• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : سب المؤمن حرام بالأدلة الأربعة .

سب المؤمن حرام بالأدلة الأربعة

الإسم:  *****
النص:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قال رسول الله صلى الله عليه واله :
« إذا ظهرت البدع ، ولعن آخر هذه الامة أولها ، فمن كان عنده علم فلينشره ، >>

لاحظنا في الاونة الأخيرة على الشبكات الإجتماعية
الكثير ممن يدعي -انه شيعي-ينتقص من بعض المراجع و العلماء الذين اختلفوا مع مراجع اخرين حول نقاط معينة

..والكلام بالتحديد حول المرجع (اليعقوبي)
و لما اخذت هذه المسألة تنحرف و تنحو منحى - نعتقد انه خطير- وهو سب و لعن هذا المرجع لا بل مؤخرا

ظهرت كاريكاتيرات وصور تهكمية تنتقص من هذا المرجع وتصوره بصور مذله و مهينه ولما رأينا تجاوب من

الكثير من يعتقد ولاؤه ...فكان لا بد من السؤال حول هذه النقطة بالتحديد :
1-هل يجوز
او لا يجوز
او مباح .
2-وما هو تكليف المؤمن في مواجهة هذا التيار ؟
3-ما هو حكم من لا ينتهي عن هذه الأعمال ؟

وبرغم اني لست مقلدا للمرجع اليعقوبي ..
وكي نقيم الحجه عليهم و
نرفع الغطاء و تعرية هذه النماذج وكي لا يطمعوا في الفساد ولا يتعلم الناس من بدعهم -ان كانوا على خطأ-

نرجوا من سماحتكم الفتوى
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

 

الموضوع الفقهي: سب المؤمن حرام بالأدلة الأربعة.

بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمته وبركاته
     سب المؤمن حرام في الجملة بالادلة الأربعة (الكتاب الكريم والسنة المطهرة المتمثلة بأخبار النبيّ وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ـــ والإجماع والعقل).
  فمن الكتاب قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيراً منهنّ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان) - الحجرات الآية 11. فقد نزلت هذه الآية المباركة في حق صفيّة بنت حيّ بن أحطب وكانت زوجة النبيّ صلى الله عليه وآله وذلك أن عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها يا بنت اليهودية فشكت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال لها:" ألا تجيبينهما؟ فقالت بماذا يا رسول الله ؟ فقال لها قولي:"إن أبي هارون نبيّ الله وعمّي موسى كليم الله وزوجي محمد رسول الله فما تنكران منّي؟! .
  الآية حرّمت السخريّة من المؤمنين، والسخريّة هي المذلّة والتنقيص بالمؤمن، وكذا اللمز وهو التعييب على المؤمن، وهو من الكبائر العظيمة عند الله تعالى.
 وأما الإجماع الدال على حرمة سبّ المؤمن فما لا نزاع فيه لأن السب على المؤمن فيه إذلال له وإهانة وتحقير ومورث للعداوة وهو قبيح عقلاً أيضاً للنكتة العلميّة التي أشرنا إليها آنفاً.
  وأما الأخبار الدالة على حرمة سبّ المؤمن فكثيرة جداً منها ما ورد في موثقة ابي بصير عن مولانا الإمام المعظَّم الصادق عليه السلام قال:( قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر واكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه).
 وفي صحيحة إبن الحجاج عن مولانا الإمام المعظّم ابي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام في رجلين يتسابّان؟ فقال:( البادي منهما أظلم ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يعتذر إلى المظلوم).
 والمؤمن عندنا في الأخبار هو المسلم المعتقد بأهل بيت العصمة والطهارة بكونهم أولياء الله وحججه المطهرين والسفراء المنتجبين لرعاية خلقه، وتعريفنا للمؤمن يختلف عما عليه عند المخالفين حيث اعتبروا كل صحابي ـــ حتى ولو كان منافقاً وكافراً ـــ مؤمناً فلا تجوز غيبته والإنتقاص منه فقد جاء في شرح فتح القدير ج6 ص40 في عداد من لا تقبل شهادته قال: " ولا من يظهر سب السلف كالصحابة والتابعين ومنهم أبو حنيفة وكذا العلماء" ولكننا نحن الشيعة الإمامية نجيز سب المنافقين والمبتدعين سواء أكانوا من الصحابة أو العلماء المبتدعين الذين انتهكوا حرمات الشريعة ببدعهم وإستهتارهم بمعالم الدين والتشيّع وشعائره والإنتقاص منها.
  والنسبة في الإصطلاح المنطقي بين السبّ والغيبة هي العموم من وجه لأن الفرق بين السبّ والغيبة هو إن مناط السب هو إظهار المذمّة والتنقيص، ومناط الغيبة هو إظهار عيوبه، فإنه قد يتحقق السب ولا يتصف بعنوان الغيبة كأن يخاطب المسبوب بصفة مشهورة مع قصد الإهانة والإذلال، فإن ذلك ليس إظهاراً لما ستره الله تعالى حتى يعتبر غيبةً المأخوذ في مفهومها إظهار المستور عن الناس، وقد تتحقق الغيبة حيث لا يتحقق السب كأن يتكلم بكلام يظهر به ما ستره الله تبارك شأنه من غير قصد للتنقيص والإهانة، وقد يجتمعان، ويتعدد العقاب في مورد التعدد فيعاقب عقاب المغتاب والساب.
 والمرجع في السب هو العرف واللغة ففي لسان العرب لإبن منظور قال:" إن السب هو التعيير بالبخل أو الشتم والسبة : العار فيقال: صار هذا الأمر سبة عليهم بالضم أي عاراً يسب به.." فكل ما عدّه العرف واللغة سباً فهو منه ويعتبر في مفهوم السب ــ كما أشرنا أعلاه ــ الإهانة والتعيير وان يكون تنقيصاً وإزراءاً على المسبوب كالقذف والتوصيف بالوضيع واللاشيء والحمار والكلب والخنزير والكافر والمرتد والابرص والأجذم والأعور والأعرج وغير ذلك من الألفاظ الموجبة للنقص والإهانة، وعليه فلا يتحقق مفهومه إلا بقصد الإهانة والهتك، وأما مواجهة المسبوب للساب بمثل ما سبه به فلا تعتبر فيه القيود المتحققة في الساب والشاتم بمعنى أنه يجوز للمسبوب أن يقابل الساب بالسب ولا يتعداه ولكن الافضل ألا يفعل المؤمن المسبوب ما يبتدأه به الساب والشاتم فقد اشارت بعض الأخبار إلى ترك المقابلة بالسب والشتم إلا إذا علم المسبوب بأن الساب لا يرتدع إلا بالمقابلة بالمثل ولا يتعداه إلى غيره حتى لا يعتبر ظلماً بالتعدي عليه.
