• الصفحة الرئيسية

ترجمة آية الله العاملي :

المركز :

بحوث فقهيّة وعقائديّة/ اردو :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مجلّة لسان الصدق الباكستانيّة (3)
  • بحث فقهي عن الشهادة الثالثة (1)

محاضرات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرة الإمام الحجّة (عليه السلام) (121)
  • مظلوميّة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) (20)
  • شبهات وردود حول فقه السيرة الحسينية (11)
  • من هم أهل الثغور؟ (1)
  • محاضرات متفرقة (14)
  • شبهات وردود حول ظلامات سيّدتنا فاطمة عليها السلام (2)
  • الشعائر الحسينية - شبهات وردود (محرم1435هـ/2014م) (9)
  • زيارة أربعين سيّد الشهداء (عليه السلام) (2)
  • البحث القصصي في السيرة المهدوية (22)
  • سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) (6)

أدعية وزيارات ونعي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • أدعية (14)
  • زيارات (9)
  • نعي، لطميّات (4)

العقائد والتاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شبهات وردود (457)
  • عقائدنا في الزيارات (2)

الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • إستفتاءات وأجوبة (1172)
  • أرسل سؤالك

علم الرجال :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مواضيع رجاليّة (102)

مواضيع مشتركة ومتفرقة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مراسلات زوّار الموقع للمركز (4)
  • كلمة - رأي - منفعة (20)
  • نصائح (5)
  • فلسفة ومنطق (4)
  • رسائل تحقيقيّة (3)
  • مواضيع أخلاقيّة (3)
  • فقهي عقائدي (35)
  • فقهي أصولي (11)
  • فقهي تاريخي (6)
  • شعائري / فقهي شعائري (26)
  • مواضيع متفرقة (22)
  • تفسيري (15)

مؤلفات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مؤلفات عقائديّة (15)
  • مؤلفات فقهيّة (13)

بيانات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • بيانات وإعلانات (35)

المؤلفات والكتب :

 
 
 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

 
 • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك أعداءهم • 
  • القسم الرئيسي : مواضيع مشتركة ومتفرقة .

        • القسم الفرعي : فقهي تاريخي .

              • الموضوع : لم يثبت لدينا وجود الإمام الباقر (سلام الله عليه) في حياة الإمام سيِّد الشهداء (سلام الله عليه) .

لم يثبت لدينا وجود الإمام الباقر (سلام الله عليه) في حياة الإمام سيِّد الشهداء (سلام الله عليه)

  الإسم: *****

النص: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما صحه الروايه القائلة بوجود الامام محمد الباقر عليه السلام يوم واقعة الطف أرجو التلطف علينا بالرد

جعلها الله في ميزان حسناتكم

******

الموضوع التاريخي الفقهي: لم يثبت لدينا وجود الإمام الباقر (سلام الله عليه) في حياة الإمام سيِّد الشهداء (سلام الله عليه).

بسم الله الرَّحمان الرَّحيم

  الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وأهل بيته الأطهار سادة خلقه وقادة رسله، سفن النجاة والعروة الوثقى ومصابيح الدجى، وعمد السماوات والأرض، نور الأنوار وهداة الأبرار والنقمة على الفجار، ولعن الله أعداءهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين..وبعد:

  جناب الأخ العزيز محمد ***** حفظه الله تعالى

     السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

   نشكركم على سؤالكم القيِّم حول حقيقة وجود الإمام المعظَّم محمد الباقر (سلام الله عليه) في كربلاء يوم شهادة جدّه الإمام الأعظم والإكسير الأكبر سيّدنا المعظم أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه)، ولم تشغل هذه المسألة حيِّزاً من تحقيق الأعلام المتقدمين والمتأخرين الذين قلّدوا بعضهم بعضاً في تسالمهم على وجود الإمام الباقر عليه السلام في العام ستين أو واحد وستين من الهجرة النبوية المباركة، وهذا إنْ دلَّ على شيء، فإنَّما يدل على ضعف المدارك والآليات العلمية التي ركنوا إليها واعتمدوا عليها، مع التأكيد على عنصر آخر لا يقل أهميةً عما أشرنا إليه وهو أنهم لم يتعبوا أنفسهم بمراجعة ما اعتمدوه من مدارك ضعيفة يضرب ذيلُها صدرَها كما سوف نبيّن لكم ذلك بإذن الله تبارك شأنه.

   ولقد سألنا قبلكم أحدُ المؤمنين عن صحّة ما يُقال عن وجود الإمام الباقر عليه السَّلام في الطف، وهل ثمة ما يؤكِّده من الأخبار الصحيحة؟ فكان جوابنا على سؤاله بتصنيف رسالة تحقيقية حول الموضوع مؤكدين عدم وجود الإمام الباقر (سلام الله عليه) يوم شهادة جدّه سيِّد الشهداء (سلام الله عليه) وهو منشور على موقعنا الإلكتروني المبارك، وقد كان بحثنا مقتضباً حتى ورد إلينا سؤالكم الكريم، فشمرنا عن ساعد الجدّ والبحث، فكانت النتيجة الخروج بنتائج أكثر قيمةً مما أشرنا إليه في السابق، وإليكم التفصيل وبالله تبارك وتعالى نستعين وبآل محمد عليهم السلام نلتجئ إلى كهفهم الحصين، فنقول:

   يصرّ جماعةٌ من المؤرِّخين على أنّ الإمام الباقر عليه السَّلام كان موجوداً يوم شهادة جدّه سيّد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السَّلام، وكان عمره الشريف أربع سنين كما يدَّعون، مستدِلِّين على ذلك بوجهين:

   (الوجه الأوّل): جمودهم على تحديد عام ولادته عليه السَّلام على أقوال متعددة:

      منها: سنة سبع وخمسين؛وهذا القول دل عليه مرسل الفقيه للشيخ الصدوق وصحيحة زرارة.

     ومنها: سنة ثمان وخمسين. وقد دلَّ عليه قول المؤرخ إبن خشاب نقلاً عن محمد بن سنان قال: ولد الإمام محمد الباقر عليه السلام قبل مضي الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام بثلاث سنين..". كشف الغمة ج 2 ص 348، والبحار ج 46 ص 219 .

     ومنها: سنة ست وخمسين. وقد دلت عليه رواية ابن خشاب المتقدمة عن محمد بن سنان.

     ومنها: سنة تسع وخمسين. لم أعثر على مستند له بحسب تتبعي.

    (الوجه الثاني):ما جاء في فروع الكافي للمحدث الكليني وكتاب الفقيه للشيخ الصدوق بسند صحيح عن زرارة عن الإمام الباقر عليه السلام قال: قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَدْ أَدْرَكْتَ الْحُسَيْنَ عليه السلام ؟ قَالَ: نَعَمْ أَذْكُرُ وأَنَا مَعَه فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وقَدْ دَخَلَ فِيه السَّيْلُ والنَّاسُ يَقُومُونَ عَلَى الْمَقَامِ يَخْرُجُ الْخَارِجُ يَقُولُ قَدْ ذَهَبَ بِه السَّيْلُ ويَخْرُجُ مِنْه الْخَارِجُ فَيَقُولُ هُوَ مَكَانَه قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا فُلَانُ مَا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؟ فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّه يَخَافُونَ أَنْ يَكُونَ السَّيْلُ قَدْ ذَهَبَ بِالْمَقَامِ؛ فَقَالَ: نَادِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ جَعَلَه عَلَماً لَمْ يَكُنْ لِيَذْهَبَ بِه فَاسْتَقِرُّوا وكَانَ مَوْضِعُ الْمَقَامِ الَّذِي وَضَعَه إِبْرَاهِيمُ عليه السلام عِنْدَ جِدَارِ الْبَيْتِ فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى حَوَّلَه أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيه الْيَوْمَ فَلَمَّا فَتَحَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وآله مَكَّةَ رَدَّه إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَه إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ إِلَى أَنْ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَسَأَلَ النَّاسَ مَنْ مِنْكُمْ يَعْرِفُ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ فِيه الْمَقَامُ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَدْ كُنْتُ أَخَذْتُ مِقْدَارَه بِنِسْعٍ فَهُوَ عِنْدِي فَقَالَ ائْتِنِي بِه فَأَتَاه بِه فَقَاسَه ثُمَّ رَدَّه إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ (أ).

        ونسخة الفقيه خالية من كلمة "نادِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ جَعَلَه "،بل فيها هكذا:" قال:إن الله عز وجل قد جعله علماً لم يكن ليذهب به فاستقروا..".

     الإيراد على الوجه الأول:

     إن جلَّ تلك الأقوال في الوجه الأوّل لا يصلح أنْ يكون مستَنَداً على المدَّعى، وذلك أنّ جميع هذه الأقوال تبقى مجرد دعاوى ذكرها بعض المؤرخين، وأقوالهم ليست حُجَّةً شرعاً، وذلك لثلاثة أمور هي ما يلي:

 (الأمر الأول): عدم وجود مستند روائي صحيح لها؛ وما لا يكون له مستند صحيح، لا يصح الاعتماد عليه.

 (الأمر الثاني):إنَّ تلك الأقوال هي دعاوى لبعضِ المؤرخين ذَكَرُوها في كُتُبِهِم وأخذوها أَخْذَ المسَلَّمَات؛ وهم أفرادٌ معرَّضون للسهو والنسيان والخطأ،باعتبارهم ليسوا من المعصومين، وبالتالي لا تكون أقوالهم حُجَّةً شرعيَّةً لكي يتعبدنا اللهُ تعالى بها لا سيَّما أنها بلا مستند ودليل، بل هي مجرد دعاوى لا تغني ولا تسمن من جوع.

  (الأمر الثالث):إن هذه الأقوال مضطربة ومتعارضة فيما بينها؛ فلا يمكن ترجيحُ واحدٍ منها على الآخر، ذلك لأن الترجيح لا بدَّ فيه من مرجح روائي صحيح يتوافق مع القرائن القطعية، وهو مفقود في البَين، ورواية زرارة مخالفة للقرائن القطعية النافية لوجود إمامنا الباقر (سلام الله عليه) في عام ستين للهجرة النبوية المباركة.

     نعم يستثنى القول الأول من هاتيك الأقوال المتقدِّمة؛ حيث دل ـــ بالدلالة الإلتزامية ــ على أن ولادة الإمام أبي جعفر الباقر (سلام الله عليه) كانت في عام سبعٍ وخمسين للهجرة النبوية المباركة، وهو قول يتوافق مع رواية زرارة ومرسل الفقيه(ب) الدال على أن الإمام الباقر (سلام الله عليه) كان عمره أربع سنين يوم شهادة جدّه الإمام أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه)، وسوف نشير إلى الإشكال حولهما بالدليل والبرهان في الإيراد على الوجه الثاني بإذن الله تعالى عما قريب.

