دلالة اللغة على صحة نسبة الأُميّ إلى مكة المكرمة.
الإسم: إسلام سلام.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالنا لسماحة العلامة المرجع دام ظله الوارف:
نبارك لكم بحلول الشهر الكريم ووفقنا الله وإياكم لأداء الطاعات وتجنب المعاصي
هناك شبهة مفادها أن نسبة الأمي بالنسبة للرسول صلى الله عليه وآله إلى "أم القرى" مخالفة لقواعد اللغة العربية والصحيح لو كانت النسبة لأم القرى أن نقول قروي ونحوها ... ما رأيكم في هذا الكلام؟
الموضوع العقائدي: دلالة اللغة على صحة نسبة الأُميّ إلى مكة المكرمة.
بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمته وبركاته
كلمة"الأُميّ" نسبة إلى أُمّ القرى صحيحة في اللغة كما نصَّ على ذلك أئمة اللغة، فـ"أُم القرى"إسمٌ مركَّبٌ تركيباً مزجياً وضِعَ للدلالةِ على مكانٍ محدَّدٍ،وهو مركَّبٌ من جزئين(أُم) و (قرى)،والثاني مضافٌ إلى الأول،ولا يمكنه لوحده الدلالة على المسمَّى،كما إنَّ الأول أي لفظ (أُم) له وظيفةٌ معنويَّةٌ في تحديدِ المسمَّى بدقةٍ وإلاَّ لصار في لفظ (القرويُّ) لوحده إطلاقاً لا يؤده المراد من وضعهِ فلا يدري المستمع للفظ قرويُّ ما هو المقصود من القرويّ ؟ هل هو قرويٌّ عام أم خاص، نظير ذلك كلمة حضرموت فلا يصحُّ القول (موتيٌّ) بل الصحيحُ هو القول( حضر موتيّ) أو (حضرميٌّ) وهكذا (أُمُّ القرى) فلا يصحُّ القول(قرويٌّ) لشمول لفظ "القرويّ" إلى عموم القرى دون تحديدٍ لقريةٍ معينةٍ لذا فالصحيحُ هو القول( أُمّيٌّ) .
وبعبارةٍ أُخرى:لقد جاء في شرح الألفيّة للسيوطيّ وابن عقيلٍ كلاماً آخر يدل على ما أشرنا إليه آنفاً، فقال ابن عقيل في باب النسبة:إن كان العلمُ المركَّب تركيب إضافة فإن كان إبناً أو كان معرَّفاً بعجزه حذف صدره،ثم يقول:فيه نظر.. إلى أن يقول فإن لم يخفَ لبسٌ عند حذف عجزه حُذِفَ صدرُهُ ونُسِبَ إلى صدره فتقول في امرء القيس (امرئيو)إن خيف اللبس حذف صدره ونسب إلى عجزه.
وقال السيوطيُّ في نفس البحث :واحذف الثاني ما لم يخف لبس فقل في امرء القيس(امرئيٌّ)وإن خيفَ لبسٌ إحذف الأول وانسب للثاني.
وقال في النحو الوافي/الجزء الرابع صفحة 739 المسألة 79 الآتي:[إنَّ المركَّبَ إضافيَّاً علماً بالوضع أو الغلبة فالأصلُ فيه أن ينسبَ إلى صدره فيقالُ من"خادم الدين فوز الحق وعابد الإله(الثلاثة أعلام):"خادميٌّ وفوزيٌّ وعابديٌّ"].
وزبدة المخض: لقد رأيتم كلمات اللغويين في جواز نسبة (الأُميّ) إلى صدر المركب المزجيّ (أُمّ القرى) من هنا قالوا عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) أنَّه أُميٌّ نسبةً إلى ( أُمّ القرى) مكة المكرمة وهو أمرٌ موافقٌ لأخبارنا الشريفة تفسيراً لقوله تعالى (هو الذي بعث في الأُميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم) بأن الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) سمّي بالأُميّ نسبةً لأُمّ القرى مكة لأنه كان منها وهي أُم القرى أي أصلها وذلك قوله تعالى(لتنذر أُمَّ القرى ومن حولها) وقد جاء هذا التفسير في خبرين في علل الشرائع، وبهذا يُعلَم أن النسبة صحيحة موافقة للغة ولسادة الخلق والفصاحة عنيت بهم أهل بيت النبوة والعصمة والطهارة صلوات ربنا عليهم أجمعين ،فالدعوى القائلة بأن النسبة غير موافقة للغة تكذبها شواهد المقال ودونها خرط القتاد، والله تبارك مجده هو الموّفق للصواب، والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
حررها الراجي رضا ربّه ورضا إمامه المعظَّم مولانا الإمام المهديُّ المنتظر(أرواحنا لتراب نعليه الفِداء) عبده محمَّد جميل حمُّود العامليّ/ بيروت 17شوال 1431هجري الموافق 27 أيلول2010م.