• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وسيّدة النساء سلام الله عليها .

الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وسيّدة النساء سلام الله عليها

السلام عليكم مولانا آية الله المرجع ورحمة الله وبركاته

 14. ما هو رأيکم الشريف حول الشهادة الثالثة (أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللهِ) و الشهادة بالمعصومين سلام الله عليهم أجمعين في الأذان و الإقامة؟ (مع بيان أدلّتکم التفصيليّة) 

15.ما هو رأيکم الشريف حول الشهادة الثالثة و الشهادة بالمعصومين سلام الله عليهم أجمعين (و أشهد أنّ أمير المؤمنين و أولاده المعصومين و فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين حجج الله صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين) في التشهّد الصلاة؟ (مع بيان أدلّتکم التفصيليّة.
 
 
 
 
الموضوع: الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وسيّدة النساء سلام الله عليها
 
بسمه تعالى
 
السلام عليكم ورحمته وبركاته
الجواب على السؤال الأول: الدائر حول بيان حكم الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين وأبنائه الطاهرين عليهم السلام في الأذان والإقامة... فنقول وبه نستعين:
   الأقوى عند العبد الفقير محمد بن جميل بن عبد الحسين حمود العاملي لزوم إقتران الشهادة الثالثة لمولانا أمير المؤمنين وإمام المتقين عليه السلام بالشهادتين في الأذان والإقامة وغيرهما مطلقاً بل هي شرط في صحة وقبول الأعمال، ونستدل على ذلك  بالوجوه الآتية:
  (الوجه الأول): العمومات والإطلاقات في الكتاب والسنّة المطهرين يدلان على وجود ترابط وتلازم بين فضائل النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، فقد ثبت بالأدلة والبراهين العقلية والنقلية وجوب هذا الترابط الذاتي الذي لا ينفك أبداً لا في أذان وإقامة ولا في تشهد صلاة أو تشهد خارجها.... بل الترابط لا ينفك بين الشهادات الثلاث أبداً، وهو ما أكدت عليه آيات الكتاب الكريم كآية المباهلة"وأنفسنا" وآية التطهير، وآية الإطاعة،بل إن وجوب الشهادة الثالثة هي المقومة للشهادتين السابقتين للثالثة وجوداً ولكنهما متأخرتان عن الشهادة الثالثة رتبةً من حيث إرتباط التوحيد والنبوة والرسالة بحيثية الولاية، إذ لولا الولاية لأمير الموحدين وسيد العارفين وقبلة السائرين مولانا وإمامنا المعظَّم أبي الحسن عليّ أرواحنا فداه وعليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، لما وحّد الله تعالى حقّ توحيده ولولاها لما عُبِد الله تعالى حق عبادته كما في الأخبار الكثيرة، وبالتالي فإن أصل التوحيد والنبوة منبتهما معارف الولاية المترشحة من مولى الثقلين الإمام الأكبر عليّ بن أبي طالب عليهما السلام وبالتالي فإن التساوي بالمكرمات والفضائل يستلزم القول بوجوب تلازم الشهادات الثلاث بلا فصل وطبقاً لقانون التساوي بينهما في الكرامات والمكرمات فإن كلَّ مكرمة كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله ثبتت أيضاً لوصيّه وخليفته وإمام الزمان بعده أمير المؤمنين عليّ عليه السلام  وهو ما أشار إليه ما رواه البرقي عن فيض بن المختار عن مولانا الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله قال:] وما أكرمني الله بكرامة إلا اكرمك بمثلها..[ .
 والحق أن يقال: أن مقتضى مفهوم الحصر هو عموم المكرمة لمولانا الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، ومن مصاديقها الجلية إعلان الولاية له في كل الأوقات والازمنة وفي كل وقت ولا يخرج من عموم المكرمة إلا النبوة التشريعية فقط للحديث المشهور الموسوم بحديث المنزله وهو قول النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله :] يا عليّ أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي[ وهو يتوافق مع آية المباهلة الدالة على أنهما بالدرجة والمنزلة واحدٌ بلا تخصيص، فما يكون للرسول هو للوليّ بلا فصل وإلا لما كانا نفساً واحدة بالفضائل لا بالروح لوضوح أنهما روحان ..!. 
  والحاصل: يتضح لمن تدبر وتأمل في الآيات والأخبار الدالة على فضائل رسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام يحصل له القطع واليقين بمحبوبية التلازم الشرطي في الفضائل بين الشخصين المباركين ولا يمكن الفصل لمجرد ان الشيخ الصدوق أفرط في الطعن على القائلين بالشهادة الثالثة ونعتهم بالمفوضة الغلاة وطعن بالأخبار التي اعتمدها القائلون بالشهادة الثالثة لآل محمد خير البرية في الأذان.... فقد جعلوا فتوى الصدوق كأنها وحيّ يوحي مع علمهم بما اعتقده بحق المعصوم فنسب إليه السهو ونعت المنزهين للمعصوم عن السهو بأنهم صعدوا أول درجة في الغلو... فلست أدري على أي أساس صار وفي أي إتجاه سلك فنسى اعتقاده الباطل بإثبات السهو للمعصوم ثم في ذات الوقت شنَّ حملة شعواء على من اعتمد على الأخبار الدالة على صحة الشهادة الثالثة..!! فيا سبحان الله كيف صارت فتواه كأنها سهم لا يخيب وشمس لا تغيب ونور لا يطفأ ..!!.
