• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : الإشكال على اسم خالد الوارد في دعاء أُم داوود / لا يجوز على الأحوط التسمية بأسماء الله الخاصة به ولا بأسماء أعدائه/ معالجة الأخبار الناهية عن التسمية .

الإشكال على اسم خالد الوارد في دعاء أُم داوود / لا يجوز على الأحوط التسمية بأسماء الله الخاصة به ولا بأسماء أعدائه/ معالجة الأخبار الناهية عن التسمية

الإسم:  *****
النص: بسم الله الرحمان الرحيم وبه نستعين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم من الأولين والآخرين
إلى سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله في العالمين مولانا وأستاذنا الأكبر حجة الإسلام والمسلمين شيخنا الأجل الأبجل العلم العلامة المجاهد الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام الله ظله على رؤوس المؤمنين والمسلمين .
عظم الله لكم الأجر وأحسن الله لكم العزاء بذكرى استشهاد أمير المؤمنين وسيد الوصيين إمامنا المعظم أبي الحسن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ولعنة الله على قاتليه وشانئيه و كل من حارب أوليائه ومحبيه من العلماء والمؤمنين إلى يوم الدين .
إسمح لي يا مولاي المقدس أن أتجرأ أمام جلالة حضرتكم بطلب الإجابة على هذا الاستفسار لأحدهم ولكم مني كل الحب والامتنان .
ورد في روايتين شريفتين عن كتاب وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي أعلى الله مقامه الشريف - ج ٢١ - تنهى عن تسمية المولود ببعض الأسماء المبغوضة عند الله عز جل منها إسم (خالد) .
الرواية الأولى : عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله قال : إن رسول الله دعا بصحيفة حين حضره الموت يريد أن ينهى عن أسماء يتسمى بها ، فقبض ولم يسمها ، منها : الحكم وحكيم وخالد ومالك ، وذكر أنها ستة أو سبعة مما لا يجوز أن يتسمى بها .
والرواية الثانية : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبدالله بن هلال ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر قال : إن أبغض الاسماء إلى الله حارث ومالك وخالد .
مع ذلك يأتي هنا إشكال حول التسمية بإسم (خالد) من أنه كيف تكون التسمية بهذا الإسم مبغوضة إلى الله عز جل طبقاً لهاتين الرواتين مع إنه ورد في الدعاء المروي عن أم داوود ضمن أعمال النصف من شهر رجب صلاتها على رجل إسمه خالد وهذا هو النص :
((اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى هابيلَ وَشَيْث وَاِدْريسَ وَنُوح وَهُود وَصالِح وَ اِبْراهيمَ وَاِسْماعيلَ وَاِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ وَالاَسْباطِ وَلُوط وَشُعَيْب وَاَيُّوبَ وَمُوسى وَهارُونَ وَيُوشَعَ وَميشا وَالْخِضْرِ وَذِى الْقَرْنَيْنِ وَيُونُسَ وَاِلْياسَ وَالْيَسَعَ وَذِي الْكِفْلِ وَطالُوتَ وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ وَزَكَرِيّا وَشَعْيا وَيَحْيى وَتُورَخَ وَمَتّى وَاِرْمِيا وَحَيْقُوقَ وَدانِيالَ وَعُزَيْر وَعيسى وَشَمْعُونَ وَجِرْجيسَ وَالْحَوارِيّينَ وَالاَتْباعِ وَخالِد وَحَنْظَلَةَ وَلُقْمانَ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، كَما صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ وَبارَكْتَ عَلى اِبْرهيمَ وَآلِ اِبْرهيمَ اِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ))
فما رأي سماحتكم مولانا المرجع بهذا الدعاء ؟
وكيف يكون النهي في الرواتين صحيحاً مع إنه يُقال أن أم داوود يعود نسبها إلى الإمام الحسن عليه السلام ؟
ومن هو خالد المذكور في الدعاء ، فإن كان نبياً أو من الصالحين فكيف يبغض الله عز جل هذا الإسم وقد سماهم به ؟ !
وهل أن إسم مالك المسمى به مالك الأشتر رضي الله عنه من الأسماء المبغوضة أيضاً ، في حين جاء في الآية الشريفة {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ} الزخرف/77 مع إنه لم يغير إسمه ؟
أفيدونا مشكورين ومأجورين ، نفعنا الله بكم في الدارين
ولدكم الخادم *****

وهذا نص السؤال من الأخت الكريمة في موقع مرسي:


النص: بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم
إلى سماحة حجة الإسلام والمسلمين مولانا المرجع الديني آية الله المحقق شيخنا العلامة العلَم محمد جميل حمود العاملي مدّ الله تعالى بظله الشريف
لقد كتبت إحدى الأخوات الطيبات تدعى (*****) عبر الموقع الكريم \"مرسى الولاية\" سؤالاً هاماً حول التسمية بإسم [خالد] أرجو أن تجيبونا عنه وجزاكم الله عز وجل خير الجزاء :
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الكريم لدي عدة اسئلة اريد ان اصل بها إلى معرفة الحقيقة لا اكثر
ما رأيكم في دعاء ام داوود الذي يقرئ في النصف من شهر رجب الاصب ؟؟!
