• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : بيانات .
              • القسم الفرعي : بيانات وإعلانات .
                    • الموضوع : بيان مهم موجه إلى شيعة العراق والشام في ظل حرب داعش على التشيع .

بيان مهم موجه إلى شيعة العراق والشام في ظل حرب داعش على التشيع

بيان مهم موجه إلى شيعة العراق والشام في ظل حرب داعش على التشيع
صادر من مكتب آية الله المحقق المرجع الديني الشيخ محمد جميل حمُّود العاملي دام ظله الوارف.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمانِ الرَّحِيمِ
 

 الحمد الله ربّ العالمين، قاصم الجبارين، ومبير الظالمين، والصلاة والسلام على سادة الخلائق أجمعين رسول الله محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة السرمدية على أعدائهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين..وبعد...
السلام على المؤمنين الموالين ورحمة الله وبركاته...
      في ظل الأحداث المتسارعة التي هجمت على الشيعة يسأل المؤمن عن تكليفه الشرعي اتجاهها ؟ هل يسكت أم أنه لا بد من اتخاذ موقفٍ صريح يحدد الموقف الشرعي المبرئ للذمة ؟ لذا توجب علينا التنبيه لهذا الموقف فنقول وبالله تعالى نستعين:
  إن  أهم تكليفٍ شرعي دلت عليه آيات الكتاب الكريم والسنّة الشريفة بعد الصلاة والصوم هو الجهاد في سبيل الله تعالى، ويعني الجهاد في سبيله هو جهاد الأعداء الذين يظهرون العداوة والبغضاء لأئمتنا الطاهرين سلام الله عليهم ويريدون تدمير مقاماتهم المقدّسة وقتل شيعتهم الموالين لهم والمنتسبين إليهم وسبي نسائهم والفتك بأعراضهم، وأي تهاون بنصرة المقامات المقدسة من قبل الشيعة عموماً يعتبر شرعاً وعقلاً خيانة عظمى بحق آل البيت سلام الله عليهم وساعتئذٍ لا ينفع البكاء على ظلاماتهم والتحسر على عدم تمكنهم من نصرتهم عندما كانوا أحياءً...! فأي شرف للشيعة إذا تقاعسوا عن نصرة معالم التشيع وقبور أشرف خلق الله تعالى... ولا تزال الشيعة تبكي على سيِّد الشهداء عليه السلام وتتشدق بالدعاء (يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوراً عظيماً) فما الفرق بين نصرته حياً وميتاً..! فالقاتل لجسده الشريف ها هو اليوم يريد أن يهدم القبر عليه من جديد وإن سنحت له الفرصة لأخرج جسده الشريف إلى العلن ليشوِّه به كما شوَّه به آباؤهم وأجدادهم على رمضاء كربلاء لما داست الخيل صدره الأنور الذي هو منبع الفيض الربوبي وخزانة الأسرار الإلهية ومعراج الألطاف الإلهية...فها هي داعش لعن الله من أسسها واستعان بها سراً وعلانية وغذاها بالأموال لمصالح سياسية وقومية ومذهبية لمآرب دنيوية وسلطوية قد أعلنت بصراحة أنها ستزحف إلى كربلاء والنجف بعد أن تنتهي من تدمير قبور الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم في سامراء وبغداد...فهل هناك وثيقة أصرح من هذه الوثيقة البكرية العمرية..!؟ 
   أيها الشيعة الغيارى .... لا تكونوا اليوم كما كان المتقاعسون من شيعة الأمس عندما غزاهم معاوية في الأنبار فلم ينهضوا للدفاع عن أعراضهم ودمائهم حتى وبخهم الإمام الأعظم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليهما بقوله الشريف في خطبة له يحثهم ويستنهضهم فيها على جهاد النواصب لا الروم فيعدد لهم مزايا الجهاد ومدى أهميته عند الله تعالى وحججه الطاهرين سلام الله عليهم فقال : 
  « أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ - فَتَحَه اللَّه لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِه وهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى - ودِرْعُ اللَّه الْحَصِينَةُ وجُنَّتُه الْوَثِيقَةُ - فَمَنْ تَرَكَه رَغْبَةً عَنْه أَلْبَسَه اللَّه ثَوْبَ الذُّلِّ وشَمِلَه الْبَلَاءُ - ودُيِّثَ بِالصَّغَارِ والْقَمَاءَةِ - وضُرِبَ عَلَى قَلْبِه بِالإِسْهَابِ - وأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْه بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ - وسِيمَ الْخَسْفَ ومُنِعَ النَّصَفَ - أَلَا وإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ - لَيْلًا ونَهَاراً وسِرّاً وإِعْلَاناً - وقُلْتُ لَكُمُ اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ - فَوَاللَّه مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إِلَّا ذَلُّوا - فَتَوَاكَلْتُمْ وتَخَاذَلْتُمْ - حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ - ومُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الأَوْطَانُ - وهَذَا أَخُو غَامِدٍ [ و ] قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُه الأَنْبَارَ - وقَدْ قَتَلَ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ الْبَكْرِيَّ - وأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا - ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ - عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ والأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ - فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وقُلُبَهَا وقَلَائِدَهَا ورُعُثَهَا - مَا تَمْتَنِعُ مِنْه إِلَّا بِالِاسْتِرْجَاعِ والِاسْتِرْحَامِ - ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ - مَا نَالَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَلْمٌ ولَا أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ - فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً - مَا كَانَ بِه مَلُوماً بَلْ كَانَ بِه عِنْدِي جَدِيراً - فَيَا عَجَباً عَجَباً واللَّه يُمِيتُ الْقَلْبَ ويَجْلِبُ الْهَمَّ - مِنَ اجْتِمَاعِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ - وتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ - فَقُبْحاً لَكُمْ وتَرَحاً حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً يُرْمَى - يُغَارُ عَلَيْكُمْ ولَا تُغِيرُونَ - وتُغْزَوْنَ ولَا تَغْزُونَ ويُعْصَى اللَّه وتَرْضَوْنَ - فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ - قُلْتُمْ هَذِه حَمَارَّةُ الْقَيْظِ - أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا الْحَرُّ - وإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ - قُلْتُمْ هَذِه صَبَارَّةُ الْقُرِّ - أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ - كُلُّ هَذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ - فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ تَفِرُّونَ - فَأَنْتُمْ واللَّه مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ..
