• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : أقسام الرشوة المحللة والمحرمة .

أقسام الرشوة المحللة والمحرمة

الإسم:  *****
النص: شيخنا الفاضل ..
هل يجوز دفع الرشوة في حال الاضطرار

 

 

الموضوع الفقهي: أقسام الرشوة المحللة والمحرمة.
بسمه تعالى

 

الجواب: يحرم الرشوة على القضاء بمعنى التوسط عند القاضي بمالٍ لكي يجيِّر الحكم إلى جانب المرشي...وبتعبير آخر هي: ما يبذل للقاضي ليحكم للباذل بالباطل أو ليحكم له حقاً كان أو باطلاً.
   وأما الرشوة بغير القضاء كالرشوة للموظفين في دوائر الحكومات وغيرها لتسهيل المعاملة المحللة للمؤمن فهذه لا تسمى رشوة على الحكم فلا بأس بها، وكالرشوة على استنقاذ الحق من الظالم فجائزة وإنْ حَرُمَ على الظالم أخْذُها.
وبعبارةٍ أخرى: إن الرشوة على أقسام:
الأول:لإتمام أمرٍ محرّم.
الثاني: لإصلاح أمرٍ مباح.
الثالث: لإنهاء أمر مشترك الجهة بين الحلال والحرام.
الرابع: للمحاباة على الحكم في القضاء.
 أما الأمر الأول: فلا شبهة في حرمته من غير إحتياج إلى أدلة حرمة الرشوة لأنها ليست رشوة بالمعنى الشرعي المصطلحة عليه في باب القضاء، ولكنها رشوة بالمعنى اللغوي والعرفي والشرعي لتسهيل الحرام وتنفيذه، وهو أمر محرم شرعاً، وذلك لوضوح حرمة أخذ المال على عملٍ محرَّمٍ لدخوله في عنوان الإعانة على الإثم المنهى عنه بقوله تعالى(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) المائدة 2.
وأما الأمر الثاني: فلا شبهة في جوازه شرعاً وعقلاً، وذلك لعدم الدليل على الحرمة مع كون العمل سائغاً في نفسه وصالحاً لأن يقابل بالمال وإن كان كثيرون يفعلونه للتعاضد والتعاون على الخير ولا يأخذون عليه مالاً.
وأما الأمر الثالث: فإن قُصِدَ به الجهة المحرمة فهو حرام شرعاً، وإن قُصِد به الجهة المحللة فهو حلال، وإن بذل المال لإصلاح أمره حلالاً أم حراماً ـ أي هو مختلط بالحلال والحرام ـ فلا ريب في أنه حرام أيضاً وذلك لوقوع المال على الجهة المشتركة بين الحلال والحرام معاً لا على الوجه الحلال المنفصل عن الحرام.
وأما الأمر الرابع: وهو رشوة الراشي للقاضي لكي يعطي الحكم للظالم أو لمن ليس له الحقّ، فلا ريب في حرمته نصاً وإجماعاً ولا نقاش فيه أصلاً...  ومع وضوح حرمتها عند المسلمين قاطبةً فإن الكتاب الكريم أوضح في بيان حرمة الرشوة على القضاء بقوله تعالى( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) البقرة 187.
 وقد دلت الأخبار الشريفة على حرمة الرشوة على القضاء في عدة معتبرة فاقت الإستفاضة، منها:
الخبر الأول:
معتبرة سماعة عن إمامنا المعظم الصادق عليه السلام قال:" الرشا في الحكم هو الكفر بالله".
الخبر الثاني: صحيحة عمار بن مروان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كل شيء غل من الإمام فهو سحت، والسحت أنواع كثيرة منها ما أصيب من أعمال الظلمة ومنها أجور القضاة وأجور الفواجر وثمن الخمر والنبيذ المسكر والربا بعد البينة، وأما الرشا يا عمار في الأحكام فإن ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله.." وغيرها من النصوص الصريحة الدالة على حرمة الرشوة على القضاء بالحكم.
     ولا فرق في حرمة الرشوة على الباذل والآخذ بين أن يكون الباذل مختاراً أو مضطراً حتى لو علم أن الحق معه فلا يجوز له أن يرشي القاضي ليحكم له بما يتيقن أنه حق له.
  وتبقى مسألة مهمة يقع فيها الكثيرون في الحرام وهي: الهدية للقاضي عند من يعلم بأن الحق معه، فهل يحرم على صاحب الحق أن يعطي الهدية للقاضي إكراماً له على حكمه له بالحق أم لا ؟ الظاهر حرمة إعطاء الهدية للقاضي سلفاً أو مواعدةً له قبل أنْ يحكم له بالحقِّ، وهو القدر المتيقن من الأدلة، لأن إعطاء الهدية سلفاً على وجه الهبة وما شاكلها ليورث المودة الموجبة للحكم له حقاً كان أو باطلاً لأنه نوع إغراء له أو جلب مودته لكي يقضي له بالحق، فيكون الفرق بين الهدية وبين الرشوة أن الرشوة تبذل لأجل الحكم، والهدية تبذل لأجل أنها تورث الحب المحرك له على الحكم على وفق مطلبه، فالظاهر هنا حرمتها لأنها رشوة أو بحكم الرشوة بتنقيح المناط، مضافاً إلى جملة من الأخبار الشريفة الدالة على حرمتها منها:
  رواية الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام قال:( أيما والٍ احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة عن حوائجه وإن أخذ هديةً كان غلولاً).
 ومنها ما ورد عن مولانا الإمام المعظم الرضا عليه السلام عن مولانا الإمام المعظم أمير المؤمنين عليهما السلام في تفسير قوله تعالى( أكالون للسحت) قال: هو الرجل يقضي لأخيه حاجته ثم يقبل هديته..".
 وهل يجوز له بعد القضاء أن يهبه هدية إبتداءً ومن غير مواعدة؟ الظاهر عندنا التوقف في ذلك تبعاً لثلة من الذين سبقونا وذلك لأن أخذ القاضي للهدية بعد حكمه يطمعه بالأموال ويجره إلى أخذها قبل الحكم، مضافاً لما ورد عنهم عليهم السلام بأن( هدايا العمال غلول) وحيث إن القاضي عامل من عمال الشريعة فلا يحق له أن يقبل الهدايا حرصاً له من التلوث بالرشوة في بقية أحكامه القضائية، فضلاً عن أنها من موارد التهمة التي يجب أن ينـزه نفسه عنها... والله تعالى هو حسبنا، عليه توكلنا وإليه أنبنا وهو الموفق للصواب والتقوى والورع...والسلام.

حررها العبد الفقير محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 17 ذي القعدة 1434هـ


  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=831
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29