شق الجيوب ولطم الخدود وغيرهما حداداً على الأئمة الطاهرين عليهم السلام مستحب شرعاً
الإسم: *****
النص: بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة اية الله المرجع الديني المحقق الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ارجوا لكم دوام الصحة والتوفيق لما فيه الخير والصلاح
الى حضرتكم السؤال التالي
سؤالي حول موضوع وصايا اهل البيت عليهم السلام وشعائر ابي عيد الله الحسين عليه السلام
حديث الرسول الاعظم صلى الله عليه واله ( - ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب- )كتاب مستدرك وسائل الشيعة للحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي
وحديث ابي المقدام قال سألت أبا الحسن عليه السلام وابا جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل ( ولا يعصينك في معروف ) قال ان رسول الله صلى الله علي واله قال لفاطمة اذا انا مت فلا تخمشي علي وجها ولا ترخي علي شعرا ولا تنادي بالويل ولاتقيمين علي نائحة قال ثم قال هذا هو الذي قال الله عز وجل( ولا يعصينك في معروف ) كتاب وسائل الشيعة الحر العاملي ج2 ص915-916
وقول الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم لفاطمة عليها السلام حين قتل جعفر بن ابي طالب عليه السلام ( لاتدعي بذل ولا ثكل ولاحزن وما قلت فقد صدقت) - كتاب من لايحضره الفقيه ج1 ص112 \\كتاب الوافي ج13 ص88
كذلك وصية الامام الحسين عليه السلام لاخته زينب -( يا اختاه اقسمت عليك فأبري قسمي لاتشقي علي جيبا ولا تخمشي علي وجها ولا تدعي علي بالويل والثبور أ ذا هلكت ) كتاب الارشاد للشيخ المفيد 232- مكالمة الحسين مع اخته زينب وكتاب مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ج1 ص144
وحديث الامام الصادق عليه السلام ( قال من ضرب يده على فخذه عند المصيبة حبط اجره )وسائل الشيعة للحر العاملي ج2 914
كل هذا نخالفه ونتجاوز عليه ولا نعمل به في المجالس الحسينية لسيد الشهداء عليه السلام
فنحن نضرب الخدود والصدور ونشق الجيوب وندعوا بالويل ونضرب الرؤس بالكف والزنجيل والسيوف والسكاكين ونمشي على الجمر وغير ذلك
الجواب دام عزكم
الموضوع : شق الجيوب ولطم الخدود وغيرهما حداداً على الأئمة الطاهرين عليهم السلام مستحب شرعاً.
بسمه تعالى
السلام عليكم
شق الجيوب ولطم الخدود مكروه على غير المعصوم عليه السلام إلا على الأب والأخ والأب والأم فإنه جائز عليهم كما ورد في نفس مستدرك وسائل الشيعة الذي تمسكتم به على النهي عن شق الجيوب ولطم الخدود ففي الباب 72 من أبواب الدفن وما يناسبه حديث رقم 2457 في حديث طويل يشير إلى شهادة الإمام أبي الحسن الهادي عليه السلام حيث شقّ الإمام الحسن العسكري عليه السلام ثيابه حزناً على أبيه فقال بعضهم: رأيتم أحداً من الأئمة عليهم السلام شق ثوبه في مثل هذه الحال؟ فوقع عليه السلام بقوله:ط يا أحمق ما يدريك ما هذا، قد شق موسى عليه السلام على هارون عليه السلام" وفي خبر خالد بن سدير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل شق ثوبه على أبيه أو على أمه أو على أخيه أو على قريب له؟ فقال:" لا بأس بشق الجيوب، قد شقَّ موسى بن عمران على أخيه هارون ولا يشق الوالد على ولده ولا زوج على امرأة وتشق المرأة على زوجها.." إنتهى.....والأخبار في ذلك فوق حد الإستفاضة لا نملك الوقت لإستعراضها عليكم فعليكم بكتابنا الموسوم " برد الهجوم عن شعائر الإمام الحسين المظلوم عليه السلام" فقد أسهبنا في البحث عن شق الجيوب ولطم الخدود والتطبير والضرب بالسلاسل.
والحاصل: إن شق الجيوب ولطم الخدود والضرب بالسلاسل والتطبير وما شابه ذلك أمر جائز بل ومستحب لكونه أولاً من مصاديق إحياء الشعائر الحسينية على صاحبها آلاف السلام والتحية، ولأنه ثانياً من باب إظهار الجزع على الإمام الحسين عليه السلام لقول مولانا الإمام الصادق عليه السلام :" البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّ عليه السلام فإنه مأجور" وروى الشيخ الكوسي رحمه الله تعالى في كتابه الجليل التهذيب عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام قال:" ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما السلام وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب" وروى المفيد عن مولانا الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام:" أن زينب عليها السلام لمّا سمعت الحسين ينشد هذه الأبيات:
يا دهر أفٍ لك من خليل كم لك بالإشراق والأصيل
لطمت وجهها وهوت إلى جيبها وشقته وخرت مغشية عليها.."إنتهى .