  الإيراد على الوجه الثاني:

       ليس لدى أصحاب المثبتين لوجود الإمام الباقر عليه السلام في كربلاء سوى روايتين:صحيحة زرارة ومرسلة الفقيه؛ وهنا لا بُدَّ من أن نسجِّل ملاحظاتنا على الوجه الثاني الذي اعتمده المحدِّثون والمؤرخون بالأمور الآتية هي ما يلي:

    (الأمر الأول):إن رواية زرارة بالرغم من كونها صحيحة سنداً، إلا أنها مخالفة للقرائن التي سوف نشير إليها لاحقاً، مع الأخذ بنظر الاعتبار أننا لا نأخذ بأيّ خبرٍ إلا إذا كان موافقاً للقرائن القطعية التي تثبت صحة صدوره من المعصوم عليه السلام، وهو مسلك أصولي مشهور أُطلق عليه مصطلح "الخبر الموثوق الصدور"، في مقابل الخبر الثقة وهو الخبر الصحيح من الناحية السندية إلا أن دلالته قد تكون مخالفة للقرائن القطعية التي تثبت صحته.

     وحيث لم يستلزم خبرُ زرارة اليقينَ بولادة الإمام الباقر (سلام الله عليه) ــ كما سوف ترون ــ بالرغم من كونه صحيحاً سنداً، فبطريقٍ أولى لم تستلزم مرسلة الفقيه اليقين نفسه باعتبارها مرسلة من جهةٍ (والمرسل أحد أقسام الخبر الضعيف)،ولأنها تصبُّ في خانة خبر زرارة الذي يخالف القرائن النافية لوجود الإمام الباقر عليه السلام في كربلاء، فتأمل.   

     (الأمر الثاني):إن روايتي زرارة ومرسلة الفقيه كاشفتان عن أن الإمام الباقر عليه السَّلام كان مولوداً في حياة الإمام الحسين عليه السلام، ما يعني بالضرورة إدراكه لواقعة كربلاء على صاحبها آلاف التحية والإكرام، وبالتالي يكون عمره تقريباً حدود 23عاماً؛ ذلك كلّه بناءً على أن يوم دخول السيل إلى المسجد الحرام كان في عام 39 هجري على ما ذكره أحد المؤرخين لم يحضرني مصدره؛ وليس في المصادر التاريخية الشيعية ما يدل على حصول سيل عظيم خاف المسلمون منه ضياع مكان مقام إبراهيم عليه السلام بوجود المعصومين من أهل البيت عليهم السلام، إذ إن المعصوم حافظ للآثار الدينية، وبه لا يندثر شيء من معالم الأنبياء.

    وأمَّا بناءً على أن يوم السيل كان في العام التاسع عشر للهجرة (أي قبل وفاة عمر بن الخطاب بأربع سنين حيث كان موته عام    23) فإن عمر الإمام الباقر عليه السلام كان يومذاك أربعين سنة، وهي كافية بالقطع واليقين بطرح كلا الروايتين من الأساس، إذ إن ذلك يستلزم ان يكون الإمام الباقر عليه السلام أكبر من أبيه الإمام السجاد عليه السلام الذي تواترت بحقه الأخبار بأنه لم يتجاوز مرحلة المراهقة (والمراهق هو الغلام الذي قارب الحُلُم)؛ وفي تقدير رواية إبن خشاب عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام بأنه لم يتجاوز الواحد والأربعين أو الإثنين والأربعين عاماً، وهو أمر مقطوع الفساد بلا حاجة إلى زيادة البرهان..!!

  (الأمر الثالث):لم يلتفت جلُّ علماءِ الأُصول من الشيعة إلى الأخبار بشكلٍ دقيق، ولم يستوعبوا مضامينها والتدبر فيها بدراسة المفردة المبهمة التي تنطوي على خلفية تاريخية أخفاها النصُّ وأوكل معرفتها إلى فطنة الفقيه المجدّ، ففي حين أنهم يناهضون الخطَّ الأخباري، إلا أنَّهم تخندقوا ـــ ولا يزالون ــ في خندق الأخباريين وإنْ اختلفوا في كيفية الأخذ بالأخبار..فالأخباريون يأخذون بكلّ خبر من دون تمييز بين الصحيح والسقيم، بينما الأصوليون المقصّرون يأخذون بكلِّ خبر لمجرد كونه خبراً صحيحاً من الناحية السندية من دون النظر إلى دلالته ومضمونه وضمه إلى القرائن المنفصلة التي تكشف عن حقيقة النصّ..! ولو أنهم علموا الدين وعقلوه عقل دراية ورعاية، لاعقل سماع ورواية..لما وقعوا في التيه والخبط في النتائج، والعصمة لأهلها؛ فقد جاء في الأخبار الشريفة ما يؤكد الحث على التدبر في الأحاديث، ففي خبر عنهم (سلام الله عليهم) قال:"حديث تدريه خير من عشرين خبر ترويه،ولا يكون الرجل منكم فقيهاً حتى يعرف معاريض كلامنا ".

   وقال عليه السلام:" أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا؛ إن الكلمة لتنصرف إلى وجوه". وفي رواية أخرى:" أنتم أفقه الناس ما عرفتم معاني كلامنا، إن كلامنا لينصرف على سبعين وجهاً ".

   وقال سلام الله عليه:" عليكم بالدرايات لا بالروايات ". يقصد عليه السلام التأكيد على دراية الأحاديث.

 وفي حديث آخر قال عليه السلام:" حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه ".

   والحاصل: جرَّنا الكلام إلى مورد بحثنا في مسألة وجود الإمام الباقر عليه السلام مع جده الإمام الحسين عليه السلام في يوم السيل في مكة، إذ من المقطوع به تاريخياً أن ولادة الإمام السجاد عليه السلام كان في أيام خلافة أمير المؤمنين عليه السلام في سنة ثمان وثلاثين من الهجرة وقبل شهادته بسنتين، وهو ما أشار إليه المجلسي في البحار (ج 46 ص 8 ح 18) وما بعده عن مولانا الإمام الصادق (سلام الله عليه) قال:" ولد عليُّ بن الحسين عليه السلام في سنة ثمان وثلاثين من الهجرة قبل وفاة [أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب عليه السلام بسنتين، وأقام مع أمير المؤمنين سنتين ومع [الإمام] أبي محمد الحسن عليه السلام عشر سنين وأقام مع أبي عبد الله عليه السلام عشر سنين ".

  بناءً عليه نقول: كيف يجتمع وجود الإمام الباقر عليه السلام مع جده الإمام الحسين عليه السلام يوم السيل في عام 39 هجري وقد ولد أبوه الإمام السجاد عليه السلام عام ثمان وثلاثين والفارق التكويني بينهما عامٌ واحدٌ..؟!

  نعم، بناءً على رواية إبن خشاب المتقدمة، فلا مانع من أن يجتمع الإمام الباقر (سلام الله عليه) مع أبيه الإمام السجاد وجده الإمام سيّد الشهداء (سلام الله عليهما) إلا أن القرائن لا تساعد على الإجتماع المذكور كما سوف نوضِّح ذلك. 

  إشكال وحلّ..!

     إن قيل لنا:إن خبر زرارة لم يعيّن تاريخ عام السيل، فلربما كان هناك سيل آخر تواجد بعده الإمامُ الحسين عليه السلام مع حفيده الإمام الباقر عليه السلام ؟.

    والحلُّ بما يلي: المشهور شهرة عظيمة أن مكة أُصيبت بسيل عظيم أيام حكم عمر بن الخطاب، وعُرِفَ بسيل "أُمّ نهشل" (ج) وكانت حصيلة هذا السيل ردم منطقة "المدعى"؛ وقد حصل سيل أُم نهشل في العام التاسع عشر للهجرة على ما يبدو لنا من التحقيق في المطلب، إذ إن وفاة عمر كانت عام ثلاث وعشرين للهجرة، فنحذف منها أربعَ سنين هي حصيلة عمر الإمام الباقر عليه السلام يوم شهادة جدِّه سيِّد الشهداء عليه السلام بحسب مرسلة الفقيه للشيخ الصدوق، فيكون تاريخ سيل أم نهشل في العام التاسع عشر للهجرة النبوية المباركة، وبالتالي يكون عمر الإمام الباقر عليه السلام يوم الطف واحد وأربعين عاماً، وهو مقطوع البطلان كما سبق منا بيانه.

     ومما يؤكد ما أشرنا إليه: هو أن المؤرخين من العامة أشاروا إلى أن مكة قد أُصيبت بأربعة سيول كبرى في عهد عمر والتابعين له من خلفاء بني أمية،وقد تم تأريخ ثلاثة منها إلا سيل نهشل، وإليكم أسماء السيول الكبرى التي أصابت مكة:

 1 ـــ سيل أُم نهشل: لم تؤرخ سنته.

 2 ـــ سيل الجحاف والجراف في عام ثمانين للهجرة في زمن عبد الملك بن مروان.

 3 ـــ سيل المخبل، عام أربع وثمانين، وسمي به لأن الناس قد خبلت عقولهم وخرست ألسنتهم بسببه.

 4 ـــ سيل أبي شاكر وقد حصل في خلافة هشام بن عبد الملك عام 120 للهجرة.

  ومهما يكن الأمر: فإن السيل العظيم هو سيل أم نهشل في أيام عمر بن الخطاب، وهو ما أشارت إليه رواية زرارة؛ والإشكال في الرواية ــ بحسب تدقيقنا ـــ لا يتلائم مع ما أشرنا إليه أعلاه؛ كما أنه لا يتلائم مع زواج الإمام السجاد عليه السلام وإنجابه لإبنه الإمام الباقر عليه السلام، وبحسب تلك الدعوى يكون سِنُّ الإمام السجاد عليه السلام حينما تزوج إبنة عمه الإمام الحسن عليهما السلام تسع سنين، وهو ما يتعارض مع السيرة العقلائية في التزويج عند عامة الناس فكيف الحال بأشرف الناس وهم النبي وآله الذين هم قدوة حسنة لنا في أقوالهم وأفعالهم وتقريرهم، وهم مشرِّعون القوانين والأحكام للمؤمنين والعقلاء، فمن البعيد جداً أن يخالفوا سيرة المؤمنين والعقلاء في الزواج لغير حكمة ارتأها لهم الباري تبارك اسمه...

  هذا مضافاً إلى أن الإمام السجاد (سلام الله عليه) ـــ بحسب تلك الدعوى ـــ يكون عمره يوم شهادة أبيه حدود الأربعين عاماً وهو ما يتعارض مع الأخبار المتواترة التي تفيد أن عمره الشريف يومذاك كان دون سنّ البلوغ..! وبتلك الدعوى الخرقاء أيضاً يكون العمر الشريف للإمام الباقر (سلام الله عليه) حوالي الست وثلاثين عاماً بحسب مرسلة الفقيه وضمها إلى رواية زرارة الكاشفة عن حضوره مع جده الإمام سيّد الشهداء (سلام الله عليهما) يوم السيل على الكعبة؛ وهو منافٍ للأخبار التي أفادت بأنه عليه السلام لم يكن مع الأطفال يوم معركة الطف لأنه لم يكن قد ولد بعدُ.

