• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : مواضيع مشتركة ومتفرقة .
              • القسم الفرعي : مواضيع متفرقة .
                    • الموضوع : تفسير بعض الروايات الشريفة الكاشفة عن التوحيد الإلهي الخالص عند الشيعة الإمامية / معنى الإله لغةً واصطلاحاً / بيان حقيقة العبودية لله تبارك وتعالى .

تفسير بعض الروايات الشريفة الكاشفة عن التوحيد الإلهي الخالص عند الشيعة الإمامية / معنى الإله لغةً واصطلاحاً / بيان حقيقة العبودية لله تبارك وتعالى

الإسم: *****

النص: 
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الكبير آية الله المحقق الشيخ محمد جميل العاملي دام ظله الوارف وسماحة ابنه الكريم الشيخ الفاضل علي رضا حفظه الله،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
شيخنا الفاضل نحن استفدنا من حضرتكم بشكل كبير ، اسأل الله ان يوفقكم بحق مولاننا الزهراء ، و اريد ان اصحح اي اعتقاد خاطئ عندي ، فلدي بعض الاسئلة لحضرتكم فلو تكرمتم بالاجابة عنها ان كان لديكم وقت ، و حتى لو بشكل مختصر ، هي: - 
1- هناك بعض الروايات عن التوحيد الخالص و مقامات المعصومين النوارنية عليهم السلام ، فلو تكرتم بشرحها لنا و لو بشكل موجز :-
 
أ- عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق؟ قال: فقال لي:يا هشام الله مشتق من إله والاله يقتضي مألوها والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد أفهمت يا هشام؟ قال: فقلت: زدني قال: إن لله تسعة وتسعين اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الاسماء وكلها غيره........ (المصدر ؛ اصول الكافي ج1 ص87)
ب- عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له: أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة .
قال: نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة .
فقلت: متى ؟
قال: حين قال لهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى . ثم سكت ساعة ثم قال: وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة ، ألست تراه في وقتك هذا ؟ قال أبو بصير فقلت له: جعلت فداك فأحدث بهذا عنك ؟ فقال لا ، فإنك إذا حدثث به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقوله ، ثم قدر أن ذلك تشبيه كَفَر ، وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين ، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون
ضه: سأل محمد الحلبي الصادق عليه السلام فقال: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ربه قال: نعم رآه بقلبه، فأما ربنا جل جلاله فلاتدركه أبصار حدق الناظرين ، ولا تحيط به أسماع السامعين. (بحار الأنوار:4/44(
ج- عن محمد بن نصير النميري عن الامام العسكري عليه السلام ، انه قال: من قال علي الظاهر هو الله فقد كفر. (من كتب اخواننا العلويين ، و ربما لها ارتباط بالرواية التالية التي سأذكرها لحضرتك).
د- و هذه الرواية اصعب رواية قرئتها و لم افهمها ، انقلها لكم من كتاب صحيفة الابرار ج2 للميرزا محمد تقي المقمقاني، طبعة 2003 مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، الحديث السادس ، و انقل موطن الحاجة: -
.......واعلم يا مفضل أنه ليس بين الأحد والواحد إلا كما بين الحركة والسكون، أو بين الكاف والنون لاتصاله بنور الذات قائمة بذاتها ، وهو قوله تعالى ﴿ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا﴾ يعني ما كان فيه من الذات ، فالصورة الأنزعية هي الضياء والظل، وهي التي لا تتغير في قديم الدهور ، ولا فيما يحدث من الأزمان فظاهره صورة الأنزعية وباطنه المعنوية وتلك الصورة هيولى الهيولات وفاعلة المفعولات وأس الحركات وعلة كل علة لا بعدها سر ولا يعلم ما هي إلا هو ويجب أن يعلم .
يا مفضل أن الصورة الأنزعية التي قالت ظاهري إمامة ووصية، وباطني غيب منيع لا يدرك ليست كلية الباري ولا الباري سواها ، وهي هو إثباتا وإيجادا وعيانا ويقينا لا هي هو كلا ولا جمعا ولا إحصاء ولا إحاطة .
قال المفضل : قلت يا مولاي ، زدني شرحا فقد علمت من فضلك ونعمك ما أقصر عن صفته .
قال : يا مفضل سل عما أحببت .
قلت : يا مولاي تلك الصورة التي رأيت على المنابر تدعو من ذاتها إلى ذاتها بالمعنوية ، وتصرح باللاهوتية قلت لي إنها ليست كلية الباري ولا الباري غيرها ، فكيف يعلم بحقيقة هذا القول ؟
قال : يا مفضل تلك بيوت النور ، وقمص الظهور ، وألسن العبارة ، ومعدن الإشارة ، حجبك بها عنه، ودلك منها إليه ، لا هي هو ولا هو غيرها، محتجب بالنور ، ظاهر بالتجلي كل يراه بحسب معرفته ، وينال على مقدار طاعته ، فمنهم من يراه قريبا ، ومنهم من يراه بعيدا ، يا مفضل إن الصورة نور منير ، وقدرة قدير ، ظهور مولاك رحمة لمن آمن به وأقر ، وعذاب على من جحد وأنكر ، ليس وراءه غاية ولا له نهاية .
قلت : يا مولاي فالواحد الذي هو محمد .
فقال : هو الواحد إذا سمي ، ومحمد إذا وصف .
قلت : يا مولاي فعلي منه باين كذا غير المعنى كذا وصف اسمه.
فقال : ألم تسمع إلى قوله ظاهري إمامة ووصية وباطني غيب لا يدرك .
قلت : يا مولاي فما باطن الميم؟
فقال (عليه السلام) :نور الذات ، وهو أول الكون ، ومبدء الخلق ، ومكون لكل مخلوق، ومتصل بالنور ، منفصل لمشاهدة الظهور ، إن بعد فقريب وإن نأى فمجيب، وهو الواحد الذي أبداه الأحد من نوره ، والأحد لا يدخل في عدد والواحد أصل الأعداد ، وإليه عودها وهو المكنون .
قلت : يا مولاي يقول السيد الميم: أنا مدينة العلم وعلي باطنها .
فقال : يا مفضل إنما عنى تسلسل الذي سلسل من نوره ، فمعنى قوله (عليه السلام) : وعلي بابها يعني أنه هو أعلى المراتب وباب الميم ومنه يدخلون إلى المدينة ، وعلم العلم وهو المترجم بما يمده سيده من علم الملكوت وجلال اللاهوت .
فقلت : يا مولاي يقول السيد الميم : أنا وعلي كهاتين ، لا أدري يمينا ولا شمالا ، وأقرن بين سبابيته .
فقال : يا مفضل ليس يقدر أحد من أهل العلم يفصل بين الاسم والمعنى غير أن المعنى فوقه ؛ لأنه من نور الذات اخترعه فليس بينه وبين النور فرق ولا فاصل ، ولأجل ذلك قال : أنا وعلي كهاتين - إشارة منه إلى العارفين - أن ليس هناك فصل ولو كان بينه وبينه فصل لكان شخصا غيره هذا هو الكفر الصراح ، أما سمعت قوله ﴿أن يفرقوا بين الله ورسله﴾ وقوله ﴿ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل﴾ وإيماؤها للعارفين أن يقال: إن الله بينه وبين بابه واسطة، ولأجل هذا قال : أنا وعلي كهاتين لأنه بدء الأسماء وأول من تسمى، فمن عرف الإشارة استغنى عن العبارة ، ومن عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة، ألم تسمع إلى إشارة الاسم إلى مولاه تصريحا بغير تلويح ، حيث يقول: أنت كاشف الهم عني وأنت مفرج كربتي وأنت قاضي ديني وأنت منجز وعدي ، ثم يكشف عن اسمه الظاهر بين خلقه فيقول : أنت علي، إشارة منه إلى مولاي ، فكانت الإشارة إلى بابه : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليقصد الباب)(
2ـ هل المقصود من علي اللاهوتي (او علي الباطن كما يقولون اخواننا العلويين) صلوات الله عليه ان هو  (إنه ) الامام علي بجسده المثالي المحيط حول الكون ؟
3-هل ممكن بان تشرحوا لنا و لو بشكل موجز عن الفرق بين عالم اللاهوت و الجبروت و الملكوت و الناسوت.
4-ما معنى التجلي الإلهي و ظهوراته ؟
5 - و يوجد حديث شريف في تراث الشيخ الاحسائي -جوامع الكلم ج9 ص426 ننقله: 
قال الامام الصادق عليه السلام: لنا مع الله وقت هو فيه نحن ونحن هو وهو هو ونحن نحن .
(و فمهي القاصر للحديث الشريف هو ؛ الامام عليه السلام يبين علو درجة و مقام المعصومين عليهم السلام و يبين العصمة التامة للمعصومين الاربعة عشر صلوات الله عليهم بإن عصمة المعصوم تأتي من تمثيله لله سبحانه وتعالى في أمره ونهيه 
فكلام المعصوم كلام الله وأمر المعصوم امر الله و فعل المعصوم فعل الله، فهم ممثلون لله في الدنيا تمثيلا لا تجسيدا)
فهل فهمي المحدود للحديث فيه شيء من الصحة او الحديث له معنى اعمق من ذلك ؟
6-ما هي الحقيقة المحمدية التي يقول بها الشيح الاحسائي رضوان الله عليه و الصوفية من مذاهب المخالفين ، و هل جميع نظريات الشيخ الاحسائي موافقة لأهل البيت ؟
7-من هم ابواب الائمة ؟ و هل من ضروريات المذهب معرفتهم كما يقول الشيخ ابوشعبة الحراني قدس سره في كتابه (حقائق أسرار الدين) بإن يجب معرفة ولي الولي، و فقط مذكور بعضهم في كتاب دلائل الأئمة.
و اسأل الله ان يوفقنا و اياكم بخدمة مولانا الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
 
