• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : الشهادة الرابعة في الأذان والإقامة .

الشهادة الرابعة في الأذان والإقامة

الإسم:  *****
النص: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة اية الله العلامة المحقق المرجع الديني الكبير الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام ظله
ارجوا من سماحتكم ايدكم الله الرد العلمي على هذا الجواب قبل حلول استشهاد الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام
وادعوا لكم صباحاً ومسائاً عند الامير الإمام علي عليه السلام
وهذا نص الجواب


الشهادة الرابعة في الأذان والإقامة

 

باسمه تعالى

لا بأس بإعلان وتصريح اسم سيدة نساء العالمين الطاهرة المُطهرة والمرأة المعصومة والبتول المُحَدَّثة أم أبيها جدتنا الصدِّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام( المظلومة الشهيدة قبل الشروع في الأذان أو بعد الانتهاء من فصوله وإن كان اسمها قطعاً لا يخرج عن الذكر حين الصلاة على محمد وآل محمد بلحاظ كونها داخلة في الآل أينما ذُكروا بل ذكرها حاضر بذكر أبيها (صلى الله عليه واله وسلم( وإن لم يُصرَّح به ، ويكون التصريح باسم الزهراء (عليها السلام( قبل الأذان ببيان صيغة مناسبة منها : الآية(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ، اللهم صلِّ على محمَّدٍ وآل مُحَمَّد الطيبين الطاهرين المعصومين فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها والسِّر المستودع فيها .

وبهذا يُمكن التخلص من استحداث فصلٍ جديد في الأذان من دون دليل مُعتبر يستند إليه أو دليل ضعيف صريح بالمقارنة يُمكن أن يستند إليه من جهة التسامح في أدلة السُنن أو بقصد رجاء المطلوبية ، حيث يتفق أعلام الطائفة استناداً إلى النصوص الصريحة على أنَّ فصول الأذان والإقامة هي أمور عبادية توقيفية محدودة بحدٍّ معين من جهة الحروف والكلمات والفصول لا تقبل النقيصة فيها أو الزيادة عليها بقصد الجزئية ، وبالتالي ينبغي علينا أن نعبد الله سبحانه وتعالى كما يُريد وليس كما نُريد ! .

ولو أراد الشارع تلك الزيادة بشأن الزهراء (عليها السلام) أو أهل البيت (عليهم السلام) عموماً لبَيَّن ذلك وهو في مقام بيان تمام المراد ولكنه لم يُبَيِّن بل خَصَّ الذكر بإضافة علي بن أبي طالب (عليه السلام) مقروناً مع الشهادتين في النصوص ، وهذا يكشف عن كون ذكرهم (عليهم السلام) مقروناً مع الشهادتين ليس مطلوباً في الأذان والإقامة وغيرهما من العبادات وإن كان مطلوباً في جهة الإيمان والعقيدة فتأمل .

إذن دلالة النصوص في الشهادة الثالثة تؤكد أنَّ المتكلم في مقام البيان ولكن ليس من جميع الجهات بل من جهة خاصة مُعَينة وهي التصريح بذكر علي بن أبي طالب (عليه السلام) مقروناً مع الشهادتين ، ويكون وجه الإطلاق في تلك النصوص أنَّه أهمل ذكر الوقت والمكان والمناسبة ونوع العمل وبالتالي استفيد من هذا الإطلاق في تلك الجهات للاستناد إليه بذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وغيرهما إلا ما ورد المنع من إتيان الكلام الزائد فيه كالصلاة وحينئذٍ لا يصح التمسك بالبيان الوارد في جهة خاصة وهي ذكر علي (عليه السلام) لتعديته إلى جهة أخرى وهي ذكر الزهراء (عليها السلام) في الأذان بشهادة رابعة أو مُنضَمَّة إلا بدليل آخر ، وإذا استندنا في مشروعية ذكرها (عليها السلام) مع ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى دليل وجود ملازمة عقلية أو شرعية أو عادية بينهما في الولاية والمودة والطهارة والعصمة والحجَّة فهذا لا يكشف عن كون هذه الأمور هي مناط الحكم في مشروعية الشهادة الثالثة ليتعدى منها إلى غيرها بل قد يوجد أمر آخر منها كونه أمير المؤمنين وسيِّد الوصيين وخليفة رسول ربِّ العالمين وإمام المتقين وقائد الغُر المُحجَّلين ولربما هناك ما ليس بظاهر من العلل فيلزم حينئذٍ الاقتصار على مورد النص تعبداً به .


نورد على الكلام المتقدِّم بما يلي:

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله والصلاة على رسوله الكريم وأهل بيته المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين..وبعد السلام عليكم نقول وبه نستعين:
     ثمة دعاوى متعددة في هذا النص، وقبل إيرادنا عليه أحبّ التنبيه على أمرٍ ما كنت أتوقع صدوره من علماء موالين ــ بحسب دعواهم ــ باتوا يستشكلون في الإجهار بالولاية لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام،وهي الولاية كبرى لهم إذ لولاها لما صار الأنبياء أنبياءً ومرسلين، ولولاها لما قبلت الصلاة ولا الصوم وبقية التكاليف، فكيف تكون ولايتهم أساس الصلاة وبقية الأحكام بل هي أُسُّ الدين وعليها أُرسل الأنبياء والمرسلون وفي الوقت نفسه لا تكون جزءً من الاذان والإقامة اللذين هما من مقدمات الصلاة وليسا نفس الصلاة؟! لا أدري كيف سيكون الموقف غداً يوم يقوم الناس لربّ العالمين فيُسألون عن ولايتهم عليهم السلام ..؟! وقد جاء عن موالينا وساداتنا الطاهرين عليهم السلام مفسرين لقوله تعالى( ثم لتسألن يومئذٍ عن النعيم) قال سيدنا الإمام الرضا عليه السلام:" النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا أن يسأل اللهُ عنه بعد التوحيد والنبوة.." فكما أن التوحيد والنبوة أصلان أصيلان فكذلك حبهم وولايتهم أصل أصيل بل هو أهم من عامة الاصول لأن بيان بقية الأصول متوقف على أصل الإمامة والولاية كما لا يخفى على المحصلين من العلماء...فالعجب من المستشكلين بجزئية الشهادة لهم عليهم السلام حتى وضعوا حلاً لجواز ذكرهم خارج الاذان والإقامة وكأن ذكرهم عليهم السلام صار عيباً وبدعاً من البدع فأيُّ ميزة لذكرهم خارج الأذان والإقامة ما دام ثمة مندوحة وفسحة لذكر غيرهم خارج الأذان والإقامة.. مع أنه لا خلاف في ذكرهم خارج الأذان والإقامة وإنما الخلاف في كون ذكرهم داخلاً في الشهادة الثالثة أم لا...فيتساوى ذكرهم مع ذكر غيرهم بل لعلَّ ذكر غيرهم صار أولى من ذكرهم بحسب فرضية صاحب الدعوى، ويظهر أن صاحب الدعاوى لم يقرأ يوماً بتمعن الزيارة الجامعة الكبيرة الشريفة فننصحه بزيارتهم بها والتدبر بمعانيها فلعلَّ الله تعالى يرزقه ولايتهم بالمعنى الحقيقي..!!اللهم عجّل لوليِّك المخرج واجعل لنا من أمره كل فرج ومخرج برحمتك يا أرحم الراحمين.
 قلنا أن ثمة دعاوى متعددة في هذا النص نورد عليها تباعاً:
(الدعوى الأولى) القائلة بأن( التصريح بإسم السيّدة الصدّيقة الكبرى عليها السلام إنما يتم خارج الأذان والإقامة لا داخل فصولهما وإنْ كان ذكرها من ذكر أبيها في الصلاة على محمد وآل محمد...)