   (الأمر الرابع): القرائن القطعية تعارض دلالة خبر زرارة ومرسلة الفقيه، وهي قرائن لا يجوز غضّ الطرف عنها، وإلا لأدَّى ذلك إلى تكذيب عامة ما ورد في المقاتل الحسينية المباركة المروية عن المعصوم عليه السلام مباشرة وبالواسطة، وهي بمجموعها صريحة بعدم وجود ذكر للإمام الباقر (سلام الله عليه) في يوم الطف، وتكذيبها ــ لأجل خبر زرارة مع اضطراب صدره ومخالفته للقرائن القطعية الأُخرى ــ يستلزم نسف كتب المقاتل القديمة المعتبرة والتشكيك بكلِّ ما ورد فيها، بالرغم من أن بعض رواتها من أجلاء أصحاب الأئمة الأطهار عليهم السلام نظير يحيى بن لوط بن سعيد بن مِخْنَف الأزدي الغامدي المتوفى عام 157 للهجرة.

   ترجمة وجيزة عن المحدّث الجليل لوط بن يحيى الكوفي المعروف بأبي مخنف رضي الله عنه:

   لقد قد كان من أصحاب إمامنا المعظَّم أبي عبد الله الصادق عليه السلام، كما أنه رضي الله عنه كان من خيرة أصحاب إمامنا المعظَّم الحسن المجتبى (سلام الله عليه) كما نصّ على ذلك عامة أعلام التراجم منهم العلامة المجلسي رحمه الله في بحار الأنوار (ج 44 ص 110 ح 2) نقلاً عن المناقب لإبن شهر آشوب ج 3 ص 201 قال:" ومن أصحابه ـــ أي الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ــ :"عبد الله بن جعفر الطيار ، ومسلم بن عقيل، وعبيد الله ابن العباس، وحبابة بنت جعفر الوالبية، وحذيفة بن أسيد، والجارود بن أبي بشر، والجارود بن المنذر، وقيس بن أشعث بن سوار، وسفيان بن أبي ليلى الهمداني، وعمرو بن قيس المشرقي، وأبو صالح كيسان بن كليب، وأبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي، ومسلم بن بطين، وأبو رزين مسعود بن أبي وائل، وهلال بن يساف، وأبو إسحاق بن كليب السبيعي. وأصحابه من خواص أبيه مثل : حجر ، ورشيد ورفاعة ، وكميل ، والمسيب وقيس ، وابن وائلة ، وابن الحمق ، وابن أرقم ، وابن صرد ، وابن عقلة ، وجابر ، والدولي ، وحبة ، وعباية وجعيد ، وسليم ، وحبيب ابن قيس ، والأحنف ، والأصبغ ، والأعور . مما لا يحصى كثرة ".

   وذكر الكشي أن لوط بن يحيى كان من أصحاب أمير المؤمنين عليّ والإمام الحسن والحسين (سلام الله عليهم) وهو الظاهر عندنا أيضاً لعدم وجود مانع عقلي ونقلي من ذلك، إذ إن المدة الفاصلة الزمنية بين زمن الإمام الحسن المجتبى (سلام الله عليه) وبين أن يكون من أصحاب أمير المؤمنين وممن رووا عنه ليس طويلة، ويؤيده ما رواه الكليني في الكافي بإسناده المعنعن إلى أبي مخنف وروايته حديثاً عن أمير المؤمنين مولانا عليّ بن أبي طالب (سلام الله عليه) كما سوف يأتيكم في استعراضنا لكلام المحقق المامقاني (أعلى الله مقامه)؛ ولقد أطرى على أبي مخنف عامةُ أعلام التراجم وترضوا عليه ونوهوا بفضله وجلالة قدره ونعتوه بكونه شيخ الكوفيين، وهو مصطلح لا يطلق إلا على الأستاذ الأكبر، فهو زعيمهم وعمدتهم؛ قال النجاشي في ترجمته للوط بن يحيى:" شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم وكان يسكن إلى ما يرويه، روى عن الإمام جعفر بن محمّد عليهما السلام، وقيل إنه: روى عن الإمام أبي جعفر عليه السلام؛ وصنف كتبا كثيرة منها: المغازي، كتاب السقيفة، كتاب الردة، كتاب فتوح الإسلام كتاب فتوح العراق، كتاب فتوح خراسان،  كتاب الشورى، كتاب قتل عثمان، كتاب الجمل، كتاب صفين، كتاب النهر، كتاب الحكمين، كتاب الغارات، كتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السلام ، كتاب قتل الحسن عليه السلام ، كتاب قتل الحسين عليه السلام ، كتاب مقتل حجر بن عدي ، كتاب أخبار زياد ، كتاب أخبار المختار ، كتاب أخبار الحجاج، كتاب أخبار محمد بن أبي بكر ، كتاب مقتل محمد ، كتاب أخبار ابن الحنفية ، كتاب أخبار يوسف بن عمر ، كتاب أخبار شبيب الخارجي ، كتاب أخبار مطرف بن المغيرة بن شعبة ، كتاب أخبار ال مخنف بن سليم ، كتاب أخبار الحريث بن أسد ( الخريت بن راشد ظ ) الناجي وخروجه".

    وقال ابن النديم في الفهرست: قرأت بخط أحمد بن الحارث الخزاز قالت العلماء: أبو مخنف بأمر العراق وأخبارها وفتوحها يزيد على غيره، والمدايني بأمر خراسان والهند وفارس، والواقدي بالحجاز والسيرة . وقد اشتركوا في فتوح الشام".انتهى. قال العلامة السيّد محسن الأمين العاملي تعقيباً على كلام إبن النديم:"واثنان من الثلاثة شيعة أبو مخنف والواقدي [في] المائة الثانية ".

  وقال الشيخ الطوسي في الفهرست:" لوط بن يحيى، يكنى أبا مخنف، من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، ومن أصحاب الحسن والحسين عليهما السلام، على ما زعم الكشي، والصحيح أن أباه كان من أصحاب علي عليه السلام، وهو لم يلقه؛ له كتب كثيرة في السير، منها: كتاب مقتل الحسين عليه السلام ، وكتاب أخبار المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وكتاب مقتل محمد بن أبي بكر ، وكتاب مقتل عثمان ، وكتاب الجمل ، وكتاب صفين ، وغير ذلك من الكتب ، وهي كثيرة .

   أخبرنا بها أحمد بن عبدون والحسين بن عبيد الله جميعا ، عن أبي بكر الدوري ، عن القاضي أبي بكر أحمد بن كامل ، عن محمد بن موسى بن حماد ، عن ابن أبي السري محمد ، قال : أخبرنا هشام بن محمد الكلبي عنه . وله كتاب خطبة الزهراء عليها السلام ، أخبرنا بها أحمد بن محمد بن موسى ، عن ابن عقدة ، عن يحيى بن زكريا بن شيبان ، عن نصر بن مزاحم ، عن أبي مخنف ، عن عبد الرحمان بن جندب ، عن أبيه ، قال : خطب أمير المؤمنين عليه السلام - وذكر الخطبة بطولها ". انتهى.

  كما أن بعضاً من أصحاب التراجم ذكروا أنه كان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام منهم الكشي والمامقاني وغيرهما وهو الصحيح بحسب الظاهر إذ لا مانع منه ـــ كما صرَّح بذلك العلامة المامقاني في تنقيح المقال حيث قال في خاتمة كتابه(ج 2 ص 44) بعد نقل حديث يدل على ملاقاته لأمير المؤمنين عليه السلام:" بأن ظاهر بعض الروايات ملاقاته لأمير المؤمنين عليه السلام لأنه روى عنه عليه السلام مثل ما في باب وضع المعروف موضعه من الكافي من روايته عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن علي عن أحمد بن عمرو بن سليمان البجلي عن إسماعيل بن الحسن بن إسماعيل عن ابن شعيب عن ابن ميثم التمار عن إبراهيم بن إسحاق المدائني عن رجل عن أبي مخنف الأزدي، قال: أتى أمير المؤمنين رهط من الشيعة فقالوا: يا أمير المؤمنين لو أخرجت هذه الأموال ففرقتها في هؤلاء الرؤساء والأشراف وفضلتهم علينا حتى إذا استوثقت الأمور عدت إلى أفضل ما عودك الله من القسم بالسوية والعدل في الرعية، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ويحكم أتأمروني أن أطلب النصر بالظلم والجور فيمن وليت عليه من أهل الإسلام؟! لا والله لا يكون ذلك ما سمر السمير ( أي ما اختلف الليل والنهار ) وما رأيت في السماء نجماً والله لو كانت أموالهم لي لساويت بينهم فكيف وإنما هي أموالهم..."؛ فإنه ظاهر في لقائه أمير المؤمنين عليه السلام وحمله على خلاف ظاهره من دون قرينة لا وجه له بعد امكان لقائه له، لأنه بين آخر زمان أمير المؤمنين عليه السلام وأول إمامة الصادق عليه السلام ست وسبعون سنة، فيمكن أن يكون أبو مخنف قد لقى أمير المؤمنين عليه السلام وعمره خمسة عشرة سنة وأدرك من زمان الصادق عليه السلام سنة مثلاً فيكون المجموع نحوا من الاثنين وتسعين سنة وذلك عمر متعارف فلا مانع من دركه أمير المؤمنين عليه السلام ، بل يمكن ادراكه أمير المؤمنين عليه السلام قبل البلوغ بعد كون المدار في الرواية على حال الأداء دون التحمل. فكونه من أصحاب الأمير كما ذكره الكشي ممكن ولا موجب لما صدر من الشيخ رحمه الله من إنكار ذلك، وما أبرد ما صدر من الفاضل الحائري في المنتهى من الاستدلال لعدم ملاقاته الأمير عليه السلام بل التأمل لذلك في درك أبيه يحيى إياه عليه السلام بأن جد أبيه مخنف بن سليم من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام كما صرح به الشيخ رحمه الله وغيره قال: إن ذلك مما يشهد للشيخ رحمه الله بعدم درك لوط إياه عليه السلام، بل لعله يضعف درك أبيه أيضا إياه انتهى ، فإن فيه أن درك شخص وابنه وابن ابنه وابن ابن ابنه لإمام غير عزيز لامكان اجتماعهم في زمان واحد يكون عمر ابن ابن الابن خمسة عشرة وعمر ابن الابن خمسة وثلاثين وعمر الابن خمسة وخمسين وعمره خمسة وسبعين ولعله لذا أمر بعد ذلك بالتأمل وليته لم يذكره من أصله . وتنقيح المقال في حال الرجل انه لا ينبغي التأمل في كونه شيعياً إمامياً كما صرح بذلك جماعة، وانكار ابن أبي الحديد ذلك بقوله في شرح النهج : وأبو مخنف من المحدثين وممن يرى صحة الإمامة بالاختيار وليس من الشيعة ولا معدودا من رجالها انتهى ، من الخرافات اللتي تعودت العامة عليها في مذهبهم وفيما يرجع إليه كيف وقد صرح جماعة منهم بتشيعه، بل جعل تشيعه سبباً لرد روايته كما هي عادتهم غالباً، ألا ترى إلى قول صاحب القاموس في مادة ( خ ن ف ) ومخنف كمنبر وأبو مخنف لوط بن يحيى اخباري شيعي تالف متروك انتهى ، والعجب العجاب أن ابن أبي الحديد نطق بما سمعت بعد أن روى أشعارا في أن عليَّاً عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله .

  وقال: ذكر هذه الاشعار والأراجز بأجمعها أبو مخنف لوط بن يحيى في كتاب وقعة الجمل انتهى، فإن نقله لتلك الاشعار شاهد لتشيعه والا لم يكن ليرويها كما هي عادة أهل السنة غالبا ، وبالجملة فكون الرجل شيعياً إمامياً مما لا ينبغي الريب فيه وقول النجاشي رحمه الله: انه شيخ أصحاب الاخبار بالكوفة ووجههم وكان يسكن إلى ما يرويه مدح معتد به يثبت حسنه، ولذا عده في الوجيزة والبلغة والحاوي وغيرها من الحسان..". انتهى كلامه رفع الله في الجنان مقامه.

     وبما تقدم يتضح: أن لوط بن يحيى قد أدرك عدة من المعصومين عليهم السلام، وكان من خواص شيعتهم، ويكفي في وثاقته وجلالة قدره أن المخالفين قدحوا فيه وعابوا عليه بالتشيع، منهم الزبيدي في تاج العروس قال في مادة خانف:" والْخَانِفُ: الشَّامِخُ بِأَنْفِهِ كِبْراً، يُقَال: رأَيتُه خَانِفاً عَنِّي بأَنْفِهِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، ويُقَال: خَنَفَ بأَنْفِهِ عَنِّ : إِذا لَوَاهُ. ومِخْنَفٌ، كَمِنْبَرٍ: اسْمٌ ، وأَبُو مِخْنِفٍ لَوطُ بنُ يَحْيَى، أَخبَارِيُّ، شِيعِيٌّ، تَالِفٌ، مَتْروكٌ، ونَقَلَهُ الجَوْهَرِّي، فقال: هو مِن نَقَلَةِ السَّيْرِ، وقال الذَّهبيُّ في الدِّيوانِ: تَرَكَهُ ابنُ حِبَّانَ، وضَعَفَهُ الدَّارْقُطني ". وقال عنه صاحب القاموس:" صاحب القاموس في مادة ( خ ن ف ) ومخنف كمنبر وأبو مخنف لوط بن يحيى اخباري شيعي تالف متروك".

  ولوط بن يحيى لا يقل بوثاقته وجلالة أمره عن زرارة ومحمد بن مسلم وأمثاله بشيء، لذا لا يجوز التشكيك بعامة رواه لوط بن يحيى ولا رمي رواياته بالضعف في كتابه المقتل، وهو مليء بالقرائن الكثيرة التي تقطع العذر عند كلّ متردد حول صغر سنّ الإمام السجاد (سلام الله عليه) يوم الطف، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى حضور الإمام الباقر عليه السلام في كربلاء مع الأطفال..وهكذا بقية الأخبار لم تتطرق لشيءٍ من أحوال الإمام الباقر عليه السلام بالرغم من أنها التي ذكرت أحوال بعض الأطفال كأولاد سيّدنا مسلم بن عقيل عليهم السلام، وليس في الأخبار ـــ بحدود اطلاعنا ـــ ما يدل على أن الإمام المعظم محمد الباقر عليه السلام روى أنه رأى بعينيه الشريفتين ما جرى على أبيه الإمام المعظَّم زين العابدين (سلام الله عليه) وعماته وبقية الفاطميات يوم سبيهنَّ والتعرض لهنَّ بسوء..مع أن روايته ما رآه لو كان حاضراً يصبغ على المأساة أهمية كبيرة تؤثر في النفوس وتكرب الأفئدة والعقول، فعدم روايته ما رآه في كربلاء يعني بالملازمة العرفية عدم حضوره في كربلاء، إذ لو كان موجوداً في كربلاء لكان روى ما رآه، وحيث لم يروِ شيئاً دل ذلك على عدم حضوره يوم الطف، فتأمل. 

   عودٌ على بدء: أشرنا في صدر كلامنا في بداية الأمر الرابع أن القرائن القطعية تعارض دلالة خبر زرارة ومرسلة الفقيه، وهي قرائن لا يجوز غضّ الطرف عنها، وإلا لأدَّى ذلك إلى تكذيب عامة ما ورد في المقاتل الحسينية المباركة المروية عن المعصوم عليه السلام مباشرة وبالواسطة، والآن سوف نتطرق إلى ذكر القرائن التي تثبت عدم وجود الإمام الباقر عليه السلام يوم المأساة في كربلاء بالرغم من أن ذكرنا للأمور المتقدمة على الأمر الرابع هي بنفسها قرائن أيضاً تنفي حضور الإمام الباقر عليه السلام في كربلاء، وإليكم التتمة بما يلي:

  (القرينة الأولى):لو سَلَّمْنَا جَدَلاً بصحّة خبر زرارة ومرسلة الفقيه، فكيف يمكن للقائلين بحضور الإمام الباقر عليه السلام يوم الطف أنْ يجمعوا ويوفِّقُوا بينه وبين ما رُوِيَ من أنّ الإمام زين العابدين عليه السَّلام كان صبيّاً يوم الطف؟ وهَل يُرْزَق الصبي بصبيٍّ مثله..؟!!

     واحتمال أن الإمام السجاد عليه السلام تزوج وهو صبيّ، وأنجب الإمام الباقر عليه السلام وبلغ أربع سنين، في الوقت الذي لم يبلغ فيه أبوه مرحلة المراهقة..لا يمنع منه العقل بالنسبة إلى المعصوم عليه السلام الكامل في العقل والروح والنفس والبدن والصفات، إلا أنه مدفوع من الأساس باعتباره خلاف العرف والسيرة العقلائية، وخلاف ما نهوا عنه في الصحيح من الكافي بإسناده عن مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ وعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه أَوْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام قَالَ: قِيلَ لَه: إِنَّا نُزَوِّجُ صِبْيَانَنَا وهُمْ صِغَارٌ قَالَ فَقَالَ إِذَا زُوِّجُوا وهُمْ صِغَارٌ لَمْ يَكَادُوا يَتَأَلَّفُوا ".

  وفي الخبر دلالة على كراهية تزويج الصبي الصغير قبل البلوغ، والماد بالتزويج هنا الدخول لا مجرد العقد، وقد جاء في أخبار كثيرة جواز عقد الصبي، وقد عقد المحدث الكليني له باباً في كتاب النكاح من كتابه فروع الكافي (ج 5 ص 400)، فمن البعيد أن ينهوا عن تزويج الصبيان ثم يخالفوه لأنفسهم، فإن ذلك مخالفاً لكونهم قدوة حسنة، فما نهوا عنه شيعتهم لم يرتضوه لأنفسهم، وبالتالي فلا يصح القول بأن الإمام السجاد عليه السلام تزوج قبل بلوغه سنّ التكليف لكي ينجب ولداً ليكون معه في الطف..!! 

   وبعبارةٍ أُخرى:إن كونهما صبيين ــــ بحسب الاحتمال المتقدم ـــ لا يقدح بإمامتهما ووفور كمالهما الجسماني والعقلي بحيث يقدر الصبي المعصوم على الزواج بخلاف غيره من بقية الصبيان، إلا أن الصبي المعصوم عليه السلام لا يخالف سنن العقلاء في سيرتهم ومعاشهم حتى لا يُنعَت بالشذوذ البدني والبيئي الإجتماعي والشبق الجنسي المفرط وما شابهها من افتراءات وهرطقات تستلزم إبعاد الناس عنهم والتنفير منهم..!!

    فإذا كان الإمام زين العابدين عليه السلام صبيّاً يوم الطف، فإنّه يستلزم أنْ يكون عمره دون الخامسة عشرة، فإذا كان عمر الإمام الباقر عليه السلام يومذاك  أربع سنين، فسيكون عمر الإمام  السّجّاد عليه السلام يومَ تَزَوَّجَ تسع سنين، وهو سِنٌّ قاصرٌ تكويناً عن إنجاب الأطفال وممارسة الجماع عند العاديين من الناس؛ والمعصومون عليهم السلام قادرون على الزواج في سنّ المراهقة وما دونها، لأنهم يختلفون بطبيعتهم التكونية عن بقية البشر إلا أنهم لا يخرجون عن دائرة التكليف العام لا سيّما وأنّ العُرْفَ يستهجن هكذا زواج صدر من أناسٍ طَهَّرَهم الله تعالى في محكَم كتابه العزيز، فهل يُتَصَوَّر أنْ يخرجوا عليهم السَّلام عن السِّيرة العقلائيّة بزواجهم في سِنٍّ مبكرٍ لم يسبقهم إلى ذلك سابق على وجه البسيطة..؟!

    إنْ قيل لنا: إنّ تَدَخُّلَ الغَيْب في أمر تزويجه حال كونه صغيراً كافٍ في دفع ما ذَكَرْتُم آنفاً.

    قلنا: إنّا لا ننكر المعجزات أصلاً، إلاّ أنّ شيئاً من هذا لم تذكره الأخبار، وليس ثمّة داعٍ ــ بحسب الظاهر ــ لحصوله، لا سيّما وأنّ للإعجاز شروطاً ومواصفات لا ينطبق واحدٌ منها على المقام.

   (القرينة الثانية):إنّ خبر زرارة ومرسلة الفقيه يتعارضان مع مجموعة كبيرة من النصوص النافية لوجود الإمام الباقر عليه السلام في كربلاء، وهي على صنفين:

 (الصنف الأول): ما ورد في إقبال الأعمال لابن طاووس رحمه الله بإسناده إلى الإمام الصادق عليه السلام، قال : قال لي أبي محمد بن علي عليهما السلام: سألت أبي علي بن الحسين عليه السلام عن حمل يزيد له فقال: حملني على بعير يطلع بغير وطاء، ورأس الحسين عليه السلام على علم، ونسوتنا خلفي على بغال أُكف (جمع واكفة وهي لها برذعة من غير سرج) ، والفارطة خلفنا وحولنا بالرماح، إن دمعت من أحدنا عينٌ قرع رأسه بالرمح، حتى إذا دخلنا دمشق صاح صائح: يا أهل الشام هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون ". بحار الأنوار ج 45 ص 154 ح 2 نقلاً عن الإقبال لابن طاووس فصل ( 17 ) فيما نذكره مما يختم به يوم عاشوراء.

  هذا الخبر الشريف واضح في أن الإمام الباقر عليه السلام لم يكن موجوداً يوم الطف، بدليل أن الإمام عليه السلام يسأل أباه الإمام زين العابدين عليه السلام عن السبب الذي دعا حمل يزيد له إلى بلاد الشام، وقد قام الإمام السجاد عليه السلام بشرح التفاصيل لولده الإمام الباقر عليه السلام، وهي تفاصيل لم تكن تخفى على الإمام الباقر عليه السلام لو كان موجوداً يوم الطف، فتأمل.

  ولو فسح لنا المجال للتنقيب في كتب الأحاديث لكنا عثرنا على عدد لا يستهان به من هاتيك الأخبار الكاشفة عن عدم حضور الإمام الباقر عليه السلام يوم الطف، إلا أن هذا الخبر بضميمة أخبار المحدّث أبي مخنف وافية وكافية في إثبات المطلب لمن ألقى السمع وهو شهيد.

