• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : ليس في الأدلة الفقهية ما يشير إلى سلطة الفقيه الواحد على عامة الفقهاء .

ليس في الأدلة الفقهية ما يشير إلى سلطة الفقيه الواحد على عامة الفقهاء

الإسم: *****

النص: السلام عليكم سماحة الشيخ المحقق العاملي 

ابارك لكم ميلاد السيدة الطاهره فاطمة الزهراء عليها السلام 

عندي سؤال اتمنى من جنابكم الاجابة عليه مشكورين السعي

   السؤال هو: ماحكم من يدَّعي في عصر الغيبة من المراجع أن حكمه سارٍ على جميع الفقهاء والمراجع وحتى على سائر الناس ؟


الموضوع الفقهي: ليس في الأدلة الفقهية ما يشير إلى سلطة الفقيه الواحد على عامة الفقهاء .

بسم الله الرَّحمان الرحيم

   الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه رسول الله محمد وآله الغر الميامين، واللعنة الدائمة السرمدية على أعدائهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين..وبعد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نتمنى لكم التوفيق الدائم، وأسعد أيامكم بميلاد مولاتنا الصدّيقة الكبرى سيِّدة نساء العالمين الزهراء البتول (سلام الله عليها) وجعلنا وإياكم من خيرة أنصارها وأعوانها وخدامها، فلعن الله ظالمها والراضي بفعله..

  الجواب: دعوى البعض بأن حكمه سارٍ على عامة الفقهاء ما هي إلا بدعة من أعاظم البدع التي ظهرت في الوسط الشيعي منذ بداية حكم الخميني، فقد ظنَّ المذكور أن ولايته هي نفس ولاية النبي وأهل بيته الأطهار عليهم السلام، وقد اعتمد على ظنون وأقيسة واستحسانات لا علاقة للمنهج العلمي الشيعي بها من قريب أو بعيد..! بل إن الولاية المزعومة هي نفس ولاية أعمدة السقيفة الذين نصبوا أنفسهم مكان النبي وأهل بيته الأطهار عليهم السلام حيث قلبوا أحكام الله تعالى رأساً على عقب، فحللوا الحرام، وحرموا الحلال لمصالح وغايات سياسية ودنيوية لتسهيل أمورهم وأمور أتباعهم..وهكذا الحال فيمن نصب نفسه قيّماً على الدين والتشيع فصار يحسب نفسه أنه النبيّ والوليّ يتصرف كيفما تحلو له نفسه الأمارة بالسوء فيقتل ويعذب ويسلب الأموال من مناوئيه تحت ذريعة ولايته المزعومة...!! وما ادَّعاه الخميني من أن ولايته سارية على عامة الفقهاء ليس عليها دليل روائي صريح أو مجمل، بل العكس هو الصحيح حيث إن الأخبار الواردة في بيان وظيفة الفقهاء في عصر الغيبة الكبرى لا تفاوت فيها بين فقيه وآخر وليس فيها قيومية لأحد الفقهاء على آخر، ونحن نتحدى دعاة ولاية الفقيه العامة أن يأتينا واحدٌ منهم بخبرٍ واحدٍ يعطي ولاية لفقيهٍ على آخر..بل كل النصوص تشير إلى أنهم في الحجية على نسقٍ واحدٍ، ولكنَّ التفاوت بينهم إنَّما يكون في العقيدة الصحيحة والتولي والتبري والتقوى والورع وقوة الحجة في المدرك، فمن كانت عقيدته صحيحة ومنهجه مستقيم كانت حجيته أقوم ودليله أمتن..

  نعم ثمة مسألة في باب المرافعات لدى المجتهد الورع تثير التساؤل حول سلطة الفقيه على عامة الفقهاء حيث قد يتوهم البعض أن الحاكم فيها له ولاية على عامة الفقهاء ولا يجوز لهم نقض حكمه ما يعني وجود ولاية له على غيره من المجتهدين، وهو توهم موبوءٌ، وذلك لأن حكمه إنما يكون نافذاً في باب القضاء لا في الفتاوى وبقية المرافعات، وعدم جواز نفض حكمه فيما لو كان حكمه صحيحاً وطبقاً للأدلة الفقهية، ولا يعني ذلك أنه صار والياً عليهم، بل لأن بعض الأخبار دلت على أن من حكم بحكمهم ولم يقبل منه فقد ردَّ على الأئمة الأطهار عليهم السلام، وهو أمر خاص بالقضاء، ويشمل عامة من حكم بحكمهم وقضى بقضائهم في المرافعات الجزائية المتنازع عليها بين المدعي والمنكر شريطة أن يكون الفصل بين المتنازعين ضمن شروط القضاء من دون استخدام آليات ولايتية كما يفعل قضاة ولاية الفقيه في المحاكم التي ينصبونها هنا وهناك..!!

  فعدم جواز نقض حكم الحاكم الورع في المرافعات المتنازع عليها لا يعني بالضرورة هيمنة الحاكم القاضي على عامة الفقهاء، لأن مهمة القاضي الحاكم في فصل الخلافات تنصب على حلِّ القضايا الخارجية المتنازع عليها بين المدَّعي والمنكر، فحكمه تشخيصيٌّ وليس حكماً ولايتياً، بمعنى أنه يشخّص الموضوع لصاحبه ثم يحكم عليه بحكمٍ شرعي متفق عليه أو مستنبط من الأدلة الشرعية المقررة في الكتاب والسنة المطهرة؛ وقد بحثنا مسألة حكم القاضي في كتابنا الموسوم بـ"ولاية الفقيه العامة في الميزان" وأوردنا هناك على دعاة ولاية الفقيه العامة فليراجع.

  والحاصل: ليس هناك ولاية لمجتهدٍ على آخر في لسان الأدلة، ودعوى أن حكم الفقيه الواحد سارٍ على جميع الفقهاء والمراجع وحتى على سائر الناس مخالف للأدلة والأخبار ودون إثباته خرط القتاد، بل هو حكم استبداديّ يناهض الثوابت في ديننا القويم ولا سلطة مطلقة لأحدٍ على أحد إلا لأهل البيت عليهم السلام والأنبياء والأوصياء والأولياء المعصومين..والله الهادي إلى الصراط المستقيم، والسلام عليكم.

حررها العبد الأحقر محمد جميل حمُّود العاملي

بيروت بتاريخ 12 شهر رمضان 1438 هجري


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1491
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 07 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28