• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : نظرية الوحدة الإسلامية مخالفة للقرآن الكريم وأحاديث النبيّ وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام / القائلون بالوحدة هم من الفرقة البترية / التفسير الواقعي للبترية .

نظرية الوحدة الإسلامية مخالفة للقرآن الكريم وأحاديث النبيّ وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام / القائلون بالوحدة هم من الفرقة البترية / التفسير الواقعي للبترية

الإسم:  *****

النص: 
بسم الله الرحمان الرحيم 

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سماحة المرجع الديني الكبير فقيه عصره العلامة والمحقق الخبير شيخنا محمد جميل حمود العاملي دام ظله الشريف 

أود طرح هذا السؤال للتفضل علينا من علم سماحتكم أدام الله بظلكم الشريف 
 
من أين جاء لنا ما يطلق عليه اليوم (( بالوحدة الإسلامية )) والتي أصبح يعتقد بها الكثير من الناس على أنها من المسلمات التي لا تقبل الجدل ! 

وهل له أصلا(أصلٌ ) في القران(القرآن) الكريم وفي أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام ؟؟ أم أنها تخالف المنهج القرآني والحديثي ؟؟ 
 
خادم سماحتك الأحقر أبو فاطمة 
 
 
الموضوع العقائدي: نظرية الوحدة الإسلامية مخالفة للقرآن الكريم وأحاديث النبيّ وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام / القائلون بالوحدة هم من الفرقة البترية / التفسير الواقعي للبترية.
بسمه تعالى
 
