في الجبر وهي:
 الصنف الأول: الآيات الدالة على إضافة الفعل إلى العبد كقوله تعالى:
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ.
إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ.
إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ.
بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً.
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ.
مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ.
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ.
كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ.
وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ.
 الصنف الثاني: الآيات الدالة على مدح المؤمنين على إيمانهم وذمّ الكفّار على كفرهم:
الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ.
الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ.
وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.
لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى.
هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ.
مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا.
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي.
أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ.
وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ.
 الصنف الثالث:  الآيات الدالة على التهديد والتغيير:
اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ.
فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ.
لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ.
فَمَن شَاء ذَكَرَهُ.
فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً.
فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً.
 الصنف الرابع: الآيات الدالة على المسارعة إلى الأفعال:
وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِن رَبِّكُمْ.
أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ.
اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ.
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم.
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ.
 الصنف الخامس: الآيات الحاثّة والمشجعة على الاستعانة به تعالى:
فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ.
 الصنف السادس: الآيات الدالة على استغفار الأنبياء من تركهم الأوْلى:
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا إشارة إلى آدم وحواء (عليهما السَّلام).
سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ إشارة إلى النبي يونس‏ (عليه السَّلام).
قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إشارة إلى النبيّ موسى‏ (عليه السَّلام).
 الصنف السابع: الآيات الدالة على اعتراف الكفار والعصاة بنسبة الكفر إليهم:
وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ، قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُجْرِمِينَ.
مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ.
كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ.
 الصنف الثامن: الآيات الدالة على تحسّر الكافرين وندامتهم على المعصية:
وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً.
قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً.
وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ.
إلى غير ذلك من الآيات العديدة المعارضة لما ذكروه، على أنّ ما قالوه دونه خرط القتاد لا يصلح أنْ يعتبر دليلاً، فالحق ما قاله الإمامية وتبعهم المعتزلة من أنّ التكليف يتمّ بإضافة الأفعال إلينا.


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=41
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 03 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28