• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : رأينا في كفر المخالفين .

رأينا في كفر المخالفين

الموضوع: نظرنا الفقهي في كفر المخالفين
 

بسمه تعالى
 

السؤال: خلال مطالعتي وجدت العديد من الروايات في كفر المخالفين وبنصوص صريحة جدا، وبلغني أن جمهرة من علمائنا الأوائل يرون كفر المخالفين، وفي نفس الوقت نقرأ ونسمع أنهم مسلمون ، فكيف نجمع بين الأمرين؟
 

والجواب:

بسم الله الرحمان الرَّحيم
 

والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيِّدنا رسول الله محمَّد وآله الطيبين الطاهرين المطهرين،واللعنة السرمدية على أعدائهم ومنكري معارفهم ومعاجزهم وظلاماتهم إلى يوم الدين.
السلام عليكم ورحمته وبركاته..وبعد.
الأقوى – بحسب نظرنا الفقهي هو كفر ونصب المخالفين تبعاً لما ذهب إليه مشهور المتقدّمين ومتأخري المتأخرين منهم الشهيد الثاني العاملي والمحدّث العلاّمة البحراني ،وقد أفتى صاحب الجواهر بنجاستهم وكفرهم على وجه الإحتياط... بل أن الجميع متفقون على كفرهم ثبوتاً،لكنَّ الخلاف في الإثبات الخارجي،  فالمتأخرون قالوا بكفرهم ثبوتاً واقعاً ومسلمون ظاهراً،....وما أوجب الشبهة بإسلامهم هو ما ذهب إليه بعض المتأخرين نتيجة الأخبار المتعارضة فأوجبت عليهم تشويشاً وإضطراباً إستدلالياً فوصلوا إلى مدَّعاهم الهش حيث اعتقدوا كفرَهم في الآخرة وإسلامهم في الدنيا ، وهذا من غرائب الفتاوى التي شوشت عقول المستضعفين من الشيعة،ولا يمكن الجمع بين الكفر والإسلام لانّ الآخرة حصاد الدنيا بل الأحكام المترتبة على المكلفين في الآخرة من الطهارة او النجاسة إنَّما هي نتاج ما كان عليه في الآخرة،!! وقد إعتمد هؤلاء لإثبات مدّعاهم على وجهين:
(الاول): توّهم بعض الأخبار الظاهرة في إسلامهم.
(الثاني):إقتصارهم في تحديد مفهوم الناصبيّ على من أظهر العداوة لأهل البيت (عليهم السلام)  فقط دون سواه من بقية المصاديق...
      وكلا الوجهين ضعيفان، أما الأول فلو سلَّمنا به جدلاً وعلى فرض صحة صدوره عنهم (عليهم السلام) فيحمل على المستضعف الذي لم تصله الحجة بأيّ شكلٍ من الأشكال نظير من يعيش في أدغال افريقيا،وأما غيره من القاطنين في المجتمعات المدنية فلا يسري عليه مصطلح الإستضعاف ،وعلى حدّ تعبير مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال لبعض أصحابه حينما سأله:ما تقول في المستضعفين؟ فقال له شبيهاً بالفزع:" أفتركتم أحداً مستضعفاً وأين المستضعفون؟ فوالله لقد مشى بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهنَّ وتحدَّث به السقايات في طريق المدينة" راجع الكافي ج2/باب المستضعف ..بل ورد أنَّ المستضعف هو الذي لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر كالصبيان والبله والمجانين..راجعوا المصدر الذي أشرنا إليه آنفاً...وبهذا قال أكثر فقهاء الإماميّة أي أنّ المستضعف هو من لا يعرف الإمام ولا ينكره ولا يوالي أحداً بعينه ولا يبغض أهل الحقّ  لإعتقادهم...وأما الأخبار الأخرى التي لا يمكن حملها على المستضعف فلا بدَّ  حينئذٍ من حملها على التقيَّة.
وأما الثاني فالتحقيق يقتضي القول بأنَّ الناصبيَّ ليس من تجاهر بعدائه لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام باللفظ فقط بل يتخطاه إلى النصب العملي كهدم قبورهم وحرق كتب شيعتهم وقتلهم وبغضهم بسبب كونهم موالين لائمة الهدى والتقوى عليهم صلوات ربي، وهذا ما أكدت عليه أخبارنا الشريفة ولكنّ البعض تغاضى عنها إما قصوراً في الإستنباط أو تقصيراً،فالناصبيّ بحسب ما فهمناه من الأدلة هو المعتقد بإمامة الشيخين والمبغض للشيعة بسبب تشيعهم لأئمة الهدى عليهم السلام،ففي صحيحة عبد الله بن سنان عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ،لأنَّك لا تجد أحداً يقول أنا أبغض محمّداً وآل محمّد،ولكنَّ الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنَّكم تتولونا وأنّكم من شيعتنا"  وفي مستطرفات السرائر في مكاتبة لمولانا الإمام أبي الحسن عليّ بن محمّد الهادي (عليه السلام) في جملة مسائل محمد بن عليّ بن عيسى قالك كتبت إليه أسأله عن الناصب هل أحتاج في إمتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت وإعتقاده بإمامتهما؟ فرجع الجواب:"أنَّ كلّ من كان على هذا فهو ناصب" ...وفي الكافي بسنده عن مولانا الإمام الباقر (عليه السلام)قال:"إنّ الله عزَّ وجلَّ نصب عليَّاً (عليه السلام)علماً بينه وبين خلقه ،فمن عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً ومن جهله كان ضالاً"...
    والمستفاد من هذه الأخبار انَّ مفهوم الناصبيّ المترتب عليه الأحكام إنّما هو من تحقق فيه أمران على نحو الإفتراق فمن تحقق فيه أحد هذين الأمرين فهو ناصبيٌّ:إما تقديم الجبت والطاغوت وإما بغض الشيعة من حيث التشيع،فكلّ من اتصف بذلك فهو ناصبيُّ تجري عليه أحكام النصب ويستثنى من ذلك المستضعف كما عرفت من الأخبار المتقدمة،فيختص الحكم بما عداه من كفر المخالفين وهو خيرة أكثر أصحابنا من المتقدمين ومتأخري المتأخرين(رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) ونحن لا نحيد عنهم في هذه المسألة قدر أنملة..والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ربّ العالمين....

والسلام عليكم ورحمته وبركاته

العبد الشيخ محمَّد جميل حمُّود العاملي

بيروت

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=122
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 03 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18