 (الصنف الثاني): متون الأخبار الأخرى (التي نقلها لنا المحدث الجليل أبو مخنف رضي الله عنه) الدالة على أنّ زين العابدين مولانا الإمام السجّاد عليه السَّلام كان صغيراً يوم الطف؛ ولا يمكن إساقط تلكم المتون الأخبارية كلّها معاً، لأن الناقل هو أبو مخنف الذي لا ينقل إلا ما سمعه من المعصوم عليه السلام، وقد صاغها بأُسلوب روائي قصصي يحكي حوادث كربلاء، ولا فرق في الحجية الخبرية بين أن تكون رواية عن المعصوم بعين ألفاظها التي سمعها منه، وبين أن تكون رواية منقولة منه بالمعنى نظير كتاب فقه الإمام الرضا عليه السلام حيث هو مجموع فتاوى مقتبسة من متون أخبار الإمام الرضا عليه السلام، وهكذا الحال في بقية كتب المتقدمين ــ كالمقنعة للمفيد، والمقنع في الفقه للصدوق وغيرهما ـــ فإنها عبارة عن متون الأخبار الصادرة من أئمة الهدى (سلام الله عليهم)، وليكن الحال كذلك بالنسبة إلى كتاب أبي مخنف رضي الله عنه، فهو عبارة عن متون أخبار سمعها من الإمام الصادق عليه السلام بشكل عام، فيحصل التعارض بين طائفتين من الأخبار: إحداهما تلك التي سردها لنا أبو مخنف؛ وثانيهما تلك التي دلت عليه روايتا زرارة ومرسل الفقيه، فلا بدّ حينئذٍ لترجيح إحداهما على الأخرى من مرَجِّحٍ، وحيث لا مُرَجِّح لخبر زرارة على غيره من أخبار الطائفة الثانية المعارضة له، وذلك لتكافؤ الطائفتين على أقلّ تقدير، وحيث إنّ قاعدة التعارض تقتضي التوقُّف في المتكافئين ما لم يحصل المرَجِّح، وحيث لا مرَجِّحَ لثبوت ما رُوِيَ من أنّ الإمام الباقر عليه السلام كان موجوداً، فالأصل حينئذٍ يقتضي الحكم بعدم وجود الإمام الباقر عليه السلام عند الشكّ بوجوده عليه السَّلام في حياة الإمام الحسين عليه السَّلام؛ وعلى أقل تقدير تجري أيضاً أصالة العدم عند الشك بوجوده في كربلاء .

    تقرير ذلك:لنفرض أنّ خبر زرارة يدلّ على أنّ سيل أُم نهشل دخل المسجد الحرام وجرف مقام النبي إبراهيم عليه السلام عام 39هـجري فضلاً عن أن يكون حصل في العام التاسع عشر للهجرة كما تؤكد المصادر التاريخية، فإنه يستلزم القول أنّ عمر الإمام الباقر عليه السلام يومذاك كان حدود ثلاث أو أربع سنين، ويوم كربلاء يكون عمره اثنين وعشرين سنة؛ أي أننا نحسب من تاريخ 39هـ يوم إدراك الإمام الباقر عليه السلام للإمام الحسين عليه السلام وحضوره معه في المسجد الحرام، إلى تاريخ شهادة جدّة الإمام الحسين عليه السلام عام 61هـ، فالمجموع 22 وأكثر، أي ما يقارب 24 عاماً، باعتبار كونه إبن سنتين على أقلّ تقدير، وإلاّ فإنّ من البعيد لإبن سنة واحدة أنْ يميِّزَ الأشياء الخارجية إلاّ على نحو الكرامة كما هو حاصل للأئمّة ومنهم الإمام محمّد الباقر عليه السَّلام.

    والنتيجة: كيف يكون عمره عليه السَّلام أربع سنين كما هو مفاد تلكم الأخبار التي استدلوا بها على المدَّعى، مؤكِّدِين لخبر زرارة الدال على أنه عليه السَّلام رأى جَدَّهُ الإمام الحسين عليه السَّلام يوم مسيل المسجد الحرام في عام39هجري أو في عام التاسع عشر للهجرةـ، أليس الفارق الزمني بين 39هـ إلى 61هـ هو 21عاماً مضافةً إلى سنة واحدة أو سنتين فترة إدراكه لجدّه الإمام الحسين الشهيد عليه السَّلام؟!

    فكيف يكون عمره 22سنة أو أكثر، ثم تؤكِّد الأقوال على أنّ عمره عليه السَّلام يوم كربلاء أربع سنين؟! فإمّا أنْ يُسقِطُوا رواية زرارة عن الحجية وهي ساقطة قطعاً لأنها تشير ضمناً إلى أن السيل كان في زمن عمر بن الخطاب وهو ما أكَّده المؤرخون من الطرفين، وبالتالي يكون عمره 22الشريف سنة طبقاً للقول بأن سيل أُم نهشل كان في عام 39 للهجرة؛ ويكون عمره ما يزيد على الأربعين عاماً طبقاً للقول بأن السيل المذكور كان في عام التاسع عشر للهجرة النبوية؛ وعلى كلا التقديرين لا يصدق عليه أنه ولد، ولكان ثمّة مبرِّر لعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وأضرابهما لعنهم الله تعالى لقتل الإمام الباقر عليه السَّلام لكونه شاباً في عنفوان شبابه، فيتعيَّن عليهم أنْ يأخذوا بالأقوال الأخرى الدالة على ولادته عام ست وخمسين وسبع وخمسين وثمان وخمسين، وحيث إنها أقوال لمؤرخين لا نعرف من أين جاءوا بها وعن أيّ معصوم نقلوها، سوى أنهم قلّدوا بعضهم في هذه المسألة، فالقاعدة تقتضي حينئذٍ تساقط كلّ هذه الأقوال من أساسها، والرّجوع إلى القاعدة الأصليّة وهي أنّ الأصل عدم وجوده حال حياة جدّه الإمام الحسين عليه السَّلام، حتى يأتينا دليل قاطع يدلّ على الوجود، وهو مفقودٌ في البَيْن، فتأمَّلْ.

   (القرينة الثالثة):ثمة مخالفات صريحة في خبر زرارة تجعلنا نتردد بالأخذ به، وقد أحصينا اثنتين منها هما الآتي:

   (المخالفة الأولى):إن ظاهر الخبر يعطي شرعيَّةً صريحة لفعل عمر بن الخطاب لعنه الله الذي نصبَ مقامَ النبيِّ إبراهيم عليه السلام في مكانه المعروف الآن وهو يبعد عن الكعبة المشرفة بأذرع متعددة، مع أن مكانه المناسب له هو ملاصقته لجدار الكعبة بالهيئة التي كان عليها في زمن النبيِّ إبراهيم الخليل عليه السلام وحفيده رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله)؛ وقد ادَّعى المخالفون أن مكان المقام في زمن الخليل عليه السلام هو الموضع الذي جعله عمر بن الخطاب، وكان قبل ذلك ملصقاً بالكعبة خوفاً عليه من جرف السيول حتى جاء عمر وبنى الردم في أعلى مكة،ما يعني أن النبيَّ الخليل ورسولَ الله(صلى الله عليه وآله)لم يحسنا صنعاً كما أحسنه عمر بن الخطاب..!

     وأول من تنبَّه لهذا الإشكال هو العلامة الجليل المحقق الشيخ يوسف البحراني (أعلى الله مقامه الشريف) في بحث الطواف من كتابه القيِّم الموسوم بـ"حدائق الشيعة في أحكام العترة الطاهرة عليها السلام (1)"؛ فقال طيَّب الله ثراه:[ أقول : ظاهر هذا الخبر لا يخلو من اشكال، لأنه ربما يفهم من قوله (عليه السلام):" إن الله تعالى  قد جعله علماً لم يكن ليذهب به " أنه باعتبار جعله في هذا المكان علامة للطواف لم يكن ليذهب به. وهذا هو الظاهر من كلام جملة من أصحابنا، حيث أوردوا هذا الخبر في هذا المقام مؤكدين به لرواية محمد بن مسلم وصحيحة إبراهيم بن أبي محمود، كما في المدارك وشرح الإرشاد للمحقق الأردبيلي (قدس سره)، وربما يشعر بأن ما فعلته الجاهلية وفعله عمر إحياءً لسنتهم كان أصوب من ما فعله إبراهيم (عليه السلام) ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بعده، حيث إن الله ( تعالى) جعله في هذا المكان علماً. وهو مُشْكِلٌ؛ والظاهر عندي من معنى كلامه (عليه السلام) إنما هو الإشارة إلى قوله تعالى:(فيه آيات بينات مقام إبراهيم..الآية) بمعنى أن وجود هذا الحجر الذي قام عليه إبراهيم (عليه السلام) في البيت من آياته عز وجل لا باعتبار هذا المكان، وإلا فهذا المكان حدٌّ للطواف، وضع فيه الحجر أم لم يوضع، كما في زمانه (صلى الله عليه وآله) حسبما دلت عليه رواية محمد بن مسلم. والمراد بكونه آية من حيث تأثير قدم إبراهيم (عليه السلام) فيه، فهو آية بينة وعلامة واضحة على قدرة الله تعالى. وبهذا الوجه أيضاً يصح أن يكون علماً كما ذكره (عليه السلام). وبذلك يظهر أنه لا وجه لإيراد هذه الرواية في هذا المقام؛ والله العالم ].انتهى كلامه رفع اللهُ مقامَه في الجنان.

  (المخالفة الثانية):يوجد في خبر زرارة شيءٌ مريب يتنزَّه عنه المعصوم بخطابه لمعصومٍ مثله، فقد جاء فيه خطاب الإمام الحسين عليه السلام لابن ابنه وهو ابن أقل من أربع سنين" بيا فلان" وجواب الإمام الباقر عليه السلام بقوله "أصلحك الله"؛ وهو في غاية البعد، ومما لا يمكن صدوره من معصومٍ لمعصوم مثله.! ونحن نتسائل: لماذا يسأل الإمام الحسين (سلام الله عليه) حفيده الإمام الباقر (سلام الله عليه) ما داما معصومين ولهما من العلم ما لا ينقص عند الآخر..؟! ولماذا يخاطب أحدهما الآخر بعبارات الجفاء..؟! أليس من الحكمة والرحمة أن يخاطب الإمام الحسين عليه السلام حفيده بيا حبيبي أو يا ولدي ونحوهما من العبارات التي تشعر بالمودة والرحمة..؟! أسئلة برسم الإجابة ولن يقنعنا جواب يختلف عما أشرنا إليه.

  وبناءً على ما تقدَّم: يدور الأمر في الخبر على أمرين:إمَّا أن تكون العبارة المذكورة مع التي قبلها وهي قول زرارة للإمام الباقر عليه السلام:" قد أدركتَ الحسين عليه السلام..إلخ ؟" ملفّقة على الإمامين سيّد الشهداء وحفيده الباقر عليهما السلام؛ وإمَّا أن تكون العبارة مصحفة كما ذهب إلى ذلك العلامة التستري في كتابه الموسوم بـ" الأخبار الدخيلة" فقال:[ وفى الكافي" فقال لي: يا فلان " والظاهر أن الأصل " فقال لرجل: يا فلان ما يصنع هؤلاء فقال: أصلحك الله "فصحف"].

