• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : قاعدة لا ضرر ولا ضرار تشمل الضرر النفسي والجسمي .

قاعدة لا ضرر ولا ضرار تشمل الضرر النفسي والجسمي

الإسم:  *****
النص: بسمه تعالى
الهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن اعدائهم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف احوالكم شيخي ؟

كنت أريد منكم رساله أو بحث تفصيلي في ( لا ضرر ولا ضرار ) حيث أن هذه القاعدة - في نظري القصير - ليست منضبطة حيث أن الضرر هنا قد يكون نفسي أو جسماني .
فلماذا جل الفقهاء يطبقونها على الصرر الجسماني ؟

وأيضا الضرر شئ نسبي , فعلى سبيل المثال : ( التدخين ) هو به ضرر ولكن نسبي , فقد يتضرر المدخن أو لا . فهل تحريم التدخين يكون بناءا على هذه القاعدة ؟ وكيف وهي على أرض الواقع لا يتضرر منها كل مدخن , فلا تلازم بين الضرر والحرمة .

خلاصة سؤالي : ما الدليل على أن كل ضار فهو حرام ؟

وفقكم الله لنصرة المذهب

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموضوع الفقهي: قاعدة لا ضرر ولا ضرار تشمل الضرر النفسي والجسمي.
بسمه تعالى

 