يَا أَشْبَاه الرِّجَالِ ولَا رِجَالَ - حُلُومُ الأَطْفَالِ وعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ - لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ ولَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً - واللَّه جَرَّتْ نَدَماً وأَعْقَبَتْ سَدَماً - قَاتَلَكُمُ اللَّه لَقَدْ مَلأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً - وشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً - وجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً - وأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ والْخِذْلَانِ - حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ - إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ - ولَكِنْ لَا عِلْمَ لَه بِالْحَرْبِ - لِلَّه أَبُوهُمْ - وهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً وأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي - لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا ومَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ - وهَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ - ولَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ..».
 كلامه الشريف إنعكاس لما نحن عليه اليوم فلم نختلف ـــــ نحن الشيعة ــــ عما كان عليه من سبقونا فلا تحركنا حمية على دين ولا على شرف ولا على دم بريء..!! ذلك لأن قادة الشيعة اليوم خدرتهم عوالم السياسة وحب السلطة فلا يتحركون إلا بمقدار ما تحركهم غرائزهم السياسية وأطماعهم السلطوية بل إنهم يستخدمون الدين والتشيع لخدمة مصالحهم السياسية ...وهل نفعتهم المليارات التي أنفقوها على النواصب في سبيل مصالحهم..!؟ وهل نفعهم تنازلهم عن ضروريات الدين لأصحاب مدرسة السقيفة..؟! فها هم أنصار السقيفة الذين أفتوا بإسلام أعمدة السقيفة (أعني أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية) وحكموا عليهم بأنهم من المسلمين والموحدين ....! وها هم أتباع مدرسة السقيفة يذبحون كل شيعي لأجل أنه شيعي موالٍ لأهل بيت النبوة والولاية سلام الله عليهم، وبالرغم من ذلك فقد حكم عليهم أحد المراجع المعاصرين في العراق بأنهم "أنفسنا وليسوا إخواننا فحسب"...! والأعجب والأغرب من هذا ما سمعناه من أحد خطباء المنبر الحسيني في الكويت عبر قناة الأنوار في الليلة الأولى من ليالي القدر يتعوذ بالله تعالى من أن يكون المخالفون نواصب بل أصر على أنهم إخوان لنا في الإسلام..! بل عزى اعتداء داعش على شيعة سوريا والعراق إلى التعصب المذهبي لدى بعض علماء الشيعة ضد مدرسة السقيفة...وكل ما ذكره مغالطات ولو فسح لنا المجال لأرخينا عنان قلمنا بتفنيدها الواحدة تلو الأخرى لنريه وجه الخلل في كلامه من أوله إلى آخره...! وكل كلامه يصب في خانة الوحدة مع أنه على منبر يدَّعي بأنه مع الشعائر الحسينية من ألفها إلى يائها من دون تحفظ...!! أليس هذا يدعو للريبة والحيرة من منابر تدعي الولاء لأهل البيت عليهم السلام وهي في الواقع تطعن التشيع في خاصرته في اليوم والليلة ألف طعنة وتقوي المخالفين على الشيعة الموالين بكلامها المعسول بالدفاع المستميت عمن لا يرى في الشيعة سوى أنهم قردة وحنازير ...!.
  ما هذا التنازل عن المبادئ..! ما هذا الإنبطاح على الوجوه لإرضاء من لا يمكن له أن يحبنا ولو صببنا عليه جمام الدنيا ذهباً..! وها نحن نذكركم أيها المؤمنون ـــ لا سيّما بعض إخواننا من مراجع الشيعة وبعض خطباء المنبر الحسيني ــ بقول أمير المؤمنين سلام الله عليه حينما وصف الأعداء بقوله الشريف:" لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني ، وذلك أنه قضى فانقضى على لسان النبي الأُمّيّ صلى الله عليه وآله أنه قال : " يا عليُّ ! لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق ".
  نقول لمن يعتقد بأن المخالفين هم نفسهم الشيعة: إن تراخيكم العقائدي هو ما زاد في جرأتهم على التشيع فظنوا أنفسهم أنهم على حق وأن الشيعة على باطل...فاستقووا على الشيعة بإطراءات بعض علماء الشيعة لهم فصدق عليهم قول إمامنا الصادق عليه السلام قَالَ مَنْ أَعَانَ عَلَى مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْه آيِسٌ مِنْ رَحْمَتِي ". وكذلك قوله ( صلى الله عليه وآله ) : من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم الاسلام ". عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال : " إياكم والركون إلى أصحاب الأهواء ! فإنهم بطروا النعمة ، وأظهروا البدعة " .
