• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : أهل البيت عليهم السلام أفضل وأشرف من القرآن الكريم .

أهل البيت عليهم السلام أفضل وأشرف من القرآن الكريم

الإسم:  *****
النص: السلام عليكم

من افضل القرآن أم اهل البيت ؟ و إذا كان الأفضل اهل البيت عليهم السلام فلم ووصفوا بالثقل الأصغر في حديث الثقلين؟

و شكرًا
 

الموضوع العقائدي : أهل البيت عليهم السلام أفضل وأشرف من القرآن الكريم
بسمه تعالى

 الجواب
السلام عليكم

      أهل بيت العصمة عليهم السلام أفضل من القرآن الكريم لأمرين:
  الأول: لأنهم كلمات الله التكوينية والتشريعية نظير القرآن التكويني والتشريعي إلا أن الكتاب مجمل في تشريعه بحاجة إلى المفصّل في معرفته، فالكتاب والعترة كلاهما تكوينيان، وأحدهما أوضح من الآخر، والأوضح أهم وأفضل من الموضَّح له لأن الثاني بحاجة إلى الأول...والأمر التكويني يترجح على أمر تكويني مثله بمرجحٍ وإلا لحكمنا بتساويهما في حال عدم وجود مرجح ولكنه موجود فانتفى أن يكون الكتابأفضل من العترة لإحتياجه إليها. 
 الثاني:لأنهم المعبرون للكتاب التكويني والتشريعي والمفسرون لآياته فهو صامت بحاجة إلى ناطق يفسره عن الله تعالى وهو المعصوم من آل محمد عليهم السلام كما قال أمير المؤمنين عليه السلام كلمته الرائعة:( القرآن كتاب الله الصامت وأنا كتاب الله الناطق) يوم صفين عندما رفع جنود معاوية المصاحف على رؤوس الرماح يريدون تحكيم القرآن ففُتِنَ بعضُ أصحاب الإمام عليه السلام ومنهم الأشعث بن قيس عليه اللعنة فقال له:" إن لم تحكم قتلناك بهذه السيوف التي قتلنا بها عثمان" فقال الإمام عليه السلام حينئذٍ:" لا رأي لمن لا يطاع" ثم قال لأصحابه المخلصين:" هذه كلمةُ حقٍّ يرادُ بها باطلٌ وهذا كتاب الله الصامت وأنا المعبر عنه فخذوا بكتاب الله الناطق وذروا الحكم بكتاب الله الصامت إذ لا معبر عنه غيري" .
  وأما وصفهم بالأصغر فلا يدل على أنهم أدنى من القرآن الكريم ــ على فرض صحة الرواية التي أشارت إلى أنهم أصغر من القرآن ـــ كما أن وصف القرآن الكريم بأنه أكبر منهم لا يستلزم عقلاً وشرعاً أفضليته عليهم وإلا لكان الأكبر في عالم الجسمانيات والروحانيات دائماً أفضل من الأصغر وهو غير صحيح بالوجدان والضرورة العقلية فربَّ صغير أفضل من كبير، فها هو عم النبيّ محمد صلى الله عليه وآله كان أكبر من النبيّ ولكنه ليس أفضل منه، والعقل أصغر من الجسم ولكنه ــ أي الجسم ــ ليس بأشرف منه، فالأكبرية لا تعني بالضرورة الأفضلية، بل إن الأكبرية تختلف عن الأشرفية، فالخبر عندما أشار إلى أكبرية القرآن منهم عليهم السلام فهو صحيح بالقياس إلى الأكبرية بما هي أكبرية كمفهوم لغويّ له مصاديقه المنطبقة عليه ولكنه غير صحيح بالنسبة إلى الأشرفية فلم يقل النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وآله أن القرآن أشرف منهم بل كان تعبيره واضحاً بالأكبرية التي تختلف عن الأصغرية بمقدار المادة وغيرها من الوجوه التي سنستعرضها لكم ليتضح معنى كون القرآن أكبر منهم وليس أشرف منهم أبداً،وإليكم ما رشح علينا من فيوضاتهم التي لا تنقطع عن المحبين الموالين ونحن نقربها بالوجوه التالية:
(الوجه الأول):
إن أكبرية الكتاب من العترة الطاهرة عليها السلام بما يحويه من التوحيد والتنزيه لله تعالى عن المحدثات والجسمانيات، فهو أكبر بهذا المعنى أكبر من العترة الداعية إلى توحيد وتنزيه الله تبارك شأنه الذي ريب في أنه أكبر من العترة المطهرة صلوات الله عليها.
(الوجه الثاني): إن الكتاب دال على تعظيم وتمجيد العترة المطهرة صلوات الله عليها، والثناء عليها بأحسن الأوصاف، فبهذا يكون أكبر منها لأنه هادٍ إلى العترة وأمر الناس بإتباعها، فالكتاب الكريم أكبر من العترة المطهرة عليها السلام بما يحويه من معارف تأمر الخلق بإتباعهم والولاية لهم.
(الوجه الثالث): إن الكتاب الكريم أكبر من العترة الطاهرة عليها السلام بما يحويه من سنن وقصص وأحكام وقوانين إلهية، وهذه أمور أوسع نطاقاً وأكبر حجماً من العترة التي لا تبلغ معشار جزء من ملايين الأجزاء الموجودة في الكون الفسيح الحاكي عنه الكتاب الكريم.
(الوجه الرابع): إن الكتاب الكريم يحمل على الكتاب التكويني الحاكي عن عقولهم الشريفة، فالكتاب يعادل عقولهم، وهو أكبر من أجسامهم الدالة على هياكلهم المقدسة، فالعقل أكبر من الجسم وأفضل،والعاقل أكبر من العقل وأفضل من حيث إن القرآن عقلهم وأن جلَّ علومهم يسندونها إليه،وهو المعروف بين عامة المكلّفين والمخاطبين وإنهم لو قيل أن علمهم من غير القرآن لأنكرهم الرعية وكذبوهم واتهموهم ولما ركنوا إليهم وإلى أقوالهم ولا اطمأنوا بالإئتمام بهم والأخذ عنهم، فبهذا المعنى يكون الكتاب الذي هو عقلهم أكبر من أجسامهم التابعة لعقلهم المطهر لا العكس، وما أشرنا إليه في هذا الوجه هو ما دل عليه قول أمير المؤمنين وإمام المتقين عليه أفضل الصلاة والسلام حاكياً عن شرافة العقل وعظمته بقوله الشريف في شعر منسوب إليه:
وتزعم أنك جرم صغير       وفيك انطوى العالم الأكبر
 ومعنى أن العقل جرم صغير بوزنه ولكنه عظيم وكبير بحيث انطوى العالم الأكبر فيه لا فرق في ذلك بين أجسامهم وبقية الأجسام التي احتواها العقل وقام بتدبيرها على أحسن وجه، فالعقل هو المدبر للبدن وليس العكس.
 

