• الصفحة الرئيسية

ترجمة آية الله العاملي :

المركز :

بحوث فقهيّة وعقائديّة/ اردو :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مجلّة لسان الصدق الباكستانيّة (3)
  • بحث فقهي عن الشهادة الثالثة (1)

محاضرات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرة الإمام الحجّة (عليه السلام) (121)
  • مظلوميّة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) (20)
  • شبهات وردود حول فقه السيرة الحسينية (11)
  • من هم أهل الثغور؟ (1)
  • محاضرات متفرقة (14)
  • شبهات وردود حول ظلامات سيّدتنا فاطمة عليها السلام (2)
  • الشعائر الحسينية - شبهات وردود (محرم1435هـ/2014م) (9)
  • زيارة أربعين سيّد الشهداء (عليه السلام) (2)
  • البحث القصصي في السيرة المهدوية (22)
  • سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) (6)

أدعية وزيارات ونعي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • أدعية (14)
  • زيارات (9)
  • نعي، لطميّات (4)

العقائد والتاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شبهات وردود (457)
  • عقائدنا في الزيارات (2)

الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • إستفتاءات وأجوبة (1172)
  • أرسل سؤالك

علم الرجال :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مواضيع رجاليّة (102)

مواضيع مشتركة ومتفرقة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مراسلات زوّار الموقع للمركز (4)
  • كلمة - رأي - منفعة (20)
  • نصائح (5)
  • فلسفة ومنطق (4)
  • رسائل تحقيقيّة (3)
  • مواضيع أخلاقيّة (3)
  • فقهي عقائدي (35)
  • فقهي أصولي (11)
  • فقهي تاريخي (6)
  • شعائري / فقهي شعائري (26)
  • مواضيع متفرقة (22)
  • تفسيري (15)

مؤلفات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مؤلفات عقائديّة (15)
  • مؤلفات فقهيّة (13)

بيانات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • بيانات وإعلانات (35)

المؤلفات والكتب :

 
 
 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

 
 • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك أعداءهم • 
  • القسم الرئيسي : العقائد والتاريخ .

        • القسم الفرعي : شبهات وردود .

              • الموضوع : الحكمة في بغض أولاد الزنا لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام بالمنظار الكلامي الفلسفي .

الحكمة في بغض أولاد الزنا لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام بالمنظار الكلامي الفلسفي

الإسم:  *****
النص: باسمه تعالى، السلام عليكم شيخنا الوقور الغيور ورحمة الله وبركاته
نقل الشيخ الاقدم ابن بابويه القمي اثني عشر رواية في كتابه المستطاب علل الشرائع ج2 باب 120 مؤداها عدم حلول حب اهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام في وجود ابن الزنا والسفاح ، فهل هذا من قبيل العلة التامة حيث يستحيل في بقعة الامكان اجتماع حب المولى امير المؤمنين صلى الله عليه واله والنطفة النجسة ؟ والا فكيف يمكن توجيه هذه الروايات المتكاثرة والمتضافرة ؟ نرجو منكم كما اعتدناكم منهلاً مطعّما بالتحقيق والتدقيق باسلوب سلس رشيق والسلام عليكم

 

الموضوع: الحكمة في بغض أولاد الزنا لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام بالمنظار الكلامي الفلسفي.

