السلام عليكم
إذا شخص طال شعره كأن يصل متر ووجب عليه غسل الجنابة هل يجب غسل كامل الشعر مهما أصبح طول شعره؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع الفقهي: (يجب غسل الشعر من الجنابة ولا فرق بين طول الشعر وقصره..).
بسم الله جلَّت عظمته
وعليكم السلام
الجواب:يجب غسل بشرة الرأس مع الشعر بأكمله مهما طال الشعر في الأغسال الواجبة سواء أكان للرجل أو المرأة وذلك لظواهر بعض الأخبار الشريفة المستفيضة الآمرة بغسل الشعر منها:
ما رواه المحدث الحر العاملي في الوسائل والنوري الطبرسي في المستدرك والبحراني في الحدائق:
1 - روى حجر بن زائدة ، عن الإمام أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :من ترك شعرة من الجنابة متعمداً فهو في النار .
ورواه الصدوق في ( المجالس ) وفي ( عقاب الأعمال ) عن أبيه ، عن سعد عن محمد بن الحسين مثله .
2 - وقوله عليه السلام : إنَّ تحت كلّ شعرة جنابة، فبلغ الماء تحتها في أصول الشعر كلها وخلل أذنيك بإصبعك، وانظر أن لا تبقى شعرة من رأسك ولحيتك إلا وتدخل تحتها الماء ).
3 - وقوله عليه السلام : ( مرها أن تروي رأسها من الماء وتعصره حتّى يروى ).
والحاصل:يجب إستيعاب البدن والرأس بالغسل من دون فرقٍ بين شعر البدن واللحية والرأس، لقول إمامنا الصادق عليه السلام"من ترك شعرةً من الجنابة متعمداً فهو في النار"، ولقول إمامنا الرضا عليه السلام:"تحت كلّ شعرة جنابة.."، ولقول النبيّ صلَّى الله عليه وآله:" تحت كلّ شعرة جنابة، فبلوا الشعر وانقوا البشرة". رواه الشهيد الأول في الذكرى والحلي في نهاية الأحكام وهو موافقٌ لبعض أخبارنا الشريفة ولا يخالف الأصول، وأما المشهور فلم يوجبوا غسل الشعر ولا يهمنا ما ذهبوا إليه لأن ذلك إجتهاداً منهم في فهم النصوص، وهو ليس حُجَّةً علينا، بل الواجب غسل الشعر مهما كان طويلاً..وهو خيرة العلامة الجليل الشيخ البهائي العاملي وبعض متأخري المتأخرين ووافقهم العلامة الجليل البحراني في الحدائق ج 3 ص 89..قال العلامة البحراني رحمه الله تعالى بعدما أورد على أدلة المشهور بإيرادات ثلاثة قال في الإيراد الثالث:" أما ثالثاً: فلما روي في صحيحة حجر بن زائدة عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: " من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار " والتأويل بالحمل على أن المراد بالشعرة ما هو قدرها من الجسد لكونه مجازا شائعا كما ذكروا وإن احتمل إلا أنه خلاف الأصل فلا يصار إليه إلا بدليل ، إذ وجوب غسل الجسد كملاً في الغسل وعدم صحته إلا بذلك مما تكفلت به الأخبار المستفيضة ، ويزيد ذلك بيانا وتأكيداً ما روي عنه ( صلى الله عليه وآله ) مرسلا من قوله:" تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشرة " وما ورد في حسنة جميل قال:" سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عما تصنع النساء في الشعر والقرون، فقال: لم تكن هذه المشطة إنما كن يجمعنه ثم وصف أربعة أمكنة ثم قال يبالغن في الغسل " وصحيحة محمد بن مسلم عن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال:" حدثتني سلمى خادمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قالت: كان أشعار نساء النبي صلى الله عليه وآله قرون رؤوسهن مقدَّم رؤوسهن فكان يكفيهن من الماء شئ قليل ، فأما النساء الآن فقد ينبغي لهن أن يبالغن في الماء " ومن ثم قوَّى بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين وجوب غسله، قائلاً بعد الطعن في أدلة المشهور: " أنه إن ثبت إجماعٌ فعليه المعتمد في الفتوى وإلَّا فوجوب غسل الشعر كما هو الموافق للاحتياط والتقوى هو الأقوى " وإلى ذلك أيضا يميل كلام شيخنا البهائي ( عطر الله مرقده ) في الحبل المتين ). إنتهى كلامه رفع الله مقامه.
والعجب العجاب أنهم أوجبوا غسل شعر اللحية ولو طالت لأنه من مواضع البدن في حين خالفوا في غسل شعر الرأس لأنه ليس من البدن..!! سبحان ربّك ربّ العزة عما يصفون..! وما استدلوا به أيضاً من كون الشعر لا حياة فيه هو استحسان وعمل بالرأي.. وبماذا يجيبون في وجوب غسل اللحية في الوضوء والجنابة..قالوا إن النص هو المعتمد، ولكن يردّه بإن فهمهم للنصوص ناقصٌ وخلاف كلمات اللغويين الذين لا يفرّقون بين أن يكون الشعر في البدن واللحية وبين شعر الرأس فإنه من البدن وليس شيئاً آخر زائداً عليه عرضاً، كما أنه خلاف الإحتياط على أقل تقدير..بل خلاف الإطلاق في قول إمامنا الصادق عليه السلام:" من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار". والتوعد دليل على تحريم ترك غسله، من هنا ذهب الفقهاء المائلين إلى مبنى المشهور إلى وجوب إيصال الماء إلى الشعر من باب المقدمة لوصول الماء إلى البشرة، وهذا الوجوب هو واجب توصيلي وليس وجوباً نفسياً، وقال:" يكفي في عدم الوجوب النفسي الشك في شمول الأدلة له.." ويكفي في ردّه بأن أصل الغسل من الجنابة هو توصلي لأجل صحة العبادات كالصلاة والصوم وغغيرها من التكاليف التي تترتب عليها الطهارة من الحدث..فتدبروا.
والله تعالى وليُّ المتقين
عبد الإمام الحُجَّة القائم صلَّى الله عليه وآله
محمَّد جميل حمُّود العاملي/بيروت/ بتاريخ
1 ربيع الأول 1446 هجري الموافق
5 أيلول 2024م.
|