هل هو صحيح ؟! وحسب ما قرأت عن هوية ام داوود فنسبها يعود إلى الامام الحسن عليه السلام
وإن كان كل ذلك صحيح فهي ذكرت إسم خالد في دعاءها (( اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى هابيلَ وَشَيْث وَاِدْريسَ وَنُوح وَهُود وَصالِح وَ اِبْراهيمَ وَاِسْماعيلَ وَاِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ وَالاَْسْباطِ وَلُوط وَشُعَيْب وَاَيُّوبَ وَمُوسى وَهارُونَ وَيُوشَعَ وَميشا وَالْخِضْرِ وَذِى الْقَرْنَيْنِ وَيُونُسَ وَاِلْياسَ وَالْيَسَعَ وَذِي الْكِفْلِ وَطالُوتَ وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ وَزَكَرِيّا وَشَعْيا وَيَحْيى وَتُورَخَ وَمَتّى وَاِرْمِيا وَحَيْقُوقَ وَدانِيالَ وَعُزَيْر وَعيسى وَشَمْعُونَ وَجِرْجيسَ وَالْحَوارِيّينَ وَالاَْتْباعِ وَخالِد وَحَنْظَلَةَ وَلُقْمانَ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، كَما صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ وَبارَكْتَ عَلى اِبْرهيمَ وَآلِ اِبْرهيمَ اِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ))
فمن هو خالد المذكور في دعائها ؟!
وانتم ذكرتم في الرد على ياسر الحبيب ان اسم خالد من الاسماء المبغوضة عند الله عز وجل
وإن كان نبياً او احد الصالحين فكيف لله ان يبغض اسم فيسمي احد انبياءه او اصفياءه بهذا الاسم؟
كذلك اسم مالك - مالك الاشتر رضوان الله عليه هل اسمه من الاسماء التي يبغضها الله ؟! - ولم لم يقم بتغيير اسمه مثلاً حيثُ انه بقي إلى عهد الامام علي عليه السلام إلى ان سمه معاويه عليه لعائن الله والملائكة والناس اجمعين بالعسل
كذلك اسم خازن الجحيم مالك ؟! من خلال الاية الشريفة : ( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال انكم ماكثون ) سورة الزخرف آية 77
فما المقصود بأن الله يبغض هذه الاسماء ؟
اسئلتي فقط لإيضاح الحقيقة لا اكثر ولا اقل
جزاكم الله خير الجزاء على جهودكم المبذولة
التوقيع - *****

 

الموضوع الفقهي: الإشكال على اسم خالد الوارد في دعاء أُم داوود / لا يجوز على الأحوط التسمية بأسماء الله الخاصة به ولا بأسماء أعدائه/ معالجة الأخبار الناهية عن التسمية .
بسم الله تبارك شأنه

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
     قرأنا إشكالكم في سؤالكم الكريم وها نحن نجيبكم عليه بشيءٍ من التفصيل بشكلٍ لم يسبقنا إليه أحدٌ بفضل الله تعالى وتوفيق وهداية الإمام المعظم بقية الله الأعظم الحجة القائم صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين، وقبل الإجابة على السؤال لا بد من التعريف بأُم داوود رضي الله عنها وهو الآتي:
أُم داوود كنية لها، وكانت تكنى أيضاً بأُم خالد البربرية ، والظاهر أن الكنية بأم خالد كانت قبل زواجها من الحسن المثنى بن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام لمّا كانت جارية ، واسمها حبيبة أو فاطمة بنت عبد الله بن إبراهيم ، وهي بربرية أي من بلاد الأندلس، كانت جارية فتزوجها الحسن المثنى وأنجب منها داوود الراوي للدعاء المذكور عن أُمها عن مولانا الإمام المعظم جعفر بن الإمام الباقر سلام الله عليهما، وقد علّمها الدعاء المذكور لمَّا حبس المنصور الدوانيقي ابنها داوود بن الحسن المثنى فدعت الله تعالى به فأُطلق سراحه، وأُم داوود ليست من نسل الإمام الصادق عليه السلام حسبما ادَّعى أحد الجهال، وإنما كانت كما أشرنا جارية ــ أي أُم ولد ـــ تزوجها الحسن المثنى بن الإمام المعظم الحسن المجتبى سلام الله عليه؛ ويظهر من قول السيد ابن طاووس رحمه الله أن أثم داوود رضي الله عنها قد أرضعت إمامنا الصادق عليه السلام بلبن ولدها داوود؛ فهي أُمه بالرضاعة حسبما أفاد إبن طاووس ، وقد أفاد السيد ابن طاووس في كتابه الإقبال بأنها جدته من ناحية النسب المتصل بالحسن المثنى بن الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه...ولعلّ شهرتها بأُم داوود دون أُم خالد ترجع إلى هجران الكنية " أُم خالد " إمَّا لأن الإمام عليه السلام أمرها بهجره ، وإمَّا أن يكون زوجها الحسن المثنى غيّره لكراهة التسمية به باعتباره من الصفات الإلهية الثبوتية لا الإضافية الفعلية كما في مالك وغيره .
 عودٌ على بدء: إن في سؤال السائل الكريم ثلاث شبهات هي الآتي:
الشبهة الأولى: من أنه كيف تكون التسمية بهذا الإسم مبغوضة إلى الله عز جل طبقاً لهاتين الروايتين مع إنه ورد في الدعاء المروي عن أم داوود ضمن أعمال النصف من شهر رجب صلاتها على رجل اسمه خالد..؟!.
