• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : لأهل البيت الأطهار عليهم السلام الولاية التكوينيّة العامّة بنص الأدلّة الثلاثة .

لأهل البيت الأطهار عليهم السلام الولاية التكوينيّة العامّة بنص الأدلّة الثلاثة

الإسم:  *****
النص: بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة اية الله ا.... المرجع الديني الكبير الشيخ محمد جميل حمود العاملي مد ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
شيخنا نطلب من سماحتكم الاجابة على السؤال التالي
حول الولاية التكوينية للمعصومين سلام الله عليهم المراد منها حسب قول العلماء هو ان زمام العالم بأيديهم ولهم السلطة التامة على جميع الامور بالتصرف فيها كيف ما شائوا اعداما وايجادا
وعالم الطبيعة منقاد لهم لابنحو الاستقلال بل في طول قدرة الله تعالى وسلطانه واختياره والله عزوجل اقدرهم وملكهم
وكما منح الله عزوجل الملك عزرائيل مقام قبض الارواح والملك اسرافيل النفخ في الصور
منح اهل البيت عليهم السلام الولاية التكوينية على الكون
مثال ذلك الاية الكريمة من سورة السجدة ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون)
السؤال الاول مولانا سماحة المرجع اين الدليل ان الله سبحانه اذن بذلك
السؤال الثاني = الايدخل ذلك بالقياس المنهي عندنا في مدرسة اهل البيت عليهم السلام كما هو الثابت عنهم
والقياس منهي وباطل عندنا بالفروع فكيف نستدل به في اصول العقائد

هذا ولا عدمنا وجودكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الموضوع العقائدي : لأهل البيت الأطهار عليهم السلام الولاية التكوينيّة العامّة بنص الأدلّة الثلاثة.

