تقليدي مبرىء للذمة
الموضوع: تقليدنا مبرىء للذمة إن شاء الله تعالى
بسمه تعالى
مسألة لأحد المؤمنين: إذا كنت أقلد مرجعاً أخر ثم عدلت إلى تقليدكم:
أ- هل يجوز لنا ذلك ؟ وهل تجيزون لنا ذلك؟
والجواب
بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمته وبركاته..وبعد.
تقليدنا مبرىء للذمة إن شاء الله تعالى.
ب- احراز الأعلمية كيف تكون؟
والجواب:
الأعلم هو الأقدر على رد الفروع إلى الأصول بشرط كونه الأكثر إطلاعاً على الأخبار وأجود فهماً لها،وأما الطرق لإحراز وتشخيص الأعلم فبما ذكره بعض الأعلام المعاصرين وهو الأقوى عندنا "بأن تشخيص الأعلمية حكمه حكم سائر الموضوعات التي لا ينحصر ظهورها شرعاً في أهل الخبرة ،وإن كان أهل الخبرة المنصفين من طرق ظهورهابل يصح الإعتماد على إختبار الشخص نفسه لكونه محققاً للموضوع،وكذلك يصح الإعتماد في كشف الأعلمية على قول جماعة من أهل العلم بحيث يوجب قولهم العلم العادي المعبر عنه بالإطمئنان وإن لم تكن تلك الجماعة من أهل الخبرة لصدق الموضوع معه...فلا إختصاص لتعيين الأعلم بأهل الخبرة والإستنباط بل هو كسائر الموضوعات وحكمه حكمها بلا خصوصية،وكلما قيل في تعيين وتشخيص سائر الموضوعات يقال به في تعيين الأعلم..".
وقال بعض الأعلام أيضاً مؤيداً أُستاذه فيما قاله بشأن تشخيص الأعلم الذي يُعْرَف بكثرة المصنفات النافعة ومقدار إنتاجه وليس بالسياسة وبذل المال وكثرة الدعايات:"أن أحسن معيار للكشف عن صدق هذه الدعوى وكذبها هو الإنتاج العلمي الإستدلالي....وأما الرسالة العملية وإن تعددت فلا تدل على شيء وما أكثر ما يأخذها اللاحق من السابق وليس فيها سوى تبديل الإسم أو تغيير بعض الكلمات..."
أقول:ليس المهم كثرة المصنفات من دون أن تكون ذا ثمرة تحقيقية،فالعبرة بالتحقيقات التي تدل على العمق الفقهي والعقدي والإستيعاب للمطالب العلمية نتيجة نظرته الشمولية للآيات والأخبار،والدقة في الإستدلال على المطالب.
ج- ما حكم الأعمال التي كنت أعملها حسب فتوى ذلك المرجع علما أنني قلدته وفق الطريقة المذكورة في الرسائل العلمية؟
والجواب:
عفا الله تعالى عما سلف لعدم إطلاعك على الحقيقة.
د- ما حكم الأعمال التي كنت أعملها حسب فتوى ذلك المرجع علما أنني قلدته وفق الطريقة المذكورة في الرسائل العلمية تقريبا؟
هـ- ما حكم الأعمال التي كنت أعملها حسب فتوى ذلك المرجع بغض النظر عن الكيفية؟
والجواب:
لا شيء عليك.
و- مع ملاحظة الأسئلة الثلاثة السابقة، ماحكم الأعمال التي كنت أعملها حسب فتوى ذلك المرجع قبل العدول وفي نفس الوقت كنت أعلم بآرائكم في عدد من القضايا وهي تختلف مع فتاوي المرجع الأول، لكن لم أكن أعمل بها ولم أحتط –لأسباب مختلفة-؟
والجواب:
إذا كنت معتقداً وثاقته وعدالته وكونه أهلاً للتقليد فلا شيء عليك.
