شرح حديث سلسلة الذهب ( لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني وجبت له الجنّة..)
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم مولانا العزيز.
سؤال: ما المقصود بعبارة (بشرطها وشروطها) الواردة في حديث سلسلة الذهب عن مولانا الامام علي بن موسى الرضا عليه آلاف التحية والثناء حين قال : (إن اللَّه سبحانه وتعالى يقول : لا إله إلا اللَّه حصني فمن دخل حصني وجبت له الجنة،) ثم قال عليه السّلام : (بشرطها وشروطها وأنا من شروطها )؟
الموضوع العقائدي: شرح حديث سلسلة الذهب ( لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني وجبت له الجنّة..)
بسمه تعالى
وعليكم السلام.
الجواب: يشير حديث السلسلة الذهبية إلى أمرين مهمَّينِ هما: التوحيد الإلهي والإعتقاد بالنبي محمد واهل بيته الطاهرين عليهم السلام، والتوحيد شرط في النجاة من الخلود في النار، ومعنى التوحيد هو الإعتقاد بوجود الله تعالى، ويتميّز المسلم المؤمن عن غيره من أمة الإلحاد والشرك من خلال الإقرار بالشهادة لله تعالى تمييزاً له عن اليهودي والنصراني والمجوسي والزردشتي والحنبلي والشافعي والمالكي والحنفي والواقفي..فجميع هذه الملل والفرق الضالة والمضلة ليسوا بموّحدين حقيقةً وواقعاً، ثبوتاً وإثباتاً، حتى لو شهدوا بأن الله واحدٌ أحدٌ لأنهم شبّهوا الله بخلقه فاعتقدوا بأن الله له يدان ورجلان وعينان وعورة ويحلُّ في بعض عباده، وقد فنّدنا مزاعمَهم الفاسدة في الجزء الأول من كتابنا الجليل( الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية)، لذا ليس كلُّ من زعم أنه موحّد ويتشهد بالوحدانية لله تعالى سمع الله منه وتقبّل عمله، بل القبول إنما هو بشرط أن يكون الناطق بالشهادة مبرئاً نفسه وروحه ولسانه من الشرك والإلحاد، ولا يكون هذا الشيء إلا بالدخول في حصنه الآمن، وهو النطق بها ضمن شروط ومواصفات، وهذه الشروط هي الإعتقاد برسوله الكريم محمد وأهل بيته المطهرين صلى الله عليهم أجمعين الذين نزهوا الله تعالى عن المادة والوثنية والشرك والإلحاد والحلول..فالنبي وآله الاطهار صلى الله عليهم هم الحصن الحصين الذي من التجأ إليهم أمن من الضلال والكفر والوثنية والشيطنة..ويتأكد الحصن الحصين بولاية آل محمد لا سيّما أمير المؤمنين وسيّد الموحدين وقائد الغر المحجلين الى جنات النعيم مولانا الإمام الاعظم علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله..بل ونترقى في الدرجات ونصعد في العرفانيات اكثر بالقول: إن الإعتقاد بالنبيّ الأعظم هو ضمن الشرط الاول، وآله الاطهار ضمن الشرط الثاني المعبَّر عنه بالشروط التي أولها شرط الولاية لأمير المؤمنين علي وتليه بقية الشروط الدالة على الولاية العلوية وعلى رأسها الولاية للصديقة الكبرى الطاهرة فاطمة البتول عليهما السلام وأولادها الطاهرين آخرهم وخاتمهم الإمام القائم عجّل الله فرجَه الشريف.. فالإيمان بأهل البيت عليهم السلام يستبطن المشروط وهو ولايتهم والبراءة من أعدائهم...لذا قال الإمام الرضا عليه السلام: (وأنا مِن شروطها) اي لا يستقيم توحيدكم يا مسلمون باللسان إلا إذا سلمتم لي بقلوبكم وجوارحكم ولبقية الحجج من آبائي وأبنائي..فتدبروا..!!
ومما يؤكد ويثبت ما أشرنا إليه ما جاء في النصوص النبويّة والوَلَويّة أن ولايةَ أمير المؤمنين والصدّيقة الكبرى هي أُسُّ الإسلام وروحه وكيانه وما من نبي او رسول او ملك إلا وأخذ الله عليه الولاية لأمير المؤمنين وسيدة الطهر والقداسة فاطمة عليهما السلام..حتى رسول الله قد أخذ اللهُ عليه الولايةَ لأمير المؤمنين علي وسيّدة الطهر والقداسة فاطمة عليهما السلام، وما تكاملت نبوة نبي إلا بولاية سيّدة الطهر والقداسة فاطمة الزهراء أرواحنا لتراب نعليها الفداء..
والحاصل: إنّ من يريد الدخول في حصن الله عز وجلّ يجب عليه - قبل كلّ شيء - أن يدخلَ في الولاء لأمير المؤمنين وسيّدة الطهر فاطمة البتول عليهما السلام وبقية أولادها المطهرين سلام الله عليهم أجمعين..ومعنى الولاء لهم يستلزم التبري من أعدائهم، من هنا وردت النصوص الشريفة المفسِّرة لمعنى الحصن التوحيدي، فقد جاء في الكتب المصدرية الحديثية عندنا نحن الإمامية أن أمير المؤمنين عليّاً (صلوات الله عليه وآله) هو الحصن الذي أشار إليه حديث السلسلة، ففي عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام (الجزء الاول الباب ٣٨ للشيخ الصدوق المتوفى عام ٣٨١ هجري) بسند صحيح عن مولانا الإمام الرضا عليه السلام نقل عن آبائه عن أمير المؤمنين عن النبيّ محمد صلى الله عليه وآله عن جبرائيل عن ميكائيل عن إسرافيل عن اللوح المحفوظ عن القلم قال: يقول الله عزّ وجلّ:(ولاية علي بن أبي طالب حصني، فمن دخل حصني أمِنَ مِنْ عذابي) ورواها في الامالي بسند آخر صحيح وفي ذيله هكذا (أمِنَ مِنْ ناري).
وروي نظيرها في مصادر حديثية أخرى..
زبدة المخض: إن كلمة التوحيد حصن الله تعالى، وحصنه هو عقد القلب والجوارح على الإعتقاد والإيمان بأمير المؤمنين وزوجته سيّدة الطهر والقداسة وأهل بيتهما الأنوار المطهرين عليهم السلام والتحية والإكرام..فالشرط مشروط بالحصن، والحصن هو الإمام أمير المؤمنين وآله المطهرين صلى الله عليهم أجمعين..اللهم اشهد أنّي قد بلّغت..ويا سيدي ومولاي علي..ويا سيدتي ومولاتي الزهراء وبقية أولادها الأطهار - لا سيّما الإمام المعظّم صاحب الزمان الحُجّة القائم المهدي روحي لنعله الفداء..- اشهدوا اني قد بلّغت ما أمرتموني به..فيهمني رضاكم فقط..فمعكم معكم لا مع عدوكم يا تاج رأسي وروحي..
عبدكم واقف على بابكم يلحس قصاعكم محمد جميل حمود العاملي..بيروت بتاريخ ١٩ ذي القعدة ١٤٤٣ هجري قمري.