يحرم شرعاً رسم ونحت صور الأنبياء لا سيَّما صورة النبيِّ الأعظم وأهل بيت العصمة والطهارة وأولادهم الطاهرين عليهم السلام
الإسم: *****
النص:
سلام علیکم أُستاذنا الجلیل والکاشف عن حقایق الأحادیث؛ ما هو رأیکم فی تماثیل أهل البیت علیهم السلام؟.
*****
الموضوع الفقهي: يحرم شرعاً رسم ونحت صور الأنبياء لا سيَّما صورة النبيِّ الأعظم وأهل بيت العصمة والطهارة وأولادهم الطاهرين عليهم السلام / رسوم المعصومين عليهم السلام تنقيصٌ من قدرهم وعلو شأنهم / تأثر علماء الضلالة بالكنيسة المسيحية في تداول رسوم الأنبياء / الأدلة على حرمة رسم صور المعصومين عليهم السلام / جمال النبيّ محمد وأهل بيته المطهرين عليهم السلام لا تناله ريشة رسام أو نحات.
بسمه تعالى
سلام الله عليكم وتحياته تترى إليكم ورحمته وبركاته
الجواب: يحرم شرعاً صنع تمثال كلّ ذي روح كالإنسان والحيوان لقيام الأخبار الشريفة في الحرمة، وتتأكد الحرمة في صناعة تماثيل صور النبيّ وأهل بيته الطيبين والأنبياء والأوصياء والأولياء المعصومين كالمولى أبي الفضل العباس وعلي الأكبر والقاسم وغيرهم من أولادهم الطاهرين عليهم السلام؛ وكذا يحرم رسم الصور المنسوبة إليهم وطباعتها ونشرها والترويج إليها، لما فيها من التوهين لذواتهم المقدسة والتنقيص من قدرهم وعلو شأنهم، لا سيَّما وأن هذه الصور المنتشرة في مجتمعنا الشيعي ليست صوراً جميلة، بل كلها معايب ونقائص في هيئة المعصوم عليه السلام، فالصور المنتشرة تظهر الإمامَ أميرَ المؤمنين عليه السلام مسترسل الشاربين، مع أنه نهى عن استرسال الشاربين وأمر بالقص تارة وبالحف أُخرى؛ كما أن هذه الصور تظهر الإمام وابنه سيّد الشهداء عليهما السلام بهيئة الأعرابي يعتمر عقالاً فوق الشال، وتظهرهما منتفخي الخدين مع كونهما سهلي الخدين، وتظهر أنفيهما أفطسين مع كونهما أقنيين (وقنا الأنف: أن يكون في عظم الأنف إحديداب في وسطه، ومعنى الأفطس هو انخفاض قصبة الأنف وانتشارها، والأنف الأفطس من معايب الوجه) وتظهركتفيهما ضيقين مع كونهما واسعين، وصدريهما صغيرين مع كونهما واسعين منشرحين..إلخ ما ذكرناه في بعض أجوبتنا حول استفتاء وجهه إلينا أحد المؤمنين، يسألنا فيه عن حكم الصور المنتشرة في مجتمعاتنا الشيعية الحاكية بزعمهم الباطل عن أوصاف المعصومين عليهم السلام..! فهذه الصور لم تعكس شيئاً عن جمال خلقتهم الزكية وطلعتهم البهية التي يتحلى بجزء من عشرها من يُعْرَفُ بجماله بين الناس، فكيف بمن هو أفضل الناس حتى الأنبياء عليهم السلام..! إن هناك مؤامرة على أهل البيت عليهم السلام من خلال تشويه جمالهم الأبهر في عيون الخلق ونفوسهم، وتروّج لها مرجعيات بترية ــ لا تعرف الله تعالى ولا تخشى غضبه وانتقامه ــ لكي تسقط هيبة النبي وأهل بيته الطاهرين (سلام الله عليهم) من نفوس شيعتهم والناس أجمعين..! حتى اشتهر في النجف توزيع صورة عن أمير المؤمنين عليه السلام من مكتب أحد مراجعها...وكذلك اشتهر في إيران في بداية التسعينات من القرن المنصرم صورة ولد مخنث يشبه السودانيين، يدَّعي النظام الإيراني أنها صورة النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله عندما كان عمره ثلاثة عشر سنة، وزعها النظام على عامة الحوانيت والمطاعم والأماكن العامة، وكان السماسرة من التجار الصغار يبيعونها على باب مولاتنا الطاهرة فاطمة بنت الإمام الكاظم عليهما السلام..ولو رأيتموها لرأيتم عجباً ! حيث إن صورة الخميني أجمل منها..! وما كان ذلك إلا للتهكم على شخصية النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وجعله من سفلة الناس في هيئته وسحنة وجهه للإزدراء به والاستخفاف بحقه...قاتلهم الله أنَّى يؤفكون !
