• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : يصح إطلاق لفظ يد الله وقدرة الله على الإمام المعصوم عليه السلام .

يصح إطلاق لفظ يد الله وقدرة الله على الإمام المعصوم عليه السلام

الإسم:  *****
النص: بسمه تعالى
إلى : سماحة المرجع الديني الكبير الشيخ محمد جميل حمود دام ظله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي لسماحتكم دام عزكم وفضلكم هو الآتي :
هل هناك إشكال بالقول أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يد الله وجنبه وقدرته والواسطة بين الله وخلقه في الخلق ؟ أفيدوناً مأجورين لأننا ابتلينا في هذا الزمان بأشخاص عقائدهم مطاطية .
خادمكم العبد الحقير الفقير

الموضوع العقائدي: يصح إطلاق لفظ يد الله وقدرة الله على الإمام المعصوم عليه السلام
بسمه تعالى

 

السلام ورحمته وبركاته
     لا مانع عقلاً وشرعاً من إطلاق لفظ" جنب الله ويد الله وقدرة الله وعين الله.." على أمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام باعتبار أن هذه الألفاظ معانٍ مجازية لا يصح إطلاقها بالمعنى الحقيقي على الله تعالى، لأنه ليس لله تعالى يد أو عين أو جنب لأن ذلك من صفات الممكنات والمحدثات المتغلقة بالمخلوق المحتاج إلى علّة توجده من العدم، والله تبارك شأنه منزه عن مجانسة مخلوقاته ومشابهتهم، وقد ورد في الكتاب الكريم إطلاقها على الله تعالى بالمعنى المجازي كما في قوله تعالى ولتصنع على عيني طه 39، وقوله تعالى لقد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها المجادلة1، وقوله تعالى يد الله فوق أيديهم الفتح 10، وقوله تعالى وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وقوله تعالىولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله  وقوله تعالىأن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وغيرها من الآيات الحاكية عن أن لله تعالى سمعاً وبصراً ويداً وجنباً ووجهاً ولكنَّ يده وعينه وسمعه وجنبه ووجهه ليس كيدنا المادية المؤلفة من أصابع وعيننا وليس كسمعنا له صيوان وطبلة وما شابه ذلك وليس كوجهنا له أنف وفم وعينان وشاربان ولحية، وليس كجنبنا مؤلف من طول وعرض وعمق، فعينه وسمعه ويده وغيرها من ألفاظ متشابهة كلها معانٍ مجازية لا تحمل على معناها الحقيقي المتعارف عليه عند البشر أو الخلق، نعم يصح إطلاقها على حججه الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، فهم عينه وسمعه وقدرته وجنبه، جعلهم أوعية لمشيئته للتدليل على فضلهم وإختصاصه لهم لما فيهم من القابليات الجمالية والكمالية المطلقة التي لم تتوفر لا في ملك مقرب ولا نبيّ مرسل إلا رسول الله محمد لأنهم نفسه وهو نفسهم أنفسنا وانفسكم، وقد ورد أمثال ذلك في الأخبار كما في أصول الكافي وغيره كما جاء ذلك في الزيارات أيضاً فلتراجع في أصول الكافي ج1ص145كتاب التوحيد/باب النوادر، ولا بأس أن نتبرك بذكر واحدة من الأخبار كما في خبر سعيد قال:كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأنشأ يقول إبتداءً منه من غير أن أسأله: نحن حجة الله ونحن باب الله ونحن لسانه ونحن وجه الله ونحن عين الله في خلقه ونحن ولاة أمر الله في عباده"...
  وأما كونهم صلوات الله عليهم الواسطة في الخلق..فمما لاريب فيه ولا شبهة تعتريه عند المدققين لا المحرورين، وذلك لأن حبل الله المتين وصراطه المستقيم فإنه تعالى يخلق بواسطة الملك إسرافيل وغيره، وهذا الملك يأتمر بأمر أميرالمؤمنين عليّ وأهل بيته المطهرين عليهم السلام باعتبارهم الحجة من الله تعالى على عامة خلقه ومنهم الملاك إسرافيل وغيره من الملائكة المقربين، فهم الرعاة والهداة لولاهم ما خلق الله تعالى سماءً ولا أرضاً ولا شمساً ولا قمراً، فهم العلَّة الغائية التي من أجلها خلق الله تعالى الأملاك والأفلاك، والأخبار في هذا المضمون كثيرة منها المستفيض قوله تعالى في الحديث القدسي النازل على جدهم وعليهم(لولاك لما خلقت الأفلاك) و( لولاهم ما خلقت الجنة والنار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن) راجعوا مفردات الألفاظ المتقدمة: لولاك ــ لولاهم ــ لولا فاطمة عليها السلام ــ لولا عليّ أمير المؤمنين عليه السلام ــ وكل هذا يندرج تحت قوله تعالى { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56، وقد أيدتها الأخبار المتقدمة وغيرها مما لايسعنا بسطه منها لكثرتها بحمد الله تعالىن ونحن نختمها لكم بما ورد في دعاء الندبة الشريف الذي نساه الشيعة فلا يقرأونه في يوم الجمعة إلا الخلص منهم لإمام الزمان أرواحنا فداه قال فديته بروحي وأبي وأمي وأهلي:( أين باب الله الذي منه يؤتى؟ أين وجه الله الذي يتوجه إليه الأولياء ؟! أين السبب المتصل بين الأرض والسماء..؟!) فالله تبارك شأنه يخلق بقدرته من دون واسطة كما خلق آدم وغيره من دون واسطة، كما أنه يخلق بواسطة الملك، والملك لا يخلق إلا بأمر الله تعالى النازل إليهم عبر حججه الطاهرين المطهرين، فكل شيء في عوالم التكوين لا يجري قضاؤها وإبرامها إلا بأمر منه تعالى المرتبط بأمرهم صلوات الله عليهم، وقد كشفنا عن ذلك في كتابنا القيّم(شبهة إلقاء المعصوم في التهلكة ودحضها) فليراجع ففيه الفوائد والغنائم... وقد جاء عن مولانا المعظم الإمام الحجة بن الحسن عليهما السلام في بعض توقيعاته لأبي الحسن علي بن محمد الدلال القمي على يدالسفير الثاني محمد بن عثمان رضي الله عنه قال: اختلف جماعة من الشيعة في أن الله عزّ وجل فوَّض إلى الأئمة صلوات الله عليهم أن يخلقوا ويرزقوا، فقال قوم: هذا محال لا يجوز على الله تعالى لأن الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عز وجل وقال آخرون: بل الله أقدر الأئمة على ذلك وفوض إليهم فخلقوا ورزقوا، وتنازعوا في ذلك نزاعاً شديداً، فقال قائل: ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان فتسألوه عن ذلك ليوضح لكم الحقّ فيه فإنه الطريق إلى صاحب الأمر عليه السلام، فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلّمت وأجابت إلى قوله، فكتبوا المسألة وأنفذوها إليه، فخرج إليهم من جهته توقيع، نسخته:( إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسّم الأرزاق لأنه ليس بجسم ولا حالٌ في جسم، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأما الأئمة عليهم السلام فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق، ويسألونه فيرزق إيجاباً لمسألتهم وإعظاماً لحقهم..) راجعوا الإحتجاج ج2ص285 باب التوقيعات الصادرة من الناحية المقدّسة.
 لقد أثبت إمامنا المعظّم أرواحنا فداه الحقّ مع من قال بأن الأئمة الطاهرين عليهم السلام يرزقزن ويخلقون بإذنٍ من الله تعالى وليس من عند أنفسهم لأن الإعتماد على أنفسهم في الخلق والرزق من دون الإستعانة بالله تعالى مستحيلة عقلاً ونقلاً، بل إن كلّض ما عندهم إنَّما هو من الله تعالى ويستحيل أن يخلقوا أو يرزقوا من دون إستعانة بالله تعالى، فالصانع هم ولكن بأمرٍ من الله تعالى على نحو التبعية لا الإستقلالية من دون إذن منه تعالى فإن ذلك مستحيلاً عقلاً لعدم قدرة المخلوق الضعيف على أن يخلق ويحيى الموتى لوحده ومن دون إقدارٍ وقدرة من الله تعالى ، والرازق هم ولكن بإذنه تعالى،وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه المسألة العويصة عند ضعاف النفوس والعقول، فقد كشف للناس عن أن العباد يخلقون ويرزقون بإذنٍ وترخيصٍ منه تعالى أي على نحو التبعية لا الإستقلال كما في قوله تعالى(. {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }النساء8 { قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }المائدة114.
{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }المائدة110
 الآيات الشريفة واضحة الدلالة في قدرة العباد أن يخلقوا ويرزقوا ويحيوا الموتى بعونٍ منه تعالى وليس لوحدهم، وقد فصلنا ذلك في كتابنا الكريم(الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية/بحث الولاية التكوينية) فليراجع. 
  والمحصّلة: إن أئمة الهدى ومصابيح الدجى عليهم السلام هم صنايع الله والخلق صنايعهم أي عبيد لهم ولأن الله تعالى خلق الخلق لأجلهم، ففي الخبر عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:( إنَّا صنائع ربنا، والناس بعد صنائع لنا) أي أن الله تعالى خلقهم قادة خلقه يقودونهم إلى الطاعة ويقومون برزقهم بإذن منه تعالى، وهذا مؤيد بما في الزيارة الجامعة الشريفة الكبيرة قال مولانا الإمام المعظم عليّ الهادي عليه السلام( بكم فتح الله وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وبكم ينفس الهمَّ ويكشف الضرَّ وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته..)، وهو مؤيد أيضاً بما جاء في رواية أبي حمزة الثمالي عن مولانا الإمام المعظم السجاد عليه السلام قال:( لا تنامن قبل طلوع الشمس فإني أكرهها لك، إن الله يقسِّم في ذلك الوقت الرزق[ الأرزاق]، على أيدينا يجريها) نعم إن الله تعالى شأنه يجري الأرزاق على أيديهم الشريفة فينبغي ــ ولعلّه يجب ــ التوجه إلى جنابهم الأقدس قبل طلوع الشمس فيطلب المؤمن منهم سعة الرزق والتوفيق والسداد فإنهم مجيبون له لسعة كرمهم وعظم رحمتهم بمن توجه بشراشر قلبه إليهم فهم وجه الله تعالى الذي يتوجه إليه الأولياء(وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة115
 والحمد لله رب العالمين وسلام على سادة المرسلين والخلق أجمعين رسول الله محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين والمطهرين لا سيما بقية الله في العالمين سيدنا المعظم صاحب الأمر لعن الله ظالميه وظالمي مواليه بمحمدٍ وآله الميامين، لا تنسونا من صالح دعواتكم في خلواتكم..والسلام عليكم والرحمة.
 

حررها الأحقر محمد جميل حمود العاملي
 ــ بيروت بتاريخ 14 ربيع الثاني 1434هـ.


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=712
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 02 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29