بسمه تبارك شأنه

السلام على المؤمنة الفاضلة النبيلة ورحمة الله وبركاته
     جوابنا على سؤالكم الأول : طلبتم الدليل على إذن الله تعالى لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام على ولايتهم التكوينية، وهي على ثلاثة أقسام: عقلية وقرآنية وإخبارية، وقد فصّلناها جميعاً في كتابنا الموسوم بــ(الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية) الجزء الثاني منه /الباب الثاني والعشرون في عقيدتنا في طاعة الأئمة الطاهرين عليهم السلام، ولكننا نختزلها لكم بالتالي: أما دليل العقل: فلا يمنع العقل في أن يعطي الله تبارك شأنه بعض عباده شيئاً من الولاية التكوينية التي هي عبارة عن إنقياد الكائنات لمن أُعطيت له تلك الولاية كاملةً أو جزء منها، كما لا يستبعد العقل في أن يعطي الله تعالى الولاية المطلقة لبعض عباده المخلصين كرسوله محمد وأهل بيته الطاهرين المطهرين صلوات ربي عليهم أجمعين، فليس ثمةَ إستحالة عقلية في أن يعطي الربُّ الجليل ما عنده من القدرات على نحو التفضل والجود لمن استحقه من عباده المطهرين لا سيّما المخصوصين بالسفارة الربانية للهداية الغيبية، من هنا ورد في وسائل الشيعة/ابواب أعداد الفرائض ونوافلها/باب 17 ح6في الخبر الصحيح القدسي المستفيض كما في موثقة أبان بن تغلب عن مولانا الإمام المعظّم أبي جعفر عليه السلام قال:" إن الله جلَّ جلاله قال:( ما يقرب إليَّ عبدٌ من عبادي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتث عليه، وإنّه ليتقرب إليّض بالنافلة حتى أُحبَّه فإذا أحببته كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبتُه، وإن سألني أعطيته). إنتهى. 
  فالعقل حاكم بأن العبد المطيع يصير محلَّ خزانة الله تبارك شأنه تصدر منه خوارق العادات وعظائم الكرامات ما دام متجلبباً بجلباب الطاعة والتقوى مندكاً في عالم الروح والملكوت الأعلى وهذا ما عبّرت عنه النصوص الأخرى القدسية كما في المستفيض أيضاً عنه تبارك شأنه بألفاظ مشتركة:( عبدي أطعني تكن مثَلي ـــ أي ظلي ــ أنا أقول للشيء كن فيكون وأنت تقول للشيء كن فيكون) وهو ما يفسره الآخر:( إن لله عباداً أطاعوه فيما أراد فاطاعهم فيما أرادوا يقولون للشيء كن فيكون) كما يفسره الحديث القدسي المستفيض أيضاً:( عبدي خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي) وجميع هذه الأحاديث القدسية الشريفة متوافقة مع قوله تعالى مخاطباً نبيَّه موسى عليه السلام بقوله تعالى: ( واصطنعتك لنفسي اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري) فقد ربط إصطفائه لموسى عليه السلام بالعبودية والطاعة والإندكاك بعظمة الجبار فيصبح نبيّه موسى عليه السلام حاملاً للآيات العظام من الولاية التكوينية، فالربط بين الإندكاك في الطاعة يتولد منه آثارها من طاعة المخلوقات بأسرها كالملائكة والإنس والجن والجمادات والحيوانات للعبد المطيع لله تبارك شأنه فإذا شاء العبد شاء الرب المتعال تحبباً لعبده وتعظيماً لشانه ولا يكون هذا التحبب العظيم إلا لأنبيائه وأوليائه المقربين لا سيما رسول الله وأهل بيته الطاهرين المطهرين عليهم السلام، وهو ما يفسره ما جاء عنهم صلوات ربي عليهم: ( العبودية جوهرة كنهها الربوبية) أي أن العبودية لله تعالى تستبطن في داخلها ربوبية مستمدة بطاقتها من طاقة الرب وقدرتها من قدرته اللامتناهية، فأرجو التأمل جيداً فإنك من أهل الحجى.
  وأما الدليل القرآني: فقد جاء في القرآن الكريم عدة آيات تشير إلى أن الأنبياء والأولياء عليهم السلام كانوا مؤيدين بالولاية التكوينية التي منها المعاجز والكرامات والقدرة على الإحياء والإماتة بإذن الله تعالى، وضرب لنا الكتاب الكريم أمثلة على ذلك كالوليّ الخضر وموسى وعيسى وإبراهيم ورسول الله صلى الله عليه وآله ، وقد فصّلنا ذلك في كتابنا الفوائد البهية فليراجع، كما قد صدرت بعض الكرامات من عباد ليسوا أنبياء ولا أولياء بل هم أناس عاديون كانوا من أهل التقوى والورع فحباهم الله تعالى ببعض الخوارق لناموس الطبيعة بسبب صفائهم وعلو مقامهم ولكنهم لما انحرفوا صاروا في أسفل درك من السقوط كبلعم بن باعورا والسامري والحواريون وغيرهم.
  وأما الدليل الإخباري: فقد دلت الأخبار الكثيرة على وجود ولاية تكوينية للنبيّ وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، فراجعوا كتابنا الفوائد البهية الطبعة الرابعة الباب الثاني والعشرون/عقيدتنا في طاعة الأئمة الطاهرين عليهم السلام/الجزء الثاني صفحة 170 إلى 176.
     وجوابنا على سؤالكم الثاني هو التالي: إن الإستدلال بالعقل والكتاب الكريم والأخبار الشريفة لإثبات الولاية التكوينية لرسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام لا يعتبر قياساً أصلاً لأن القياس المحرّم إنما هو في الأمور الفقهية التي لا يوجد عليها نصٌّ فيأتي العالم القياسي فيقيس من حكم مسألة معينة قام الدليل عليها إلى موضوع مسألة أخرى ليستنبط من الحكم الأول حكماً للموضوع الثاني، والسبب في حجية القياس عند المخالفين هو قلة الأخبار الواردة عن رسول الله في مصادرهم لذا احتاجوا إلى القياس والإستحسان والمصالح المرسلة وسدّ الذرائع كما هو معلوم في أصول الفقه عندهم بخلاف الحال عندنا نحن الشيعة الإمامية فإن الأخبار من أهل بيت العصمة والطهارة وأهل بيت الوحي والرسالة كثيرة جداً وما من موضوع إلا وكان له حكم عندهم إلا في موضوعات قليلة أمرونا بإدراجها تحت العمومات والإطلاقات، فنحن لسنا بحاجة إلى القياس والإستحسان والمصالح المرسلة التي يعمل بها المخالفون، وحيث إن الإستدلال على الولاية التكوينية مندرجاً تحت الأدلة الخاصة والعامة ودلت عليها الآيات والأخبار فلا يعتبر ذلك قياساً، وذلك كما أشرنا لكم بأن الأدلة على ثبوت الولاية موجود من الكتاب والسنة، ودور العقل هنا هو دور المؤكد والمؤيد لصحة ثبوت الولاية التكوينية الثابتة بنصّ الكتاب والسنة، فشروط القياس منتفية هنا في مورد مسألتنا فينتفي إشكالكم على الولاية التكوينية حرصاً منكم من أن تكون شبيهة بالقياس المحرّم الذي يعتقده المخالفون.
 

حررها العبد الأحقر الشيخ محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت بتاريخ 17 شعبان 1433هــ.
 


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=467
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 07 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18