يا للعار والشنار من مرجعيات ــ هنا وهناك ــ رفعتها السياسة الإقليمية والدولية وأبواق الوحدة العمرية والحركة الماسونية العالمية، ورفعت من شأنها كثرة الأموال وخفق النعال بفعل الإعلام الحزبي الدعوتي والناصبي البتري، وجلّ أتباعها من ضعاف العقيدة والإيمان وقطاع الطرق من شذاذ الآفاق في الوسط الشيعي، يرفغون من قدْر مرجعياتهم ويبخسون بقدر النبي وآله....!!.
إن تداول رسوم المعصومين (عليهم السلام) في زماننا هذا، منشؤه فتاوى من مرجعيات قشرية، صنيعة الكنيسة في أوروبا وبيع اليهود الذين لا يأنسون بروحانية المسيح وموسى عليهما السلام إلا من خلال تصويرهم مثال المسيح عليه السلام على جدران بيوتهم وكنائسهم وبيعهم وصوامعهم، فتأثر بهم ثلة من علماء الشيعة، فأفتوا بجواز رسم المعصومين الطاهرين عليهم السلام، كما تأثروا بهم في ترانيمهم الدينية فأدخلوا الموسيقى إليها لتجلب لهم الأنس الروحي كي تساعدهم على البكاء والحزن في إحياء مآسي النبي عيسى عليه السلام بسبب صلبه على الخشبة كما يزعمون، فقلدهم ثلة من هذه المرجعيات المصطنعة فأفتوا لأتباعهم بحلية الموسيقى وأقحموها في مواليد الأئمة المطهرين (سلام الله عليهم) فيسكر عليها المنشد وحوله شذاذ الآفاق ــ ممن لا يعرفون الله تعالى ولا النبيّ وأهل بيته المطهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) ــ فيصفقون له ويتمايلون معه ذات اليمين وذات الشمال كما يفعل الفساق في الأندية الفنية والمسارح والخمارات وأوكار الدعارة...ذلك كلّه باسم الدين والأئمة الطاهرين عليهم السلام، والدين والأئمة الطاهرين عليهم السلام منهم براء ،كما أقحموها في البرامج الدينية وفي القنوات الفضائية ومراسم عاشوراء لتعطي رونقاً فنياً فوق العادة كما يدَّعون وعلى الله يفترون ومن حججه يسخرون...قاتلهم الله أنَّى بؤفكون؛ واإسلاماه وامحمداه واعلياه وافاطماه...وامهدياه..!!
عود على بدء:إن رسم صور المعصومين (سلام الله عليهم) من أعظم المحرّمات لأمرين:
(الأمر الأول): إن رسم كلّ ذي روح حرام شرعاً حتى لو كان الرسم يعكس عن حقيقة المرسوم، وقد قام الإجماع والنصوص على الحرمة، وهي فواق التواتر؛ منها التالي:
1ـ أبو بصير عن الإمام أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : أتاني جبرائيل فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السلام وينهى عن تزويق البيوت ، قال أبو بصير:فقلت : وما تزويق البيوت ؟ فقال : تصاوير التماثيل.
2 - ابن أبي عمير عن رجل عن الإمام أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : من مثّل تمثالا كلَّف يوم القيامة أن ينفخ فيه الروح.