السلام عليكم
    الضرر والضرُّ بمعنى واحد وهو الشدة والضيق وسوء الحال أو النقصان يدخل في الشيء أو هو ضد النفع،  وأما الضرار فهو إدخال الضرر على الغير، والفرق بين الضرر والضرار هو أن الضرر متعلق بذات الشخص الذي يدخل الضرر على نفسه، والضرار متعلق بشخصين المضار والآخر المتضرر منه كما هو الحال في قصة سمرة بن جندب وإضراره بالأنصاري، والمراد من نفي الضرر هو نفي السبب الموجب للضرر وليس رفع نفس الضرر لأنه لا يمكن رفع الضرر من الوجود، فالضرر موجود حيثما حلَّ الموجود البشري ولكن المطلوب هو رفع الأسباب الموجبة للضرر والإضرار، وقاعدة(لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) عامة تشمل وجوب الإجتناب عن كلِّ ضرر مظنون الحصول سوآء أكان مادياً أم معنوياً أم نفسياً أم روحياً، فمطلق إلحاق الضرر بواحد من هذه الموارد يعتبر حراماً شرعاً، وإستعمال الفقهاء للقاعدة في الضرر الجسماني دون النفسي في بعض الأحيان لأجل أن الجسماني كثير الحصول عند الناس بخلاف النفسي، مع أن عدم إستعمالهم للقاعدة في النفسي لا يستلزم إنحصار القاعدة في الجسماني، والمتدبر والمتأمل في قصة سمرة بن جندب الذي باع بيته للأنصاري إلا شجرة في داخل الدار يريد سقيها واشترط على الأنصاري السماح له بذلك كلما جاء، فقام يدخل على الأنصاري من دون إستئذان فكان يرى حلائله بلا حجاب، فتأذى الأنصاري منه وأنكر عليه فعله، فاعترض سمرة بأنه يحق له الدخول إلى داره ليسقي شجرته ... فالشاهد هنا أن الإضرار هنا نفسي وليس مادياً، فمورد التشريع في حرمة الإضرار هو نفسيٌّ، فالعجب ممن يدّعي كونه منحصراً في الماديات وينسب إلى الشيعة الإمامية حصرهم الضرر والإضرار بالماديين دون النفسيين..! وبحدود إطلاعنا لم نسمع أحداً من أعلام الإمامية يحصر الضرر بالمادي دون النفسي، فالنسبة إليهم غير صحيحة لأنهم مجمعون على حرمة الضرر والإضرار بشقيه النفسي والمادي.
  وعلى كلِّ حال: الظاهر من لفظ الضرر لغةً وعرفاً وشرعاً هو النقص في مال المتضرر أو عرضه أو نفسه أو في شيءٍ من شؤونه بعد وجوده أو بعد وجود المقتضي القريب له بحيث يراه العرف موجوداً.... وأما سؤالكم حول الضرر النسبي كالتدخين فكلامنا ليس حول الضرر النسبي وإنما يدور مدار حصول الضرر الشخصي من أي جهة صدر، فالعبرة بحصول الضرر الكثير أو مظنونه، فكل فرد يظن من نفسه حصول الضرر يجب عليه إجتنابه، وأما التدخين فهو كثير الضرر بنظرنا وليس كما تصورتم بأنه نسبي لأن أغلب المدخنين يتضررون ولكن ضررهم تارة يكون سريعاً وأخرى يكون بطيئاً تظهر عوارضه بعد سنين لا سيما الأمراض السرطانية في الرئة والبلعوم والحنجرة واللثة والإمعاء والمعدة والمثانة، فأغلب السرطانيات في الجهاز الهضمي وتوابعه سببه التدخين بشهادة الأطباء من أهل الخبرة في الطب، فجعله نسبياً فيه شيء من التهور في الدعوى..!! ونحن لم نتكل في التشخيص على نظرنا فحسب وإنما اعتمدنا على التشخيص النوعي من قبل الأطباء وما حصل عند أغلب من نعرفهم من المدخنين، ونحن رأينا في التدخين هو الحرمة بشرطين: بلع الدخان، وأن يكون إسرافاً، فإذا لم يبلع المكلَّف ولم يصل إلى حد الإسراف فلا مانع منه وإن كان الأحوط تركه، كما أوضحناه في بعض أجوبتنا فليراجع على الموقع.  
  وأما دعوى عدم وجود تلازم بين الضرر والحرمة فهي تهور آخر كيف لا ؟ وقد ربط رسول الله صلى الله عليه وآله الضرر بالحرمة في القاعدة المسنونة (لا ضرر ولا ضرار) أي لا يجوز للمؤمن أن يدخل الضرر إلى نفسه أو إلى جسمه، نعم يراد من الضرر المحرم هو الضرر الفاحش المؤدي إلى المرض أو الذي يزيد المرض، ولا يراد منه الضرر البسيط الذي لا يؤثر على الصحة أو النفس إذ لا يخلو إنسان من إلحاق الضرر البسيط إلى جسمه أو نفسه.
  وأما جوابنا على سؤالكم الكريم عن الدليل على أن كل ضرر حرام ــــ وبالطبع نقصد الضرر الكثير المعتد به عند العقلاء وليس القليل الذي لا يخلو منه إنسان، فهو خارج عن موضوع البحث، ــــ فالدليل على حرمته هو عموم قوله تعالى(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، حيث إن الله تعالى نهى المؤمن عن إدخال نفسه في التهلكة، ومن موارد التهلكة إدخال الضرر على النفس وإضرار الآخرين، فالضرر والإضرار هما من أبرز مصاديق التهلكة المنهي عنها في الآية الكريمة، فالتهلكة هي إدخال الضرر الشديد على نفس أو جسم الإنسان فيؤدي به إلى المرض أو الموت، وكذلك قاعدة نفي الضرر التي هي مورد سؤالكم، وكذلك الأخبار الأخرى الدالة على حرمة إدخال الضرر على النفس والجسم، فالمسألة من الضروريات في الفقه الشيعي لا تحتاج إلى براهين كثيرة وإستدلالات عميقة...والله تعالى الموفق للصواب وهو حسبي ونعم الوكيل، ودمتم في عافية وخير والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
 

حررها العبد الفقير إليه تعالى المحتاج إلى وليّه الأعظم الحجة بن الحسن عليهما السلام /محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 6 ذي الحجة 1433هــ.


 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=631
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 10 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16