وما ذكرتموه من بعض الأخبار الناهية عن لطم الخدود وشق الجيوب كلها أخبار ضعيفة الأسانيد ومتوافقة مع أخبار المخالفين وهي معارضة بالأخبار الصحيحة الأخرى التي ذكرنا بعضاً منها، لذا فتسقط الأخبار الناهية عن الحجية وتقدَّم الأخبار الأخرى على تلك، أو أننا نحمل الأخبار الناهية على شق الجيوب ولطم الخدود إعتراضاً على حكم الله تعالى وعدم الصبر على المصاب،أما إذا كان من باب الجزع على الإمام الحسين وأهل بيته عليهم السلام وبقية آبائه وأبنائه الطيبين الطاهرين عليهم السلام وما حلّ بهم من ظلامات فإنه مباح شرعاً بل هو مستحب شرعاً إقتداءً بأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام الذين شقوا الجيوب ولطموا الخدود على مصائبهم وهذا ليس خاصاً بأهل البيت عليهم السلام بل يشمل كل رجلٍ يشق جيبه في موت كل قريب له عدا عن الولد والزوجة، ولكل امرأة أن تشق جيبها على زوجها أو أخيها لورود النص بذلك ..هذا هو الجمع الفقهي المعتبر الذي ينبغي أن يتصف به كل فقيه متمرس بعملية الإستنباط وإلا فإن كل من يحرم اللطم على الخدود وشق الجيوب على مصائب آل الله تعالى فلا نظن أنه قد شمَّ رائحة الفقاهة بل يلزمه دورة تدريبية لكي يفقه لحن كلام أئمة الهدى ومصابيح الدجى صلوات ربنا عليهم أجمعين.
وبعبارةٍ أُخرى: إن الأخبار الثلاثة التي ذكرتموها لنا كلها ضعيفة وهي موافقة لأخبار المخالفين، فمثلاً الخبر المنسوب إلى رسول الله بقوله:" ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب.." هو من مصادر المخالفين رواه الشهيد الثاني في كتابه مسكن الفؤاد ونقله عنه الشيخ الطبرسي في المستدرك/أبواب الدفن، ورواة الحديث كلهم من العامة وقد رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل،وهو هكذا: قال: حدثني أبي عن وكيع عن سفيان عن زبيد عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله قال رسول الله: ليس منا ..." .
وأما خبر أبي المقدام فهو أيضاً ضعيف السند بسلمة بن الخطاب، وأما خبر وصية مولانا الإمام الحسين عليه السلام لأخته الحوراء زينب عليها السلام فمرسل ولا عبرة شرعاً بالمرسل باعتباره أحد أقسام الخبر الضعيف الساقط عن الحجية، وبالغض عن كلِّ ذلك فإن هذه الأخبار الضعيفة لو فرضنا صحة الإحتجاج بها فلا بد من حملها على وجوه تصرفها عن ظاهرها فمثلاً خبر أحمد بن حنبل ساقط من أساسه باعتباره خبراً عامياً ولا يجوز التمسك بأخبارهم لإثبات حكم شرعي، وقد ورد النهيُّ في أخبارنا عن الأخذ بأخبارهم في الأحكام الشرعية، وأما خبر أبي المقدام فيحمل على محاربة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله للنياحة المحرمة التي كانت رائجة في الجاهلية، فكان نهيه لدفع التمسك بالنياحة الباطلة المستلزمة للإعتراض على حكم الله تعالى، ولكن الجمع بينه وبين الأخبار المجوزة للنياحة ومستلزماتها يقتضي الحكم بالكراهة لا الحرمة، وأما خبر وصية مولانا الإمام الحسين عليه السلام لإخته مولاتنا العقيلة زينب عليها السلام فيحمل على دفع الشماتة عنهم إذ لو خمشت وجهها ولطمت خدها أمام الأعداء لشمتن بها وبأخواتها الطاهرات عليهنَّ السلام وإلا فقد لطمن الخدود وشققن الجيوب الفاطميات يوم دخلن المدينة كما في خبر التهذيب وغيره من الأخبار، فيكون خبر النهي لها عن خدش الوجوه خاصاً بفترة زمنية معينة ولا يشمل جميع الأزمنة بدلالة ما حصل منها في المدينة ويوم نطحت رأسها الشريف بمقدم المحمل عندما رأت رأس أخيها محمولاً على رمح...
وأخيراً فإن إشكالك على التطبير وما شاكله من لطم وضرب على الخدود لا محل له من الناحية الفقهية ، ومن يفعل ذلك من الشيعة الموالين حفظهم الله تعالى فإنهم يفعلون ذلك بسبب مسوّغ شرعي لهم وقد أفتى لهم فقهاء عدول بذلك فأيُّ ضيرٍ في أن يفعلوا ذلك بعدما أفتينا وأفتى لهم فقهاء يشهد لهم القاصي والداني فلا يجوز التهكم عليهم شرعاً لأن كل من يطبِّر أو يلطم أو يشق جيبه حزناً على الإمام المظلوم عليه السلام إنما يفعل ذلك إقتداءً بالأئمة الطاهرين عليهم السلام ولم يفعلوا ذلك إشتهاءً أو عبثاً ومن دون مجوّز شرعيٍّ، ومن ينكر عليهم يكون قد اعترض على حكم الشرع المدلول عليه بالأخبار التي أشرنا إليكم ببعضٍ منها، فيكون راداً على أخبارهم الطاهرة، والرد عليها على حد الشرك بالله كما جاء في بعض الأخبار، ويمكنكم مراجعة كتابنا رد الهجوم ...والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
العبد الفاني محمد جميل حمود العاملي ــ بيروت 17 ربيع الأول 1433هــ.