  (الوجه الثاني):  ما رواه الطبرسي في الإحتجاج بأسناده عن القاسم بن معاوية قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هؤلاء يروون حديثاً في معراجهم أنه لما أسري برسول الله رأى على العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر الصديق، فقال:" سبحان الله غيّروا كلَّ شيء حتى هذا! قلت: نعم، قال عليه السلام:" إن الله عزَّ وجلَّ لما خلق العرش كتب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ أمير المؤمنين، ولما خلق الله عز وجل كتب في مجراه: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ أمير المؤمنين ،ولما خلق الله عز وجل الكرسي كتب على قوائمه: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، عليٌّ أمير المؤمنين ، ولما خلق الله عز وجل اللوح كتب فيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ أمير المؤمنين، ولما خلق الله عز وجل إسرافيل كتب على جبهته: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليّ أمير المؤمنين، ولما خلق الله عز وجل جبرائيل كتب على جناحيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليّ أمير المؤمنين،....إلى أن قال عليه السلام: فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل عليٌّ أمير المؤمنين عليه السلام..".
   ونحن نستفيد من هذه الرواية الجليلة وجوب التلازم بين الشهادة الثالثة والشهادتين المتقدمتين عليها، بخلاف غيرنا من الأعلام حيث استفادوا منها الإستحباب باعتبارها مرسلة محذوفة السند إلا من القاسم بن معاوية المجهول بنظرهم، ونحن كنا قد تماشينا معهم في ذلك ولكننا بعد التدبر والتأمل وجدنا عكس ما ذهبنا سابقاً وذهبوا، وذلك لأن الظاهر من القاسم بن معاوية هو القاسم بن بريد بن معاوية العجلي وهو من أجلاء أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وقد وثقه عامة الأصحاب، ومما يؤكد ما أشرنا إليه ــ من أن القاسم بن معاوية هو القاسم بن بريد بن معاوية العجلي ــ هو التالي:
   (الأمر الأول): كثرة رواية القاسم بن بريد العجلي عن الإمام الصادق عليه السلام من دون أن يكون للقاسم بن معاوية ذكر في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، فعند إطلاق لفظ" القاسم بن معاوية" يتبادر منه إبن بريد بن معاوية، لإنحصار لفظ القاسم بن معاوية بالقاسم بن بريد باعتباره الوحيد من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام المسمّى بهذا الإسم، فإطلاقه يوجب إنصراف لفظ القاسم بن معاوية إلى إبن بريد وليس إلى شخصٍ آخر غيره حتى يُدَّعى جهالته وبالتالي إسقاط روايته عن مقام الإستدلال وإقحامها في أخبار التسامح في أدلة السنن، ولم يلتفت الأعلام المنكرين لوثاقة الراوي القاسم بن معاوية إلى أن مورد هذه الرواية الشريفة هو تثبيت ولاية أمير المؤمنين عليه السلام على العرش والكرسي واللوح والماء وجبهة إسرافيل وجناح جبرائيل والسماوات والأرضين والجبال والشمس والقمر ... وهو أمرٌ يضر بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية فاستدعى أتباعهم إلى تحريف مضمون حديث معراج رسول الله بل أنكروا معراجه الجسمي وقالوا بالمعراج الروحي لأجل دفع المكرمة الخاصة بأمير المؤمنين عليّ عليه السلام حتى وصل التحريف إلى دعاء الندبة فاثبت بعض الشيعة عبارة" وعرجت بروحه إلى سمائك" بدلاً من "وعرجت به إلى سمائك" فإذا ما وصل الأمر إلى دعاء الندبة وغيره من الأخبار الدالة على علو فضل أهل البيت عليهم السلام لا سيَّما مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فكيف يطمئن هؤلاء الأعلام إلى تبسيط الأمور غير مبالين إلى عنصر تحريف الأسانيد والتلاعب بها ليسهل النيل من دلالات الأخبار الدالة على علو فضل امير المؤمنين عليه السلام على سائر الخلق أجمعين حتى الملائكة الكروبيين..؟؟!! كما لم يأخذوا بعين الإعتبار عنصر عرض الخبر على بقية الكتاب الكريم والأخبار القطعية الدالين على وجوب ولاية أمير المؤمنين وآله الطيبين الطاهرين وطاعتهم على الخلق أجمعين حتى على جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وجبرائيل وعامة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، فأهملوا الدلالةَ واعتنوا بسند الرواية وهي بضاعة المرضى والكسالى في تحصيل منابع الفقه والعقيدة من مصدرها الحقيقي وهو الكتاب والأخبار الموثوقة الصدور كما سوف نلمح إليه عما قريب بإذن الله تعالى....سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على سادة المرسلين محمد وآله المطهرين عليهم السلام..!!.
