• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : الإستدلال الكلامي العقدي على حضور النبي وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام على المحتضرين .

الإستدلال الكلامي العقدي على حضور النبي وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام على المحتضرين

 

 

الموضوع  العقائدي: الإستدلال الكلامي العقدي على حضور النبي وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام على المحتضرين.

بسم الله الرحمان الرحيم
 
    الحمد لله رب العالمين قاصم الجبارين ومبير الكافرين ومنجي المستضعفين وناصر المظلومين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين سفن النجاة واعلام الهدى ومصابيح الدجى والحجج على أهل الدنيا والآخرة والأولى، واللعنة السرمدية الأبدية على أعدائهم وأعداء شيعتهم ومواليهم ومنكري فضائلهم ومعاجزهم وكراماتهم ومعارفهم واحكامهم وعلومهم وظلاماتهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين..وبعد..
إلى جناب العلامة المجاهد السيِّد محمد أبو الحسن الموسوي دامت بركاته..السلام عليكم ورحمته وبركاته
 ها نحن نجيبكم على أسئلتكم الكريمة بفضل الله تعالى والحجج الطاهرين عليهم السلام، ونعرضها كما هي ثم نترجمها إلى اللغة العربية.
السؤال الأول: آيا حضرت محمد وآل محمد عليهم السلام در وقت إحتضار حاضر وموجود ميشوند يا خير ؟
الترجمة بالعربية: هل أن محمداً وآل محمد عليهم السلام يحضرون في وقت إحتضار الموتى أو لا ؟.
الجواب:
بسمه تبارك شأنه
  لقد تواترت الأخبار الشريفة ـــ طبقاً لآيات الكتاب الكريم الدالة على رؤية المحتضرين للملائكة وإخبارهم لهم بالسعادة أو الشقاء ـــ وأجمعت الطائفة المحقة على حضور رسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام لا سيَّما أهل الكساء صلوات الله عليهم أجمعين على المحتضرين سواء أكانوا مؤمنين أم كافرين، ولكن حضورهم على المؤمنين إنما يكون للبشارة والتطمين، وحضورهم على المنافقين والكافرين إنما يكون للإنذار وللوعيد والتخويف، وقد تجاوزت الأخبار حدَّ التواتر أضعافاً مضاعفة، روى المحدِّث المجلسي في البحار قسماً وافراً منها في الباب السابع من كتاب العدل والمعاد باب ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الائمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم وقد بلغ ما رواه في الباب المذكور حوالي ستاً وخمسين حديثاً، وهو عدد ضخم فاق التواتر بثلاث مرات، فزداد حجةً على حجيته ونوراً على نوره... فليراجع.
  ونحن نستعرض بعض الاخبار لتطمئن بها القلوب المتزلزلة لنزيل بها الشك والريب وهي التالي:
1 - تفسير الإمام العسكري عليه السلام: إن المؤمن الموالي لمحمد وآله الطيبين، والمتخذ لعلي بعد محمد إمامه الذي يحتذي مثاله، وسيده الذي يصدق أقواله ويصوب أفعاله ويطيعه بطاعته من يندبه من أطائب ذريته لأمور الدين وسياسته، إذا حضره من أمر الله تعالى ما لا يرد ونزل به من قضائه ما لا يصد، وحضره ملك الموت وأعوانه وجد عند رأسه محمدا رسول الله، ومن جانب آخر عليا سيد الوصيين، وعند رجليه من جانب الحسن سبط سيد النبيين، ومن جانب آخر الحسين سيد الشهداء أجمعين، وحواليه بعدهم خيار خواصهم ومحبيهم، الذين هم سادة هذه الأمة بعد ساداتهم من آل محمد، ينظر العليل المؤمن إليهم فيخاطبهم - بحيث يحجب الله صوته عن آذان حاضريه كما يحجب رؤيتنا أهل البيت ورؤية خواصنا عن أعينهم ليكون إيمانهم بذلك أعظم ثوابا لشدة المحنة عليهم -. فيقول المؤمن: بأبي أنت وأمي يا رسول رب العزة، بأبي أنت وأمي يا وصي رسول رب الرحمة، بأبي أنتما وأمي يا شبلي محمد وضرغاميه، يا ولديه، وسبطيه، يا سيدي شباب أهل الجنة المقربين من الرحمة والرضوان، مرحبا