خبر إمامنا المعظم الصادق سلام الله عليه يكشف عن أسماء أجداد وآباء النبي الأعظم صلى الله عليه وآله
الإسم: *****
النص
: بسم الله الرحمن الرحيم ،اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وإلعن أعداءهم.
السلام عليكم سماحة الشيخ محمد جميل حمود العاملي،
هل توجد رواية واحدة صحيحة سندا متنا تذكر أسماء المستحفظين من لدن آدم عليه السلام إلي خاتم النبيين صلوات الله عليه وآله وسلم.
الموضوع العقائدي: خبر إمامنا المعظم الصادق سلام الله عليه يكشف عن أسماء أجداد وآباء النبي الأعظم صلى الله عليه وآله / الخبر المذكور مرسل لكنه صحيح دلالةً بالتفصيل الذي ذكرناه في الجواب.
بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب: لم توضِّح لنا ما مرادك من "المستحفظين من لدن آدم إلى خاتم النبيين " ولكن يظهر لنا أنك تسأل عن المستحفظين في أصلاب الأنبياء وهم آباء وأجداد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله الذين استودعهم الله تعالى على النور المحمدي العلوي الفاطمي الحسني الحسيني السجادي الباقري الجعفري الكاظمي الرضوي الجوادي الهادي العسكري المهدوي عليهم السلام..فهذه الأنوار العالية كانت محفوظة في أصلاب الأنبياء تتسلسل في ظهورهم الشريفة إلى أن وصلت إلى جدهم هاشم صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، فأصلاب الأنبياء هي الوعاء الحافظ لهذه الأنوار المطهرة كما يشهد لهذا الأحاديث الكثيرة عنهم الدالة على استحفاظ الله لنطفهم النورانية في الأصلاب الشامخة وهو ما عبرت عنه زيارة وارث:" أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة...".
وقد دلت النصوص في مصادر الخاصة والعامة على أسماء أجداد وآباء نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله، ففي خبر أورد المجلسي رحمه الله في بحار الأنوار مرسلاً عن إمامنا الصادق عليه السلام يعدّد فيه اسماء أجداد وآباء النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، ولا يهم إرساله ما دام متوافقاً مع القرائن الأخرى الدالة على صحة تسلسل الأسماء الحاكية عنهم واقعاً، لا سيما أن الخبر المذكور مشهور شهرة عظيمة بين المؤرخين ونقلة الآثار وهذا لوحده كافٍ في تقوية الخبر المزبور، كما أن أسماءهم بالتسلسل المذكور في الحديث مما اتفق على صحته الجميع من دون استثناء ما يعني صحة الخبر سنداً ودلالة مع أنه لا يشترط في أخبار التاريخ قوة السند...فنحن نستغرب ممن يستفتونا دائماً عن الأسانيد في الروايات التاريخية والملاحم والحوادث..وهو أمر غير ضروري شرعاً لا سيما على مبنانا ـــ وهو مبنى المتقدمين القائلين بحجية الخبر الموثوق الصدور لا نفس حجية الخبر الثقة ـــ ونحن لا نلوم إخواننا السائلين عن صحة الأسانيد بسبب ما يسمعون من معممين لا يحسنون التمييز في حجية الأسانيد بين الفقه وغيره...كما لا يحسنون التفرقة بين الخبر الثقة والموثوق الصدور...وهي مشكلة كسلٍ في التحصيل العلمي فصاروا يفتون للناس من دون علم وتقوى..فحتى في الفقه لا يشترط في قبول الخبر كونه صحيحاً سنداً ما لم يخالف القرائن والشواهد، نعم لا يجوز الإعتماد على أسانيد المدرسة العمرية والبكرية... وقد فصلنا ذلك في بحوثنا الرجالية.