 
   الموضوع العقدي التوحيدي: تفسير بعض الروايات الشريفة الكاشفة عن التوحيد الإلهي الخالص عند الشيعة الإمامية / معنى الإله لغةً واصطلاحاً / بيان حقيقة العبودية لله تبارك وتعالى / شرح رواية هشام بن الحكم (رضي الله عنه) التي قصّها عليه إمامنا الصادق عليه السلام في بيانه حقيقة الإسم والمعنى / أسماء الله تعالى واشتقاقاتها المتفرعة عن اسم الله الجليل / الإشكال على المحقق الشيخ البهائي العاملي رحمه الله / فساد عقيدة المخالفين في التوحيد الإلهي / الإسم غير المسمى / اعتراض عائشة على النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) بأنها تكره إسمه الشريف / الإسم طريقٌ إلى معرفة المعنى لا أنه نفس المعنى / معنى كون أهل البيت عليهم السلام أسماء الله تعالى التي يجب أن يُدعى بها / ذات الله المقدَّسة لا تُرى بالعيون المادية / يعتقد المخالفون أن الله تبارك اسمه يُرى يوم القيامة / استنكار أئمتنا الطاهرين عليهم السلام للرؤية البصرية / تفرد الميرزا محمد تقي المامقاني صاحب كتاب صحيفة الأبرار في رواية المفضل بن عمر حول التوحيد / المراد من كون الإمام الأعظم أمير المؤمنين عليّ (سلام الله عليه) أنه الباطن / معنى قول الإمام عليه السلام (نحن هو، وهو نحن) / هل معرفة أبواب الأئمة الأطهار (سلام الله عليهم) واجبة ؟ / الأبواب على صنفين / ثمة فرقٌ بين وجوب معرفة أبواب الأئمة الأطهار عليهم السلام وبين معرفة أوليائهم رضي الله عنهم / لا يبعد وجوب معرفة أبواب الأئمة الأطهار عليهم السلام على ثلة من العلماء والعوام القادرين على التحصيل / يحرم ردّ ما رواه الأمناء من أبواب الأئمة الأطهار عليهم السلام / الراد على الرواة الأمناء هو ردٌّ على الأئمة الأطهار (سلام الله عليهم) . تمت الفهرسة.