الجواب على الإشكال المتقدم بما يلي: لم تكن الصلاة على خالد لمجرد اسمه بل كانت منصبة على ذاته المؤمنة باعتباره من الأبدال أو الحكماء المؤمنين برسالات الأنبياء عليهم السلام؛ والأسماء ليست هي الغاية الكبرى عند سادة الورى وسفن النجاة عليهم السلام؛ فلا ينظرون إلى الأسماء بما هي هي من دون النظر إلى الذوات الطاهرة، فصلواتهم على خالد ليس لكون اسمه خالداً من دون النظر إلى إيمانه وتقواه..وبما أشرنا ينحل الإشكال من أساسه وبالتالي يكون المراد من صلاة إمامنا المعظم الصادق سلام الله عليه على خالد إنما هو ذات خالد وليس لأن اسمه خالد...!.
الشبهة الثانية: دعواه بأن اسم خالد الوارد في دعاء أُم داود لو كان من الأسماء المبغوضة عند الله عز وجل فلماذا سماه الله تعالى به سوآء كان خالد من الأنبياء أو من الصالحين؟!.
الجواب على الشبهة الثانية: إن خالداً الوارد في دعاء أُم داود  لم يكن نبياً بل هو من الأتباع للأنبياء المتقدمين على النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، فخالد كان من الأبدال وقد عاش في فترة ما بين رسالة النبي عيسى عليه السلام ورسالة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله؛ وبالتالي فإنه عاش في فترة من الرسل أي في عصر لا يوجد فيها أنبياءٌ مرسلون وإنْ وجد فيها أوصياء عظام كسيدنا عبد المطلب وأبي طالب سلام الله عليهما، فما توهمه السائل بأنه ربما كان خالد من الأنبياء لا حقيقة له على الإطلاق؛ نعم هو من الصالحين الأبدال ولا دخل لله تعالى في تسميته خالداً؛ وبالتالي لا توجد ملازمة بين الإسم خالد وبين أن يكون الله تعالى سماه بهذا الاسم، كما أنه تعالى لا يسمي أحداً باسمٍ لا يبغضه ،ولو أن الله تعالى سماه خالداً لما صح لأهل البيت سلام الله عليهم أن يظهروا بغضهم لإسم انتخبه الله تعالى لبعض عباده باعتبارهم أوعية مشيئة الله فإذا شاء الله شاءوا حسبما جاء في الأخبار الصحيحة عنهم سلام الله عليهم....!.
 والتحقيق أن يقال: إن خالداً الوارد ذكره في دعاء أُم داوود صلوات الله عليها هو من الحكماء في فترة ما بعد النبي عيسى عليه السلام وقبل بعثة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، وذلك لوجهين:
(الوجه الأول): إن الدعاء جعل اسمه ضمن الأتباع والحكماء ولم يجعله ضمن الأنبياء عليهم السلام بقرينة ضم لقمان إليه كما ورد:"...والحواريين والأتباع وخالد وحنظلة ولقمان..". ومن المشهور شهرة عظيمة أن لقمان لم يكن نبياً بل كان حكيماً، ولو كان خالدٌ نبياً لكان من المناسب وضع اسمه ضمن أسماء الأنبياء، وهكذا بالنسبة إلى لقمان، فلو كان نبياً لكان المناسب وضع اسمه في مجموعة الأنبياء سلام الله عليهم .
(الوجه الثاني): إن الأخبار أكدت على أن الأنبياء العرب هم أربعة: هود وصالح وشعيب ومحمد صلى الله عليه وآله...وحيث إن خالداً من العرب وليس من العجم لأن العجم لا يسمون خالداً بل هو اسم عربي خاص بالمجتمعات العربية، وحيث إن الأخبار حصرت الأنبياء العرب بأربعة يتضح لدينا بالقطع واليقين بأن خالداً لم يكن من الأنبياء .  
 ودعوى أن الله تعالى سماه خالداً لا تستقيم مع عصمة آل الله تعالى الذين نهوا شيعتهم المؤمنين عن أن يسموا أولادهم بأسماء يبغض الله تعالى أن يتسمى بها الناس حسب الظاهر من الأخبار؛ وفي بعضها إطلاق بالمنع إلا ما ورد الدليل على جوازه كتسميته تعالى لخازن النار بمالك، إذ ما من عام إلا وقد خُصَّ؛ والظاهر من الأخبار المنع عن التسمية بخالد حتى للملائكة؛ بخلاف الاسم مالك فإنه منصرف إلى الناس لا الملائكة؛ ومن الاخبار المانعة ما ورد في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال :" إن أبغض الأسماء إلى الله ، حارث ومالك وخالد " .
  فهذه الصحيحة وإنْ كانت مطلقة بنهيها عن التسمية بمالك إلا أنها تنصرف إلى المخلوق الأرضي لا السماوي كالملك الموكّل بالجحيم، فيبقى الاسمان الآخران " حارث وخالد " ظاهرين في المنع المطلق فلا يسمى بها مخلوق أرضي ولا سماوي؛ وذلك لأن "حارث" اسمٌ للشيطان فلا يجوز للناس أن يسموا أولادهم باسم الشيطان وهكذا بالنسبة إلى الاسم الكنية "أبو مرة " لأنها تكنية إبليس لعنه الله تعالى، فالنهي عن التسمية بهما باعتبارهما من أسماء إبليس عليه اللعنة السرمدية؛ وأما الاسم الثاني والثالث " مالك وخالد " فهما اسمان مقدَّسان من الأسماء العظمى لله تعالى فلا يجوز لأحد التسمية بواحد منها إلا بإذنه وأمره تعالى، فأجاز الله تعالى لنفسه أن يسمي ملكاً من ملائكته بمالك باعتباره من الأسماء الداخلة في الصفات الإضافية لا الصفات الذاتية لله تعالى ـــ كما هو مفصّل في كتابنا الفوائد البهية تبعاً لمشهور متكلمي الامامية بشأن الصفات الإضافية الاعتبارية ــــ فالاسم " مالك " من الأسماء العرفية الاعتبارية لكن الله جلَّت عظمته نهى عن التسمية به لأنه تعالى هو المالك الحقيقي، وغيره من المالكين هم مُلَّاكون اعتباريون مجازاً...!.