الخلاصة: لو سلَّمنا بروايات أكبرية القرآن الكريم فهي محمولة على أحد الوجوه التي أشرنا إليها وغلا فإنها ــ أي روايات أكبرية القرآن الكريم ـــ متعارضة مع غيرها من الروايات الدالة على أن الكتاب مساوٍ للعترة المطهرة، ومعارضة للروايات الدالة على أن العترة أفضل واشرف من الكتاب، وحيث إن الروايات المعارضة لرواية أكبرية الكتاب أكثر عدداً وأقوى سنداً ودلالة فلا يمكن ترجيح الثانية على الأولى بل يقبح ترجيح الثانية على الأولى بسبب عدم كفايتها كماً وكيفاً، فلا بدَّ من معالجتها إما بإسقاطها وإما بالجمع بينها وبين غيرها المناهضة لها، ولا يجوز الإسقاط ما دمنا قادرين على الجمع، وهو ما فعلناه بالجمع المتقدم، ولله تعالى الحمد والشكر ولعترته الطاهرة الفضل والتوفيق وهو حسبي عليه توكلت وإليه أنيب وبهم أتوجه إلى ربي وإليهم فوضت أمري لأنهم وجه الله تعالى الذي إليه يتوجه الأولياء وهم السبب المتصل بين الأرض والسماء..والسلام عليكم.
 

حررها عبدهم الفقير إليهم محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 23 محرم الحرام 1433هـ الموافق ليوم السبت 8كانون الأول 2012م.


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=671
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 12 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18