• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : يجوز الجماع في الفرج من الخلف / الأدلة دلت على جواز الجماع في الفرج بأيَّة طريقة كانت يختارها الزوجان إلا ما أخرجه الدليل / الظاهر عندنا حرمة الجماع في الدبر .

يجوز الجماع في الفرج من الخلف / الأدلة دلت على جواز الجماع في الفرج بأيَّة طريقة كانت يختارها الزوجان إلا ما أخرجه الدليل / الظاهر عندنا حرمة الجماع في الدبر

الإسم:   *****

النص: 
هل يجوز الجماع في القبل من الخلف و هل فيه ضرر؟؟؟؟؟
شكرا جزيلا لسماحتكم....
 
 
الموضوع الفقهي: يجوز الجماع في الفرج من الخلف /  الأدلة دلت على جواز الجماع في الفرج بأيَّة طريقة كانت يختارها الزوجان  إلا ما أخرجه الدليل / الظاهر عندنا حرمة الجماع في الدبر .
بسمه تعالى
 
الجواب
السلام عليكم
     الجماع في فرج الزوجة من الخلف جائزٌ شرعاً وعقلاً وعرفاً، ولا يجوز الجماع في الدبر، ونريد توضيح الأمر حتى لا يشتبه المطلب على المكلَّفين فيتوهمون أننا نجيز النكاح في الدبر مع أننا نحرِّمه بمقتضى ما ظهر لنا من الأدلة القرآنية والوَلَوِيَّة المعصوميَّة التي منها خبر معمر بن خلاد الآتي، لذا نقول:
 إتيان المرأة من خلفها في فرجها مما لا ريب في جوازه وحليته بمقتضى قوله تعالى( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) والحرث هنا الجماع في الفرج بأية طريقة كانت عليها المرأة سوآء كانت باركةً على ركبتيها أو منبطحة على بطنها أو نائمة على ظهرها...نعم وردت أخبار تنهى نهى كراهة عن الوطء من قيام لأنه فعل الحمير...فهو مستثنى من الدليل العام الدال على إباحة الجماع بأيَّة طريقة ينتخبها الزوجان.
    وزبدة المخض: المهم هو الوطء في الفرج لا في الدبر، وكلمة" أنّى " في الآية زمانية من جهةٍ، ومكانية من جهةٍ أُخرى، وكونها زمانية يعني انحوهنًّ في كل الأزمنة إلا في زمن الحيض والنفاس، وكونها مكانية يعني انكحوهنَّ من المكان المتعارف عليه بين البشر وهو الفرج لا الدبر بقرينة قوله تعالى في آية أُخرى قوله تعالى(  وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ).
   فقد قيدت الآية الشريفة الأُولى( فأتوا حرثكم أنَّى شئتم ) الجماع في الفرج لأنه هو موضع الحرث الذي أمر الله تعالى بأن يُحرث فيه، فالحرث قرينة على الجماع في الفرج وليس الدبر فإنه ليس موضعاً للحرث أي إنجاب الأولاد... فالأمر بإتيان الحرث هو أمرٌ بإتيانهنَّ من الفرج كما يظهر بملاحظة الآية الثانية ( فأتوهنَّ من حيث أمركم الله ) وقد أمر الله تبارك اسمه الحرث في المكان المخصص للحرث وهو الفرج وليس الدبر، فتكون الآية الثانية موضحة ومؤكدة للآية الأولى وهي الجماع في المكان المخصص للجماع الذي به يتم الحرث والزرع والنسل فلا يكون الدبر موضعاً للتناسل كما هو معلوم لدى العقلاء وإنما الفرج هو موضع الحرث والنسل ....يرجى التامل.
 ومما يؤكد ما أشرنا إليه عند ملاحظة الأمثلة العرفية، فإن المولى إذا أعطى الحَبَّ لعبده وأمره بحرثه أينما شاء فلا يحتمل أن يكون مراده وضعه في أي مكان كان ولو في البحر أو النهر أو الصخر.. بل من الواضح بمكان أن الحرث مختص بموضع قابل للحرث والزرع وليس ذلك سوى الأرض...والأمر كذلك في الجماع فإنه يكون في الفرج لا في الدبر، ولا اختصاص للجماع في الفرج بكيفية معينة بل للزوج أن يختار ذلك من المرأة بموافقتها ورضاها لأنه أوفق للسكينة بينهما حال الجماع لأن المطلوب من الجماع هو طلب اللذة من الطرفين وهما الزوجان، وليس من طرفٍ واحدٍ فقط وإن كانت بعض الأخبار تشير إلى تلبية الزوج رغبة الزوجة في الجماع عند طلبها حتى لو لم يكن الزوج راغباً في ذلك، وكذلك استحباب تلبية طلب الزوج بالجماع وإن كانت الزوجة غير راغبة في ذلك، وهي حالة طارئة لا تلغي الحكم العام أو الحكمة من الجماع وهي طلب اللذة من الطرفين، ولعلَّها ـــ أي اللذة من الطرفين ـــ تتحقق في الحالات الطارئة بمجرد الجماع حتى لو لم يكن عن رغبة عند طرف واحد في البداية، فالأمور بخواتيمها وليست بمقدماتها في بعض الأحيان .