   وليس ثمة رواية تدل لا من قريب ولا من بعيد بأن الله تعالى سمّى أحداً من ملائكته باسم خالد على الإطلاق، وقد عللت الأخبار الشريفة ذلك: بأن خالداً من أسماء الله تعالى الخاصة التي لا يجوز مشاركة غيره بها، فهو تبارك شأنه خالداً لا نهاية له فلا يموت بل هو أبديٌّ سرمديٌّ بخلاف اسم مالك فإن المسمى به محدود بحدٍّ وماهية، فله بداية ونهاية لأن كل مخلوق حتى مالك خازن النار سيموت بين النفختين ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام؛ ووجهه تعالى هم آله الطيبون رسول الله وعترته الطاهرة سلام الله عليهم.
 والحاصل: إن الله تعالى لم يسمِّ هذا البدل الصالح "خالداً " وإنما والد خالد هو من سماه بهذا الاسم؛ ومن المستحيل أن يكره أئمتنا الطاهرون عليهم السلام اسماً انتخبه الله تعالى لبعض الناس، وليست تسميته لابنه بخالد بوحي من السماء بل لأن التقاليد والأعراف العربية يومذاك كانت مشهورة بأسماء لا علاقة لها بوحي السماء، ولو كان بوحي من السماء لما صح أن ينقل أئمتنا المطهرون سلام الله عليهم كراهية الله تعالى التسمية بهذا الاسم وإلا فإن ذلك يوجب تكذيبهم (والعياذ بالله تعالى) ولا يريد الله تبارك مجده أن يكذّب أولياءه المطهرين لأنهم خيرته وصفوته والأدلة على عظمته وكبريائه..!.
 الشبهة الثالثة: دعوى السائل الكريم بأن اسم مالك قد تسمى به أحد الصحابة العظام لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليهما؛ وهذا يدل على أن الله تعالى لا يبغض التسمية باسم مالك لا سيَّما أن الإمام الأعظم أمير المؤمنين عليَّاً عليه السلام لم يقم بتغيير اسمه حيث إنه بقي إلى عهد الإمام علي عليه السلام إلى أن سمه معاوية عليه اللعنة...!.
 الجواب على الشبهة الثالثة: إن دعوى أن الإمام الأعظم أمير المؤمنين علي سلام الله عليه لم يغيِّر اسم صاحبه مالك الأشتر رضي الله عنه وأرضاه مما يدل على رضاه عن التسمية بمالك... ليست دليلاً على المدَّعى؛ وذلك للوجوه الآتية هي:
 (الوجه الاول):
إذ ربّما لو بدّل أو غيّر اسمه لأوجب فتقاً في الوسط الشيعي المحاط بالنواصب من كل الجهات حيث إن الاسم كان رائجاً في تلك الفترة العصيبة في الوسط البكري، لا سيما أنه كان مقدراً بعلم الله الأعظم وعلم الإمام المعظم علي عليه السلام بأن مالكاً سيكون وكيلاً عنه في مصر حتى لو لم يكن تسمح له الظروف بالحكم؛ بل الأمر أهم من ذلك وهو الحفاظ على الشيعة في تلك الفترة الزمنية العصيبة التي عاشها أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته المخلصون؛ فاقتضت المصلحة الإلهية الإبقاء على اسم مالك على صاحبه مالك الأشتر درءً للمفاسد المترتبة على تبديله وهي نقمة المخالفين على الشيعة في عصره سلام الله عليه خصوصاً أن خادم النبي الأعظم صلى الله عليه وآله كان اسمه أنس بن مالك؛ فلو بدَّل الإمام الأعظم أمير المؤمنين سلام الله عليه إسمَ مالك إلى اسمٍ آخر لأدَّى ذلك إلى زيادة نقمة البكريين والعمريين على الشيعة ولكانوا نعتوه عليه السلام بأنه كان يبغض أنس بن مالك وبالتالي فإنه يبغض رسول الله (والعياذ بالله تعالى) فحكم بتغيير اسم صاحبه .
 وبعبارةٍ أُخرى: لو بدّل اسم مالك إلى اسمٍ آخر لكان المخالفون أشاعوا على أمير المؤمنين عليه السلام بأنه قام بتبديل شريعة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله حتى أسماء من كانوا في خدمة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله كأنس بن مالك على سبيل المثال، فلأجل درء هذه المفسدة لم يغيِّر اسمَ صاحبه رضي الله عنه بل أبقاه لمصلحة  راجعة إلى الشيعة أنفسهم كما أشرنا آنفاً.
 (الوجه الثاني): لعلَّ التقية الشديدة التي كانت ستواجه شيعته يعد شهادته استدعت أميرَ المؤمنين سلام الله عليه عدم تبديل اسم صاحبه مالك إلى اسمٍ آخر يحب الله تعالى أن يتسمى به أحد المخلوقين، فهناك فاسد وهو التسمي باسم الخلود لله تعالى أو الملكية المطلقة لله تعالى، وهناك أفسد وهو إبادة الشيعة أو إلحاق الضرر بهم لأجل أن إمامهم بدَّل اسم صاحبه إلى اسمٍ آخر ؛ وعند التزاحم بين الفاسد والأفسد يقدّم الأفسد عقلاً وشرعاً .