 فإذا ما كان المتبسم في وجه المبتدع هادماً للإسلام، فكيف الحال بمن جعله نفسه وروحه التي بين جنبيه...!  وهل المنكرون لإمامة سادة الخلق بمثابة نفوسنا وفقهاؤهم قديماً وحديثاً يفتون بكفر الشيعة ويستبيحون دماءنا وأعراضنا ..! وقد ورد عن أئمة الهدى ومصابيح الدجى سلام الله عليهم بالصحيح:" من شك في كفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافر ". فكيف يكون المخالف كنفسنا وهم يستبيحون دماءنا وأعراضنا ولا يعتقدون بولاية أئمتنا الطاهرين عليهم السلام ولا يعتقدون بحلالهم وحرامهم بل يعتبرونه بدعةً وضلالاً..؟! وقد جاء في  صحيحة الحسن بن علي الخزاز قال سمعت الرضا ( عليه السلام ) يقول : ان ممن يتخذ مودتنا أهل البيت لمن هو أشد لعنة على شيعتنا من الدجال فقلت له يا بن رسول الله بماذا ؟ قال عليه السلام: بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا؛ انه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل واشتبه الامر فلم يعرف مؤمن من منافق ».
 وفي الصحيح عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال لعمار بن ياسر رضي الله عنه وأرضاه قال:« ستقتلك الفئة الباغية ، وأنت مع الحق والحق معك ، يا عمار إذا رأيت علياً سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع عليّ عليه السلام ودع الناس فإنه لن يدليك في ردى ولن يخرجك عن الهدى ، يا عمار إنه من تقلد سيفاً أعان به عليَّاً عليه السلام على عدوه قلده الله تعالى يوم القيامة وشاحاً من در ، ومن تقلد سيفا أعان به عدو عليّ(عليه السلام) قلده الله تعالى يوم القيامة وشاحاً من نار قال قلنا : حسبك ». فكل من أحسن الظن بعدو أمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين الطاهرين سلام الله عليهم فقد قلدهم سيفاً ضد شيعتهم الموالين فعرضهم لنقمة النواصب الطواغيت...فليتمسك الشيعي بدينه وبإمامه أمير المؤمنين وأهل بيته الطيبين وبمعاداة أعدائهم  وإلا فهو في خانة الأعداء حتى لو كان متجلبباً بمآزر التشيع والولاء وناطحت عمامته عنان السماء...!!.
  أين أنتم من نصرة الإمام المظلوم الحجة القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف..أين هم الأعوان والأنصار..؟! واللهِ إن إمامنا الحجة أرواحنا فداه ليتألم من واقع الشيعة المرير البعيد عن دينه...! فلا يغارون على دينه ومبادئه بل يغارون على مصالحهم الشخصية أو السياسية والقومية....! ولو أنهم غيارى على التشيع- كما يدَّعون - لما كان ثمة جرأة للنواصب بتهديم قبور البقيع ومرقد الإمامين في سامراء في ظل حكومة شيعية في العراق ووجود دولة  شيعية أخرى في إيران مع ما لها من نفوذ إقليمي وقوة وشوكة...! ولو أن هاتين الحكومتين صادقتان في شعاراتهما الدينية والسياسية لما كان هناك جرأة على معالمنا الشيعية ومراقدنا المطهرة....فلا قواتهم العسكرية دفعت عن مقاماتنا شرور النواصب ولا وحدتهم التي صرفوا من أجلها مليارات الدولارات دفعت عن المراقد الجرأة على نبشها أو هدمها...! فإذا لم تكن حماية المراقد المطهرة هي الغاية عندهم فلا خير فيهم..؟! وإذا لم يكن حفظ وجود الشيعة هو من صميم واقعهم السياسي فلا نصبيب للرحمان في أعمالهم وحروبهم التي يخوضونها لأجل توسيع الرقعة السياسية لحكمهم....فمن لا يبالي بمراقد أئمته الطاهرين عليهم السلام كيف يمكن للشيعة أن ينصروه ويؤازروه على أعدائه...؟!.
 ففي الصحيح عن علي بن محمد وغيره عن سهل عن يعقوب بن يزيد عن زياد القندي عن عمار الأسدي عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام : في قول اللَّه تعالى ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) قال عليه السلام: ولايتنا أهل البيت وأومى بيده إلى صدره فمن لم يتولنا لم يرفع اللَّه له عملا » والتولي يعني الإعتقاد بأنهم ولاة أمر الله تعالى والتبري من أعدائهم، ويستلزم ذلك الدفاع عنهم وعن مراقدهم لأن حرمتهم أمواتاً كحرمتهم أحياءً...إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب... ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت69.
 فلا يلومنا المؤمنون بكلامنا النقدي لأننا صرنا كالأسارى المرتهنين بأيدي ساسة كذابين، وليكن همنا نصرة ديننا باحترام عقائدنا وأحكامنا؛ لأن من لم يحترم عقائده لا يتوقع احترام الأعداء له.... فكلما كنت أيها الشيعي قوياً في عقيدتك كلما نظر إليك الخصم بعين الإحترام والتقدير وإلا فأنت رجل نفعي تدور مع الدين مدار نفعك فيصدق عليك قول سيد الشهداء عليه السلام:" الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قلَّ الديانون ".