     والظاهر لنا أن العبارة الأولى ملفَّقة على الإمام الباقر عليه السلام وهي قوله:"نعم" في جوابه لزرارة:"قد أدركت الحسين عليه السلام ؟"، وأمَّا العبارة الثانية بقوله:"يا فلان ما يصنع هؤلاء ؟"، فلا يبعد كونها مصحفة، ولا تخص بالخطاب الإمام الباقر عليه السلام، بل هي خاصة برجلٍ كان مع الإمام الحسين عليه السلام، ولعلَّ سؤال زرارة لم يكن للإمام الباقر عليه السلام بل ربَّما كان لرجلٍ موال من شيعتهم، فبدَّلها المحرِّفون ونسبوها إلى الإمام الباقر عليه السلام ليثبتوا فضيلة لعمر بن الخطاب بأن له الفضل الكبير في منع السيول تنحدر إلى الكعبة..!!

  وبالبيان المتقدِّم نميل إلى وجود عناصر تلفيقية في خبر زرارة نلخِّصها بأمرين:

     (الأمر الأول): ظاهر العبارة في قوله :" إن الله عز وجل قد جعله علماً لم يكن ليذهب به" يتوافق مع صحيحة إبراهيم بن أبي محمد قال: قلت للرضا عليه السلام : أصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة أو حيث كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال:"حيث هو الساعة". أي جعله علماً في هذا المكان علامة للطوف لم يكن ليذهب به، وهو ما اختاره جملة من الأصحاب بحسب تعبير الشيخ العلامة يوسف البحراني وذكر منهم صاحب المدارك وصاحب الإرشاد..إلى آخر كلامه.

    ويبدو لنا أن صحيحة زرارة ليست بأحسن حالاً من صحيحة إبراهيم بن أبي محمود الواضح فيها أن مكان مقام إبراهيم عليه السلام هو نفسه الساعة أي هو في نفس المكان الذي وضعه أهل الجاهلية ومن ثم عمر بعد أن وضعه النبيُّ محمد صلى الله عليه وآله عند فتح مكة حيث ثبته بجانب جدار الكعبة كما كان في عهد النبيّ إبراهيم الخليل عليه السلام.

    وكلا الصحيحتين(صحيحة زرارة وصحيحة إبراهيم بن أبي محمود) فيهما ما يوجب الاضطراب، والمائز بينهما أن الأولى أعم من الثانية المقتصرة على تحديد موقع المقام وأنه في المكان الذي ثبته فيه عمر بن الخطاب..!! وهنا وقعت الواقعة، إذ إن الصحيحتين متعارضتان، فالأولى ــ أي رواية زرارة ــ تنفي أن يكون مكان المقام الإبراهيمي هو نفس المكان الذي وضعه فيه عمر بن الخطاب، بينما الثانية ــ أي صحيحة إبراهيم بن أبي محمود ـــ تثبت صحة ما قام به عمر بن الخطاب، فالأولى تنفي، بينما الثانية تثبت، فتحققت شروط التعارض؛ فلا بُدَّ من العلاج على نحوين: إمَّا أن نسقط كلا الصحيحتين؛ وإمَّا نقوم بتقديم إحداهما على الأُخرى؛ وحيث لا يصح الإسقاط الكلي باعتبار أن صحيحة زرارة نافية كون فعل عمر بن الخطاب حقاً بل هو عين الباطل، إذ إن الأخبار الأُخرى واضحة بأن ما فعله عمر بن الخطاب كان من سنن الجاهلية..! فلا بُدَّ ـــ والحال هذه ـــ من الإسقاط التبعيضي من كلا الصحيحتين، فنطرح ذيل صحيحة إبراهيم بن أبي محمود وهو قوله( حيث هو الساعة) بسبب موافقته لفعل عمر بن الخطاب من جهة، ولإعراض المشهور عنها من جهةٍ أُخرى، فتصبح بحكم الضعيف الذي لا يجوز الاعتماد عليه في الفقه والعقيدة..ثم نطرح صدر ما ورد في صحيحة زرارة وهي سؤال زرارة وجواب الإمام عليه السلام له بـ" نعم أذكره.."، وذلك لمخالفته لمتون الأخبار الدالة على أن الإمام السجاد عليه السلام كان صبياً يوم الطف، وقد استفاض باستعرضها المحدّث الجليل شيخ المحدثين العراقيين أبو مخنف رضي الله عنه في كتابه المرموق الموسوم بـ" مقتل الإمام الحسين عليه السلام" .

    (الأمر الثاني):نسبة الجهل إلى الإمامين الحسين والباقر (سلام الله عليهما) وسوء الخطاب من أحدهما للآخر (وحاشاهما منه)، هذا فضلاً عن نسبة الجهل بالموضوعات إلى النبيّ إبراهيم وحفيده رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وهي نظير قصة نهي النبيّ محمد صلى الله عليه وآله عن تأبير النخل الذي نسبوه إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، فقد روى مسلم في صحيحه، وابن ماجة في سننه، ثلاث أحاديث تتضمن: أن النبي (صلى الله عليه وآله) مرَّ بقومٍ يلقحون النخيل فقال: لو لم تفعلوا لصلح. قال ثابت بن أنس: فخرج شيصاً (الشيص هو رديء التمر) ، فمر ( صلى الله عليه [وآله] ) بهم . فقال: ما لنخلكم ؟ قالوا : قلت كذا وكذا.قال: صلى الله عليه [وآله] : أنتم أعلم بأمور دنياكم.

 وفي حديث آخر قال:" إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشئ من رأيي فإنما أنا بشر".

  وفي ثالث قال:" أنتم أعلم بأمور دنياكم ".

    وقد دافع علماؤهم (خذلهم الله) عن قصة تأبير النخيل وأن النبيَّ كغيره من بقية البشر معرَّض للخطأ فلا يدري الصواب من الفساد، وأنه صلى الله عليه وآله كغيره من المجتهدين الذين يعملون بالظنون والإستحسانات، وها ننقل لكم ما قاله هؤلاء النواصب في هذا الموضوع تحت عنوان:هل كان الرسول (صلى الله عليه [وآله]) يتعبد بالاجتهاد ؟

  قال الآمدي: اختلفوا في أن النبيَّ هل كان متعبداً بالاجتهاد فيما لا نص قرآني فيه ؟

    فقال أحمد بن حنبل والقاضي أبو يوسف: إنه كان متعبدا ، وجوز ذلك الإمام الشافعي في رسالته، وبه قال أصحابه والقاضي عبد الجبار وأبو الحسين البصري: نعم ، كان النبي يتعبد باجتهاده فيما لا نص صريح من القرآن فيه. ثم قال الآمدي: المختار عندنا جواز ذلك عقلا ووقوعه سماعاً. ثم يضيف: إن القائلين بجواز الاجتهاد للنبي ( صلى الله عليه [وآله] ) اختلفوا فيما هل يمكن أن يخطأ النبي في اجتهاده أم لا ؟ فذهب بعض أصحابنا إلى منع وقوع الخطأ في اجتهاداته، وذهب أكثر أصحابنا والحنابلة وأصحاب الحديث والجبائي وجماعة من المعتزلة إلى جواز ذلك.

  وقال القوشجي عند ذكره مسألة تحريم عمر للمتعة ومخالفته لحكم رسول الله فيها: وأجيب عن ذلك: بأن ذلك ليس مما يوجب قدحاً فيه - أي عمر - فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع.

  وقال قاضي القضاة في المغني: إن الرسول ( صلى الله عليه [وآله] ) إنما يأمر بما يتعلق بمصالح الدنيا من الحروب ونحوها عن اجتهاده، وليس بواجب أن يكون ذلك عن وحي، كما يجب في الأحكام الشرعية، وإن اجتهاده يجوز أن يخالف بعد وفاته، وإن لم يجز في حياته لأن اجتهاده في الحياة أولى من اجتهاد غيره. ثم ذكر: أن العلة في احتباس عمر عن الجيش حاجة أبي بكر إليه ، وقيامه بما لا يقوم به غيره. وأن ذلك أحوط للدين من نفوذه.

  وقال الدكتور موسى توانا (هو من علماء العامة ومن الأساتذة الأفغان وكتابه المذكور هو رسالته الجامعية طبع من قبل جامعة الأزهر بمصر) في كتابه الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه في هذا العصر: بدء الاجتهاد في الإسلام منذ عهد رسول الله، فقد كان النبي (صلى الله عليه [وآله]) يجتهد في الأمور التي لا تتعلق بالرسالة. ثم يذكر قصة التلقيح دليلاً على ما ذهب إليه.

  وقال الشيخ محمد عبدة: وقد كان الإذن المعاتب عليه اجتهاد منه (صلى الله عليه [وآله] ) فيما لا نص فيه من الوحي، وهو جائز وواقع من الأنبياء (عليهم السلام)، وليسوا بمعصومين من الخطأ فيه، وإنما العصمة المتفق عليها خاصة بتبليغ الوحي ببيانه والعمل به، ويؤيده حديث طلحة في تأبير النخل إذ رآهم يلقحونها.

    هذه نبذة من كلمات المخالفين الذين كفروا بعصمة الأنبياء عليهم السلام، فماذا نتوقع منهم أن يكون حكمهم تجاه عصمة النبي وابنته الصدِّيقة الكبرى والأئمة الأطهار (سلام الله عليهم)..؟! لقد خطّأ أبو بكر قولَ الصدِّيقة الكبرى (سلام الله عليها) حينما طالبته بفدك التي اغتصبها منها،ونعتها بالكذب حينما طلب منها البيّنة على دعواها المحقة، فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام بأنها مطهرة بنص الكتاب فكيف تطلب منها البيّنة..؟

   إن من كانت عقيدته جواز الخطأ في تشخيص المعصومين للموضوعات ليس بغريب عنه أن يفتري عليهم بما تتفطر منه السماوات وتنشق له الأرض وتخر منه الجبال هداً..!!

  وبالجملة: سواء كانت رواية زرارة ظاهرة بما أشار إليه صاحب الحدائق أم لا، فإن خبر زرارة ومرسلة الفقيه لا يقاومان متون الأخبار التي استعرضها المحدّث العراقي الجليل أبي مخنف رضي الله عنه

  (القرينة الرابعة): لو بنينا على أن سيل أُمّ نهشل لم يكن في عهد عمر بن الخطاب، بل لعلَّه كان في زمن يزيد وقبل شهادة الإمام الحسين عليه السلام بسنتين أو ثلاث، أو أن السيل الذي جرف المقام ليس سيلَ أُم نهشل، بل لعلَّه سيل آخر، فيثبت المطلوب من أن الإمام الباقر عليه السلام كان موجوداً في كربلاء.. إلا أن هذا مردود بأمرين هما:

  (الأمر الأول):إنه لا يستقيم مع ما ورد في كتاب مقتل الإمام الحسين عليه السلام لأبي مخنف من أن الإمام السجاد عليه السلام كان صبياً في كربلاء.