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
     إن جذور ما يسمَّى بالوحدة الإسلامية المزعومة  تعود إلى بداية القرن الثاني للهجرة وعلى وجه التحديد أيام إمامنا المعظم محمد الباقر عليه السلام إبان نشوء الفرقة البترية التي أسسها جماعة من المتظاهرين بالتشيع كسالم بن أبي حفصة والحكم بن عيينة وسلمة بن كهيل وأبي المقدام ثابت الحداد، وهؤلاء الأربعة هم أعمدة الفرقة البترية، وقد كشف عنهم الشيخ الطوسي أعلى الله مقامه في كتابه رجال الكشي فقال:" والبترية هم أصحاب كثير النوا ، والحسن بن صالح بن حي ، وسالم بن أبي حفصة ، والحكم بن عيينة ، وسلمة بن كهيل ، وأبو المقدام ثابت الحداد ، وهم من دعوا إلى ولاية أمير المؤمنين علي سلام الله عليه ثم خلطوها بولاية أبي بكر وعمر ، ويثبتون لهما إمامتهما ، وينتقصون عثمان وطلحة والزبير ، ويرون الخروج مع بطون ولد علي ابن أبي طالب ، يذهبون في ذلك إلى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويثبتون لكل من خرج من ولد علي عليه السلام عند خروجه الإمامة ".
 ويظهر أن المؤسس الأول لفرقة البترية هو الحسن بن صالح بن حي وكثير النوا، وإنما سمّوا بالبترية لأنهم بتروا أمر سيدة نساء العالمين وأهل بيتها الطيبين الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين وليس كما يزعم البعض من دعاة الوحدة اليوم بأن سبب التسمية بالبترية هو لأن كثير النوا كان مقطوع اليد...بل الصحيح تاريخياً أن أعمدة البترية جمعوا بين الولاء لأمير المؤمنين علي عليه السلام وبين الولاية لأعدائه وأعداء سيّدة نساء العالمين روحي فداهما وعليهما السلام، وهو ما كشفت عنه نصوصنا الشريفة التي استعرض جملةً منها الشيخ الطوسي رحمه الله في كتابه رجال الكشي عن سدير ، قال : ( دخلت على أبي جعفر عليه السلام ومعي سلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد وسالم بن أبي حفصة وكثير النواء وجماعة معهم . وعند أبي جعفر عليه السلام أُخوة زيد بن علي عليه السلام،  فقالوا لأبي جعفر عليه السلام : نتولَّى عليّاً وحسناً وحسيناً ، ونبرأ من أعدائهم ؟ .
قال : « نعم » .قالوا : نتولَّى أبا بكر وعمر ، ونبرأ من أعدائهما ؟ قال : فالتفت إليهم زيد بن عليّ عليه السلام ، وقال لهم : ( أتتبرَّؤن من فاطمة ! بترتم أمرنا ، بتركم الله ) فيومئذٍ سمّوا البتريّة ".
   بيان توضيحي : معنى الرواية أنّهم قطعوا حبل ولاية الإمام الأعظم أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وحبل مولاتنا الطاهرة الزكيَّة الصدّيقة الكبرى الشهيدة المظلومة الزهراء البتول سلام الله عليها بولايتهم لعدوّهما لأنّ الله تعالى جعل البراءة جزءاً من الدين كما في كثيرٍ من الآيات والروايات ، ولهذا قدّم في كلمة التوحيد النفي على الإثبات،  وقال تعالى: ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله والْيَوْمِ الآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ الله ورَسُولَهُ ).
وقد روى الشيخ أيضاً في الصحيح عن إسماعيل الجعفي ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : رجلٌ يحبّ أمير المؤمنين عليه السلام ، ولا يتبرّأ من عدوّه ، ويقول : هو أحبّ إليّ ممّن خالفه . فقال : « هذا مُخَلِّط ، وهو عدوّ،  فلا تصلِّ خلفه ولا كرامة ، إلَّا أنْ تتّقيه ».
 الخبر المتقدم واضح في النهي عن الصلاة خلف مَنْ يتولَّى ولا يتبرّأ، فمن تولّى أبا بكر وعمر سواء أكان شيعياً أم سنياً هو العدو الحقيقي للتشيع، فلا تجوز الصلاة خلفه لأنه يشهد علينا بالكفر والضلال فلا يجوز الحكم عليه بالإيمان أو الإسلام وهو ما دل عليه صحيح الحلبي الذي  رواه الصدوق  بإسناده عن محمّد بن علي الحلبي عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام في حديثٍ قال فيه: « لا تصلِّ خلف مَنْ يشهد عليك بالكفر ، ولا خلف مَنْ شهدت عليه بالكفر ».