 بالإضافة إلى ذلك: نحن الشيعة نعتقد بعصمة الإمام الأعظم أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وحكمته المطلقة؛ ولا يجوز التشكيك ببعض أفعاله الظاهرة المحمولة على التقية أو المداراة أو لأجل المصالح الواقعية التي لا نفقه كنهها، فعدم تغييره اسم صاحبه لا بد من أن نحمله على الحكمة الظاهرية والواقعية إلى أن جاء إمامنا المعظم الصادق عليه السلام وكشف لنا الحكم الواقعي الذي لم تسمح الظروف الموضوعية بتغيير اسم صاحبه مالك..!.
  (إنْ قيل لنا): لعلَّ عدم تغيير الاسم من جهة أن مالكاً هو اسم ملك عظيم موكل بجهنم(أجارنا الله تعالى منها بمحمد وآله) وهو من أولياء آل محمد سلام الله عليهم، وليس عدواً لهم ، وحيث إن بعض الأخبار الشريفة منعت عن التسمية بأسماء أعدائهم فتنتفي الكراهة الوضعية والشرعية من البَين .
  قلنا في الجواب: إنَّ هذا التعليل ضعيفٌ؛ وذلك لإطلاق الأخبار الدالة على وجود كراهة في أصل التسمية باعتبار أن اسم مالك وخالد والحكم من أسماء الله تعالى وليس فيها ما يدل على أن التسمية مكروهة لأجل أعداء الله تعالى، نعم هناك أخبار صريحة بالكراهة لأجل أن أعداءهم تسموا بها كالحميراء ، وقد أفصحت بعض الأخبار عن ذلك كخبر يعقوب السراج عن إمامنا المعظم جعفر الصادق عليه السلام قال ـــ اي السراج ـــ دخلت على أبي عبد اللَّه عليه السّلام وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى وهو في المهد فجعل يساره طويلا فجلست حتى فرغ فقمت إليه فقال لي ادن من مولاك فسلم فدنوت فسلمت عليه فرد علي السلام بلسان فصيح ثم قال لي اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتها أمس فإنه اسم يبغضه اللَّه وكان ولدت لي ابنة سميتها بالحميراء، فقال عليه السلام: انته إلى أمره ترشد، فغيرت اسمها".
 ومما يؤكد الرواية المتقدمة ما ورد في الكافي بإسناده عن ْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ أَبِيه عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَرَادَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام الرُّكُوبَ إِلَى بَعْضِ شِيعَتِه لِيَعُودَه فَقَالَ يَا جَابِرُ ألْحَقْنِي فَتَبِعْتُه فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَابِ الدَّارِ خَرَجَ عَلَيْنَا ابْنٌ لَه صَغِيرٌ فَقَالَ لَه أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام مَا اسْمُكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ فَبِمَا تُكَنَّى قَالَ بِعَلِيٍّ فَقَالَ لَه أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام لَقَدِ احْتَظَرْتَ مِنَ الشَّيْطَانِ احْتِظَاراً شَدِيداً ؛ إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ مُنَادِياً يُنَادِي يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ حَتَّى إِذَا سَمِعَ مُنَادِياً يُنَادِي بِاسْمِ عَدُوٍّ مِنْ أَعْدَائِنَا اهْتَزَّ واخْتَالَ ". والاحتظار الدخول في الحظيرة للأمن من العدو .
  دلالة الخبر واضحة في كراهة التسمية بأسماء أعداء الله تعالى، وأعداء الله تعالى هم أعمدة السقيفة ومن وقف معهم ضد الإمام الأعظم أمير المؤمنين وزوجته الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليهما؛ وهذا الخبر وما سبقه حاكم على كل خبرٍ ينسب إلى أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله الطيبين بأنه سمَّى أحد أبنائه بأسماء أعدائه الذين سقوه كأساً مرّة عندما دخلوا داره وأذلوا عياله بضربها وتكسير أضلاعها ورفسها على بطنها، واغتصبوا مقامه واعتدوا على حقوقه ؛ وقد ورد في زيارة الناحية المقدّسة عن الإمام العسكري عليه السلام:" السلام على عثمان بن أمير المؤمنين ، سَمِيّ عثمان بن مظعون ". وفي خبر ورد في البحار ج 45ص 38 عن أمير المؤمنين عليه السلام يكشف فيه عن سبب تسمية ابنه بعثمان فقال عليه السلام:" : إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون ".
 وهذه قرينة واضحة وصارفة عن كون التسمية لأجل عثمان بن عفان بل كانت التسمية لأجل عثمان بن مظعون رضي الله عنه حتى لا يظن أحد من الشيعة بأنهم راضون عن أعدائهم ... فعثمان ابن مظعون من أولياء أمير المؤمنين سلام الله عليه بخلاف عثمان بن عفان فإنه كان من مبغضي إمامنا الأعظم عليّ بن أبي طالب سلام الله عليهما، وقد كان ابن عفان معروفاً بعداوته لأمير المؤمنين وزوجته سيّدة نساء العالمين عليهما السلام، مما يعطينا صورة كاملةً عن العلّة في النهي عن التسمية بأسماء أعداء الله تعالى؛ وإنما سمى ابنه عثمانَ حباً للصحابي الجليل عثمان بن مظعون فقط... ودعوى أن أمير المؤمنين عليه السلام قد سمى بعض أولاده باسم عمر وأبي بكر دونها خرط القتاد وذلك لأنه لم يثبت لدينا بدليل ظني معتبر يدل على الصحة فضلاً عن وجود دليل قطعي الصدور يثبت صحة الدعوى المذكورة، بل الصحيح أن له ابناً باسم عمرو وليس باسم عمر..وأما أبو بكر فلم تثبت النسبة بدليل معتبر كما أشرنا...وقد ذكرنا بعض التفاصيل في أحد أجوبتنا على سؤال حول هذا الموضوع فليراجع من الموقع الإلكتروني.