وقد استثنى أعلام الإماميّة من المؤمن الذي يحرم سبه: سب الوالد لولده كما لو قال له: يا حمار ويا خبيث ونحو ذلك فيجوز ذلك لأن الملاك في حرمة السب  ــ كما أشرنا مراراً ــ هو إيجاد النقص والذل الخارجي في الإنسان عرفاً، وقول الوالد لولده أو السيد لعبده: يا أحمق أو يا حمار لا يوجد نقصاً ولا ذلاً في الولد والعبد عرفاً ولأن الوالد والسيد لهما حقُّ ذلك وإن كان الأحوط والتقوى أن يتنزه المؤمن عن كل ذلك .
  وكذا يستثنى من حرمة سب المؤمن: المتظاهر بالفسق فيجوز سبه وغيبته بحدود ما ارتكبه من الجرائر، وكذا يستثنى منه المبدع في الدين فتجب البراءة منه واتهامه لئلا يطمع في المنكر ويظن نفسه من الأولياء المقربين كما هو حاصل عند أهل البدع والضلال، وهو ما ورد في بعض الأخبار عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله:( إذا رأيتم أهل البدع من بعدي فاظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والوقيعة فيهم). 
  وبالجملة: يجوز سب ولعن المبتدعين في الدين والمشرعين ما لا يجوز تشريعه ولكن إذا أدى السب إلى سب رموز الساب فيحرم السب حينئذ لقوله تعالى ( ولا تسبوا الذين كفروا فيسبوا الله عدواً بغير علم) فإذا لم يجز سب الكافر لئلا يؤدي سبه إلى سب الله تعالى أو سب أحد حججه الطاهرين أو سب العقيدة وما شابه ذلك فكيف بمن يسب مؤمناً وعالماً لم يصدر منه ما يوجب لعنه وسبه بل يسبونه لأجل أنه مخالف لهم من النواحي الإجتماعية والسياسية أو الفقهية التي لا توجب الخروج والمروق من الدين او تجعله في مصاف المبتدعين، فالأصل في جواز السب معنون بقيدين: أحدهما أن يكون المسبوب كافراً ظالماً أو فاسقاً متجاهراً، وثانيهما أن يكون المسبوب صاحب بدعة، فإذا تحقق القيدان جاز السب بعنوانه الأولي وإلا فيحرم.. وفي زماننا هذا يكثر السب لا لشيء سوى أن الأحزاب الشيعية هي التي روجت لهذه العادات الخبيثة التي لم يفلت منها مؤمن صالح أو عالم تقي، فقد أمرت هذه الأحزاب بسب كل مخالف لها بل وحكمت عليه بالإرتداد أو الكفر أو الفسق واستعملت عناوين القذف والتشهير بمخالفها مهما علا شأنه عند الله تعالى ورسوله وحججه الطاهرين والمؤمنين من شيعتهم، والأنكى من ذلك نراها تصدر من متدينين يتظاهرون بالولاء لأهل البيت عليهم السلام ونحن لم نسلم من شتائمهم وسبابهم ولعنهم لنا من قبل متحزبين شيعة ونواصب وبتريّة بل ومن أناس يميلون إلى آل الشيرازي، ولا أحد ينكر أو يدفع منكراً... فكم شتمونا على موقع مصر الفاطمية المنسوب لآل الشيرازي ولم نسمع واحداً منهم ينكر عليهم ما يفعلونه من المنكرات بحقنا ونحن نفوّض أمرنا إلى الله تعالى وحجته القائم أرواحنا فداه ونقف ويقفون للحساب يوم يفر المرء من أبيه وأُمّه وأخيه وفصيلته التي تأويه لكل امرءٍ منهم يومئذ شأن يغنيه...وهكذا كان أتباع السادة من آل الشيرازي يتأسون بغيرهم من المتحزبين في المواقع الأخرى ، وقد كشف الله تعالى حقيقتهم بقوله تبارك شأنه: ( فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون) فهم فرحون بدنياهم وعلو مقامهم بالمال والجاه وكثرة الأنصار، وهذا ديدن المتحزبين في كل عصر ومصر..!! وأما أهل التقوى فإنهم في شغل عما يتنافس فيه المتنافسون من أهل الدنيا والرياسة... وليس كل من انتقد عالماً يكون ساباً له لأن كثيرين من الرعاع لا يميزون بين النقد والسب فصاروا ينعتون الفقيه المنتقد لغيره من العلماء بأنه يسبه ويشتمه، مع أن النقد يحمل في طياته التقويم والإستقامة وليس فيه شيء من التنقيص، وعلى فرض وجود تنقيص في كلام المنتقد لعالم مثله فلأن في النقد مصلحة شرعية لازمة للمنتقد لورود الأوامر من عندهم صلوات الله عليهم بوجوب إظهار العالم علمه عند ظهور البدع، ولصدق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المنتقِدِ لأنه يقوم بوظيفته الشرعية من تصحيح الأخطاء وإزالة البدع ولو فهم منها العرف الإنتقاص وقد أشرنا أعلاه بأن المبتدع في الدين يجوز سبه بمقدار ردعه ولا يتجاوزه وإن كان الأفضل عدم إستعمال السب ولو في الموارد الجائزة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون...  والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمته وبركاته.


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=559
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28