• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : النبي آدم عليه السلام لم يحسد آل البيت عليهم السلام والنبيّ يونس لم يترك ولايتهم عليهم السلام .

النبي آدم عليه السلام لم يحسد آل البيت عليهم السلام والنبيّ يونس لم يترك ولايتهم عليهم السلام

الإسم:  *****
 
النص: بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة اية الله المرجع الديني الکبير الشيخ العلامة محمد جميل حمود العاملي مد ظله

السلام عليکم ورحمة الله وبرکاتة

الرجاء من العلامة توضيح وتفسير بعض الاحاديث الواردة عن اهل بيت العصمة صلوات الله عليهم ظاهر هذة الروايات تعطي انطباع عن بعض الانبياء عليهم السلام کانوا ينکرون ولاية امير المومنين عليه السلام وکانوا من المعاندين ولهم موقف ونصب من ولاية امير المومنين صلوات الله عليه

من هذة الروايات - الحديث الوارد في تفسير العياشي الجزء الاول ص130 في تفسير سورة البقرة ( عن امامنا الصادق عليه السلام قال ان الله عز وجل لما اسکن النبي ادم الجنة مثل له النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فنظر اليهم بحسد ثم عرضت عليه الولاية فأنکرها فرمتة الجنة بأوراقها فلما تاب الى الله من حسده واقر با لولاية ودعا بحق بالخمسة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم غفر الله له ذلک قوله ( فتلقى ادم من ربه کلمات کذلك له موقف من امامة امير المومنين والامام المهدي عليهما السلام کما ورد في اصول الکافي الجزء الثاني باب اخر منه (لم يجحد ادم ولم يقر فثبت العزيمة العزيمة لهولاء الخمسة في المهدي ولم يکن لأدم عزم على الاقرار به وهو قول الله عز وجل ( ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ) قال انما هو ترك
والحديث الوارد عن الامام علي عليه السلام قوله ان الله عزوجل عرض ولايتي على اهل السموات وعلى اهل الارض أقر بها من اقر وانکرها من انکر انکرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتي اقر بها - بصائر الدرجات باب ولاية امير المومنين) وحديث سلمان الفارسي مع الامام علي عليهما السلام ان سبب تغير نعمة الله على النبي ايوب هو التوقف في ولاية امير المومنين عليه السلام

تفسير البرهان للعلامة البحراني الجزء الاول صفحة 27 وحديث الامام الصادق عن قول امير المومنين ) ان في الملائکة مقربين وغير مقربين ومن الانبياء مرسلين وغير مرسلين زمن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين فعرض امرکم على الملائکة فلم يقر به الا المقربين وعرض على الانبياء فلم يقر به الا المرسلون وعرض على المومنين فلم يقر به الا الممتحنون

تفسير البرهان صفحة 26 افيدونا ببرکات علمکم والسلام عليکم ورحمة الله وبرکاتة

 

الموضوع : النبي آدم عليه السلام لم يحسد آل البيت عليهم السلام والنبيّ يونس لم يترك ولايتهم عليهم السلام