  والظاهر لنا من خلال التحليل الدقيق المبنيّ على القرائن العلمية المنفصلة بضم الأخبار إلى بعضها البعض، بأن النسبة المذكورة هي من صنع بني أُمية ومدرسة السقيفة حتى يشككوا الشيعة بعدوانية أصحاب السقيفة اتجاه أمير المؤمنين وزوجته الطاهرة سلام الله عليهما...وهي نظير دعوى أن أمير المؤمنين سلام الله عليه زوّج ابنته أُم كلثوم سلام الله عليها لعمر بن الخطاب؛ وقد فندنا هذه الدعوى بالأدلة والبراهين بشكلٍ علمي لم يسبقنا إليه أحد بفضل الله تعالى فليراجع بحثنا القيّم حول شبهة تزويج عمر بأُم كلثوم في كتابنا الجليل الموسوم بـــ ( إفحام الفحول في شبهة تزويج عمر بأُم كلثوم عليها السلام ).
 (الوجه الثالث): إن استفاضة الأخبار عن أئمة الهدى ومصابيح الدجى سلام الله عليهم الناهية عن التسمية بأسماء سبعة منها: خالد ومالك...يكون مفسراً وموّضحاً لسيرة الإمام الأعظم أمير المؤمنين سلام الله عليه؛ فهناك الكثير من الأحكام الشرعية الواجبة والمستحبة والمكروهة لم يتمكن إمامنا الأعظم عليّ بن أبي طالب سلام الله عليهما من إظهارها للملأ إلا أن بقية أولاده المطهرين سلام الله عليهم أجمعين ـــ لا سيَّما الإمامان الباقر والصادق سلام الله عليهما بسبب الظروف الموضوعية التي سمحت لهم في بيان الأحكام ـــ  قد بينوها للشيعة ووضحوها وأكدوا عليها حينما تمكنوا من ذلك لأسباب معروفة وهي قلة الضغط على الإمامين الصادقين عليهما السلام في عصرهما...فما جاء به أوسطهم وآخرهم هو عين ما أراده أولهم، فهم مفسِّرون لكلمات بعضهم البعض أي أن اللاحق يفسّر كلام السابق.... فإذا جاءنا خبران أحدهما يبيح شيئاً والآخر يحرم أو يوجب شيئاً أو يحكم بكراهة شيء، فلا بد حينئذٍ من تقديم الخبر الثاني الظاهر في الحرمة أو الوجوب او الكراهة، لأن الثاني مفسِّرٌ للأول ومبيّن للمراد منه، وهكذا لو ورد إلينا خبران أحدهما يأمر والآخر ينهى فيجب تقديم الثاني في حال كان جامعاً لشروط الأخذ به كما هو معلوم عند أعلام الامامية في معالجتهم للأخبار المتعارضة؛ ويشهد لما أشرنا آنفاً من أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن بوسعه تغيير اسم صاحبه لحكمة اقتضاها؛ أنه لم يكن بوسعه تغيير سنَّة عمر وأبي بكر وعثمان وما ارتكبوه من بدع وجنايات، فقد كشفت النصوص عن ذلك كما هو واضح لمتصفح التاريخ، فقد روي بأنه عليه السلام لم يستطع أن يعزل شريحاً عن القضاء ، وقد أبى ذلك عليه أهل الكوفة ، وقالوا له : لا تعزله ؛ لأنه منصوب من قبل عمر وبايعناك على أن لا تغير شيئاً مما قرره أبو بكر وعمر". 
كما أنه لم يستطع أن يمنع جيشه من صلاة التراويح ؛ لأن عمر هو الذي شرعها ، وصاحوا وا سنّة عمراه ، ولعل أول من صاح في هذه المناسبة ب‍ ( واعمراه ) هو قاضيه شريح.... بل لقد نادوا بأمير المؤمنين علي « عليه السلام » في حرب الجمل : « أعطنا سنة العمرين ».
وسمع رجل النبي « صلى الله عليه وآله » يقول عن معاوية : من أدرك هذا أميراً فليبقرن خاصرته بالسيف ؛ فرآه يخطب في الشام ؛ فأراد تنفيذ أمر رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، فقالوا له : أتدري من استعمله ؟ .قال : ومن ؟ قالوا : أمير المؤمنين عمر .قال : سمعاً وطاعة لأمير المؤمنين .
وقد صرح أمير المؤمنين عليّ عليه السلام في خطبة له بأعمال كثيرة لمن سبقوه ، لم يستطع تغييرها ، ولو أنه حاول ذلك لتفرق عنه جنده حتى يبقى وحده وقليل من شيعته ، وهي أمور كثيرة فلتراجع .
 ومما يؤيد ما أشرنا إليه ما ورد في موثق عمار عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) سألته عن الصلاة في رمضان في المساجد فقال : لما قدم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الكوفة أمر الحسن بن علي ( عليهما السلام ) أن ينادي في الناس لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة ، فنادى في الناس الحسن بن علي بما أمره به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فلما سمع الناس مقالة الحسن بن علي صاحوا : وا سنة عمراه ، وا عمراه ، وا عمراه ! فلما رجع الحسن إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال له : ما هذا الصوت ؟ قال : يا أمير المؤمنين الناس يصيحون : وا عمراه وا عمراه ! فقال له أمير المؤمنين : قل لهم صلوا !