بكم معاشر خيار أصحاب محمد وعلي وولديهما، ما كان أعظم شوقي إليكم! وما أشد سروري الآن بلقائكم! يا رسول الله هذا ملك الموت قد حضرني ولا أشك في جلالتي في صدره لمكانك ومكان أخيك. فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله: كذلك هو، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على ملك الموت فيقول: يا ملك الموت استوص بوصية الله في الاحسان إلى مولانا وخادمنا ومحبنا ومؤثرنا، فيقول له ملك الموت: يا رسول الله مره أن ينظر إلى ما أعد الله له في الجنان، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله: لينظر إلى العلو فينظر إلى ما لا يحيط به الألباب،  ولا يأتي عليه العدد والحساب. فيقول ملك الموت: كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه، وهذا محمد وأعزته زواره؟ يا رسول الله لولا أن الله جعل الموت عقبة  لا يصل إلى تلك الجنان إلا من قطعها لما تناولت روحه، ولكن لخادمك ومحبك هذا أسوة  بك وبسائر أنبياء الله ورسله و أوليائه الذين أذيقوا الموت لحكم الله تعالى. ثم يقول محمد: يا ملك الموت هاك أخانا قد سلمناه إليك فاستوص به خيرا، ثم يرتفع هو ومن معه إلى روض الجنان وقد كشف من الغطاء والحجاب لعين ذلك المؤمن العليل فيراهم المؤمن هناك بعد ما كانوا حول فراشه فيقول: يا ملك الموت الوحي الوحي،  تناول روحي ولا تلبثني ههنا، فلا صبر لي عن محمد وأعزته، وألحقني بهم، ‹ صفحة 175 › فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه فيسلها كما يسل الشعرة من الدقيق، وإن كنتم ترون أنه في شدة فليس هو في شدة بل هو في رخاء ولذة، فإذا ادخل قبره وجد جماعتنا هناك. وإذا جاءه منكر ونكير قال أحدهما للآخر: هذا محمد وعلي والحسن والحسين وخيار صحابتهم بحضرة صاحبنا فلنتضع لهما  فيأتيان فيسلمان على محمد سلاما مفردا، ثم يسلمان على علي سلاما مفردا، ثم يسلمان على الحسنين سلاما يجمعانهما فيه، ثم يسلمان على سائر من معنا من أصحابنا، ثم يقولون: قد علمنا يا رسول الله زيارتك في خاصتك لخادمك ومولاك، ولولا أن الله يريد إظهار فضله لمن بهذه الحضرة من الملائكة ومن يسمعنا من ملائكته بعدهم لما سألناه، ولكن أمر الله لابد من امتثاله، ثم يسألانه فيقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ومن إمامك؟ وما قبلتك؟ ومن شيعتك؟ ومن إخوانك؟ فيقول: الله ربى، ومحمد نبيي، وعلي وصي محمد إمامي، والكعبة قبلتي، و المؤمنون الموالون لمحمد وعلي وآلهما وأوليائهما المعادون لأعدائهما إخواني، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأن أخاه عليا ولي الله، وأن من نصبهم للإمامة من أطائب عترته وخيار ذريته خلفاء الأمة وولاة الحق والقوامون بالصدق، فيقولان: على هذا حييت، وعلى هذا مت، وعلى هذا تبعث إن شاء الله تعالى، وتكون مع من تتولاه في دار كرامة الله ومستقر رحمته. قال رسول الله صلى الله وعليه واله: وإن كان لأوليائنا معاديا ولأعدائنا مواليا ولأضدادنا بألقابنا ملقبا فإذا جاءه ملك الموت لنزع روحه مثل الله عز وجل لذلك الفاجر سادته الذين اتخذهم أربابا من دون الله، عليهم من أنواع العذاب ما يكاد نظره إليهم يهلكه ولا يزال يصل إليه من حر عذابهم ما لا طاقة له به، فيقول له ملك الموت: يا أيها الفاجر الكافر تركت أولياء الله إلى أعدائه، فاليوم لا يغنون عنك شيئا، ولا تجد إلى مناص  سبيلا، فيرد عليه من العذاب ما لو قسم أدناه على أهل الدنيا لأهلكهم، ثم إذا دلي في قبره رأى بابا من الجنة مفتوحا إلى قبره يرى منه خيراتها، فيقول له منكر ونكير: انظر إلى ما حرمت من تلك الخيرات، ثم يفتح له في قبره باب من النار يدخل عليه منه من عذابها فيقول: رب لا تقم الساعة يا رب لا تقم الساعة. بيان: الضرغام بالكسر الأسد.