  من هنا وجب علينا أن نعي تكاليفنا الشرعية التي من أهمها وجوب الحفاظ على الضرائح المقدسة لأئمتنا الطاهرين سلام الله عليهم وضرائح شيعتهم المخلصين لأنها شرف وجودنا وحياتنا، وأيّ تقصير في وجوب الحفاظ عليها من هجوم الأعداء عليها وتوهينها يكون بمنزلة تعمد تسليط الأعداء عليها، ولا يتم الحفاظ عليها بالإنخراط في جيش حزب الدعوة الذي يترأسه المالكي أو أي زعيم دعوتي وولايتي...! بل يجب تشكيل سرايا مؤمنة (سرايا الإمامين العسكريين عليهما السلام) تعتني بالتدريب الممتاز على حرب العصابات والتكتيك العسكري المتعارف في الجيوش الكبرى، تأخذ على عاتقها الدفاع عن المقامات المطهرة بسفك المهج وخوض اللجج لأجل إعلاء كلمة آل الله تعالى لا سيّما في سامراء وبغداد، فقد ظلم الأعداء أئمتنا المطهرين سلام الله عليهم في حياتهم وحتى بعد مماتهم، ولم يقتصر ذلك على معارفهم وعقائدهم وأحكامهم وفضائلهم وظلاماتهم بل تعداه إلى التطاول على قبورهم الشريفة، وإننا لنعجب من شيعة اليوم كيف يتقاعسون عن نصرة تلك القبور المطهرة بالرغم من وجود دولة شيعية في العراق مدعومة بدولة شيعية أخرى مجاورة لها مع ما تملكه هاتان الدولتان من عناصر القوة العسكرية والمالية والإعلامية..!!؟ وفي حال تشكل جيش السرايا لنصرة أهل بيت النبوة والولاية فليكن كل همه دفع الضيم ــ الظلم ـــ عنها من داعش وغيرها من عصابات الإجرام والعدوان من بقية المخالفين الذين أعادوا الكرة على مقاماتنا الشريفة في عصرنا الحاضر ثلاث مرات بعد أن كانت لهم كرات بالإعتداء على مقام الإمامين الكاظميين عليهما السلام في عهد الشيخ المفيد رحمه الله وأحرقوا قفص المقام المقدس وقتلوا زهاء عشرين ألفاً من الشيعة في بغداد..لا لشيء سوى أنهم شيعة ينتسبون لأهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم....! فبدلاً من جمع الأموال لتنفق على الفضائيات التي تروج لأصحابها ومرجعياتها ...يجب جمع الأموال لبناء جيش علوي فاطمي مهدوي يستمر في الدفاع عن المقامات المقدسة، ولا يجوز السعي نحو حله بأي شكل من الأشكال ما دامت العصابات السنية تملك السلاح في الأنبار وغيرها من بلادهم، وما دام الجيش العراقي غير قادر على صد اعتداء داعش وغيرها من عصابات الإجرام، فلا يجوز لابنائنا وأحبائنا العراقيين أن يتكلوا على جيشهم لحماية الضرائح المقدسة كما لا يجوز لهم تفويض أمور الدفاع عن تلكم المقامات المقدسة إلى مرجعيات تحسن الظن بالمخالفين ولا يجوز للشيعة في العراق وخارج العراق أن ينتظروا فتوى من فقيه وذلك لأن الدفاع عن الضرائح المقدسة والأعراض والأموال لا يحتاج إلى فتوى مجتهد أو مرجع بل فتواه جاهزة من الآيات الكريمة والأخبار الشريفة التي بلغت التواتر بمرات، فوجوب الدفاع عن الضرائح المقدسة والأعراض من أوجب الواجبات ولا يجوز الإتكال على فتاوى من هنا وهناك لنصرة الأئمة الأطهار سلام الله عليهم أو الإتكال على تشخيص فقيه يحرم الدفاع تحت عناوين التزاحم كما يروّج لذلك خطباء في حسينيات ومن على منابر فضائيات حيث ربط أحد الخطباء المدعومين من جهات مرجعية بأن قتال النواصب بحاجة إلى إذن الفقيه، وكأن دين الله تعالى مربوط بفقيهه ومرجعه..! وهل ثمة واجب أهم من وجوب الدفاع عن الأعراض والمقامات المقدسة..؟! وهل هناك فضيحة على الشيعة أعظم من فضيحة تهديم الأعداء لمقاماتنا المقدسة في سامراء مرتين متتاليتين في عصرنا الحاضر...!! واللهِ الذي لا إله إلا هو لو كان في الشيعة ذرة حميّة وغيرة على أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام لكانوا أحرقوا الأخضر واليابس لأجل مقام الإمامين العسكريين عليهما السلام...! لكن البطون التي اتخمت بالشبهة والحرام لم يعد يحركها ضمير أو شرف أو نخوة وحمية على آل الله تعالى..! وما الفرق بين الشيعة المتقاعسين عن النصرة اليوم وبين من خذلوا الأئمة المطهرين سلام الله عليهم أيام حياتهم..!؟ .
 إن نصرة هؤلاء المطهرين سلام الله عليهم تتأكد بعد شهاداتهم المقدسة، فقد ورد في الصحيح عن زرارة عن إمامنا المعظم أبي جعفر عليه السلام :" قال إنما أُمر الناسُ أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثمَّ يأتوننا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرهم ".