بسمه تبارك شأنه
 

السلام على الفاضل النبيل السيد ***** ورحمة الله وبركاته
 

     ما أشرتم إليه من وجود أخبار بشأن إبن الزنا وأنه غير مستطاب الذات والعمل وأنه لا يدخل حب أهل البيت عليهم السلام في قلبه...هي في الواقع أخبار كثيرة لا يمكن بل لا يجوز إنكارها أو تجاهلها،ولا يجوز حملها على الجبر كأن يكون الله تعالى ذكره أجبرهم على بغضه آله الطاهرين المطهرين صلوات الله عليهم أجمعين، لأن ذلك خلاف العدل حيث يجبرهم على البغض ثم يعاقبهم على ذلك في حين أنه تعالى أمر بحبهم ومعاداة أعدائهم، فكيف يجتمع الجبر بالبغض مع الأمر بالحب؟! فهما نقيضان لا يجتمعان، والله تعالى لا يأمر بالنقيضين باعتباره مستحيلاً إيجاده في ذات المكلَّف بل هو تكليفٌ بغير المقدور الذي دلت الأدلة القطعية على إستحالة صدوره من الله تعالى وإيجابه على المكلفين ، كما لا يمكن حمل الزنا على العلَّة التامة على بغضهم من دون أن يكون لإختيارهم دخل في عملية البغض، لدخول ذلك في الجبر أيضاً، والإشكال العظيم المترتب على هذه الأخبار الشريفة هو أنه كيف يعاقب الله تعالى أولاد الزنا أو كيف يشبون على بغض أهل البيت عليهم السلام وقد خلقوا هكذا وما صدر عنهم لازم بسبب طينتهم الخبيثة وهي الزنا فيكون تعذيبهم وعقابهم خلاف العدل الإلهي..؟! .
   وتوجيهنا لها بحملها على محامل عقلية تتناسب مع دلالاتها المطابقية، لذا نحملها على وجهين:
(الوجه الأول): أن الله تعالى لمَّا علم بعلمه الأزلي بأنهم سيكونون أشراراً بإختيارهم، خلقهم من نسل دنس وهو الزنا أو من آباء نواصب وكفار على نحو الغالب من غير أن يكون لتلك الأحوال مدخل في أعمالهم، أي إن كونهم أولاد زنا ليس سبباً لإرتكاب الفواحش بل سوء أعمالهم وخبث سرائرهم أدَّى إلى إرتكاب الفواحش على نحو العلَّة الناقصة أو جزء العلَّة...ويشهد لهذا ما فعله العبد الصالح الخضر عليه السلام لمَّا قتل الغلام فاعترض عليه نبيُّ الله موسى عليه السلام بقوله تعالى﴿ فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكيّةً بغير حقٍ لقد جئت شيئاً نكراً﴾ فأجابه الخضر عليه السلام﴿ وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً﴾ فقتل الغلام قبل بلوغه سنَّ التكليف وتلبسه بالفساد والخطايا بحسب الظاهر يعتبر أمراً نكراً ولكنّه بالمنظور الواقعي يعتبر أمراً موافقاً للعلم الإلهي بمصائر العباد وخواتيم أعمالها، فلم يكن قتل الخضر عليه السلام للغلام على نحو الجبر بل كان بأمرٍ من الله تعالى الكاشف عن حقيقة الغلام، ففساد الغلام لو كُتِبَت له الحياة سيؤدي إلى هلاك أبويه المؤمنين، ففساده جزء علّة أو علّة تامة لقتله،ولولا جريرته المستقبلية لما كان لقتله مسوِّغاً شرعيّاً أو عقليّاً، بل لكان قتله ظلماً وجوراً حاشا لله تعالى منه، كما أن مباشرة الخضر عليه السلام لقتله كان بأمر من الله تعالى العالم بمصائر العباد، من هنا قال لنبيّ الله موسى عليه السلام﴿وما فعلته عن أمري ذلك ما لم تسطع عليه صبراً﴾.
(الوجه الثاني): أنهم على درجة ناقصة من الكمال غير قابلين لمعالي الفضائل والكمالات النفسية والروحية من غير أن يكونوا مجبورين على القبائح والسيئات .