والحاصل: إن خبر أجداد نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله صحيح بالمعنى الذي أشرنا إليه، وهو التالي:" قال الإمام الصادق عليه السلام : كانت الروح في رأس آدم عليه السلام مائة عام ، وفي صدره مائة عام ، وفي ظهره مائة عام ، وفي فخذيه مائة عام ، وفي ساقيه وقدميه مائة عام ، فلما استوى آدم عليه السلام قائما " أمر الله الملائكة بالسجود ، وكان ذلك بعد الظهر يوم الجمعة ، فلم تزل في سجودها إلى العصر ، فسمع آدم عليه السلام من ظهره نشيشا " كنشيش الطير ، وتسبيحا " و تقديسا " ، فقال آدم : يا رب وما هذا ؟ قال : يا آدم هذا تسبيح محمد العربي سيد الأولين و الآخرين ، ثم إن الله تبارك وتعالى خلق من ضلعه الأعوج حواء وقد أنامه الله تعالى ، فلما انتبه رآها عند رأسه ، فقال : من أنت ؟ قالت : أنا حواء ، خلقني الله لك ، قال : ما أحسن خلقتك ! فأوحى الله إليه : هذه أمتي حواء وأنت عبدي آدم ، خلقتكما لدار اسمها جنتي ، فسبحاني واحمداني ، يا آدم اخطب حواء مني وادفع مهرها إلي ، فقال آدم : وما مهرها يا رب ؟ قال : تصلي على حبيبي محمد صلى الله عليه وآله عشر مرات ، فقال آدم : جزاؤك يا رب على ذلك الحمد والشكر ما بقيت ، فتزوجها على ذلك ، وكان القاضي الحق ، و العاقد جبرئيل ، والزوجة حواء ، والشهود الملائكة ، فواصلها ، وكانت الملائكة يقفون من وراء آدم عليه السلام ، قال آدم عليه السلام : لأي شئ يا رب تقف الملائكة من ورائي ؟ فقال : لينظروا إلى نور ولدك محمد صلى الله عليه وآله ، قال : يا رب اجعله أمامي حتى تستقبلني الملائكة ، فجعله في جبهته ، فكانت الملائكة تقف قدامه صفوفا ، ثم سأل آدم عليه السلام ربه أن يجعله في مكان يراه آدم ، فجعله في الإصبع السبابة ، فكان نور محمد صلى الله عليه وآله فيها ، ونور علي عليه السلام في الإصبع الوسطى ، وفاطمة عليها السلام في التي تليها ، والحسن عليه السلام في الخنصر ، والحسين عليه السلام في الابهام ، وكانت أنوارهم كغرة الشمس في قبة الفلك ، أو كالقمر في ليلة البدر ، وكان آدم عليه السلام إذا أراد أن يغشي حواء يأمرها أن تتطيب وتتطهر ، ويقول لها : يا حواء الله يرزقك هذا النور ويخصك به ، فهو وديعة الله وميثاقه ، فلم يزل نور رسول الله صلى الله عليه وآله في غرة آدم عليه السلام حتى حملت حواء بشيث ، وكانت الملائكة يأتون حواء ويهنؤنها ، فلما وضعته نظرت بين عينيه إلى نور رسول الله صلى الله عليه وآله يشتعل اشتعالا " ، ففرحت بذلك ، وضرب جبرئيل عليه السلام بينها وبينه حجابا " من نور غلظه مقدار خمسمأة عام ، فلم يزل محجوبا " محبوسا " حتى بلغ شيث عليه السلام مبالغ الرجال ، والنور يشرق في غرته ، فلما علم آدم عليه السلام أن ولده شيث بلغ مبالغ الرجال قال له : يا بني إني مفارقك عن قريب ، فادن مني حتى آخذ عليك العهد والميثاق كما أخذه الله تعالى على من قبلك ، ثم رفع آدم عليه السلام رأسه نحو السماء وقد علم الله ما أراد ، فأمر الله الملائكة أن يمسكوا عن التسبيح ولفت أجنحتها ، وأشرفت سكان الجنان من غرفاتها ، وسكن صرير أبوابها ، وجريان أنهارها ، وتصفيق أوراق أشجارها ، وتطاولت لاستماع ما يقول آدم عليه السلام ، ونودي : يا آدم قل ما أنت قائل ، فقال آدم عليه السلام : اللهم رب القدم قبل النفس ، ومنير القمر والشمس ، خلقتني كيف شئت ، وقد أودعتني هذا النور الذي أرى منه التشريف والكرامة ، وقد صار لولدي شيث ، وإني أريد أن آخذ عليه العهد والميثاق كما أخذته علي ، اللهم وأنت الشاهد عليه ، وإذا بالنداء من قبل الله تعالى : يا آدم خذ على ولدك شيث العهد ، وأشهد عليه جبرئيل وميكائيل والملائكة أجمعين ، قال : فأمر الله تعالى جبرئيل عليه السلام أن يهبط إلى الأرض في سبعين ألفا " من الملائكة بأيديهم ألوية الحمد ، وبيده حريرة بيضاء ، و قلم مكون من مشية الله رب العالمين ، فأقبل جبرئيل على آدم