   وفي الكافي بإسناده عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ جَمِيعاً عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ سَدِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام وهُوَ دَاخِلٌ وأَنَا خَارِجٌ وأَخَذَ بِيَدِي ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ فَقَالَ يَا سَدِيرُ إِنَّمَا أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَأْتُوا هَذِه الأَحْجَارَ فَيَطُوفُوا بِهَا ثُمَّ يَأْتُونَا فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ لَنَا وهُوَ قَوْلُ اللَّه * ( وإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى  ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِه إِلَى صَدْرِه إِلَى وَلَايَتِنَا ثُمَّ قَالَ يَا سَدِيرُ فَأُرِيكَ الصَّادِّينَ عَنْ دِينِ اللَّه ثُمَّ نَظَرَ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ وسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وهُمْ حَلَقٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ هَؤُلَاءِ الصَّادُّونَ عَنْ دِينِ اللَّه بِلَا هُدًى مِنَ اللَّه ولَا كِتَابٍ مُبِينٍ إِنَّ هَؤُلَاءِ الأَخَابِثَ لَوْ جَلَسُوا فِي بُيُوتِهِمْ فَجَالَ النَّاسُ فَلَمْ يَجِدُوا أَحَداً يُخْبِرُهُمْ عَنِ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى وعَنْ رَسُولِه ص حَتَّى يَأْتُونَا فَنُخْبِرَهُمْ عَنِ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى وعَنْ رَسُولِه صلى الله عليه وآله.
 وعنه رحمه الله بإسناده عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ يَطُوفُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ هَكَذَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا أُمِرُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهَا ثُمَّ يَنْفِرُوا إِلَيْنَا فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ ومَوَدَّتَهُمْ ويَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ ثُمَّ قَرَأَ هَذِه الآيَةَ : ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ).
 وعن الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام ورَأَى النَّاسَ بِمَكَّةَ ومَا يَعْمَلُونَ قَالَ فَقَالَ فِعَالٌ كَفِعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ أَمَا واللَّه مَا أُمِرُوا بِهَذَا ومَا أُمِرُوا إِلَّا أَنْ يَقْضُوا تَفَثَهُمْ ولْيُوفُوا نُذُورَهُمْ فَيَمُرُّوا بِنَا فَيُخْبِرُونَا بِوَلَايَتِهِمْ ويَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ".
 وفي تفسير فرات بن إبراهيم والعياشي بإسنادهما عن  الحسين بن سعيد بإسناده عن الإمام أبي جعفر عليه السلام مثله وزاد في آخره : ألا إن أبانا إبراهيم خليل الله كان ممن اشترط على ربه قال : ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) إنه لم يعن الناس كلهم فأنتم أولياؤه رحمكم الله ونظراؤكم ، وإنما مثلكم في الناس مثل الشعرة السوداء في الثور الأبيض ومثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود ، ينبغي للناس أن يحجوا هذا البيت ويعظمونا لتعظيم الله وأن تلقونا حيث كنا ، نحن الادلاء على الله تعالى ".
  هذه الأخبار المباركة تشير بوضوح ــ بمقتضى إطلاقها ـــ إلى وجوب نصرتهم أحياءً وأمواتاً كما تشير إلى وجوب تعظيم الأئمة الطاهرين في حياتهم وبعد مماتهم ولا يكون التعظيم إلا برفع مقاماتهم المقدَّسة والدفاع عنها بكل غالٍ ونفيس ومهما كانت النتائج صعبة وعسيرة؛ ولا يلتفت أحدٌ منكم إلى فتوى مجتهد يثبطكم عن النصرة تحت عناوين التزاحم والمصلحة الإسلامية لا تسمح بالنصرة وغيرها من الهرطقات والخزعبلات..فإنها تخديرات شيطانية يخدرون بها موتى القلوب والعقول.. فلا يجوز شرعاً الإصغاء إليها، قال تعالى( ولا يلتفت منكم أحدٌ وامضوا حيث تؤمرون).
 إن أيَّ تقاعس عن نصرة المقامات بصد عدوان المنظمات السنية عنها يعتبر خيانة لأهل البيت عليهم السلام وخروجاً من الدين..وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم....وهنا ينبغي وضع ضوابط ومواصفات المنتخَب من قبل الشعب ليكون معبراً عنهم في حل قضاياهم الإجتماعية الخدماتية والسياسية العامة، لأن جلَّ الناس ينتخبون الزعيم السياسي أو النائب وهم لا يعرفون شيئاً عنه بل يرشحونه لمجرد أن ماكينة إنتخابية حزبية تقوم بالترويج له فيصفق له الناس البسطاء لا لشيء سوى أن الماكينة الحزبية روجت له وأرادت من الناس انتخابه وترشيحه، وهذه المواصفات هي الآتي:
(الوصف الأول):
معرفة المرشح معرفة تفصيلية، فيجب على الفرد أن يعرف التفاصيل عن المرشح الذي يريد ترشيحه للنيابة أو الوزارة، فيجب أن يعرف عنه تفاصيل حياته ومعارفه وشهاداته وخبرته وإخلاصه وتفانيه في سبيل خدمة الناس، لأن الفرد مسؤول عمن ينتخبه وعن كل ما يصدر منه حال ترشحه للنيابة والوزارة، فالمنتخب من قبل الشعب ينوب عنهم في حل قضاياهم الإجتماعية والمصيرية، فإذا لم يكن بذاك المستوى المطلوب عقلاً وعرفاً وشرعاً، فالإنتخاب مسؤولية عظمى يحاسب عليها الفرد عند الله تعالى بمقتضى الحديث النبوي الشريف:"  كلكم راعٍ  وكلكم مسؤول عن رعيته " وإذا كان المرشح الطامح للوصول إلى الزعامة الاجتماعية غير مؤهل لذلك, فلا يجوز له التصدي لها ولا التفكر فيها لأن الزعامة لا تليق إلا بأهلها، بل يجب على الشعب أن يسعى إلى المنتخب الصالح بدلا من ان يسعى بنفسه للوصول إلى الزعامة التي من حدّث نفسه بها أكبه الله تعالى على منخريه في نار جهنم حسبما ورد في الأخبار الشريفة .