  ولعلَّ البعض يسأل: ولماذا كانت قابلياتهم مختلفة ومتفاوتة أليس زنا الوالدين سبباً لضعف القابليات أم أن ثمة سبباً آخر له دخل في إنحرافهم كتدخل الإرادة الإلهية في ضعف قابلياتهم أو يكون الضعف بسبب سوء إختيارهم؟.
 والجواب على هذا الإشكال بأن ضعف القابلية لا علاقة له بتدخل الإرادة الإلهية بمقدار ما له دخل بإختيار المكلّف نفسه،لأن تدخل الإرادة في ضعف أو قوة القابلية يؤدي إلى الجبر المنهي عنه عقلاً وشرعاً ولا يعني بعدم تدخل الإرادة الإلهية أننا نعزلها عن الحوادث التكوينية والأفعال الإختيارية بل إن اختيار العبد للطاعة أو المعصية في طول إرادة الله تعالى لا في عرضها حتى يترتب محذور الشرك أو العزل المذكور، فعندما يطيع المكلّف فإنما يطيع بإختياره المقارن للقدرة الإلهية التي أعطته القدرة على الإطاعة أو المعصية من دون أن تكون القدرة علَّةً تامة في صدور المعصية أو الطاعة.
وبعبارةٍ أُخرى: إن الله تعالى لا يتدخل في الأفعال الإختيارية للمكلَّف ﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾ ﴿قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ وإن كان يتدخل في تكوينه المادي الحدوثي والبقائي الإستمراري آناً فآناً ولحظةً فلحظة، فإرادته التكوينية يستحيل إنفكاكها عن الحوادث التكوينية، وأما إرادته التشريعية فيمكن إنفكاكها عن مراده بسبب عصيان المكلَّف...وإبن الزنا المبغض لأمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام لم يكن بغضه على نحو الإرادة التكوينية لله تعالى ولا على نحو الإرادة التشريعية والعياذ بالله بل كان أمراً إختيارياً صدر منه بسوء إختياره بسبب مقدمات لعبت دوراً في صدور المعصية أو البغض لا على نحو العلّة التامة كما أشرنا آنفاً بل على نحو جزء العلَّة أو العلَّة الناقصة، فجزء من العلَّة سببها الوالدان، وجزء آخر من العلَّة سببه فعله الإختياري النابع من ذاته الخبيثة التي لم يزكيها بالعلم والعمل الصالح، فمثله كمثل المتولد من الحلال ولكنه مبغض لأهل البيت عليهم السلام ويشهد على ما قلنا جعفر الكذاب إبن الإمام الهادي عليه السلام فقد كان معروفاً بنصبه وعداوته لأخيه الإمام الحسن العسكري وابنه مولانا المعظم القائم عليهما السلام، مع أن جعفراً الكذاب متولد من صلبٍ طاهر ولكن سوء إختيار جعفر جعله مبغضاً وليس متولداً من الحرام من طرف الأم والعياذ بالله تعالى، ولا يمنع العقل أن يحب إبن الزنا أهلَ البيت عليهم السلام وإن كان المحبون من أولاد الزنا نادرين جداً، والحالة النادرة لا تُقاس على الحكم العام، فالنادر بحكم المعدوم، وقد يخرج عن الحكم العام تخصصاً وتخصيصاً، وما ذلك إلا لأن للعلم والعمل أثرٌ بالغ في تكوين البنية الروحية لدى صاحبها، ولا ننسى ما للمقدمات الخارجية التي لها تأثير مباشر على كيان الفرد المعنوي كالنطفة السليمة التي خلق منها والحليب الذي يشربه والأم التي حملته والمأكولات والمشروبات التي تلعب دوراً مهماً في سوء التكوين النفسي وظلام القلب وعدم تقبل الهداية المعنوية، ومن هذا القبيل ما ورد من كون الفرد شرك شيطان كما في بعض الأخبار تأكيداً لقوله تعالى ﴿ وشاركهم في الأموال والأولاد﴾ فقد جاء في تفسيرها أن