   (الأمر الثاني): إن تداول العرف العام لإسم المترجم له إلى القاسم بن معاوية بدلاً من القاسم بن بريد بن معاوية للإختصار هو ما أوجب وقوع الأعلام في الحكم على الرجل بالجهالة، حيث كان العرف العام ينسب الرجل إلى جدّه لأمرين: إما للإختصار والإختزال فيحذفون الأب ويبقون على الجد، وإما لكي يُعرَف أكثر لأن  الشخص قد لا يكون أبوه معروفاً مثلاً ولكن جده يكون معروفاً فينسبونه إلى جده لكي يُعرف، وعلى هذا جرت السيرة العقلائية كما هو متداول اليوم بين العائلات والأسر حيث ينادون الشخص بإسمه وإسم عائلته التي هي على إسم جدّ العائلة نظير عائلة حمود حيث تنسب عائلتنا إلى الجد الأعلى لعائلتنا وهو حمود المتفرع عن النسب الإدريسي في بلاد المغرب العربي، وهكذا نرى اليوم ينادى الشخص بإسمه الفردي منضماً لإسم جد عائلته أو مدينته أو عشيرته.... وهذا الأمر موجود أيضاً في كتب الحديث كما في كثير من الترجم الرجالية التي تُذكر بألقاب أجدادها وتحذف أسماء آبائها نظير إبن الزيات وهو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، وابي الخطاب هو زيد ويكنى محمد بأبي جعفر الزيات، فقد ذكر محمد بلقبه.. وهكذا محمد بن الحسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلي الملقب بفخر المحققين حيث غلب عليه إسم جده الأعلى "مطهر الحلي" لشهرته ... ونظير غطلاق إسم فاطمي أو علوي أو حسيني أو حسني أو موسوي على كل سيد فينسبه العرف إلى جده الأعلى أو جدته العليا كما في الأمثلة العلوية والفاطمية والحسنية ... فيقال: هذا سيدٌ علوي أو هذا فاطمي أو حسني.... من دون أن ينسب إلى أبيه الصلبي المباشري بل ينسب إلى أبيه الجد الأعلى تشريفاً أو تعظيماً أو إختصاراً وما شابه ذلك وقد أكدته الأخبار كما في رواية الكافي باب من ادعى الإمامة وليس بإمام عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام مفسراً لقوله تعالى] ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة[ قال:" .. كل من زعم أنه إمام وليس بإمام، قال الراوي له: وإن كان فاطمياً علوياً؟ قال عليه السلام:" وإن كان فاطمياً علوياً".... وقد يكون حذف إسم الأب وإستبداله بإسم الجد تصحيفاً من قبل الراوي سهواً أو عمداً.....
  والحاصل: إن كثرة تداول إسم الجد للمحامل التي أشرنا إليها توجب جهالته في كثير من الأوقات فيذكره العرف بإسم جده دون أبيه الصلبي المباشري، فيجب التدقيق بتشخيص الأسماء من خلال القرائن المعينة والمحددة لهوية المترجم له حتى لا يسقط عن الإعتبار بناءً على مسلك إشتراط الوثاقة بأسانيد الأخبار.
   (الأمر الثالث):  بالغض عمّا حكم به أولئك الأعلام من تضعيفهم للقاسم بن معاوية، فلا ريب عندنا بوثاقته وجلالته لما ذكرنا في الأمر الأول، ولأننا نسلك سبيل المتقدمين القائلين بحجية الخبر الموثوق الصدور التي دلت القرائن من الآيات والأخبار على صحته، فالعمل بالخبر لا لأجل قوة سنده بل لأجل قيام القرينة على صحته وهو ما أكدت عليه أخبار العرض على الكتاب واخبار العامة، فما وافق الكتاب فيؤخذ به وما خالفه فيعرض على أخبار العامة فما وافقهم يُضرب به عرض الجدار وما خالفهم يؤخذ به....وقد فصّلما لجنابكم الكريم فيما سبق منهجنا في العمل بالأخبار الموثوقة الصدور لا الأخبار الثقة فحسب، وهو المسلك الحق المتوافق مع الكتاب والأخبار الآمرة بالعرض أي عرض دلالة الخبر على الكتاب ثم على أخبار العامة وليس عرض السند وإن كان السند الصحيح من جملة القرائن المعينة على قبول الخبر ولكنه ليس علَّةً تامةً للقبول بل جزء علّة،فالسند يرشد إلى الدلالة بمعونة القرينة  لا أنه مؤسس للدلالة، يرجى التأمل فإنه دقيق.