بسمه تعالى
 
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استعراض الأسئلة والإجابة عليها: 
  السؤال الأول :هناك بعض الروايات عن التوحيد الخالص ومقامات المعصومين النوارنية عليهم السلام، فلو تكرتم بشرحها لنا ولو بشكل موجز:
أ- عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق؟ قال: فقال لي:يا هشام الله مشتق من إله والاله يقتضي مألوها والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد أفهمت يا هشام؟ قال: فقلت: زدني قال: إن لله تسعة وتسعين اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الاسماء وكلها غيره........ (المصدر ؛ أُصول الكافي ج1 ص87).
الجواب على الفرع" ألف " من السؤال الأول:
 الرواية الشريفة في مقام بيان رفعة التوحيد الإلهي وهي تتضمن حقيقة العبودية للذات الإلهية المنـزهة عن المجانسة والمخالطة والإمتزاج، كما يتناول حقيقة الإسم الدال على التأله الرباني في الذات الإلهية المقدسة، فقد برهن مولانا المعظم إمامنا الصادق صلوات الله عليه حقيقة العبودية لله تعالى من خلال تعريفه الشريف للفظ(الإله) أو(الله) لأن لفظ الله جذره مشتق من(إلاه) والإه يقتضي أن يكون له ذات مألوهة؛ أي:أن تكون ذات الله المقدَّسة مقصداً للعبادة من قبل المخلوقين الناقصين في عبادتهم للمولى تبارك اسمه وتعالى مجده، مهما بلغ بعضهم في الكمال والجلال باعتبارهم مخلوقين من قبل العلّة الأولى التي هي الله تعالى، فهم فقراء إلى الله تعالى حدوثاً وبقاءً من هنا جاء في الكتاب الكريم قوله تعالى( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) فاطر15. وهو ما أكدته الأخبار الشريفة وأحكام العقل السليم . 
  (الشرح):لعلَّ سؤال هشام من الإمام الصادق عليه السلام عن أسماء الله تعالى واشتقاقها نشأ من العلم بأنَّ أسماءه تعالى لا تدلُّ على ذاته بذاته بل إنّما تدلُّ عليها مع ملاحظة صفاته، فلذلك سأل عن اشتقاقها والاشتقاق هو كون أحد اللّفظين مشاركاً للآخر في المعنى والتركيب فيفيد ذلك أنَّ الأوَّل مأخوذ من الثاني وأنَّ الثاني أصله، فسأله هشام:مما يشتق إسم الله؟...فأجابه إمامنا المعظم الصادق عليه السلام بأن(الله مشتق من إله ـ إلاه ـ ) بكسر الهمزة على وزن فعال بمعنى مفعول فلمّا أدخلت عليه الألف واللاّم حذفت الهمزة تحقيقاً لكثرته في الكلام ...والفرق بين المشتقّ والمشتقّ منه: أنّ المشتقّ وهو الله مختصُّ بالمعبود بالحقِّ لا يطلق على غيره أصلاً والمشتق منه وهو الإله اسم جنس يقع على كلِّ معبود بحقِّ أو باطل ثمَّ غلب على المعبود بالحقِّ ومع الغلبة يستعمل في المطلق أيضاً كما في قولنا لا إله إلاّ الله وأمّا الإله فقد اختلفوا في أصله المشتق منه فقال صاحب الكشّاف وإنّه مشتقٌّ من ألِهَ بفتح الهمزة وكسر اللاّم إذا تحيّر لأنّه ينتظمها معنى التحيّر والدَّهشة وذلك لأنَّ الأوهام تتحيّر في معرفة المعبود وتدهش العقول فيها ولذلك كثر الضلال وفشا الباطل وقلّ النظر الصحيح ، وقيل من ألَهَ بفتح الهمزة واللام إلاهةً بمعنى عبد لأنَّ الناس يعبدونه وهو معبود وإليه ميل الجوهري وقيل : من ألهت إلى فلان أي سكنت إليه لأنَّ القلوب تطمئنُّ بذكره والأرواح تسكن إلى معرفته ، أو من أله إذ أفزع من أمر نزل عليه لأنَّ العابد يفزع إليه في النوائب أو من أله الفصيل إذا ولع بأمّه إذ العباد مولعون بالتضرُّع إليه في الشدائد ، أو من وله إذا تحيّر وتخبّط عقله وكان أصل إله ولاهاً قلبت الواو همزة لاستثقال الكسرة عليها فقيل إليه ، وقيل أصله لاهٌ مصدر لاه يليه لاهاً إذا احتجب وارتفع لأنّه تعالى محجوبٌ عن إدراك الأبصار ومرتفع على كلِّ شيء وعمّا لا يليق به .
 ( والإله يقتضي مألوهاً ) أي حايراً متحيّراً مدهوشاً في أمره أو عابداً متعبّداً له أو ساكناً إليه مطمئناً بذكره أو فارغاً إليه مولعاً بطاعته متضرِّعاً له أو متحيّراً متخبّطاً متفكّراً في شأنه وعلوٍّ قدره أو محتجباً عن إدراكه ، فالله لكونه مشتّقاً من الإله يقتضي مألوهاً بهذه المعاني أيضاً والغرض من هذا الكلام هو التنبيه على اعتبار ما يقتضيه المشتقّ منه في المشتق أيضاً ، ويحتمل أن يراد بالمألوه المألوه فيه بتقدير في وهو المعبود وهذا أنسب بقوله ( والاسم غير المسمّى ) فالله يعني المركّب من ألف ولام وهاء غير معناه المقصود منه ، وقد اختلفوا في أنَّ الاسم غير المسمّى أو عينه والأوَّل هو الحقُّ وهو مذهب المعتزلة والثاني هو الباطل وهو مذهب الأشاعرة قال الرّاغب من قال بالأوّل نظر إلى قولهم سمّيته زيداً وزيداً اسم حسن ، ومن قال بالثاني نظر إلى قولهم رأيت زيداً وزيد رجل صالح فإنَّ مرادهم هو المسمّى أقول : فيه نظر لأنَّ مرادهم في هذا اللّفظ مسمّاه باعتبار أنَّ الحكم مترتّب عليه لا أنَّ اللّفظ نفس مسمّاه فلا دلالة فيه على العينيّة .
 وقال الشيخ البهائي العاملي (رحمه الله ) في الكشكول : إعلم أنَّ أصحاب القلوب على أنَّ الاسم هو الذَّات مع صفة معيّنة وتجلي خاصّ ، وهذا الاسم هو الّذي وقع فيه التشاجر أنّه هل هو عين المسمّى أو غيره وليس التشاجر في مجرَّد اللّفظ كما ظنّه المتكلّمون فسوّدوا قراطيسهم وأفعموا كراريسهم بما لا يجدي بطائل ولا يفوق العالم به على الجاهل .
   الإشكال على المحقق الشيخ البهائي العاملي رحمه الله تعالى:   
   إن في كلام البهائي رحمه الله إشكالاً من حيث إنه جعل الإسم عين الذات أو هو الذات مع تجلٍّ خاص..؛ ووجه الإشكال هو أنّه إنْ أراد بالذَّات المأخوذة مع صفة معيّنة هي ذات المعنى، فهي المراد بالمسمّى وكونها عين الاسم أوَّل النزاع، فضلاً عن أنها خلاف قول الإمام عليه السلام(ولكنّ الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكلها غيره) وإنْ أراد بها ذات اللّفظ الحاصلة من الحروف ودلالتها على صفة مخصوصة بمعنى أنها تدل على الذات، فهذا عين ما ذكره المتكلّمون وهو الحق كما أفاد مولانا الإمام الصادق عليه السلام.... .ولعلّ الشيخ البهائي خانه التعبير في مسألة دقيقة كهذه المسألة العويصة ولكنها واضحة في كلمات أئمة الهدى ومصابيح الدجى عليهم السلام.
  ثمَّ إن لهذه المسألة فوائد كثيرة ترجع إلى حقيقة التوجه إلى الله تعالى بالأسماء والصفات، فلا يجوز للسالك أن يتصور الإسم بأنه عين الذات؛ بل يجب أن يجعل الإسم مرآة للذات وعاكساً عنها كالمرآة تعكس الصورة عن صاحبها وليست الصورة عين صاحبها بل شبحه وخياله...وهكذا الإسم الدال على الله تعالى هو إنعكاس صوري عن الله تعالى لا أنه عين الله تعالى، وهكذا بالنسبة للصفات فهي عاكسة عن الذات وليست هي الذات، فالنبي وآله الطاهرون عليهم السلام هم الصفات الإلهية كما جاء في بعض الأخبار إلا أنهم لا يكونون عين الله تعالى وإلا لأدى إلى تعدد القدماء والشركاء وهوأمر باطل جملة وتفصيلاً، من هنا أشار إمامنا الأعظم الصادق من آل محمد عليهم السلام بأن الاسم غير المسمّى وقد أشار إلى أقسام العبادة وإثبات واحد من الأقسام وإبطال ما عداه بقوله( فمن عبد الاسم ) واتّخذه معبوداً لنفسه ( دون المعنى ) المقصود من هذا الاسم الّذي هو المعبود بالاستحقاق  فقد كفر  بالله حيث جعل ما ليس بربّ ربّاً معبوداً ( ولم يعبد شيئاً ) أي ليست عبادته هذه عبادة أو لم يعبد شيئاً موصوفاً بالشيئيّة الحقّة الحقيقيّة المجرِّدة عن شوائب الإمكان ولواحق الحدود وعدم استحقاق الاسم للعبادة المختصّة بالصانع القديم لا ينافي استحقاقه باعتبار أنّه اسمه للثناء والتعظيم .
   ( ومن عبد الاسم والمعنى ) أي مجموعهما من حيث المجموع أو كلّ واحد منهما بالاستقلال ( فقد كفر وعبد اثنين )، كفر باعتبار أنّه عبدَ المجموعَ أو جعل ما ليس بمعبود معبوداً باعتبار أن الإسم ليس معبوداً بل هو طريق إلى عبادة المعبود الذي هو الله جلَّ جلاله وتقدست أسماؤه، وأشرك باعتبار أنّه عبد كلَّ واحد منهما واعتقد أنَّ المعبود اثنان .(ومن عبد المعنى دون الاسم ) بحيث يكون ذكر الاسم طريقاً وواسطة لينتقل منه إلى معناه ويدعوه به ( فذاك التوحيد ) المطلق الّذي اعتبر فيه تجرُّده عن جميع ما سواه حتّى عن اسمه الّذي هو من أخصّ الأشياء، ثم عرَّج الإمام المعظم الصادق عليه السلام بقوله الشريف:( أفهمت يا هشام ) معنى هذا الكلام ، استفهم عن ذلك لما فيه دقّة باعتبار وجوب تجرُّده عن جميع ما ينافي التوحيد المطلق من شوائب الأوهام .