ومنها خبر سليم بن قيس الهلالي قال : خطب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال سلام الله عليه : ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان: اتباع الهوى وطول الأمل - إلى أن قال - : قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) متعمدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيرين لسنته ! ولو حملت الناس على تركها لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي أو في قليل من شيعتي - إلى أن قال - : والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر ، نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة وطاعة أئمة الضلال والدعاة إلى النار ، وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى الذي قال اللَّه تعالى « إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ »  فنحن واللَّه عنى بذي القربى الذي قرننا اللَّه بنفسه وبرسوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم فقال فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل منا خاصة كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا اللَّه في ظلم آل محمد صلوات اللَّه عليهم إن اللَّه شديد العقاب لمن ظلمهم رحمة منه لنا وغنى أغنانا اللَّه به ووصى بها نبيه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا أكرم اللَّه رسوله صلى اللَّه عليه وآله وأكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس ، فكذبوا اللَّه وكذبوا رسوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم وجحدوا كتاب اللَّه الناطق بحقنا ومنعونا فرضا فرضه اللَّه لنا ، ما لقي أهل بيت نبي من أمته ما لقينا بعد نبينا صلى اللَّه عليه وآله وسلم واللَّه المستعان على من ظلمنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم  » .
  الملاحَظ في النصِّ المتقدِّم: أن الإمام الأعظم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهما السلام لم يتمكن من تغيير أحكام مبتدعة شبَّ عليها الصغير وهرم الكبير، وهي أهم بكثير من أي شيء آخر أقل أهمية من الواجبات والمحرمات..! فكيف يمكنه ــ والحال هذه ـــ تغيير مكروه من المكروهات والتي منها تغيير اسم صاحبه مالك..؟! من هنا يتضح لكلِّ متدبرٍ منصفٍ أن عدم تغييره سلام الله عليه اسم صاحبه إنما سببه التقية الشديدة التي كان يعيشها أمير المؤمنين عليّ سلام الله عليه؛ وقد منعته من تغيير بدعٍ ومخالفات صريحة لشريعة النبيّ الأعظم محمد صلى الله عليه وآله؛ يرجى التأمل لدقته.
 والخلاصة: لقد اتفقت كلمة المتشرعة على كراهة التسمية بخالد ومالك وخمسة أخرى من الأسماء واستندوا في  ذلك على أخبار صحيحة منها:
  ففي موثقة السكوني عن الإمام المعظم أبي عبد الله عليه السلام قال:" نهى عن أربع كنى : عن أبي عيسى ، وعن أبي الحكم ، وعن أبي مالك ، وعن أبي القاسم إذا كان الاسم محمداً ".
  وفي صحيحة محمد بن مسلم  عن الإمام المعظم الباقر عليه السلام " أبغض الأسماء إلى الله تعالى حارث وخالد  ومالك " .
 وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: " أن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا بصحيفة حين حضره الموت يريد أن ينهي عن أسماء يتسمى بها فقبض ولم يسمها : منها الحكم ، وحكيم ، وخالد ، ومالك .
 وفي الصحيح  عن الإمام أبي جعفر أو أبي عبد الله عليهما السلام قال : هذا محمد قد أذن لهم في التسمية به فمن أذن لهم في يس ؟ يعني التسمية وهو اسم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم .
وفي الصحيح  عن حماد بن عثمان عن الحلبي ، عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال :إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا بصحيفة حين حضره الموت يريد أن ينهى عن أسماء يتسمى بها فقبض ولم يسمها ، منها الحكم وحكيم وخالد ومالك ". وذكر أنها ستة أو سبعة مما لا يجوز أن يتسمى بها - والظاهر أن الترديد والنسيان من الرواة.
وفي الموثق كالصحيح ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إن رجلا كان يغشى علي بن الحسين عليهما السلام وكان يكنى أبا مرة فكان إذا استأذن عليه يقول : أبو مرة بالباب فقال له علي بن الحسين عليهما السلام بالله إذا جئت إلى ثانيا فلا تقولن أبو مرة .
وفي علل الشرائع عن رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث طويل - قال : لا تسموا أولادكم بالحكم ، ولا أبا الحكم ، فإن الله هو الحكم ".
 وفي خبر آخر عن سعد بن عبد الله ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله على منبره : ألا إن خير الأسماء عبد الله ، وعبد الرحمن  وحارثة ، وهمام ، وشر الأسماء ضرار ، ومرة ، وحرب ، وظالم". 
  وقد حمل مشهور فقهاء الإمامية هذه الأخبار الشريفة على كراهة التسمية بأسماء معينة إلا أننا نحملها على حرمة التسمية على الأحوط ــ لأن مصطلح الكراهة في الأخبار محمول في أغلب الأحيان على الحرمة بالعنوان الأولي ـــ سوآء كانت بأسماء الله تعالى أم بأسماء أعداء الله تعالى؛ وهي على قسمين هما التالي:
 القسم الأول:
كراهة التسمية بأسماء أعداء الله تعالى كإبليس واتباعه نظير ضرار وأبو مرّة وحرب وظالم وحارث وحميراء وعمر وأبي بكر وعثمان وقنفذ وهند وعائشة وحفصة وأُم الحكم...وغيرها من الأسماء التي نهت الأخبار المطلقة والخاصة عن التسمية بها تحت عنوان النهي عن التسمية بأسماء أعداء الله تعالى؛ والأخبار الخاصة واضحة في تحديدها بالنهي عن أسماء معينة وقد ذكرنا قسماً منها آنفاً؛ وأما الأخبار المطلقة فقد أشرنا إلى بعضٍ منها كذيل خبر جابر المتقدم عن مولانا الإمام المعظم أبي جعفر سلام الله عليه حينما قال عليه السلام:" إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ مُنَادِياً يُنَادِي يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ حَتَّى إِذَا سَمِعَ مُنَادِياً يُنَادِي بِاسْمِ عَدُوٍّ مِنْ أَعْدَائِنَا اهْتَزَّ واخْتَالَ ". فقوله سلام الله عليه"..باسم عدو من أعدائنا.." قرينة واضحة في النهي عن التسمية باسم عدو من أعدائهم المعروفين مما لا حاجة إلى توضيحه أكثر مما فعلنا.