مردودة بثلاثة وجوه:
الوجه الأول: إن فصلها عن فصول الأذان والإقامة يستلزم فصلها عن أصل تشريع بعص فصولهما كفصلها عن فصول الشهادات الثلاث باعتبارها من أصل التوحيد والنبوة والولاية، ففصلها يعني فصل الذات عن ذيه، إذ لولاها لما قام للتوحيد عامود ولا اخضر له عود.
الوجه الثاني: فصلها عنهما يعني فصلها وإنفكاك ذكرها عن فصل (حيَّ على خير العمل) فقد جاء في تفسيره أن خير العمل هو الولاية، وفي خبر آخر هو برُّ مولاتنا فاطمة وولدها عليهم السلام، فقد جاء في خبر محمد بن مروان عن مولانا الإمام أبي جعفر عليه السلام قال: أتدري ما تفسير" حيَّ على خير العمل"؟ قلت: لا، قال عليه السلام:" دعاك إلى البر، أتدري برُّ من؟ قلت:لا، قال: دعاك إلى بر فاطمة وولدها". فقد دل النص الشريف على أنها صلوات الله عليها أصل الأذان وفصوله فلا إثنينية بينها وبين فصول الأذان والإقامة، فولايتها وأولادها المطهرين عليهم السلام على قاعدة ما من ظاهر إلا وله باطن، والباطن أشرف من الظاهر، ولا بدَّ للباطن من مبرز ومظهر له إلى الخارج، وليس مخرجه سوى الشهادة لهم صلوات الله عليهم أجمعين، فتأمل جيداً.
إشكال وحل: قد يقال: بأن إستبطان ذكرها في فصل"حيَّ على خير العمل" كاف في رفع ذكرها فلا داعي لإثبات الشهادة الرابعة لها ولأولادها الطاهرين عليهم السلام..!!؟.
نقول:
بأن إستبطان ذكرها مع أولادها في فصل"حيَّ على خير العمل" تماماً كإستبطان ذكر بعلها في نفس الفصل المذكور"حيَّ على خير العمل" ومع هذا فقد دل الدليل على لزوم ذكره ـــ كما نذهب إليه ــ طبقاً للأدلة الخاصة والعامة، وبنفس الملاك والمناط ثبت لزوم ذكرها مع أولادها الميامين عليهم السلام وإلا فإن لزوم ذكر بعلها دونها وأولادها مع كون الأدلة ثابتة على لزوم ذكرهم نعتبره فصلاً بلا دليل بل لا يعدون كونه سوى حالة مزاجية أو أن صاحبه لم يلتفت إلى الإضطراب في كلامه أو لعدم إلتفاته إلى مدارك المسألة من ناحية النصوص والعمومات الدالة على لزوم الشهادة لهم في كلّ الأحوال والأزمان..!!.
الوجه الثالث: فإذا كان ذكرها من ذكر أبيها في الصلاة على محمد وآل محمد لا يلغي ذكرها منفرداً عن الصلاة على محمدٍ وآل محمد، فكما أن صاحب الدعوى يقر في دعاواه القادمة بأن الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام قد دل الدليل الخاص عليها فكذلك قد دل الدليل الخاص والعام على الشهادة لها صلوات الله عليها ولكن الناس لا يفقهون ولا" لأمر الله تعالى يعقلون ولا من أوليائه يقبلون حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون" كما قال سيدنا الإمام المعظم القائم عليه السلام لمن شرفه بزيارة آل ياسين..!! فإذا جاز ذكر أمير المؤمنين عليه السلام في شهادة منفصلة ــ بحسب اعتراف أخينا صاحب الدعوى ـــ فلِمَ لا يجوز ذكر مَن لولاها لما كان رسول الله نبيَّاً مرسلاً منذ بدء التكوين حينما أخذ الله تعالى الميثاق عليه بولايتها راجعوا الأخبار في ذلك...؟!!....وجواز ذكرها ليس تشفياً وإستحساناً منا لذلك بل هو أمر منبثق من الأدلة العامة والخاصة عرضنا لكم بعضها في رسالتنا الأخيرة لكم ....
(الدعوى الثانية): القائلة بأن" إدخال الشهادة لسيدة النساء وأولادها الطاهرين عليهم السلام يعتبر إستحداث فصلٍ جديدٍ في الأذان من دون دليل معتبر يستند إليه أو دليل ضعيف صريح بالمقارنة يمكن أن يستند إليه من جهة التسامح في أدلة السنن أو بقصد رجاء المطلوبية وذلك لأن الأذان والإقامة أمران تعبديان توقيفيان بحدٍ معيَّن من جهة الحروف والكلمات والفصول لا تقبل النقيصة أو الزيادة عليها بقصد الجزئية...".
يرد على الكلام المتقدم بالوجوه التالية:
  (الوجه الأول): إنَّما يكون الإستحداث في الأذان والإقامة بدعةً في حال لم يكن ثمة ما يدل على الجزئية الضمنية من دليلٍ أو أصل، فكما أن الدليل الظاهري كالأمارة الظاهرية ـــ كالخبر الواحد الثقة أو الموثوق الصدور ـــ يكون حجةً على إثبات المطالب الفقهية والعلمية فكذلك الإطلاق أو عموم الولاية لهم عليهم السلام ـــ ولا يخفى أن العموم والإطلاق من الأمارات الظاهرية ــ فلا يجوز الفصل بين ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله وبين ولاية الصدّيقة الكبرى سيدة نساء العالمين عليها السلام وأولادها المطهرين وإلا عُدَّ الفصل بين ولايتهم وطاعتهم مخالفاً لعمومات الكتاب والأخبار الشريفة التي قرنت المجموع بولاية واحدة من دون تفريق بين ولاية أمير المؤمنين وولاية سيدة النساء وأهل بيتها الطاهرين عليهم السلام، ويكفي كشاهد على ما أشرنا آيتا الولاية والإطاعة، فتأمل جيداً.
  (الوجه الثاني): الدليل الذي اعتمده صاحب الدعوى لإثبات الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله قد لا يكون صريحاً عند بعض الأعلام للجهر بولايته في الأذان، ولكن صاحب الدعوى استفاد لزوم الجهر بولاية أمير المؤمنين وإمام المتقين عليه السلام أو استحبابه من الإطلاق بالجهر بولايتهم المباركة في بعض الأخبار، وبالتالي أفتى بثبوت الشهادة له في الأذان والإقامة، ولِمَ لا يكون نفس الإطلاق دليلاً على لزوم أو استحباب ذكر سيدة النساء وأولادها الأطهار عليهم السلام في الأذان والإقامة بنفس المناط والملاك..؟! وإنْ كان الدليل على الشهادة الثالثة هو الدليل الخاص كخبر القاسم بن معاوية فلا يمنع من التمسك بغيره لإثبات الشهادة لزوجته وأولاده لأن إثبات شيءٍ لشيءٍ لا ينفي ما عداه، فإثبات الشهادة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام لا ينفي إثبات الشهادة لزوجته وأولاده الطاهرين عليهم السلام ولا تعارض في البين إذ لا تعارض في المثبتات أي لا تعارض بين ما دل على لزوم ولايته في الشهادة الثالثة بمقتضى الدليل الخاص وبين ما دل على لزوم ولايتها وأولادها الطاهرين بدليلٍ آخر منفصل، فما دل على ولايته عليه السلام يدل بنفسه تصريحاً أو تلميحاً على ولايتهم عليهم السلام من دون تقييد بغير الأذان والإقامة بل الدليل مطلق يشمل كلَّ الأوقات والازمنة فتأمل فإنه دقيق.
  (الوجه الثالث): إن الأدلة التي ساقها صاحب الدعوى على صحة الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر الميامين أرواحنا فداه هي بعينها صالحةٌ بأن تكون دليلاً على إنضمام الشهادة لأهل البيت عليهم السلام، ومجرد ورود بعض الأخبار الدالة على إثبات الشهادة الثالثة لا يلغي الأخبار المطلقة الدالة على شمول الآل منضمين إلى الإمام الأكبر أمير المؤمنين صلى الله عليه وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام فهما من قبيل المطلق والمقيَّد، فيضم أحدهما إلى الآخر فتكون النتيجة صحة الشهادة الرابعة لسيدة النساء وأولادها الطاهرين عليهم السلام ولا يعدُّ ذلك إستحداثاً في الأذان والإقامة لأن الدليل الدال على الشهادة الثالثة لا يمنع من شمول الأدلة الأخرى ــــ كالإطلاقات أو الأمارات التي اعتبرها الصدوق والطوسي من الأخبار الشاذة ـــ على الإنضمام إلى الشهادة الثالثة، فالإطلاق والتقييد بحمل أحدهما على الآخر من المسلمات في قواعد الجمع الفقهي والتفسيري مقيِّداً الشهادة برسوله محمد صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى(قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً ) فهنا قيَّد الشهادة بينه وبين رسوله الأكرم محمد صلى الله عليه وآله فقط، ولكنه في آية أخرى وسع دائرة الشهادة بينه تعالى وبين رسوله ووليِّه الأعظم أمير المؤمنين عليّ عليه السلام بقوله تعالى في سورة الرعد ( قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) وكما في آيات الإطاعة فقد جاء فيها تقييد تارةً وإطلاق أخرى كما في قوله تعالى في سورة آل عمران ( قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين) والتقييد برسوله واضح دون غيره ولكن الآية 59 من سورة النساء أطلقت الإطاعة إلى غير الرسول من أولي الأمر المعصومين عليهم السلام قال تعالى( يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم..) ولِمَ لا يكون الأمر كذلك في مورد الشهادة الثالثة والرابعة، فروايات تقيَّد  الشهادة بأمير المؤمنين عليه السلام، وروايات أخرى تطلق الشهادة إلى أهل بيته الطاهرين عليهم السلام،فلا يجوز للفقيه أن يعمل القواعد الترجيحية في جهة من دون مراعاتها في الجهات الأخرى، فالعمل بجانب دون آخر خلاف العمل بقواعد الترجيح بكامل أصولها، فعندما تصل النوبة إلى الشهادة لسيدة النساء وأولادها الطاهرين عليهم السلام تخرس الألسن على إثباتها بل تطلق العنان بالتحريم والإشكالات بما لم يسبق له مثيل في غيرها من موارد الفقه الشرعي المتفق على حرمته كاللعب بالشطرنج الذي أحلّه بعض أدعياء الفقه فلم نجد من تصدى لهما بشراسة كتصديهم للشهادة الثالثة والرابعة... وقس عليها باقي المحرمات التي صارت من المحللات في عصرنا المليء بعلماء السوء وفقهاء الضلالة أجارنا الله تعالى منهم وقطع أعمارهم وأهلك أعوانهم وأتباعهم وبترهم تتبيراً...برسول الله محمدٍ وآله الطاهرين عليهم السلام .
  (الوجه الرابع): ضم الشهادة لأهل البيت ومنهم سيدة النساء روحي فداها وصلوات الله عليها منضمةً إلى الشهادة لبعلها أمير المؤمنين عليهم السلام طبقاً للأخبار المطلقة والخاصة بإنضمام الشهادة لهم مع الشهادة لأبيهم أمير المؤمنين عليّ عليه السلام هو من أبرز مصاديق فصول الأذان والإقامة باعتبار أن الولاية لهم هي نفس ولاية أمير المؤمنين عليه السلام نصاً وإجماعاً... فعلام التشويش والتشكيك بأن الشهادة لهم خلاف التعبد والتوقيف بفصول الأذان والإقامة..؟؟!!... فلولا الأدلة المطلقة وغيرها لكان لدعوى "معاكسة التعبد" وجه يتمسك به صاحب الدعوى، مع أن الكلام العادي بين فصول الأذان والإقامة لم يعتبره أحد خلاف التعبد..وليكن ذكر أهل البيت عليهم السلام عند صاحب الدعوى كالكلام الآدمي بين فصول الأذان والإقامة..!!.
  (الوجه الخامس): بغضّ النظر عن العمومات والإطلاقات على وجوب الجهر بالولاية لهم عليهم السلام من دون تخصيص، فإن إنضمام الشهادة لهم صلوات الله عليهم ليست من الزيادة المنفصلة عن الشهادة لأمير المؤمنين عليه السلام حتى يشملها دليل المنع من الزيادة على فصولهما بل الشهادة لهم هي نفس الشهادة له عليه السلام، ولهم ما له، وعليهم ما عليه، فأين الزيادة يا تُرى؟!. بالإضافة إلى العمومات والإطلاقات الدالة على لزوم الإقتران فثمة أخبار فيها تصريح بولايتهم في الأذان وهي التي نعتها الصدوق والطوسي بالشذوذ، ونعتهما لها بالشذوذ لا يجعلها شاذة للإختلاف بين الاعلام قديماً وحديثاً على تعريف الشاذ، وبالرغم من كلّ ذلك فإن شذوذها لا يخرجها عن الحجية لأن قول الصدوق والطوسي دراية، والأخبار التي نعتاها بالشذوذ رواية فنترك درايتهما ونأخذ بالرواية..فتأملوا يا أولي الألباب..!.
 (الدعوى الثالثة): القائلة بأن" الشارع المقدَّس لم يرد الشهادة للسيدة الزهراء عليها السلام أو أهل البيت عليهم السلام عموماً، ولو أراد ذلك لبيَّن، وهو في مقام البيان ولكنه لم يبيِّن بل خصَّ الذكر بإضافة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام مقروناً بالشهادتين في النصوص، وهذا يكشف عن كون ذكرهم عليهم السلام مقروناً مع الشهادتين ليس مطلوباً في الأذان والإقامة وغيرهما من العبادات وإن كان مطلوباً في جهة الإيمان والعقيدة فتأمل".
نقول وبه نستعين: لقد تأملنا في كلامه فلم نجد فيه متانة علمية بل مجرد قشور ولقلقة لسان حفظها من هنا وهناك...لذا نورد على صاحب الدعوى بالوجوه الآتية:

  (الوجه الأول): عامة أعلام الإمامية ـــ إلا الكسالى منهم كدعاة الوحدة مع أنهم ليسوا علماء بالمعنى الحقيقي للعلم ـــ يقرون ويفتون بإستحباب ذكر الولاية لأهل البيت عليهم السلام وعلى رأسهم سيدة النساء وملكة الجنة سيدتنا المطهرة الزهراء روحي فداها ولم يتردد واحد منهم بذكر ولايتهم عليهم السلام في الأذان والإقامة وغيرهما بما تردد بل وجزم ببطلانه صاحب الدعوى... فقد قامت السيرة بين المتدينين وسيرة المتشرعة على إستحباب ذكر أهل البيت عليهم السلام منضمين إلى الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين وإمام المتقين عليّ صلى الله عليه وآله على المآذن بكرة وعشياً من دون نكير من أحد خلفاً عن سلف إلا في الفترة الأخيرة حيث صرنا نسمع التشكيك من بعض لصوص المعبد في حوزتي النجف وقم بضمّ ولايتهم إلى ولاية أبيهم أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين وكأن الضال المضل الوهابي محمد حسين فضل الشيطان قد آتى ثماره بالتشكيك في صلب عقيدة الشيعة بإعلان الولاية لأهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين..!!!.
   والحاصل: إذا لم يكن ثمة دليل من الشارع على جواز الشهادة الرابعة لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام فبأي مجوّز شرعيّ أفتى هؤلاء الأعلام بجواز أو إستحباب ضم ولاية أهل البيت عليهم السلام إلى ولاية أبيهم أمير المؤمنين عليه السلام؟! فهل يا تُرى أفتوا بدون علم حتى جاءنا صاحب الدعوى بفتحٍ علميٍّ عظيم لم يطلع عليه من سبقه ولن يلحق به لاحقٌ..!!؟ 
  (الوجه الثاني): إن مجرد وجود إطلاق في الأخبار الشريفة على لزوم الإجهار بالولاية لهم جميعاً من دون تخصيص بحال دون آخر أو زمن دون آخر يعتبر بنفسه بياناً وافياً كغيره من المطالب الفقهية التي أفتى الفقهاء بوجوبها من خلال الإطلاق في الآيات والأخبار لأن إستنباط الأحكام لا يتوقف على ظاهر النصوص في القضايا الخارجية بل ثمة طريق آخر للإستنباط هو إستكشاف الحكم من خلال الإطلاق في النص، من هنا كانت النصوص مقيَّدة ومطلقة،فنحمل المطلق المتأخر على المقيَّد السابق، فلو قال المولى يوم الخميس:" أكرم عبدي فلان" ثم قال يوم الجمعة:" أكرم عبيدي كلهم" فلا يفهم من كلامه الثاني سوى أن الإكرام لجميع عبيده وليس لواحدٍ منهم على وجه الخصوص... وهكذا في مورد مسألتنا حول الشهادة الثالثة والرابعة، فقد جاءت النصوص بالإجهار بالثالثة ثم جاءت نصوص أخرى متأخرى أو متزامنة معها بالإجهار بالرابعة، فحينئذٍ يجب علينا أن نوسع من مفهوم الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام إلى ولاية سيدة النساء وأولادها الطاهرين صلوات الله عليها وعليهم باعتبار أن ولايته مثبتة بدليل، وولايتهم مثبتة بدليل آخر أو بنفس الدليل من باب المناط، ولا تعارض ــ كما أشرنا سابقاً ــ بين المثبتين، فالترجيح للمطلق بمقتضى قواعد الترجيح الأصولية...ولنا وجه آخر في علاج لزوم الجهر بالشهادة الثالثة والرابعة من باب المجمل والمبيَّن، فالتقييد بالشهادة الثالثة مجمل من ناحية عدم بيان الشهادة الرابعة، ولكن الأدلة الأخرى بيّنت الشهادة الرابعة، فيكون المقام من مقامات المجمل والمبيّن فيتعاطى الفقيه معهما بتقديم المبيَّن على المجمل، ولا يجوز الإقتصار على المجمل في حال عثر على الدليل المبيِّن والمفصِّل..فتأمل...ويظهر أن أخانا صاحب الدعوى لا يتعاطى الإستنباط بالطريقين اللذين أشرنا إليهما حتى أنكر وجود بيان وافٍ على الشهادة لهم ..؟!!.
  (الوجه الثالث): دعواه بأن ذكر سيدة النساء عليها السلام مطلوبٌ من جهة الإيمان والعقيدة وليس مطلوباً في فصول الأذان والإقامة دعوى عجيبة غريبة إذ كيف تكون ولايتها مطلوبة إيماناً واعتقاداً من دون أن تكون مطلوبة شرعاً في فصول الأذان والإقامة من حيث إنهما ــ أي الأذان والإقامة ــ إعلام وتذكير بالعقيدة والولاية، فأصل تشريع الأذان والإقامة إنما هو لأجل بيان الإجهار بالتوحيد والرسالة والولاية، فألفاظهما فرع ومضمونهما أصل ولا يصح الفرع من دون الأصل؟! كما أن لزوم ذكر الشهادة لهم منضماً إلى الشهادة لأبيهم أمير المؤمنين عليه السلام ليس دليلاً عقلياً محضاً حتى يشكل على من قال بوجوب الشهادة لهم، بل هو دليلٌ عقليٌّ ممزوجاً بالأدلة اللفظية الشرعية الدالة على لزوم الإرتباط بين ولايتهم وولاية أبيهم أمير المؤمنين عليه السلام، فلا إنفكاكية بين ولايتهم المطلقة فلا فرق بين أولهم وآخرهم.
  بالإضافة إلى ذلك فإن ذكر الصدِّيقة الكبرى الزهراء البتول عليها السلام في الشهادة منضمةً لبعلها من جهة العقيدة والإيمان باعتبارها روح النبيّ والوليّ عليهما السلام وولايتها نفس ولايتهما بالإتفاق، وهذه المساواة في الولاية تعتبر دليلاً آخر على لزوم الإرتباط وأنه لا يصح الأذان والإقامة إلا بذكرها وذكر أولادها لأن الشهادة لهم متممة للشهادة الثالثة كما أن الشهادة الثالثة متممة للشهادتين السابقتين عليها، فالتتميم دلالة وجوب ما دل عليه المتمم نظير ولاية أمير المؤمنين عليه السلام يوم الغدير كانت ولا زالت متممة للإيمان فهي لازمة وليست مستحبة ــ كما يزعم صاحب الدعوى وغيره حيث جعلوها من المتممات بدلالة قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) فقد أتم الله تعالى الدين بولاية أمير المؤمنين عليه السلام، فالدين من دون ولايته ناقص ولا خير في دين ناقص كما لا خير في ولاية ناقصة مقيّدة بوليّ ــ كإيمان الواقفية بواحد أو إثنين ـــ دون بقية الأولياء الذين نزل بحقهم التنزيل والكتاب المبين وإلا ما معنى أن الإيمان بمجموع أهل البيت عليهم السلام هو المطلوب ولا يكفي أن يؤمن الشخص بواحد دون الثلاثة عشر وليّاً أو يؤمن بالثلاثة عشر وينكر واحداً منهم..! فالإيمان بهم مجموعيٌّ وليس تبعيضياً فكذلك الشهادة لهم مجموعية وليست تبعيضية خاصة بواحد منهم دون البقية.
  (الدعوى الرابعة): القائلة بأن" النصوص في الشهادة الثالثة تؤكد أن المتكلم في مقام البيان من جهة خاصة وليس من جميع الجهات... بل من جهة معينة وهي التصريح بذكر الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام مقروناً بالشهادتين ويكون وجه الإطلاق في تلك الجهات للإستناد إليه بذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وغيرهما إلا ما ورد المنع من إتيان الكلام الزائد فيه كالصلاة وحينئذٍ لا يصح التمسك بالبيان الوارد في جهة خاصة وهي ذكر الإمام عليّ عليه السلام لتعديته إلى جهة أخرى وهي ذكر الزهراء عليها السلام في الأذان بشهادة رابعة أو منضمة إلا بدليل آخر..".
نوردعلى الدعوى بالوجوه الآتية:

  (الوجه الأول): هذه الدعوى مكررة من صاحبها والكلام الذي قدّمناه سابقاً هو بعينه هنا.. ولكننا نزيده بأن الشهادة الثالثة إنَّما تكون نصَّاً حصرياً في ذكر أمير المؤمنين عليه السلام وفي مقام البيان له لوحده دون أحد سواه في حال ورد النهيُّ عن ذكر غيره معه، وحيث لا يوجد نهيٌّ عن ذلك فالأصل يقتضي الإباحة حتى يرد إلينا ما يوجب الردع عنه، وبالتالي لا يكون المقام منحصراً بذكره دون أهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام الذين وردت الرخصة بل الأمر بلزوم إقترانهم مع ذكره عليه السلام كما ورد الأمر بإقتران ذكره مع ذكر الشهادة لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله، فمقام ذكره لوحده فقط ليس في مقام البيان من هذه الجهة وإلا لما جاز مجيء أدلة أخرى تثبت إرتباط ذكرهم بذكره في مقام آخر منفصل، ولو كان في مقام البيان من هذه الجهة لكان نهى عن ضم غيره معه، وحيث لم يرد نهيٌّ عن ذلك فالأصل يقتضي ضم الشهادة للسيدة الكبرى وأولادها الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، بالغض عن ورود الأدلة الأخرى على لزوم الجهر بولايتهم الشريفة... وقد أشرنا سابقاً أن المقام من باب المقيَّد والمطلق، أو المجمل والمبيَّن فكما أن الدليل المقيَّد من البيان الصادر من الشارع المقدس فكذلك الدليل المطلق هو من البيان الصادر من الشارع المقدس، فكلا الدليلين(المقيَّد والمطلق) من المقامات التي بيّنها لنا الشارع المقدس كغيرها من وجوه البيان المتعدد، وكذلك الحال في المجمل والمبيَّن، فلا تغفل.
  (الوجه الثاني): لا يمكننا غضّ الطرف عن المطلقات الدالة على إقتران شهادتهم عليهم السلام بالشهادة لله تعالى ولرسوله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما كما في روايتي إكمال الدين باب 24 حديث3 والكافي باب مولد رسول الله بقوله عليه السلام "إنَّا أول أهل بيت نوَّه الله بأسمائنا" والمطلقات التي ادَّعى الصدوق شذوذها وهي( آل محمد خير البرية) وهي أخبار متعددة وقف عليها الشيخ الصدوق بطرق متعددة وليست خبراً واحداً حتى ترمى بالشذوذ باعتباره قد أقر في كتابه الفقيه بأن المفوضة قد وضعوا أخباراً... فقوله "أخباراً" واضح التصريح بأن هناك أخباراً متعددة ذُكر فيه آل محمد في الأذان والإقامة ولكن الصدوق لم يصرح بألفاظها ولا بأسانيدها حتى نحاسبه عليها... وغيرها من العمومات والإطلاقات والمبيّنات فهي حاكمة على المقيّدات والمجملات لأن الحاكم موسع لدائرة المحكوم ومفسرٌ له، ومن المعلوم في أصول الفقه بأن الحاكم شارحٌ للمحكوم ومفسر له بقصد بيان المراد لا بقصد إلغاء المحكوم فتأمل.
  (الوجه الثالث): إن الله تعالى أخذ مواثيق الأنبياء والمرسلين على وجوب التمسك بولاية سيدتنا الزهراء الحوراء عليها السلام وأولادها الطاهرين عليهم السلام بقوله تعالى ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم غصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) فقد جاء في تفسيرها عن مولانا الإمام الباقر عليه السلام في خبر طويل يقول فيه:" فنحن روح الله وكلماته فبنا احتجب على خلقه فما زلنا في ظلة خضراء لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا عين تطرف نعبده ونقدسه ونسبحه وذلك قبل أن يخلق خلقه وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا.." فقد أخذ الله تعالى عليهم وجوب الإقرار اللفظي والقلبي وقد أقروا باللفظ والقلب بولايتهم لهم ولم يكتفِ ربنا القدير منهم نيتهم بالتمسك بولايتها وولايتهم بل أراد منهم أن يبرزوا ويظهروا هذا الإعتقاد بولايتهم، فإذا لم يرتضِ ربنا المتعال منهم مجرد نيتهم على التمسك بولايتها وولايتهم حتى أمرهم بالإجهار والإقرار والإبراز باللفظ فكيف يصح منا أن نكتفي بالإقرار القلبي ولا نعتقد بلزوم الإجهار بالإقرار اللفظي بولايتها أرواحنا فداها..؟! وكما أن الإقرار اللفظي واجب في الشهادتين بعد الإقرار القلبي فكذلك الإقرار اللفظي واجب فيها كما وجب في الشهادتين السابقتين عليها وهكذا بالنسبة إلى الشهادة الرابعة المكملة للشهادة الثالثة فيجب فيها الإقرار اللفظي كما وجب ذلك في غيرها من الشهادات المتقدمة عليها وإن كانت هي نفس الشهادة الثالثة لأن ذكر سيدتنا الزهراء واولادها بمثابة جزء متمم للشهادة الثالثة وليس شهادةً رابعة.... فإذا ثبت وجوب الإجهار بالأعلى والأرقى وهو وجوب الإعتقاد بولايتها على الأنبياء لأجل البعث والرسالة فيثبت وجوب الإجهار بالأدنى وهو فصول الأذان والإقامة لأجل الصلاة...فمجرد كون ولاية السيدة الزهراء وأولادها مستبطنة في ولاية جدهم لا يلغي لزوم الجهر بولايتهم بمقتضى الدليل الدال على ذلك، كما أن مجرد الإعتقاد القلبي بالله تعالى ورسوله ووليِّه الإمام الأكبر سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام لا يلغي جهة الإجهار القالبي ــ أي اللفظي ــ بالشهادة لله تعالى ولرسوله ووليِّه، وهكذا بالنسبة إلى جهة ولاية أهل البيت عليهم السلام المدلول عليها بالأدلة التي ينعتها صاحب الشبهة بالضعيفة مع أنها تدل على الولاية لجميع الأئمة مع أمهم السيدة الزهراء عليها السلام بنفس المناط فدعوى الفصل بحاجة إلى دليل وهو مفقود في البَين.
  (الوجه الرابع):يستفاد من مجموع أخبار الميثاق بضميمة آية أخذ الميثاق على الأنبياء وعامة الخلق بالإقرار بالعبودية لله تعالى والجهر بولاية أوليائه في العالم الملكوتي، ما يعني بأن الجهر بولايتهم في الأذان والإقامة والتشهد واجبٌ ولازمٌ في العالم الناسوتي بطريقٍ أولى، وعدم وجود بيان من جميع الجهات ــ كما ادّعى صاحب الشبهة ــ على فرض صحتها والتسليم بها لا يتناسب مع وضع التقية التي كان يعيش تحت سنابكها أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، فقد عاشوا الضنك والخوف من الظالمين على شيعتهم بسبب ما أوجب الله تعالى على العباد من الإجهار بولايتهم التي أقضت مضاجع الحكام الظالمين إلى يومنا هذا فكيف نتصور منهم صلوات الله عليهم صدور أخبار أكثر تصريحاً تأمر بوجوب الجهر بولايتهم في الأذان والإقامة وغيرهما..؟! فمع عدم قدرة الأئمة الطاهرين عليهم السلام على بيان الأحكام الواقعية في كثيرٍ من الأحكام الفرعية ــ كما هو معلوم عند عامة أعلام الإمامية ــ لا يمكن أن نطلب منهم أن يصرحوا بولايتهم في الأذان والإقامة ولا يمكن أن نجد في النصوص تصريحاً بذلك لأن التصريح فيه يستلزم الهلاك واللبيب تكفيه الإشارة بدلاً من العبارة...فلحن خطابهم موزع عبر العمومات والإطلاقات دفعاً لمحذور الهلكة...يرجى التأمل.
  (الدعوى الخامسة): القائلة بأن" إستناد مشروعية ذكر سيدتنا الزهراء عليها السلام مع أمير المؤمنين عليّ عليه السلام إلى دليل وجود ملازمة عقلية أو شرعية أو عادية بينهما في الولاية والمودة والطهارة والعصمة والحجة، فهذا لا يكشف عن كون هذه الأمور هي مناط الحكم في مشروعية الشهادة الثالثة ليتعدى بها إلى غيرها بل قد يوجد أمر آخر، منها: كونه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وخليفة رسول رب العالمين وإمام المتقين..".
نورد على الدعوى بالوجوه الآتية:
 (الوجه الأول): لم نحكم بلزوم الإرتباط بين ذكرها وذكر بعلها عليهما السلام بالملازمات العقلية والعرفية لوحدها بل اعتمدنا على الإطلاقات في الأدلة اللفظية العامة والخاصة، وإن كانت تلكم الملازمات حجة شرعية بإتفاق الجميع بنى عليها الفقهاء أحكام كثيرة، فثمة ملازمة بين الحكم الشرعي والحكم العقلي، ومسألة ذكرها وأولادها الطاهرين عليهم السلام ليس من المستقلات العقلية المحضة بل هو من الملازمات العقلية المنبثقة من الدليل الشرعي، فدعوى الفصل والإلغاء بين الملازمات الشرعية والعقلية تبقى مجرد دعوى دونها خرط القتاد.
  (الوجه الثاني): حصر المدّعي بجواز الشهادة الثالثة على أمور لعلَّها هي المناط في إقترانها بالشهادتين فلا يمكن التعدي عنها إلى مشروعية ذكر السيدة الزهراء عليها السلام لا نرى لها وجهاً علمياً لا سيّما وأنه حصر مشروعية الشهادة الثالثة بأمور كالوصاية والخلافة وإمام المتقين من دون أن يولي أهمية لمسألة العصمة والطهارة والحجية... وهي دعوى لم نكن نصدّق صدورها من طالب علم فضلاً عن عالم، إذ كيف يقتنع صاحب الدعوى بأن مشروعية الشهادة الثالثة بسبب الوصاية والخلافة دون أن يكون ثمة إرتباط عقلي وشرعي وعرفي بين الوصاية والخلافة وبين العصمة والطهارة..؟؟! وهل يعقل بحكمة العقل والنقل أن يكون الخليفة والوصي غيرَ معصومٍ بعصمة ذاتية ترفعه عن مقامات الجهل والخطأ والنسيان وما يخل بصفات الخليفة باعتباره يقوم مقام الرسول في كل مهامه ووظائفه بل وفوقها باعتبار أن مقام الإمامة مقام تنفيذيٌّ بخلاف المقام النبوي والرسالي فإنه مقامٌ تشريعيٌّ محض يشترك مع مقام الإمامة بالعصمة والطهارة والحجية المطلقة التي هي فرع العصمة..؟! وهل الخلافة والخليفة بنظر المدَّعي مسلوب عنه العصمة والطهارة..؟! وإذا كان كذلك فعلام الخلاف بيننا وبين المخالفين بشأن عصمة الإمام عليه السلام..؟!  فمن دون العصمة لا يمكن تحقق الوصاية والخلافة اللتين يشترط فيهما العصمة والطهارة، فالعصمة مقام عالٍ متقدم على مقام الوصاية والخلافة ، وإذا لم يكن الوصي أو الخليفة معصوماً فلا يجوز تصديه لذينك المقامين الربانيين، فالعصمة أساس الوصاية والخلافة وليس العكس وبالتالي فإن وجوب الشهادة الثالثة إنما هو لأجل عصمة الوصي أو الوليّ وليس لأجل وصايته أو خلافته بما هي هي بل خلافته ووصايته بما هو عليه من العصمة والطهارة، فتأمل.
قال المدَّعي:(وما ورد من رواية عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) تذكر أنَّ الزهراء (عليها السلام) حُجَّة على أبنائها إلا أنَّ هذه الرواية مرسلة ضعيفة لا تنهض كدليل سنداً كما أنَّ دلالتها ليست نصاً في المطلوب إضافة إلى عدم وجود مضمونها كعلة منصوصة في مرويات الشهادة الثالثة حتى تتم الاستفادة منها في المقام ...).
يورد عليه بالآتي: إن رواية مولانا الإمام الحسن العسكري عليها السلام بالرغم من ضعفها السندي لأن ضعفها السندي ليس عيباً فيها بل العيب يكمن في دلالة الخبر الضعيف كما هو معلوم عند المحققين لا سيما على مسلك المتقدمين المعتقدين بحجية الخبر الموثوق الصدور، وبغضّ النظر عن الضعف السندي فلا يستلزم طرحه من أصله بل له طرق للمعالجة، وتتم معالجة جبره بأمرين:
(الأمر الأول):
عمل المشهور بها، وعملهم حجة شرعية باعتباره موافقاً لمنطوق آية النبأ، إذ مفادها حجية خبر الفاسق مع التبيُّن، وعمل المشهور حجة باعتباره من التبيُّن، ولأن عملهم بالخبر الضعيف سنداً يعتبر توثيقاً عملياً للمخبر به فيثبت كونه ثقة فيدخل في موضوع الحجية..فتأمل.
  وعلى فرض عدم تمامية قاعدة (إن عمل المشهور جابر للخبر الضعيف) فهناك طريق آخر نثبت من خلاله صحة الخبر وهو الخبر الموثوق الصدور الذي قامت القرائن على صحته وهو مسلك المتقدمين وهو الأقوى عندنا. 
(الأمر الثاني): موافقتها للآيات والأخبار التي فاقت التواتر الدالة على عظمتها عند الله تعالى وأن ولايتها الكبرى حجة على الأنبياء والمرسلين وأنها نفس النبيّ وروحه ولولاها ما اكتملت نبوة نبيّ إلا بوجوب ولايتها وأن الله تعالى أخذ المواثيق عليهم بولايتها فكيف لا تكون حجة على أولادها الطاهرين وقد سبقتهم بالتطهير وإنتفاء الرجس عنها في آية التطهير فهي أساس وجودهم وأُس جودهم، بالإضافة إلى سعة طهارتها بمقتضى آية التطهير حيث لا يسبقها سابق لا نبيٌّ مرسل ولا ملك مقرب لأن طهارتها كطهارة أبيها وبعلها فلا تفترق عنهما بشيءٍ سوى ما أخرجه الدليل وهو النبوة والإمامة، ولكن مقام ولايتها كافٍ في عظمتها بما لمقام الولاية من عظمة عند الله تعالى وهو أفضل المقامات، من هنا خاطب الله تعالى نبيَّه الكريم وأهل بيته الطاهرين بمقام الولاية بقوله تعالى ( إنما وليُّكم الله ورسوله والذين آمنوا..)....فلا أدري كيف يتغافل صاحب الدعوى عن كلّ هذا متمسكاً بضعف سند الحديث مع ما له من القرائن القطعية التي تثبت صحته بالقطع واليقين، وعليه لآلئ النور ونفحات القدس واللاهوت، ومن المعلوم أنه على كلّ حق حقيقة وعلى كلّ صواب نورٌ كما جاء في الأخبار ..؟! بالإضافة إلى أن الحديث موافق للكتاب الكريم فما الضير في ضعف سنده ما دام موافقاً للكتاب والسنة ؟! وهل الحجية إلا ما وافق الكتاب والسنة القطعية..؟! وهل الضعف إلا بما خالف الكتاب؟! فمن العجيب أن المدّعي لم يتفطن إلى القرائن التي هي المناط في حجية الخبر وترجيحه على الخبر المقابل له حتى ولو كان صحيح السند، فيرجح الخبر الموافق للقرائن في الكتاب والسنّة وهو ما يسمّى بالخبر الموثوق الصدور وهو الحق الذي دلت عليه الأخبار... ومع هذا فنحن لم نستدل بالخبر على الشهادة الرابعة حتى يتوجه إلينا الإشكال مع أنه مردود بما أشرنا فهو مؤيد ومؤكد للأدلة التي اعتمدناها ولولا تلكم الأدلة لكنا اعتمدناه دليلاً لموافقته للقرائن القطعية الدالة على وجوب الجهر بالولاية في كلّ الأحوال والأزمان .
  والحاصل: أن الخبر لا غبار عليه في مقام الإستدلال لمن استدل به على المطالب العلمية إعتماداً على القرائن المعتضدة بالكتاب الكريم وعمل المشهور الموجب لتقوية سنده وله أُسوة بالتوقيع الصادر عن مولانا الإمام الحجة بن الحسن العسكري عليهما السلام :" أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله" وقد عمل به المشهور إعتماداً على حجية الخبر الموثوق الصدور حسب تعبير الشيخ الأنصاري رحمه الله وهوالحق الصريح الذي لا شيء من الباطل يعتريه..!.
  وبالجملة: إن ضعف سنده لا يبرر طرحه، إذ ليس كلُّ خبرٍ ضعيفٍ يجب طرحه بل ما يجب طرحه إنَّما هو الخبر المخالف للكتاب والسنة، وأما الموافق لهما فلا يجوز طرحه عند المحققين من أعلام الإمامية، فتأمل.
  ودعوى أن الرواية الشريفة لا تفي بالمطلوب على الشهادة الرابعة فغير صحيحة وذلك لأن المطلوب في الشهادة هو الحجية بسبب العصمة والظاهر صحة الإستدلال بها بالملازمات العقلية المترشحة من الأدلة الشرعية الدالة على أنهم نفسٌ واحدة لا فرق بين أولهم وآخرهم بل الحجية قائمة في آخرهم كما هي قائمة في أولهم، ولا ريب أن لسيِّدة النساء المعظمة الزهراء البتول عليها السلام من الحجية ما لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام للحديث المستفيض عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام: " لولا أن أمير المؤمنين عليه السلام تزوجها لما كان لها كفوٌ إلى يوم القيامة على وجه الأرض آدم فمن دونه" وأنها عليها السلام كما روي عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال: " وهي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى" فهل ثمة أخبار واضحة الدلالة بحجيتها وعظمتها عند الله تعالى بحيث تكون معرفتها منصوص عليها في عقائد الأنبياء وشرائعهم..؟! أبعد هذا يقال أيضاً بأنه لا يوجد مضمونها في المرويات كعلَّة منصوصة في روايات الشهادة الثالثة مع وجود روايات نعتها الشيخان الصدوق والطوسي بالشذوذ كالتي تقول "عليٌّ وليُّ الله وآل محمد خير البرية" فهل تخرج السيدة الطاهرة البتول من مفهوم آل محمد خير البرية بنظر صاحب الدعوى..؟؟!...وحتى لو لم يكن مضمونها موجوداً في روايات الشهادة الثالثة فلا ريب بأن الشهادة لها بحسب هذه الرواية الشريفة من متعلقات الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين وأولاده الطاهرين ــ كما في رواية الإكمال باب 24 ح3 التي أشرنا إليها في مطلع إيرادنا على الدعوى الأولى ـــ فلولاها لما وجدت ذريتها الائمة الطاهرين، فهي أساس وجودهم كما أنها من عترة النبي التي ذكرها الخبر المذكور، فذكرها على أقل تقدير من متممات الشهادة الثالثة نظير الشهادة الأولى لله تعالى فلا مانع من الزيادة عليها بالمتعلقات كأن يشهد المؤذن بأن" الله تعالى واحد لا شريك له إلهاً واحداً فرداً صمداً حيَّاً قيوماً لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً...".
قال المدَّعي:(ولو أجزنا ذلك تسامحاً فلا يبعد على الناس أن يتذرعوا في طول الزمان بملازمات أخرى مستنبطة فيذكروا كُل ما هو حُجَّة عندهم كالمراجع والفقهاء فيؤدي جميع ذلك إلى قطع الترتيب والموالاة المطلوبة في الأذان والإقامة وبالتالي يُسبِّب بطلانهما ).
يرد عليه الآتي:
عندما يثبت لنا حكم شرعيّ بالطرق التي أمرنا به أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام فلا يجوز لنا ولأيٍّ كان التبجح بفتح الباب لكلّ من دبّ وهبَّ فيؤدي إلى إغلاق باب الإجتهاد ومنعه عن ذوي الألباب بحجة أنه من المحتمل أن يؤدي إجتهادهم إلى ما لا يجوز الإجتهاد فيه نظير ما ذكره صاحب الدعوى....! وهل بمقدور صاحب الدعوى أن يوصد باب الإجتهاد على المنفتحين على العامة والمنكبين على فقه المخالفين بإجتهادات مالكية وشافعية وحنيفية وحنبلية ووهابية..ولا أظنه غافلاً عما تشيب منه الرؤوس بسبب فتاوى تحليلية في مقابل النصوص القطعية مع أن أصحابها من المتشددين ــ بحسب دعواهم ــ بالوحدة بين السنة والشيعة، فتشددوا على الأذان والإقامة وتحللوا من النصوص القطعية الدالة على حرمات بعض الموارد التي لو فسح لنا المجال لفضحناهم فرداً فرداً ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)...وهل توقف التساهل بالفتوى على من أفتى بلزوم ذكر أمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام أم أنه عام يشمل الجميع؟! ولماذا التخصيص بمن ذكر أهل البيت عليهم السلام الذين لا يقاس بهم أحدٌ من الخلق أبداً..؟! فقد اختلق صاحب الدعوى ملازمة بين ذكر أهل البيت عليهم السلام في الأذان والإقامة والتشهد وبين الإفتاء بجواز الإضافة فيهما للفقهاء والمراجع...! مع أنه لا ملازمة بين الأمرين كما لا يخفى على العلماء الأعلام..!! وإذا وصل الدور إلى الإفتاء بلزوم ذكرهم في الأذان والإقامة بسبب الدليل الدال على ذلك.... فلا يستلزم توسعة دائرة لزوم ذكر المراجع والأعلام باعتبارهم أناسٍ عاديين وليسوا من أهل البيت حتى يجوز إقحامهم في الأذان والإقامة، فتشريع لزوم الذكر مختص بأهل البيت عليهم السلام ولا يشمل غيرهم فإنه عين الحرام المستوجب أليم العقاب والعياذ بالله تعالى.... فقياس غير المعصومين على المعصومين من أهل بيت الطهارة والعصمة قياس مع الفارق كما لا يخفى على العالم المتدبر فضلاً عن الفقيه.... فتأمل. 
   قال المدّعي:(  أمَّ ينبغي أن نسأل أنفسنا : هل نُحرز أنَّ هذه الزيادة مما تُقربنا إلى الله تعالى أم تُبَعِّدنا ؟ ، وهل نُحرز أنَّ هذه الزيادة مما ترضى بها الزهراء (عليها السلام) ؟ ، ثُمَّ هل أنَّ هذه الزيادة كاشفة عن شدَّة المودة والولاء لها (عليها السلام) أم أنَّها بخلاف ذلك ؟ ، ولو كانت الزيادات في الأمر التشريعي والعَقدي تعبيراً عن شدَّة المودة والولاء لكان الغلاة كالمفوضة وأمثالهم فيما قالوه وفعلوه في الأئمة (عليهم السلام) أكثر مودة وولاءً علماً أنَّ الدين الإسلامي يمنع من الإفراط والتفريط في قضية الولاء والتوظيف العملي له بما يُخرجه عن المطلوب). .