  ( قال هشام: فقلت : زدني قال : إنَّ لله تسعة وتسعين اسماً ) مثله ما رواه الصدوق بإسناده مرفوعاً عن علي بن موسى الرِّضا عن آبائه عن عليّ ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) « لله عزَّ وجلَّ تسعة وتسعين إسماً من دعا الله بها استجاب له ومن أحصاها دخل الجنّة » .
   وهذا العدد من أسمائه تعالى ذكره صاحب العدَّة فيها وشرحه ، وفي هذه الأخبار دلالة على أنَّ « الله » هو أشهر أسمائه تعالى لإضافة الأسماء إليه ولأنّه يعرف كلُّ الأسماء الحسنى به فيقال : مثلاً الرَّحمن اسم الله ولا يقال الله اسم الرَّحمن ولا دلالة فيها على حصر أسمائه تعالى في هذا العدد إلاّ بمفهوم اللّقب وهو ليس بحجّة اتّفاقاً فلا ينافي ما يدلُّ على أنَّ أسماءه تعالى أزيد من ذلك كما هو مذكور  في باب حدوث الأسماء من كتاب أصول الكافي، وثبت ذلك أيضاً من طرق العامّة وإنّما اقتصر على هذا العدد لكونه من أشرف الأسماء الحسنى ، وقال بعض العامّة هذه التسعة والتسعون مخفية من جملة أسمائه كالاسم الأعظم وليلة القدر وردَّ هذا القول بأنَّه بعيد لا يكاد يُعقل لقوله « من أحصاها دخل الجنّة » وكيف يحصي ما لا يعلم .
  وههنا شيء من كلام العامّة لا بأس أن نشير إليه لبيان فساد عقيدة المخالفين (لعنهم الله تعالى) فنقول :قال القشيري في حديث مسلم : « إنَّ لله تسعة وتسعين اسماً » دلالة على أنَّ الاسم هو المسمّى إذ لو كان غيره لكانت الأسماء لغير الله تعالى وهو باطل لقوله تعالى « ولله الأسماء الحسنى » ما يعني أنهم يرون أن الأسماء هي عين الذات وهو شرك بسبب تعدد الآلهة بتعدد الأسماء، ولا عجب في اعتقادهم الفاسد لابتنائه على مغايرة الذات للصفات وهو يستلزم  تعدد القدماء عندهم وقد أبطلناها في كتابنا الفوائد البهية فليراجع في بحث الصفات..!. 
  إنَّ الحديث دلَّ على أنَّ التسعة والتسعين اسماً لله تعالى لإسناده إليه تعالى، فإن كان الاسم هو المسمّى من حيث كونه طريقاً إلى الذات الإلهية المقدسة صحَّ الإسناد وإن لم يكن الاسم هو المسمّى بالمعنى الذي قدَّمنا  لم يصحَّ الإسناد وكانت لغيره وكونها لغيره باطل ، ولكن الاسم غير المسمّى ولا يلزم ما ذكر من المحذور المتقدم بل أسماء لله ولا يلزم منه تعدّد في الإله لأنَّ الذَّات الواحدة يكون لها أسماء كثيرة يختلف بحسبها وبحسب الاعتبارات الزَّايدة عليها كالله والقادر والعالم وغير ذلك من أسمائه تعالى فلفظ الله اسم للذّات من غير زيادة على القول بأنّه غير مشتقّ وعالم وقادر كلٌّ منهما يدلُّ على ذلك مع زيادة ما اتّصف به من العلم والقدرة وكذلك في بقيّة الأسماء .
  ( فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كلُّ اسم منها إلهاً ) فلزم تعدُّد الإله على قدر تعدُّد الأسماء، والتالي باطل باتَّفاق الاُمّة فالمقدَّمة مثله ، لا يقال المسمّى بهذه الأسماء إله فلو كان المسمّى متعدِّداً لزم تعدُّد الإله وإن لم تكن الأسماء نفسه، وإن كان واحداً لزم على تقدير أن تكون الأسماء نفسه اتّحاد تلك الأسماء لا تعدُّد الإله لأنّا نقول اتّحاد تلك الأسماء المختلفة المتغايرة مع الذات أيضاً باطل، ذلك لأن اتّحادها مع الذات يستلزم تعدد الذات وهو ممّا لا يعقل فلذلك جعل اللاّزم تعدُّد الإله .
   ( ولكنَّ الله معنى ) قايم بنفسه موجود لذاته لا تركيب فيه ولا تكثر بحسب الذَّات والصفات؛ لأن صفاته عين ذاته ولا إثنينية بين الذات والصفات ولا بين الذات والأسماء..( يدلُّ عليه بهذه الأسماء ) فهذه الأسماء جعلت دليلاً عليه وعلامة له ليدعوه الخلائق بها ، لا يقال : إن مدلول هذه الأسماء ليس أمراً واحداً لأنَّ مدلول الله هو الذَّات وحدها ، أو مع اعتبار المعبوديّة معها مثلاً ومدلول العالم هو الذَّات الموصوفة بالعلم ومدلول القادر هو الذَّات الموصوفة بالقدرة وهكذا مدلولات سائر الأسماء، ولا شكَّ أنَّ هذه المدلولات متغايرة.. لأنّا نقول : هذه المدلولات مفهومات وعنوانات ينتقل منها الذِّهن إلى الذَّات المقدَّسة المنزَّهة عن التجزِّي والتعدُّد والاتّصاف بصفة زايده هي تلك المفهومات وغيرها إلاّ أنَّ ذاته لمّا لا يخفى عليها شيء ولا يعجز عن شيء أطلق عليها العالم والقادر بهذا الاعتبار وملاحظة الاعتبار لا يوجب اختلاف الذَّات أصلاً.
  ( وكلّها غيره ) هنا أربعة أشياء الاسم والمسمى والمسمّي(إسم فاعل) والتسمية ، فالاسم الكلمة الدَّالة على معنى كلفظ بيت والمسمّى الذَّات الموضوع لها تلك الكلمة والمسمّي الواضع لتلك الكلمة لتلك الذَّات والتسمية جعل تلك الكلمة إسماً لتلك الذَّات كوضع البيت لمسمّاها وقد يطلق التسمية على ذكر الاسم هكذا بيت والأربعة متغايرة كما ترى وهو مقتضى اللّغة والعرف وقد يكون التغاير بين المسمّى والمسمّي بالاعتبار ، ثمَّ ذكر إمامنا المعظم الصادق عليه السلام من أسماء الشاهد لتوضيح المقصود فقال :( يا هشام الخبز اسم للمأكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس والنار اسم للمحرق ) فإنَّ من قال : أكلت الخبز وشربت الماء ولبست الثوب وأحرقت النارُ ، أراد بها هذه المسمّيات دون الأسماء؛ واستدلَّ من وافقنا من العامّة على مغايرة الاسم للمسّمى بقول عائشة قالت للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما أهجر إلاّ اسمك حين قالت غضباً عليه لا وربّ إبراهيم ولم تقل لا وربِّ محمّد لأنّه لو كان الاسم نفس المسمّى لكانت هاجرة له ، وأجاب من ذهب منهم إلى العينيّة ــ أي عينية الأسماء للذات المقدسة ــ بأنَّ هذا في المخلوق ولا نزاع فيه وإنّما النـزاع في الخالق وفي أنَّ اسمه هو المسمّى لأنّه تعالى في ذاته وصفاته وأسمائه لا يشبه ذوات المخلوقين وصفاتهم وأسمائهم ، ولا يخفى على الخبيرِ بأنَّ هذا الفرق تحكّم .
  ( أفهمت يا هشام فهماً تدفع به وتناضل ) أي تجادل وتخاصم أعداءنا به وتسبقه وتتغلب عليه به ( أعداءنا والملحدين ) وفي نسخة(والمتخذين مع الله جلّ وعزّض غيره ؟)المائلين العادلين عن دين الله من الإلحاد ...( قلت : نعم ، قال : فقال نفعك الله به ) في الدُّنيا والآخرة ( وثبّتك يا هشام ) في الدُّنيا عند المناظرة ( قال هشام : فوالله ما قهرني ) أي ما غلبني ( أحد في التوحيد حتّى قمت مقامي هذا ) معناه حتّى قمت في مقامي هذا المقام الّذي أنا فيه الآن أو حتّى بلغت مرتبتي هذه أو حتّى قمت مقامي هذا المقام الّذي هو مقام تعليمه ودعائه ( عليه السلام ) على اعتبار الابتداء من زمان التكلّم بقوله فوالله ما قهرني أحد ، واعتبار الانتهاء إلى زمان القيام من مجلسه ( عليه السلام ) .
   والمحصّلة : أنه لا شبهة في أن من عبد الاسم دون المعنى يعتبر عابداً غير الله تعالى كافر ، ومن عبد الاسم والمسمى كان مشركا لعبادته مع الله تعالى غيره ، فوجب أن تكون العبادة لله تعالى وحده خالصة وهو المسمى.
 ونحبُّ أن ننوّه بأن الأسماء الله الحسنى ليست قيداً في ذاتياتها بمعنى أنها ليست منحصرة بالألفاظ الدالة على الذات المولوية المقدسة بمقدار ما هي طريق ظاهري وواقعي للقرب من المولى تبارك اسمه، ولكن ثمة معانٍ باطنية في هذه الأسماء تدل على الذات الإلهية، وهذه المعاني التي تحكي وتكشف عن الذات الإلهية يمكن لغيرها من الألفاظ أن تقوم بنفس الدور الذي كانت تقوم بها الأسماء اللفظية كالرحمن والرحيم والجميل والمحسن وغيرها من الأسماء التي لا تنحصر في الذات الإلهية بل يمكن للمخلوق الإتصاف بها وأن يكون قادراً على أن يعكس عن الجمال والجلال الإلهيين وهو ما عبرت عنه النصوص الشريفة المفسرة لقوله تعالى وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونالأعراف180 فقد جاء في الكافي بأسناده عن الحسين بن محمد ومحمد جميعا عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم عن ابن عمار عن إمامنا المعظم أبي عبد اللَّه عليه السّلام : في قول اللَّه تعالى « وَلِلَّهِ الأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها » قال: « نحن واللَّه الأسماء الحسنى التي لا يقبل اللَّه من العباد عملا إلا بمعرفتنا » .