(الوصف الثاني): أن يكون المرشح نقيَّ السريرة والسيرة، ليس مجرماً قد تلوثت يداه بدماء الأبرياء وامتلأ  كرشه وبنكه من أموال الفقراء وعلى حساب قضاياهم، لأن المجرم والظالم لنفسه وللناس غير مؤهلٍ لينوب عن الشعب في حل قضاياهم وتقرير مصائرهم.
(الوصف الثالث): أن يكون المرشح للنيابة مخلصاً بدعواه خدمة الشعب كما يجب أن يكون متفانياً في حل قضايهم الإجتماعية والسياسية.
(الوصف الرابع): أن لا يكون المرشح متحزباً لأيِّ حزب كان لا سيما الأحزاب الإسلامية التي لا تخدم إلا قادتها وتوجهاتها الفكرية والإقليمية المرتبطة بها، وهذه آفة عصرية اليوم غصّت بها مجتمعاتنا الشيعية برمتها حتى بات الفرد الشيعي يلعن كل ما هو إسلامي بسبب رعونة هؤلاء وخشونتهم وغلظتهم مع الشعب وعدم مبالاتهم بتأمين احتياجاتهم المعيشية في حال تزاحمت خدمة الشعب مع مصالحهم الشخصية والحزبية، وهو ملموس لا يخفى على الفُطن من عامة الشعب، كما لا يجوز ترشيح أي مرشح حزبي من بقية الأحزاب العلمانية إلا إذا كانت لديهم الخبرة والخدمة السابقة للشعب والتفاني في حل قضاياهم الإجتماعية والخدماتية كتأمين الماء والكهرباء والطبابة وتأمين فرص العمل للعاطلين وبسط الأمن والأخذ بيد المظلوم والإقتصاص من الظالم على النهج المتداول في البلدان النامية والمتطورة.. فما المانع في أن يقتبسوا من أنظمة العالم الغربي سبل التكافل الإجتماعي وتأمين فرص العمل والإحتياجات المعيشية الضرورية وضمان الشيخوخة والطبابة إلخ...ومما يؤسفنا اليوم هو أن عامة من انتخبهم الشعب من الإسلاميين في لبنان والعراق من المتحزبين لم يقدموا للشعب أبسط وسائل العيش الرغيد كالكهرباء والماء والأمن... اللهم إلا على أنصارهم وأعوانهم حتى لو كانوا اعتى من قوم عاد وثمود وفرعون ونمرود، او من اتباع معاوية ويزيد فهؤلاء تؤمن لهم كل وسائل العيش الرغيد والمال الوفير لا لشيء سوى أنهم يصفقون للزعيم الحزبي والقائد الحربي حتى لو كان في ظلمه أبشع من جيش يزيد على مولانا السبط الشهيد سلام الله عليه..!! بل لا نكاد نسمع منه إلا الطنين والرنين وأزيز الرصاص عندما يطل عليهم ذاك الزعيم يخدرهم بخطابه ويضفي عليهم الحماس في القتال وسفك الدماء حتى لو كان ذلك على حساب قضاياهم وهمومهم المعيشية ..فالمهم أنه وحاشيته مبسوطة لهم الموائد التي تستطاب لها الألون والأذواق وتتوفر في جيوبه أموال الفقراء والمساكين..فالغاية عنده راحة أتباعه واأنصاره ..وأكبر همه نصرة فلسطين حتى لو أدى ذلك إلى محق الشيعة عن بكرة أبيها ، فالمهم أن تسلم فلسطين ويسلم من فيها الفلسطينيون الذين سينبت من ديارهم ملعون أبي سفيان(السفياني الذي سيذبح شيعة العراق وبلاد الشام عند خروجه) فلا تعني هذا الزعيم قضايا الشيعة وهموم عيشهم وتعايشهم مع بقية شرائح المجتمع...!!!.
 المتحزبون ليسوا صالحين للحكم ولا يجوز انتخابهم بأي وجه من الوجوه لأنهم أناس انتهازيون تحركهم غرائزهم الحزبية، فشلت تجربتهم الحربية التي بسطوها في المجتمعات الشيعية فلا يعرفون سوى أزيز الرصاص وأصوات المدافع والرشاشات لإرعاب الشعب لتطويعه والهيمنة عليه بقوة النار والحديد...فليحسن الشيعة الإختيار وإلا فإن لهم موعداً مرعباً يوم يلقون الله تعالى في يوم لا ينفع فيه زعيم ولا قائد...!.