  (الأمر الرابع): بالإضافة إلى ما ذكرنا آنفاً، فإن الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليه السلام في خبر الإحتجاج يشير إلى حكمٍ عقائدي وليس إلى حكمٍ شرعيٍّ فرعيٍّ كي يدّعى أنه لا يحتج بالخبر المذكور في الفقه بسبب إرساله كما أومأ إليه أولئك الأعلام... فإنه خطأ فادح وقع فيه الأعلام كلّهم، بل ما تفضل به علينا ربنا العظيم بفضل تثبيت ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والحجة القائم عليهما السلام هو أن الشهادة الثالثة تقع في خانة العقائد لا الفقه، والأمر العقدي لا يحتاج إلى قوة سند الخبر ما دام الكتاب مجاهراً بوجوب الولاية لأمير المؤمنين عليّ وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام كما في آيتي البلاغ والإكمال وغيرهما من الآيات الدالة على وجوب الإعتقاد بولايته وأن المنكر لها كافر، لذا لا حاجة إلى رخصة خبرٍ صحيح ما لو زاد على الشهادتين ما يلازمهما من الأقوال الدالة على عظمة الشهادة لله تعالى ورسوله، فلو زاد المتشهد على الشهادة الأولى:" إلهاً أحداً فرداً صمداً حيّاً قيوماً أبداً سرمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً...إلخ لم يكن مأثوماً ولا عند الله تعالى ملوماً بسبب زيادته التنزيهية لله رب العالمين، وكذا لو زاد على الشهادة الثانية قوله:" ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله.. وأشهد أنه رحمة للعالمين والسراج المبين وعصمة الدين ورسول رب العالمين...إلخ لم يكن أيضاً مأثوماً بسبب تعظيم رسول الله بما هو حقٌ ونور وتعدُّ الزيادة من لوازم الشهادتين، وكذا الشهادة الثالثة هي من لوازمهما بل إن الشهادة لرسوله ولأمير المؤمنين وأهل بيتهما الطاهرين عليهم السلام من لوازم الشهادة الاولى التوحيدية، فإذا جاز تفريع الشهادة الثانية على الأولى باعتبار الثانية جزءٌ من الأولى، فيجوز حينئذٍ تفريع الثالثة على الثانية باعتبارها منبثقة عن الأولى والثانية، وهذا نظير آية الإطاعة بقوله تعالى] أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ فإطاعة الرسول متفرعة من إطاعة الله، وإطاعة الوليّ عليه السلام متفرعة من إطاعة الرسول....فالتفريع هنا فقهي بخلاف التفريع بالشهادة الثانية والثالثة فهو عقديٌّ، فلو أخذنا العنصر العقائدي المتقدم بنظر الإعتبار فلن نحتاج إلى إستعمال القواعد الرجالية والفقهية لإعلان الولاية لأمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام لأن الإعلان بوجوب الولاية قد دل عليه الدليل القرآني والأخبار التي فاقت التواتر فلا حاجة لأن نستدل بخبر أو خبرين على صحة الإعلان بالولاية في الأذان والإقامة وغيرهما بل إن الأمر العقائدي يجب إعلانه في الصلاة والأذان والإقامة وفي كل الأحوال، ومن هنا لا يبعد أن يكون أبو ذر وسلمان صلوات الله عليهما قد أعلنا الولاية لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام تحت عنوان الولاية العقائدية لا تحت عنوان فقهي تشريعي، والفرق واضح بين الحكم العقائدي وبين الفريضة الفقهية، فإدخال الحكم العقائدي في الأذان والإقامة وتشهد الصلاة لا يكون تشريعاً محرَّماً لأننا عندما أعلناه في الموارد المذكورة لم نعلنه تشفياً وبطراً وإستحساناً حتى يكون بدعة، بل هو بذاته مقننٌ ومشرّعٌ من قبل الله تعالى في محكم آياته وسنة نبيه، بخلاف ما لو كان فريضة فقهية فإن إدخاله من دون عنوان فقهي يعتبر تشريعاً محرَّماً... وبيان الحكم العقائدي يكون واجباً في كل حين ومورد كمورنا في الشهادات الثلاث... يرجى التأمل جيداً فإنه من الألطاف ولله الحمد ولأهل بيته الفضل.
 (الأمر الخامس): إن نفس توثيق الشيخ الطبرسي لرواياته التي بثها في كتابه الإحتجاج يعتبر توثيقاً من العدل إلى الثقة وهو بنفسه يوجب قبول روايته ويخرجها من الجهالة إلى الوثاقة لما صرّح به الشيخ الطبرسي نفسه في مقدمة كتابه الجزء الأول صفحة 4 بقوله:" ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده، إما لوجود الإجماع عليه، أو موافقته لما دلت العقول إليه أو لإشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف إلا ما أوردته عن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام فإنه ليس في الإشتهار على حدّ ما سواه وإن كان مشتملاً على مثل الذي قدمناه فلأجل ذلك ذكرت إسناده في أول جزء من ذلك دون غيره.."... فإنه رحمه الله تعالى قد آلى على نفسه بأن لا يروي إلا ما ثبت بأحد ثلاثة: الإجماع ـــ أو شهرة عظيمة ـــ أو دلالة العقول القطعية عليه بحيث يكون ضرورياً في شريعتنا، ومصيره مصير المفسر القمي وإبن قولويه القمي في كامل الزيارات حيث رويا الأخبار الصحيحة عن الثقاة تماماً كما فعل الطبرسي، وقد تسالم الكثير من الأعلام على قبول روايات علي بن إبراهيم وإبن قولويه القمي للنكتة التي أشرنا إليها فلماذا لا يكون الطبرسي مساوياص لهما في قبول رواياته التي حذف إسنادها إعتماداً منه على ما ذكر من إجماع أو شهرة أو دلالة عقل محكم..؟! فهل باء القمي وإبن قولويه تجر، وباء الطبرسي لا تجر..؟!!. 
  وبالجملة: إن رواية الإحتجاج صحيحة بنظرنا وليست مرسلة للجهات التي أشرنا إليها وبها يكمل الإستدلال بوجوب التلازم بين الشهادت الثلاث.... والله قصدنا وإليه مرجعنا والحجة القائم وسيلتنا ومعيننا.