  وقد أشرنا فيما مضى بأن الإسم يدل على المسمى؛ أي: المعنى، ويكون علامة له ودليلاً عليه وطريقاً إليه، فالإسم علامة على معرفة الله تعالى ومعرفة أحواله وكذلك أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السّلام هم أدلاء على اللَّه يدلون الناس عليه سبحانه وهم علامة لمحاسن صفاته وأفعاله وآثاره من الرحمة والرضا والسخط والإنتقام والغضب.. فادعوه بها أي فادعوا اللَّه واطلبوا التقرب إليه بسبب معرفتها فإن معرفته تعالى منوطة بمعرفتهم عليه السّلام والعبادة غير مقبولة إلا بمعرفة المعبود المتوقفة على معرفتهم ...والفارق بين الأسماء اللفظية التسع وتسعون وبين الأسماء الولوليّة المتمثلة بالنبي وآله المطهرين عليهم السلام هو أن الإسم اللفظي يحكي عن الذات الإلهية وأحوالها بشكلٍ جزئي محدود بخلاف الإسم الفعلي للأسماء الحسني ــ وهم من قد ذكرنا من أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام ــ فإنهم يحكون عن الذات الإلهية وأحوالها وتفاصيل شؤونها وأقوالها والتعبير عنها بشكلٍ تفصيليّ وبلا حدود.. من هنا جاء التعبير عن الإمام الهمام مولانا الصادق من آل محمد عليهم السلام بقوله الشريف:(نحن واللهِ الأسماء الحسنى فادعوه بها) وهو عين ما جاء في الكافي الشريف/كتاب التوحيد/باب النوادر بألفاظ متعددة عن أئمة الهدى ومصابيح الدجى لا سيما عن أمير المؤمنين وإمام المتقين وسيد الموحدين زعيم العوالم مولانا عليّ صلوات ربنا عليه وآله قال:( أنا عين الله، وأنا يد الله، وأنا جنب الله، وأنا باب الله) وثمة كلام طويل لا يمكننا في هذه العجالة تسريحه إليكم ولكل مقام مقال، ولكنني أختمها بقول رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين علي ولإبنته المطهرة الزكية فاطمة الزهراء صلوات الله عليهما وآلهما:( يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت وما عرفني إلا الله وأنت وما عرفك إلا الله وأنا).
  وعن جابر بن عبد الله قال: لمّا قدم عليُّ بن أبي طالب بفتح خَيْبَرَ قال له النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا عليُّ لولا أن تقولَ طائفة من أُمّتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلتُ فيك مَقالا لا تَمُرُّ بِمَلأ من المسلمين إلاّ أخذوا التُرابَ من تحت رجليك وفَضْلَ طهورك يستشفون بهما ولكن حسبك أن تكون مِنّي [ وأنا منك تَرِثُني وأرِثُك وأنت مِنّي ] بمنزلة هرونَ من موسى غير أنّه لا نَبيَّ بعدي : وأنت تُبْرِئُ ذِمّتي وتستر عَوْرتي وتُقاتِلُ على سُنَّتي ، وأنت غَداً في الآخرة أقْرَب الخلق مِنّي وأنت على الحوض خليفتي ، وإنَّ شيعتك على مَنابِرَ من نور مُبْيَضَّة وجوهُهم حَوْلي أشفع لهم ويكونون في الجَنّة جِيرانيوإنَّ حَرْبَك حَرْبي وسِلْمَك سِلْمي ، وسَريرَتك سَريرتي [ وعلانيتك علانيتي ] وإنَّ وُلَدك وُلدي . وأنت تقضي ديني وأنت تُنْجِزُ وَعْدي ، وإنَّ الحقَّ على لسانك وفي قلبك ومَعَك وبين يَدَيْك ونَصْبَ عَيْنَيْك ، الايمان مُخالِطٌ لحَمك ودمَك كما خالط لَحْمي ودَمي ، لا يَرِدُ عَلَيَّ الحوض مُبْغِضٌ لك ، ولا يغيب عنه مُحِبُّ لك .فَخرَّ عَلِيَّ ( عليه السلام ) ساجداً وقال : الحمد لله الّذي مَنَّ عَلَىَّ بالإسلام وعَلَّمَنِي القرآن . وحَبَّبني إلى خَيْر البَريّة وأعزِّ الخليقة ، وأكرم أهل السّموات والأرض على ربّه ، وخاتَمِ النبيِّين ، وسَيْد المرسلين وصَفْوة الله في جميع العالمين إحساناً من الله العَلِيِّ إلَيَّ وتَفَضُّلا منه عَلَيَّ . فقال له النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لولا أنت يا عليّ ما عُرِفَ المؤمنون بعدي لقد جعل الله جلَّ وعزَّ نَسْلَ كلِّ نبيِّ من صُلْبِه وجعل نَسْلِي من صُلْبِك يا عَلِيّ فأنْتَ أَعزُّ الخَلق وأكرمهُم عَلَيّ وأعَزُّهم عندي ومُحِبُّك أكرم من يَرِدُ عَلَيّ من أُمّتي. وقول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال:(إن الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها ).
  السؤال(باء) من السؤال الأول:
ب- عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له: أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة .
قال: نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة . فقلت: متى ؟ قال: حين قال لهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى . ثم سكت ساعة ثم قال: وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة ، ألست تراه في وقتك هذا ؟ قال أبو بصير فقلت له: جعلت فداك فأحدث بهذا عنك ؟ فقال لا ، فإنك إذا حدثث به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقوله ، ثم قدر أن ذلك تشبيه كَفَر ، وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين ، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون .
الجواب على(باء) من السؤال الأول:
 بسمه تعالى
  الجواب: الخبر المذكور يشير إلى الرؤية القلبية لا البصرية الممتنعة على الذات الإلهية التي لا يمكن للعيون أن تراها فهي محجوبة عن كلِّ عين حتى عيون المطهرين من عباده المقربين..ذلك لأن الرؤية البصرية تستلزم محدودية الله جلّ وعزّ وفي ذلك تحديد الله تعالى والإحاطة به، كما أن الإحاطة تستلزم الحدوث والإمكان وهما من لوازم المادة وهو فوق المادة والمحسوسات؛ فمعتقدنا بالله تعالى أنه منزّه عن الرؤية البصرية بخلاف عامة المخالفين المعتقدين بجواز رؤية الله تعالى بالبصر يوم القيامة، وقد اعتمدوا على ما رواه البخاري في صحيحه بأن الله تعالى يراه المؤمنون يوم القيامة كما يرون القمر في ليلة كماله، وقد فندنا دعواهم في الجزء الأول من كتابنا الجليل:" الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية" فصل الإلهيات، فليراجع.  
  ومقصود الإمام عليه السلام بقوله الشريف:(وأن المؤمنين يرونه في الدنيا..) هو الرؤية القلبية وهو عين ما أشار إليه مولى المؤمنين وإمام المتقين أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه وآله الطيبين بقوله الشريف لما سأله أحد الأحبار هل رأيت ربّك؟ فقال:" ويلك ما كنت أعبد رباً لم أره ! قال: وكيف رأيته؟ قال عليه السلام « ويلك ! لا تدركه العيون في مشاهدة الإبصار  ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان " .
  وفي خبر آخر عن عبد اللَّه بن سنان عن أبيه قال : حضرت أبا جعفر عليه السّلام فدخل عليه رجل من الخوارج فقال له يا أبا جعفر أي شيء تعبد قال اللَّه تعالى قال رأيته قال « بلى لم تره العيون بمشاهدة الإبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان لا يعرف بالقياس ولا يدرك بالحواس ولا يشبه بالناس موصوف بالآيات معروف بالعلامات لا يجور في حكمه ذلك اللَّه لا إله إلا هو » قال فخرج الرجل وهو يقول « اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ » .
  وهذا نظير ما رواه الشيخ حسن بن سليمان، بسنده عن زُرارة قال: قلت لأبي جعفر عليهما سلام الله عليه: أصلحك الله، قول الله عزّ وجلّ ( فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ) ؟ قال:« فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفة أنّه ربّهم ».  قلت : عاينوه ؟ فطأطأ رأسه ثمّ قال « لولا ذلك لم يعلموا مَن ربّهم ، ولا مَن رازقهم ؟ » .