الرجل يجامع زوجته ولا يبدأ بالتسمية والتوذ بالله من الشيطان الرجيم فيأتي إبليس ويضاجع زوجته معه فيتولد منهما شرك إبليس مع كون الزوجين ملتزمين بالأحكام الشرعية ولكن الزوج لم يتعوذ ولم يسمِّ.... وها نحن ننقل لكم صحيحة أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يا أبا محمد: أيّ شيء يقول الرجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟ قلت: جعلت فداك أيستطيع الرجل أن يقول شيئاً؟ قال: ألا أعلّمك ما تقول؟ قلت: بلى، قال: تقول: بكلمات الله استحللت فرجها وفي أمانة الله أخذتها، اللهم إن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله بارّاً تقيّاً واجعله مسلماً سوياً ولا تجعل فيه شركاً للشيطان، قلت: وبأيّ شيء يعرف ذلك؟ قال: أما تقرأ كتاب الله ثم ابتدأ هو﴿وشاركهم في الأموال والأولاد﴾ وإن الشيطان يجيء فيقعد كما يقعد الرجل منها وينزل كما ينزل ويدث كما يحدث وينكح كما ينكح، قلت: بأيّ شيءٍ يعرف ذلك ؟ قال: بحبنا وبغضنا، فمن أحبنا كان نطفة العبد ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان". الوسائل ج14ص96باب 68أبواب مقدمات النكاح.
 نلاحظ في هذه الرواية الشريفة أمراً مهماً هو: أن عدم التسمية والتعوذ بالله من الشيطان يكون سبباً في هيمنة إبليس الملعون على عملية الجماع ما يعني بالضرورة تأثيره في التكوين النفسي بالجنين ـــ وتأثيره بإذن من الله تعالى وليس إستقلالاً لأن ذلك مستحيلاً بإستحالة تعدد الشركاء لله تعالى ذكره ــ فعدم التعوذ والتسمية يكونان سبباً لتدخل إبليس في عملية الجماع فيؤدي إلى تلوث النطفة الإنسية بالرجس الإبليسي فيستلزم ذلك إلى الدنس المعنوي وهو البغض لأهل البيت عليهم السلام، وفي المقابل فإن التعوذ والتسمية يكونان سبباً إلى إبعاد الشيطان عن ساحة الجماع والتلوث الإبليسي ما يعني الطهارة الروحية والنقاوة النفسية.
  وبالجملة: إن الشيطان أكبر داعية إلى بغض أهل البيت عليهم السلام فهو الملهم لأتباعه لإرتكاب الحرام المؤدي إلى الإنفلات من الدين ومعالمه.
  إن قيل: إننا نرى أُناساً من المبغضين لأهل البيت "صلوات الله عليهم ولعن الله أعداءهم" يتعوذون من الشيطان حال الجماع ويسمون، ومع هذا فإنهم مبغضون لأهل البيت عليهم السلام، فكيف قلتم أن التعوذ والتسمية يدفعان نفثات الشيطان، أليس هذا تقويضاً لما قلتم؟.
 قلنا:
تسمية بعض المبغضين لا تدفع شرَّ النصب والعداوة ولا تدفع تدنيس الشيطان لنطفة المتجامعين لأن كليهما ــ أي الزوجين المبغضين لأهل البيت حال الجماع ـــ شيطانان إنسيان مع وجود شيطانيهما الجنيين، فالشياطين أربعة: إنسيان وجنيان، وهذا ما عبَّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى﴿ شياطين الإنس والجن﴾ فقد نصت الآية الشريفة على أن البشر منهم الشياطين، فالزاني مهما كان في حقيقته فهو حال الزنا لا يعدو أن يكون شيطاناً من شياطين البشر وهو تارك لذكر الله تعالى، وسواء شاركه الشيطان الآخر في زناه أو لم يشاركه فإن ولده سيكون إبن شيطان، وكما قلنا الشيطان هنا شيطانان : الزاني وشيطانه أو المجامع وشيطانه، فكلاهما ــ أي المجامع المبغض الذي يتعوذ ويسمي والآخر الزاني حتى