2 - تفسير الإمام العسكري عليه السلام: قوله عز وجل الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم  الذين يقدرون أنهم يلقون ربهم اللقاء الذي هو أعظم كراماته، وإنما قال: يظنون لأنهم لا يرون بماذا يختم لهم، والعاقبة مستورة عنهم " وأنهم إليه راجعون " إلى كراماته، ونعيم جنانه، لايمانهم وخشوعهم، لا يعلمون ذلك يقينا لأنهم لا يأمنون أن يغيروا ويبدلوا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له. وذلك أن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علة، وعظيم ضيق صدره، بما يخلف من أمواله، ولما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه وعياله، وقد بقيت في نفسه مرارتها وحسراتها، واقتطع دون أمانيه فلم ينلها، فيقول له ملك الموت: مالك تجرع غصصك؟ قال: لاضطراب أحوالي واقتطاعك لي دون آمالي، فيقول له ملك الموت: وهل يحزن عاقل من فقد درهم زائف واعتياض ألف ألف ضعف الدنيا؟ فيقول: لا، فيقول ملك الموت: فانظر فوقك، فينظر فيرى درجات الجنة وقصورها التي يقصر دونها الأماني، فيقول ملك الموت: تلك منازلك ونعمك وأموالك و أهلك وعيالك، ومن كان من أهلك ههنا وذريتك صالحا فهم هناك معك، أفترضي به بدلا مما هناك؟ فيقول: بلى والله. ثم يقول: انظر فينظر فيرى محمدا وعليا والطيبين من آلهما في أعلا عليين، فيقول: أو تراهم؟ هؤلاء ساداتك وأئمتك، هم هناك جلاسك وآناسك،  أفما ترضى بهم بدلا ممن تفارق ههنا؟ بلى وربي، فذلك ما قال الله تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا فما أمامكم من الأهوال كفيتموها، ولا تحزنوا " على ما تخلفونه من الذراري والعيال، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منهم، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون هذه منازلكم و هؤلاء ساداتكم آناسكم وجلاسكم. 
3 - الحسين بن سعيد أو النوادر: القاسم، عن كليب الأسدي  قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلني الله فداك، بلغنا عنك حديث، قال: وما هو؟ قلت: قولك: إنما يغتبط صاحب هذا الامر إذا كان في هذه - وأومأت بيدك إلى حلقك - فقال: نعم، إنما يغتبط أهل هذا الامر إذا بلغت هذه - وأومأ بيده إلى حلقه - أما ما كان يتخوف من الدنيا فقد ولى عنه وأمامه رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي والحسن والحسين، صلوات الله عليهم.  
4 - الحسين بن سعيد أو النوادر: النضر، عن يحيى الحلبي، عن أيوب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أشد ما يكون عدوكم كراهية لهذا الامر حين تبلغ نفسه هذه - وأومأ بيده إلى حنجرته - ثم قال: إن رجلا من آل عثمان كان سبابة لعلى عليه السلام فحدثتني مولاة له كانت تأتينا قالت: لما احتضر قال: مالي ولهم؟ قلت: جعلني الله فداك ماله قال هذا؟ فقال: لما أري من العذاب، أما سمعت قول الله تبارك وتعالى: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما "؟ هيهات هيهات! لا والله حتى يكون ثبات الشئ في القلب وإن صلى وصام. 
5 - تفسير العياشي: عن عبد الرحيم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إنما أحدكم حين يبلغ نفسه ههنا ينزل عليه ملك الموت فيقول: أما ما كنت ترجو فقد أعطيته، وأما كنت تخافه فقد أمنت منه، ويفتح له باب إلى منزله من الجنة، ويقال له: انظر إلى مسكنك في الجنة، وانظر هذا رسول الله وعلي والحسن والحسين عليهما السلام رفقاؤك، وهو قول الله: الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة".
6 - تفسير العياشي: عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يصنع بأحدنا عند الموت؟ قال: أما والله يا أبا حمزة ما بين أحدكم وبين أن يرى مكانه من الله ومكانه منا إلا أن يبلغ نفسه ههنا - ثم أهوى بيده إلى نحره - ألا أبشرك يا أبا حمزة؟ فقلت: بلى جعلت فداك، فقال: إذا كان ذلك أتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام معه، يقعد عند رأسه، فقال له - إذا كان ذلك - رسول الله صلى الله عليه وآله: أما تعرفني؟ أنا رسول الله هلم إلينا، فما أمامك خير لك مما خلفت، أما ما كنت تخاف فقد أمنته، وأما ما كنت ترجو فقد هجمت عليه،  أيتها الروح أخرجي إلى روح الله ورضوانه، ويقول له علي عليه السلام: مثل قول رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم قال: يا أبا حمزة؟ ألا أخبرك بذلك من كتاب الله؟ قول الله: " الذين آمنوا وكانوا يتقون " الآية. 
