الإسم: *****
النص: السلام عليكم سماحة الشيخ
أجبتم عن سؤال أحد الاخوة بخصوص ان القرآن بغير أهل البيت ع يعتبر كتاب ضلال بالتالي:
فقد اشترط النبي الأكرم صلى الله عليه وآله التمسك بالإثنين: الكتاب والعترة من دون فصلٍ، ويكفي العترة صلوات الله عليها من دون الرجوع إلى الكتاب وذلك لأن الوصول إلى الواقع قد تم عبر العترةن وغنما ربط النبي الأكرم صلى الله عليه وآله العترة بالكتاب حتى لا يقال بأن النبي يريد من المسلمين الإنفصال عن الكتاب باعتباره كتاباً منزلاً على نبيه ليبين للناس ما اختلفوا فيه، ويكون قوله وآله مستنداً إلى كتاب الله تعالى ككتاب سماوي فيه التشريعات العامة المرتبط فهمها ببيان النبي وآله
و عندي ملاحظتين على هذا الجواب أرجو ان يتسع صدركم لهما:
1- الرسول ص امر بالتمسك بالاثنين و انهما لن ينفصلا ، فالقول ان العترة وحدها تكفي يجعل قولا(قول) الرسول ص(صلى الله عليه وآله) لغوا و العياذ بالله.
2- العترة اخبرونا بوجوب الرجوع الى القران لترجيح الروايات الواردة عنهم و بالتالي لا يمكن الاكتفاء بالعترة و هذا ما تقومون سماحتكم به عن ترجيح الاخبار.
فالمحصلة انه يجب التمسك بالكتاب و العترة معا
و شكرا
الموضوع العقائدي: لا يكفي الكتاب الكريم دون الرجوع إلى النبي الأعظم والعترة الطاهرة سلام الله عليهم بل النبي والآل أهم من الكتاب لأن معرفة الكتاب مشروط بهم..
بسمه تعالى
السلام عليكم
نعم القرآن الكريم من دون العترة لا يكون كافياً في الهداية إلى المعارف الإلهية الحقة بسبب المجملات والعمومات التي فيه كما سوف نبيِّن لكم وكما بينا سابقاً بأن عمر اكتفى بالكتاب وترك النبي والعترة فهل تراه اهتدى... وبالتالي فإن الإنفصال عن العترة يستلزم الإنفصال عن الكتاب الذي لا يُعرف بحقيقته إلا بالعترة الطاهرة سلام الله عليها وهذا يعني بالضرورة العقلية والشرعية عين الضلال والكفر؟! إن كنت ترى أنه اهتدى فقد كفرت بالسنة الشريفة المتمثلة بأقوال النبي والعترة عليهم السلام لأنه لم يهتدِ بالقرآن وقال مقالته الشهيرة: حسبنا كتابُ اللهِ"، وإن قلتَ أنه لم يهتدِ فقد صدقت وصدقت بما قلنا بأنه لا يمكن الهداية من دون الرجوع إلى العترة...ونحن لم نسمع أحداً ممن استبصروا بأن استبصارهم كان من خلال القرآن لوحده بل ضموا إليه أخبار السنة الشريفة بما يحفظونه من أخبار رويت في مصادرهم تشيد بفضل العترة الطاهرة عليها السلام، فضموا تلك الأخبار إلى بعض الآيات النازلة بحقهم فكانت النتيجة أنهم اهتدوا من خلال الأخبار التي حسمت لهم الموقف اتجاه الآيات المجملة في مرادها أو الواضحة بنظر الشيعة من خلال القرائن النبوية إلا أنها متشابهة أو مجملة بنظر العامة فلا تفي بالمراد على تفضيل العترة سلام الله عليها...