 إشكال وحل:
 إن قيل لنا: لو كان عدوهم اسمه من أسماء الأنبياء والأولياء فيشمله النهي عن التسمية نظير الاسم هارون وهو اسم هارون العباسي مع أن الاسم" هارون" هو اسم نبي عظيم هو النبي هارون عليه السلام..!.
قلنا في الجواب: كلا! لا تشمله الكراهة؛ وذلك لأن التسمية بهارون إذا كانت لأجل النبي هارون عليه السلام فلا إشكال في التسمية به وإلا فتشمله التسمية لا سيما مع اقترانه بالرشيد لعنه الله تعالى.
القسم الثاني: كراهة التسمية بأسماء الله تعالى وصفاته وأسماء بعض أنبيائه نظير الحكم والحكيم وأبي الحكم وأبي الحكيم ومالك وخالد وأبي عيسى وأبي القاسم لمن سمي بمحمد....وقد أوضحت الأخبار المتقدمة العلّة في النهي عن التسمية بالكنى المبدوءة بأُم الحكم وأبي الحكم وأبي عيسى وأبي القاسم...فأبو الحكم يعني أبو الله لأن " الحكم" هو الله تعالى وكذلك التكنية بأُم الحكم وأبي عيسىى، لأن النبي عيسى عليه السلام لا أب له، وقد ذكر أحد شراح اللمعة الدمسقية بأن الأخبار الناهية عن التكنية بأبي عيسى محمولة على التقية وذلك لأن أول من نهى عنه هو عمر فروى ابن أبي الحديد أنّ سريّة لعبيد الله بن عمر جاءت إلى عمر تشكو إليه ابنه ، فقالت له : ألا تعذرني من أبي عيسى ، قال : ومن أبو عيسى ، قال : ابنك عبيد الله فدعاه فأخذ يده فعضّها حتّى صاح ، ثمّ ضربه ، وقال : ويلك هل لعيسى أب - الخبر " ولكننا نتوقف عن الأخذ بكلامه ونجمد على النصوص الصحيحة الصادرة عنهم ولا عبرة بما ذكره إبن أبي الحديد بنسبته عن عمر بأنه أول من نهى عن التكنية بأبي عيسى..ولعلّ ذكره ذلك ليسجّل فضيلة لعمر بن الخطاب، ومجرد نهي عمر عن التكنية لا يوجب الإنصراف عن أخبارنا الصحيحة بكراهة التكنية .
 وأمّا كراهة التكنية بــ"أبي القاسم " لمن اسمه محمد فلعلّه خاص به وبأهل بيته الطاهرين سلام الله عليهم لا سيما ما ورد من أن إحدى كنى إمامنا الحجة القائم سلام الله عليه هو أبي القاسم..وأما جواز التسمية بمحمد فلأن التسمية بمحمد وعلي وغيرها من أسمائهم الشريفة فلأجل ورود الأمر باستحباب التسمية بها وقد دلت عليه الأخبار الكثيرة إجماعاً ونصاً...نعم نهت أحد الأخبار عن التسمية باسم" ياسين" وهو ما أشارت إليه مرفوعة صفوان عن إمامنا الباقر أو الصادق عليهما السلام:" قال : هذا محمد قد أذن لهم في التسمية به فمن أذن لهم في يس ؟ يعني التسمية وهو اسم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ...من هنا لم يرد عن أحد عن أئمتنا الطاهرين سلام الله عليهم أنهم سموا أحد أولادهم باسم" ياسين" لخصوصية في رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يشاركه فيه أحد على الإطلاق...يرجى التأمل لدقته.
 هذا ما أحببنا ذكره في هذه العجالة، ليكون المتعلِّمون على دراية كاملة في شأن تسمية أولادهم فلا ينصرفوا إلى التسمية باعداء الله تعالى وأسماء الله الخاصة به باعتبار أن للإسم آثاراً سلبية تنعكس على شخصية المولود، وثمة هرطقة اليوم لا مثيل لها في تاريخ التشيع وهي شيوع التسمية بأسماء أعداء الله تعالى حتى صار المتحزبون لعائشة يعطون الجوائز إلى المنتسبين إليهم لتشجيعهم على التسمية باسم عائشة....كما أن هناك هرطقة أُخرى وهي تسمية المولودة الأُنثى بــ( بنور فاطمة) وهل مولودته هي نور فاطمة سلام الله عليها..؟1 اللهم اشهد أنه ليس ثمة نور يشبه نورها عليها السلام إلا نور بعلها أمير المؤمنين وأولادها الطاهرين عليهم السلام....والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 

حررها كلبهم الباسط ذراعيه بالوصيد
محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 1 شوال 1435هــ.


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=989
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28