  وهذه المعاينة على سبيل ما قال أمير المؤمنين سلام الله عليه: لمّا سئل : أرأيت ربّك يا أمير المؤمنين : ؟ قال « لم أكن لأعبد ربّاً لم أرَه » . قال : وكيف رأيته ؟ قال « لم ترَه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان » . أي إنهم عرّفهم نفسه ، فعرفوه في مجالي صفاته وأسمائه الحسنى وآياته ومقاماته التي لا تعطيل لها . فهو سبحانه الشاهد بأنه لا إله إلَّا هو ، لا معبود سواه ، ولا ربّ غيره ، الظاهر لعباده بأسمائه وصفاته . قال الإمام المعظم الحسين سلام الله عليه  :تعرّفتَ لكلّ شيء في كلّ شيء حتّى لا يجهلك شيء » . وقال « أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهر لك ؟ عميتْ عين لا تراك عليها رقيباً » . هل هناك تصريح أوضح من هذا التصريح في أن الله تبارك اسمه في تنزيه أئمتنا المطهرين (عليهم السلام) للذات الإلهية..؟! ومع ذلك كلّه يكفرنا المخالفون وينعتونا بالروافض والمشركين وعبدة الأصنام...! كلا نحن العباد العارفون بالله تعالى كما علّمنا أئمتنا الطاهرون (سلام الله عليهم)، وغيرنا هو الكافر والمشرك وعبدة الأصنام والطواغيت...
تنبيه مهم: إن المراد بالعيان هو مكان الإبصار، وحقائق الإيمان أركانه من التصديق بالله وبوحدانيته واعتبارات أسمائه وصفاته عز وجل ولرؤية اللَّه سبحانه بالقلوب مراتب بحسب درجات الإيمان قوة وضعفاً .
السؤال(ضه) من السؤال الأول:
  ضه: سأل محمد الحلبي الإمامَ الصادق عليه السلام فقال: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ربه قال: نعم رآه بقلبه، فأما ربنا جل جلاله فلا تدركه أبصار حدق الناظرين ، ولا تحيط به أسماع السامعين. (بحار الأنوار:4/44(.
   الجواب على(ضه) من السؤال الأول: هذا الخبر الشريف يفسر ما ذكرناه آنفاً من أن المراد بالرؤية الإلهية هي الرؤية القلبية لا البصرية لأنها مستحيلة عقلاً ونقلاً، وهو ما أكدته آيات الكتاب الكريم بقوله تعالى( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) النجم11
  وقال تعالى لنبيه موسى عليه السلام لمّا طلب منه رؤيته البصرية طبقاً لإلحاح قومه على رؤية الله تعالى ونهي النبي موسى عليه السلام لهم عن ذلك فأمره الله تعالى أن يطلب رؤيته تعالى بلسانهم فقال ساعتئذٍ( وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) الأعراف143..وقد فصّلنا ذلك في كتابنا(الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية) الجزء الأول/باب صفات الله تعالى...فليراجَع.
  السؤال(ج) من السؤال الأول:
ج- عن محمد بن نصير النميري عن الامام العسكري عليه السلام ، انه قال: من قال علي الظاهر هو الله فقد كفر. (من كتب اخواننا العلويين ، و ربما لها ارتباط بالرواية التالية التي سأذكرها لحضرتك).
   الجواب على(ج) من السؤال الأول: هذه الرواية المنسوبة إلى الإمام العسكري عليه السلام لم نعثر عليها في مصادرنا، لذا لا يمكننا البت بها ولكنها متوافقة مع العمومات والإطلاقات من الكتاب والسنّة الطاهرتين الدالين على كفر من يعتقد الأُلوهية بأمير المؤمنين أو بأحدٍ من أولاده الطاهرين عليهم السلام..والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل.
  السؤال(د) من السؤال الأول:
   د- وهذه الرواية اصعب رواية قرئتها و لم افهمها ، انقلها لكم من كتاب صحيفة الابرار ج2 للميرزا محمد تقي المقمقاني، طبعة 2003 مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، الحديث السادس ، وانقل موطن الحاجة ": واعلم يا مفضل أنه ليس بين الأحد والواحد إلا كما بين الحركة والسكون، أو بين الكاف والنون لاتصاله بنور الذات قائمة بذاتها، وهو قوله تعالى (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا) يعني ما كان فيه من الذات ، فالصورة الأنزعية هي الضياء والظل، وهي التي لا تتغير في قديم الدهور ، ولا فيما يحدث من الأزمان فظاهره صورة الأنزعية وباطنه المعنوية وتلك الصورة هيولى الهيولات وفاعلة المفعولات وأس الحركات وعلة كل علة لا بعدها سر ولا يعلم ما هي إلا هو ويجب أن يعلم يا مفضل أن الصورة الأنزعية التي قالت ظاهري إمامة ووصية، وباطني غيب منيع لا يدرك ليست كلية الباري ولا الباري سواها ، وهي هو إثباتا وإيجادا وعيانا ويقينا لا هي هو كلا ولا جمعا ولا إحصاء ولا إحاطة .
قال المفضل : قلت يا مولاي ، زدني شرحا فقد علمت من فضلك ونعمك ما أقصر عن صفته .
قال : يا مفضل سل عما أحببت ! قلت : يا مولاي تلك الصورة التي رأيت على المنابر تدعو من ذاتها إلى ذاتها بالمعنوية ، وتصرح باللاهوتية قلت لي إنها ليست كلية الباري ولا الباري غيرها ، فكيف يعلم بحقيقة هذا القول ؟
قال : يا مفضل تلك بيوت النور ، وقمص الظهور ، وألسن العبارة ، ومعدن الإشارة ، حجبك بها عنه، ودلك منها إليه ، لا هي هو ولا هو غيرها، محتجب بالنور ، ظاهر بالتجلي كل يراه بحسب معرفته ، وينال على مقدار طاعته ، فمنهم من يراه قريبا ،ومنهم من يراه بعيدا ، يا مفضل إن الصورة نور منير ، وقدرة قدير ، ظهور مولاك رحمة لمن آمن به وأقر، وعذاب على من جحد وأنكر ، ليس وراءه غاية ولا له نهاية .قلت : يا مولاي فالواحد الذي هو محمد .فقال : هو الواحد إذا سمي،  ومحمد إذا وصف . قلت : يا مولاي فعلي منه باين كذا غير المعنى كذا وصف اسمه. فقال : ألم تسمع إلى قوله ظاهري إمامة ووصية وباطني غيب لا يدرك . قلت : يا مولاي فما باطن الميم؟فقال (عليه السلام) :نور الذات ، وهو أول الكون ، ومبدء الخلق ، ومكون لكل مخلوق، ومتصل بالنور ، منفصل لمشاهدة الظهور ، إن بعد فقريب وإن نأى فمجيب، وهو الواحد الذي أبداه الأحد من نوره، والأحد لا يدخل في عدد والواحد أصل الأعداد ، وإليه عودها وهو المكنون؟قلت : يا مولاي يقول السيد الميم: أنا مدينة العلم وعلي باطنها. 
 فقال : يا مفضل إنما عنى تسلسل الذي سلسل من نوره ، فمعنى قوله (عليه السلام) : وعلي بابها يعني أنه هو أعلى المراتب وباب الميم ومنه يدخلون إلى المدينة ، وعلم العلم وهو المترجم بما يمده سيده من علم الملكوت وجلال اللاهوت .
فقلت : يا مولاي يقول السيد الميم : أنا وعلي كهاتين ، لا أدري يمينا ولا شمالا ، وأقرن بين سبابتيه .
فقال : يا مفضل ليس يقدر أحد من أهل العلم يفصل بين الاسم والمعنى غير أن المعنى فوقه ؛ لأنه من نور الذات اخترعه فليس بينه وبين النور فرق ولا فاصل ، ولأجل ذلك قال : أنا وعلي كهاتين - إشارة منه إلى العارفين - أن ليس هناك فصل ولو كان بينه وبينه فصل لكان شخصا غيره هذا هو الكفر الصراح ، أما سمعت قوله ( أن يفرقوا بين الله ورسله) وقوله:(ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) وإيماؤها للعارفين أن يقال: إن الله بينه وبين بابه واسطة، ولأجل هذا قال : أنا وعلي كهاتين لأنه بدء الأسماء وأول من تسمى، فمن عرف الإشارة استغنى عن العبارة ، ومن عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة، ألم تسمع إلى إشارة الاسم إلى مولاه تصريحا بغير تلويح ، حيث يقول: أنت كاشف الهم عني وأنت مفرج كربتي وأنت قاضي ديني وأنت منجز وعدي ، ثم يكشف عن اسمه الظاهر بين خلقه فيقول : أنت علي، إشارة منه إلى مولاي ، فكانت الإشارة إلى بابه : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليقصد الباب (
الجواب على(د) من السؤال الأول:
 لم نعثر على الرواية في المصادر الشيعية القديمة، ولكن الميرزا محمد تقي ذكرها ــ كما تفضلتم ــ في كتابه القيّم صحيفة الأبرار /الجزء الثالث من المجلد الأول من طبعتنا طبعة دار الجيل باب أحاديث مولانا الإمام الصادق عليه السلام صفحة 183ح233، وقد صرح رحمه الله بأنه نقلها من وريقات كانت بيد أحد السادة...، وبالرغم من ذلك كله، فإن الرواية على فرض صحة صدورها عن إمامنا الصادق عليه السلام فليس فيها ما يستدعي إلى رفضها أو طرحها بل هي صحيحة موافقة للآيات والأخبار الدالة على عصمة وعظمة أمير المؤمنين علي وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام...فالرواية لا غبار عليها من الناحية العقدية، والله تعالى هو حسبنا ونعم الوكيل.
 