  (الأمر السادس): إن خبر الإحتجاج صحيح سنداً على قاعدة:" إن عمل المشهور بخبرٍ ضعيفٍ سنداً يوجب جبره وتقويته" وذلك لأن نفس عملهم بالخبر الضعيف يعتبر توثيقاً عملياً للمخبر به فيثبت به كونه ثقةً، فيدخل في موضوع الحجية، أو على أقل تقدير يثبت كون دلالة الخبر مطابقة للواقع وإنْ لم يكن عملهم بالخبر توثيقاً عملياً للمخبر به، بناءً على أن الحجية للدلالة وليست للمخبر بما هو مخبر بل بما يخبر عنه، ويشهد لما قلنا ما لو أننا عرفنا كذاباً نقل لنا حديثاً عن المعصوم عليه السلام وكنا متأكدين بأن ما أخبر عنه كان صحيحاً وواقعاً فلا يجوز لنا تكذيبه ورميه بالتلفيق والتزوير بل يجب علينا تصديقه بما أخبر عنه، وليس لنا أن نصدّقه بكلِّ ما أخبر أو يخبر عنه إلا إذا كان موافقاً للواقع ودلت القرائن على إصابته للواقع والحق... فعمل المشهور يوجب الإطمئنان النوعي كما يوجب الوثوق بصدور الخبر عن المعصوم عليه السلام.
  (الوجه الثالث): الأخبار الكثيرة الدالة على لزوم الشهادة الثالثة وهي على طائفتين: إحداها من العامة، وثانيها من الخاصة، فمن العامة ما رواه إبن مسعود عن النبيّ صلى الله عليه وآله في حديث طويل قال:" أنه مكتوب على أبواب الجنة: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ وليُّ الله، وأنه مكتوب: من أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها فليقل: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليٌّ وليُّ الله" رواه الحافظ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير بإبن حسنويه المتوفى عام 680هـ في كتابه" بحر المناقب" ورواه النسائي المتوفى عام 303هــ في الفضائل، ورواه المؤيد الموفق بن أحمد المتوفى عام 568 هــ في كتابه " مقتل الحسين " ورواه الشهيد الثالث القاضي نور الله الحسيني التستري في كتابه الجليل" إحقاق الحق" الجزء الرابع.
  وأما الأخبار الخاصة فحدّث ولا حرج فإن الأخبار فاقت التواتر بدلالاتها على إقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين قبلها فمن أرادها فليراجع بحار الأنوار ج 27 كتاب الإمامة باب: ان أسماءهم مكتوبة على العرش والكرسي واللوح وجباه الملائكة وباب الجنة... فقد بلغت الأخبار في البحار حد التواتر فضلاً عما في غيره من مصادر الحديث.... وهذه الأخبار بدلالاتها المطلقة الدالة على إقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين المتقدمتين عليها كخبر الإحتجاج وغيره من الأخبار... وكذلك هناك أخبار خاصة تدل على أن الشهادة الثالثة من فصول الأذان ، وهذه الأخبار هي التي أفصح عنها الشيخان الصدوق والطوسي ونعتاها بالشذوذ بل زاد الصدوق على الطوسي بنعته لها بأنها من صنع المفوضة... إلى آخر تلك الإفتراءات التي لا ينبغي صدورها ممن عُرفا في الأوساط الشيعية بالتحقيق والتدقيق....!!.
  ولم يفصح لنا الصدوق والطوسي عن السبب في كون هذه الأخبار شاذة وما الداعي لأن تكون من صنع المفوضة، فتبقى دعواهما مجرد هواء في شبك لا تغني ولا تسمن من جوع، بل على عادته الصدوق ينعت كلَّ من خالفه بفقه أو معتقد بالشاذ أو المفوضي أو المغالي ويشهد لذلك نعته الأعلام القائلين بعصمة النبيّ والولي عليهما السلام عن السهو بأنه صعد أول درجات الغلو فكيف يمكننا الإعتماد على دعواه وهو يفتي بغلونا ما يعني أننا كفار نجسون بحسب فتواه...!!!.
