• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : حرمة إعانة الظالم على المظلوم مطلقة من دون تخصيص .

حرمة إعانة الظالم على المظلوم مطلقة من دون تخصيص

الإسم:  *****
النص: بسمه تعالى
بعد السلام عليكم والدعاء لكم بالسلامة
قرأت بحثكم القيم حول قاعدتي الإعانة والإلزام ، وحضرني التالي :
هل حرمة إعانة الظالم ،ووجوب إعانة المظلوم ، بغض النظر عن دينهما أومذهبهما ، بل حتى وإن كانا كافرين؟
وهل الحرمة أو الوجوب االمذكوران في عنوانهما الأولي دون العنوان الثانوي إن وجد ، الذي قد يوجب الإعانة للظالم حتى وإن وصل ظلمه إلى قتل المظلوم ، بل وتحرم علينا إعانةالمظلوم المذكور ، لما يترتب على وجود ذلك السلطان الظالم من مصالح للمذهب الحق مذهب أهل البيت عليهم السلام ؟ ونسألكم الدعاء

 

الموضوع : حرمة إعانة الظالم على المظلوم مطلقة من دون تخصيص

بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمته وبركاته
     يحرم إعانة الظالم على المظلوم مطلقاً حتى ولو كان المظلوم بوذياً فضلاً عن كونه مسلماً، كما يحرم إعانة الظالم حتى ولو كان مؤمناً، فلا فرق بين حرمة إعانة الظالمين والمظلومين في جنسياتهم وقومياتهم وأعراقهم وأديانهم للإطلاقات والعمومات الواردة في الكتاب الكريم وأخبار النبيّ الأعظم وآل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام،نظير ذلك في الكتاب قوله تعالى وما للظالمين من أنصار والله لا يحب الظالمين فالله تبارك وتعالى لا يحبُّ الظالم سواءٌ أكان مؤمناً أو كافراً، كما أنه تعالى مع المظلوم حتى ولو كان كافراً، فكفره لا يجوِّز إدخال الظلم عليه لا لشيءٍ سوى حبّ الظلم والإنتقام من العباد تشفياً وغيظاً... فقوله تعالىولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار هو نهيٌّ عام عن إلركون إلى الظالمين مهما كانت جنسياتهم وأديانهم ولا ميزة للمسلم أو المؤمن في نهيه عن إرتكاب الظلم ومعاونة الظالمين على المظلومين، بل الوارد في الأخبار التشديد على معاقبة المسلم الذي يظلم الناس بالإعتداء عليهم وسلبهم أرواحهم وهتك أعراضهم وما شابه ذلك... فصدور الظلم من المؤمن أقبح عند الله تعالى وحججه الطاهرين عليهم السلام لإنتسابه إليهم وهم لم يظلموا أحداً وحاشاهم من ذلك ..كيف ذلك!؟ وهم سادة الورى ومصابيح الدجى وسفن النجاة وأئمة العدل والرحمة... فقد ورد عن سيدنا ومولانا الإمام الصادق عليه السلام قال لصاحبه شقران: يا شقران إن الحسن من كلّ أحد حسنٌ وإنه منك أحسن لمكانك منا، وإن القبيح من كلّ أحد قبيحٌ وإنه منك أقبح ونحن ندعم ما قلنا بما ورد عن معلمنا الاكبر أمير المؤمنين وإمام المتقين سيدنا المعظَّم أبي الحسن عليّ صلى الله عليه وأهل بيته الطاهرين بقوله الشريف بحق نصرانية سلبها جند معاوية لما دخلوا منطقة الأنبار فاعتدوا على النساء المعاهدات فقال ارواحنا فداه على منبر الكوفة مستنهضاً الناس حين ورده غزو معاوية منطقة الأنبار أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنّة فتحه الله لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة فمن تركه رغبةً عنه ألبسه الله الذل ..إلى أن قال عليه أفضل الصلاة والسلام: وهذا هو غامد وقد وردت خيله الأنبار وقد قتل حسان بن حسان البكري وازال خيلكم عن مسالحها ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقُلْبها وقلائدها ورعثها ما تمتنع منه إلا بالإسترجاع والإسترحام ثم انصرفوا وافرين ما نال رجلاً منهم كلمٌ ولا أُريق لهم دم، فلو أن امرأً مسلماً مات من هذا أسفاً ما كان به ملوماً بل كان عندي جديراً فقد أشار صلوات الله عليه وىله إلى أن الظلم قبيه لو صدر من مسلم على مظلومة معاهدة سواءٌ كانت نصرانية أو يهودية أو مجوسية بل وبوذية لمناط الكفر بالمعاهدة، فلم يرتضِ لمسلم أن يظلم أبداً وأمره روحي فداه هو أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وآله..وقال عليه وآله أفضل الصلاة والسلام في نهج البلاغة: والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت .
      والظاهر بحسب العمومات والإطلاقات التي أشرنا إلى جنابكم الكريم أن الحرمة بعنوانها الأولي لا الثانوي وذلك لأمرين: أحدهما قبح الظلم ذاتاً أي أن الظلم بذاته قبيح ولا يمكن أن تغيَّره المحسنات الإعتبارية فهو قبيح عند كل العقلاء لا فرق بقبح صدوره من المؤمن أو الكافر، فالظلم قبيح ولو صدر من مؤمن بل أقبحه أشد كما أشرنا في رواية إمامنا الاكبر أمير المؤمنين وحفيده إمامنا الصادق عليهما السلام، والعدل حسن ولو صدر من كافر، من هنا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله سيدنا جعفراً عليه السلام وبعض المؤمنين في بداية البعثة بالرحيل إلى ملك الحبشة وقال مقولته الرائعة:إذهبوا إلى ملك لا يُظلم عند أحد ومن المعلوم أن ملك الحبشة كان نصرانياً ولكنه كان عادلاً لا يظلم الناس مهما تدنت جنسياتهم وأعراقهم...
  والحاصل: يحرم بالعنوان الأولي إعانة الظالم للناس بلا فرق بين أن يكونوا مؤمنين أم كافرين لأن الظلم قبيح عقلاً ونقلاً وقبحه ذاتي لا يتعلل، والقبح الذاتي إنما هو بعنوانه الأولي وليس الذاتي.... والله تعالى من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل ودمتم موفقين ومسددين ولا تنسونا من دعواتكم الكريمة في خلواتكم الشريفة... والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
 

العبد الفقير محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 3 رجب الأصب 1433هـ.


 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=398
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28