ونحن لم نلغِ والعياذ بالله تعالى دور القرآن الكريم عن التشريع بل كان مرادنا من قولنا" أن التمسك بالعترة يغني عن الكتاب الكريم" هو أن رجوع الناس إلى المعصوم عليه السلام يكفي من دون الرجوع إلى الكتاب باعتبار أن أهل البيت عليهم السلام قرين الكتاب والناطقين به ونحن لا نعرف حقيقة الكتاب.. فما يقولون سلام الله عليهم موافق للكتاب فلا داعي لمن أخذ عن المعصوم أن يراجع الكتاب ليرى إن كان قول المعصوم موافقاً للكتاب أو لا وإلا فإنه بذلك لا يكون معتقداً بكون المعصوم حجة من الله تعالى على عباده.... وهل وجدتم أحداً من أصحاب الأئمة الطاهرين سلام الله عليهم رجع إلى الكتاب بعد أمر الإمام له بقول أو فعل..؟؟!!! ولو جاءك الإمام الحجة عليه السلام وأمرك بأمر فهل كنت تطلب منه مصدر الحكم من الكتاب..؟! أم أنك تسلّم بما أمر الإمام عليه السلام باعتبار أنه عديل الكتاب بل هو أشرف من الكتاب لأن الكتاب صامت والإمام ناطق ، والناطق أهم من الصامت لأن الصامت يبقى صامتاً ما لم يوضحه المعصوم عليه السلام وينطق بحقائقه المستةرة عنا، وقد أشرنا إلى ذلك في جوابنا في المسألة التي لم تعجبك فالعجب كيف أخذتم ببعض كلامنا ولم تأخذوا بالبعض الآخر المكمِّل له والمفسِّر لمعناه...!
فأنت لا يمكنك أن تأخذ الحكم الشرعي من الكتاب بحجة أن الكتاب عديل الأئمة عليهم السلام وذلك لأن العامي غير متمكن من فهم الكتاب بكل مجملاته وعموماته وناسخه من منسوخه ومتشابهه من محكمه كما أشرنا في جوابنا في ذلك الإستفتاء الذي نظن أنه لك وليس لغيرك....! فالعامي لا يقدر على إستنباط الحكم الشرعي من الكتاب والسنة بل عليه الرجوع إلى المجتهدين الورعين القادرين على ذلك من الكتاب والسنة معاً أو من السنة فقط وبهذا قامت سيرة المتشرعة، فالفقيه قد يستنبط حكماً من الأخبار مع عدم وجود آية ظاهرة تؤيد مطلوبه فلا يعني هذا أنه قد ترك أو هجر الكتاب الكريم بل إنه عمل بالأخبار لما يئس من الحصول على المراد من الآيات بسبب إجمالها وتشابهها، ولا أحد يعتقد بأن الفقيه هجر الكتاب ــ كما تصورته فينا وأخذته ممسكاً علينا للتشهير بنا والإنتقاص منا بحسب الظاهر عرفاً ــ وهو ما لا نريده قطعاً..كيف ذلك..؟! ونحن طالما أكدنا على الكتاب الكريم لمن يريد الإستدلال على المطالب العلمية ولم ندعِ يوماً ما بأننا أمرنا بهجره والعياذ بالله تعالى..فالرجوع إلى أهل البيت سلام الله عليهم هو بعينه الرجوع إلى الكتاب الكريم حتى لو لم يعلم المكلّف حقيقة الحكم من الكتاب.. بل جلُّ ما قلناه في جواب لنا في استفتاء سابق هو أن المكلف أو الفقيه يمكنه الرجوع إلى السنة أو المعصوم من دون الرجوع إلى الكتاب لأن قول المعصوم مفسذر ومبيذن لمجملات الكتاب، ولا يخدش ذلك بمقام الكتاب الذي وضعه الله تعالى بهذه الكيفية حتى يرجع المكلف إلى المعصوم سلام الله عليه ولا يعني ذلك بالضرورة أننا أمرنا بهجر الكتاب لأن الهجر يتم فيما لو لم يأخذ المكلف من أهل البيت عليهم السلام...وإلا فإن الفقهاء ـــ على قولك ـــ قد هجروا الكتاب لمَّا أخذوا بالأخبار ولم يأخذوا بظاهر آية مجملة أو متشابهة لا تفي بالمراد والبحث في هذا الأمر يعرفه أهل الإختصاص من أعلام الطائفة، فلا تحمل كلامنا على غير حقيقته وواقعه فإن ذلك من شيم المعتدين والله تعالى لا يحب كل معتد أثيم...!.