الجواب

السلام عليكم ورحمته وبركاته
     ما تفضلتم به في سؤالكم من أن بعض الأنبياء تركوا ولاية أهل البيت عليهم السلام ليس من صلب معتقداتنا نحن معشر الإمامية لأن الأنبياء عندنا معصومون من الخطأ والزلل والحسد ومن كلّ الآفات النفسية والروحية والفكرية، وحيث إن الحسد الذي تصورتموه بالنسبة لنبيّ الله آدم عليه السلام هو من مصاديق الرجس والخطأ، فيستحيل حينئذٍ صدورهما من نبيٍّ فضلاً عمن له فضل على الأنبياء باعتباره أصل وجودهم المادي في الحياة الدنيا، فهو ــ أي آدم ــ أبوهم الإمكاني العلَّة الوجودية لهم وقد اصطفاه الله تعالى قبل خلقه أي أنه كان في علم الله تعالى من المصطفين الأخيار الذين يستحيل صدور المعصية بحقهم والتي من أبرز مصاديقها الحسد، والله تبارك شأنه لا يصطفي من خلقه الحاسدين والخاطئين باعتباره إغراءً بالقبيح وترجيحاً للحاسدين بجعلهم أنبياء وحججاً على غيرهم ممن لا يحسد من المؤمنين الأتقياء بل لا يفكر بالحسد أصلاً، كما أن انتخاب الحاسد ليكون نبيَّاً ترجيح للحاسد على غيره من الحساد، وهو قبيح لكونه ترجيحاً بلا مرجحٍ...فلا بدَّ في حكمة الله تعالى من إنتخاب رجالٍ إصفياء مصطفين كاملين في العقيدة والإلتزام الديني والأخلاقي، والدليل على اصطفاء النبيِّ آدم عليه السلام بخلوه من الحسد امران: أحدهما العقل الذي يحكم بوجوب تنزه الأنبياء عن المعاصي صغيرها وكبيرها، وثانيهما: الكتاب الكريم الذي صرح بوضوح بأن الأنبياء معصومون عن القبائح والذنوب وأنهم مخلصون لله تعالى طيلة حياتهم من دون تقييد بما قبل البعثة أو بعدها، بل هم معصومون مطلقاً قبل البعثة وحال البعثة والتبليغ وبعد البعثة والتبليغ، فلا تمر على حياتهم فترة بلا عصمة..وما ذُكر في بعض الأخبار ــ كالمروي في الجزء الثاني من أصول الكافي في كتاب الإيمان والكفر ــ التي تفضلتم بذكرها فلا ريب عندنا في تشابهها في مقابل المحكمات التي يجب تقديمها على المتشابة، وطريق معرفة حقيقتها منحصر بعرضها على المحكم العقلي والنقلي، فإن أمكن حلها ورفع التشابه عنها فحينئذٍ يجب الأخذ بها باعتبارها محكماً لا متشابهاً وإلا فلا يجوز الأخذ بها على الإطلاق لمناهضتها وتعارضها مع المحكمات العقلية والنقلية، فنقحمها في باب أخبار الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً، والمتعيَّن فيها الطرح والبطلان لأمرين:
الأمر الأول: لضعفها الدلالتي أي من حيث الدلالة والمضمون المخالف للمحكمات كما ذكرنا، ولا يصح الإعتماد في إثبات عصمة الأنبياء على أخبار ضعيفة الدلالة بمخالفتها للمحكمات في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، فضلاً عن مخالفتها لأدلة العقل الدالة على طهارة نفوس الأنبياء طيلة حياتهم وخلوها عن الشوائب والمعاصي.
الأمر الثاني: مخالفتها للكتاب الكريم الدال على اعتبار الأنبياء من المخلصين الذين لا سلطان لإبليس عليهم في كل فترات حياتهم لما جبلوا عليه من طهارة الذات والسلوك، وطهارتهم نابعة من معرفتهم بالله تعالى العظيم ومعرفة حججه الطاهرين الذين لولاهم ما صار آدم عليه السلام نبياً كما هو صريح الأخبار المتواترة والتي منها ما ورد في بعضها قولهم:" ما تكاملت نبوة نبيّ إلا بولايتهم..وما صاروا أنبياء إلا بأخذ المواثيق عليهم بولاية آل الله تعالى محمد وعترته الطاهرة.
  وبما ذكرنا أعلاه يتضح ما ورد من أن نبيَّ الله يونس توقف عن الإعتقاد بولاية أمير المؤمنين عليه السلام وكذا ما ورد في الخبر بأن الملائكة على أقسام منهم مقرّب وآخرون غير مقربين ... فلا حجية فيها باعتبارها آحاداً لا توجب علماً ولا عملاً وهي ساقطة عن الإعتبار والحجية لمعارضتها للأخبار المتواترة الدالة على وجوب إعتقاد الأنبياء بأهل بيت العصمة والطهارة، ولا يجوز في حال تعارض الخبر الواحد مع الأخبار المتواترة تقديم الخبر الواحد على المتواترة، كما لا يجوز تقديم الخبر الواحد على كتاب الله تعالى الدال على تنزيه الأنبياء عن المعاصي وعدم الإعتقاد بالإمامة والولاية لأهل البيت عليهم السلام ومنهم رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