 ومهما يكن من أمر: فإن المقصود من الجماع من الخلف هو أن يكون الجماع من الناحية الخلفية للمرأة في فرجها منبطحةً على بطنها، ولا غبار عليه شرعاً وعقلاً، وهو مساغٌ حتى لو لم يكن هناك أخبارٌ تكشف عن الجواز والصحة، ذلك لأن الفطرة الإنسانية ترغب في اللذة في النكاح بأي طريق كان شريطة أن تكون مأموراً بها شرعاً، وحيث إن الجماع في الفرج من الخلف مما يحقق المراد فلا إشكال فيه من الناحية الفطرية الإنسانية، وهو ما كشفت عنه الأدلة القرآنية والنبويَّة والوَلَويَّة بأوضح بيان، وأكدت على وجوب النكاح في القُبُل ـــ أي الفرج ـــ وليس ثمة آية أو رواية تحدد الاسلوب والطريقة للنكاح في الفرج من الجهة الأمامية للمرأة أي نائمة على ظهرها فحسب، بل الأدلة دلت على النكاح في الفرج بأية طريقة كان الجماع في الفرج، فالشريعة السمحاء تركت الطريقة للمكلّف، وإنْ كان المشهور عند أغلب الناس يتعاطون النكاح من أمام لا من خلف، وهذا لا يعني عدم صحته من خلف، فلا فرق في جوازه بين أن يكون من قدام أو من خلف باركةً أم منبطحةً، وقد يكون الجماع من خلف مستحباً مؤكداً للزوج أن يفعله إذا رغبت المرأة في الجماع من خلف في الفرج، لأن في ذلك ترغيباً للزوج في محبة الزوجة وإرضائها بجلب السرور عليها بما تحبه من الرجل، وقد وردت بشأن الجماع من خلف في الفرج لا في الدبر أخبارٌ مستفيضة عنهم سلام الله عليهم تجيز ذلك رداً على اليهود الذين يعتقدون أن إتيان المرأة من خلفها في الفرج يؤدي إلى أن يأتي الولد أحول، ولكن الأمر هو خلاف الحقيقة كما أشارت هذه الأخبار الشريفة وهي الآتي:
   (الخبر الأول) - روى المحدِّث الحر العاملي بإسناده عن محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معمر بن خلاد قال : قال لي أبو الحسن ( عليه السلام ) : أي شئ يقولون في إتيان النساء في أعجازهن ؟ قلت : إنه بلغني أن أهل المدينة لا يرون به باساً فقال : ان اليهود كانت تقول إذا اتي الرجل المرأة من خلفها خرج ولده أحول فأنزل الله عز وجل ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم ) من خلف أو قدام خلافا لقول اليهود ، ولم يعن في أدبارهن .
   (الخبر الثاني) - عن محمد بن مسعود العياشي في ( تفسيره ) : عن صفوان بن يحيى ، عن بعض أصحابنا قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم ) ؟ قال: من قدامها ومن خلفها في القبل .
   (الخبر الثالث) - عن زرارة عن الإمام أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن قول الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم ) ؟ قال : من قُبُـلٍ .
   فهذه الأخبار الشريفة تجيز الجماع في الفرج من خلف ولا ضرر فيه وإلا لما كان أئمتنا الطاهرون عليهم السلام أجازوه لمن أحبّ ذلك من شيعتهم، ومن المعلوم أنهم سفراء الله في خلقه فلا يأمرون بشيء ولا ينهون عن شيءٍ إلا وفيه مصلحة للناس ولا يأمرون بما فيه ضرر لهم، وفي حال حصل ضرر على الزوجة من الجماع في الفرج من خلف فلا يجوز للزوج فعله لأن ذلك يلحق بها الضرر، وقد نهت الشريعة عن إلحاق الضرر بالمؤمنين لقول النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله:" لا ضرر ولا ضرار في الإسلام " .
   فالجماع في الفرج من الخلف قد كشفت عنه الأخبار كما أشرنا مما يدل على أن أئمتنا الطاهرين سلام الله عليهم لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا وبينوها لنا ولكن أعلام الشيعة للأسف لم ينشروها لهم بالشكل المطلوب، لذا نحن نختلف عن الكثير من فقهاء الشيعة في بيان المطالب الفقهية بشكل تفصيليّ حتى يتضح للشيعة عظمة أهل البيت عليهم السلام الذين بينوا الكثير من الفروع الفقهية الخاصة بالجماع التي يخجل الكثير من المؤمنين بالإفصاح عنها ومنها هذه المسألة التي أوضحناها للأخ السائل حفظه الله، فديننا كامل، وإنما يأتي النقص من بعض العلماء ، فقد روى مرازم عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن الكريم تبيان كل شئ حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج العباد إليه إلا بينه للناس حتى لا يستطيع عبد يقول : لو كان هذا نزل في القرآن إلا وقد أنزل الله فيه .
  وروى عمرو بن قيس عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة ، إلا أنزله في كتابه وبينه لرسوله، وجعل لكل شئ حدا وجعل عليه دليلا يدل عليه". 
 وروى سليمان بن هارون قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : ما خلق الله حلالا ولا حراما إلا وله حد كحد الدار ، فما كان من الطريق فهو من الطريق وما كان من الدار فهو من الدار ، حتى أرش الخدش فما سواه ، والجلدة ونصف الجلدة " .
 وروى حماد عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : ما من شئ إلا وفيه كتاب أو سنة ".
وعن المعلى بن خنيس قال: قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل ، ولكن لا تبلغه عقول الرجال".
 والله الموفق للصواب، وهو وليّ الأمور... والسلام.
 
حررها العبد محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 28 ربيع الأول 1436هـ.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1103
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28