  بالإضافة إلى ذلك فإن ضعف اسانيدها في نظر من وصفها بالشذوذ لا يعدو كونه سوى إجتهاداً شخصياً يكون حجَّةً عليهم لا علينا، كما لا يعني وصفها بالشذوذ أنها لم تكن موجودة في كتب الأوائل من أعلام الإمامية الذين سبقوا الصدوق والطوسي، كما أنه يجب التنبيه إلى انه ليس كلُّ خبرٍ شاذ يجب طرحه بل إنما يطرح فرد واحد من الأخبار الشاذة وهو المخالف للكتاب الكريم والضرورة القطعية، ومن المعلوم أن أخبار الشهادة الثالثة موافقة للكتاب ولكثير من الأخبار التي قرنت الولاية أمير المؤمنين عليه السلام بالشهادتين المتقدمتين عليها، فلا شذوذ فيها ولا ريب يعتريها فمن أين جاء الشذوذ يا تُرى..؟؟!! اللهم إلا على مبنى من يرى أن الشاذ هو المخالف لما يرويه المشهور حتى ولو كان راوي الخبر الشاذ ثقةً وهو أمر يرجع إلى إجتهاد كل فقيه فيعرِّف الشاذ بما يراه حجةً على نفسه فلا ملزم له به لغيره ....وأما نعتهما لتلكم الأخبار بالشذوذ فمبنيٌّ على صحة تعريفهما للخبر الشاذ، فهل هو الشاذ من ناحية السند أو أنه شاذ من ناحية الدلالة؟ الظاهر أن الصدوق والطوسي يقصدان المعنى الأول من تعريف الشاذ، لإعترافهما ــ كما في مطاوي كلامهما عند التعرض لفصول الأذان في كتابيهما الفقيه والإستبصار ــ بأن آل محمد خير البرية وأن أمير المؤمنين وليُّ الله لكن الزيادة الحقة من صنع الرواة المدلسون...وهنا يجب علينا توضيح معنى الشذوذ ومعالجته على فرض حصوله، فنقول وبه نستعين:
 لقد وقع الخلاف في  تفسير الشاذ من الأخبار على عدة أرآء نجملها برايين هما:
الرأي الأول: الشاذ هو ما رواه الراوي الثقة مخالفاً لما رواه الأكثر...وهو خيرة الشهيد الثاني في رسالة الدراية ووالد الشيخ البهائي والطريحي في جامع المقال.
الرأي الثاني: أن الشاذ هو ما يكون سنده صحيحاً غير مشهور، فلو كان هناك روايتان صحيحتان سنداً ولكن واحدة مشهورة في مضمونها قد عمل بها المشهور والأخرى غير مشهورة في مضمونها لم يعمل بها المشهور، فتكون الثانية شاذة.
 وكلا الرأيين مجازفة ولا شاهد عليهما من آية أو رواية، بل هما مجرد تعريفان غير جامعين وغير مانعين، ولم أرَ من عرَّف الشاذ بتعريف يتوافق مع الكتاب والسنة الطاهرتين فكأن القوم غير معنيين بالكتاب والسنة ولا بعرض الشاذ عليهما ليروا الحقيقة متجلية لا غبار عليها، ونحن ــ بحمد الله تعالى ــ سلكنا مسلك النمرقة الوسطى بمعرفة الشاذ من الصحيح من خلال التدقيق بما ورد عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام وغيره من أئمة الهدى ومصابيح الدجى فرأينا أن الحق ساطع في معرفة الشاذ وهو :" الخبر الذي ليس عليه شاهدٌ من آية أو رواية.." بمقتضى ما جاء في أخبارنا الشريفة:]غذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة، فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه[ وفي الكافي عن إبن أبي بعفور قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الحديث: يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به؟ قال عليه السلام:" إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وإلا فالذي جاءكم به أولى به".
  لقد أشار خبر إبن أبي يعفور بوضوح بأن المعيار في قبول الخبر وطرحه إنما هو الموافقة لكتاب الله تعالى، فجعل الترجيح للخبر الموافق للكتاب ولم يرجح بالوثاقة ولم يقل للسائل: إعمل بما تثق به دون ما لا تثق به مع كون السؤال عن الإختلاف الناشئ عن رواية الثقة وغير الثقة...   وبتعريفنا المتقدم نكون قد أخرجنا أخبار الشهادة الثالثة عن الشذوذ.... 
  والحاصل: أن الأخبار الخاصة المطلقة التي ربطت الشهادة الثالثة بالشهادتين والتي نعتها الطوسي بالشاذة فيها تصريح واضح بعدم إنفكاك الشهادة لأمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام(أشهد أن عليّاً وليّ الله وآل محمد خير البرية) عن الشهادتين، وهي أخبار شهد بلزومها في الأذان نفس الشيخ الطوسي والعلامة والشهيد وغيرهم وأقروا بورود الأخبار بها ولكنهم نعتوها بالشذوذ كما أشرنا، ونعتهم لها بالشذوذ لا يخرجها عن الحجية وأنها من فصول الأذان والإقامة، ومجرد هجرانهم لها لا يستلزم عدم العمل بها في عصرهم وعصرنا وما بعده.
   ومن الأخبار الخاصة الدالة على أن الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليه السلام هي من فصول الأذان ويؤتى بها بعد الشهادتين بعنوان الجزئية ما رواه مستفيضاً العالم المستبصر النحرير العلامة الشيخ عبد الله المراغي المصري ــ من علماء القرن السابع الهجري ــ في كتابه السلافة في أمر الخلافة:" أن سلمان الفارسي رضي الله عنه ذكر في الأذان والإقامة الشهادة بالولاية لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام بعد الشهادة بالرسالة في زمن النبيّ صلى الله عليه وآله بعد حجة الوداع، وذلك أنه دخل رجل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله سمعت أمراً لم أسمع قبل ذلك، فقال صلى الله عليه وآله: ما هو؟ فقال: سلمان يشهد في اذانه بعد الشهادة بالرسالة الشهادة بالولاية لعليّ، فقال صلى الله عليه وآلهك سمعتم خيراً".