7 - مجالس المفيد: علي بن محمد بن الزبير، عن محمد بن علي بن مهدي، عن محمد بن علي بن عمرو عن أبيه، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن الأصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي عليه السلام في نفر من الشيعة وكنت فيهم، فجعل الحارث يتئد في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه السلام - وكانت له منه منزلة - فقال: كيف تجدك يا حارث؟ فقال: نال الدهر يا أمير المؤمنين مني، وزادني أوبا غليلا اختصام أصحابك ببابك، قال: وفيم خصومتهم؟ قال: فيك وفي الثلاثة من قبلك،  فمن مفرط منهم غال، ومقتصد تال، ومن متردد مرتاب، لا يدري أيقدم أم يحجم؟! فقال: حسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط  الأوسط، إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي، فقال له الحارث: لو كشفت - فداك أبي وأمي - الرين عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا، قال: قدك فإنك امرؤ ملبوس عليك، إن دين الله لا يعرف بالرجال بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله. يا حارث إن الحق أحسن الحديث والصادع  به مجاهد، وبالحق أخبرك فارعني سمعك، ثم خبر به من كانت له حصانة من أصحابك، ألا إني عبد الله، وأخو رسوله، وصديقه الأول قد صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقة الأول في أمتكم حقا فنحن الأولون، ونحن الآخرون، ونحن خاصته يا حارث وخالصته وأنا صفوه ووصيه ووليه، وصاحب نجواه وسره، أوتيت فهم الكتاب، وفصل الخطاب وعلم القرون والأسباب، واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب، يفضي كل باب إلى ألف  عهد، وأيدت واتخذت وأمددت بليلة القدر نفلا، وإن ذلك ليجري لي ولمن تحفظ  من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وأبشرك يا حارث لتعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، وعند المقاسمة. قال الحارث، وما المقاسمة؟ قال: مقاسمة النار أقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا وليي فاتركيه، وهذا عدوي فخذيه. ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث فقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي، فقال لي - وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي -: إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل الله وبحجزته - يعني عصمته - من ذي العرش تعالى، وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذ ذريتك بحجزتك وأخذ شيعتكم بحجزكم، فماذا يصنع الله بنبيه؟ وما يصنع نبيه بوصيه؟ خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت - يقولها ثلاثا - فقام الحارث يجر رداءه ويقول: ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني. قال جميل بن صالح: وأنشدني أبو هاشم السيد الحميري رحمه الله فيما تضمنه هذا الخبر: 
قـــــــول علــــي لحـــــارث عـــــجــب                    كم ثم أعجوبة له حمــــــــلا
يا حار همدان من يمــــــت يرني                    من مؤمن أو منافق قبـــــــــلا
يعــــــــرفني طــــــــرفــــــه وأعرفـــــه                     بنعته  واسمــــــه ومـــــا عملا
وأنت عند الصــــــراط تعرفــنــي                    فلا تخف عثــــــــرة ولا زلـــــلا
أسقيك من بــــارد على ظمـــــأ                     تخاله في الحلاوة العســــــلا
أقول للنار حين توقف للعرض                     دعيه لا تقتلي الرجــــــــــــــلا
دعيـــــــــــه لا تقربــــيـــــه إن لــــــــه                     حبلا بحبل الوصي متصلا
 
السؤال الثاني بالفارسية: آيا عقيدة حضور المعصومين عليهم السلام عند الموت أز ضروريات مذهب ما مقدس شيعة خير البرية است يا خير ؟.
 الترجمة بالعربية: هل أن العقيدة بحضور المعصومين عليهم السلام عند الموت من ضروريات المذهب المقدس للشيعة أو لا ؟. 
الجواب: 
     نعم إن عقيدتنا نحن الشيعة الإمامية هي حضور النبيّ وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام على المحتضرين ولم يخالف أحد من المذهب في هذه المسألة، فهي من ضروريات مذهبنا المقدس، وقد دل الإجماع التعبدي على هذا ودلت عليه الأخبار التي فاقت حد التواتر كما أشرنا أعلاه في السؤال الأول، وهو ما اتفق عليه أعلام الإمامية قديماً وحديثاً من دون منازع، وهذه العقيدة وهذا الإيمان بحضورهم ليس منشؤه العاطفة ولا التصور المحض بل هو أمر قام على إثباته الدليل القرآني والنبوي والولوي، من هنا عبَّر عنه الشيخ المفيد رحمه الله بأنه " مما أجمع عليه أهل الإمامة وتواتر الخبر به عن الصادقين عليهم السلام".