يرد عليه الآتي:
إني أقسم صادقاً بأن الشهادة لسيدة النساء عليها السلام في الأذان والإقامة وتشهد الصلاة مرضيٌ عند الله تعالى ورسوله وأمير المؤمنين عليه السلام ونحن مستعدون للمباهلة مع المعاندين المقصرين في معرفتها التي دارت على معرفتها القرون الأولى وهم الأنبياء والمرسلون...لأنها ليست زيادة مبتدعة بل هي جزء من فصول الشهادة لأمير المؤمنين وأولادها الطاهرين المدلول عليها في المطلقات والمقيدات بآل محمد خير البرية وغيرها..ومتى صار ذكرها منضمةً إلى ذكر زوجها وأولادها عملاً فيه شيء من الإفراط والتفريط..؟! وسنرى يوم القيامة إن كان في ذكرها تفريطاً أو إفراطاً كما ادّعى المذكور..!! وهل يجوز للمدّعي أن يقيس المفتين من الفقهاء إلى الغلاة والمفوضة ؟! وأيُّ مساواة بين الموالين وبين المغالين؟! وهل بإمكانكم أن تعرفون لنا مفهومي المفوّضي والمغالي حتى يمكننا الرد عليكم؟! أم أن كلمة مغالٍ ومفوضٍ صارت نغمة الطنبور يطلقها كلّ معمم حتى يتنصل من التقيُّد بحكمٍ شرعيّ دل على فصلٍ من فصول الولاية؟! بل ما نراه اليوم إمتداداً لما اعتقده الصدوق الذي كان أول من نعت الموالين من الأعلام بصعودهم أول درجة في الغلو لأجل اعتقادهم بعدم جواز نسبة السهو إلى المعصوم عليه السلام...فصار أتباعه من المقصرين من المتمسكين بحبله والراكبين في مركبه كالدباب المنفوخة والعناوين الفارغة الممجوجة فجعلوه شماعة يعلقونها على صدورهم ليغروا بها البسطاء ومبخرة يتبخرون بها ليغطوا روائحم النتنة بعقائدهم العفنة... فلم يجدوا من أعلام الإمامية سوى من كان على شاكلتهم بالتشكيك والتنزيل من مقامات سادة الورى ومصابيح الدجى بعبارات التزييف والتدليس... (قاتلهم الله أنّى يؤفكون) ( وسيعلم الذين ظلموا أيّض منقلب ينقلبون) .
قال المدَّعي:(فإن قلت)   : لماذا  تذكرون الشهادة الثالثة بذكر ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) علماً أنَّها ليست من فصول الأذان فيكون ذلك تشريعاً مُحرَّماً وبدعة باطلة ؟

قلت
إنَّما نذكر الشهادة الثالثة ليس بقصد الجزئية بمعنى أنَّها من فصول الأذان حتى يلزم القول بالتشريع المُحرَّم ولكن نؤكد رجحانها ذاتاً لأنَّ الولاية من متممات الرسالة ومقوِّمات الإيمان ومن كمال الدين بمقتضى قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ( بل أنَّها من الخَمس التي بُني عليها الإسلام كما هو معلوم من ضروري المذهب ، ولا يكفي هذا وحده ليكون هو الداعي لذكر الشهادة الثالثة في الأذان لأنَّ ما ذكرنا هو من أحكام الإيمان المتعلقة بأمور العقيدة التي يجب الإيمان بها وليس كل ما يجب اعتقاده يجوز جعله ضمن أحكام الشريعة العبادية التوقيفية من فصول الأذان أو الصلاة التي تحتاج مشروعية الزيادة فيها إلى الإذن كما هو الحال في الأصل فيكون المتيقن هي الفصول المحدودة من غير زيادة وهذا مُقتضى العمل بالاحتياط لوجود الشك في مشروعية هذه الزيادة ما لم يتحقق الإذن فيها ، ولكنَّ المستند موجود لذكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وهي الأدلة المطلقة الواردة بشأن ذكر علي أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث وردت النصوص من الآيات والروايات التي تجعلنا نقطع بمحبوبية اقتران اسمه (عليه السلام) مطلقاً باسم الله سبحانه وتعالى واسم رسوله الكريم بحيث كلَّما ذكرنا اسم الله ورسوله نذكر أمير المؤمنين معهما كما في آية الولاية وآية الطاعة وآية المباهلة التي جعلت علياً (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وكذا الروايات الصريحة المطلقة التي تقرن ذكر علي (عليه السلام) مع ذكر الشهادتين من دون تقييدها بوقت أو مكان أو مناسبة أو نوع عمل ، ومن الروايات :

1- خبر الاحتجاج عن الإمام الصادق (عليه السلام) (1): [فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله، محمد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فليقل علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ].

2- الخبر المروي في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2): [قال إنَّا أول بيت نَوَّه الله بأسمائنا انه لما خلق السموات والأرض أمر منادياً فنادى اشهد أن لا اله إلا الله ثلاثاً ، اشهد أن محمداً رسول الله ثلاثاً ، اشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً ثلاثاً].

3- عن الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) ، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن رسول الله (صلى الله عليه واله) (3): [وان قال في أول وضوئه بسم الله الرحمن الرحيم ، طهرت أعضاءه كلها من الذنوب ، وإن قال في آخر وضوئه أو غسله من جنابة : سبحانك اللهم ــ إلى أن قال ــ واشهد أنَّ محمداً عبدك ورسولك واشهد أنَّ علياً وليك وخليفتك بعد نبيك وأنَّ أوليائه خلفاؤك وأوصياءه ، تحاتت عنه ذنوبه]. وغيرها مما ينبغي مراجعة كتابنا نقض الحكم الولائي لمزيد الاطلاع .