  وروي عنه أيضاً في كتابه المتقدم بأن رجلاً دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله: أن أبا ذر يذكر في الأذان بعد الشهادة بالرسالة، الشهادة بالولاية لعليّ ويقول: أشهد أن عليّاً وليّ الله، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: كذلك أو نسيتم قولي في غدير خم: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه؟ فمن ينكث فإنما ينكث على نفسه".
 والأخبار في هذا المضمون كثيرة لا يسعنا الوقت لإسعافكم بها والتعقيب عليها ولكننا نختمها بروايتين : الأولى ما رواه الكليني في أصول الكافي  الجزء الأول باب مولد النبي صلى الله عليه وآله ح8 في موثقة طريف عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" إنَّا أول اهل بيت نوّه الله بأسمائنا إنه لمّا خلق السماوات والأرض أمر منادياً فنادى أشهد أن لا إله إلا الله ثلاثاً ــ أشهد أن محمداً رسول الله ثلاثاً ــ أشهد أن عليَّاً أمير المؤمنين حقاً ثلاثاً .
والثانية: ما رواه الصدوق في كمال الدين ص 258 ح 3 باب 24 بسنده المتصل إلى أبي حمزة الثمالي عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثني جبرائيل عن ربّ العزة جلّض جلاله قال:" من علم أن لا إله إلا أنا وحدي وأن محمداً عبدي ورسولي وأن عليًّ بن أبي طالب خليفتي وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي أو شهد بذلك ولم يشهد أن محمداً عبدي ورسولي أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغّر عظمتي وكفر بآياتي".
 فلو لاحظ المتأمل بعين البصيرة في هاتين الروايتين ــ فضلاً عن غيرهما ــ لوجد أن الإطلاق فيهما تام من حيث وجوب إقتران الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين بالشهادتين في كل الموارد من دون تخصيص، فهي تدور مدار الشهادتين فحيثما كانتا تكون الشهادة الثالثة معهما، وبهذا يندفع ما يقال بأن الشهادة الثالثة من قبيل المستحب العام في الخاص لأنها ليست من هذا القبيل ــ أي المستحب العام في الخاص المدلول عليه بالدليل العام ــ وإنما للأمر بها في الأخبار الظاهر في الوجوب والتلازم والإقتران على نحو الإقتران الشرطي فيلزم الإتيان بها كلما ذُكِر  رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله حتى لو كان المورد مستحباً كما لو ذُكر ت الشهادتان في مجلس عام أو خاص، فيلزم ذكر الشهادة الثالثة معهما..... ولو لم يستظهر الفقيه منهما لزوم الإقتران فعلى الأقل يتعيّن عليه الإحتياط بوجوب الإجهار  بالشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وغيرهما...والله العالم.
  وبالجملة:  إن الشهادة للأئمة الطاهرين من أبناء أمير المؤمنين عليهم  السلام أمرٌ مطلوب شرعاً سواءٌ أكان في الأذان والإقامة أم في غيرهما بمقتضى الإطلاق الوارد في الروايتين المتقدمتين وغيرهما من الروايات الآمرة بالإجهار بولايتهم المقدَّسة ... هذا من ناحية النصوص وأما من ناحية الأصل العملي فأيضاً يجوز الشهادة لهم منضمين إلى شهادة جدهم أمير المؤمنين عليهم السلام إذ لا يوجد دليلٌ أو أصلٌ آخر أقوى يعارض الأصل القاضي بجواز ذكرهم، وإذا جاز الكلام خلال فصول الأذان والإقامة كالحمد والشكر والدعاء للمؤمنين فبطريق أولى يجوز ذكر ائمتنا الطاهرين وسيدة نساء العالمين ضمن الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليهم السلام، لأن الشهادة لهم أهم من الدعاء للنفس وللمؤمنين بل إن أصل وجوب ولايتهم مقدمة على أصل الأذان والإقامة والصلاة والصوم والحج والزكاة بمقتضى الحديث المستفيض:" بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية لم ينادَ بشيء ما نودي بالولاية" وفي نصٍ آخر فيه تصريح واضح بولاية الائمة الطاهرين عليهم السلام كما في موثقة محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" بني الإسلام ... إلى أن قال: وولاية أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام".  فقد قرنت هذه النصوص الولاية ـــ مع أنها أصل من أهم الأصول ــ بالفروع كالصلاة والصوم والحج والزكاة لأجل التدليل على أن هذه الفروع مرتبطة بالأصل الولائي لأهل البيت عليهم السلام ومن دون الولاء لهم لا تقبل هذه الفروع عند الله تعالى.