ز- إذا كنت أقلّد السيد صادق الشيرازي دام ظله أو السيد السيستاني دام ظله مثلا ثم أردت العدول إلى تقليدكم، فهل الأعمال التي كنت أعملها حسب فتاواهما صحيحة؟ أم لا؟ مع ملاحظة الأسئلة السابقة وملاحظة طبيعة فتاواكم التي تختلفون فيها معهم؟
والجواب:
كالسابق فلا يعيد إلاَّ إذا أخل ببعض الأركان في العبادات فيجب عليه الإعادة حينئذٍ.
ح- هل يجوز العدول من تقليد مرجع إلى آخر مع عدم احتراز أعلمية الآخر ولكن لوجود الثقة به والعدالة والاجتهاد وأنه جامع للشرائط ... لكن أيّهما الأعلم لم يتمكن من التحديد خصوصا لعدم وجود رجال الخبرة الذين لديهم الاحاطه بكلا العالمين والخاليين من الانتماء لأي منهما؟
والجواب:
كلُّ فقيه يرى من نفسه أنّه الأعلم،لذا ترون من لديه خبرة في التمييز من أتباع كلّ فقيه يعين الأعلمية بمن يعتقد به،وعلى فرض كان مستقلاً عن الآخرين فلا يمكن الإعتماد على تشخيصه لكونه ناقصاً لعدم إطلاعه على آراء الفقهاء في بلده فضلاً عن البعيدين عنه المبثوثين في أقطار الأرض،لذا خير وسيلة لمعرفة ذلك هي توفر الأبحاث الفقهية والعلمية لدى المجتهدين،مع التأكيد على ما اشرنا إليه آنفاً من عدم إشتراط كون التشخيص محصوراً بأهل الخبرة وفاقاً لبعض الأعلام الذين استشدنا بعباراته لئلا نُنسب إلى أننا نجر العسل إلى قرصنا،فنحن ليست غايتنا أن يقلدنا الناس بمقدار ما هي إلقاء الحجة على عامة الناس سوآء أكانوا فقهاءً أم عواماً،فغايتنا رضا مولانا الإمام بقية الله الحجة المنتظر (روحي فداه) من هنا تصدينا لآراء الفقهاء الشاذة والغريبة حتى لا يكون لهم حجة على مولانا الإمام الحجة المفدّى عليه السلام بل له الحجة المطلقة والدائمة.
وعوداً إلى سؤالك:فإن كان عدولك إلى المجتهد الثاني كإبتدائك بتقليد الأول من دون إحراز الأعلمية بل لمجرد الإطمئنان والثقة،فيصح حينئذٍ العدول إلى الآخر لكونهما متساويين من هذه الناحية وهي الوثاقة والإطمئنان،بل يتعين الإنتقال إلى الثاني فيما إذا كان أوثق وأورع وأحوط بفتاويه،فإذا صح تقليد الأول بسبب الإطمئنان يصح تقليد الثاني الحامل للمواصفات المتقدمة بطريقٍ أولى،والله تعالى العالم.
ط- في حال ثبت لي أعلمية مرجع غير مرجع تقليدي، فهل يجوز لي تأخير العدول إليه –خصوصا إذا كانت لديه فتاوي لا أستطيع في هذا الوقت الالتزام بها علما بأن الآخر ليس كفضل الله وأصحاب الفتاوي الترخيصية فأمهد الطريق لأكون قادرا على الالتزام بها وفي نفس الوقت أكون قد ضمنت صحة أعمالي من خلالي بقائي على تقليد الأول؟ ونفس السؤال لكن ليس تحت عنوان الأعلمية بل عنوان الثقة والاطمئنان وما شابه.
