• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : رأينا في الفلسفة والعرفان .

رأينا في الفلسفة والعرفان

الموضوع: ما هو رأيكم بالفلسفة والعرفان؟.

بسم الله الرحمن الرحيم
 

اللهم صلي وسلم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين واللعنة السرمدية الأبدية على أعدائهم ومنكري فضائلهم وظالميهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين آمين يارب العالمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

مارأي سماحتكم في الفلسفة والعرفان ؟ وما الحكم الشرعي منها ؟ مع ذكر الأدلة
موفقين بإذن الله وببركة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام
 

والجواب
 

بسمه تعالى
 

الفلسفة والعرفان الإسلاميين هما نوعان من التّصوُّف،والتصوُّف من بدع المخالفين،وقد وقف  أئمتنا (عليهم السلام) موقف الشّجب والإستنكار من التصوف والفلسفة،وذلك لأجل خطورة دعوى العرفان أوالتّصوُّف والفلسفة لكونهما طريقين يسهل إدّعاء الوصول إلى الله تعالى من خلالهما إلى الغايات الرّخيصة والمقامات المصطنعةمن العالم والجاهل والذّكي والغبي،ولا يحتاج لإثباته إلى أيّ دليل،ذلك أنّ دعوى الكشف والشُّهود والعلم اللدنّي تحل أعظم المشكلات وتسهّل على المدّعي كل عسير،وهذا طريق سهل ينال من خلاله الطّامحون والكسالى كل ما يشتهون ويريدون بلا تعب ولا نصب،وبلا سهر أو إجهادٍ فكري في البحث والدّراسة عشرات السّنين لمعرفة أحكام الله وحقائق دينه ومعاني آياته في الكتاب والسُّنّة،وهو يفسح المجال أمام سالكيه وطلاّبه لكي يدّعوا بأنّ أحدهم هو أحكم الحكماء وأعلم العلماء وليس لأحدٍ أن يُطالبه بدليل أو برهان،لأنّ الكشف هو عصى موسى وخاتم سليمان وبراق سيّد الرُّسل..
 ودعوى العرفان والتّصوُّف تفتحان الطّريق للإستغناء عن المعصوم باعتبار أنّ ما يدّعيه الشيخ الصُّوفي والعرفاني من نيل المعارف عن طريق الكشف يفسح المجال إلى مشاركته بالعلوم الشهوديّة للمعصوم (عليه السلام) مما يؤدي إلى الإستغناء عنه والتوجه إلى الشيخ العرفاني الذّي يسلك بتلميذه إلى الكشف والشُّهود..
  ومصطلح العرفان مستحدث قد وضعه علماء الصوفيّة امثال إبن العربي وابي يزيد البسطامي وأضرابهما بدلاً من مصطلح "الصوفيّة" وذلك لعلمهم بأنّ الشيعة لن يدخلوا في سلكهم إمتثالاً لإرادة أئمتهم (عليهم السلام) الذين نهوهم عن معاشرة الصوفية وسلوك طريقهم....مضافاً إلى إغترار بعض أدعياء العلم بالخط الصوفي،فلبَّس على المستضعفين من طلبة العلوم الدينية في الحوزات العلميّة في إيران على وجه الخصوص فشكّلوا بذلك فريقاً كبيراً للترويج للمسلك العرفاني والدعوة إليه... 
 وبالجملة فالفلسفة والعرفان باطلان من وجوه:       
(الأول):أنَّهما يبعّدان عن الكتاب والسُّنّه الشريفة،فبدلاً من أن يتوجّه العلماء والطلبة إلى تفسير القرآن ودراسة الأخبار الشريفة والتعمق بمداليلها ومضامينها والتدبر فيها وشرحها،وكذا التدبر في الحوارات التي أجراها أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) مع غيرهم،وهي كثيرة جداً فيها الكثير من المعارف وطرق الإستدلال التي يدَّعي الفلاسفة أنَّهم ينكبون عليها لأجل أن تعلمهم كيفيَّةالإستدلال، فبدلاً من أن ينهمكوا في آيات الكتاب الكريم ومناظرات النبي وآله الأئمة الطاهرين ... ينهمك هؤلاء الطلبة بتتبُّع أقوال العرفانيين ويذوبون بدعاوى كراماتهم وفضائلهم،حتّى صاروا عندهم بمنزلة الأئمّة المعصومين(عليهم السلام).
(الثاني):يبعّدان عن علم الكلام الذي أسسه لنا ائمتنا(عليهم السلام) وبرع فيه ثلة من تلامذتهم كهشام بن الحكم وهشام بن سالم وحمران بن أعين والاحول الطاقي وقيس بن الماصر واضرابهم...فعلم الكلام المأخوذ من الكتاب الكريم والسنَّة المطهرة والعقل فيه الكفاية للذود عن العقيدة ودفع الشبهات عنها،ولسنا بحاجةٍ إلى الفلسفة التي لم تنفع حتى ملا صدرا الذي تفرّغ لها بأكثر من نصف عمره ثمّ تبرأ منها في آخر عمره وانكبَّ على تفسير القرآن ...
(الثالث):لقد نهت الأخبار الشريفة عن الفلسفة والتصوف،وقد روى المحدّث الحرّ العاملي (عامله الله تعالى بلطفه وإحسانه) العديد منها في كتابه القيّم "الإثنى عشريّة في الرد على الصوفية" وكذلك العلاّمة الأردبيلي رحمه الله تعالى في كتابه القيم"حديقة الشيعة" إنتقينا منها بعض الأحاديث ليكون الباحث على بينّة من امره، وهي التالي:
  الأوّل:

ما رواه الشيخ الأجل الملاّ أحمد الأردبيلي قدس الله روحه في كتاب حديقة الشّيعة قال:نقل الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النُّعمان رضي الله عنه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب أنّه قال:كنت مع[ الإمام] الهادي علي بن محمد عليه السّلام في مسجد النبي صلّى اله عليه وآله فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفري وكان رجلاً بليغاً وكانت له منزلة عنده عليه السّلام ثمّ دخل المسجد جماعة من الصُّوفيّة وجلسوا في ناحية مستديرة وأخذوا بالتّهليل فقال عليه السّلام لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين فإنهم خلفاء الشّيطان ومخرّبوا قواعد الدّين يتزهدون لراحة الأجساد ويتهجدون لصيد الأنعام يتجوّعون عمراً حتّى يديخوا للأيكاف حمراً لا يهللون إلاّ لغرور النّاس ولا يقللون الغذاء إلاّ لملاء العساس واختلاس قلوب الدّفناس،يكلّمون النّاس بإملائهم في الحبّ ويطرحونهم بإذلالهم في الجبّ، أورادهم الرّقص والتصدية-أي التصفيق-،وأذكارهم الترنُّم والتغنية فلا يتّبعهم إلاّ السُّفهاء ولا يعتقدهم إلاّ الحمقى فمن ذهب إلى زيارة أحدهم حيّاً وميّتاً فكأنّما ذهب إلى زيارة الشّيطان وعبادة الأوثان ومن أعان أحداً منهم فكأنّما أعان يزيد ومعاوية وأبا سفيان.
 فقال له رجل من أصحابه وإن كان معترفاً بحقوقكم؟قال فنظر إليه شبه المغضب وقال دع ذا عنك من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا أما تدري أخسُّ طوايف الصّوفية والصّوفيّة كلهم مخالفونا وطريقتهم مغايرة لطريقتنا وإن هم إلاَّ  نصارى أو مجوس هذه الأمّة أولئك الذّين يجهدون في إطفاء نور الله بأفواههم والله متمٌّ نوره ولو كره الكافرون.

  الثّاني:

ما رواه أيضاً في كتاب حديقة الشيعة عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ومحمد بن إسماعيل بن يزيع عن الإمام الرّضا عليه السّلام أنّه قال:من ذكر عنده الصوفيّة ولم ينكره بلسانه أو قلبه فليس منّا ومن أنكرهم فكأنما جاهد الكُّفار بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله.

  الثّالث:

ما رواه أيضاً في الكتاب المذكور بإسناده قال:قال رجل للصّادق عليه السّلام قد خرج في هذا الزّمان قوم يقال لهم الصُّوفيّة فما تقول فيهم؟فقال عليه السّلام:إنّهم أعداؤنا فمن مال إليهم فهو منهم ويُحشر معهم وسيكون أقوام يدّعون حبّنا ويميلون إليهم ويتشبّهون بهم ويلقبُّون أنفسهم بلقبهم ويأولون أقوالهم فمن مال إليهم فليس منّا وأنا منه براء ومن أنكرهم وردّ عليهم كان كمن جاهد الكفّار مع رسول الله صلّى الله عليه وآله.
  الرّابع:

ما رواه علي بن الحسين بن بابويه القمى في قرب الإسناد الذي صنفه عن سعد بن عبدالله عن محمد بن عبد الجبّار عن الإمام العسكري عليه السّلام أنّه قال سُئل الصّادق عليه السّلام عن حال أبي هاشم الكوفي الصوفي فقال:إنّه فاسد العقيدة جداًّ وهو الذي ابتدع مذهباً يقال له التّصوُّف وجعله مفراًّ لعقيدته الخبيثة.
  الخامس:ما رواه أيضاً الشيخ أحمد الأردبيلي في حديقة الشّيعة قال:نقل السيد مرتضى عن الشيخ المفيد عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه عن سعد بن عبدالله عن محمد بن عبد الجبّار عن الإمام العسكري عليه السّلام أنّه كلّم أبا هاشم الجعفري فقال يا أبا هاشم سيأتي على النّاس زمان وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة منكدرة السنة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنة،المؤمن بينهم محقّر والفاسق بينهم موقّر،امرأوهم جاهلون جائرون وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء وأصاغرهم يتقدّمون على الكبراء كل جاهل عندهم خبير وكل محيل عندهم فقير لا يميزون بين المخلص والمرتاب ولايعرفون الضأن من الذئاب علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتّصوف وايم الله أنهم من أهل العدول والتحرف يبالغون في حب مخالفينا ويضلُّون شيعتنا وموالينا وإن نالوا منصباً لم يشبعوا من الرشا وإن خذلوا عبدوا الله على الرّيا لأنهم قطّاع طريق المؤمنين والدّعاة إلى نحلة الملحدين فمن أدركهم فليحذرهم وليصن دينه وإيمانه ثمّ قال:يا أبا هاشم بهذا حدّثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمد عليهما السّلام وهو من أسرارنا فاكتمه إلاّ عن أهله.
  والحاصل:أنّ موضوع الفلسفة والتصوف هو تتبع أقوال علمائهما ودراستها والتعمق بها ،ولو كان فيها خيرٌ لكان ائمتنا (عليهم السلام) أمروا بها ودلوا العباد إليها،مضافاً إلى أنّ ما عندهم كافٍ ووافٍ للسالكين إلى الله تعالى فلا حاجة إلى أقوال الفلسفة والصوفية المشحونة بالشكوك والشبهات والآضاليل فلا يجوز تتبعها ودراستها والتشبع بأفكارها ودعوة الناس إليها...والحمد لله ربّ العالمين وصلِّ اللهم على سيّدنا محمّدٍ وآله الطاهرين..

والسلام عليكم ورحمته وبركاته...العبد الشيخ محمَّد جميل حمُّود العاملي/بيروت.

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=19
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 03 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29