عليه السلام ، وقال له : يا آدم ربك يقرئك السلام ويقول لك : اكتب على ولدك شيث كتابا ، وأشهد عليه جبرئيل وميكائيل والملائكة أجمعين ، فكتب الكتاب ، وأشهد عليه ، وختمه جبرئيل بخاتمه ، ودفعه إلى شيث : وكسا قبل انصرافه حلتين حمراوين أضوء من نور الشمس ، وأروق من السماء ، لم يقطعا ولم يفصلا ، بل قال لهما الجليل : كونيا فكانتا ، ثم تفرقا ، وقبل شيث العهد وألزمه نفسه ، ولم يزل ذلك النور بين عينيه حتى تزوج المحاولة البيضاء ، وكانت بطول حواء ، واقترن إليها بخطبة جبرئيل ، فلما وطأها حملت بأنوش ، فلما حملت به سمعت مناديا " ينادي : هنيئا " لك يا بيضاء ، لقد استودعك الله نور سيد المرسلين ، سيد الأولين والآخرين ، فلما ولدته أخذ عليه شيث العهد كما أخذ عليه ، وانتقل إلى ولده قينان ، ومنه إلى مهلائيل ، ومنه إلى أدد ، ومنه إلى أخنوخ وهو إدريس عليه السلام ، ثم أودعه إدريس ولده متوشلخ ، وأخذ عليه العهد ، ثم انتقل إلى ملك ، ثم إلى نوح ، ومن نوح إلى سام ، ومن سام إلى ولده أرفخشد ، ثم إلى ولده عابر ، ثم إلى قالع ، ثم إلى أرغو ، ومنه إلى شارغ ، ومنه إلى تاخور ، ثم انتقل إلى تارخ ، ومنه إلى إبراهيم ، ثم إلى إسماعيل ، ثم إلى قيذار ، ومنه إلى الهميسع ، ثم انتقل إلى نبت ، ثم إلى يشحب ، ومنه إلى أدد ، ومنه إلى عدنان ، ومنه إلى معد ، ومنه إلى نزار ، ومنه إلى مضر ، ومن مضر إلى إلياس ، ومن إلياس إلى مدركة ، ومنه إلى خزيمة ، ومنه إلى كنانة ، ومن كنانة إلى قصي ، ومن قصي إلى لوي ، ومن لوي إلى غالب ، ومنه إلى فهر ، ومن فهر إلى عبد مناف ، ومن عبد مناف إلى هاشم ، وإنما سمي هاشما " لأنه هشم الثريد لقومه ، وكان اسمه عمرو العلاء ، وكان نور رسول الله صلى الله عليه وآله في وجهه ، إذا أقبل تضئ منه الكعبة ، وتكتسي من نوره نورا " شعشعانيا " ، ويرتفع من وجهه نور إلى السماء ، وخرج من بطن أمه عاتكة بنت مره ، بنت فالج بن ذكوان ، وله ضفيرتان كضفيرتي إسماعيل عليه السلام ، يتوقد نورهما إلى السماء ، فعجب أهل مكة من ذلك ، وسارت إليه قبائل العرب من كل جانب ، وماجت منه الكهان ، ونطقت الأصنام بفضل النبي المختار ، وكان هاشم لا يمر بحجر ولا مدر إلا ويناديه ابشر يا هاشم فإنه سيظهر من ذريتك أكرم الخلق على الله تعالى ، و أشرف العالمين محمد خاتم النبيين ، وكان هاشم إذا مشى في الظلام أنارت منه الحنادس ، ويرى من حوله كما يرى من ضوء المصباح ، فلما حضرت عبد مناف الوفاة أخذ العهد على هاشم أن يودع نور رسول الله صلى الله عليه وآله في الأرحام الزكية من النساء ، فقبل هاشم العهد وألزمه نفسه ، وجعلت الملوك تتطاول إلى هاشم ليتزوج منهم ويبذلون إليه الأموال الجزيلة ، وهو يأبى عليهم ، وكان كل يوم يأتي الكعبة ويطوف بها سبعا " ، ويتعلق بأستارها ، وكان هاشم إذا قصده قاصد أكرمه ، وكان يكسو العريان ، ويطعم الجائع ، و يفرج عن المعسر ، ويوفي عن المديون ، ومن أصيب بدم دفع عنه ، وكان بابه لا يغلق عن صادر ولا وارد ، وإذا أولم وليمة أو اصطنع طعاما " لاحد وفضل منه شئ يأمر به أن يلقى إلى الوحش والطيور حتى تحدثوا به وبجوده في الآفاق ، وسوده أهل مكة بأجمعهم وشرفوه وعظموه ، وسلموا إليه مفاتيح الكعبة والسقاية والحجابة والرفادة ومصادر أمور الناس ومواردها ، وسلموا إليه لواء نزار ، وقوس إسماعيل عليه السلام ، وقميص إبراهيم عليه السلام ، ونعل شيث عليه السلام ، وخاتم نوح عليه السلام ، فلما احتوى على ذلك كله ظهر فخره ومجده ، وكان يقوم بالحاج ويرعاهم ، ويتولى أمورهم ويكرمهم ، ولا ينصرفون إلا شاكرين" .
الخبر المتقدم له شواهد كثيرة من الأخبار الأخرى الصحيحة سنداً الصادرة من ائمتنا الطاهرين عليهم السلام مما يقوّي سند هذا الخبر المرسل....والله تعالى هو حسبي ونعم الوكيل، والسلام.
حررها العبد محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 23 صفر 1435هـ.