والجواب:
في حال ثبت لكم أعلمية فقيهٍ بالشروط والمواصفات التي قدّمنا شطراً منها بالإضافة إلى وصف كونه عارفاً بأئمة أهل البيت عليهم السلام ومقراً بظلاماتهم ومعاجزهم وكراماتهم وفضائلهم ومجاهداً أعداءهم وذائداً عن حياضهم المقدَّسة وجب العدول إليه من دون إمهالٍ وتأخيرٍ،وعدم قدرتك على الإلتزام ببعض فتاويه لا يكون مبرراً للتأخير، وترك العمل ببعض الأحكام على نحو الإضطرار والإكراه ــ لا على نحو الإستنساب والغرائز ــــ جائز،ومن يتقِ الله يجعل له من أمره فرجاً ومخرجاً،والله تعالى العالم.والسلام عليكم....
9- على ضوء ما سبق ، كلمة أخيرة، ونصيحة.
شكرا جزيلا لكم ونسألكم الدعاء
والجواب:
نصيحتي لكم ولجميع الموالين لأهل البيت عليهم السلام أن تكونوا الغيارى على التشيع والمتعصبين لحقهم (صلوات ربي عليهم) فإنّ كلّ عصبية أو حمية مذمومة إلاَّ التعصب أو الحمية لله تعالى ولحججه المطهرين عليهم السلام، فالعصبية التي مقتها الباري تعالى إنّما هي التعصب للباطل وأن يعين الرجلُ قومَه على الظلم كما جاء في النصوص الشريفة،وقد جاء في بعضها أن الله تعالى يمقت المؤمن الذي لم يتقعر وجهه لله تبارك وتعالى،والتقعر هو الغضب له ولحججه الطاهرين عليهم السلام،وورد عن عن مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام قال:" لم يدخل الجنَّة حميّة غير حميّة حمزة بن عبد المطلب وذلك حين أسلم غضباً للنبيِّ(صلى الله عليه وآله)في حديث السلا الذي أُلقي على النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم.".
فيجب أن يكون المؤمن قوياً في دينه كما أشار إلى ذلك مولانا الإمام الصادق عليه السلام يصف المؤمن بقوله الشريف:" المؤمن له قوة في دين وحزم في لين وإيمان في يقين وحرص في فقه ونشاط في هدى ...في الهزاهز وقور وفي المكاره صبور ..لا يرغب في عزّ الدنيا ولا يجزع من ذلها،للناس همٌّ قد أقبلوا عليه وله همٌّ قد شغله،لا يرى في حكمه نقص ولا في رأيه وهن ولا في دينه ضياعنيرشد من استشاره ويساعد من ساعده ويكيع عن الخنا والجهل..".أصول الكافي /الجزء الثاني/صفات المؤمن.
انظروا إلى المتدينين من المخالفين كم هم متعصبون لباطلهم وفسادهم في حين أن شباب الشيعة اليوم لا سيما بعض المتدينين منهم لا تتحرك فيهم الغيرة على المبادىء والقيم بمقدار ما تثيرهم وتدغدغهم مشاعر هم وعواطفهم لولاءاتهم السياسية والحزبية والمرجعية،فالغيرة والحمية للتشيع داخلةٌ في مفهوم البرائة من أعدائهم عليهم السلام،فيجب أن يتصف بها مؤمنوا زماننا وإلاَّ فلا يمنّي كلّ امرىءٍ نفسه بأن يكون من أنصارهم وأعوانهم وهو لا يزال يحسن الظن بأعدائهم ويستغرب كونهم كفاراً بل أنجس من الكلب والخنزير،فلن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون والعاقبة للمتقين،فعجل اللهم فرج وليك واجعلنا من خدامه والمسلّمين لأوامره وأحكامه برسول الله محمد وإبنته الطاهرة الزكية وابن عمه يعسوب الدين وإمام المتقين وأولاده الغر الميامين صلوات ربي عليهم أجمعين.
والسلام عليكم ورحمته وبركاته.
وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد/العبد محمّد جميل حمُّود العاملي/بيروت/الثالث من جمادى الأولى/1430للهجرة.