(الوصف الخامس): أن يكون المرشح متخصصاً بعلوم الإجتماع والسياسة، وجلُّ من يتقدم للنيابة والوزارة إن لم يكن كلهم جهلة بأمور السياسة والتخصص بمعارف السياسة والإجتماع بل أغلبهم لا يعرف أبسط قواعد العدل والسلام، فالجاهل بالأمور السياسية والثوابت الإجتماعية لا يمكنه أن يدير بلداً أو يدافع عن مكتسبات الشعب....وما نلاحظه اليوم في بلاد التشيع ممن يتصدى للسياسة هو الجهل المطبق بمعالم السياسة والإجتماع بل أقطع جازماً بأن أغلبهم لم يطلع على عهد مالك الأشتر الذي سنَّه مولانا الإمام الأعظم أمير المؤمنين سلام الله عليه للحكام والمسؤولين عن الشعب والمتكلمين باسم الشعب...وكأن أمير المؤمنين سلام الله عليه قد سنّه لمالك فقط دون غيره من حكام الشيعة وقادة سياستها...!! فمن يحاسب مَن ؟ ومن يقتص مِن من؟ الحاكم الإسلامي اليوم هو من يحاسب الشعب ولا أحد من الشعب يجرأ على محاسبته... ويقتص ممن خالفه ولا أحد يقتص منه..؟! أليست هذه مصيبة عظمى حلَّت علينا بسبب تقاعس الشرفاء من محاسبة هؤلاء الذين يتلاعبون بمصائرهم...؟!.
 الساسة اليوم جهلة بأبسط قضايا السياسة وقوانين العدل..فكلهم أُميون بالعلوم الأكاديمية، بل إن عامة المتدينين المتصدين اليوم للحالة السياسية والإجتماعية والإقتصادية لا يتقنون الخطاب السياسي فضلاً عن التخصص بالعلوم السياسية والإدارية والإقتصادية بل شاءت الصدف الحزبية أن جرتهم لقيادة الشعب ولو كان في القائد ألف عيب وعيب..!!! فقد يكون القائد خبازاً أو بقالاً أو كاسباً ترشحه جهات حزبية ينتمي إليها ويتحمس لها أكثر من حماسه لقضايا العدل والحقوق المهتضمة عند عامة الشعب..بل الواجب عليه عند حزبه هو أن يتحمس للقائد وللقدس وفلسطين ..أمَّا أن يتحمس للبقيع والمقامات المقدسة ومعالم التشيع.. فهذا وذاك صارا من عالم الماضي وعصور القرون الوسطى والتعصب الديني أو المذهبي..! والأغرب والأعجب في هذا الزمان هو أن يتصدى معممون للسلطة والحكم مع ما هم عليه من الجهل بقضايا الدين والإقتصاد والتخصص..وحتى لو كان القليل منهم متخصصاً فلا يجوز له التصدي للسلطة لأن وظيفته هي الإرشاد والوعظ والتعليم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا أن يسعى نحو الكرسي التي لا ينجو منها إلا المخلصون الطاهرون وأين هم اليوم في عوالم السياسة والدجل والكذب والظلم...فلم نرَ واحداً منهم اليوم يخلص من آفة الكذب وظلم العباد...وقد عمّ ظلمهم كلّ شبر من أرض التشيع، وقد فشلوا في حكمهم وذلك ما أخبرت عنه أخبار آل الله صلوات الله عليهم ، ففي صحيح هشام بن سالم في غيبة النعماني بإسناده عن أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه قال : " ما يكون هذا الأمر حتى لا يبقى صنف من الناس إلا وقد ولوا على الناس حتى لا يقول قائل : إنَّا لو ولينا لعدلنا ، ثم يقوم القائم بالحق والعدل " . والملاحظ اليوم بأن حكام الأحزاب الشيعية اليوم هم من السادة وقد عانت الطائفة الشيعية من ظلمهم وتعنتهم وجبروتهم الكثير الكثير حتى صار النظر إلى الشيعي نظر المغشي عليه من الموت بسبب سياسات هؤلاء التي جرت على التشيع الويلات وما من محاسب ولا رقيب ولا مستنكر إلا همساً خوفاً من سيوفهم.
    لقد شاءت الحكمة الإلهية أن تحكم كل راية قبل ظهور إمامنا الأعظم الحجة القائم أرواحنا فداه ليظهر للعباد فشلهم بسبب استغنائهم عن حجة الله تعالى فقد روى النعماني بإسناده عن أبان بن تغلب ، قال : " سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد ( عليه السلام ) يقول : إذا ظهرت راية الحق لعنها أهل المشرق وأهل المغرب ، أتدري لم ذلك ؟ قلت : لا . قال : للذي يلقى الناس من أهل بيته قبل خروجه " . فأغلب ما يجري على الطائفة من ويلات إنما سببه معممون تقف وراءهم مرجعيات ذات عمائم سوداء، وإن شاءت الحكمة الإلهية أن نذكرهم بأسمائهم فلن نتوانى حتى نري أتباعهم الذين سكروا بحبهم والمغالاة بهم حتى وصلوا إلى الإعتقاد بأنهم ولاة أمر الله لا يعصون الله ما أمرهم وهم بأمره يعملون....والمصيبة العظمى اليوم أيضاً أنه تتزعم الفضائيات عمائم ـــ وحدوية تارة وشعائرية جوفاء تارة أخرى وولايتية طوراً آخر ـــ من قراء العزاء ومن على شاكلتهم بالجهل المركب تدعي لتفسها المعرفة والفقاهة فتلعب بعقول وأرواح الشيعة فاختلط الحق بالباطل فلا يعرف الصواب من الخطأ...والصحيح من السقيم والجاهل من العالم والمدعي من الصادق..إنها فتنة تجعل الحليم حيران....ولا ينجو منها إلا من أخلص لله تعالى بالدعاء والتوسل بإمام الزمان عليه السلام ليأخذ بيد من استشفع به إلى الصراط المستقيم فإنه لا يخيّب من تمسك بذيله الطاهر والتجأ إلى كهفه الحصين لأنه الهادي إلى الرشاد والصواب..فما خاب من تمسك بهم وأمن من لجأ إليهم...ونحن نذكر إخواننا الشيعة بما ورد في زيارة السرداب بقوله الشريف معلّماً الشيعة كيفية الإلتجاء إليه فقال:" رضيتك يا مولاي إماماً وهادياً ووليّاً ومرشداً لا أبتغي بك بدلاً ولا أتخذ من دونك وليّاً...". نعم إنه الولي والمرشد والهادي إلى الحقائق والهدى فادعوه تجدوه حاضراً شافعاً مشفعاً....وقد خاب من افترى..!.