 (الأمر الثاني): ليس في المصادر التاريخية ما يدل على أن سيل أُمّ نهشل حصل في غير زمن عمر بن الخطاب، كما ليس في المصادر ما يشير من قريب أو بعيد أن سيلاً ما في الكعبة قد جرف المقام بعد موت عمر بن الخطاب..وقد جاء في صحيحة زرارة ما يدل على أن السيل الذي جرف المقام هو سيل أم نهشل بقرينة ما جاء في أخبار المخالفين الذين أجمعوا على أن السيل يومذاك هو سيل أُمُّ نهشل، وإليكم ما ذكره المتقي الهندي في كنز العمال ج 14 ص 120:" مقام إبراهيم":

    1 ــــ رقم ( 38102) عن عائشة أن المقام كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمان أبي ملصقاً بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب ( ق ، سفيان ابن عيينة في جامعه ) .

   2 ـــ رقم(38103)عن حبيب بن أبي الأشرس قال : كان سيل أم نهشل قبل أن يعمل عمر الردم بأعلى مكة فاحتمل المقام من مكانه

فلم يدر أين موضعه، فلما قدم عمر بن الخطاب سأل: من يعلم موضعه ؟ قال المطلب بن أبي وداعة: أنا يا أمير المؤمنين (أميرالمنافقين)، قد كنت قدرته وذرعته بمقاط وتخوفت عليه هذا، من الحجر إليه ومن الركن إليه ومن وجه الكعبة، فقال : ائت به، فجاء به فوضعه في موضعه، وعمل عمر الردم عند ذلك . قال سفيان : فذلك الذي حدثنا هشام بن عروة عن أبيه أن المقام كان عند سفع البيت، فأما موضعه الذي هو موضعه فموضعه الآن ، وأما ما يقول الناس : إنه كان هنالك موضعه ، فلا ( الأزرقي ) .

    3 ـــ رقم (38104) عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن أبيه عن جده قال : كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة الكبير قبل أن يردم عمر الردم الاعلى ، فكانت السيول ربما رفعت المقام عن موضعه وربما نحته إلى وجه الكعبة، حتى جاء سيل أم نهشل في خلافة عمر بن الخطاب فاحتمل المقام من موضعه هذا وذهب به حتى وجد بأسفل مكة ، فأتي به فربط إلى أستار الكعبة وكتب في ذلك إلى عمر ، فأقبل فزعا في شهر رمضان وقد عفا موضعه وعفاه السيل ، فدعا عمر بالناس فقال: أنشد الله عبداً عنده علم في هذا المقام ! فقال المطلب بن أبي وداعة : أنا يا أمير المؤمنين عندي ذلك ، فكنت أخشى عليه هذا، فأخذت قدره من موضع الركن إلى موضعه ومن موضعه إلى باب الحجر ومن موضعه إلى زمزم بمقاط وهو عندي في البيت، فقال له عمر: فاجلس عندي وأرسل إليه ، فجلس عنده فأرسل فأتى بها ، فمدها فوجدها مستوية إلى موضعه هذا، فسأل الناس وشاورهم،  فقالوا : نعم هذا موضعه، فلما استثبت ذلك عمر وحق عنده أمر به ، فأعلم ببناء تحت المقام ثم حوله ، فهو في مكانه هذا إلى اليوم ( الأزرقي ) .

   4 ـــ رقم (38105) عن ابن أبي مليكة قال: موضع المقام هو هذا الذي به اليوم وهو موضعه في الجاهلية وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر فجعل في وجه الكعبة ، حتى قدر عمر فرده بمحضر الناس ( الأزرقي ) .

   5 ــــ رقم (38106)عن مجاهد قال : قال عمر بن الخطاب: من له علم بموضع المقام حيث كان ؟ فقال أبو وداعة بن هيبرة السهمي : عندي يا أمير المؤمنين، قدرته إلى الباب وقدرته إلى الركن الحجر وقدرته إلى الركن الأسود وقدرته إلى زمزم، فقال عمر: هاته، فأخذه عمر فرده إلى موضعه اليوم للمقدار الذي جاء به أبو وداعة (ابن سعد ).

    6 ــــ رقم (38107) عن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخذا بيد عمر فلما انتهى إلى المقام قال : هذا مقام أبينا إبراهيم مصلى ؟ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ، قال: أفلا تتخذه مصلى ؟ فأنزل الله " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" ( ابن أبي داود في المصاحف ) .

   7 ـــ رقم (38108) عن مجاهد قال : قال عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم : لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى (ابن أبي داود في المصاحف) .

   8 ــــ رقم (38109)عن مجاهد قال: كان المقام إلى لزق البيت فقال عمر ابن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لو نحيته من البيت ليصلى إليه الناس ! ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ( ابن أبي داود ) .

      وقد وافق أحد أعلام الشيعة العلامة الشيخ محمد حسن الجواهري في كتابه جواهر الكلام ج 19 ص 297 ما جاء في أخبار القوم من أن سيل أم نهشل كان في زمن عمر وهو السيل الذي جرف المقام واستدل بخبر زرارة، وإليكم ما قاله هذا العَلَم:" ما عن مالك والطبري من أنه كانت قريش في الجاهلية ألصقته بالبيت خوفا عليه من السيول ، واستمر كذلك في عهد النبي صلى الله عليه وآله وعهد أبي بكر ، فلما ولى عمر رده إلى موضعه الآن الذي هو مكانه في زمن الخليل ، وإن كان يبعد ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله أولى من عمر بذلك ، خصوصا بعد عدم معرفته بموضعه في زمن الخليل ، ومن هنا كان المحكي عن ابن أبي مليكة أنه قال: موضع المقام هذا الذي هو فيه اليوم هو موضعه في الجاهلية وفي عهد النبي صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر ، إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر ثم رد وجعل في وجه الكعبة حتى قدم عمر فرده ، وعن تاريخ البخاري أن سيل أم نهشل لما أتى المسجد أخذ المقام إلى أسفل مكة فلما جف الماء أتوا بالمقام وألصقوه بالكعبة وكتبوا إلى عمر بذلك فورد مكة معتمرا في شهر رمضان من ذلك العام وسأل هل أحد عنده علم بمحل الحجر؟ فقام المطلب بن وداعة السلمي وقيل رجل من آل عابد ، والأول أشهر ، أنا كنت أخاف عليه مثل هذا فأخذت مقياسه من محله إلى الحجر ، فأجلسه عمر عنده وقال له : ابعث فأتني بالمقياس فأتي به فوضع عمر المقام في محله الآن ، ونحوه عن النواوي والأزرقي ، وعن ابن سراقة أن ما بين باب الكعبة ومصلى آدم أرجح من تسعة أذرع ، وهناك كان موضع مقام إبراهيم عليه السلام وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله عنده حين فرغ من طوافه ركعتين ، وانزل عليه " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " ثم نقله إلى الموضع الذي هو فيه الآن ، وذلك على عشرين ذراعا من الكعبة لئلا ينقطع الطواف بالمصلين خلفه ، ثم ذهب به السيل في أيام عمر إلى أسفل مكة فأتي به وأمر عمر برده إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ، ونحوه في أن رسول الله صلى الله عليه وآله هو الواضع له هنا ما عن ابني عنبسة وعروية ، بل قد يظهر من صحيح زرارة أن عمر قد أحيى فعل الجاهلية ، " قال لأبي جعفر عليه السلام قد أدركت الحسين عليه السلام قال : نعم أذكر وأنا معه في المسجد الحرام وقد دخل فيه السيل والناس يقومون على المقام يخرج الخارج فيقول قد ذهب به السيل ، ويدخل الداخل فيقول هو مكانه ، قال فقال يا فلان ما يصنع هؤلاء ؟ فقلت أصلحك الله تعالى يخافون أن يكون السيل قد ذهب بالمقام فقال لهم : إن الله عز وجل جعله علما لم يكن ليذهب به فاستقروا ، وكان موضع المقام الذي وضعه إبراهيم عليه السلام عند جدار البيت ، فلم يزل هناك حتى حوله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم ، فلما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة رده إلى الموضع الذي وضعه إبراهيم عليه السلام ، فلم يزل هناك إلى أن تولى عمر فسأل الناس من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام فقال رجل أنا كنت قد أخذت مقداره بتسع ، فهو عندي فقال ائتني به فأتاه به فقاسه فرده إلى ذلك المكان " . انتهى كلامه.

    (القرينة الخامسة):إن الصحيح ما جاءت به الأخبار الأخرى التي يثستَشَفُّ منها أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام كان صغيراً في كربلاء ولو فَرَضْنا كونه شاباً فلا يستلزم ذلك وجود الإمام الباقر عليه السَّلام على قيد الحياة من جهة أن رواية زرارة ظاهرة في سيل أم نهشل الذي حصل في زمن عمر بن الخطاب، إذ لم يحصل سيل أدَّى إلى جرف مقام النبي إبراهيم عليه السلام إلا في ذاك السيل (سيل أم نهشل).

  هذا مضافاً إلى المحاذر المترتبة عليها من ناحية كبر سنّ الإمام الباقر عليه السلام بناءً على القول بأن السيل كان سيل أُم نهشل وهو الظاهر من النصوص التاريخية التي أشرنا إليها.

   وبالجملة:إن الأخبار التي رواها المحدِّث الجليل لوط بن يحيى (رضي الله عنه) الملَقَّب بـ"إبي مخنف" وهو من أصحاب الإمام الصادق عليه السَّلام ووَثَّقَهُ علماء الرِّجال وسكنوا إلى روايته كما أشرنا في ترجمته سابقاً، ففي مواضع متفرِّقَة من كتابه عُبِّرَ عن الإمام زين العابدين عليه السلام بالغلام والصبي ما يعني أنّه لم يكن شاباً، فكيف يكون له ولد؟ من هذه المواضع:

    لمّا احتَجَّتْ مولاتنا زينب عليها السَّلام على عبيد الله بن زياد لعنه الله تعالى "فغار الإمام زين العابدين عليه السَّلام على عمّته فقال: يا ابن زياد إلى كم تهتك عمتي وتعرفها لمَن لا يعرفها؟ فغضب إبن زياد لعنه الله من كلامه وقال لبعض حجّابه: خذ هذا الغلام واضربْ عنقه"(2).

    فالغلام وإنْ كان مفهوماً عاماً ينطبق على الصغير والكبير كما ذكر أهل اللغة إلا أنه في هذا الموضع يُحْمَل على الصغير بقرينة ما بعده من الأخبار.

    غضب يزيد لعنه الله تعالى على الإمام السجاد عليه السَّلام وقال: "يا غلام كأنّكَ تعرِّض بنا وأمر بضرب عنقه"(3).

    "فتصارخنَ النساء وبكين حوله ـ أي حول الإمام السجاد عليه السَّلام ـ وقالت مولاتنا أمّ كلثوم عليها السَّلام: يا يزيد لقد أرويتَ الأرض من دمائنا ولم يبقَ غير هذا الصبي، وتَعَلَّقَتْ به النساء جميعاً وهنّ يندبْنَ: وا قلّة رجالاه تقتل الأكابر من رجالنا، وتأسر النساء منّا، ولا ترفع سيفكَ عن الأصاغر..."(4).