السؤال الثاني:هل المقصود من الإمام علي عليه السلام اللاهوتي (أو علي الباطن كما يقولون اخواننا العلويين) صلوات الله عليه انه هو  (إنه ) الامام علي بجسده المثالي المحيط حول الكون ؟
 
بسمه تعالى
الجواب:كلا ليس كما يظن العلويون بحق جسم أمير المؤمنين علي عليه السلام فلم يكن في الدنيا بجسمه المثالي بل كان بجسمه الطبيعي الذي خلقه الله تعالى عليه، نعم حضوره في عدة أماكن في لحظة واحدة لا يكون إلا بجسمه المثالي كما حصل له في بعض المعارك كالجمل وكما يحصل عند حضوره على مئات المحتضرين في لحظة واحدة أو في عالم البرزخ بحيث يحضر على الموتى في قبورهم عند مجيء منكر ونكير للحساب....لقد عاش إمامنا المعظم أمير المؤمنين علي عليه السلام بجسمه العنصري الطبيعي لا بجسمه المثالي..والله تعالى هو العالم بأسرار وليّه الأعظم أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه وآله الطيبين...
 
السؤال الثالث: هل ممكن بأن تشرحوا لنا ولو بشكل موجز عن الفرق بين عالم اللاهوت والجبروت والملكوت والناسوت.
 
الجواب:
بسمه تعالى
الجواب: العوالم الأربعة هي: 
الأول: الجبروت وهو العالم الأكبر حيث لا عالم بعده.
الثاني: اللاهوت وهو العالم الأصغر وهو دون الجبروت.
الثالث: الملكوت وهو دون اللاهوت وفيه الجنان والكرسي .
الرابع: الناسوت: وهو العالم الدنيوي.
 والنبي الأعظم وآله المطهرين عليهم السلام في عالم الجبروت عند الله تعالى لأنهم أقرب الخلق إليه تعالى.
 
السؤال الرابع:ما معنى التجلي الإلهي و ظهوراته ؟
 
بسمه تعالى:
الجواب:معنى التجلي الإلهي هو أن يظهر الله تعالى بصفاته المعبرة عنه للجن والإنس والملائكة، والتجلي هو الظهور الإلهي بالصفات والأسماء والآثار وبه نطق القرآن الكرين بقوله ) وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) الأعراف143
 ومعنى الآية أن الله تعالى ظهر أمره على الجبل بأن أظهر من الآيات ما استدل به من كان عند الجبل لأن رؤيته تعالى مستحيلة عقلاً وشرعاً..وهنا هكذا بالنسبة سؤالكم الكريم فإن التجلي الإلهي وظهوراته تعني إظهاره لخاصة أوليائه من الآيات ما به يكون علامة على عظيم قدرته وجميل إحسانه.
 
السؤال الخامس: ويوجد حديث شريف في تراث الشيخ الاحسائي - جوامع الكلم ج9 ص426 ننقله: 
قال الامام الصادق عليه السلام: لنا مع الله وقت هو فيه نحن ونحن هو وهو هو ونحن نحن .
 وفمهي القاصر للحديث الشريف هو أن الامام عليه السلام يبين علو درجة و مقام المعصومين عليهم السلام و يبين العصمة التامة للمعصومين الاربعة عشر صلوات الله عليهم بإن عصمة المعصوم تأتي من تمثيله لله سبحانه وتعالى في أمره ونهيه . فكلام المعصوم كلام الله وأمر المعصوم امر الله و فعل المعصوم فعل الله، فهم ممثلون لله في الدنيا تمثيلا لا تجسيدا..فهل فهمي المحدود للحديث فيه شيء من الصحة او الحديث له معنى اعمق من ذلك ؟.
 
الجواب: ما تفضلتم به صحيح وموافق للاعتبار والأدلة، ونؤكد ما قلتم بإن النبيَّ وآل بيته الطيبين عليهم السلام هم أقرب الخلق إلى الله تعالى بما اتصفوا به من محاسن الأخلاق ومكارم الصفات بعد اليقين الكامل والإيمان الراسخ بحيث صاروا مؤهلين لأن يكونوا مرآة لله تعالى تعكس عليها آثاره وما يحب ويرضى بمقتضى ما جاء عنهم(نحن أوعية مشيئة الله فإذا شاء الله شئنا..).
 
السؤال السادس:ما هي الحقيقة المحمدية التي يقول بها الشيح الاحسائي رضوان الله عليه و الصوفية من مذاهب المخالفين ، و هل جميع نظريات الشيخ الاحسائي موافقة لأهل البيت ؟
 
بسمه تعالى
الجواب: الظاهر أن المراد بالحقيقية المحمدية التي يقول بها الشيخ الإحسائي رحمه الله هو أن رسول الله محمداً وآل محمد عليهم السلام هم العلَّة الغائية التي من أجلها خلق الله الكون وهم العلة الفاعلية التي تنعكس عليها آثار سبحات الجلال من غير إشارة جسمية، وقد أشار الشيخ الإحسائي الراحل عن حقيقة النبي وآله وأن كل واحد منهم علة تامة لوجود العالم في صدوره وفي بقائه، فالمعصوم من آل محمد عليهم السلام علة فاعلية بالله تعالى بمقتضى قوله تعالى(لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) وشعاعهم بمشيئة الله علّة مادية بمقتضى قوله تعالى( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره) وظل هياكلهم بإرادة الله علّة صوريّة وأحوالهم بقدر الله علة غائية..ولا عجب في ذلك بعد أن كشفت النصوص عنهم بأنهم العلة التي من أجلها خلق الله السماوات والأرض(لولاكم ما خلقت الأفلاك) وقد فصّل العلامة الجليل الإحسائي أعلى الله مقامه عن مرامه في كتابه القيم(شرح الزيارة الجامعة الكبيرة) في فقرة:ط مؤمن بإيابكم مصدق برجعتكم" وكذلك في فقرة(ومعدن الرحمة) فليراجع. ولم نرَ ما يخل بعقيدته في كتابه شرح الزيارة، والله العالم بحقائق أسراره.
 
السؤال السابع:من هم أبواب الائمة ؟ وهل من ضروريات المذهب معرفتهم كما يقول الشيخ ابوشعبة الحراني قدس سره في كتابه (حقائق أسرار الدين) بأن يجب معرفة ولي الولي، وفقط مذكور بعضهم في كتاب دلائل الأئمة.
   