وبيان رجحان ومحبوبية ذكر الشهادة الثالثة لا يعني القول بجزئيتها وأنَّها من فصول الأذان والإقامة بل يؤتى بها بداعي آخر على اختلاف في مباني الفقهاء وآرائهم برجوع بعضهم إلى الاستحباب من دون القول بالجزئية للرجحان الذاتي أو الرجوع إلى التسامح في أدلة السنن أو الاحتياط والإتيان بها برجاء المطلوبية وهذا كلُّه في مقابل مَن يقول بالجزئية المستحبة أو البدعة الباطلة مُطلقاً

أقول: ما أجاب به الراد على صاحب الدعوى ليس تاماً حيث جعل الشهادة الثالثة أمراً راجحاً وليس جزءً من فصول الأذان وقد سبق منه الميل إلى جزئيتها ما يعني هنا تبديله في أصل مشروعيتها على نحو الجزئية، ويؤكد ذلك أنه في هذا المقطع اعتقد بكونها مستحبة مطلقاً لإقتران إسمه عليه السلام بإسم رسوله ولا يعني هذا إلا الجزئية اللازمة في فصول الأذان لا أنها مستحبة يمكن تركها.... وعلى كلّ حال فإن الكلام المتقدم لا نتوافق معه بحسب مبنانا في الشهادة الثالثة وهي لزومها في فصول الأذان والإقامة وتشهد الصلاة فأينما ذُكر رسول الله يجب إقتران ذكر أمير المؤمنين عليه السلام معه، فالشهادة الثالثة إنما تكون بدعة ــ والعياذ بالله تعالى من قولي هذا ـــ فيما لو لم يكن ثمة دليل عام أو خاص على المطلوب وكان أمير المؤمنين عليه السلام مجرد إنسان عادي ولكنه ليس كذلك لأنه أمير المؤمنين على الأنبياء والمرسلين كافة إلا رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وإن كان لقيادته لعامة الأنبياء يوم الكرة الكبرى وجه وجيه بحيث لا يستثنى منه حتى رسول الله كما في رواية المفضل بن عمر في الهداية الكبرى للخصيبي الحمداني ... ألم يأخذ الله تعالى على الأنبياء حتى رسول الله محمد صلى الله عليه وآله بالولاية له كما في آية الميثاق وآية الولاية المطلقة بولايته على عامة المؤمنين ومنهم الأنبياء والمرسلين لا سيما وأن نبي الله عيسى وإلياس والخضر عليهم السلام موجودون إلى يومنا هذا..!! وقد نقحنا جزئيتها فيما تقدم وفيما كتبنا في رسائل متعددة أرسلنا لكم بعضاً منها فلا نعيد. ... والغريب من القائل:" قلت" أنه لا يجعلها من فصول الأذان والإقامة في حين أنه جعلها منهما في كلامه السابق واللاحق أيضاً حيث أقر بأن ذكر أمير المؤمنين عليّ عليه السلام في فصول الأذان والإقامة قد وردت فيه أخبار لا يمكن تجاوزها ولا يمكن التعدي عنها إلى الشهادة الرابعة لمولاتنا وسيدتنا المطهرة الزهراء وأولادها الطاهرين عليهم السلام...!! يظهر منه التبديل والتغيير السريع أو أنه لم يعِ إلى ما قاله في إشكالاته الأولى..!!.
 

قال صاحب الدعوى:(فإن قلت :يمكن الاستفادة من النصوص المذكورة بشأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتعدية ما ورد فيها إلى الزهراء (عليها السلام) بأيِّ مناسبة بينهما ، فيكون الأمر فيهما (عليهم السلام) على حَدٍّ سواء في الشهادة لهما في الأذان والإقامة     ) .

أقول: هذا الكلام منطقي ووجيه حيث تجوز التعدية من الشهادة لأمير المؤمنين عليه السلام إلى سيدة النساء وأولادها الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين بنفس المناط والملاك لأن ذكرها وذكرهم من ذكر أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ولا يجوز الفصل بينه وبينهم من ناحية الولاية والذكر فهم معه حيثما كان وحيثما ذكر  لقوله تعالى(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا..) تثبيتاً للولاية في نفوس المؤمنين باعتبارها أماناً لهم من الفرقة والإنحراف... ومفهوم "الذين آمنوا" ليس خاصاً بأمير المؤمنين عليه السلام بل يشمل زوجته الطاهرة وأولادها الطاهرين عليهم السلام.

قلت :

ينبغي العلم أنَّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو إمام زمانه الفعلي وحجته بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عامة على جميع الخلائق بما فيهم الزهراء (عليها السلام) ، وإمامة علي (عليه السلام) لا تمنع كون الزهراء(عليها السلام) هي حجة أيضاً ولكن على غيره من سائر الناس ، وإذا كان هذا الأمر في جهة الإيمان والعقيدة وكذا كون أحدهما كُفْأً للآخر في الزوجية فهو لا يفرض التسوية بينهما من جميع الجهات حتى في ذكر الشهادة لهما في جهة الأحكام العبادية كالأذان والإقامة وغيرهما ولذا وردت النصوص الكثيرة بخصوصه (عليه السلام) في الكتاب والسُنَّة تقرن ذكره مع ذكر الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه واله وسلم) كما ذكرنا ، علماً أنَّه لا يوجد دليل لتعدية هذه الخصوصية وهذا الحكم في علي (عليه السلام) إلى الزهراء (عليها السلام) لأن التعدي من مورد النصوص يتوقف على وجود دليل معتبر وإلا فالاعتماد على مجرد الاحتمال لا يكفي في الاستدلال ، ولو قُمْنَا بتعديتها من هذا المورد العبادي وأشباهه نكون بهذا قد هيَّئنا مساحة واسعة لفقه جديد يُلغي في حساباته التقييد والتخصيص ويعتمد الرأي واستنباط العلة .

يرد على ذلك:
كلامك هذا فيه تكرار وإضطراب وقد أجبنا عنه خلال مطاوي ردنا على الدعاوى المتقدمة لأن كلامك بأن التعدية عن ذكر أمير المؤمنين عليه السلام إلى ذكر السيدة الكبرى عليها السلام بحاجة إلى دليل معتبر هي نفس كلامك السابق الذي تارة تنسبه لنفسك وأخرى تنسبه لغيرك، فلا ندري ما هو رأيك في الشهادة للسيدة الزهراء عليه السلام... ومع هذا نجيبك على دعواك بأن ذكرها صلوات الله عليها لم يكن جزافاً ولا إستحساناً كما ادعيت بأننا إستحسنا ذكرها في الشهادة الثالثة مع بعلها فنحن لا نبيع ديننا لأجل الإستحسان والقياس ولولا الأطلاقات والعمومات التي أطلعناكم عليها لما كنا أقدمنا على الإفتاء بلزوم ذكرها منضمة إلى الشهادة لبعلها الإمام الأكبر أمير المؤمنين عليّ عليه السلام...!! فنحن اعتمدنا على النصوص المطلقة ولم نعتمد على الإحتمال ومتى كان الإحتمال حجة شرعية في سوق الفقهاء والأعلام الأتقياء..؟! فما ذهبنا إليه ليس بدعاً في الشهادة لها بل سبقنا إليه أعلام ولكن على نحو الإستحباب المطلق المندرج في العمومات في الشهادة لبعلها ولأولادها مقتصرين على ذلك في الأذان والإقامة على قاعدة التسامح في أدلة السنن ولكننا بعد التمحيص والتنقيب في الأدلة والتأمل فيها وجدنا أن الشهادة لها لا تقل عن الشهادة لبعلها وأولادها لوجود ترابط عضوي في الشهادة لها ولهم بلا فصل فهم جميعاً روح واحدة وعلى درجة واحدة بالفضائل..وتشملها العمومات والإطلاقات القرآنية الدالة على عصمتها وولايتها كما في آيتي التطهير والولاية والمباهلة، بالإضافة إلى الأخبار الكثيرة التي قرنت ولايتها بولاية أمير المؤمنين عليه السلام وأنه لو لم يكن زوجاً لها لم يكن لها كفوءٌ منذ آدم إلى يوم القيامة... ألا تكفيكم هذه القرائن القطعية على مساواتها في العصمة والولاية لبعلها ليكون مناطاً للشهادة لها بالولاية في فصول الأذان والإقامة مع التأكيد على النصوص التي اعترف الصدوق والطوسي بصحة ما فيها من الولاية لآل محمد وعلى رأسهم سيدة النساء عليها السلام..؟؟!.
  بالإضافة إلى ذلك فإن تعدية ذكرها إلى الشهادة الثالثة ليس من باب كونها زوجة له كما ادّعى صاحب الإشكال وإنما من باب كونها من آل محمد ومن باب أن الله تبارك مجده قد أخذ على الأنبياء والأوصياء الميثاق بولايتها وأن ولايتها سبب لصيرورته أنبياء، بمعني أن ولايتها علّة تامة لصيرورتهم أنبياء ومرسلين وهو ما يؤكده قول مولانا الإمام المعظم أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام :" قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولاية ونوّنا سبع طبقات أعلام الفتوى بالهداية فنحن ليوث الوغى وغيوث الندى وطعان العدى وفينا السيف والقلم في العاجل ولواء الحمد في الآجل واسباطنا حلفاء الدين وخلفاء النبيين ومصابيح الأمم ومفاتيح الكرم، فالكليم أُلبِس حلة الإصطفاء لما عهدنا منه الوفاء، وروح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة، وشيعتنا الفئة الناجية والفرقة الزاكية صاروا لنا ردءاً وصوناً وعلى الظلمة إلباً وعوناً وسينفجر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى النيران..." فقوله الشريف" لما عهدنا منه الوفاء" أي لما عهدنا نحن أهل البيت ومعنا جدتنا الزهراء عليها السلام فلو لم تعهد السيدة المعظمة من نبي الله موسى عليه السلام حقيقة الولاء لها ولبعلها واولادها لما كان الله تعالى جعله نبياً مرسلاً..فكيف لا تكون ولايتها جزءً من الشهادة لزوجها وأولادها ولولاهم لساخت الأرض بأهلها واندثرت النجوم والسماوات والأرض ..فهم عزّ العوالم وفخر المعالم ونور الأنوار وسفن النجاة للأنبياء والأبرار... فاطرق الباب يأتيك الجواب....
  وأما دعوى أن أمير المؤمنين عليه السلام حجة عليها فهو أول الكلام لأن الحجية إنما تكون على غير المعصوم وليس على المعصوم، وحتى لو قلنا بأن الحجية أعم من أن تكون على غير المعصوم بل تشمل المعصوم أيضاً ــ كما في رواية الإكمال باب 42ح2 بأن موسى كان حجة على هارون فهو حجة عليه في باب تشريع نزول الوحي لا أكثر ولا أقل ـــ ولكنها لا تصلح ههنا بأن يكون أمير المؤمنين عليه السلام حجةً عليها مع كونها نفسه وفي درجته فكيف يكون حجةً على نفسه..؟! وليس أمير المؤمنين عليه السلام نبيّاً مرسلاً بالوحي التشريعي حتى يكون حجة عليها كما كان موسى حجةً على أخيه هارون...!! نعم رسول الله حجة عليهما وعلى جميع أولادهما المعصومين لأجل نزول الوحي التشريعي عليه دونهم..فـتأمل جيداً ..! فالحجية تشريعية وليست تكوينية أو تفضيلية... بالإضافة إلى أن العالم حجة على الجاهل كما كان الخضر عليه السلام حجة على النبي موسى عليه السلام لجهل النبي موسى في بعض القضايا وليس جهله مطلقاً بأمور السفارة والأحكاملأن ذلك قبيح عقلاً ونقلاً بل كان جهله إنما هو في القضايا والحوادث التكوينية الباطنية باعتباره كان مكلفاً بالتكليف الظاهري والخضر مكلفاً بالتكليف الباطني الذي هو مقام الولاية، وأين هذا من مقامي أمير المؤمنين وسيدة النساء وأولادهما الطاهرين عليهم السلام..؟؟! فليست السيدة الزهراء عليها السلام في مقامها كالنبي موسى حتى يعلمها أمير المؤمنين عليه السلام فيكون تعليمه لها حجةً شرعية عليها لأنهما في مقام واحد من الولاية بلا تفاوت، فلا يصح أن يكون حجةً عليها بهذا المعنى ولا بغيره من المعاني لأن حجيتهما واحدة بلا زيادة أو نقصان وليس ثمة مقام لأمر المؤمنين فوق مقام الولاية حتى يتفوق به على زوجته سيدة النساء بل إن مقامهما في الولاية ليس فوقه مقام فتنتفي الحجية منه عليها، مع التأكيد بأن الحجية إنما تكون من العالم إلى الجاهل، وحاشا لشخصها الكريم أن تكون جاهلة ولو جهلاً نسبياً كجهل النبي موسى عليه السلام بما فعله ولي الله الخضر عليه السلام..كيف لا! وهي المطهرة بنص آية التطهير.. وعلى فرض كونه عليه السلام حجةً عليها ــ وفرض المحال ليس محالاً ـــ فما المانع أن يكون ذكرها مقروناً بذكره كما أن ذكره عليه السلام مقرون بذكر رسول الله صلى الله عليه وآله مع كون أمير المؤمنين نفس النبيّ صلى الله عليه وآله..؟!...ومع كل هذا فإن سيدة النساء عليها السلام في مقامها العظيم وهو الولاية الكبرى له السبق على مقامي الرسالة والإمامة اللذين كانا متصفين بهما لأن المقام الفاطمي ــ وهو مقام الولاية ــ أرقى وأفضل من المقام المحمدي والعلوي بما هما فيه من مقامي الرسالة والإمامة لأن مقام الولاية أفضل من مقام الرسالة والإمامة من هنا كان الخضر عليه السلام وليّاً على رسالة موسى وإمامته ولم يكن موسى وليّاً على الخضر بمقام موسى الرسالى والإمامي..فمقام الولاية أعظم من مقامي النبوة والرسالة والإمامة،لذا كان قول الإمام العسكري عليه السلام في مقام شرح حجية سيدة النساء على أولادها الأئمة الطاهرين عليهم السلام باعتبار أن ولايتها أفضل من مقام إمامتهم فهي حجة عليهم بمقام الولاية على مقام الإمامة، ومن هذا المنطلق صح ما جاء في بعض الأخبار القدسية عنهم صلوات الله عليهم :" لولا فاطمة ما خلقتكما" أي ما خلقت محمداً وعلياً المتصفين بمقامي الرسالة والإمامة...ولعلّكم تقولون كيف تأخذون بهذا الحديث وفيه ما فيه من تفضيل سيدتنا الزهراء عليها السلام على أبيها وبعلها وبنيها مع كونه من أخبار الآحاد..؟! .
وجوابنا هو التالي: إن خبر الآحاد لا يجوز طرحه إذا كان موافقاً للإعتبار الشرعي والعقلي، وحيث إن الخبر مدعوم بالإعتبارات الشرعية والعقلية فلا يجوز طرحه لأن سيدتنا الزهراء عليها السلام في مقامها الولوي كمقام أبيها وبعلها وبنيها في هذا المقام فهم وهي سواء في مقام الولاية ولكن الفرق في مجال التطبيق العملي فرسول الله وأمير المؤمنين عليهم السلام لم يؤمروا بالعمل في مقام الولاية بخلافها فإن الله تعالى أمرها وابنها سيد الشهداء والحجة المنتظر عليهم السلام أن يعملوا بمقام الولاية وليس بمقام الإمامة..من هنا خرجت سيدة النساء عليها السلام على طاغوتي عصرها من دون أن تأخذ الإذن من بعلها باعتباره إماماً لأن ولايتها أعظم من إمامته ومقام الولاية لا يطلب الإذن من مقام الإمامة، من هنا لم يطلب الخضر عليه السلام الإذن من موسى النبي والرسول والإمام.. فلا يطلب الأعلى الإذن من الأدنى ولأن مقام الولاية مقام لا يحتاج إلى إذن من أحد إلا من رب العالمين مباشرة ومن دون واسطة ملك أو نبيّ أو رسول أو إمام، من هنا قال الخضر عليه السلام لنبيّ الله موسى عليه السلام لما لم يعرف وجه الحكمة من أفعال الخضر صلوات الله عليه( وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبراً) ولأن صاحب مقام الولاية يعمل بالواقع دون الظاهر الذي عليه مقاما الرسالة والإمامة..وهكذا خرج الإمام الولي سيد الشهداء على طواغيت عصره مع علمه بأنه سيقتل فقد عمل بمقام الولاية وليس بمقام الإمامة بخلاف أبيه الذي كان مكلفاً بمقام الإمامة ولم يكن مكلفاً بمقام الولاية وإلا لكان أبادهم لوحده من دون إنتظار أربعين رجلاً لنصرته فاعقل الجواب عنا فإنه دقيق لم يسبقنا إليه أحد بفضل الله تعالى والحجة وسيدة النساء عليهما السلام والبحث بولايتها طويل جداً روحي فداها فهي تفطم شيعتها عن الجهل والنار... يا كميل اطفئ السراج فقد طلع الصبح..!.