وأما دعواك بأن«الرسول صلى الله عليه وآله أمر بالتمسك بالاثنين وأنهما لن ينفصلا ، فالقول إن العترة وحدها تكفي يجعل قول الرسول صلى الله عليه وآله لغواً و العياذ بالله » ...فهي فاسدة من أساسها لأن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله لمّا صدع بوجوب الجهر بالتمسك بعترته الطاهرة صلوات الله عليها لم يعنِ ذلك التخلي عنه(والعياذ بالله تعالى من هذا الفهم المنكوس) ذلك لأن الله تعالى فصّل بشكل واضح حقيقة الرسول المبعوث وقد سميت سورة محمد بإسمه كما سماه بإسمه (محمد) في أربع آيات هي التالي: آل عمران 144/ الأحزاب 40/ محمد 2/ الفتح 29. وسماه أحمد في سورة الصف الآية السادسة.
فإسمه لا يمكن إنكاره وتجاهله وهو حجة قاطعة على منكريه ومع هذا كله ادعى عمر بأن الكتاب كافٍ من دون الرجوع إلى النبي والعترة، فوجوب الرجوع إلى النبي منصوص عليه بالكتاب في صريح عدة آيات ظاهرة في كلمة(الرسول ــ رسولي ــ النبي ـــ) بالإضافة إلى وضوح إسمه في تلك الآيات بخلاف العترة الطاهرة عليها السلام فلم تُذْكَر أسماؤهم في الكتاب، فمن هنا وقع الخلاف عليهم حتى جاء النبي الأعظم وعرّف المسلمين على أهل بيته الطاهرين وأنهم العترة الطاهرة وأنهم هم من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وأن أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين هم أولياء الله والحكام على الناس...فهذه آية البلاغ وآية الإكمال مع وضوحها عند الشيعة لم يؤمن بتأويلها المخالفون وينكرون كونها نزلت بحق أمير المؤمنين عليه السلام لأنهم لا يريدون أن يقروا بما قاله النبي الأعظم صلى الله عليه وآله في غدير خم... ولولا النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لما كان أحد عرف آل البيت عليهم السلام إلا النادر من الناس ومن خلال المعاجز التي جرت على أيديهم...!.
فعندما ربط النبي الأعظم صلى الله عليه وآله الكتابَ بالعترة صلوات الله عليها لا يعني ذلك أنه أخرج نفسه الشريفة من وجوب رجوع الناس إليه كنبيٍّ مبعوث من قبل الله تعالى وذلك لأن عامة المسلمين يقرون به كنبيّ مرسل من عند الله تعالى ولا أحد يختلف عليه ولكن الخلاف على عترته لأن الله تعالى لم يسمهم في كتابه إمتحاناً وفتنة ليحيى من حيى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، لذا أشاد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بهم في كل مناسبة كانت مؤاتية له ليكون قوله فيهم حجة على الآخرين فيُعلم الصادق من الكاذب ويُعرف المطيع لرسول الله من العاصي له، وهذا ما دلت عليه الآيات الكريمة الآمرة بوجوب الأخذ منه وترك ما نهى عنه ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فلا غنى عن النبي الأعظم وآله الطيبين الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين في فهم آيات الكتاب الكريم ومن يدّعي أنه يفهم الكتاب من دون تفهيم النبي وآله فقد خرج من دين محمد صلى الله عليه وآله نصاً وإجماعاً.