  والضروري هو "ما ثبت عند المكلف يقيناً كونه من الدين ولو بالبرهان حتى ولو لم يكن مجمعاً عليه" وبناءً عليه فإن مسألة حضور النبي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام تكون داخلة في باب الضروريات الدينية التي دلت عليها الأخبار القطعية، فالمنكر له يدخل في سلك الكافرين إلا إذا كان إنكاره لشبهة وأنكر عليه العلماء وأرشدوه إلى الأخبار ولكنه أصر في اللجاج والإنكار فساعتئذٍ يكون خارجاً من الدين ويعامل معاملة الكافرين بولاية آل محمد عليهم السلام..بل نترقى في الدليلية أكثر فنقول: أن كل فرد يستخف في الفضائل والكرامات والظلامات لأهل البيت عليهم السلام هو خارج من الدين بعد إلقاء الحجة عليه، ولنا في ذلك أدلة من الأخبار الصحيحة وهي كثيرة منها ما رواه في تحف العقول عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام في حديث معنى الكفر:" فمعنى الكفر كل معصية عصى الله بها بجهة الجحد والإنكار والإستخفاف في كل ما دق وجلَّ ففاعله كافر ومعناه معنى كفر من أي ملة كان ومن أي فرقة كان بعد أن تكون منه معصية بهذه الصفات فهو كافر.." وفي الوسائل ج11ص16الباب 5 من أبواب جهاد العدو في خبر حفص بن غياث عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" فهذه السيوف التي بعث الله بها إلى نبيه محمدٍ صلى الله عليه وآله فمن جحدها أو جحد واحداً منها أو شيئاً من سيرها أو أحكامها فقد كفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله". وبهذهين الخبرين وأمثالهما نعرف بأن المناط في الكفر هو إنكار ما عثلِم كونه من الشرع وليس ما كان ضرورياً لأن الجحود لشيء من الفضائل والكرامات والمعاجز والظلامات هو في الواقع إنكار لولايتهم التكوينية والتشريعية التي دلت الآيات والأخبار على ثبوتها، كما أنها إنكار لمراتبهم التي رتبهم الله تعالى بها وإنكار لحقهم الشريف الذي أمر الله تعالى بإتباعه والدعوة إليه...فكل هذه الأمور توجب الإعتقاد بكل ما صدر منهم من آيات ودلالات يشهد عليها الملائكة المقربون والأنبياء والصالحون فإنكارها يوجب إنكار حقهم وولايتهم كما اشرنا وفي ذلك جحود لهم كما علّمنا مولانا الإمام المعظم عليّ الهادي صلوات الله عليه في زيارته الجامعة الكبيرة الشريفة:(  وبرئت إلى الله عزّ وجلّ من أعدائكم ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم الجاحدين لحقكم والمارقين عن ولايتكم الشاكين فيكم المنحرفين عنكم) وقال في مقطع ىخر شريف:( ومن جحدكم كافر ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم..) فكل من لم يقبل من روايتهم فهو لا يقبل عنهم وبالتالي فهو جاحد لهم ولكراماتهم ومناقبهم، ومهما بدل المشككون بتوجهاتهم لإنكار الفضائل فلا يفلتون من الحكم عليهم بالكفر لأنهم لا يستطيعون إنكار الفضائل مباشرة ولكنهم يشككون بمقدماتها فيدعون بأنها لا تقبلها العقول أو أنها مستحيلة عقلاً..ومهما بدَّلوا بالعناوين فإن أحكام الكفر تلحقهم حيثما داروا وتوجهوا... ونحن نفتي للمؤمنين بكفر كلّ من تطاول ـــ بالإنكار والإستخفاف والإستهزاء ـــ على كرامات ومعاجز وظلامات ومعارف أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل والعاقبة للمتقين.
السؤال الثالث: اكر شخصي أز روايات واردة در بارة حضور النبي والائمة عليهم السلام عند الموت را غير عقلي وبي بنياد كفت همة روايات را إنكار كرد در بارة منكر عقيدة حضور الأئمة عند الموت حضرت عالي فرمود آيا از دائرة تشيع خارج است يا نه ؟.
الترجمة بالعربية هي التالي: وإذا أنكر شخص الروايات الواردة في حضور النبي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام هل هو خارج من دائرة التشيع أو لا ؟.
الجواب:
     قلنا في جواب السؤال الثاني إن الإعتقاد بحضور النبيّ الأعظم وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام على المحتضرين مما قام على إثباته الأخبار القطعية والإجماع التعبدي القائم على تلكم الأخبار والاخبار الأخرى المفسرة لطهارتهم ولولايتهم وإطاعتهم في الكتاب الكريم، ودلالات تلك الأخبار ضرورية الثبوت والإعتقاد عندنا نحن الإمامية، فإنكارها وجحدوها وجحود هذا الإجماع التعبدي  يوجب خللاً في الإيمان والعقيدة بل الظاهر عندنا خروجه من المذهب بسبب إنكاره للأخبار القطعية التي فاقت التواتر، ورد الأخبار يوجب الرد على الأئمة الطاهرين عليهم السلام، والرد عليهم هو الكفر بعينه لإستلزامه الرد على الله تعالى والرد على رسوله بل إن نفس الرد عليهم حتى ولو لم يستلزم الرد على الله تعالى ورسوله يوجب الكفر باعتبارهم الحجج الربانيين لله تعالى فإنكار ما صدر منهم يعني إنكار ما أخذوه من الله تعالى لأنهم سفراء مصطفين أخيار لا ينقولون إلا ما أمرهم الله تعالى به بالإضافة إلى أن نفس حضورهم داخل في باب ولايتهم التكوينية والتشريعية التي دل الدليل والبرهان القرآني والنبوي والولوي على إثباتها.