قال المدّعي: (فإن قُلت :إنَّ الصدِّيقة الزهراء (عليها السلام) طاهرة مُطهرة وامرأة معصومة مُحَدَّثة وهي أم أبيها وحُجَّة عظيمة وقد ورد بشأنها عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أنَّه قال : [نحن حجج الله وأُمُّنَا فاطمة حجّة الله علينا] وبهذا وغيره تتم مشروعية ذكر اسمها (عليها السلام) في الأذان والإقامة لمقرونية حُجَّتها مع حُجَّة أمير المؤمنين (عليه السلام) .

قُلت :

دعوى كونها حجَّة عظيمة فهو حق لا إشكال فيه وصفاتها كثيرة كما هو متفق عليها وهي أيضاً ممن تجب مودتها وموالاتها وطاعتها والصلاة عليها وهذا ثابت قطعاً، وأمَّا أنَّها حُجَّة الله على الأئمة المعصومين استناداً إلى رواية ضعيفة مرسلة يدل ظاهرها على كون الزهراء (عليها السلام) حُجَّة على أبنائها الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ولا مانع في ذلك ولكن ليس فيها ما يثبت كونها حجة على أمير المؤمنين (عليه السلام) ومع هذا فليس كُل ما هو حق وحُجَّة يُسَوِّغ لنا أن نجعله في ضمن العبادات التوقيفية كفصول الأذان والإقامة والصلاة ، ولذا ينبغي وضع كُلّ حقٍّ في مكانه الذي وضعه الله فيه ولا نتجاوز الحدود ، فما كان في جهة العقيدة لا نتجاوز الإيمان به وفق المُقرّر ، وما كان في جهة العبادة لا نتجاوز الحدود المُقررة له لكي نُحقق الامتثال في جهتي العقيدة والشريعة بما لا يخرج عن الميزان الذي أراده الله تعالى ، وكما ذكرنا أنَّه لا يوجد دليل على التعدية ، وكون جهة الإيمان بهم (عليهم السلام) من الأصول التي هي أعظم من الفروع كالأذان والإقامة والصلاة لا يُبيح لنا أن نتسامح في الفروع فنزيد فيها ونخلط بين الأصول والفروع في العمل العبادي ونجتهد بذكر أسمائهم في العبادات .

يرد على الكلام المتقدم الذي هو بحسب الظاهر لكم:
أشرنا فيما سبق أن الرواية الشريفة وإن كانت مرسلة إلا أن عمل المشهور بها أخرجها من الضعف إلى القوة فيجوز العمل بها لإثبات الشهادة لها لكن لا على نحو التأسيس من دون الأدلة الأخرى بل ثمة أدلة يمكن الركون إليها في تثبيت الشهادة لها وهي العمومات والإطلاقات وبعض النصوص الخاصة التي نعتها الصدوق والطوسي بالشذوذ... فالدليل على التعدية موجود وليس كما ادعيتم جنابكم في كلامكم المتقدم...بالإضافة إلى ذلك فحيث إن سيدتنا المطهرة الزهراء البتول عليها السلام هي نفس النبي والولي عليهما السلام بمقتضى آية المباهلة وولايتها نفس ولايتهما فلا مانع من ضمه الشهادة لها إلى شهادتهما بنفس المناط والملاك الذي ثبت فيه لزوم الشهادة للنبي والولي عليهما السلام...وهذا ليس من الإستحسان أو القياس حتى يرد على المعتقد به ما لعلّه تحتملونه في حقه، فيكفي عمومات وجوب الجهر بالولاية والأخبار الخاصة بأن آل محمد خير البرية...وأنها خير العمل صلوات الله عليها، لذا رفع فصل " حيَّ على خير العمل" عمر بن الخطاب لعنه الله تعالى من الأذان والإقامة كما رفع غيره من النواصب الأخبار الحاكية لأذان أبي ذر وسلمان حيث ذكرا فيه الولاية لآل محمد عليهم السلام ...!.

قال المدّعي: (فإن قُلت: لا مانع من ذكر الزهراء (عليها السلام) في فصول الأذان والإقامة بعد أن ثبت جواز الكلام بين فصولهما  ....  .قُلت :إنَّ جواز الكلام الزائد للآدمي في الأذان لا يؤسِّس لدليل يُمكن أن نعتمده في ذكر الشهادة الثالثة أو الرابعة علماً أنَّ جواز الكلام مبني على الكراهة في حين يُفترض أن تكون الشهادة الزائدة في الأذان أمراً محبوباً وراجحاً وليس مكروهاً فتأمل ، إضافة إلى أنَّ فتح باب الزيادة في الأذان والإقامة اعتماداً على جوازه ولو كراهة يؤدي بتعاقب الأزمان مع كثرة ما يدخل عليه من زيادات إلى خروج الأذان التوقيفي عن هيئته وعن الترتيب والموالاة وهذا يُخِلُّ في الأذان والإقامة .

ثُمَّ إنَّ رأي أعلام الطائفة من القدماء والمتأخرين والمعاصرين هو أنَّ كلام الآدمي من اللغو بين فصول الأذان والإقامة وهو جائز ولكن على كراهة ولا يبعد أن يكون الكلام الزائد وإن كان حقاً من المكروهات أيضاً ولكن بشرط أن لا تنمحي معه صورة الأذان والإقامة وما يعتبر فيهما من الترتيب والموالاة وإلا فانه يؤدي إلى بطلانهما ، ومن خلال ذلك يُمكن القول أنَّ ذكرها (عليها السلام) مُنْضَمَّة مع صيغة الشهادة الثالثة هو خلاف الاحتياط حيث لم يثبت جزئيتها قطعاً كما لم يثبت استحبابها .