وأما دعواك بأن:" العترة أخبرونا بوجوب الرجوع الى القران لترجيح الروايات الواردة عنهم و بالتالي لا يمكن الاكتفاء بالعترة وهذا ما تقومون سماحتكم به عن ترجيح الاخبار".
فهي حقٌّ لا نزيح عنه ولكنه مشروط برد الأخبار المفصّلة إلى آيات الكتاب المجملة، فالأخبار تفسّر المجملات ولو كان الكتاب مفصلاً في كل آياته لما احتجنا للرجوع إلى أخبار النبي والعترة سلام الله عليهم، وفائدة الرجوع إلى الكتاب من باب إرجاع المجمل في الأخبار المتعارضة لنرجع الخبر الموافق له ونترك المخالف له وذلك لأن رجوع الفقيه إلى الكتاب إنما هو عند تعارض الخبرين المتكافئين من حيث السند ولكنهما متعارضان من حيث الدلالة، ففي هذه الحال يرجع الفقيه إلى الكتاب المتوافق مع أحد الخبرين المتعارضين بدلالتيهما، فيأخذ الفقيه بالخبر الموافق للكتاب ويدع الآخر المخالف له في حال وجد آية ظاهرة في المطلوب ولا خيار له سوى الترجيح الخبري الموافق للكتاب وإلا فالعرض على أخبار العامة من دون العرض على الكتاب ليأسه من العثور على آية ظاهرة تؤيد المطلوب، وهو معلوم عند الفقهاء قاطبة ولا أحد يشكك فيه ولا يرتاب في مراميه ولا نظنك ترتاب فيما قلنا إلا أن يكون في قلبك مرض ولا تحسن الظن بنا لغاية في نفسك ربنا أعلم بك منا ولو كنا من أصحاب الملايين لما كنت تجرأت علينا بما هو واضح عند الفقهاء والأعلام المحققين ونحن نسألك: هل كنت تعترض على مرجعك فيما لو قال بمقالتنا..؟! ونحن بحمد الله تعالى لم يغمز بقناتنا العلمية أحد من الأعلام المحققين إلا الشواذ من الجهلة المتزيين بزيّ الدين والمتحزبين الذين لا يعرفون الله تعالى ولا يراعون لمؤمن إلاً ولا ذمة...ولا تكن كما قال الله تعالى لا يرقبون في مؤمن إلّاً ولا ذمة وأولئك هم المعتدون والإل والذمة هما القرابة والعهد الإيمانيين... وقل لنا من تقلد لنريك عورات مرجعك الفقهية والعقائدية..! ونحن لا يستفزنا هرطقات الجاهلين بمقدار ما لا نسمح لهم بالتطاول علينا.. والحملات مستعرة علينا من لبنان وخارجه كالسيل العارم فلا تكن(لا قدّر الله تعالى لكم) أحد المسعورين علينا ...ونحن نتأسى بإمام الأحرار مولانا أمير المؤمنين عليه السلام عندما جابهه سعد بن أبي وقاص لما خطب أمير المؤمنين عليّ عليه السلام فقال « سلوني قبل أن تفقدوني» قال له سعد:" كم شعرة في لحيتي؟ فجابهه بالقول:" فواللهِ ما في رأسك شعرة إلا وتحتها ملك يلعنك ولا في جسدك شعرة إلا وفيها شيطان يهزك.." وقد نالنا الأذى العظيم ــ ولا يزال ــ من البتريين الحاقدين علينا بسبب تصدينا لضلالهم فلا تكن أحدهم وساعتئذ الويل لك إن لم نغفر لك... ولا زلنا نحسن الظن بمن أحسن الظن بنا ومن يريد أذيتنا فلنا موعد معه في يوم لا يغني فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والسلام ليكم.
يا قائم آل محمد أغثنا بغياثك يا إمام المظلومين
حررها عبد آل محمد عليهم السلام
محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 8 جمادى الثانية1435هـ.
|