• الموقع : مركز العترة الطاهرة للدراسات والبحوث .
        • القسم الرئيسي : الفقه .
              • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .
                    • الموضوع : السبّ الإبتدائي غير جائز بشروط معينة .

السبّ الإبتدائي غير جائز بشروط معينة

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله وبياكم سماحة المرجع الديني الكبير فقيه عصره و وحيد دهره العالم النحرير أسد الشيعة المحقق المدقق العلامة الشيخ محمد جميل العاملي أدام الله تعالى وجودكم المبارك .
أما بعد فخادمكم يسألكم حول هذه الرواية الواردة عن سيدنا ومولانا وشفيعنا حضرة الإمام جعفر الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) ، التي تقول : قيل للإمام الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) يا إبن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ( إنا نرى في المسجد رجلا يعلن بسب أعدائكم ويسميهم ، فقال الإمام الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) [ ما له لعنه الله يعرض بنا]. 
المصدر : كتاب الإعتقادات في دين الإمامية - الشيخ الصدوق رحمه الله تعالى - الصفحة 107.
خادمكم الأقل حسن الموسوي 
٦/ محرم الحرام/١٤٤٣هجري.

 

القسم الفقهي: السبّ الإبتدائي غير جائز بشروط معينة.
بسم الله الرّحمان الرّحيم
وعليكم السلام والإكرام
الجواب: السبُّ الإبتدائي غير جائزٍ، لأن ذلك يؤدي الى سبّ أهل البيت سلام الله عليهم بمقتضى قوله تعالى(وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) سورة الانعام(108). 
فقوله تعالى( لا تسبوا..) يُحمل على السبّ الإبتدائي العلني امام الخصوم ولا يشمل السب الدفاعي ليكف الخصوم عن سب الله تعالى وحججه الطاهرين عليهم السلام، ويشهد له قوله تعالى في آية المقابلة بالمثل (..فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ). (البقرة آية 194).
ومما يدل على أن الآية الاولى هي في مقام بيان النهي عن السبّ الإبتدائي بقرينة حرف الفاء الدال على السببيّة( فيسبوا..) المتفرّع عن السبّ الإبتدائي الذي يشرع به المؤمن...أي إذا سببتم فسوف يسبُّون.
وبعبارة أخرى: إن فاء السببيّة دالة على أن سبَّكم الإبتدائي لكبرائهم سوف يولّد حافزاً قوياً لسبّ كبرائكم..فلا تسبوا حتى لا يكون مبرراً لسبّ أئمتكم الطاهرين عليهم السلام.
فإن شروع المؤمن بالسب يشجّع الخصوم على سبَّ أئمتنا الطاهرين عليهم السلام، ولكن إذا شرع المخالفون بسبّ ائمتنا الطاهرين عليهم السلام فهنا يشرع المؤمن بالوعظ والزجر، فإذا لم ينجح أُسلوب الوعظ، فساعتئذٍ يجوز له أن يسبّ آلهتهم المزيفة التي يعبدونها ليكفوا عن سبّ الحجج الطاهرين عليهم السلام بمقتضى الآية الثانية( آية المقابلة بالمثل) فإذا لم ينفع السبّ، فالأفضل حينئذٍ إستبدال سبّهم بلعنهم جهرةً وكشف منكراتهم وبدعهم وقبائحهم كما يستفاد ذلك من بعض الاخبار .
فائدة مهمة: إن السبُّ الإبتدائي لا يشمل السبّ في السر ولا في المواضع التي لا تقية فيها ولا يترتب ضررٌ على الأقليات المؤمنة المتواجدة بين العامة من فرق الضلالة.
والحاصل: إن السبّ المنهي عنه هو السبُّ الإبتدائي من الشيعي الى المخالف، والسبّ هو ذكر أعمدة السقيفة بقبائح الالفاظ السيئة كذكر العورة وما شابهها من الفاظ بذيئة تستفز الخصوم أكثر فأكثر..والمؤمن ينزّه لسانه عن ذكر العورة..وفي حال لم يراعوا الأدب في الخطاب، فساعتئذ ينبغي أن يكون سبُّ المؤمن لآلهتهم بغير ذكر العورة والكلمات البذيئة فيقتصر الأمر على غيرها من العبارات القادحة فيهم..ويجب كشف زيفهم وقبائحهم بأنهم أولاد زنا وأحدهم كان لواطاً والثاني كان ملوطاً به وأنهم أخس من الحيوانات..إلى آخر القائمة من مخازيهم وتهتكهم....!! من هنا ورد في الأخبار المفسّرة للآية المتقدّمة النهي عن السبّ الإبتدائي العلني، منها الخبر الذي استعرضه الأخ السائل المحترم، وقد ورد مثله في خبر الكافي عن مولانا الإمام الصادق سلام الله عليه قال في حديث طويل:( وإياكم وسب أعداء الله حيث يسمعونكم فيسبوا الله عدواً بغير علم) وقال أيضاً:( لا تسبوهم فيسبوا عليكم). وفي نسخة الصدوق هكذا:( لا تسبوا فلأنهم يسبوا عليكم) واللام هنا تعليلية، أي: إذا سبيتموهم فيؤدي ذلك الى سبّنا.
فيستفاد من اللام التعليلية أن النهي إنما هو النهي عن السب الإبتدائي العلني بحيث يؤدي إلى سبّ الحجج الطاهرين عليهم السلام.
نعم يجوز اللعن عليهم باعتبارهم ظالمين وكفرة، وقد لعن الله تعالى الظالمين والكفار وتوعدهم بأليم العذاب..ولا يٌقاس اللعن بالسبّ كما لا يُقاس بالسب ذكر أفعالهم المنكرة، فإن ذلك خارج عن مفهوم السبّ حكماً وموضوعاً..وذكر مساوئ أفعالهم أبلغ في الحجية والمقال من السب والشتم..
والخلاصة: إن السبَّ المشروع فيه أربعة قيود:
١- أن لا يكون إبتدائياً وجهرةً من المؤمن إلى المخالف..بل ينبغي أن يكون دفاعيّاً لأجل إيقافهم ومنعهم من السبّ.
٢- أن لا يكون بعبارات بذيئة كذكر العورة وما يلازمها.
٣- أن لا يترتب عليه ضرر على الأقليات المؤمنة في المجتمعات العمرية.
٤- أن لا يكون هناك تقية ملزمة على المؤمنين.
هذه القيود الأربعة تأخذ بأعناقنا حفاظاً على عدم التعرض لائمتنا الطاهرين عليهم السلام..وحفاظاً على الأقليات المؤمنة التي تعيش التقية والخوف من النواصب العمريين..!!
ولكن إذا تمادوا بالسبّ ولم يراعوا لأئمتنا الطاهرين حرمة فلا قيود ولا حدود..لأن أنفسنا يجب أن تسخى في سبيل نصرة أولئك المكرّمين المطهرين.
والله تعالى وليُّ المتقين.
عبد الحجج الطاهرين عليهم السلام/ محمّد جميل حمُّود العاملي/ بيروت بتاريخ ٤ صفر ١٤٤٢ هجري قمري.

  • المصدر : http://www.aletra.org/subject.php?id=1980
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 11 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29