    لمّا خطب الإمام زين العابدين عليه السَّلام في مجلسه، فَعَلَت الأصوات من كلّ جانب بالبكاء والنحيب، فخشي يزيد الفتنة وقال للذي أصعده المنبر: ويحك أردتَ بصعوده زوال ملكي؟ فقال: والله ما عَلِمْتُ أنّ هذا الغلام يتكلّم بمثل هذا الكلام.."(5).

    لمّا بقي الإمام الحسين عليه السلام وحيداً، إلتَفَتَ عن يمينه فلم يرَ أحداً من الرِّجال، والتَفَتَ عن يساره فلم يرَ أحداً فخرج الإمام السجاد عليه السلام وكان مريضاً لا يقدر أنْ يحمل سيفه، وأمّ كلثوم تنادي خلفه: يا بنيّ إرْجِعْ، فقال: يا عمّتاه ذريني أقاتل بين يَدَي ابن رسول الله، فقال الإمام الحسين عليه السَّلام: يا أمّ كلثوم خذيه لئلاّ تبقى الأرض خالية من نسل آل محمّد"(6).

    وفي رواية: نهض الإمام السجاد عليه السلام يتوكأ على عصا ويجرّ سيفه لأنه مريض لا يستطيع الحركة فصاح الإمام الحسين عليه السلام بأمّ كلثوم عليها السلام: إحْبِسِيْهِ لئلاّ تخلو الأرض من نسل آل محمّد، فأرجَعَتْهُ إلى فراشه..."(7).

    ومعلوم بالبداهة أنه لو كان الإمام الباقر عليه السَّلام حيّاً يومذاك واستشهد الإمام السجاد عليه السَّلام لَمَا بَقِيَت الأرض خالية من نسل آل محمّد صلّى الله عليه وآله.

    هذه أهم القرائن الدالة على كون الإمام السجاد عليه السلام صبياً يوم شهادة أبيه، وبالتالي لا يصحّ نسبة الزواج إليه، ومن ثمّ إنجاب طفل.

مضافاً إلى أنّ الإمام السجاد عليه السَّلام استشهد وعمره 57 عاماً على مبنى مشهور المؤرِّخِين، وبكى على أبيه الإمام الحسين عليه السَّلام 40عاماً، فلو طرحنا الأربعين من العدد 57، يكون الحاصل 17 عاماً، وهو مجموع عمره يوم الطف، ونطرح من 17 مجموع عمر الإمام السجاد عليه السَّلام أربعة هي عمر الإمام الباقر عليه السلام يوم الطف، فيكون عمر الإمام السجّاد عليه السلام 13 سنة يوم تزوج، هذا وإنْ لم يكن مستحيلاً عقلاً إلاّ أنّه بعيد وقوعاً لأمور:

    الأمر الأوّل: خروج الزواج بهذا السنّ عن المألوف في الأوساط الرجالية في جزيرة العرب بشكل خاص وفي غيرها بشكل عام، مع التأكيد على أنّ هكذا زواج بسنٍّ مبكرٍ لم يُعْهَد من أحدٍ من الأئمّة عليهم السَّلام على الإطلاق.

    الأمر الثاني: القرائن التي قَدَّمْنا قسماً منها والتي دَلَّتْ على كون الإمام السجّاد عليه السَّلام يوم الطف صبياً، فلا يُعْقَل أنْ يكون له ولدٌ عمره أربع سنين.

    الأمر الثالث: دلالة بعض الأقوال على أنّ عمر الإمام الباقر عليه السلام يومذاك 15 سنة(8)، وهو عليه السَّلام لو كان بهذا العمر لأدّى إلى قتله لكونه بهذا العمر في سنّ الرِّجال، والأعداء لم يتركوا رجلاً من آل البيت في الطف، مضافاً إلى أنّ الزيديّة يعتقدون أنّ الإمام السجاد عليه السلام كان عمره يومذاك سبع سنين(9).

  الأمر الرابع: ما أشرنا إليه في القرينة الأولى من الأمر الرابع من أن صحيحة هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ دالة على كراهة تزويج الصبيان، وقلنا هناك أن معنى كراهة التزويج هو النكاح، وليس يراد منه العقد، ولا يستثنى المعصوم من حكم الكراهة باعتباره مشرّعاً لا يتخلف عما يشرّعه..والله العالم.

    وبهذا يتضح أنّه لا أساس لدعوى وجود الإمام الباقر عليه السَّلام في حياة جدّه الإمام الحسين عليه السَّلام.

      فما ذَكَرَهُ هؤلاء العلماء رحم الله الماضِين وحفظ الباقين لم يبتنِ على أساسٍ صحيحٍ، بل كان عن تقليدٍ وليس عن اجتهادٍ وتحقيقٍ.

    زبدة المخض:

    لم يثبت لدينا وجود الإمام الباقر (سلام الله عليه) في كربلاء يوم شهادة جدّه سيِّد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه)، وذلك لعدم وجود نصوص قطعية تثبت حياة الإمام الباقر عليه السلام زمن جدّه الإمام الحسين عليه السَّلام. ودعوى ولادته قبل عام الستين للهجرة مجرَّد أقوال لمؤرخين وليست نصوصاً شرعية يمكن الإعتماد عليها، ورواية زرارة ساقطة من أساسها لدعواها أنّ العمر الشريف للإمام الباقر عليه السلام كان يومذاك فوق 22سنة وهو بهذا السن يكاد يكون وجوده مستحيلاً عادةً في كربلاء؛ لأنّ الأخبار أشارت إلى أنه لم يبقَ من رجال أهل البيت عليهم السَّلام أحدٌ سوى الأطفال والإمام زين العابدين عليه السلام وبعض أولاد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، ولو فرضنا وجود الإمام الباقر عليه السلام في المدينة دون كربلاء إلاّ أنه افتراضٌ بعيدٌ أيضاً لعدم وجود خبر يدلّ على ذلك أصلاً، فكيف يجوز حينئذٍ أن ننسب الوجود إليه في حياة جدّه الإمام الحسين عليه السلام؟!

    ولو افترضنا أيضاً أنّ تواريخ ولادة الإمام الباقر عليه السلام صحيحة المصدر، ولكنها تتعارص مع الأخبار الأخرى التي رواها أبو مخنف وغيره من المؤرِّخين. وعند التعارض نقدِّم الأخبار الأخرى على تلك التواريخ المشوَّشة والمضطربة والتي لا يمكن ترجيح واحدٍ منها على الآخر، وهي في الواقع إخبارات لمؤرِّخين، وليست إخباراتٍ عن المعصومين عليهم السَّلام. والله من وراء القصد، والحمد لله ربّ العالمين، وصلِّ اللهم على رسول الله محمَّد وعلى أهل بيته الطاهرين الأنوار المقدّسين، ولعن الله تعالى ظالميهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 العبد الفقير محمّد جميل حمّود العاملي

بيروت / 28 ربيع الأوّل 1435 هـ

 



( أ ) 
 الفقيه:2/158ح681. وفروع الكافي ج 4 ص 223 ح 2 .

(ب) أنظر: الفقيه للصدوق ج 2 ص 158 ح رقم 683.

(ج) سمي بأُم نهشل لأنه ذهب بأُم نهشل إبنة عبيدة بن سعيد بن العاص بن أُمية فماتت فيه، فكات أول ضحية بسبب السيول.

(1) راجع: حدائق الشيعة ج 16 ص 115 بحث: المعتبر في الطواف محل المقام الآن.

(2) مقتل أبي مخنف:ص167.

(3) مقتل أبي مخنف:ص210.

(4) نفس المصدر:ص211.

(5) نفس المصدر:ص218.

(6) بحار الأنوار:ج45 ص46.

(7)  مقتل الإمام الحسين للمقرم:ص71.

(8)  بحار الأنوار:ج45 ص329ح2.

(9) نفس المصدر السابق.

 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/01   ||   القرّاء : 7119




أحدث البيانات والإعلانات :



 لقد ألغى سماحة لمرجع الديني الكبير فقيه عصره آية الله الحجّة الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي ( دام ظلّه الوارف ) كلّ الإجازات التي منحها للعلماء..

 الرد الإجمالي على الشيخ حسن المصري..

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1443 هجري / 2022 ميلادي

 الرد الفوري على الشيخ البصري

 إحتفال الشيعة في رأس السنة الميلاديّة حرام شرعاً

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1441 هجري / 2020 ميلادي

 بيان هام صادر عن المرجع الديني آية الله الشيخ محمّد جميل حمُّود العاملي

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 حكم الرعاف في شهر رمضان...

 البتريون كالنواصب نجسون دنسون..

 هل الملعون نجس؟

 تحية السلام على المصلي...

 حكم العدول من سورة الى سورة في الصلاة الواجبة..

 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 ما مدى صحة الفقرة الواردة في زيارة مولاتنا الصدّيقة المطهرة زينب الكبرى صلوات الله وتسليماته عليها: (السَّلام عليك أيتها المتحيّرة في وقوفك في القتلى..) ؟.

ملفات عشوائية :



 كتاب القول الفصل بحرمة الغناء في العرس - الطبعة ثانية ( منقّحة )

 لمكيافليين الجدد..الغاية تبرر الوسيلة.. !!

 لا يصح تشريك العقيقة الواحدة لتوأمين أو شخصين/ فقهاء الإمامية لم يبحثوا في هذه المسألة الهامة

 حديث (لو سرقت ابنتي فاطمة) في الميزان؟!!

 حكم التعامل مع البرك المليئة بماء المطر بعد انقطاعه

 توضيح مقولة أنّ ـ(اغتياب المخالفين من الضرورات)ـ

 ــ(111)ــ البحث حول خصائص المسيح عليه السَّلام والإيراد على دعوى السيد الصدر في أن الإمام المهدي والمسيح غابا ليتكاملا ــ(الحلقة الثالثة)ــ

جديد الصوتيات :



 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 محطات في سيرة الإمام محمّد الجواد عليه السلام - 26تموز2007

 محاضرة حول الصدقة (حديث المنزلة..وكل الانبياء أوصوا الى من يخلفهم..)

 السيرة التحليليّة للإمام علي الهادي عليه السلام وبعض معاجزه

 لماذا لم يعاجل الإمام المهدي (عليه السلام) بعقاب الظالمين

 المحاضرة رقم ٢:( الرد على من شكك بقضية إقتحام عمر بن الخطاب لدار سيّدة الطهر والقداسة الصديقة الكبرى فاطمة صلى الله عليها)

 المحاضرة رقم 1:(حول ظلامات الصدّيقة الكبرى..التي منها إقتحام دارها..والإعتداء عليها ارواحنا لشسع نعليها الفداء والإيراد على محمد حسين..الذي شكك في ظلم أبي بكر وعمر لها...)

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 11

  • الأقسام الفرعية : 36

  • عدد المواضيع : 2193

  • التصفحات : 19165849

  • المتواجدون الآن : 1

  • التاريخ : 19/03/2024 - 03:51

||   Web Site : www.aletra.org   ||   
 

 Designed, Programmed & Hosted by : King 4 Host . Net