• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : إمامة وولاية أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم سابقة على عملهم/ إن الله تعالى اصطفاهم في العالم الأول .

إمامة وولاية أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم سابقة على عملهم/ إن الله تعالى اصطفاهم في العالم الأول

الإسم:  *****

النص: 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
سماحة المرجع الديني الكبير اية الله العلامة المحقق الفقية الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة المرجع المفدى
دمتم بالعز والهنا
ارفع الى مقامكم العالي السؤال الاتي ونأمل من جنابكم الاجابة والتوضيح والتوجيه في الفهم
سؤالي حول الآية الكريمة من سورة البقرة اية 124 ( بسم الله الرحمن الرحيم .وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )
اعتقادنا في مدرسة اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم للإمامة الإلهية وامامة النبي ابراهيم عليه السلام وفق الاية الكريمة أنها تحصل بالابتلاء ويعد اجتياز الابتلاءات والنجاح في الامتحانات 
فالسؤال الاول: امامة للائمة الاثني عشر من اهل بيت رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم 
هل إمامتهم حصلت بعد الابتلاء والامتحان وصبرهم ونجاحهم بالاختبارات والابتلاءات كما في امامة النبي الكريم ابراهيم عليه السلام 
السؤال الثاني: كيف نوفق بين مفهوم الاية الكريمة واعتقادانا حسب التراث المروي عن المعصومين سلام الله عليهم أنهم عليهم السلام ائمة قبل خلق ادم عليه السلام بل كانوا محيطين بعرش الله سبحانه وتعالى قبل خلق الخلائق بالاف السنين وكذالك امامة مولانا الامام محمد الجواد سلام الله عليه حين تولى زعامة الطائفة وعمره سبع سنين وكذالك الحال لمولانا الامام على الهادي سلام الله عليه 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
 
الموضوع العقائدي: إمامة وولاية أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم سابقة على عملهم/ إن الله تعالى اصطفاهم في العالم الأول/ الإصطفاء الإلهي لهم يتم عبر حيثيتين/ ميزة النبي وأهل بيته سلام الله عليهم على غيرهم من الأنبياء والمرسلين أنهم سلموا له تعالى في كل أمورهم من دون أن يتسائلوا عن حكم الله تعالى. 
بسمه تعالى
 
