• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : الحكمة من تكليف الأُنثى بنت تسع سنين والذكر ابن خمسة عشر سنة .

الحكمة من تكليف الأُنثى بنت تسع سنين والذكر ابن خمسة عشر سنة

 الإسم:  *****

النص: لِمَ كلف الله تعالى الفتيات في عمر الثامنة والنصف والفتيان في عمر الرابعة العشر
 
 
 
الموضوع الفقهي: الحكمة من تكليف الأُنثى بنت تسع سنين والذكر ابن خمسة عشر سنة.
بسمه تعالى
 
السلام على من اتبع الهدى ... 
  يتم تكليف الفتاة في سن التاسعة، أي إكمال تسع سنين هلالية حتى نهايتها ولا يكفي السنة الميلادية لنقصانها عن العدد المطلوب؛ نعم الأحوط تدريبها على الحجاب وبقية التكاليف العبادية قبل ذلك ... وأما سؤالكَ حول علَّةِ تكليفها في سن التاسعة مغايراً لتكليف الذكر الذي يتم خلال بلوغه سن الخامسة عشر حتى نهايتها، أي إكماله للسنة الخامسة عشر هلالية، إنما يرجع في الأصل إلى النصوص الشريفة التي أمرت بالمغايرة بين الجنسين، وقد كشفت هذه النصوص عن أن بلوغ الفتاة يكون في سن التاسعة، أو تحيضها، وبلوغ الذكر يكون عبر ثلاثة طرق: الإحتلام، نبات الشعر على الوجه أو على العانة،أو بلوغ سن الخامسة عشر ... فأي واحدٍ سبق الآخر يكون علامةً على البلوغ عند الذكر ... فلو احتلم ابن عشر سنين أو أقل أو أكثر يجب عليه أن يقوم بالتكاليف العبادية كالصوم والصلاة والحج حال الإستطاعة والخمس والزكاة إلخ .... لأن إحدى العلامات الثلاث هي طريق لمعرفة أنه صار مكلّفاً وخرج عن الصباوة ... أمّا بلوغ الفتاة فيكون عبر طريقتين: الحيض أو بلوغ تسع سنين، فإذا أكملت الفتاة تسع سنين يكون ذلك أول مرحلة من بلوغها حتى لو لم تحض بسبب الوراثة أو البيئة المشهورة ببرودتها وإلا فإن بعض المجتمعات الحارة كالحجاز وأفريقيا وغيرهما يكون الحيض أسبق إلى الفتاة من غيرها ممن نشأن في بيئة باردة يتأخر فيها الحيض ... وعلة تكليف الفتاة قبل الذكر يرجع في الواقع إلى سرعة نمو الخلايا عند المرأة بخلاف الرجل، فالخلايا الهرمونية علامة على البلوغ الذي هو مصب التكليف ... وقد ذكرنا العلامات الدالة على بلوغ الذكر والأنثى في رسالتنا العملية ج1 ص2 باب التقليد فليراجع .
  والحاصل: لقد دلت النصوص على تحديد علامات البلوغ عند الذكر عند الذكر بإكمال خمس عشر سنة هلالية وعند الأنثى بإكمال تسع سنين هلالية، وهي كثيرة منها: صحيح ابن محبوب عن عبد العزيز عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة ويقام عليه ويؤخذ بها؟ فقال عليه السلام: إذا خرج من اليتم وأدرك، قلت: فلذلك حدٌّ يعرف؟ فقال عليه السلام: إذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة أو أشعر أو أنبت قبل ذلك أقيمت عليه الحدود التامة وأُخذ بها قلت: فالجارية متى تجب عليها الحدود التامة وتؤخذ بها؟ قال عليه السلام: إن الجارية ليست مثل الغلام، إن الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ودفع إليها مالها وجاز أمرها في الشراء والبيع وأقيمت عليها الحدود التامة وأُخذ لها وبها، والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك.
  هذه الصحيحة وأمثالها من الصحاح هي من محكمات أخبار علامات البلوغ عند الذكر والأنثى، ويعارضه أخبار أخرى تدل على أن علامات البلوغ عند الذكر هو أربعة عشر سنة وعند الأنثى بثلاثة عشر سنة ... وهي أخبار شاذة لا بدَّ من طرحها لاضطرابها وتشويشها وضعف أسانيدها ودلالاتها المعارضة للأخبار الصحيحة المشهورة... فمقتضى الأصل والإجماع والمنساق من الأدلة هو إكمال خمسة عشر سنة هلالية في الذكر وإكمال تسع سنين في الأنثى، والمنساق من تلك الأخبار عرفاً هو إكمال العدد حسبما أشرنا آنفاً، ولا وجه لباقي الأقوال من كفاية إكمال الأربع عشر كما نسب إلى ابن الجنيد ولا لثمانية عشر كما ذهب إليه بعض المخالفين ... والمنساق من الأدلة والفتاوى أن لكلِّ واحدٍ من هذه العلامات الثلاث موضوعية خاصة، فلو تقدم أحدها على الآخَرَيْنِ يتحقق البلوغ وتكون البقية كاشفةً عن تحققه سابقاً كما هو شأن جميع العلامات المتعددة ... والسبب الرئيسي للبلوغ واحد وهو وصول النفس إلى حدوث التمايل الجنسي عند صاحبها، والثلاثة المذكورة في الشرع علامات، كشف الشرع عنها.
والنصوص وإنْ اختصت بذكر الشعر على العانة في الذكر إلا أنه قام الإجماع على عدم الفرق في هذه العلامة بين الذكر والأنثى، فدليل التعميم في الحقيقة مختص بالإجماع، ونحن نحتاط في الأنثى التي نبت الشعر على عانتها قبل بلوغها تسع سنين، فيجب على الأحوط العمل بالتكاليف إلى أن تبلغ التسع كما يجب على الأقوى على الأُنثى في حال حاضت قبل التسع ـــ ولم يكن ما رأته استحاضة ـــ أن تعمل بعامة وظائفها الشرعية من الحجاب والصلاة والصوم والخمس والزكاة والحج وبقية التكاليف الشرعية لأن الحيض كما أشرنا علامة البلوغ عند الأُنثى، والله العالم وهو الموفق للصواب والسلام .
 
 
حررها العبد الفقير محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 17 ذي القعدة 1435هـ.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=999
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19