3 - الحسين بن منذر قال : قال الإمام أبو عبد اللَّه عليه السّلام : ثلاثة معذّبون يوم القيامة : رجل كذّب في رؤياه يكلَّف أن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد بينهما ، ورجل صوّر تماثيل يكلَّف أن ينفخ فيها وليس بنافخ.
4 - جرّاح المدائني عن الإمام أبي عبد الله عليه السّلام قال : لا تبنوا على القبور ولا تصوّروا سقوف البيوت ، فإنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم كره ذلك.
5 - الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال : من جدّد قبرا ، أو مثّل مثالا ، فقد خرج من الإسلام.
6 - أبو بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : أتاني جبرائيل فقال : يا محمّد إنّ ربّك ينهى عن التماثيل.
7 - سعد بن طريف عن الإمام أبي جعفر عليه السّلام قال : إنّ الذين يؤذون اللَّه ورسوله هم المصوّرون ، ويكلَّفون يوم القيامة أن ينفخوا فيها الروح.
8 - الحسين بن زيد عن الإمام الصادق عن آبائه - عليهم السلام - في حديث المناهي قال : نهى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم عن التصاوير وقال : من صوّر صورة ، كلَّفه اللَّه يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ ، ونهى أن يحرق شيء من الحيوان بالنار ، ونهى عن التختّم بخاتم صفر أو حديد ، ونهى أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم.
9 - محمّد بن مروان عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : سمعته يقول : ثلاثة يعذّبون يوم القيامة : من صوّر صورة من الحيوان يعذّب حتّى ينفخ فيها وليس بنافخ فيها ، والمكذّب في منامه يعذّب حتى يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد بينهما ، والمستمع إلى حديث قوم وهم له كارهون يصب في أذنه الآنك وهو الأسرب.
10 - ابن عبّاس قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : من صوّر صورة عذّب وكلَّف أن ينفخ فيها وليس بفاعل ، ومن كذّب في حلمه عذّب وكلَّف أن يعقد بين شعيرتين وليس بفاعل ، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون يصب في أذنيه الآنك يوم القيامة . قال سفيان : الآنك : الرصاص.
(الأمر الثاني): إن رسم المعصومين (سلام الله عليهم) منذ سبعين عاماً إلى يومنا هذا ــ فضلاً عن الأزمنة الغابرة ــ لا يعكس عن حقيقة جمالهم الأبهر الذي انبثق منه كلُّ جمال وجلال في عوالم الوجود منذ عصر النبي آدم عليه السلام إلى يوم البعث والنشور، فرسم صورهم لا يعدو كونه مجرد ظنّ وخيال، وإن الظنَّ لا يغني من الحق شيئاً، بل هو تنقيص فيهم ولهم وبهم، بل هو ازدراء بهم وتعريضهم لتشويه سمعتهم وجمالهم المقدّس في نظر أعدائهم وشيعتهم الموالين..!!
ومهما بالغ الرسَّامون برسم صور جميلة ينسبونها إلى النبي وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ــ وإن كنا لم نرَ رسماً واحداً يأنس به النظر الطبيعي ــ فلا تكشف رسوماتهم المزيفة عن شدة جمالهم الذي نال منه النبيُّ يوسف عليه السلام جزءً من أجزاء جمالهم وبهائهم المقدَّس ، وقد راج في السنين المتأخرة فتاوى تجيز رسم المعصومين عليهم السلام، وهي فتاوى من فقهاء الضلالة الذين خرّبوا في معالم الدين وسنن حجج الله على العالمين، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ونحن لا نعجب من هؤلاء لأن الأخبار نبهت عنهم وحذّرت من أتباعهم والأخذ منهم...وقى اللهُ الشيعة الموالين شرورهم وفسادَهم، والله حسبنا منهم ومن أتباعهم... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حررها العبد الأحقر محمد جميل حمُّود العاملي
بيروت بتاريخ ١٠ ذي القعدة ١٤٣٧ هجري قمري.