ولو تعوذ وسمَّى ـــ  شيطانان يتشاركان في عملية الجماع ويؤثران في تكوين النفسية الجنينية للطفل، فلئن كان إبن الحلال أحياناً يكون شركاً للشيطان باعتبار إنتسابه إلى أبيه وإلى الشيطان معاً، فإبن الزنا يكون خالصاً للشيطان وليس شركاً فحسب باعتبار قباحة الزنا وخباثته، وبالتالي فإن التأثير المعنوي سيؤثر تأثيراً عظيماً في إبن الزنا من حيث النجاسة الذاتية تبعاً لنجاسة نطفته مذ بدء دخوله في رحم أمه الزانية،الأمر الذي يترتب عليه من النتائج والآثار من حيث عدم موفقيته إلى الصلاح والهداية، فيصبح ميالاً إلى الحرام الذي خلق منه كما سمعنا من الرواية وميالاً أيضاً إلى أشباهه من أولاد الحرام ومبغضاً للحق وأهله، وعليه فمن النادر بل والصعب جداً أن نتصور أن ثمة ولد زنا مؤمن صالح لأن الإيمان والصلاح مختص بالنفوس الطاهرة والقلوب الطيبة وهذا مما لا يمكن أن يتصف به ولد الزنا، ولا يعني هذا أيضاً أن ولد الزنا يعاقب على جريرة والديه كما أنه لا يعاقب على ظلمة قلبه الناتجة عن مقدمات سببها أبواه ولكنه سيكون مسؤولاً عن سلوكه كأي فرد آخر ويحاسب عليها بسبب اختياره للمعصية والكفر ولوازمه من البغض والكره لأولياء الله تعالى، فهو كغيره من المكلَّفين الذين لا يسلبهم تولدُهم من الزنا إختيارهم للكفر أو الإيمان، لأن التكليف فرع الإختيار، فالقول بالجبر ينافي الإختيار وبالتالي ينافي التكليف، وإبن الزنا لا يخرج عن بقيه المكلّفين في إمتثاله وعدم إمتثاله للتكاليف الشرعية والعقائد الحقة والتي منها البغض والحب والكفر والإيمان، وما أشرنا إليه هو تصورنا الفلسفي حول تفسير الخسة والضعف في إبن الزنا، ولنا أن نعطي تصوراً فلسفياً كلامياً آخر حول تفسير الخسة والضعف في إبن الزنا فنقول:
 ثمة مسلكان في الفلسفة الكلامية حول تفسير  الروح الإنسانية هل هي نازلة على الجنين من الأعلى أو هي نابعة فيه من داخله بسبب مادي؟ ذهب إلى الأول حكماء الشيعة وفقهاؤها ووافقهم على ذلك أبو على سينا، وذهب إلى الرأي الآخر ملا صدرا وعامة الفلاسفة المسلمين الذين اغتروا بنظرية ملا صدرا، والأقوى بنظرنا هو الرأي الأول لموافقته للأخبار الشريفة التي بلغت من الكثرة ما يفوق التواتر بمرات، بالإضافة إلى موافقتها لبعض ظواهر الآيات القرآنية، ولن نخوص كثيراً في التعمق بالإستدلال والنقض والإبرام حتى لا يطول بنا المقام، ولكن ما نبتغي الوصول إليه هو ما أشرنا من فلسفة الخسة والضعف في إبن الزنا من وجهة نظر عقلية أو فلسفية محضة، فعلى مسلكنا وهو الرأي الأول لا بد من تحليل المطلب بما يلي:
 إن الله تعالى عندما يرى بعلمه الأزلي أن المورد أكثر صلاحاً وورعاً ــ كما لو كان الزوجان صالحين وذاكرين لله تعالى في المواقعة أو كانا على وضوء ونحو ذلك ــ أرسل بقدرته تعالى على ذلك المورد روحاً صالحة لها من الأعلى كما هو على مسلكنا الذي هو مسلك المشهور عند المتكلمين المحققين، فيرسل من الأعلى تلك الروح الصالحة، وكلما رأى سبحانه أن المورد أكثر رداءة وعصياناً أرسل فيه أو عليه روحاً رديئة، وهذا مخصوص بالوطء الحرام كالزنا والحيض والمساحقة فقط كما لو انتقلت النطفة بواسطة المساحقة من المرأة الأولى التي حملت نطفة من رجل أجنبي أو زوجها إلى إمرأة أخرى بالمساحقة أو انتقلت النطفة بواسطة زرع المني من رجل أجنبي في رحم الأجنبية ولا يشمل الوطء الحلال،فإنه بعد أن دلت الأدلة على سوء الناتج دل ذلك بناءً على مسلكنا الحق أن الله تعالى اختار للمولود روحاً فاسدة ورديئة لأن المورد الرديء لا يتحمل روحاً صالحاً...