  والأخبار في كفر المخالفين كثيرة جداً قد فاقت التواتر بعشرات المرات، وقد كشفت عن السبب في كفرهم وهو لأنهم أنكروا ولايتهم وإمامتهم ووالوا أعداءهم  الظالمين لهم والمنتهكين حرمهم وحقوقهم، لذا نعتبر ـــ كما هو حال عامة المحققين من أعلام الإمامية ـــ بكفر أعمدة السقيفة ومن والاهم ولم يتبرأ منهم، ومن هؤلاء الكفرة من يعتقد بالوحدة بين الحق والباطل، الوحدة بين أهل البيت عليهم السلام وبين أعدائهم بتمييع الفوارق الفقهية والعقائدية مموهين على العوام بأنه لا خلاف بيننا وبين بقية الفرق والمذاهب الإسلامية، وهؤلاء في الواقع هم البتريون الذين كشفت عنهم الأخبار الشريفة التي أشرنا إلى جملة منها في جوابنا على سؤالكم الكريم، فالوحدة هي من أعظم البدع المستوجبة للكفر والإرتداد لأنها مخالفة للقرآن الكريم والأحاديث الشريفة....فمن القرآن الكريم قوله تعالى( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) (قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور )( وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور) ( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات) (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة ) ( وما يستوي الأحياء ولا الأموات ).
 والأخبار الدالة على كفر المخالفين تعد بالمئات أخذ بها وعمل بمضمونها عامة فقهاء الإمامية حتى من قالوا بأن المخالف مسلم، فإنهم حكموا بإسلامه ظاهراً إلا أنه كافر في الآخرة بسبب تركه ولاية أهل البيت عليهم السلام وموالاتهم لأعدائهم كأعمدة السقيفة وجحودهم للضروريات القطعية التي دل عليها الكتاب الكريم والسنّة المطهرة...فالقول بالوحدة الإسلامية يستلزم طرح الآيات والأخبار على قاعدة :" قال الله تعالى وأقول " أو " قال الله، والعالم الفقيه يقول "؛ وهو الكفر بعينه باعتباره قولاً في مقابل قول الله تعالى، أو اجتهاداً في مقابل النصوص القرآنية والأخبارية المعصومية، من هنا حكم الله تعالى بكفر من شرّع في مقابل تشريعه عزَّ وجل بقوله تعالى( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون).
 وأتباع الوحدة يريدون إلغاء التكفير عن كلّ منكر للضروريات الدينية القطعية كمسألة الولاية والبراءة وغيرها من القطعيات الشرعية، ويحكمون على المكفّرين لمنكر الضرورة والمبتدع  في أحكام الله سبحانه بالضلال المبين وأنه تكفيري... يكفر كل من خالفه في عقيدته...نعم إن فقهاء الإمامية يكفِّرون كلَّ من خالف أئمتهم الطاهرين عليهم السلام بسبب إنكارهم ضروريات ديننا تماماً كما يكفرنا أئمة الضلالة في كتبهم الفقهية والعقائدية...وها هي كتبهم تشهد على ما أشرنا إليه، وما يقوم به شيخ الأزهر ومشايخ السعودية بموافقة إيرانية لتذويب الفوارق المذهبية والدينية بحجة الوحدة وأن المتعصبين من الشيعة يقفون سداً منيعاً بوجههم لن يكتب لها الحياة بإذن الله تعالى لأن الحق لا يطمس بخط قلم واتفاقية هنا وهناك على حساب التشيع ومعالم عقيدته الحقة...وما يحاوله البتريون من الشيعة أكثر خطراً على التشيع من المخالفين والنواصب الأشعريين، وذلك لما يملكه هؤلاء من سطوة وقوة وأموال وإعلام يجعلهم يفعلون ما يشاؤون ولكن هيهات ثم هيهات أن يترك الله تعالى ثلة من عمائم المدرسة البكرية تتلاعب بمصير التشيع والشيعة...هؤلاء نواصب الشيعة تظاهروا بالتشيع وهم في الواقع عمريون بكريون اندسوا في مجتمعاتنا الشيعية لأجل جرّ الشيعة فكراً وعقيدة وفقهاً وتاريخاً إلى المدرسة البكرية العمرية....فإذا كانت الوحدة الإسلامية لا تقوم إلا على تذويب الفوارق الدينية فلماذا لا يوحدون بين المسلمين وبين اليهود والنصارى والصابئة فيلغون الآيات والأخبار التي تحكم بكفر هؤلاء نصاً وإجماعاً ما دامت الغاية هي توحيد الأمة بشكل عام..؟! وهل أن المقصود من الوحدة الإسلامية أن يقف السنة والشيعة  بوجه المسيحيين واليهود والصابئة ليؤسسوا خلافتهم المزعومة في الشرق الأوسط...؟! وما يدرينا لعلّهم يخرجون علينا يوماً ما ويقولون لنا أن النصارى واليهود وغيرهم ممن ذكرهم القرآن الكريم بأنهم موحدون مسلمون وساعتئذ فليشطبوا على آيات الكتاب الكريم وأحاديث النبي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام من الأساس ويطبعوا لنا قرآناً جديداً ليس فيه ذكر للكفر والكفريات ولا الزندقة والضلالات وليحكموا على فرعون بالإسلام والإيمان وعلى نمرود بالتقوى والإعتدال...!! فإن أجابونا بأن ذلك مستحيل لأن الله تعالى حكم بكفرهم في صريح آياته وكلمات أوليائه..بخلاف تكفير الفرق الإسلامية فإنهم مسلمون، وكل من آمن بمحمد فهو مسلم فلا يجوز تكفيرهم لأجل انتسابهم إلى الإسلام...!.