  والخلاصة: إن رد الأخبار المتواترة الدالة على حضورهم عند الموت على المحتضرين يوجب الخروج من الدين بأدلة ثلاثة:
(الدليل الأول): إن إنكار الحضور المبارك يستلزم إنكار ولايتهم المقدسة.
(الدليل الثاني): إنكار الحضور يستلزم إنكار معاجزهم المقدسة وكراماتهم.
(الدليل الثالث): إنكار الحضور يستلزم إنكار الأخبار المتواترة وهو كفر بالأخبار النازلة على رسوله الكريم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، بل الرد يعتبر توهيناً لهم ولمنازلهم وإستخفافاً بهم والعياذ بالله تعالى.
  ومع هذا الإجماع والإتفاق على مسألة حضورهم الشريف على الموتى نجد من يشكك في هذه المسألة الواضحة  كوضوح الشمس لما فيها من نصوص قطعية تشهد على الحضور المبارك لهم وأيده الوجدان ولا حجة عند هؤلاء المشككين سوى مجرد الإستبعاد العقلي، فينكره ويشكك في صحته بدعوى واهية سنبيّن وهنها وضعفها،وها نحن نستعرض دعواه مع الرد عليها.
[دليل المستبعد والإيراد عليه]
بعض الشواذ من الإمامية ــ وهؤلاء هم طائفة من المشككين النواصب في الطائفة الشيعية قد انتشروا في قواعدنا الشيعية بفعل إيحاءات أشعرية يقودها حزب الدعوة اليوم وهوحزب انبثق عن حزب الإخوان المسلمين في مصر وهما من خندق واحد ومن طينة واحدة ونحن نحذر المؤمنين منهم لا سيما من حزب الدعوة وأفكاره العامية الأشعرية ـــ أنكروا حضور النبيّ وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين لا لشيءٍ سوى أنهم لم يقدروا على تحمل تلك الكرامة والمعجزة للنبي وآله فتمسكوا بدعوى أن حضورهم خلاف العقل والحس، حرصاً منهم على أن لا يكشف أمرهم الذي يبطنون وهو ميلهم إلى المخالفين بإنكارهم لكرامات آل محمد مع أن لإنكار حضورهم المقدس على المحتضرين جذوراً في العصور الفائتة في عهد الشيخ المفيد وأيام المحدث المجلسي رحمهما الله تعالى حتى أن الشيخ المفيد ذهب في كتابه "أوائل المقالات" إلى الإعتقاد بحضور ثمرة الولاية لا نفس أعيان أو صور أهل البيت عليهم السلام، فهو لم يتمكن منرد الأخبار بل إنه قام بتأويلها إلى القول بثمرة الولاية وعدمها وهو ــ على فرض صدوره عنه واعتقاده به ـــ غريب صدوره منه وتقصير بحق النبي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام وكما قال المجلسي وكأنه يغمز بقناة المفيد بأنه "ليس من طريقة الأخيار ".
  والعجب من الشيخ المفيد بأنه يعترف بوجود إجماع على حضور النبي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ويدعي الإجماع على المسألة وفي ذات الوقت يؤول حضورهم بثمرة الأعمال وينكر على من اعتقد بحضور اعيانهم عليهم السلام مع أن الغطلاقات في الروايات واضحة لذي عينين فلا يمكن صرفها إلى ثمرة الأعمال بل هي نصوص صريحة في حضورهم بأعيانهم أو على أقل تقدير حضورهم بصورهم المثالية ولا نحتمل حضور الملائكة بصورهم لأنهم يتكلمون مع المحتضر بعنوان أن المتكلم مع المحتضر هو رسول الله وآله الطيبون الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين، ولا يصح أن ينسب الملائكة أنفسهم إلى أنهم النبي وأهل بيته بعنوان كونهم النبي وأهل بيته، ولو أنهم قالوا نحن مأمورون من النبي وآله لكان سهلاً وجائزاً...وبالتالي فإن ما توهمه المفيد خطأ محض ومخالف للأخبار وتقصير بحق النبي وآله إذا ثبت بأن المفيد كان يعتقد بما ورد في كتابه اوائل المقالات. 
  واما دعواهم على إنكار حضور النبيّ وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام على المحتضرين بأنه خلاف الحس والعقل فتعتمد على ثلاثة دعاوى:
(الدعوى الأولى): إننا نحضر مواطن المحتضرين ولا نرى عندهم أحداً من الاولياء المطهرين عليهم السلام.