  وبعبارةٍ أخرى: إن الأرواح الصالحة يصونها باريها تعالى ـــ حباً وإكراماً لها ـــ عن الموارد الرديئة، كما أن الأرواح الفاسدة يرسل لها باريها ـــ بغضاً لها وإنتقاماً لها ــ روحاً شريرة ورديئة...من هنا نجد أن إبن الزنا يكون شخصاً رديئاً من الناحية النفسية والسلوكية لأن حقيقته الروحية هي كذلك ولكن على نحو جزء العلة بضميمة الأدلة الأخيرة التي قلنا سابقاً بأن المكلّف مختار للطاعة والعصيان أو الكفر والإيمان،وهذا الكلام مبني على أن الأرواح مسبوقة بالخلق قبل الولادة أي يوم كانت في الميثاق وأخذ الله تعالى عليها الميثاق بالإيمان فمنهم من بادر إلى الجواب ومنهم من أبطأ ومنهم من تأخر جداً ومنهم من تردد وغير ذلك ومنهم من لم يجب أصلاً تبعاً لمستوياتهم النفسية والعقلية، من هنا تراوحت الأرواح في الإجابة وعدمها تبعاً لمستوياتها النفسية التي ستكون عليها في الدنيا...فعلى هذا المسلك يتم ما قلنا ، وأما بناءً على المسلك الآخر من أن الروح مادية الحدوث مع حدوث البدن كما عليه ملا صدرا الذي نفى  سبق الأرواح على الأجساد، فيمكن تحليل الخسة والضعف في نفسية إبن الزنا بالبيان التالي: أن ثمة قاعدة فلسفية عامة تقول بضرورة التناسب بين العلَّة والمعلول من حيث العدد من ناحية، ومن حيث النوعية والصفة من ناحيةٍ أُخرى، ومن أمثلة هذه القاعدة قانون" الواحد لا يصدر منه إلا الواحد" ومعناها أنه إذا كانت العلّة واحدة كان المعلول واحداً ولا يمكن أن يكون متعدداً وكذلك العكس فإنه إذا كان المعلول واحداً عرفنا صدوره من علة واحدة لا من علل متعددة،فالعلة الحلوة المذاق تنتج معلولاً حلو المذاق ولا يمكن أن تنتج معلولاً حامضاً، وكالعلة النيرة تنتج معلولاً نيراً لا مظلماً، والعلة الخسيسة تنتج معلولاً خسيساً كما أن العلة الشريفة تنتج معلولاً شريفاً...وهكذا إذا عرفنا هذه القاعدة وضممناها إلى المفهوم القائل بأن الزنا عملية رديئة وخسيسة فبالتالي ستنتج معلولاً خسيساً وهو إبن الزنا بما فيه من صفات رديئة وخسيسة فلا نتوقع منه ــ بحسب هذه القاعدة وما سبقها ـــ أن يكون محباً لأمير المؤمنين عليّ صلى الله عليه وآله لأن الحنظل لا ينبت ورداً، كما أن الشيطان لا يلتقي مع الملاك، وكون إبن الزنا معلولاً متولداً من العلة الخسيسة وهي الزانيان لا يستلزم بالضرورة أن تكون العلة تامة وإلا لوقعنا في محذور الجبر الباطل بحكم الأدلة، بل إن عملية الزنا وتولد المعلول الشقي منها لا تسلب منه الإختيار بتبديل شقائه إلى سعادة نفسية وروحية عن طريق التلقين الصحيح وسلوك طريق الحق والإستقامة وإلا فإننا إذا أخذنا ظواهر بعض الأخبار من دون أن نقوم بتفسيرها وضمها إلى الأخبار والآيات الأخرى الدالة على أن الإنسان مخيّر وليس مسيّراً وأنه يختار طريق الولاء لأهل البيت عليهم السلام أو طريق العداوة ــ والعياذ بالله تعالى ـــ وليس ثمة شيء يضغط عليه أو يسلبه إختياره لأن سلب الإختيار دلالة الظلم والعدوان ﴿ ولا يظلم ربك أحداً﴾ ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ ولا ريب في أن معاقبة شخصٍ بجرم آخر ظلم وحيف، فإذا عاقب الله تعالى إبن الزنا بجرم والديه التكوينيين كان على خلاف ما كتبه الله تعالى على نفسه من العدل والرحمة....