  إن من أهم خصائص السياسة قديماً وحديثاً هي أن يعرف الفرد المرشح لخدمة الشعب الأمورَ المتعلقة بقضايا الشعب، وأن يعرف الأمور التي هي مورد اهتمام الشعب وأن يعرف أيَّ أمر يؤثر في أي أمر ومعرفة الخصوصيات والمزايا والأقوام والإتجاهات والتيارات حتى لا يظلم فئة على حساب فئة أُخرى أو أقواماً على حساب آخرين، فإذا لم يعرف السياسي كل هذا الأمور حق معرفتها لا يتمكن من التصرف فيها فإن من لا يحسن المعرفة بالمصنع أو المعمل والماكينات الموجودة فيه لا يتمكن من تشغيلها أو علاجها لدى العطب، وكذلك من لا يعرف جزئيات بدن الإنسان لا يتمكن من معرفة أمراضه وعلاجها، والسياسة أيضاً من هذه الأمور التي إذا لم يعرف السياسي مجرياتها وخصوصياتها لا يتمكن من التدخل في شؤونها وتوجيهها والسير بها إلى الصراط المستقيم بل يزيد في الطين بلة وفي البلاء محنة...!.
 لقد أثبتت التجربة عند أكثر المؤمنين أن الأحزاب ــ سوآء كانت ولايتية أو شعائرية جوفاء أو دعوتية ـــ لا تخدم إلا مصالحها، وغاية همها هي الحكم والتسلط على رقاب الشعب تحت شعارات براقة منها تحرير الأرض من الإستعمار والتفاني في خدمة ولاة الشرع حتى لو كانوا أجهل من ربات الحجال ومومسات الحانات..! بل حتى لو فاقوا بظلمهم ظلم فرعون ونمرود وقوم عاد وثمود.. وذلك بحجة أنهم ولاة الله تعالى فمن يرد عليهم فقد رد على الله تعالى..! وما أصاب العراق ولبنان اليوم من حروب ودمار وفتن سياسية ألبسوها ثوب الدين إنما هو بسبب تولي الجهلة لأمور السياسة وقيادة الشعب، فضلاً عن جهلهم بقواعد الشرع والأخلاق والإجتماع..ولن ترتاح الشيعة إلا بعزلهم والإتعاظ بمنكراتهم. وما جلبوه على الشيعة من ويلات وهنات لن تنطفئ نارها إلا بالرجوع إلى القائد الأعظم الحجة القائم أرواحنا فداه والأخذ بمعارفه وأحكامه والإستنان بسنته من بسط العدل وإماتة الجور والإنتصاف للمظلوم من الظالم...فليتعظ الشيعة مما أصابهم وليرجعوا إلى الله تعالى بالخشوع والإنابة والتواضع والرحمة والمسكنة وإلا فإن مصيرهم عسير..وليحسنوا الإختيار لمن يريد أن يتكلم باسمهم...! وقد صدق الخبر عن أمير المؤمنين عليه السلام حينما كشف عن هذا الواقع المرير، ففي غيبة النعماني بإسناده عن أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا علي بن الحسن التيملي من كتابه في رجب سنة سبعة وسبعين ومائتين ، قال : حدثنا محمد بن عمر بن يزيد بياع السابري ومحمد بن الوليد بن خالد الخزاز ، جميعا ، قال : حدثنا حماد بن عثمان ، عن عبد الله بن سنان ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن أبي البلاد ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : " سمعت عليا ( عليه السلام ) يقول : إن بين يدي القائم سنين خداعة ، يكذب فيها الصادق ، ويصدق فيها الكاذب ، ويقرب فيها الماحل " .
  وفي حديث  آخر: " وينطق فيها الرويبضة ، فقلت : وما الرويبضة وما الماحل ؟ قال : أوما تقرأون القرآن ؟ قوله : ( وهو شديد المحال ) قال : يريد المكر . فقلت : وما الماحل ؟ قال : يريد المكار " .قال صاحب البحار رحمه الله تحت عنوان بيان:" قال الجزري : في حديث أشراط الساعة وأن ينطق الرويبضة في أمر العامة ، قيل : وما الرويبضة يا رسول الله ؟ فقال : الرجل التافه ينطق في أمر العامة ، الرويبضة تصغير الرابضة وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور ، وقعد عن طلبها ، وزيادة التاء للمبالغة و " التافه " الخسيس الحقير .
 

 نعوذ بالله تعالى من شرورهم بمحمد وآله الطيبين سلام الله عليهم أجمعين...والله تعالى هو الموفق للصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين..والسلام على من اتبع الهدى. 
 

 حررها كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد
محمد جميل حمُّود العاملي ـــ جبل عامل
لبنان بتاريخ 25 شهر رمضان المبارك 1435هـ .


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=988
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 07 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29