وأما جوابنا على السؤال الثاني: وهو بيان الحكم في الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة منضماً إليها الشهادة لسيدة النساء عليها السلام وأولادها الطاهرين عليهم السلام فنقول وبه نستعين:
  قد عرفتم بيان حكم الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام وهي لزومها مقترنةً بالشهادة لله تعالى ولرسوله فلا تنفك عنهما أبداً لا في أذان وإقامة ولا في تشهد صلاة أو غير صلاة فهي لازمة في كل الأحوال والأزمانن وهي القدر المتيقن من الأخبار الموجبة لذكره عليه السلام، وأما ذكر زوجته الطاهرة الصدّيقة الكبرى وأولادها الطاهرين عليهم السلام فالأحوط بل لا يبعد أقوائية ذكرهم منضمين إلى الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين عليهم السلام بأي صيغة كانت والأفضل بالصيغة التالية:] وأشهد أن عليَّاً أميرُ المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين حجج الله وأولياؤه[ والأفضل منه ذكرهم بأسمائهم كأن يقول:]وأشهد أن عليّاً أميرُ المؤمنين وزوجته الصديقة الكبرى فاطة الزهرة سيدة نساء العالمين والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة القائم المهدي حجج الله وأولياؤه..اللهم صلِّ على محمد وآل محمد[ والسر في أقوائية إنضمامهم إلى الشهادة الثالثة هو أن قسماً وافراً من الأخبار أكدت على الشهادة الثالثة ورواية إكمال الدين التي أشرنا إليها في أواخر جواب السؤال الأول وهي قول مولانا الإمام الصادق عليه السلام عن رسول الله عن الله تعالى قال:".. ومن لم يشهد أن محمداً عبدي ورسولي أو شهد بذلك ولم يشهد أن عليَّ بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي وكفر بىياتي وكتبي، إن قصدني حجبته وإن سألني حرمته وإن ناداني لم أسمع نداءه وإن دعاني لم أستجب دعاءه وإن رجاني خيبته وذلك جزاؤه مني وما أنا بظلام للعبيد" إكمال الدين الباب 24ص258ح3. 
 فالرواية بعمومها الواضح تشمل الشهادة للحجج الطاهرين عليهم السلام، فيخرج عنه مولاتنا الصديقة الكبرى ولكن حيث إنها نفس أمير المؤمنين وأن ولايتها من ولاية رب العالمين وأنها عرضت على الأنبياء والمرسلين والأوصياء أجمعين وأنها حجة الحجج عليهم السلام فلا بد من ضمها إلى الشهادة الثالثة لدخولها في مفهوم قوله تعالى] إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا..[ والحصر في ولاية أمير المؤمنين باعتبار أن الآية نزلت فيه عليه السلام لا ينافي ولايتها وولاية أولادها الطاهرين عليهم السلام لأن ولايتها وولايتهم هي ولايته عليه السلام ، فهذه الرواية الشريفة وغيرها من الروايات الدالة على أن طاعتهم واحدة وأنهم بالعصمة والولاية في درجة واحدة، كل ذلك يقتضي إنضمامهم إلى الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة والتشهد وإن ورد تأكيد في رواية فقه الإمام الرضا عليه السلام ــ التي نقلت بعدة نسخ لكثرة الدس فيها لتحريفها عن مسارها باعتبار ما فيها من التصريح بالولاية لأمير المؤمنين ـــ على الشهادة لمولانا عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وفي آخرها تسليم على آل إبراهيم وهم آل محمد كما يوجد فيها صلاة خاصة على الصديقة الكبرى سيدتنا الزهراء عليها السلام وأئمة الهدى ومصابيح الدجى وسفن النجاة عليهم السلام، فمن باب تنقيح المناط أيضاً يجوز الإقرار بالشهادة لسيدة النساء وأولادها الطاهرين عليهم السلام فضلاً عن الإطلاقات الدالة على وجوب الإجهار بولايتهم مطلقاً من دون تقييد أو تخصيص بوقت دون آخر وبشيء دون شيء..... وأما الإشكال علينا بأن المحدثين عقدوا باباً خاصاً في كيفية التشهد وهو الشهادتان لا الشهادات الثلاث، فلا يقدح بما اعتقدناه من وجوب الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين وأهل بيته المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين للأمر بها في الأخبار حسبما اشرنا فيما تقدم، ولا يحمل هذا الأمر على الإستحباب وذلك لأن الظاهر من الأمر هو الوجوب لا الإستحباب كما أثبته الدليل العقلي حتى تأتينا قرينة تصرفه إلى الإستحباب وهو مفقود في البين... كما أنه لا ينبغي أن يغيب عن بالنا مورد التقية الذي فُرِض على ائمتنا الطاهرين عليهم السلام، فمن كان يعيش تحت سنابك التقية كيف يجوز له أن يفتي للمؤمنين بوجوب الجهر بالولاية في الأذان والإقامة وغيرهما..؟! بالإضافة إلى ذلك فإن الأخبار التي اقتصرت على الشهادتين في التشهد معروفة التوجه من حيث التقية، ولكن الإطلاقات الأخرى في الأخبار الأخرى تقيِّد التشهد بالشهادة الثالثة، فيكون من باب دوران الأمر بين المطلق والمقيّد، فنحمل المطلق على المقيَّد، فيكون قول الأئمة عليهم السلام "أدنى ما يجزي من التشهد الشهادتان" محمولاً على ترك الشهادة الثالثة لأجل التقية، فتكون الشهادتان أدنى ما يجزيه في التشهد ولكن الأمر يختلف في حال عدم التقية فلا بد من ذكر الشهادة الثالثة وهو ما قيدته الأخبار كما في صحيحة القاسم بن بريد بن معاوية في الإحتجاج وموثقة سنان بن طريف المروية في أصول الكافي ج1ص441ح8 ورواية الإكمال ص257ح3....والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
 
 العبد كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد/محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 9 جمادى الآخرة 1433هــ.
 

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=382
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28