   وبالرغم من كلّ ما ذكرناه: فإننا لو فرضنا جدلاً بأن عدم حبِّ إبن الزنا لأهل البيت عليهم السلام هو على نحو العلَّة التامة فلا بدَّ من حمله على العلم الأزلي لله تعالى المتعلق بمن علم منه أنه سيكون مبغضاً لأهل البيت عليهم السلام، فكل من علم اللهُ تعالى منه بأنه سيكون كارهاً لأهل البيت عليهم السلام خلقه من الزنا أو الحيض، فيكون الزنا والحيض طريقين لمعرفة المبغض لهم عليهم السلام وهو الظاهر من الأخبار الشريفة في العلل والبحار... ونحن بعد كتابتنا جواباً على سؤالكم الكريم وجدنا ــ ولله تعالى الفضل والشكر ـــ خلال تدبرنا في أخبار علل الشرائع في الخبر السابع  من الباب المئة والعشرين في علَّة محبة أهل البيت عليهم السلام ما يشير إلى ما ذكرنا آنفاً من أن إبليس اللعين قال لرسول الله لما أراد النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله قتله: لن تقدر على ذلك إلى أجل معلوم عند ربي، ما لك تريد قتلي فواللهِ ما أبغضك أحد إلا سبقت نطفتي إلى رحم أُمّه قبل نطفة أبيه، ولقد شاركت مبغضيك في الأموال والأولاد.." فالتدبر بما قاله إبليس عليه اللعنة بالعبارة المتقدمة إشارة واضحة إلى أن إبليس الملعون لا يسلطه الله تعالى إلا على من علم منه أنه سيكون مبغضاً لأهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله عليهم أجمعين، وبهذا نكون قد حلينا اللغز المحيِّر الذي شتت أفكار الكثير من العلماء بسبب تشابه أخبار الباب المذكور، والفضل لله تعالى والمنه لآله الطاهرين الذين أسبغوا علينا الفهم لأخبارهم المطهرة والحمد لله ربّ العالمين .
  إن قيل لنا: إن ثمة أفراداً تولدوا من الحلال وهم معروفون ببغضهم لأهل البيت عليهم السلام فلا تكون الأخبار التي اعتمدتموها حجّة شرعية فماذا أنتم قائلون؟.
  قلنا: إنَّ حصر البغض لأهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) بالزنا والحيض ليس جامعاً مانعاً وإنَّما هو بيان تمثيلي بإظهار أبرز مصاديق البغض وليس محصوراً بالإثنين بل ثمة طرق أخرى لمعرفة النصب والعداوة منها النفاق والإسترسال بإنتهاك المحرمات فيؤدي إلى التكذيب بآيات الله تعالى بمقتضى قوله تعالى﴿ ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء أن كذّبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون﴾ و بغض أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام من أعظم مصاديق التكذيب بآيات الله تعالى، وقد أكدت أخبارنا على بعض الأسباب الموجبة للبغض منها ما أشرنا إليه ومنها لم نشر إليه كالكفر والشقاوة والتهود والسلقلقية وهي التي تحيض من دبرها..فللبغض أسباب وطرق كما أن للهداية والإيمان طرقاً وأسباباً أيضاً بعدد أنفاس الخلائق فاعتبروا يا أولي الأبصار﴿ وما يتذكر إلا من ينيب﴾.
 

