• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : يجوز للرجال اللطم على الصدور العارية ضمن ضوابط شرعية .

يجوز للرجال اللطم على الصدور العارية ضمن ضوابط شرعية

 

السلام عليكم سماحة المرجع القدير والمحقق المجاهد النحرير اية الله الموقر الشيخ محمد جميل حمود العاملي حفظكم الله تعالى دوما وابدا.
السؤال:
 هل يجوز (النزع) أي كشف الصدور في حالة الجزع واللطم داخل المجالس الخاصة تحديداً؟
خادمكم: موسى.ج بيروت
-----
القسم الفقهي: يجوز للرجال اللطم على الصدور العارية ضمن ضوابط شرعية/ الاخبار المتعارضة في حدّ العورة/ جمع المشهور الضعيف/ جمعنا العرفي الفريد من نوعه بنحوين مهمين.
بسمه تعالى
وعليكم السلام ورحمته وبركاته
الجواب: يجوز للرجال حال اللطم كشف صدورهم بشرط: أن يكون كشف الصدور خلال اللطم منحصراً في المجالس الخاصة بحيث لا يراهن النساء؛ ولا يجوز تصوير اللطم بفيديوهات وكاميرات بالكيفية المذكورة لكي تُنشر على القنوات ومواقع الإنترنت دفعاً لمحذور مشاهدة النساء لصدور الرجال وأكتافهم، ذلك لأنه يؤدي إلى إثارتهنّ وإغرائهن بالمعاصي بسبب النظر الى الاكتاف والصدور العارمة بضخامة العضلات وعظم الكتفين وقد ثبت هذا طبياً ونفسياً من خلال الإستقراء والتجربة..
هنا فروع ثلاثة لا بدّ من التعرض لها باعتبارها غاية في الاهمية وهي ما يلي:
(الفرع الاول): لا يجوز للرجال النظر الى أعضاء المحارم من النساء وكذا العكس، فلا يجوز للأخ او الأب أو الخال والعم..إلخ النظر الى عورات محارمه كالسُّرة والعانة والفخذين من محارمه النساء مطلقاً سواء  مع الريبة والتلذذ أو من دونهما؛ وهو خيرة الطباطبائي صاحب العروة الوثقى في بحث وجوب ستر المرأة بدنها، ونقل عن العلامة الحلي في تذكرة الفقهاء ج ٢ ص ٥٧٣ قوله( ليس للمحرم التطلع في العورة والجسد عارياً) أي يحرم على الرجل المحرم النظر الى جسد إحدى محارمه مطلقاً؛ ونقل عن التنقيح قال( المنع عنه - اي نظر المحرم الى بدن محارمه - إلا الثدي حال الإرضاع) وهو ما تقتضيه سيرة من يعتني بدينه من المؤمنين والمؤمنات...وهذا هو الأقوى عندنا، وذلك لأمرين هما التالي:
الامر الاول:إن النظر من دون ريبة يفضي - في أكثر الاحيان - الى الريبة ومن يضمن نفسه من الوقوع في مصائد إبليس اللعين..؟!! اللهم إلا كلّ مغرور قليل الدين..قال تعالى( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهن ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهنّ..) النور ٣١.
والامر بغض البصر إنما هو عام في حالتي الريبة وعدمها، إذ مَن ذا الذي يسلم من مكائد الشيطان الرجيم إلا من رحمه الله من أهل الهداية والتقوى.. وقليل ما هم..وقول بعض الجاهلات من النساء بأن الشيطان لا يقترب من المحارم إنما هو إيحاءٌ شيطاني لا نعير له أهمية على الإطلاق فهو كلام نسوان ليس إلا حيث إن رأيهنّ في إفهن، وذلك لأن عواطفهنّ وغرائزهن حاكمة على عقولهن ودينهن إلا المطهرات من النساء المعصومات والتابعات لهن...!!!
الامر الثاني: لما روي في الحديث الصحيح عن مولانا الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله تعالى( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها..) قال في تفسير ما ظهر منها: هو الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكف والسوار، والزينة ثلاث: زينة للناس وزينة للمحرم وزينة للزوج، فأمّا زينة الناس فقد ذكرناه، وأمّا زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها والدملج وما دونه والخلخال وما أسفل منه، وأمّا زينة الزوج فالجسد كلّه). فالحديث واضح في بيان ما يجوز للمحرم النظر إليه من محارمه النساء فتأمل.
فقوله: (فموضع القلادة فما فوقها) بيان واضح في حرمة نظر الأخ الى ثديي أخته او إحدى محارمه..فليتدبر ذلك المؤمنون..
(الفرع الثاني):يجوز كشف البطن الى ما قبل السُّرّة بقليل خلال اللطم بالشرط المتقدم أعلاه...ولا يجوز كشف السُّرَّة  - وهي التجويف الصغير المعهود في وسط البطن - وذلك لما سنبيّنه في الفرع الثالث.