يرد عليه الآتي:
لا يقاس ذكر سيدة النساء عليها السلام على كلام الآدميين حتى تستشكلون بذكرها في فصول الأذان والإقامة... بل ذكرها في كل الأحوال بلا خصوصية لحالٍ دون آخر هو كلام رب العالمين الذي أمر بالشهادة لها في الذر وتقدم الأورواح على الأبدان وأمر الأنبياء بوجوب محبتها ومودتها والولاية لها، وإثبات الدليل على لزوم ذكرها لا يؤسس لدخول زيادات جديدة على الأذان كذكر المراجع والفقهاء كما ورد في كلامكم أول الدعوى لأن السيدة الزهراء عليها السلام ليست كمرجع تقليد حتى تقيسونه على شخصها العظيم.. إنها روح النبيّ حقيقة وليس مجازاً... إنها وليَّة الله الكبرى التي عبر عنها أمير المؤمنين بخطابه لها (سيدتي ما يبكيك؟ قالت: أبكي لما تلقى بعدي) فهي سيدته بكل ما للكلمة من معنى..! ويا للعجب كيف صار ذكرها في فصول الأذان والإقامة مخلاً بالموالاة العرفية مع أن ذكرها لا يتطلب وقتاً أو فصلاً طويلاً يخل بالموالاة باعتباره قصيراً، والفصل المخل إنما هو الفصل الطويل كدقائق وليس ما يكون ثوانٍ معدودة ..!؟. بالإضافة إلى أن ذكرها عليها السلام في فصول الأذان والإقامة وغيرهما من العبادات ليس من كلام الآدميين حتى يتطاول صاحب الدعوى على مقامها الشريف ويجعله مبطلاً للصلاة تارة ومكروهاً تارة أخرى..!! ومجرد الشهادة لها بإسمها ليس كلاماً آدمياً حتى يبطل به الأذان أو يصبح مكروهاً لأن الشهادة لها تعني الشهادة لله ولرسوله ولأمير المؤمنين ولها باعتبارها حجة لله تعالى بمحكم الآيات والأخبار، والكلام الآدمي المبطل للأذان والإقامة إنما هو الكلام بغير ذكر الله تعالى وذكر الحجج الطاهرين عليهم السلام فإن ذكرهم هو ذكر الله تعالى كما ورد في الكافي الجزء الثاني باب تذاكر الإخوان في الموثق عن علي بن أبي حمزة قال:" سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول:" شيعتنا الرحماء بينهم الذين غذا خلوا ذكروا الله، إن ذكرنا من ذكر الله، إنَّا إذا ذكرنا ذكر الله وإذا ذكر عدونا ذكر الشيطان".. فكيف تجعلونه مكروهاً أو مبطلاً ألا تخافون الله تعالى في حججه الطاهرين الذين لولاهم ما قبلت صلاتكم ولا صومكم ولا حجكم ولا خمسكم ولا جميع عباداتكم..ألم يمر عليكم بالوسائل وغيرها بأن الإعتقاد بهم أهم من جميع العبادات! ألم يمر عليكم بأن أصل الإعتقاد بهم مقدم على الفروع العملية وبقية الأصول الإعتقادية حتى التوحيد لأن معرفة الله تعالى حق معرفته إنما تكون من خلالهم وليس من خلال عقولنا الضعيفة ومداركنا النحيفة..! واعلياه وافطمتاه...!!والسلام.
 

قال المدعي :(فإن قُلت :ما هو مَجرى الأصل العملي عند الشك في إتيان كُل من الشهادة الثالثة والرابعة في الأذان والإقامة ؟ .

قلت :

مقتضى الأصل العملي في الشهادة الرابعة التي هي للزهراء (عليها السلام) في الأذان هو أصالة البراءة لحصول الشك في التكليف وجوباً أو استحباباً ، وأمَّا الشهادة الثالثة في جهة علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنَّ مقتضى الأصل العملي هو أصالة الاحتياط لورود الأدلة باستحباب ذكره مطلقاً مع الشهادتين كما ذكرنا فيؤتى بذكره في الأذان احتياطاً إضافة إلى أنَّ إعلان الشهادة الثالثة من أجلى مصاديق إظهار الحق والدعوة إليه وأبرز رموز التشيع وشعائر مذهب أهل البيت (عليه السلام) وهُم الفرقة الناجية قطعاً .

بسمه تعالى:
يرد عليه: إنما يجري أصل البراءة في الشهادة الرابعة في حال لم يكن ثمة دليل لفظي آخر حاكم على الأصل لأن الأصول العملية إنما يرجع إليها الفقيه في حال لم يكن هناك دليل لفظي يثبت الحكم الشرعي للموضوع، ولكن في حال وجد الدليل اللفظي كالإطلاق والعموم وغيرها من الأدلة اللفظية فلا مجال للعمل بالأصل العملي بل لا يجوز العمل بالأصل مع العثور على الدليل، فتأمل.
  مضافاً إلى أن إحتياطك بذكر الشهادة الثالثة بعد إعترافك بوجود الأدلة اللفظية على تلازم ذكره مع ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله ..لا وجه له من الناحية الأصولية كما أشرنا إليكم آنفاً لأن الدليل اللفظي مقدم على الأصل العملي بالإتفاق بين أعلام الإمامية، فلا معنى للإحتياط حينئذٍ بل يصبح الإحتياط خلاف الإحتياط بل يصبح تشريعاً محرماً وبدعة في مقابل الدليل، لأن الدليل قد تم عندكم فكيف تحتاطون بالذكر الذي يعني أن الإحتياط العقلي أو الشرعي دل عليه فيصبح العمل بالإحتياط مورد إشكال بل منع وهو غير جائز البتة .. ودعوى أن ذكره في الشهادة الثالثة مستحب هو أول الكلام لأننا نرى أن ذكره واجب ومتلازم مع ذكر رسول الله فحيثما ذكر رسول الله يتلازم معه ذكر أمير المؤمنين عليه السلام ولا يبعد ضم أهله معه لرواية إكمال الدين حسبما أشرنا فيما سبق... وكيف يكون ذكره في الشهادة الثالثة من أجلى مظاهر الولاية والحق ـــ  بحسب دعواكم وهي صحيحة قطعاً ــ ثم يكون الإجهار بها من باب الإحتياط..؟! أليس الإجهار بالحق واجب في كل حين وزمان ومكان حتى في الصلاة التي قرن الله تعالى ذكر وليّه فيها منضمماً إلى ذكر رسول الله بحسب ما اعترفتم به قبل أسطر..؟! كلام صاحب الدعوى فيه إضطراب وتشويش وقلة يقين بآل الله تعالى، والله الموفق للسداد..والسلام.

تعقيب :

ولو تنزلنا جدلاً وقلنا بمشروعية الشهادة الرابعة في الأذان أو ذكر تفاصيل في فصول الأذان بالعنوان الأولي إلا أنَّ العنوان الثانوي سيكون حاكماً عليه فيمنعه من ذلك لما تؤدي هذه الشهادة داخل الأذان إلى الاختلاف وحصول الانقسام والنزاع داخل المذهب الواحد إضافة إلى استغلاله من قبل أعداء المذهب للطعن فيه وهذه الأمور يقيناً مما لا ترضى الزهراء (عليها السلام) بحصولها بين شيعتها أيَّدهم الله تعالى ونصرهم وفرَّج عنهم)>

بسمه تعالى:

يرد عليه: إذا صار ذكر الشهادة الرابعة لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام يفرق المؤمنين فلماذا لم يفرقهم في الكويت حيث الإحقاقيون يشهدون لها بالولاية في الأذان والإقامة وهكذا نحن في لبنان وبعض البلدان كباكستان حيث يذكرون أهل البيت في الشهادة الرابعة منذ مئات السنين ..؟؟! ولماذا لم يفؤقهم قبل مجيء حزب الدعوة إلى العراق بعد تحرير أمريكا للعراق..؟! ولماذا لم يفرقهم قبل مجيء حزب الدعوة إلى العالم الشيعي منذ ستين أو سبعين عاماً..؟! فلماذا في هذا الزمان يتفرق المؤمنون بذكر الشهادة لسيدة النساء وأولادها الطاهرين عليهم السلام؟! هذا الكلام هو نفس كلام فضل الشيطان وغيره من علماء الوهابية الشيعة في العراق وإيران والبحرين ولبنان...! مئات العلماء الفقهاء أفتوا بجواز الشهادة الرابعة ولم يحتمل واحدمنهم أن ذلك يفرق بين المؤمنين ..! وهل أن الحكم الشرعي متوقف على رضا المؤمنين وقد خاطب الله تعالى نبيه بقوله ( ليس لك من الأمر شيء) وإذا كنا كفقهاء نفتي لأجل رضا الناس فعلى الإسلام السلام..! وإذا كنا نريد الحكم لإرضاء المؤمنين فلماذا لا تشطبون فصلاً من فصول الأذان وهو (حيَّ على خير العمل) لأن وجودها أضر على المؤمنين من وجود فصل ( أشهد أن عليَّاً أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين أولياء الله) باعتبار أن المخالفين أكثر من الشيعة في العالم فلعلّهم يقتلون المؤمنين ويبيدونهم من على ظهر الأرض فنحذف حيّ على خير العمل لأجل دفع المفسدة العظيمة المتوجهة إلينا كمؤمنين..؟؟! مع إبلاغكم بأن الشيعة أيام الشيخ المفيد رحمه الله قتل منهم في الكرخ يومذاك زهاء عشرين ألفاً من أجل عبارة كتبت على مسجد لهم (عليّ خير البشر فمن أبى فقد كفر) ولم يفتِ لهم الشيخ المفيد بحذفها مع ما سببت لهم من الضرر العظيم فماذا لو كنتم مكانه يومئذ فماذا كنتم فاعلين..! أظن أنكم كنتم حذفتم أصل الأذان والصلاة..!! وإذا كنتم تريدون رضا المخالفين فعلى الإسلام السلام فيجب عليكم أن تحرموا الكثير مما ثبث وجوبه عندنا الشيعة الإمامية لا سيما الشعائر الحسينية وغيرها مما ثبت القطع بصحته وقيام الأدلة على شعيريته..!! دين الله تعالى لا يصاب بالعقول فلا يجوز لكم أن تحكموا عقولكم في أحكام الله تعالى فما وافقها تفتون به وما خالفها تضربون به عرض الجدار...! ننصحكم بمطالعة الكافي الجزء الأول باب القياس لعلّكم تأخذون العبرة والموعظة بما جنيتم على أنفسكم بما تقدم منكم خلال هذه الرسالة الفقهية..! وما كنا نتصور صدورها إلا من أناس لم يتذوقوا طعم الإيمان والولاية وقد خاب ظننا بما قلتم في هذه الرسالة... ولعلّكم تزعمون بأن الكلام لغيركم فإننا لن نقبل ما تدعون لأنه كان بإمكانكم أن تتسائلوا تحت عنوان :"قال" وأقول" وحيث لم تأتوا بما ذكرنا فإننا نطمئن بأن الكلام لكم وهو ما أحزننا كثيراً..!
  وبالجملة: حيث ثبت لكم صحة الشهادة الثالثة فلا معنى للإحتياط كما أشرنا، وحيث ثبت لنا بالأدلة أن الشهادة الرابعة متفرعة عن الثالثة بل وهي متتمة لها والمتمم هنا واجب وليس مستحباً فتكون النتيجة أن الشهادة الرابعة من لوازم الشهادة الثالثة ومن متمماتها الواجبة ولا يجوز شطبها بحال من الأحوال وإلا لجاز شطب الشهادة الثالثة أيضاً لكونها محل جدال ونقاش بين قائل بالجزئية وبين قائل بالإستحباب المطلق... كما أن شطب الشهادة الرابعة لأجل دفع النزاع الذي ربما يحصل بين المؤمنين بسببها لا يكون ذريعة لشطبها من قاموس الأذان والإقامة وإلا فعليكم أن تشطبوا كلّ حكم شرعيٍّ لا يتوافق مع الفريق البتري الشيعي الوهابي الذي يعترض على كل فصل ــ حتى في الأذان ولو كان حيّ على خير العمل ــ أو رواية تشير إلى ظلاماتهم وفضائلهم عليهم السلام..أقول لكم : إن رضا الله تعالى لا ينال برضا الناس واحكامه ليست بيد العالم أو الفقيه يتلاعب بها ساعت يشاء وكيفما يشاء لأن العلماء أمناء الله على حلاله وحرامه .... أعقل  الجواب يرحمكم الله تعالى حتى لا تقفوا بين يدي الآل يوم الحساب للعقاب،والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
 

عبد الحجة القائم والسيدة الكبرى الطاهرة الزكية الزهراء البتول عليهما السلام/ الشيخ الاحقر تراب أقدام آل محمد/محمد جميل حمود العاملي ـ بيروت بتاريخ 30 جمادى الثانية 1433هــ.

 

1- الاحتجاج للطبرسي ج1 ص 231.

2- أصول الكافي. كتاب الحجة. باب مولد النبي 2 حديث8 / ج1/ص439 .

3 – تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) . المنسوب إلى الإمام العسكري . ص521 .


....................
ولدكم الشيخ *****


 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=455
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28