     هذا ما وسعنا تقريره بالرغم من كثرة الأشغال وتراكم الأحوال وغلبة النواصب على البلاد والعباد، نصرنا الله تعالى عليهم بقدرته المطلقة وإعانة وليِّه الأعظم القائم من آل الله تعالى عجّل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا من أعوانه ومقوية سلطانه، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والله من وراء القصد، ولا تنسونا من دعواتكم الطيبات.. والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
 

الفقير إلى الله تعالى والحجة القائم صلوات الله عليه وعلى آبائه المطهرين/ العبد محمد جميل حمُّود العاملي ــ بيروت بتاريخ 11 ربيع الثاني 1433هــ.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/10   ||   القرّاء : 17100



أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : العبد احمد الموسوي من : قم المقدسة ، بعنوان : اشراق كشف لنا الظلمة في 2012/03/10 .

لله درّك شيخنا الكبير !!
فلطالما تتبعت كلمات أساطين الإمامية من هنا وهناك فسألت هذا العالم الحي ، وتقفيت آثار ذاك الراحل ، وتتبعت ما سطره ابناء الأخباريين وأحفاد الأصوليين ، ولكن بين منكر للروايات ونابذ للاخبار ختم الله على قلبه فكذّب وتولى وبين أعوج الفهم سقيمه لا يدري ما يقول، وآخر يعجز عن معرفة لحن كلام معدن الحكمة صلوات الله عليهم فيشرد بحجة انه بحث ليس له أي ثمرة علمية !!
وها انا قد وقعت على كنز عظيم وجوهر فخيم !! فارتوى ما كان صاديا وقرُب ما كان نائيا ، وكما ورد عن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله ما معناه اتبع العالم الذي يخرجك من الشك الى اليقين وانتم شيخنا المصداق الأجلى فحشركم الله مع مخدومكم امام الزمان وقطب دائرة الامكان والاكوان صلى الله عليه وآله ..
والسلام ختام
 



أحدث البيانات والإعلانات :



 لقد ألغى سماحة لمرجع الديني الكبير فقيه عصره آية الله الحجّة الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي ( دام ظلّه الوارف ) كلّ الإجازات التي منحها للعلماء..

 الرد الإجمالي على الشيخ حسن المصري..

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1443 هجري / 2022 ميلادي

 الرد الفوري على الشيخ البصري

 إحتفال الشيعة في رأس السنة الميلاديّة حرام شرعاً

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1441 هجري / 2020 ميلادي

 بيان هام صادر عن المرجع الديني آية الله الشيخ محمّد جميل حمُّود العاملي

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 حكم الرعاف في شهر رمضان...

 البتريون كالنواصب نجسون دنسون..

 هل الملعون نجس؟

 تحية السلام على المصلي...

 حكم العدول من سورة الى سورة في الصلاة الواجبة..

 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 ما مدى صحة الفقرة الواردة في زيارة مولاتنا الصدّيقة المطهرة زينب الكبرى صلوات الله وتسليماته عليها: (السَّلام عليك أيتها المتحيّرة في وقوفك في القتلى..) ؟.

ملفات عشوائية :



 لماذا لم تعتنق قريش اليهودية أو النصرانية بدلاً من عبادة الأصنام؟

 ــ(5)ــ معنى التعصّب والحميّة للنبيّ وآله الطاهرين عليهم السلام ــ(القسم الثالث)ــ

 هل يؤثر السحر في أهل التقوى؟

 يجوز الجماع في الفرج من الخلف / الأدلة دلت على جواز الجماع في الفرج بأيَّة طريقة كانت يختارها الزوجان إلا ما أخرجه الدليل / الظاهر عندنا حرمة الجماع في الدبر

 عرق الساحل على أصناف

 كمال الحيدري ليس مجتهداً ولا يجوز شرعاً الرجوع إليه في الفتاوى الشرعية وبيان العقيدة

 عدد أنصار الإمام الحسين لمّا خرج من مكة

جديد الصوتيات :



 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 محطات في سيرة الإمام محمّد الجواد عليه السلام - 26تموز2007

 محاضرة حول الصدقة (حديث المنزلة..وكل الانبياء أوصوا الى من يخلفهم..)

 السيرة التحليليّة للإمام علي الهادي عليه السلام وبعض معاجزه

 لماذا لم يعاجل الإمام المهدي (عليه السلام) بعقاب الظالمين

 المحاضرة رقم ٢:( الرد على من شكك بقضية إقتحام عمر بن الخطاب لدار سيّدة الطهر والقداسة الصديقة الكبرى فاطمة صلى الله عليها)

 المحاضرة رقم 1:(حول ظلامات الصدّيقة الكبرى..التي منها إقتحام دارها..والإعتداء عليها ارواحنا لشسع نعليها الفداء والإيراد على محمد حسين..الذي شكك في ظلم أبي بكر وعمر لها...)

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 11

  • الأقسام الفرعية : 36

  • عدد المواضيع : 2193

  • التصفحات : 19167746

  • المتواجدون الآن : 1

  • التاريخ : 19/03/2024 - 11:10

||   Web Site : www.aletra.org   ||   
 

 Designed, Programmed & Hosted by : King 4 Host . Net