بسمه تعالى 
الجواب: أبواب الأئمة المطهرين (سلام الله عليهم) على صنفين:
 (الصنف الأول): هم الأبواب المعصومون التالون للمعصوم الأعظم وهم أئمة الهدى عليهم السلام والصديقة الكبرى مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها نظير عصمة المولى أبي الفضل العباس ومولاتنا الصديقة الحوراء زينب وأم كلثوم وغيرهم ممن ثبتت عصمتهم بالأدلة التي أشرنا إليها في اثنين من كتبنا الأول: " العصمة الكبرى لوليّ الله مولانا العباس بن أمير المؤمنين عليّ عليهما السلام"، والثاني: " الحقيقة الغراء في تفضيل مولاتنا الصديقة الكبرى زينب الحوراء على مريم العذراء عليهما السلام".
 هذا الصنف من الأبواب تجب معرفتهم تفصيلاً على العلماء، وإجمالاً على العوام.
 (الصنف الثاني): هم الوكلاء الخواص عند الأئمة الأطهار عليهم السلام، وهؤلاء لا تجب معرفتهم بأعيانهم، وإن وجب شرعاً الأخذ برواياتهم عن المعصومين عليهم السلام.
  وبعبارة أُخرى: لم يرد عندنا دليلٌ يشير إلى وجوب معرفة أبواب الأئمة الطاهرين عليهم السلام على كل فرد شيعي، كوكلائهم الخاصين وحملة اسرارهم والمجاهدين في سبيلهم في زمن حضورهم الشريف، نعم يجب الاعتقاد بهم ــ على نحو الإجمال ــ وموالاتهم ونصرتهم والإيمان بما رووه عن أئمتنا الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) وما قدموه في سبيلهم، والولاية لهم واجبة كما أشرنا، و يدل على ذلك الأخبار الكثيرة، منها خبر الأعمش عن إمامنا الصادق عليه السلام قال:" حب أولياء الله واجب ، والولاية لهم واجبة ، والبراءة من أعدائهم واجبة ومن الذين ظلموا آل محمد صلى الله عليهم وهتكوا حجابه وأخذوا من فاطمة عليها السلام فدك ومنعوها ميراثها وغصبوها وزوجها حقوقهما وهموا باحراق بيتها وأسسوا الظلم وغيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله ، والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة ، والبراءة من الأنصاب والأزلام أئمة الضلال وقادة الجور كلهم أولهم وآخرهم واجبة ، والبراءة من أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود قاتل أمير المؤمنين عليه السلام واجبة ، والبراءة من جميع قتلة أهل البيت عليهم السلام واجبة ؛ والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهم صلى الله عليه وآله واجبة ، مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر و جابر بن عبد الله الأنصاري وحذيفة بن اليمان وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الصامت وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري ومن نحا نحوهم وفعل مثل فعلهم والولاية لاتباعهم والمقتدين بهم وبهداهم واجبة ".
   وفي أمالي الصدوق بإسناده عن ابن البرقي عن أبيه عن جده عن سليمان بن مقبل عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال : من جالس لنا عائبا أو مدح لنا قاليا أو واصل لنا قاطعا أو قطع لنا واصلا أو والى لنا عدوا أو عادى لنا وليا فقد كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم".
 إن العمومات الإطلاقات دالة بوضوح على وجوب نصرة أولياء آل محمد عليهم السلام، والنصرة لأولياء آل محمد عليهم السلام تستوجب المعرفة في كثيرً من الأحيان إلا أن تكليف العوام بها من أشكل المشكلات، فيكفيهم المعرفة الكليّة الإجمالية على نحو موالاة كل موال من الشيعة المتبرئين من أعداء آل البيت عليهم السلام
 والفرق واضح بين وجوب معرفتهم بأعيانهم، وبين وجوب موالاتهم ونصرتهم والاعتقاد بما رووه عن ساداتنا المطهرين (عليهم السلام)؛ فالأول غير واجبٍ على العوام، ولا يبعد وجوبه على القادرين منهم لاسيّما طلبة العلوم الدينية، فهؤلاء يجب أن يعرفوا أعوان آل محمد عليهم السلام قبل معرفتهم بأصول المنطق وأحوال العرب وتواريخها؛ والحكمة من وجوب ذلك عليهم باعتباره من لوازم الولاية لأهل البيت عليهم السلام والبراءة من أعدائهم، ولا يحصل ذلك إلا بمعرفة تفاصيل حياة أوليائهم والمناهضين لهم من اعدائهم، هذا مضافاً إلى أن المعرفة بهؤلاء المجاهدين الأشاوس يعتبر حصانة في حفظ التراث العقائدي والفقهي، وتمييزهم عن غيرهم ممن ادعوا صحبة الأئمة الطاهرين عليهم السلام والنيابة عنهم؛ وأمَّا الثاني وهو( وجوب الاعتقاد بهم ووجوب نصرتهم ومالاتهم والاعتقاد بما رووه عن ساداتنا الميامين عليهم السلام)، فواجب شرعاً وعقلاً، باعتبارهم أبواباً للأئمة الطاهرين (سلام الله عليهم) في معرفة الحلال والحرام ومعالم التشيع وغير ذلك؛ فهم وكلاؤهم وأصحابهم الرواة الأمناء حيث خرج بواسطتهم علوم آل محمّد (سلام الله عليهم) إلى الشيعة، فلا يجوز إنكار فضلهم وكراماتهم وجهودهم الجبارة في حفظ تراث آل محمد عليهم السلام، إذ لولاهم لاندرس دين آل محمد عليهم السلام، ومن قدح فيهم وجحد فضلهم ونصب لهم العداوة والبغضاء خرج من الإسلام، لأنه لم ينصب العداوة لكونهم أفراداً من شيعة الإمام عليه السلام فحسب، بل لأنهم رووا العلوم عنهم، فالنصب لهم يعني النصب للأئمة الأطهار (عليهم السلام) لأنهم شيعة مخلصون لهم (عليهم السلام) فهم أنصارهم وأعوانهم، فنصب العداوة لهؤلاء الوكلاء الرواة من أعظم المحرمات في شريعة آل محمد عليهم السلام وهو يستلزم النصب للأئمة المطهرين عليهم السلام ، فالرد عليهم،هو ردٌّ على الأئمة الطاهرين (سلام الله عليهم) كما ورد في صحيحة عمر بن حنظلة عن إمامنا الصادق (سلام الله عليه) قال:"...من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد،  والراد علينا رادٌّ على الله وهو على حد الشرك بالله ".
  وفي الصحيح ، عن عبد الله بن مسكان ، عن بدر بن الوليد الخثعمي قال: دخل يحيى بن سابور على أبي عبد الله عليه السلام ليودعه فقال له أبو عبد الله عليه السلام : أما والله إنكم لعلى الحق ، وإن من خالفكم لعلى غير الحق ، والله ما أشك لكم في الجنة وإني لأرجو أن يقر الله أعينكم إلى قريب .
  وفي الصحيح ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قلت له : جعلت فداك أرأيت الراد على هذا الأمر فهو كالراد عليكم ؟ فقال : يا أبا محمد من رد عليكم هذا الأمر فهو كالراد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى الله تبارك وتعالى يا أبا محمد إن الميت منكم على هذا الأمر شهيد قال : قلت : وإن مات على فراشه قال أي والله على فراشه حي عند ربه يرزق ".
  وروى الكشّي بسنده عن جميل بن درّاج ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :«  ( بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ) بالجنّة : بريد بن معاوية العجلي ، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي ، ومحمّد بن مسلم ، وزرارة ، أربعة نجباء ، أمناء الله على حلاله وحرامه ، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوّة واندرست» .
  وما رواه بسنده عن سليمان بن خالد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : « ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة ، وأبا بصير ليث المرادي ، ومحمّد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط ، هؤلاء حفّاظ الدين ، وأمناء أبي على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا والآخرة ».
 إن لكلّ إمام من أئمة الهدى (سلام الله عليهم) أبواباً من أبواب التقى والعلم، فمن أنكر فضلهم ورد رواياتهم برمتها فهو زنديق،لاستلزامه الرد على أهل البيت (عليهم السلام)؛ وكذلك يحكم بردة من جحد وكالة وكلائهم الخواص الذين نصبوهم في البلدان للفتيا والقضاء وجمع الأموال كالأخماس والزكوات ليوزعها الأئمة الأطهار عليهم السلام على الفقراء والمساكينن؛ ذلك لأن جحود وكلائهم يعني الجحود لحكم الأئمة الأطهار عليهم السلام ورفض ما قرروه وأسسوه وحكموا به، ومن هذا القبيل نحكم بكفر من رد روايات الكتب الأربعة برمتها أو أكثرها أو رد خبراً مستفيضاً استحساناً وقياساً لاستلزامه رد أخبارهم القطعية الصدور الموافقة للكتاب والسنة المطهرة، من هنا حكمنا بكفر الحيدري لأنه رد أكثر الأخبار الشريفة وحكم عليها بأنها من صنع كعب الأحبار اليهودي..!!
 زبدة المخض: إن الرد على الثقات الأمناء من أبواب الأئمة الأطهار (عليهم السلام) هو رد عليهم صلوات الله عليهم، والراد عليهم هو رد على الله تعالى ورسوله، وهو الكفر بعينه؛ وكذلك يحكم بكفر الجاحد سفارة السفراء الخواص للإمام الحجَّة القائم (سلام الله عليه وأرواحنا له الفداء) الذين نصبهم للسفارة في الغيبة الصغرى...والحمد لله ربّ العالمين وصلّ اللهم على نبينا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين، وزد غضبك على أعدائهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 
 
بيد الفقير المستكين محمَّد جميل حمُّود العاملي
بيروت ـ بتاريخ 13 ذي القعدة 1437 هجري

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1326
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 08 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29