(الدعوى الثانية): إن الحضور مستحيل باعتبار أنه يمكن أن يتفق في آنٍ واحد قبض أرواح الآلاف من الناس في مشارق الأرض ومغاربها، ولا يمكن حضور الجسم في زمان واحدٍ في أمكنة متعددة.
(الدعوى الثالثة): لا يصح الحضور لأن نوعية تركيب جسم النبي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام هي من الماديات الكثيفة تمنع من رؤية الأجسام الشفافة الرقيقة كأجسام الملائكة، فيمكن للمحتضر أن يرى الملائكة ولا يرى النبي وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام، فجائز أن يراهم المحتضر ببصره فيزيد الله تعالى في شعاعه ما يدرك به أجسامهم الشفافة الرقيقة..وهذا الوجه هو للشيخ المفيد في كتابه أوائل المقالات باب القول في رؤية المحتضر للملائكة ووافقه عليه السيد المرتضى في كتابه الرسائل المجموعة الأولى ص281 بتقرير : أن الله تعالى يخبر المحتضر ويبشره إذا كان من أهل الإيمان بما له من الحظ والنفع لموالاته وتمسكه بمحمد وعليّ عليهما السلام فكأنه يراهما وكأنهما حاضران عنده لأجل هذا الإعلام، وكذلك إذا كان من أهل العداوة فإنه يعلمه بما عليه من الضرر بعداوتهما والعدول عنهما" وقرره عنه أيضاً صاحب البحار بتقرير آخر هو "أن حضورهم وتكلمهم يكون على نحو الإستعارة التمثيلية"..ثم استنكر عليه وعلى أستاذه الشيخ المفيد بإيجاز بأن مثل هذه تأويلات رد للأخبار وطعن في الآثار .
[ردودنا العلمية الكلامية على الدعاوى المتقدمة]:
ردنا على الدعوى الأولى بوجوه هي الآتي:
(الوجه الأول): إن الله تبارك شأنه قادرٌ على أن يحجب النبيّ وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام عن أبصارنا لضربٍ من المصلحة، فكما أنَّ الله تبارك شأنه حجب عن أبصار المشركين شخص النبيّ الأعظم محمد صلى الله عليه وآله عندما خرج من داره والحراس واقفون على بابها مع أن أولياءه يرونه..خرج النبيّ الأكرم صلى الله عليه وىله وهو يقرأ قوله تعالى( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً) فالمشركون لم يروا النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله في حين أن وليَّه الأعظم أمير المؤمنين عليّ عليه السلام كان يراه، فمن كان قادراً على حجب النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وآله عن المشركين ولم يحجبه عن الأولياء المقربين مع إشتراكهم في السنخية المادية، فكذلك هو قادر على أن يحجب أبصار الحاضرين لمشاهدة المحتضر عن مشاهدة النبيّ وأهل بيته، وإنكار أمثال ذلك يفضي إلى إنكار أكثر معجزات الأنبياء والأوصياء والأولياء المقربين عليهم السلام.
  والحاصل: إن عدم رؤيتنا لحضور النبي وآله على المحتضر لا يستلزم كونه خلاف العقل والحسن إذ إن الكثير من الماديات لا نراها مع كونها موجودة، فعدم رؤيتنا لها لا يعتبر خلاف الحس والعقل.
(الوجه الثاني): أنَّه يمكن أن يكون حضورهم الشريف بجسد مثالي لطيف لا يراه غير المحتضر كحضور ملك الموت وأعوانه، وكونهم في جسد مثالي هو ما أكدته الأخبار في سائر الموتى بأن الله تعالى يدخل أرواحهم في أجساد مثالية في البرزخ وتبقى أجسامهم الأصلية في القبر، هذا بالنسبة إلى الأموات من أهل البيت عليهم السلام وأما الحيّ منهم فلا يبعد تصرف روحه لقوته في جسد مثالي.
(الوجه الثالث): ليس مستحيلاً بأن يخلق الله تعالى لكلِّ واحدٍ منهم صلوات الله عليهم أجمعين مثالاً على صورته، وبهذه الأمثلة والصور يكلمون الموتى ويبشرونهم من قبلهم بالجنة، فهي صور بلا أرواح، والتعبير بالتمثيل ورد في بعض الأخبار كما في رواية سدير الصيرفي: قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك يا بن رسول الله هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ قال: لا واللهِ إنه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك فيقول له ملك الموت: يا وليّ الله لا تجزع فوالذي بعث محمداً صلى الله عليه وآله لأنا أبر بك واشفق عليك من والد رحيم لو حضرك، إفتح عينيك فانظر قال: ويمثل له رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم عليهم السلام،...".