( الفرع الثالث): في تحديد العورة، فقد اختلف الفقهاء قديماً حول تحديد العورة عند الرجل في الصلاة وغيرها بينما لم يختلفوا في عورة المرأة في الصلاة فاتفقوا على أن جسم المرأة كلّه عورة ما خلا الوجه والكفين في الصلاة، والأحوط ستر القدمين في الصلاة؛ وأمّا في غير الصلاة فيجب ستر بدنها عن الرجال الأجانب حتى الوجه والكفين والقدمين ولو مع عدم التلذذ والريبة، ويحرم كشف هذه المواضع على المحارم مع التلذذ والريبة.
 ونشب خلاف أيضاً حول تحديد العورة عند الرجال والنساء في غير الصلاة، فهل هو خاص بالقُبُل والدبر أم أنه يتعدَّى إلى غير القبل والدبر؟ المشهور هو الاول حيث أفتوا باستحباب ستر ما بين السرة والركبة ولا يجب ذلك، ولكنّ الفقيه الحلبي أوجب تغطية ما بين السرة والركبة، واحتاط به الفقيه القاضي إبن البراج في كتابه المهذب، ووافقه بعض المتأخرين وهو الأقوى عندنا أيضاً، والعجب من صاحب الحدائق في دعواه: بأنه لم يقف على دليل يثبت كون العورة من السُّرّة الى الركبة( الحدائق الناضرة ج ٢ صفحة ٦) ولكننا عثرنا على خمسة نصوص تثبت تعميم حكم العورة من السُّرَّة الى الركبة..وهي التالي:
( الخبر الأول):محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن إسماعيل بن يسار، عن عثمان بن عفان السدوسي، عن بشير النبال قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الحمام فقال:
تريد الحمام؟ قلت: نعم، فأمر بإسخان الماء ثم دخل فأتزر بإزار فغطى ركبتيه وسرته، ثم أمر صاحب الحمام فطلى ما كان خارجاً من الازار ثمّ قال: اخرج عني، ثم طلى هو عليه السلام ما تحته بيده وقال: هكذا فافعل.
(الخبر الثاني):عبدالله بن جعفر في ( قرب الاسناد ) : عن الحسن بن ظريف ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه ( عليه السلام ) أنه قال : إذا زوج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها ، والعورة ما بين السُّرة والركبة.
( الخبر الثالث): وفي حديث الأربعمائة من الخصال( وهو من الأصول المعتبرة عند الإمامية) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذيه ويجلس بين قوم.
 ( الخبر الرابع):روى صاحب عوالي اللئالي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:( الفخذ عورة ).
 (الخبر الخامس):عن عوالي اللئالي أيضاً عن النبيِ صلى الله عليه وآله قال:( كشف السرة والركبة في المسجد من العورة).
وهذه النصوص واضحة في شمول الحكم بتوسيع حدود العورة عند الرجل والمرأة، وقد حملها المشهور على كراهة كشف ما بين السرة والركبة، إلا أن الفقيهين المرموقين القاضي إبن البراج وأبي الصلاح الحلبي قد أفتيا بوجوب كون العورة ما بين السرة والركبة ووافقهما على ذلك صاحب العروة الطباطبائي في بحث الستر في الصلاة محتاطاً فيها، وتبعه على ذلك بعض معاصرينا كالخوئي وبعض المحشين على العروة..وهو المعتبر عندنا أيضاً على الاقوى وليس من باب الإحتياط، ونختلف مع المشهور بكيفية الجمع بين الاخبار بحمل الأخبار الموسعة لمفهوم العورة بشكلين مهميّن هما التالي: 
( الشكل الأول): (السُّرّة والفخذان هما بحكم العورة).
نحمل أخبار الطائفة الاولى - الدالة على أن العورة هي: القبل والدبر - على العورة الحقيقية التي لا يختلف العقلاء في كونها عورة، بيدا أن ما بين السُّرة والركبة هو بحكم العورة، فلا يجوز كشفها أمام الناظر المحترم،
( الشكل الثاني): (العورة هي عورتان).
عورة مغلّظة وأُخرى مخففة، فالمغلظة هي القبل والدبر، والمخففة هي السرة والفخذان.
 وبهذا الجمع العرفي نكون قد خرّجنا نظر المشهور من ضيق الخناق حيث لم يتدبروا في كيفية الجمع بين الطائفتين من الأخبار المتعارضة، وبجمعنا هذا الفريد بماهيته - ولله الحمد والشكر - ينتفي جمع المشهور المحمول على استحباب تغطية السُّرّة والفخذين، والله العالم والحمد لله ربّ العالمين.
العبد الفقير الى الله تعالى وحججه الهداة المهديين/ خادمهم محمد جميل حمود العاملي/ بيروت بتاريخ ٩ جمادى الأولى ١٤٤٣ هجري قمري.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1994
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 12 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29