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استعراض الأسئلة والإجابة عليها:
السؤال الأول: إمامة الائمة الاثني عشر من أهل بيت رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم 
هل إمامتهم حصلت بعد الابتلاء والامتحان وصبرهم ونجاحهم بالاختبارات والابتلاءات كما في إمامة النبي الكريم ابراهيم عليه السلام؟.
الجواب: إن الإصطفاء الإلهي للإمامة أو النبوة أو الولاية يتم خلال حيثيتين:
 (الحيثية الأولى): إن الله تبارك شأنه عندما يصطفي بعض العباد إنما يصطفيهم ثبوتاً وواقعاً بمقتضى علمه تعالى بهم وبما سيؤول إليه أمرهم إثباتاً وخارجاً، فالمناط بالإصطفاء هو العلم الإلهي والنجاح في عالم الإثبات الخارجي، والاول إنعكاس للثاني وإن كان الثاني ـ أي الإثبات الخارجي ـ علَّة للأول بمعنى أن التفضيل الإلهي قائم على الإثبات الخارجي، إذ لولا الإثبات الخارجي لما كان هناك تفضيل، لأن الله تعالى لا ينتخب عبثاً ولا يرجح بلا مرجح خارجي، فعلمه تعالى ـ بما هو علم إلهي بالحمل الذاتي ـ بما سيؤول إليه أمرهم ليس علّة في الإثبات الخارجي بمقدار ما هو كاشف عن حالاتهم العقلية والنفسية والروحية والعملية .
 (الحيثية الثانية): إن الله تعالى يختبر في عالم الثبوت الواقعي، فمن كان أكثر انقياداً في عالم الثبوت الأول كان المقدَّم والمفضَّل في عالم الإثبات الثاني، من هنا جاء في زيارة مولاتنا الصدّيقة الكبرى عليها السلام قول المعصوم الإمام أبي جعفر الثاني عليه السلام بحقها كاشفاً عن نجاحها في العوالم الأولى:"  يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة وزعمنا إنَّا لك أولياء ومصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلى الله عليه وآله وسلم وأتى به وصيه عليه السلام فإنا نسألك إن كنا صدقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما لتبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا بولايتك " . إذ إننا نفهم من هذه الزيارة المخصوصة امتحان الصدّيقة الكبرى الزهراء ( عليها السلام ) قبل خلقها ، لإظهار مقامها حيث امتحنها فكان لها المقام السامي فأصبحت الصابرة ، والمعروف أن الامتحان يمتحن به الإنسان ليعرف مدى استعداداته وقابلياته " عند الامتحان يكرم المرء أو يهان " فامتحان الله لها ليكون ذلك لزيادة منزلتها وتفضيلها على عامة الخلق بما تحمله من وفور علم بالله تعالى وقوة إرادة ورباطة جأش وشجاعة وتصلب في الإيمان ، لذا  امتحنها الله تعالى لكي تكون حاملة لشئ اقتضت إرادة السماء وذلك نتيجة لنجاحها في الامتحان حيث استحقت لقب الصابرة ، وهو ما دلت عليه الأخبار الأخرى الكاشفة عن نجاحهم في العوالم الأولى ومن ثم نجاحهم في العالم الدنيوي نظير ما دلت عليه فقرة دعاء الندبة " اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك ، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية ، وزخرفها وزبرجها، فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء به . فقبلتهم وقربتهم وقدرت لهم الذكر العلي والثناء الجلي ، وأهبطت عليهم ملائكتك ، وكرمتهم بوحيك ورفدتهم بعلمك ، وجعلتهم الذريعة  إليك والوسيلة إلى رضوانك ..". وكما اشترط عليهم ما اشترط في عالم النور الأول فكذلك اشترط عليهم ما اشترط في العالم الثاني الأرضي وهو ما كشفت عنه الأخبار في الكافي بب أن الأئمة عليهم السلام لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلا بعهد من الله تعالى فليراجع.
 والتوفيق بين الحيثيتين يكون من خلال العلم الإلهي بما هم عليه من شدة اليقين الذي لم يسبقهم إليه أحد وإليه يشير قوله تعالى وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ السجدة24. فقد جاء في تفسيرها عن علي بن إبراهيم ، قال : قال عليه السلام في علم الله أَنّهم يَصبروُنَ على ما يُصيبهم فجَعلهم أئمة ". وعن محمّد بن العبّاس باسناده عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمّد بن علي ( عليه السلام ) قال : نزلَت هذه الآية في ولد فاطمة ( عليها السلام ) خاصّة : ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ). علي بن إبراهيم باسنادهِ عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ( عليه السلام ) قال : الأئمة في كتاب الله إمامان إمام عدل وإمام جور ، قال الله : * ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) * لا بِأَمر النّاس يُقدِّمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم ، قال : * ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) * يقدِّمون امرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذُونَ بأهوائهم خلافاً لما في كتاب الله..".
    والميزة في آل محمد عليهم السلام أنهم لم يتسائلوا عن أمر الله تعالى كما هو الحال في إبراهيم خليل الرحمان حينما قال وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ البقرة260 من هنا كانوا أسبق من إبراهيم عليه السلام في الطاعة والتسليم وشدة اليقين فكان من الواجب تقديمهم عليه وعلى عامة خلقه من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام .
  السؤال الثاني: كيف نوفق بين مفهوم الاية الكريمة واعتقادانا حسب التراث المروي عن المعصومين سلام الله عليهم أنهم عليهم السلام ائمة قبل خلق ادم عليه السلام بل كانوا محيطين بعرش الله سبحانه وتعالى قبل خلق الخلائق بالاف السنين وكذالك امامة مولانا الامام محمد الجواد سلام الله عليه حين تولى زعامة الطائفة وعمره سبع سنين وكذالك الحال لمولانا الامام على الهادي سلام الله عليه ؟.
الجواب: لقد أجبنا على هذا السؤال ضمناً في جوابنا على السؤال الأول، ونعيد إجمالاً : إن الله تعالى اصطفاهم لعلمه تعالى بذواتهم قبل خلقهم وبعد خلق أرواحهم الطاهرة في عالم الأنوار وقبل نزولهم إلى الأرض، فكانوا المقربين إليه تعالى بسبب علمه بهم وبإخلاصهم، فإن علمه تعالى سابق على خلقهم ثم أنه سابق على عملهم، فقد علم أنهم لن يعصوه أبداً وعلم منهم أنه لو اشترط عليهم شروطاً لوفوا بها ولن يتركوا له أمراً، لذا كانوا الفائزين عنده والمفضلين لديه، فكانوا أول خلق الله يسبحونه ويهللونه ويحمدونه قبل أن يخلق الله تعالى عرشاً وفرشاً وملكاً وملكوتاً.... من هنا جعلهم أئمة وولاة حال كونهم صغاراً كإمامة إمامنا الجواد والهادي والمهدي عليهم السلام وولاية سيّدة نساء العالمين وابنتيها الطاهرتين مع أخيهم الشهيد محسن وأبي الفضل وعلي الأكبر وعبد الله الرضيع والقاسم....إلخ؛ وقد فصّلنا ذلك في كتابنا حول العصمة الكبرى للمولى أبي الفضل عليه السلام ...ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والسلام عليكم
 
حررها كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد
محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 2 جمادى الثانية 1436هـ 

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1158
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29