  جوابنا عليهم: بأن الملاك والمناط واحد عند الجميع فلا فرق في التكفير بين أن يكون على غير مسلم وبين أن يكون واقعاً على مسلم أنكر ضرورة دينية فضلاً عن الضروريات القطعية التي لا تخفى على أحد إلا على وطاويط الليل من عمائم مدسوسة في وسطنا الديني ...ولماذا لا يحكمون على النواصب بالإسلام  مع اتفاقهم على أنهم كفار لا يجوز التزوج منهم ولا تزويجهم ويحكم على ذبائحهم بالميتة ونجاسة الأطعمة والأشربة التي باشروها بأيديهم ...مع أنهم آمنوا برسول الله محمد ويصلون ويصومون ويحجون ويزكون...وكذلك الغلاة...؟! إحكم يا تاريخ واحكموا يا عقلاء....
بعد أن عجزت المدرسة البكرية بكلا فرعيها المصري والسعودي عن استمالة الشيعة إلى صفوفها عمدت إلى تخريج عمائم شيعية في صفوف حوزاتنا الشيعية لتقوم بالدور الموكلة به من التشكيك بعقائد عوام الشيعة وأحكام دينهم وتاريخهم ليسهل النيل منهم وبالتالي إخراجهم من التشيع ودخولهم في السقيفة الجديدة التي يسعى نحوها ثلة من العمائم الرخيصة تبتغي حطام الدنيا بسبب ضعفها العقائدي والولائي، وهؤلاء قد حذرت منهم أخبارنا الشريفة ونهت عن الأخذ منهم والركون إليهم والإعتماد عليهم، فهم أدوات تنفيذية للأزهر المصري ودار الفتوى السعودية، وهؤلاء أعوان أعمدة السقيفة وقطب رحاها في هذا الزمن ولن يتركوا محاولاتهم الدؤوبة بلا ملل ولا كسل بل سيستمرون في جذبهم لعمائم السوء من داخل الطائفة الشيعية، وهم كبني أمية لا يملون من المهادنة والإستمالة والخداع وهو ما نبّه منه أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أهل الكوفة محذراً لهم من أساليب بني أمية في الإستمالة عن طريق النفوس المريضة في صفوف الشيعة، فقال لهم:"  إن الفتن إذا أقبلت شبهت وإذا أدبرت نبهت  . ينكرن مقبلات ويعرفن مدبرات . يحمن حول الرياح يصبن بلدا ويخطئن بلدا . ألا إن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية ، فإنها فتنة عمياء مظلمة عمت خطتها وخصت بليتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطأ البلاء من عمي عنها . وأيم الله لتجدن بني أمية لكم أرباب سوء بعدي . كالناب الضروس تعذم بفيها وتخبط بيدها ، وتزبن برجلها ، وتمنع درها . لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلا نافعاً لهم أو غير ضائر بهم . ولا يزال بلاؤهم حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلا كانتصار العبد من ربه . والصاحب من مستصحبه . ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشية وقطعا جاهلية . ليس فيها منار هدى ، ولا علم يرى نحن أهل البيت منها بمنجاة  ولسنا فيها بدعاة . ثم يفرجها الله عنكم كتفريج الأديم بمن يسومهم خسفا ويسوقهم عنفا ، ويسقيهم بكأس مصبرة لا يعطيهم إلا السيف . ولا يحلسهم إلا الخوف ".
 شاهدنا في عرض كلامه عليه السلام هو قوله الشريف:" لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلا نافعاً لهم أو غير ضائر بهم " ، نعم فإن اتباع السقيفة لن يتركوا الشيعة حتى يرسوا على شيئين: إما أن ينتفعوا من الشيعة فيكونوا في خندقهم وإما أن يُسكتوا المخلصين من علماء الشيعة عن الصدع بالحق ومناهضة باطلهم بالحكمة والموعظة الحسنة....ولن يفلحوا بذلك أبداً مهما تغطرسوا عبر أنصارهم من أحزاب شيعية مناصرة لهم وداعية إلى دينهم، وهو ما وعد به أئمتنا الطاهرون عليهم السلام، وسيبقى في صفوف الشيعة من العلماء المخلصين من يزود عن الطائفة ومعالمها المقدسة من الولاية لأهل البيت عليهم السلام والبراءة من أعدائهم...
  وفي الختام: يجب على المؤمنين ـــ علماء ومتعلمين ـــ أن يقفوا صفاً منيعاً بوجه أولئك المعممين البتريين والنواصب الماكرين من خلال التصدي لهم عبر المواقع الإلكترونية والإعلام المرئي والمسموع وبكل وسيلة متاحة وإلا فإن الجميع معاقبون عند الله تعالى وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين، والسلام.
 
حررها الأحقر محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 22 ربيع أول 1436هـ.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1100
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28