  ملاحظة هامة: ليس كل حضورهم بأجساد مثالية حتى يكون هذا الخبر وأمثاله قاعدة مطردة في حضورهم الشريف، بل إن حضورهم تارة يكون بجسد مثالي بمعنى أن أرواحهم الشريفة تكون في قالب مثالي فيكون حضورهم حقيقياً لا صورياً، وأخرى يكون حضورهم بالمثال والصورة من دون وجود روح فيها، وهذا الوجه قد اختاره صاحب البحار ولكنه وجه تبرعي ليس عليه شاهد من رواية وما ادعاه المجلسي من وجود أخبار تؤيده مستشهداً بخبر سدير وأمثاله لا يدل على مطلوبه، وذلك لأن لفظ "ويمثل" يفيد حضورهم بأرواحهم الموجودة في أجسادهم المثالية أو أن أرواحهم تتصرف بالأجسام المثالية كتصرف الشمس بخطوطها الوهاجة التي تبلغ البليارات من الخطوط الإشعاعية المهيمنة على العوالم التكوينية التي تشرق عليها..فتأمل.
(الوجه الرابـــع): أنَّه ترتسم صورهم الشريفة في الحسّ المشترك الموجود في الحافظة عند الرائي بحيث يشاهدهم المحتضر ويتكلم معهم كما في المبرسم الذي يرى صوراً يظنها حقيقة وواقعاً.
  هذا الوجه لا يمكن القول به لبعده عن سياق الأخبار، وهو تأويل بارد يعتبر رداً للأخبار وطعناً في الآثار.
  ردنا على الدعوى الثانية بوجهين هما الآتي:
(الوجه الأول): إن النبيَّ وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام كالشمس يراها جميع الخلق وهي واحدة في كبد السماء، فالكل يقولون رأينا الشمس في آن واحد من دون أن يكون ذلك مستحيلاً بحكم الوجدان والضرورة، وهكذا النبي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام يحضرون على آلاف الحالات من المحتضرين في آن واحد في مشارق الأرض ومغاربها من دون أن يكون في ذلك إستحالة قياساً على رؤية الملايين من الناس للشمس في آن واحد.
(الوجه الثاني): يمكن حضورهم عليهم السلام في الأجساد المثالية كثيرة بعدد المحتضرين بسبب ما أعطاهم الله تعالى من القدرة الكاملة التي بها امتازوا عن سائر البشر.
ردنا على الدعوى الثالثة بالوجوه الآتية:
  (الوجه الأول): ليس المانع عن الحضور هو كثافة الجسم بل هو الكثافة الروحية، أي إن المانع إنما هو من حجب أنفسنا وليس من كثافة أجسامنا وإلا فكيف كان النبيّ وآله يرون الملائكة في كل أحوالهم فلم تكن أجسامهم مانعة عن الرؤية لأن أرواحهم شفافة بواسطتها تتم الرؤية بالبصر. 
 (الوجه الثاني): إن الرد على هذه الدعوى كالرد على دعوى أن حضورهم عليهم السلام عبارة عن إرتسام صورهم في الحس المشترك أي أن هذا التأويل يعتبر نسفاً للأخبار وطعناً فيها فلا يُبقي لأخبار أهل البيت عليهم السلام عيناً ولا أثراً.
 (الوجه الثالث): إن القول بالإستعارة التمثيلية هي نوع مجاز لا يجوز الذهاب إليه مع إمكان الحمل على الحقيقة وهو ــ حضورهم الشريف مع تكلمهم مع المحتضرين  ـــ ما أشارت إليه الأخبار، ومجرد وجود لفظ يدل على التمثيل لا يكون صارفاً لظواهر الأخبار الأخرى عن ظاهرها إلى معنى آخر بعيد عنها. 
  هذا ما حضرنا من إشراقات الحجج الطاهرين عليهم السلام للنقض والإيراد على الدعاوى المتقدمة، وبما أبرمناه يتضح بطلان تلكم الدعاوى فيثبت نقيضها وهو حضور سادة الورى وسفن النجاة على المحتضرين وهو من شؤونهم الخاصة وكراماتهم ومعاجزهم الباهرة صلوات الله عليهم أجمعين فلم تكن لأحدٍ من الأنبياء والمرسلين والأولياء المقربين سوى لجدهم ولهم صلوات الله عليهم، وما ذلك إلا لأنهم زبدة الخلق والحجج على أهل الدنيا والآخرة والأولى، فلعن الله تعالى ظالميهم وأنكر وشكك بفضائلهم ومعاجزهم وكراماتهم بحق الحق والقائل بالصدق محمد وآله الطيبين الطاهرين عليهم السلام..والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل، والسلام عليكم ورحمته وبركاته ونسألكم الدعاء.
 
 حررها كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد عبدهم محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 6 ذو القعدة 1433هــ.

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=590
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 10 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29