  وأما خبر الكافي الذي دل على أن آدم عليه السلام لم يجحد ولم يقر فلا بد قبل طرحه من أن نجد له حلاً وإلا فيطرح حينئذٍ...وعلاجه بأن يقال: أن المراد بأن آدم عليه السلام لم يجحد عهد الإمام المهدي عليه السلام ولم يقره هو: أنه قبله بدلالة قوله:" لم يجحده" فيكون معنى عبارة:" ولم يقره" بشكل كاملٍ ومطلق أي لم يؤمن بكامل سيرة ظهوره ومقاماته العجيبة الغريبة لعدم إحاطته بتلكم التفاصيل بل كان عالماً بمجملات عهد مولانا الإمام بقية الله الأعظم عليه السلام، تماماً كما لم يؤمن النبيّ موسى عليه السلام بتفاصيل أحكام الخضر العبد الصالح عليه السلام كما هو معلوم في سورة الكهف فراجعوها... والسر في عدم إطلاعه على التفاصيل يرجع إلى عدم تحمله كل التفاصيل والأسرار وهو ما أوضحه الخبر المستفيض:" أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله لا ملك مقرب ولا نبيٌّ مرسل ولا عبد امتحن الله قلبه بالإيمان" بل ورد أن من بعض أسرارهم من لا يحتمله إلا هم...وفي بعضها من شاءوا من خلق الله تعالى....وقد يحمل عدم جحوده وعدم إقراره على ما لم يجحده قلباً ولم يقرَّ به لساناً حياءً من الله تعالى وتأسفاً على ضلال أكثر أولاده نظير تأسف الوالد على أولاده بما يرد عليهم من الأخطاء وإن كان راضياً بقضاء الله تعالى وقدره، فيكون المعنى هكذا: أنه لم يجحد قضاء الله ولم يقر ما يصدر من أولاده من الأخطاء...هذا الحمل  للمازندراني في شرحه على أصول الكافي ولكنه مخالف للمعنى الحقيقي للفظ" نسي" في الآية بقوله تعالى:" فلم نجد له عزماً" فالصحيح هو ما أشرنا إليه أولاً وهو أنه لم يقر بكامل أسرار الإمام المهدي عليه السلام لعدم إحاطته بها بسبب ضيق قابليته لإستيعابها ولا غضاضة في هذا بعد أن افصح لنا الكتاب الكريم بتقسيمه لطبقات الأنبياء بقوله تعالى﴿ ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات﴾ ﴿ وفوق كل ذي علم عليم﴾ من هنا كان تقسيمهم إلى أولي عزم وغير أولي عزم فتأمل فإنه دقيق.
  هذا بالإضافة إلى أن تفسير هذا الخبر للآية بعدم تحمله لأسرار الإمامة المهدوية على صاحبها آلاف السلام والتحية في مقابله أخبار تجاوزت حدَّ الإستفاضة تحكي عن عدم عزمه على ما نهاه الله تعالى عنه من الأكل من الشجرة، وهوما يعبر عنه بتركه الأولى.. ولكنه حمل أيضاً غير كاملٍ وذلك لأن أنبياء غيره من أولى العزم تركوا الأولى، فالتعبير عنه بأنه لم يجد له عزماً مع تساويه مع غيره من أولي العزم الذين تركوا الأولى لا يكون مستقيماً ودقيقاً...فالصحيح ما أشرنا إليه أعلاه، وبه يتم تفسير ما ورد عن نبيّ الله يونس عليه السلام حيث لم يؤمن بولاية أمير المؤمنين عليّ عليه السلام فمحمول على عدم إعتقاده كاملاً بولايته وما تحمله من أسرار عظمى تنوء عن حملها الجبال الرواسي لا أنه لا يؤمن بها من الأصل.. هذا التأويل مبنيٌّ على صحة صدور هذه الأخبار عنهم عليهم السلام وإلا فعلمها ﴿عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى﴾ وهو حسبنا ونعم الوكيل والسلام عليكم ورحمته وبركاته


حررها العبد محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 2 صفر 1432هــ الموافق
 27كانون الأول
2011م.

 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=253
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19